روايات

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني الفصل الثامن 8 بقلم آية السيد

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني الفصل الثامن 8 بقلم آية السيد

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني الجزء الثامن

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني البارت الثامن

مرسال كل حد الجزء الثاني
مرسال كل حد الجزء الثاني

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني الحلقة الثامنة

الفصل الثامن
جريت بسرعة عليها وأنا بقول لد بي: بسرعة كلمي دكتور عزت.
حاولت أفوقها بعد ما جسيت نبض قلبها ولقيتها لسه عايشة, شلتها وطلعت بها على أول أوضة في الدور التاني لأن الدور الاول مكنش فيه أي أوض فيها سرير لأنه كان عبارة عن غرف استقبال ومكتبة وكذا مكتب كان واضح إنه مخصص لصاحب البيت وساحة القصر او الصالون.
حطيتها علي السرير ونزلت تحت استني الدكتور بعد ما فشلت فأني أفوقها ولحسن الحظ إنه كان قريب فوصل بعد تلت ساعة, وبسرعة أخدته من ايده وطلعنا علي الأوضة إلي كانت فيها. كشف علي حالتها وهو بيبصلها بنظرات قلق وتخوف وبعدين بصلي وسأل: هي كان عندها حاجة من قبل كدا؟
“مش عارف بس تقريبا اه.”
“متعرفيش أي حاجة عن مرضها؟”
هزيت راسي بالنفي وأنا بقول: خالص.
مسك اللوحة الرقمية بتاعته وبعتلي علي لوحتي كلام معرفتش أفهمه وهو بيقول: أنت لازم تعملها التحاليل دي فورًا وأول ما تطلع النتيجة ابعتلي التقاير.
هزيت راسي بالطاعة وبعدين بصلته بسأل: هي كويسة مش كدا؟!
بصلي بنظرات صامتة لا تبشر بالخير وبعدين اتنهد وهو بيقول: كله بايد ربنا.
كلامه قلقني أكتر فسألته: يعني ايه؟ هي كدا وضعها خطير؟!
“لما تعمل التحاليل وتبعتلي النتايج بتاعتها هنشوف.. وعمومًا أنا عطيتها حقنة وهتفوق بعد شوية بس حاول توفرلها الراحة والرعاية التامة اليومين دول وخلي بالك منها.” قال كلمته الأخيرة واستأذن في إنه يمشي, بصيت علي دينا وهي صعبان علي حالها, كان صعب الي مر عليها طول السنين الي فاتت بس الي بتمر به دلوقتي أصعب, لا قريب ولا غريب حواليها وهي في الوضع ده. دلوقتي بس حسيت بألم كلامها لما جات تطلب من جدي إنه يطمن عليها كل شوية. كانت خايفة تموت ومحدش يدري بها زي ما كان هيحصل معها دلوقتي لوما إني جيت في الوقت المناسب كان زمانها راقدة مرمية جو القصر الطويل العريض ده ومحدش علي علم بها. بس ربنا ديما بيجعلنا أسباب لبعض سبحانه وسبحان رحمته.
قفلت الباب عليها علشان ترتاح ونزلت تحت المطبخ علشان أعملها أكل بس المشكلة الي كانت بتواجهني حاجتين الأولي إن المطبخ الي كان موجود مكنش حديث زي بتاع اليومين دول والالكترونيات الي فيه كانت محدودة جدًا, وإلكترونيات مش فاهمها بصراحة. يعني كان فيه حاجة كدا لازقة ما بين الحوض وبار المطبخ, كانت واخدة شكل المكعب وسطحها أملس ولما سألت “دي بي” قالتلي إنه جهاز زيه زي “الاسمكوجي” كان اسمه بوتجاز وبيستخدم في الطبخ. حاولت أشغله لأني كنت شاكك إنه كان ممكن يكون شغال أصلًا بعد السنين دي كلها والغريبة إنه اشتغل بس مكنتش فاهم فيه حاجة. كنت عمال أدوس علي زاير غريبة وحاجة تنور وحاجة تتطفي وحطيت ايدي عالتاتش بشوفه لقيتني اتلسعت من السخونة وتقريبًا كنت عمال بهبد في حاجة مش فاهمها, اتعصبت وبصيت لدي بي بغضب وأنا بقول: متجي تساعديني بدل مانتي واقفة وعمالة تبصلي كدا.
“عفوًا يا سيدي ولكن ليست لدي أقدام لأقف فكما تري أنا أطير.”
“طيب بطلي لماضة وتعالي ساعديني.”
“في الواقع كنت أنتظر أن تفرغ من فقرة الهبد الخاص بك حتى أري عملي فهل انتهيت؟”
بصتلها بصدمة: هبد؟ جبتي منين الكلمة دي؟
“إنها الكلمة الدارجة في مصطلحاتك حينما تقوم بعمل أشياء غبية وأنت غير واعي بما تفعل.”
“أن..أنت..أنتي عارفة لو كنتي عصفورة حقيقة كنت عملت فيكِ ايه؟”
“ماذا؟”
“كنت..كنت مسكتك كدا وقطعت رقبتك وعملتك شوربة.”
“لماذا أأنت حيوان؟”
“نعم ياختي؟”
“أعني حيوان مفترس فكما تعلم أن الحيوانات المفترسة هي من آكلي ال…”
“بس خلاص انهي فقرة نشونال جوغرافيك دي وتعالي شغلي الآلة العجيبة دي.”
“عفوًا سيدي ولكن لدي سؤال.. هل تجيد الطهو؟ ما أعلمه عنك أنه حتى مع وجود جهاز حديث كالاسمكوجي فأنت لا تستطيع الطهو فما بالك بجهاز كهذا يفقتر إلي الكثير من التكنولوجيا.”
في الحقيقة دي كانت المشكلة التانية الي نسيت أقولكوا عليها, أنا أساسًا مش بعرف أطبخ رغم إن الاسمكوجي هو الي مسؤول عن عميلة الطيخ تقريبًا. لأنه عبارة عن جهاز سداسي الشكل مجسم متوسط في الطول مثبت في أرضية المطبخ بيحتاج لشرايح طاقة علشان يشتغل, وبيحتوي علي ست غرف صغيرة, الغرفة بتكون عبارة عن علبة بتخرج من أضلاع الاسمكوجي غرفة بحط فيها البروتينات زي اللحمة والفراخ والسمك وغرفة تانية بحط فيها السؤال الي عايز اضيفها زي اللبن او الماية وغرفة تالتة بحط فيها البهارات او السكر علي حسب نوعية الاكل الي هعمله حلو ولا حادق وغرفة رابعة بحط فيها الاضافات الدهينة زي الزيت والسمن وغرفة خامسة بيتطبخ فيها كل المكونات دي مع بعض بعد ما بحدد شكل القالب الي عايز الاكل يطلع فيه وبحدد نوعه كمان وبعد عميلة الطبخ في الغرفة الخامسة او العلبة الخامسة بيطلعلي الاكل من الغرفة السادسة بتاع الجهاز ورغم كل ده مكنتش بعرف أطبخ برضو فمش فاهم هتعامل مع الشيء ده ازي.
بصيت لدي بي وطلبت منها إنها تتخلل جو الشيء العجيب ده وتتحكم بالكتروناته.
بصت وقالتلي: عذرًا سيدي ولكن من الصعب عليّ أن أتحكم في جهاز كهذا. كل ما أستطيع أن أخدمك به هو ارشادك لكيفية استخدامه عن طريق المعلومات المخزنة في شابكة المعلومات.
مكنش قدامي خيار تاني غير إني أوافق. فتحت التلاجة واه عادي اسمها لسه تلاجة حتى بعد الوقت ده كله. هو اه الي كانت موجودة قدامي غير الي عندنا بس أنا عرفتها علشان لقيت جوها أكل ولقيتها باردة فأكيد تلاجة لانها جاية من التلج والتلج بارد فعلشان كدا سموها تلاجة علشان باردة زي التلج و… شكلي بهبد أني آسف.
كنت مستغرب إني لقيت أكل جو التلاجة بس مكنش فيه تفسير تاني بالنسبالي غير إن دينا كانت هنا من فترة . شمرت ايدي ومشغلتش تفكيري كتير وطلعت كل الي في التلاجة وأنا برضو لسه مش فاهم هعمل ايه. بدأت أتفرج علي فيدوهات لأكلات صحية ومغذية علي شاشة دي بي ولأني مش هستخدم الاسمكوجي اضطريت إني اتفرج علي فيدوهات للطبخ من خمسة وأربعين سنة او أكتر عدوا. مكنتش مستغرب لا الديكور ولا الاستوديو بتاعهم لأني كنت متعود اتفرج ديما علي رماح في استديوهات مشابهة وفقيرة بالالكترونيات زي دي. بس بصراحة كنت مستغرب البوتجاز ده اوي مرهق جدا ولازم انت الي تاخد بالك من كل حاجة. عدت تلات ساعات وانا عمال اقطع بحاجات غريبة اسمها سكينة, الموضوع حقيقي مرهق وجرحت صوبعي كذا مرة. الله يرحم أيام الاسمكوجي كنت بحطله كل حاجة سليمة وهو الي يقطع يا حبة عيني. بعد ساعة ونص تقطيع في الخضروات وساعة ونص تانية وانا بحاول اعمل شربة خضار وبعد فشل ذريع فأني أشغل النار واتعامل مع الجهاز الغريب ده الشربة طلعت مقرفة لأني حطيت علبة الملح كلها علي اساس إن كدا الاناء الي بطبخ فيه هخرجلي باقي العلبة زي ما الاسمكوجي بيعمل بس طلع إني الي كان لازم أعمل كل حاجة بنفسي وبعد القرف الي هببته ده كان لازم أكب الشربة وأعمل غيرها بس قبل ما أشيل الحلة من علي النار انتبهت لدينا بتنزل من علي السلم سبت الحلة وروحت علشان اشوفها بس الحلة وقعت مني في الارض اتكبت روحت رامي الغطا في الارض هو كمان وأنا بقعد في الارض بتأفف بقول: يخريبت كدا بقي حلة مقرفة زي أختي.
اتقدمت دينا ناحيتي وأخدت الحلة والغطا من علي الارض وهي بتقول: شكرًا.
رفعت راسي وأنا بقول: شكرًا علي ايه؟ علي الفوضي الي عملتها في المطبخ والاكل الي بوظهتولك وكمان أكيد معرفتيش ترتاحي بسببي وأنا بعمل الاكل وكل الوقت ده عالفاضي وكمان صحيتي ومفيش أكل وأكيد محتاجة للاكل دلوقتي علشان جسمك فاقد للغذاء دلوقتي.
ابتسمت وهي بتحط الحلة في الحوض بتقول: شكرًا علي كل ده وشكرًا لأنك جيت.. وبعدين لميت الاطباق كلها في الحوض وهي بتكمل: علي فكرة الفوضي الي أنت سببتها في المطبخ والأكل الي باظ ده مش حاجة وحشة بالعكس أنا ممتنة لكل الي عملته والي حاولت تعمله.
“مش فاهم بتشكرني ازاي؟”
بصتلي وابتسمت وهي بتقول: صوت الكركبة والاطباق الي محتاجة تتغسل والمطبخ الي محتاج يتروق وصوتك وأنت بتعلق علي الناس الي بيطبخوا وانهم مش فاهمين حاجة كل دي نعم محدش غيري أو الي مر بنفس تجربتي هيحس بها. من 35 سنة وأنا متعودة علي الصوت الهادي, نور المطبخ المطفي أغلب الوقت لا حس ولا نفس حد جمبي يزعجني من النوم مثلا. مجرد صمت, صمت قاتل بيخلني أتغلغل للصراع الباطني الي جوي. علشان كدا متتصوريش أنا مبسوطة بالكركبة دي ازاي؟ تعرف لما نزلت ولقيتك بتطيخ وأنت قالب المطبخ كدا ومش عارف تعمل ايه؟ افتكرت ابني وابتسمت. في يوم عيد ميلادي في السنة الي كان عايش فيها معي حاول يفاجئني ويعملي جاتو وحفلة.
التفت ناحيتي وربعت ايدها وكملت وهي بتفتكر ذكرياتها بابتسامة: بس حبيبي كان فاشل زيك بالظبط كدا في المطبخ. لما رجعت من الشغل لقيته مشغل الفون وبيحاول يعملي الجاتو الي بحبه بس كل شوية يقلب ويقول: لا لا الشيف ده مش بيفهم ايه العك ده يع.
ولما استقر أخيرا علي شيف يعمل زيه حرق الجاتو ورمي كل حاجة علي الارض, روحلته بسرعة وحاولت أهديه وقد ايه أنا مبسوطة بأنه فكر يفاجئني واخدت الكيك من الارض علشان اراضيه ولسه باخد اول قطعة منه وحسيت بحاجة اتكسرت بين سناني ابتسمتله وانا مش قادرة اخرج الي في بوقي فبصتله بابتسامة عريضة وشاورتله بايدي إنها ممتازة وبسرعة سبته ودخلت علي الحمام واكتشفت إن الي كان في الكيك قشر بيض كنت حاسة إني هموت وقتها بس كنت مبسوطة اوي, مبسوطة إن لسه فيه الي بيفكر فيّ وفي سعادتي زي مانا مبسوطة دلوقتى بوجودك لأنك لو مكنتش موجود يمكن كنت بقيت جثة لحد ما اتحللت هنا فحقيقي شكرًا علي كل حاجة, انا مش عارفة تقرب ايه لحد لأني شوفتك امبارح في بيته بس واثقة إنك هنا علشان تطمنه عليّ.
ابتسمتلها وأنا بقول: اسمي هادي أنا أبقي حفيده.
ابتسمت ابتسامة واسعة وبعدين بصتلي بتتأمل في ملامحي بتقول: أنت عارف إن فيك حاجة غريبة بتفكرني بحد أعرفه.
“حاجة غريبة ازاي؟”
“يعني روحك, ملامحك, تصرفاتك يمكن مش عارفة ايه من دول بالظبط بس فيه حاجة منهم بتفكرني بواحد اعرفه كل أما أبصيلك.”
“والشخص ده بتحبيه ولا بتكرهه؟ علشان أبقي عارف بس ده مدح ولا ذم.”
“أكرهه؟ ده الحاجة الوحيدة الي متأكدة من حبها.”
“الشخص ده ابنك؟”
ابتسمت ابتسامة واسعة وهي بتقول: أه.
“يخلق من الشبه أربعين.”
“أنت مش شبهه أوي بس لما ببصلك بفتكره مش عارفة ليه؟ بس يمكن علشان لما لقيتك واقف وبتحاول تعملي الاكل افتكرته وحسيتك زيه أصل من زمان أوي وأنا أول مرة حد يزرني في بيتي.”
“أنتي بجد كنتي عايشة لوحدك كل السنين دي كلها؟”
ابتسمت ابتسامة غطا فيها الحزن عينها وهزت راسها بأيوة.
“ليه محاولتيش تكوني عيلة جديدة بعد ما عيلتك الاولي سابتك علي الاقل لمجرد إنك متعيشش لوحدك؟”
بصتلي باستغراب فكملت: بصراحة أنا سمعت كل الي حكيته لحد.. أنا آسف بس الفضول كان هموتني.
لانت ملامح استغرابها وبعدين لفت وشها بتغسل الاطباق بتقول: مفيش عيلة بتتبني علي أطلال عيلة تاني ثم إني جربت حظي في الحب مرتين واستكفيت. مكنش عندي قدرة أخوض التجربة للمرة التالتة.
قومت من مكاني علشان اساعدها في تنضيف المطبخ وقولت وانا بمسح بار المطبخ: أنا عارف إن تجربتك الاولي كانت مع حد وعارف إنه مشاركيش نفس المشاعر بس هو بيحبك بس…
قاطعتني وهي بتقول: بس بمشاعر مختلفة غير مشاعري.. انا عارفة ده كويس وعارف إنه أكيد منميش بسببي وإلا مكنتش أنت هنا دلوقتي علشان تطمنه.
“أنتي لسه بتحبه؟”
وقفت غسيل لوهلات وبعدين كملت الي بتعمله من غير ما ترد, فكملت أسئلتي وأنا بقول: أصلي استغربت لما قولتلي إنك جربتي الحب مرتين, هو أنتي حبيتي جوزك فعلا ولا كان لمجرد إنك عايز ابنك يتربي بين كنف أسرة مترابطة؟
سكتت ومردتش علي وكملت الي بتعمله, حسيت بالاحراج لأني حسيت إني كنت فضولي فأعتذرت وأنا بقول: أنا آسف لأني أدخلت في حاجة مش حابة تتكلمي عنها. قولت كلمتي الأخيرة وكملت تنضيف باقي المطبخ والارضية الي كانت عبارة عن شربة الخضار المقرفة الي عملتها والي مش هعملها تاني في حياتي وبمجرد ما خلصت تنضيف كانت هي كمان خلصت الاطباق والمواعين بصتلها باستغراب وأنا بقول: أنت ازاي قدرتي تنضفي الكم الهايل ده من الاطباق بايدك بدون استخدام الكترونيات.
ضحكت وهي بتبصلي زي مانت بالظبط ما قدرت تنضف الارضية بدون استخدام الكترونيات.
ابتسمت وبعدين قولت: بس واضح إنك بتعلبي رياضة علشان تبقي في نشاطك ده ماشاء الله رغم إن لون شعرك الابيض مش متماشي أوي مع شكلك الخارجي.
ابتسمت وهي بتحط ماية علي النار وهي بتقول: زي مانت عارف كان عندي وقت فاضي كبير استغله بعد الشغل فمكنتش بلاقي غير الرياضة املي بها وقتي علشان أول ما اترمي عالسرير أنام من التعب بدون ما افكر.. يعني كنت بحاول أشغل نفسي قدر الامكان علشان مديش لعقلي المساحة يفكر في أي حاجة.
ابتسمت وأنا بقول: “حد” ديما لما كان بيحكي عنك في غياب مرسال طبعًا.. كان ديما بيقول لمريم وأحمد إنك كنتي نشيطة عالطول وبتعرفي تستغلي وقتك كويس.
بصتلي باستغراب: مريم وأحمد؟!
“دول أخواتي الصغيرين الي مش بطيقهم والاتنين تحسيهم متربين تريبة شوراع.”
ضحكت وهي بتقطع في الخضار, فأخدت الجزر علشان أساعدها وكملت: صدقني زي ما بقولك كدا مش بهزر يعني أنتي عارفة مريم أختي دي لسانها سابق سنها وأطول منها هي شخصيًا, أما أحمد فده يبان كيوت وهادي بس في ثواني بمجرد ما تلفي وشي كدا تلاقيه عمل مصيبة وواقف زي الحمل الوديع ولا كأنه عمل حاجة وفي الاخر بدبس في مصايبه وأمي بتهزقني بسببه.
زاد ضحكها من غير ما تعقب علي كلامي وكأنها كانت محتاجني أتكلم وبس بعد كل السنين دي من الصمت, فكملت مساعدتها في عمل الاكل وأنا بكلمها عن نفسي وعن حياتي وحتى عن رماح وأملي فأني أسافر له فرنسا, بصتلي باستغراب وهي بتسأل: رماح؟
“اه أنتي تعرفيه؟”
“يعني, اتقابلنا مرة أو مرتين للامانة.”
سألتها بلهفة: بجد؟ طب امتي؟ وكان عامل ازاي؟ أكيد بقيتوا أصحاب ووريك رسوماته وعجبتك صح؟ ها؟ ها؟ أكيد عجبتك.
قاطعتني بتضحك: علي مهلك سبني أجاوب طيب.. أنا مش عارفة إذا كان رماح الي تقصده هو نفسه رماح الي قابلته ولا لا أصلا ثم أنا… قاطعتها وأنا بقول لدي بي: دي بي وريها صورة رماح بسرعة.
فتحت دي بي شاشتها وبمجرد ما شافته دينا ابتسمت وهي بتقول: ياااا قد ايه الدنيا دي صغيرة.
“هو مش كدا؟”
ابتسمت وهزيت راسها بأيوة وبعدين كملت: أول مرة شوفته فيها كانت آخر مرة حاولت أنهي حياتي فيها .
وبعدين ابتسمت وهي بتبصلي: بما أنك كنت بتتصنت علي أنا وجدك فأعتقد سمعتني وأنا بقوله إن في اليوم ده أنقذني واحد من الموت وكان هو نفسه رماح وجالي تاني يوم علشان يتطمن وكلماته خلتني أفكر واتراجع عن التفكير في الانتحار ده تاني. صحيح شوفته مرتين بس كان أثرهم علي نفسي كبير جدا وحقيقي ممتنة ليه لحد اللحظة دي.
ابتسمت ابتسامة واسعة وانا بقول: رماح ده أصلا مفيش زيه, مكنتش عارف إنه مؤثر في حياته الاجتماعية زي ماهو مؤثر كدا في فنه بس الي مش قادر افهمه, ازاي معرفتهوش وهو فنان عالمي؟
“يمكن لأني مكنتش بحب الرسم فمكنتش متابعة.”
“طب ازاي وده نفس الشخص الي كان عايز يتجوز مرسال وكان بينه وبين حد خلاف كبير.”
“لأن حد مكنش بيحكلي حاجة عنه, وأكيد بسبب غيرته علي مرسال مكنش بيطيق يسمع اسمه او يتكلم عنه لاني اكيد كنت هجي مع رماح.”
“ليه؟”
“علشان انا عارفة حد لما بيتعصب وخصوصا لو كان الامر متعلق بغيرته مش بيشوف قدامه وبيتصرف تصرفات طفولية جدا وبيتلكك للشخص ده علي أقل حاجة وممكن يضربه عادي حتي ولو معملهوش حاجة وبما أني كنت هنصف رماح فكان هيتعصب علي أنا كمان ويتشل مني فوفر علي نفسه عناء إنه يقولي ويتشل.”
“واضح إنك فاهمه كويس.”
“محدش بيقدر يفهم “حد غريب” زي مانا فاهمه حتى مرسال نفسها وهو بنفسه عارف ده كويس.”
“دي ثقة ولا غرور.”
ابتسمت وهي بتحط البهارات: لا دي الحقيقية.. حتى مرسال عارفة ده بس مكنتش دي النقطة المهم عنده لأنه حبها هي.
“هو أنت ناقمة علي مرسال يا دينا؟ قصدي شايفة إنها لما دخلت في حياة حد أخدته منك؟”
سكتت لوهلات وبعدين طفيت النار وهي بتقول: مش أوي.
قالت كلمتها الأخيرة وهي بتحط الشربة في الاطباق, بصراحة محبتش أتقل عليها بأسلئتي فسكت وجهزت السفرة وهي حطيت الاطباق. قعدت من غير ما أتكلم علشان مكنتش حابب أضايقها وهي بتأكل وبدأت أنا كمان أكل في صمت لحد ما خرجت هي عن صمتها وهي بتقول: يمكن في الأول حسيت إنها أخدته مني لأنه كان لي قبل ما يكون لها أو يمكن أن الي كنت مفكرة إنه لي بس هو عمره ما كان لي ولا قلبه حبني زي ما حبته. كان بيعتبرني من محارمه.. أخته أو بنته مكنتش هتفرق كتير بالنسباله لأن الاتنين مينفعيش يبصلهم غير بحب العيلة وخوفهم وقلقهم مش أكتر إنما مرسال كانت غيري مكنش بيشوفها غير حبيبته وبس علشان كدا عمره ما كان لي هو كان لها هي من الأول فمينفعيش ألومها علي حاجة كانت بتاعتها من الاول ولو مفكرني معتبرها السبب في دمار عيلتي وشعوري المميت بالوحدة علشان حد بعد عني بسببها فتبقي غلطان لأني انا من البداية الي قررت أسيب حد لما عرفت إنه عمره ما هيكون لي وأما بخصوص عيلتي فهي مالهاش ذنب فأني أخترت واحد غلط من البداية مرسال مالهاش ذنب فأنه كان خاين… سكتت لوهلات وعينها كأنها بدأت تغرغر بالدموع وهي بتقول: أو يمكن مكنش خاين وأنا الي دخلت حياته وأنا عارفة إن قلبه كان لوحدة تانية من البداية وكأني الي مكتوب علي إني أكون الشخص الخسران في كل العلاقات.
بصتلها وأنا بسألها: أنتي حبيته؟
رفعت راسها وهي بتبصلي لوهلات في صمت وبعدبن كملت وهي بتميل راسها: مش عارفة.. مش عارفة إذا كنت فعلًا حبيته ولا لا بس كنت عايزه جمبي مش علشان ابني بس وكمان علشاني , كنت بحس في وجوده بالأنس ومكنش عندي مانع نعجز سوي.
والمرة دي كانت فعلا رغبة من قلبي مش اجبار علشان ابني أنا فعلًا كنت عايزة أكمل معه ولو كنا كملنا كنت واثقة إنه مش هيكون في قلبي مكان لحد تاني غيره بس يمكن كنت غلطانة وناسية إنه لسه بيحبها. كنت مغفلة علشان مكنتش فاهمة إن مفيش حد بينسي حبه الأول رغم إني كان عندي الاستعداد اعمل ده وانسي أي حد علشانه.. بس هو مددنيش الفرصة علشان اعمل ده.
“طب ودلوقتي؟”
“دلوقتي ايه؟”
“قلبك مايل لمين؟”
ابتسمت وهي بتقول بنبرة هادية: قلبي مايل إنه يعيش آخر أيامه في راحة بس.
ميلت راسها بتحاول تمنع فيها دموعها بتقول: بس الراحة دي عمرها ما هتكتمل من غير ما أشوف ابني, نفسي اشوفه قبل ما أموت ولو مرة واحدة.. نفسي أخده في حضني بحجم السنين الي اتحرمت فيها من أني أضمه.. صدقني أنا مش عايزة أكتر من كدا. أنا عارفة إن مرسال مش قابلة وجودي ويمكن مفكرة إني راجعة بعد كل العمر ده علشان حد مع إنها ولو فكرت لحظة كانت هتدرك إني لو كنت عايزة أرجع لحد كنت رجعت بمجرد ما انفصلت عن جوزي بس أنا معملتش كدا لأني ماليش الحق في حد وكوني رجعت مصر هنا تاني فعلشان خوفي من إني أموت لوحدي بدون ما حد ما يحس بي.
كلامها وجعني ومكنتش عارف أقولها ايه لحد ما باشرت بالكلام وأنا بقولها: أنا كنت ناوي أسافر علشان رماح بس أوعدك إني المرة دي هسافر علشان أدورلك علي ابنك قبل ما ادور علي رماح.
بصتلي بعيون مغرغرة بالدموع وهي بتقول: بلاش.
“ليه؟ أنا فكرتك هتفرحي.”

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مرسال كل حد الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى