روايات

رواية لقاء في القطار الفصل الثاني 2 بقلم جوجو

رواية لقاء في القطار الفصل الثاني 2 بقلم جوجو

رواية لقاء في القطار الجزء الثاني

رواية لقاء في القطار البارت الثاني

رواية لقاء في القطار الجلقة الثانية

غاب كلٍ من أيمن وحاتم حوالى نصف ساعة أثناء تناول غذائهما .. وأثناء تناول الغذاء كان ظاهراً على حاتم الغيظ من آية ومن عنفها معه .. أو معهما .. ويشعر أيمن بأن صديقه به شئٌ ..
أيمن : ايه ياحتوم .. انت بتكلم نفسك ولا ايه ؟
حاتم : بكلم نفسى .. انا بتخانق مع نفسى وبتشاكل مع دبان وشى ..
أيمن : ههههههههههه .. ليه بس ياعم حاتم حصل ايه لده كله ؟
حاتم : متجننيش ياأيمن .. انت مش شايف البت دى بتتعامل معانا ازاى .. دى مجنونة .. مرة تبقى كويسة و20 مرة تزعق وتشخط فينا .. والله لولا انها بنت لكنت خدتها قلمين على بوزها ..
أيمن ( فى سخرية ) : ايه بوزها دى .. انت بلدى اووووووووووووى .. يابنى خلاص كبر دماغك .. دى بنت ومسافرة لوحدها وفاهمة ان العنف ده هيحميها من اى بنى ادم مش كويس ..
حاتم : طب ما تسأل وتشوفنا كويسين ومش كويسين ..
أيمن : تسأل مين بقى ان شاء الله ياحاتم .. الركاب ولا تيجى تقول لواحد فينا .. عمو لو سمحت انت كويس ولا مش كويس .. صباح الفل .. بص ياحاتم عشان تريح نفسك .. احنا هنفضل كدة طول السفر .. شوف بقالينا تقريباً فى القطر ده 9 ساعات نمشيهم بالطول ولا بالعرض ومنحتكش بيها ياسيدى .. وهى طول ما احنا مش بنتكلم معاها مش هتعملنا حاجة .. اتفقنا ..
حاتم : ماشى ياأيمن لما نشوف اخرتها مع الهانم دى ايه …
أيمن : هههههههههههههه اخرتها خير ان شاء الله … بقولك ايه انا هقوم اشرب سيجارة وهشرب شاى بعد كدة .. هتيجى معايا ؟!
حاتم : لا انا هروح على مكانى اقعد واريح شوية .. بس ابقى هاتلى معاك كوباية شاى لاحسن دماغى هتفرقع .. وعلى رأيك قدامنا لسة 9 ساعاااااااااات فى القطر ده …
أيمن : ده انت تؤمرنى .. من عنية .. بس بقولك ايه ؟
حاتم : ايه تانى ؟ انجز ..
أيمن : ايه انت هتضرب ولا ايه ..
حاتم : يابنى بقولك عايز اريح وانت عمال ترغى .. عايز ايه ؟؟
أيمن ( فى استهزاء وسخرية ) : اوعى البنت تعضك … ولا ارجع الاقيك مبطوح ولا حاجة ..
حاتم : غور يارخم ..
أيمن : ماشى ياعم .. يلا سلام مؤقت ..
حاتم : سلام ..
يسير أيمن فى طريقه وهو يفكر فى طريقة يعالج بها صديقه الوحيد حاتم من ألمه وحزنه المتواجد داخله منذ أربعة سنوات … فكيف يستطيع ذلك وأية طريقة ستفيده .. أضاءت عينيه بفكرة ربما ستنجح .. سيتركه مع تلك الفتاة العنيفة … ربما ..
يرجع حاتم إلى مكانه وقبل أن يُرَجِّع رأسه للخلف لاحظ سقوط بل هطول الدموع من عينى تلك الفتاة .. مغمضة العينان نعم ولكن تسقط منها الدموع .. فهل تحلم .. أم تتذكر .. لا إنها تتذكر جرحها الماضى الذى يبكيها الآن .. فهو مثلها .. يدمع العنين وهو مغلقها ويتذكر جرحه الماضى .. الآن يشعر بالشفقة عليها و……..
آية : تانى يعنى ؟
حاتم : هو ايه ده اللى تانى ؟
آية : يعنى منتش عارف .. تانى بتنحلى وبتبصلى زى ما يكون مفيش بنات غيرى فى القطر .. أظن برده هتقولى سرحان ؟
حاتم : ده فعلا .. انا من النوع اللى بسرح كتير .. وحظك انى لما بسرح بيبان انى ببصلك مع انى اساسا ولا باخد بالى ببص على مين ولا مين اللى قدامى ..
آية : خلاص ياأستاذ .. ابقى روح اتعالج ..
حاتم : عندك حق انا هروح اتعالج من سرحانى وانتى تتعالجى من لسانك ..
آية : انت تقصد ايه ؟؟ انت تقصد انى قليلة الأدب ..
شعر حاتم بأنه قد أخطأ فى حقها .. فصمت لحظة وتابع حديثه معها …
حاتم : عندك حق انا كلمتى جت غلط .. انا اسف بس انا مقصدش انك قليلة الادب انا اقصد انك عنيفة جداً ومفروض تمسكى نفسك شوية وتهدى أعصابك .. مش اى حد تتعاملى معاه بالعنف ده .. وعموما ياستى انا اسف مرة تانية …
آية وقد شعرت بصدق كلماته .. فقالت فى استكانة وهدوء ..
آية : عندك حق انا فعلا عنيفة .. بس غصب عنى …
تترقرق عينيها بالدموع وتدير رأسها لناحية النافذة لتسقط دموعها دون أن يراها حاتم .. ولكن حتى وإن لم يراها حاتم فهو يشعر بها … كيف يواسيها وهو مجروحٌ مثلها .. كيف يعينها على المرور من ذلك الجرح إلى بر الأمان وهو قابعٌ فيه منذ أربعة سنوات .. كيف يساعدها وهو من فشل فى مساعدة نفسه بل وفشل معه الآخرون فى مساعدته .. أرجع حاتم رأسه للخلف وهو يفكر ويتذكر ..
************************************
مساء الخير … جملة قالتها عبير .. إذن فهى مثلى تريد التعرف بى والتقرب لى … كم سعدت وقتها عندما جاءت لتتحدث معى .. ظننت أننى موهومٌ بتلك الكلمتين من عمق عشقى لها .. لم أصدق أنها أمامى .. ظللت أنظر لها وانا صامتٌ فخجلت من عدم ردى عليها وهمت بالرحيل إلا أننى ودون وعى أمسكت يدها …
حاتم : رايحة فين ؟
عبير : همشى ..
حاتم : ليه ؟
عبير : اصلك مردتيش علية وانا قلت اكيد مش عايز نتعرف ..
حاتم : انا من زمان وانا عايز اتعرف عليكى .. ومكنتش مصدق لما لقيتك انتى بتكلمينى دلوقتى .. عشان كدة كنت ساكت ..
عبير ( فى خجل ) : طيب الحمد لله انى مأزعجتكش ..
حاتم : انتى اسمك ايه ؟
عبير : انا اسمى عبير ياحاتم ..
حاتم ( متفاجئاً ) : انتى تعرفى اسمى ؟
عبير : طبعا اعرفه .. سمعت مرة واحد صاحبك فى النادى هنا بيناديلك وبيقولك حاتم .. من ساعتها عرفت ان اسمك حاتم ..
حاتم : انا لازم اشكر صاحبى ده ..
عبير ( مبتسمة ) : عموما اهلا بيك .. وانا سعيدة انى اتعرفت عليك ..
حاتم : انا الاسعد والله ..
عبير : ميرسيه .. معلش انا مضطرة امشى ..
حاتم ( بلهفة ) : رايحة فين ؟
عبير : هروح .. السواق مستنينى برة ولازم امشى عشان الوقت متأخر ..
حاتم : هشوفك تانى ؟
عبير ( فى خجل ) : لو عايز ..
حاتم : انا باجى هنا كل يوم من الساعة 6 .. بخلص شغلى واجى على النادى ..
عبير : خلاص يبقى معادنا بكرة الساعة 6 .. باى بقى ..
حاتم : مع السلامة .. ( وفى سره ) ياأحلى واحدة شوفتها فى حياتى ..
كم مر ذلك اليوم ثقيلاً وكنت أنظر إلى الساعة لتسرع قليلاً فى سريانها .. اقتربت من الساعة قائلاً هيا أيتها اللعينة .. لماذا اليوم تمرين ببطءٍ وثقلٍ وكأنكِ تعانديننى .. وجاء وقت الرحيل .. وأسرعت بالنزول والذهاب إلى النادى .. وأبحث عنها بعيناى فلا أجدها .. أين هى .. لماذا لم تأتى ؟ سأنتظرها قليلاً .. اقتربت العقارب من الرقم 10 .. الساعة الآن العاشرة مساءً .. وفى حزنٍ شديد أتساءل : لماذا لم تأتى ياعبير ؟!!
*************************
يفوق حاتم من شروده وتلك المرة يجد آية هى التى من تنظر له فى تساؤل ..
حاتم : ايه ياآنسة ؟؟ فى حاجة ؟ بتبصيلى كدة ليه ؟
آية : اصلك عمال تقول مجتيش ليه ياعبير .. هو كان فى واحدة اسمها عبير هتسافر معاكم ولا انت بتحلم ولا فى ايه ..
حاتم : انا قلت كدة ؟
آية : ايوة قلت كدة .. كنت لسة هخبط على كتفك اصحيك بس لقيتك فتحت عينك …
حاتم : تخبطى .. طيب الظاهر كنت بحلم ..
آية : طيب انا اسفة انا افتكرت كابوس قلت ألحقك .. فى الحلم كنت بتتكلم قلت ألحقك قبل ما ترمى نفسك من شباك القطر وكله تحت بند الحلم ..
حاتم ( مبتسماً ) : طب ما انتى دمك خفيف اهو …
آية : يعنى شوية .. لكن لو لقيت حد بيستهبل ولا متنحلى مبيببقاش خفيف .. بيبقى حاجة تانية ..
حاتم : اه انتى هتقوليلى .. عارف .. عرفت من ساعتين بمعنى أصح ..
آية ( ضاحكة ) : هههههههههههه .. معلش انا اسفة على عنفى معاك .. بس فعلا مضطرة ..
حاتم : ياستى انا مقدر انك مج…..
صمت حاتم لشعوره بأنه تفوه بما لا يجب أن يُقال ..
آية : مقدر انى ايه ؟
حاتم : اااا .. اااااا …. مقدر انك بنت ومسافرة لوحدك ومش عايزة حد يطمع فيكى يعنى ..
آية : اه اه فعلا .. عندك حق .. وفى سرها .. صحيح اللى ميعرفش يقول عدس ..
حاتم : انا ملاحظ انك لا أكلتى ولا شربتى … تحبى اجيبلك حاجة من الكافتيريا ..
آية : مش عايزة اتعبك ..
حاتم : لا مفيش تعب ولا حاجة .. اصلا أيمن فى الكافتيريا بيجيب شاى لية وليه .. تحبى تشربى ايه ..
آية : هوت تشوكليت ..
حاتم : يعنى ايه ؟؟
آية : هههههههههههههههههه يعنى كاكاو سخن …
حاتم : احم احم .. انا عارف طبعا .. بس بهزر ..
آية : لا مهو واضح ..
يمسك حاتم هاتفه المحمول ويطلب أيمن ..
حاتم : حبيب قلبى ..
أيمن : قبل ما تطول لسانك 5 دقايق وهجيبلك الشاى وجاى اهو ..
حاتم : لا ياحبيبى براحتك .. بس بقولك ايه .. هات معاك كاكاو بالمرة للآنسة اللى قاعدة معانا ..
أيمن : الله الله الله الله .. اسيبك ربع ساعة الاقيك بتطلبلها كاكاو …
حاتم : بطل لماضة بقى …
أيمن : بقولك صحيح .. هى اسمها ايه ..
حاتم ( فى عصبية ) : وانا مالى انا اسمها ايه .. اسمها زليخة ياسيدى .. ارتحت يلا متتأخرش .. سلام ..
يغلق حاتم الخط .. وينظر إلى آية فيجدها تنظر لها وهى ضاحكة ..
حاتم : بتضحكى ليه ؟
آية : اصلى اسمى مش زليخة ..
حاتم : اوووووووه .. انا اسف انا مقصدش بس أيمن سألنى و…….
آية : فاهمة فاهمة .. المهم ان أيمن يجيب الكاكاو بسرعة عشان عايزة اشربه وأدفى .. الجو برد جداً ..
حاتم : انا معايا جاكت زيادة .. تاخديه تدفى بيه ..
آية : لا شكرا انا معايا شال تقيل .. لو الكاكاو مدفانيش هبقى البس الشال ..
ساد الصمت بينهما حتى جاء أيمن ..
أيمن : اتفضل ياسيدى الشاى بتاعك ..
حاتم : شكرا ياأيمن ..
أيمن : واتفضلى يازل ……. اقصد اتفضلى الكاكاو ..
آية : ميرسيه ياأيمن ..
أيمن : وادى انا كمان الشاى بتاعى .. اتفضل ياأيمن الشاى بتاعك .. ارد على نفسى واقول .. شكرا ياأستاذ أيمن ..
يضحك الثلاثة معاً .. ثم يسود بينهم الصمت .. ومن جديد يعود كلٍ من حاتم وآية إلى ذكرياتهما …
*********************************
ياليتنى أتعرف به .. فمثل ذلك الفارس يناسبنى وأريده رفيقاً لدربى فإننى أحبه .. فمتى سيحين ميعاد تعرفى عليه ..
يأتينى صوتٌ من بعيد قائلاً : حاسبى ياآنسة هتقعى فى الحفرة حاسبى ..
آية : حفرة ايه ؟
ولم تلحق آية باكتشاف تلك الحفرة إلا عندما وقعت فيها .. التف الناس حولها وحملوها إلى عيادة قريبة .. وما هى إلا لحظات حتى ظهر الطبيب .. فيلومه الناس على تأخيره .. فيعتذر ويتقدم جهة آية للكشف عليها .. وكانت آية تتألم بشدة ..
الطبيب : ايه ياآنسة متخافيش .. دى حاجة بسيطة …
آية ( دون أن تنظر إلى الطبيب ) : رجلى بتوجعنى اوى يادكتور .. شكلها اتكسرت ..
الطبيب : لا متكسرتش ولا حاجة .. ده تمزق بس يعلمك انك تركزى وانتى ماشية ..
ينده ذلك الطبيب إلى مساعده ..
الطبيب : يامحمود .. محمود تعال وهاتلى رباط ضاغط ..
محمود : حاضر يادكتور وائل ..
تسمع آية الاسم فتنظر إلى الطبيب لتجده ذلك الفارس الأسمر الذى تمنت أن تتعرف عليه .. فتنسى ألم قدمها وتظل ناظرةٌ له .. وهو لا يشعر بتلك النظرات … وما إن انتهى من وضع الرباط الضاغط فى قدمها قال ..
وائل : استأذنك ترتاحى أسبوع فى البيت .. متعمليش اى مجهود ولا تمشى على رجلك .. وهشوفك بعد أسبوع ..
آية : زى النهاردة يعنى بعد أسبوع ..
وائل : ايوة ..
آية : مينفعش بكرة او بعده الصبح ..
وائل : تأكدى لو مشيتى رجلك ممكن فعلا تتكسر .. اسبوع راحة كاملة .. اسمعى الكلام …
آية : حاضر يادكتور ..
ماذا يعنى هذا .. هل سأظل أسبوعاً لا أراه فيه .. ماذا أفعل ..
آية : طب لو رجلى فضلت تعبانة وتعبتنى أكتر يادكتور اتصل بحضرتك ؟
وائل : لا مش هتتعبك .. انا عارف اكتر منك .. يلا قومى .. معاكى حد يوصلك ..
آية : لا انا هروح بتاكسى ..
وائل : طيب .. يامحمود خليك مع الآنسة ووقفلها تاكسى واستنى لحد ما تركب ..
محمود : حاضر يادكتور وائل ..
رغم جديته وربما قسوته إلا أننى أشعر بأنه شخصٌ يمتلئ بالحنان … حبيبى هو نفسه طبيبى …
**********************************
أيمن : ياآنسة .. ياآنسةةةةةةةة …
آية ( فى فزع ) : ايه فى ايه ؟
أيمن : الكاكاو هيسقع اشربيه فعلا سخن عشان تدفى ..
آية : اه .. حاضر ..
تدير آية وجهها ناحية نافذة القطار .. وينظر حاتم إلى أيمن مغتاظاً ..
أيمن : ايه ؟ بتبصلى كدة ليه ؟
حاتم : مكنش حقك تخضها كدة ..
أيمن ( وهو يغمزه ) : لا ياراجل .. معلش انا اسف ..
حاتم : لا متفهمنيش غلط .. اتفقنا ..
أيمن : اه اتفقنا …
نظر حاتم إلى آية ليجدها ترتشف القليل من المشروب وهى مازالت دامعة العينان …
حاتم ( فى سره ) : ياترى ايه اللى جارحك .. ومين اللى جرحك .. واتجرحتى ازاى …
**************
لا تعلم آية كم مر عليها من الوقت وهى فى ذكرياتها وأحزانها ولكنها لاحظت بأن مشروب الكاكاو أصبح بارداً جداً .. فنظرت له وهى معاتبةٌ لنفسها على سرحانها الذى أنساها المشروب المفضل لديها … ووجدت صوتاً يقول لها :
حاتم : بتبصى للكوباية كدة ليه .. هى ذنبها انك مشربتيهاش .. ايمن نبهك ان الكاكاو هيبرد ولازم يتشرب سخن عشان انتى عايزة تدفى .. وانتى قلتى ماشى بس برده الكوباية لسة متشربش منها الا شفطة ..
آية : شفطة ..
حاتم : اه شفطة .. ايه اول مرة تسمعى الكلمة دى ..
آية : لا ابدا عارفاها وصماها وحفظاها ..
حاتم : طيب اشربيه بقى بارد .. وعموما هو ممكن يتشرب ساقع كأنه عصير ..
آية : انا هروح اخليهم يعملولى واحد تانى ..
حاتم : هما مين دول ..
آية : بتوع الكافتيريا هيكون مين يعنى ..
كان أيمن مستيقظاً وحاضر ذلك الحوار فقال لها ..
أيمن : لا اقعدى انتى ياآنسة انا هقوم اجيبلك واحد تانى ..
آية : لا معلش كفاية تعبك لما جيبته اول مرة ..
أيمن : ياستى وماله نتعبلك تانى .. عن اذنكم دقايق وراجع ..
نهض أيمن من كرسيه وهو منبسط العينين وفرحاً وقائلاً لنفسه : ياواد ياأيمن يالعيب … سهلها ياااااااارب ..
يسود بعض الصمت قليلاً حتى يقطع ذلك الصمت حاتم متسائلاً ..
حاتم : معلش انتى ممكن تعتبرينى متطفل .. ممكن اسأل سؤال ؟
آية : اتفضل ..
حاتم ( فى خجل ) : بس هو سؤال شخصى ..
آية : يبقى عرفته ..
حاتم : طب هو ايه ؟
آية : هتقولى مسافرة لوحدك ليه ؟
حاتم ( فى خجلٍ أكبر ) : ايوة بالظبط .. ده كان سؤالى ..
آية : مسافرة لوحدى لانى ببساطة يتيمة .. ابويا مات وانا عندى 4 سنين وماما ماتت السنة اللى فاتت بمرض السرطان وماليش اخوات وعايشة لوحدى ..
حاتم ( فى خجل أكبر وأكبر ) : انا اسف ..
آية : وتتأسف ليه .. هو انت يعنى كنت عارف وبتستهبل ..
حاتم : بتستهبل .. يلا ما علينا .. طيب يعنى ملكيش عم أو خال ..
آية ( فى سخرية ) : عندى طبعا .. دول كتير .. اكتر من الهم على القلب ..
حاتم : طب ومقعدتيش عند حد منهم ليه ..
آية : باختصار انا ضيفة تقيلة عندهم ..
حاتم : لا حول ولا قوة إلا بالله .. طب انتى هتستقرى عند جدك يعنى ..
آية : لا طبعا مش هستقر انا رايحاله زيارة كل سنة ..
حاتم : ليه انتى بتش…..
آية ( مقاطعة ) : فى ايه ياأستاذ .. اسئلتك كترت اوى .. مش فاهمة اللى يهمك اروح ولل مروحش لية اهل واللا ماليش ..
حاتم : انا اسف ..
وما هى إلا ثوانى حتى جاء أيمن فوجد آية مدير وجهها ناحية نافذة القطار وهى عابثة الوجه وحاتم ينظر لها فى غضب ..
أيمن : ايه ياجماعة هفك خناقة تانى ؟
آية ( فى حدة ) : ليه يعنى ؟ مفيش خناقة ولا حاجة ..
حاتم ( فى حدةٍ أكبر ) : متبقاش تضايق الانسة تانى ياأيمن وتسأل فى اى حاجة ..
أيمن ( فى تعجب ) : انا !! بس انا مسأ……
حاتم ( مقاطعاً ) : انا بقولك عشان تعمل حسابك مش بقولك انك سألت .. اصلى سبق وسألت وخدتلى كلمتين حلوين ..
أيمن ( فى سره ) : يادى النيلة .. وانا اللى قلت هسيبلهم فرصة .. نابى طلع على شونة ..
آية : ميرسيه ياأستاذ أيمن على تعبك ..
أيمن : ياستى مفيش تعب ولا حاجة .. اى حاجة انتى عيزاها قوليلى وانا هجيبهالك على طول ..
تسند آية رأسها على ظهر كرسيها وتبدأ فى ذكرياتها من جديد .. فى حين أن السرحان والشرود قد رجع إلى حاتم مرةً أخرى وهو مازال ينظر إلى آية .. وتلك المرة يفكر فى طريقتها العنيفة معه .. ويقارن بينها وبين عبير .. تلك الفتاة الرقيقة التى لم يصدر منها صوتاً عالياً قط ..
********************
عندما تذكر عبير .. تجددت آلامه .. تجددت ذكرياته .. عبير وذلك الضوء الذى يلازمها أينما كانت .. تلك العينان اللتان تشعان حيوية وحناناً وحباً .. نعم إنها تحبنى .. هكذا حدثنى قلبى .. إنها تنظر لى، ليس لرجلٍ سواى .. هى من طلبت التعرف علىّ .. إذن فهى تحبنى .. ولكن لماذا لم تأتى بالميعاد ياعبير …
مر يومان لم أرى فيهما حبيبتى .. أشعر بضيقٍ وتوتر … أريد أن أراها .. أين هى … وإذ بذلك الصوت الأنثوى الرقيق يهتف قائلاً …
عبير : يمكن تكون زعلان منى ..
حاتم ( ولم يصدق أنها أمامه ) : انا كنت زعلان .. لكن لما شوفتك واطمنت عليكى راح الزعل ..
عبير : انت مجامل اوى ياحاتم …
حاتم : انا مبعرفش اجامل .. انا بقول الحق …
عبير : طيب مش عايز تعرف انا مجتش ليه ..
حاتم : ياريت أعرف .. ان مكنش يضايقك ..
عبير : اصلى زعلت من نفسى اوى ..
حاتم ( فى لهفة ) : ليه ؟
عبير : عشان جيت وطلبت منك نتعرف .. حسيت انى بفرض نفسى عليك عشان كدة مجتش ..
حاتم : لا بالعكس .. ربنا عالم انا مبسوط قد ايه .. انا من زمان نفسى اتعرف عليكى ونبقى …. نبقى …
عبير : نبقى ايه .. اصحاب ؟
حاتم : اصحاب ؟! اه اه نبقى اصحاب .. ولو مكنتيش انتى جيتى كنت انا اللى هاجى واتعرف عليكى ..
عبير : يعنى مزعلش من نفسى ؟!
حاتم : لا خالص .. انا بجد مبسوط انى عرفتك .. تشربى ايه ؟
عبير ( بمرح ) : طب ما تقولى تتغدى ايه ؟ ولا انت اتغديت فى الشغل ؟!
حاتم : انا مكنش عندى نفس بقالى يومين بس فعلا دلوقتى انا جعت .. تاكلى معايا ؟
عبير : اكل معاك .. يلا ويبقى عيش وملح ….
حاتم وعبير : ههههههههههههههههههههه …
*************************
قطع عليه ذكرياته أيمن ..
أيمن : إحم إحم .. ياعم الحاج …. بطل بقى .. طهقتنى ..
حاتم : ايه يابنى آدم انت … بالراحة انت سرعتنى …
أيمن : والله لو بسرعك لأول مرة كنت اعتذرتلك وقدرت لكن دى المرة المليون بعد المليار وخمسة ..
حاتم : يعنى انت عايز ايه دلوقتى ..
أيمن : ارغى معايا حسسنى بوجودك معايا او وجودى معاك مش مهم ..
حاتم : خلاص عايز تتكلم فى ايه ؟!
أيمن : طب ايه رأيك نقوم نشرب سيجارة فى مكان تانى ونبقى نرغى هناك ..
حاتم : يلا ياسيدى ..
ثم ينظر حاتم إلى آية وكان سيسألها ان كانت تريد شئ ولكنه لاحظ شرودها التام وعبراتها على وجهها فآثر الصمت ورحل هو وأيمن عن المكان …. وتركها مع نفسها فى أحزانها ….
************************
كم اشتقت إلى وائل فى ذلك الأسبوع .. أجلس وحيدةً فى منزلى ولا يوجد من يراعينى .. فأمى ماتت منذ عام وأبى مات وانا صغيرة لم أتعدى عمر الأربع سنوات ولولا صورته الوحيدة لدى كنت نسيته نهائياً .. اضطررت إلى المكوث بالبيت وأخذ أجازة من عملى .. ذلك العمل القريب لاسطبل الخيل الذى يمارس فيه وائل هوايته .. وفى ذلك الأسبوع شعرت بغضبٍ شديد وعجزٌ أشد فأنا أريد رؤياه وأريد مرور الأيام بأسرع ما تستطيع .. وأخيراً انتهى الأسبوع …. وارتديت أفضل ما عندى .. وذهبت إلى تلك العيادة الصغيرة .. ورأيت محمود مساعده ..
آية : محمود .. محمود ..
محمود : ايوة ؟
آية : ايه انت مش فاكرنى .. انا البنت اللى وقعت من اسبوع فى حفرة ود/ وائل الله يكرمه كشف علية وقالى اجيله النهاردة ..
محمود : اه اهلا وسهلاً ياآنسة .. عاملة ايه دلوقتى .. أحسن ؟
آية : الحمد لله .. هو فين الدكتور ؟
محمود : الدكتور سافر أول امبارح ..
آية ( فى صدمة ) : ايه … سافر .. فين وليه ؟
محمود : والدته تعبانة اوى .. وسافر يطمن عليها .. هيرجع كمان 10 ايام ..
آية : 10 ايااااام ؟! طب و….
محمود : متقلقيش هو وصى دكتور زميله عليكى وقاله لما تيجى هيتابع معاكى هو هيشوفك ويتابع معاكى بداله ..
آية : بجد .. ( وفى سرها : يعنى هو مش ناسينى وبيوصى علية .. يافرج الله ) …
محمود : ايوة والله .. اقعدى 5 دقايق على ما دكتور مصطفى يخلص الحالة اللى معاه ..
آية : طيب طيب ..
ترك محمود المكان وإذ بآية تترك المكان فى نفس اللحظة وترحل عن العيادة أيضاً وتقول : محدش هيتابعنى الا وائل ..
وتمر أيامى بدونه .. وانتهت تلك الأيام الطويلة … وذهبت مرةً أخرى إلى العيادة .. وتلك المرة وجدته .. رأيته فى حجرة الكشف فكان الباب موارباً .. رقص قلبى فرحاً لرؤيته .. وجلست فى إحدى المقاعد وانتظرت دورى بفارغ الصبر .. حتى رآنى محمود …
محمود : انتى جيتى .. ده الدكتور وائل كان هيتجنن عليكى ..
آية ( فى فرحةٍ عظيمة ) : بجد يامحمود ..
محمود : ايوة .. ده اتنرفز عشان انتى مشيتى من غير د/ مصطفى ما يتابعك .. استلمى بقى النرفزة اللى هتشوفيها منه … بس معلش انتى اخر واحدة فى الكشف لانك جاية متأخر ..
آية ( فى إحباط ) : مش مشكلة مش مشكلة .. انا هستناه …
وتمر قرابة الساعة حتى ينتهى د/ وائل من كل الحالات التى كشف عليها ويحين موعد الكشف على آية .. فتدخل وهى تريد أن تقول له ” وحشتنى ” …. ويبدو لها أنه لا يتذكرها ..
آية : السلام عليكم يادكتور ..
وائل : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. اتفضلى ..
آية : حضرتك مش فاكرنى .. انا اللى وقعت فى حفرة وحضرتك ربطلى رجلى بربا………
وائل ( مقاطعاً وفى جدية تامة ) : ايوة فاكرك .. مشيتى ليه المرة اللى فاتت من غير د/ مصطفى ما يكشف عليكى ؟
آية : اصل .. اصل .. اصل كان عندى معاد مهم ..
وائل : معاد مهم .. مممم .. وانتى قبل ما تيجى العيادة مكنتيش تعرفى ان عندك معاد مهم ؟!
آية : كنت عرافة طبعا بس اصل مقدرتش استنى كتير يومها … عشان المعاد ميروحش علية ..
وائل : آه … طيب اتفضلى اطلعى على سرير الكشف ..
آية : حاضر ..
تنهض آية وتصعد على سرير الكشف ويأتى د/ وائل للكشف عليها وبعد أن ينتهى ..
وائل : جميل .. كدة رجلك بقت تمام .. بس هديكى أدوية كالسيوم عشان انتى عضمك ضعيف .. وياريت تاخديها لمدة اسبوعين متواصلين … ومتحاوليش تعملى مجهود خالص …
آية : بس انا بشتغل ..
وائل : طيب حاولى متمشيش كتير ومتقفيش كتير على رجلك فى الاسبوعين دول ..
آية : حاضر …
وائل : هشوفك بعد أسبوعين ان شاء الله …
آية : ان شاء الله .. حاضر يادكتور ..
وائل : مع السلامة ..
آية : الله يسلمك ..
خرجت من المكان وأنا أحب جديته وحبه الشديد لعمله .. بل وشعرت بأنه خائفٌ عليها من أية مضاعفات .. هكذا حدثنى قلبى … ولكن تلك المرة لن أنتظر أسبوعين لأراه فأنا يومياً أراه عند ممارسته لهوايته المفضلة .. ركوب الخيل .. بعد انتهاء وقت عملى ..
************************
وما هى إلا لحظات من تلك الذكريات حتى عادت آية إلى الواقع لتجد أن أيمن وحاتم غير موجودين … فتشعر برهبةٍ شديدة وتبحث عنهما بعينيها .. وتبحت بالأخص على ذلك الوجه الشارد ..
حاتم…….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لقاء في القطار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى