روايات

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم آية السيد

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم آية السيد

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني الجزء الحادي والعشرون

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني البارت الحادي والعشرون

مرسال كل حد الجزء الثاني
مرسال كل حد الجزء الثاني

رواية مرسال كل حد الجزء الثاني الحلقة الحادية والعشرون

كانت مميلة راسها بتفرك في ايدها بتحاول تتكلم بس كل مرة كانت بتحاول تتكلم فيها كانت بتسكت، فباشرت بالكلام بحاول أفك عنها احراجها بقول: كوني على ثقة اني مستحيل أرفض حاجة أنت عايزها أيا كانت ايه.
بصتلي لوهلات وبعدين ميلت راسها بتكمل: ب..بابا تعبان..جامد.. الفترة..دي..
سكتت فباشرت كلامي: انا مستعد أجي معاك لأي مكان نعالجه فيه حتى ولو هنضطر نسفره بر ومتقلقيش انا واثق انه…
قاطعتني والدموع في عينها لسه مميلة راسها بتكمل: جوز أختي واخوي متكفلين به من الالف للياء وحتى أصروا عليه علشان يسافر بس هو رفض، بالعافية كنا بنقنعه يروح المشفي لحد ما جبناله الدكتور في البيت وحاولنا نهيئله جو المشفى، عايز يقضي أخر ايامه في وسطنا, هو ديما بيقول كدا بس هو معرفيش انه لو جرله حاجة انا هموت فيها…. قالت جملتها الاخيرة وهي بتحاول تكتم دموعها بس غلبتها بتخبي وشها بتحاول تهدى ومش عارفة، كنت حاسس بالعجز قدام دموعها، مش عارف اعمل ايه علشان تهدا، مكنش في ايدي غير اني اسمعها وهي بتكمل: قبل ما بابا يتعب بيوم كنت خلاص جهزت كل حاجة علشان اسافر بعد اسبوع بعد ما جوز أختي عرف بخبر حملي بالصدفة فاضطرت اشرحله وضعي، هو كان ضد الي بعمله علشان من حق طليقي يعرف ان له ابن بس أختي وقتها اتدخلت وقالتلي انها ممكن هي وجوزها يسافروا معي لفرنسا ومش هيكون لاهلي حجة وقتها انهم يرفضوا ولما اكون هناك هيستنوا لحد ما اولد والولد يكبر شوية وقتها هي هتحاول تكلم ماما وبابا وتقنعهم انهم ميقولوش له حاجة ولو عالناس هنقول اتجوزت وجوزها مات أوانفصلت عنه عادي، هيبقى سهل الناس تصدق علشان جوز اختي، معروف عنه انه مش بيكدب ومستحيل يوافق على حاجة زي كدا، بس اضطر انه يسكت ويوافق على الي هنعمله علشاني وعلشان أختي، كان ديما يقولي انه علشان أب فحاسس بشعوري ناحية ابني الي اتحرمت منه فمش عايز نفس الشعور ده يتكرر تاني، يمكن من حقي أعيش معه ولما يكبر يبقى له حرية القرار فانه يقعد مع ابوه او معي لأن مش ديما حكم المحكمة بيبقى عادل علشان لو كان عادل من البداية كانت حكمت لابني بانه يكون معي من البداية بس السلطة والفلوس اوقات بيكون ليها الاولوية على العدالة، بس فجأة لقيت بابا تعب مكنش ينفع أسيبه، كنت هأجل السفر بس لقيته كل يوم بيتعب أكتر فلغيت سفري وقررت أبقى جمبه، امبارح وانا جاية ادخل اوضته بالصدفة سمعته بيكلم اخوي لاول مرة من يوم ما تعب، كان خايف، خايف وهو بيقوله بنبرة متقطعة: خايف أسيبها ومتلاقيش حد من بعدي يطبطب عليها، انا عارف انكوا بتحبوها بس يمكن لسه زعلانين منها شوية، خايف زعلكم منها ده يكبر من بعد ما أموت وتفكروا انها السبب في الي حصلي، وقتها يمكن تصدقكم مع ان كل الي انا فيه ده قدر ومكتوب بس هتصدق غضبكم وزعلكم ويمكن تعمل في نفسها حاجة، بيوجعني كل اما افكر في مصيرها من بعد اموت، خليك الايد الي بتطبطب على أختك، خليك جمبها مهما عملت واديها كل حبك، خليك سندها وحسسها اني لسه موجود، هي ضعيفة لما بتحس انها لوحدها علشان تواجه قسوة الحياة، بس هتحس انها قوية طول مانت في ضهرها، اديك شايف أمك زعلانة منها علشان حاجة ملهاش ذنب فيها بس هي زعلانه منها علشانها مكنتش عايزها تعيش المأساة دي حاسة انها الي رميت نفسها للتهلكة بايدها رغم ان الكل حذرها ، بس متلميش عليها يابني هي مش ذنبها انها حبت واحد ميستحقهاش، عارف؟ كان نفسي اني اطمن عليها قبل ما اموت، اطمن عليها مع حد يستحقها بس منقدريش نتحكم في القدر والنصيب علشان كدا أختك مالهاش غيرك، خليك ديما الايد الي بتتمدلها في وسط ما كل العالم بيتخلى عنها..
دموعها زادت مع اخر كلماتها، حاولت تمسحها وهي بتكمل: صعبان عليّ اني كسرته بالشكل ده ورغم كل ده لسه بيفكر فيّ من بعده، أنا مينفعيش أسيبه بس في ذات الوقت ابني بيكبر جويي، خايفة الناس تبدأ تفكر غلط زي ما خايفة ان كلامهم يأذيه، خايف أكسره أكتر ، انا عارفة اني الي هطلبه منك دلوقتي يمكن يكون طلب غريب شوية او اناني او سميه زي مانت عايز بس انا فعلا محتاجلك يا راشد، يعز على نفسي اني أطلب حاجة زي دي بس اعذر حاجتي فطلبي منك.. حاولت تتماسك وتجمع كلماتها وهي بتقول بنبرة متقطعة:ي..ينفع..تت..تتجوزني؟
كانت مميلة راسها ومغمضة عينها وايدها على ركبتها بترتجف، مش عارف ازاي بس وقتها مجاش في بالي غير صورته قدامي متناسي كل الي قالته عن باباه سألت وانا بتمنى تنفي سؤالي: انتي لسه بتحبيه؟
بصتلي في دهشة لوهلات وبعدين ميلت راسها بتحاول تقول لا بس مقدرتش تنطقها، كبريائي عز عليّ فكملت كلامي: غريبة! جاية تطلبي مني الجواز وانتي لسه بتحبي واحد تاني؟ بتستغلي حبي لكي علشان مصلحتك الشخصية؟ عارفة لو كنت بس حاسس انك بتطلبي ده علشاني أنا مكنتش اترددت لحظة لاني مكنتش هسمحلك تطلب، انا الي كنت هيجى لحد بيتك، بس انتي حتى مش قادرة تنسيه للدرجة انه لو حاول يرضي كبريائه وغروره علشان ترجعيله لمجرد انك معي وقتها هتكسرني وتروحيله زي ما كسرت باباك بدل المرة اتنين، مفيش ضمان يضمنلي انك هتفضلي معي ومتكسرنيش زي ما سبتيني طول السنين دي مجروح ذليل لحبك بس يمكن وقتها كان عذرك انك مش عارفة، بس دلوقتي انتي عارفة، وعارفة انك نقطة ضعفي وبتستغلها زي ما بالظبط هو بيستغلها فيك، انتي أنانية ومفرقتيش كتير عنه، الفرق الوحيد انك المظلومة في قصته بس الظالمة في قصتي، انتي حتى مفكرتش في كبريائي ولا احساسي كراجل ، مفكرتش احساسي هيبقي عامل ازاي وانا حاسس ان مراتي لسه بتحب واحد تاني.
كانت لسه مميلة راسها وايدها على ركبيتها ماسكة في هدومها بتحاول تمنع تساقط دموعها من ذلة السؤال واحساسها بالحرج، وبنبرة بيتخللها دموع بتحاول تحجرها بتقول: أنا آسفة.
قالت كلمتها الاخيرة وقامت من مكانها متجاهلة النظر لي بتجري ناحية الباب، محاولتش الحقها بس وقفت على عتبة الباب بشوفها وهي بتنزل من عالسلم بتعيط وبتتخبط في الحيط مش شايفة قدامها، كانت منهارة لحد ما خرجت وقفت اول تاكسي ومشيت، كنت بحاول أكون متماسك قدام نفسي، دخلت شقتي وقفلت الباب برجلي وانا لسه حاطط ايدي في جيوبي بحاول مفكريش في اي حاجة ولا حتى في ازاي كسرتها، بس فجأة محستش غير بنفسي وانا بكسر كل حاجة حوالي، ليه، ليه عملت كدا وليه اجبرتني اعمل كدا ليه حطتني عاجز قدام كبريائي وقدام ضعفي تجاهها، ليه مش قادرة تحس انها كل مرة بتحسسني اني نكرة قدامه علشان ياخد منها كل الحب ده رغم ان مفيش حد قدي حبها، أنا بكرهه وبكره اسمه ووجوده، بمجرد ما بشوف حبها له في عينها بحس بالذل والاهانة، ازاي مش قادر اتخطاها ازاي ومفيش غيرها بيجي على كرامتي، يارتني ما حبتها وياريتها ما جات، خلتني أكسرها وهي موجوعة بس هي مش حاسة انها بتجرح كبريائي بحبها وبتكسرني بضعفي قدامها.
كنت محاط بكل شيء حوالي محطم حتى قلبي، حاولت أتجاهل التفكير فيها، بس مكنتش قادر دموعها وكسرتها كانوا بيخلوني أكره نفسي أكتر بس هي, هي كمان كسرتني, مفكرتيش حتى في كرامتي كراجل يقبل يتجوز واحدة لسه بتحب واحد تاني, احساسي قدام نفسي بالمذلة وانا شايف في عيونها الحب كل يوم ليه وانا بتمنى أسمع منها حتى اسمي, كسرتها لي كانت أكبر من كسرتي ليها, ويمكن ده الي خلاني أقعد في البيت اسبوع مش بخرج ولا عارف شكل الدنيا عامل ايه بر, أسبوع بحاله بصارع مع نفسي مش عارف أخرج من دايرة معركتي الي أهلكتني لحد الموت, مش قادر أبعد عنها ومش قادرة أجي على كرامتي أكتر لحد ما فجأة لقيت تليفوني بيرن, أنا مكنتش برد في العادة بس معرفيش ليه حاجة شدتني ناحية التليفون علشان أشوف مين, ببص لقيتها هي, استغربت, معقول ؟ ولا أنا بيتهألي, بس لو هي فعلًا فده معناه إنه أكيد فيه كارثة, أصلها مستحيل هتجيلي بعد كل الي عملته الا لو فعلا واقعة في وارطة ومش لاقية حد غيري, فتحت بسرعة وقبل ما أتكلم لقيتها بتعيط وهي بتقول: راشد أرجوك تعال بسرعة.
قفلت الفون ونزلت بسرعة بدون ما أدرك حتى إني مش لابس حاجة في رجلي, ركبت عريبتي وروحت بسرعة عند بيتها, بس لقيت عربية غريبة واقفة تحت البيت, طلعت بسرعة عالشقة ولقيته مفتوح, دخلت الشقة وانا مستغرب ويدوب خطيت خطوتين وبتفأجيء به واقف بيخبط على باب أوضة من الاوض وهو بيقول: قلتك افتحي الباب.
سمعت صوتها من ورا الباب وكأنها بتعيط بتقول: قلتك مش هفتح, غور بقى.
“مش ماشي قبل ما أعرف حاجة واحدة, أنتي فعلًا حامل؟”
“قلتك ألف مرة إني مش حامل”.
“الدكتور الي عملتي عنده التحاليل قبل ما نتطلق قالي إنك حامل, أنتي عارفة كويس إنه دكتور صديق للعيلة وده السبب الي خلاك تعملي التحاليل عنده, في نفس اليوم الي اتطلقنا فيه كانت النتيجة باينة ورغم كدا مقولتليش, وبالصدفة عرفت لما قالي إنه مستغرب طلاقنا رغم إنك حامل”.
“قولتك كداب, أنا مش حامل ومن فضلك امشي بابا هيروح مني وانت معدوم الرحمة مش راضي تغور, انا بكرهك, بكرهك بعدد السنين الي عشتها معك”.
“ميهمنيش إذا كنتي بتكرهني ولا بتحبني المهم عندي ابني الي أنتي حامل به ومخبية عليّ بس صدقني نجوم السما أقربلك فأني أخليك تاخديه مني”.
سمعت صوت عياطها بيزيد, كنت حاسس بحيرتها وخوفها وارتباكها ومكنتش قادر اسمع أكتر، اتقدمت ناحيته وأنا بخبط على كتفه بقول: هي مش قالتك تغور؟
بصلي باستنكار وهو بيزح ايدي من على كتفه بيقول: متدخليش في الي ملكش فيه.
مش عارف ازاي بس ملقتيش نفسي غير وأنا بضربه بقبضة ايدي من شدتها وقع على الارض بقول: ومين قالك إني مليش فيه؟
تحسس مكان قبضتي وهو بيبصلي بنقم بيقوم من مكانه بيردلها, ومن هنا ابتدى الخناق وكل واحد فينا بيسدد للتاني ضربة وبيردها الصاع صاعين, لحد ما فجأة قاطع خناقنا صوتها وهي بتقول: بس كفاية.
وبعدين بصتلي وهي بتعيط: راشد أرجوك تعال ساعدني, بابا في الاوضة مبيترحكيش خايفة يكون جرله حاجة.
قومت بسرعة من عليه جري على الاوضة علشان أشوف باباها, كان كأنه جسد مفهوش روح فعلا, جيت علشان أشيله, لقيت في ايد تانية بتتمد علشان تساعدني ببص ليقته هو, زحت ايده وانا بقول: مطلبتش منك مساعدة, ياريت تغور ومتورناش وشك تاني.
تجاهل كلامي وشال باباها معي, مكنش فيه وقت ولا مجال أخانق فيه, كل الي كنت عايزه إني ألحق انقذه, حطيت باباه في العربية في المقعد الي وريا وهي قعدت جمبه وانا قعدت في مكان القيادة وهو جه قعد جمبي, بصتله على استنكار وانا بقول: انت معندكش دم خالص, انت جاي تهبب معنا ايه بعد كل الي عملته؟
مسكني من لياقة قميصي وهو بيقول: انا ساكتلك من الصبح علشان نلحق عمي مش أكتر لكن صدقني بمجرد ما يفوق مش هتشوف مني غير الجحيم.
زحت ايده عني وانا بقول: عمك؟ انا بستغرب بجاحتك يا أخي مش أنت الي…
وقبل ما أكمل كلامي قاطعني صوتها وهي بتعيط: راشد أرجوك مش وقته, بابا هيروح مني.
صحيح مكنتش طايقه بس مكنش قدامي حل غير إني أركن خناقتي على جمبي علشان ألحق عمي, تخطيت السرعة المحدودة علشان ألحقه على أقرب مستشفى وفعلا وصلنا المستشفى والدكاترة دخلوه فورًا على غرفة العمليات, مكنيتش على أعصابها منهارة, قاعدة جمب باب الاوضة بتاع العمليات بتعيط, جثت على ركبتي بحاول أهدئها وأنا بقول: متقلقيش أكيد هيبقى كويس.
قالت وهي دموعها بتسابق كلماتها: انا.. أنا السبب.. لما شافه دخل البيت وكلمني, جريت بسرعة على أوضته وقفلت الباب وريا, بابا كان شايف نفسه عاجز مش عارف يساعدني وهو شايفني بيعط من ورا الباب, كنت شايفة في عيونه دموعه وهو بيبصلي بعجز مش قادر يتحرك بسبب مرضه, احساسه بالعجز وانه مش قادر يحميني قهره, انا ..انا خايفة بابا ميقوميش يا راشد, نظرات قهرته مش قادر تفارق خيالي, بابا صعب عليّ أوي, لاول مرة أحس إني كسرته, خليته عاجز, أنا مستحيل أسامح نفسي لو جراله حاجة…
وفجأة قاطع كلامها وهو بيتجاهل النظر ليها بيقول: أنتي عارفة كويس إني مكنتش هعملك حاجة, بس انتي الي كنتي بتحاولي تهربي مني ع..علشان متوجهنيش بالحقيقة, كل الي كنت عايزة أعرفه إذا كنتي حامل بابني ولا لا بس لو كنت أعرف إن ده هيحصل لعمي كنت مشيت, أنا آسف.
تجاهلت النظر ليه وهي بتتمالك نفسها قدامه علشان متعطيش وبنبرة حاولت تستجمع فيها قوتها قالت: امشي, امشي ومترجعيش تاني.
“أنا همشي دلوقتي بس الاكيد إني هرجع علشان ابني”.
“قلتك إني مش حامل أنت مش عايز تصدق ليه”.
“لو فعلًا صادقة, بصلي وأنتي بتكلمني وقوليلي إنك فعلا مش حامل بابني”.
فجاة لقيت صمت منها ساد المكان فكمل: عرفتي بقى إنك كنتي بتكدبي علي.
كنت عايز أفتح دماغه بس حاولت أتمالك نفسي وبنبرة متصنع فيها البرود باشرت بالكلام بقول: هي فعلًا كدبت عليك, هي أه حامل بس مش بالشكل الي أنت متصوره.
بصلي بملامح استفهام فتابعت كلامي: هي فعلا عملت التحاليل وطلعت حامل بس للاسف الحمل مكمليش وبعد شهر من طلاقكم ابنك مات فعلًا, بس الحمدلله ربنا عوضها ورزقني ببيبي صغير جاي في السكة.
ملامح الاستغراب والاستفهام كانت على وشه بتزيد وهو بيسأل مش مستوعب: مش فاهم.. قصدك ايه؟
تصنعت ابتسامة باردة وبنفس نبرة اللامبالة كملت: قصدي هو نفسه الي فهمته تمامًا, ابن حضرتك مات وأعتقد إن ده كان كويس ليه علشان صعب عليه إنه يتقبل حقيقة إنه عنده أب قذر زيك, بس ربك عوضه عظيم, بعد شهور العدة بالظبط, اتجوزنا والنهاردة اكشتفنا إنها حامل لسه في الشهر الأول, مش حابب تقولنا مبروك؟!
كنت حاسس بكلمات واقفة على طرف لسانه مش عارف ينطقها وهو بيقول: ا..اب..ابني.. مات..؟ وات..اتجوزتوا؟
قال كلمته الاخيرة وبعدين بصلها في صدمة وهو بيقول: أنتي.. ق..قدرت.. ت..تتجوزي.. حد غيري؟
مسكته من وشه وأنا بجيبه ناحيتي بقول: لا ماهو حضرتك أنا مش كيس جوافة في النص, لما تحب تتكلم فالكلام معي أنا, ولو فكرت بس مجرد التفكير إنك تبصلها بس نظرة, نظرة واحدة انا وقتها هقلعك عينك.
زاح ايدي عنه بقوة وهو بيقول: ايدك لو اتمدت انا هقطعهلك, انا هعدلك كل التخاريف الي بتقولها احتراما للمكان الي حنا فيه, قال كلمته الاخيرة ومشى, بصراحة انا مكنتش قادر الف وشي وابصلها بعد الكارثة الي هببتها انا معرفيش قولت كدا ازاي وليه بس كنت مضطر, كنت مضطر علشان ميتعرضهلش تاني, حاولت استجمع قوتي واتلفت ليها ببص لقيتها متقوقعة في نفسها وضهرها للباب ومميلة راسها على ركبتيها, محاولتش أتكلم معها علشان محبتش أكون حمل زائد على الي حاسها في الوقت الحالي, فضلت واقف عيني عليها وهي على وضعها متحركتش غير لما الدكتور خرج, جريت عليه بسرعة بتسأله: بابا عامل ايه؟
بصلها بأسى, اتنهد وقال: الأعمار بيد الله, حاولنا ننقذه بس فشلنا حالته كانت متدهورة أوي.
بصتله في عدم استعياب بتتصنع الابتسام بتجمد دموعها بتحاول تستجمع كلماتها بتقول: ي..ي..يعني ايه؟
“أنا آسف حقيقي”.
“يعني ايه آسف؟ أكيد بتهزر وب..بابا..بابا أكيد عايش. مينفعيش يموت, مينفعيش يموت وهو زعلان مني كدا, أرجوك قولي إنك بتهزر, أرجوك أرجوك.. قالت كلمات الأخيرة وهي بتعيط لا اردايًا, مكنش بايد الدكتور شيء يعمله غير إنه يسكت, سابته ودخلت الأوضة بتنام جمب باباها وهي بتحضنه بتعيط بحرقة: بابا أرجوك قوم, بابا علشان خاطري قوم, قوم وأنا أوعدك إني عمري ما هشوفه تاني, قوم وأنا هعملك كل الي أنت عايزه, قوم وأنا أوعدك إني هسمع كلامك بعد كدا, يا بابا قوم بقى أنت مش بتقوم ليه. قالت كلماتها الأخيرة وهي عياطها بيزيد, حاولوا يقوموها من جمبه بس هي كانت ماسكة فيه مش راضية تقوم, طلبت منهم يخرجوا وأنا هتصرف, وفعلًا خرجوا بر الاوضة, مكنتش عارف أعمل ايه, كنت حاسس بالعجز, ليه مش قادر أساعدها ليه بشوفها بتتعذب قدامي وأنا واقف زي الصنم أنا مش قادر حتى احتويها, حاولت أستجمع قوتي, وغطيت وشه, بصتلي وهي بتعيط: أنت كمان هتصدقهم, دول كدابين يا راشد أكيد بابا عايش, بس بس هو بس نايم قالت كلمتها الاخيرة وهي بتضمه بتكمل: مش كدا يا بابا؟ أنت نايم صح؟ يلا بقى علشان خاطري قوم أرجوك قوم قوم بقى.
كنت حاسس إني متكتف, لساني فاقد النطق وجسمي عاجز عن الحركة مش عارف أعمل ايه, انا حتى مش عارف أواسيها, ملقتش نفسي غير إني قعدت على الارض جمب السرير وميلت راسي عليه وبدأت أعيط, كنت حاسس إني السبب, السبب في كل تعاستها, لو كنت وافقت يومها, مكنش كل ده حصل, مكنش هو تجرأ وقرب ناحية البيت, مكنش باباها مات من قهرته بسبب عجزه عن حمايتها زي مانا حاسس بنفس العجز ده دلوقتي, ليه أذتها بالشكل ده وأنا عمري ما حبت حد قدها ليه ليه.
وفجأة سمعت صوتها وهي بتقول: أنا السبب, ماما كان معها حق, أنا عمري ما عملت حاجة صح في حياتي, انا الي حولت حياتهم للجحيم, وبابا ساب جحيمي ومشى بس أنا.. أنا كنت هبعد بجد كنت هبعد ومش هحول حياتهم لجحيم تاني, ليه مستناش؟ ليه قرر يمشى ويسبني في وسط جحيمي؟
رفعت راسي ببصلها وبنبرة تملكها مشاعر تكاد من شدتها تقتلني قولت: أنا.. أنا آسف.
بصتلي وسكتت وبعدين ضمت باباها بتتخبى في حضنه…
الأضواء انطفئت وحلت العتمة في الأجواء وفي قلوب الكل بعد ما عرفوا بالخبر, جو مليئ بالحسرة والندم والعياط الهستري وعدم الاستعياب, كل واحد من الموجودين كان حاسس إنه فقده من قبل ما يودعه, حاسس إنه مشى فجأة من قبل ما يراضوه, وكل واحد فيهم بيلوم نفسه إنه السبب, كان أكئب شهر مر علينا, كنت ملازمها طول الفترة دي بس هي مكنتش بتتكلم, طول الوقت ساكتة ومبتنطقيش للدرجة إنها مكنتش بتدي أي اهتمام لكل الكلام الي كان بيتقال عنها بسبب حملها الي بدأ يكبر, الكل بدأ يشك فإنها حامل والكل بدأ يلقى ظنونه الي فاكر إنه من جوزها السابق والي فاكر إن باباها مات بحسرته لما عرف إنها حامل في الحرام, مكنتش قادر أتحمل كل ظنونهم وألسنتهم وهي بريئة منها, كنت عارف إنه مش وقته, بس كان لازم أخد خطوة زي دي, روحت البيت وطلبت ايدها للجواز, كلهم كانو مستغربين إلا اختها هي الي كانت موافقة وحتى لما هي رفضت تقابلني ورفضت طلبي من قبل ما حتى تقعد معي, أختها هي الي اقنعتها تقعد ولو لمرة واحدة تسمعني فيها, كنا وقتها في بيتها وكانت قاعدة قصادي ومش راضية تبصلي, باشرت بكلامي وأنا ببصلها بقول: أنا عارف إن كسرتك, ويمكن ماليش مبرر غير إن كبريائي منعني وقتها بس أنا عمري ما كنت رافضك بقلبي, أنا عمري ما حبيت غيرك ومش قادر أحب غيرك, حطي نفسك مكاني وقتها وأنا بقولك تعالي اتجوزيني بس أنا عمري ما هحبكي علشان بحب واحدة تانية…
قاطعتني وهي بتقوم من مكانها: راشد انسى الموضوع.
“من فضلك أقعدي واسمعيني للاخر”.
بصتلي فكملت بنبرة خافتة: من فضلك.
اتنهدت وقعدت مكانها فكملت: أنا مش بحاول أعاتبك ولا أبرر موقفي أنا بس بقولك على مشاعري وقتها أنا بس…
قاطعتني بتقول: لو مفكر إني رافضك علشان انت رفضتني تبقى غلطان, بالعكس أنا رفضت علشان مصلحتك مينفعيش أظلمك معي وأخليك تعيش حياة أنت مش حاسس فيها بوجودك أو حاسس إن كبريائك مخدوش لأنك أكيد كنت هتحس إن الي بنا كان هيكون له أي مسمى تاني غير الجواز, أنت يمكن كنت هتفضل حاسس بده رغم إني لما جتلك وقتها عمري ما فكرت إني أجرحك أو أجرح كبريائك كرجل, يمكن أنت الي لسه متوهم إني لسه بحبه وحتى وإن كان فأنا عمري ما كنت هفكر فيه وأنا على ذمة راجل تاني, انا يمكن أكون ضعيفة قدامه بس مش خاينة ومبادئي بتغلب مشاعري يا راشد, وحقوقك عمري ما كنت هقصر فيها, يمكن جوازنا كان له غرض بس أتعلمت أصون حقوق جوزي كويس, بس خلاص مبقاش ليها لازمة والسبب ورا جوازنا مبقاش له أي فايدة دلوقتي.
“بس أنا لسه عايزك”.
“يا راشد افهمني, لمصلحتك إنك تبعد عني, لا أنا ولا أنت هنكون مبسوطين في حياتنا, أنت هتفضل تشوفه قدامك كل ما تشوفني وأنا هفضل احس بالعجز كل ما أحس إني مش قادرة أنساه, هحس إني خاينة لمجرد التفكير فيه حتى وإن عطيتك كل حقوقك”.
“بس أنا مش قادر أتحمل كلامهم, ومش قادر أتحمل وهم بيبصلوك نظرة الاستحقار دي, أنا, أنا موافق إني أتجوزك حتى وإن كان كلام على ورق لمجرد إنك أحميك من نظراتهم, خلينا نتجوز ونسافر ونربي ابنك سويا بدل ما يتربي في جو التفكك الاسري وخصوصا لو باباه عرف مش هسيبك ويمكن يأذيك وأنا مش هسامح نفسي لو حد أذيك وأنا عايش, أرجوكي وافقي وأديني فرصة حتى وإن كانت لمجرد إني أكون صديقك أو أخوك أنا موافق بس المهم نبعد من هنا”.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مرسال كل حد الجزء الثاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى