روايات

رواية غمرة عشقك الفصل السادس والأربعون 46 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل السادس والأربعون 46 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء السادس والأربعون

رواية غمرة عشقك البارت السادس والأربعون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة السادسة والأربعون

طرقات حذاء كعبها العالي أعلى درجات السلم لهو الإيقاع الذي يجذب عيناه وقلبه معها فيذهب اليها
شوقاً وتجري العيون بلهفة و ومض الحنين لها يلمع
فهي كالقمراء في ليلة تضوي بسحرها الطاغي
وبطلتها البهية….هي الهشة في حبها…..وفي العطاء
نهر يروي…….. هي وطن ينتمي له ويدمنهُ ويهفو
إليه مهما حدث ستظل هي الحياة وأجمل شيءٍ
بها……..
لمعة عينا عز الدين وهو يتأملها وهي تنزل على درجات السلم بتأني ورشاقة متناغمه مع ثوب
السهرة الانيق الطويل التي ترتديه والذي يشبه فخامة الملكات………. وتسريحة شعرها الجميلة
مرفوعه باناقة تميزها مع زينة وجهها المتقنة
بألوان لامعه اشرقت وجهها واضافة حسن جمالاً لملامحها الانثوية….
رفعت حنين عينيها أخيراً اليه فتلاقا في عناق جميل
دافئ أصأب جسدها بذبذبات من الحب والسعادة
ووصل هذا اليه سريعاً فزاد توهج عسليتاه الضاريه…
عليها ان تعترف ان لعيناه هيبه تقتلها يهابها الجميع وهي اولهم لكن عند التعمق ترى نهر من الحنان الأمن وحب نادر الوجود…….
كان وسيم كالعادة بحلة انيقة عصرية مجسمه على جسده الرياضي وطوله الفارع وتزيده جاذبية تقع
في حبها الكثيرات…….
وصلت إليه أخيراً فابتسمت بجمالاً بعد ان رأته يمد كفه لها………. فوضعت يدها بداخل كفه لتجده يميل عليها ويقبلها وكانها ملكة متوجه…….
احمرت وجنتيها وهي تساله بشقاوة بعدما
انتصب واقفاً أكثر……
“اي رايك في الاوت فيت…….”
“هايل…. وريني كده……” مسك يدها وداراها مرتين
امامه وهو يتأمل ثوبها وهيئتها باهتمام يضوي في عيناه وكلماته……
“زي القمر ياعيوني………”
عندما تركها اقتربت هي منه وعدلت ياقة السترة وهي تقول……
“وانت كمات طالع تجنن……..قمر… ”
قال بحاجب عابث……. “طول عمري……”
لكزته بخفة….. “يامغرور……”
مد لها معصمه كي تتأطب ذراعه ثم قال
بهدوء…
“طب يلا بقا بينا…. لحسان اتاخرنا عليهم…..”
قالت وهي تتجه معه للمرأب……
“لسه فاضل عشر دقايق…. انت علطول مستعجل
كده…”
تركها وفتح باب السيارة قائلاً….
“يدوبك نوصل انتي عرفاني اقدس المواعيد…”
قالت مبتسمه بفتور…. “ياريتها عزومه عادية برضو هتتكلموا في الشغل….وهشوف ناس انا برضو معرفهمش….”
تحدث عز الدين بهدوء وهو يدير محرك
السيارة……
“لازم تكوني جمبي ياحنين…وبعدين دي مش أول مرة…. وبعدين دورس الاتيكيت اللي بتاخديها
نفعت كتير في الخروجات اللي زي دي… وبقيتي بتتعملي عادي زيك زيهم….. اي بقا اللي
مقلقك…….”
قالت حنين بتوضيح…..
“مش قلقانه افهمني ياعز….في العزومات اللي زي دي بيبقوا ستات الشركا بتوعك صُفر كده ومنفسنين جداً
مني…. وبيتكلموا معايا من تحت الضرس……”
هتف عز الدين بجدية وهو ينظر اليها….
“كلميهم بنفس الطريقة….انتي مراتي ياحنين…حرم عز الدين الخولي….. فلازم تقبلي الغيران والطمعان والحاقد….. انا بقبلهم كل يوم……..ومع ذلك مكمل
مفيش حاجة هزتني…….لا نظرة ولا كلمة… وانا
عايزك تكوني كده…. اسد زي جوزك…… ”
ضحكت وهي تمرر يدها على كتفه قائلة بحنان الزوجة……
“ربنا يحميكي ياحبيبي….ويحفظك….ويبعد عنك
كل كاره وحاقد……..”
“طول مانتي و آدم جمبي وبخير….انا هبقى في احسن حال…….بحبك……”اعطاها قبلة في
الهواء…..فابتسمت وهي تترك يدها تعانق كف
يده بتناغم جميل بينما همست بتوله…….
“وانا كمان بموت فيك……”
وصلا للمكان المقام به عشاء العمل وكان مطعم فخم راقي لا يدخله إلا فئات معينة من الطبقة المخملية…
أجواء رائعة هادئه طاولات انيقة لامعه بمقاعد
مماثلة… ارضية تضوي من شدة نظافتها وفخامة شكلها والحوائط تماثلها جمالاً وديكور……حتى الاضواء مريحة في النظر……والحركة في المكان تسير بمنتهى الانتظام والهدوء مع موسيقى الكمان الراقية التي تعزف في احد الزوايا تعطي انطباع مريح لاعصاب….حتى الزبائن لوحة فنية من
الرقي…….
عليها ان تعترف ان كل مكان تذهب إليه تتأمله بمنتهى الدقة تدرسه وكانه لوحة فنية سترسم
الآن ويجب التدقيق في كل تفاصيلها……
بخطواتها الرشيقة وبصحبة عز الدين تقدمت من طاولة مستديرة يجلس عليها رجل وامرأتين…..
الاولى سيدة هادئة الملامح أرستقراطية النظرات والهيئة….وجوارها تجلس أمرأه اصغرها سناً يافعة الجمال بشعر قصير مصبوغ بأحد درجات اللون الأبيض…وترتدي ثوب قصير جداً….استفز حنين
قليلاً ولكنها حاولت السيطرة على مشاعرها وهي
تنظر للرجل اخيراً والذي نهض عند اقترابهما ووقف
مرحباً بهما بمنتهى الإحترام….وكذلك فعلت السيدة
الأرستقراطية اما ذات الصبغة البيضاء فنظرت اليها
بقرف والغيرة طالت عينيها وملامحها المتجهمه…
لم يكن هذا الموقف جديد عليها…تتعرض له دوما في تلك العزومات واحياناً في الحفلات…ولكنها تتحمل لأجل عيناه تتحمل نظرات الغيرة وطريقة المتعاليه
أحياناً تنجح واحيانا تنهزم……. لكن ليس امام
خصمها بل بينها وبين نفسها تنهار اما امام الخصم
فيظل انفها مرفوع بكبرياء ونظراتها تنطق إباءٍ
يحرق الخصم حياً……..
فهي مع مرور السنوات علمت ان الضعف وطيبة القلب مع هذه النوعية عملة بائسة في التعامل
وعيب فاضح في أعينهم……….
ولذلك تعمدت ان تكون حرم عز الدين الخولي معهم
حتى لا تكن فريسة يسهل صيدها كما فعلت ميرال معها في السابق……
هناك دروسًا تجرح صاحبها لكنه يتعلم ويتذكر
ويحفز نفسه على المتابعة كلما تذكر الجراح الناتجه من هذا الدرس……فيكن حريص إلا يؤذي نفسه مجدداً ؟!….وهي تفعل……. دوماً تفعل…….
عرفت السيدة على نفسها بهدوء…….
“ايثار حرم عدلي الكيلاني………. ودي بنتي ريما….”
سلمت عليهم حنين بابتسامة دبلوماسية…..
“اهلاً ياهانم……… حنين حرم عز الدين الخولي…..”
“معقول…….انتي مراته…….”قالتها ريما باللهجة ساخرة قليلاً……فنظرت ايثار لابنتها التي رمقت
حنين ببرود منتظره ردها……..فقالت حنين
بمنتهى البرود والتعالي……
“تصوري….جه اليوم اللي تتعرفي فيه على مرات
عز الدين الخولي….دي فرصة مش بتحصل لاي
حد محظوظة ياريما……..وانتي كمان يامدام ايثار
ولا إيه……..”نظرت لها حنين رافعه حاجب شرير
فقالت ايثار السيدة التي تنطق أرستقراطية
بتوتر…..
“اكيد ياحنين هانم اتشرفت بمعرفتك…..وانت كمان ياعز بيه سعيدة اني قبلتك…….”
ابتسم عز الدين بفخر وهو يبعد المقعد قليلاً
لزوجته كي تجلس عليه……… وقال…..
“انا اسعد يامدام…اتفضلوا خلينا نتكلم في
الشغل….”
جلس الجميع وبدا الحديث عن العمل وقد اتى النادل ببعض المشروبات…… فمسكت ريما كاس من العصير
به نسبة من النبيذ فكانت تتجرع منه بمنتهى
الهدوء بينما عينيها الحاقده معلقه على حنين بغيرة فاثناء حديث عز الدين كانت يده أحياناً كثيرة
تعانق يد زوجته وكانه يخشى ان تهرب منه….
او يفقدها في لحظة…..تناغم غريب بينهما شكلا وتفكيراً…..حتى النظرات لغة اخرى بينهما تحكي الكثير بمجرد ان تتلاقى أعينهما……
عندما لاحظت ريما العصير التي ترتشف منه حنين
قالت ساخرة وهي تتجرع من كأسها…..
“هو انتي ملكيش في المارتيني ولا إيه……”
قالت حنين بهدوء وهي تضع الكأس جانباً…
“لا مش بشرب اي حاجة فيها خمرة…….عشان
حرام…. ”
عوجت ريما لسانها وتحدثت بتعالي…..
“إزاي تكوني مرات اكبر رجل اعمال زي عز الدين الخولي……وتكوني بالرجعيه دي…….لازم
تكوني ferr…..”
توقف عز الدين عن الحديث وتابع ما يحدث منتظر رد زوجته بمنتهى الثقة والهدوء……….والذي اتى بإبتسامة هادئة واللهجة تنافسها تعالي……
” إيه ferr !!….لا مانا ferr بس مش في كل حاجة يعني في حاجات لازم نعمل عندها استوب…..وبعدين عز الدين مش بيشرب….والموضوع مفهوش رجعية…
تقدري تقولي…..ببساطه كده بستحرمها…. لانها حرام….فferr مش في كل حاجة…… فهمتيني ياريما……. “بابتسامة بارده انهت حديثها فبرمت
ريما شفتيها قائلة بقرف……
“أوه دي طلعت معقده……”
صاح والدها بقوة……. “ريما……”
انتبهت ريما لنظرات والدها الغاضبة فادعت
البراءة قائلة…… “أوه سوري……..مقصدش…”
قالت ايثار معتذرة بقلق من نظرات عز الدين
الغاضبة وصمت حنين الغير مقروء…….
“سوري ياحنين….ريما لسه صغيرة وانتي عارفه اللي في سنها وتفكيرهم……سوري بجد… “ثم نظرت لعز الدين قائلة بتوتر ورجاء…..
“أتمنى دا مياثرش على شغلكم الجاي……”
“دا متوقف على رد حنين….تحبي نمشي ياحنين…”
قالها عز الدين بحزم وهو ينظر لزوجته بهدوء……
والتي اتى ردها بمنتهى الثبات والثقة….
“لا خلينا……كملوا شغلكم…..انا مضايقتش أبداً……
وبعدين ريما لذيذة واحلى مافيها انها ferr… هحاول اتعلم بس موعدكيش….. اصل بصراحه عز بيحبني كده…..”نظرت لزوجها الذي بادلها النظرة بحب
وفخر……….
فتنحنح والد ريما قائلاً بامتنان…..
“انا مش عارف اقولك ايه شكراً جداً يامدام….”
ثم نظر لابنته قائلاً بصرامة…..
“ريما مش عايز اسمع صوتك لحد مانروح…..”
زفرة ريما وهي تنظر لحنين بقرف….وقد مسكت هاتفها وانشغلت به حتى تنتهي تلك الجلسة
الكئيبة…..
وقد تابع عز الدين وووالدها حديثهما بينما تبادلات حنين ووالدتها بعض الأحاديث العامة حتى تقتل امها الصمت بينهما وتعتذر عن معاملة ابنتها الفظة مع
حنين….
بعد قليل جزت ريما على اسنانها وهي تبرم خصلة من شعرها حول اصبعها بينما عينيها متعلقه عند احد زوايا المطعم الفخم حيثُ ساحة الرقص وموسيقى الكمان المنبعثة منه………والتي يقف عندها عز الدين
الخولي وحرمه المصون يعانقا بعضهما ويتمايلا
على اوتار الكمان بعذوبة وتناغم يزيد حنقها وغيرتها…..
وليس هي فقط بل كانت اعين الحاقدين كثيرة….حاسدة هذا الحب وحاقدة على تلك المرأة بسيطة الجمال والحسب والتي حصلت على رجل حلم لأجمل الجميلات اللواتي يمتلكن الحب
والنسب والصيت العالٍ…..
كيف فعلتها وهل مفعول السحر سينتهي يوماً
ويعود عز الدين الخولي لعهده السابق متعدد الزيجات وكثير العلاقات النسائية كما كان
ام انه اكتفى بتلك المرأة البسيطه عن الجميع….
زفرة ريما وهي تقول لامها بغيرة…..
“شايفه يامامي….شكلها بلدي وبيئة إزاي..انا مش فاهمه بيحب فيها اي دي….يعني بعد ميرال الميسيري….. يتجوز دي….. يااااي شفتي وهي بتكلم عن الحرام والحلال او……بجد متخلفه أوي….يااي بجد…..انا مش عارفه إزاي مطلقهاش لحد دلوقتي……تفرق اي دي عن اللي قبلها…..دا حتى يامامي اللي قبلها كانوا احلى منها بكتير بذات
ميرال الميسيري…..مانتي عرفاها……”
اومات امها برأسها وهي تجاريها في الحديث بنفس الاسلوب الفظ……
“عارفاها يا ريما….بس واضح كده انه بيحبها…مش عارفه على ايه بصراحة…..بس انا اعرف انه جايب ولد منها…..وبقالهم مع بعض اكتر من ست سنين….”
لوت ريما شفتيها وهي تنظر لحنين بغيرة….
“ربطته بالولد……..تربية حواري…….”
تحدث والدها من بين اسنانه بحنق شديد
منهن….
“بطلوا كلام انتوا الإتنين تربية حواري… بيئة في النهاية هي مرات عز الدين الخولي…والراجل ده
بزنس مان كبير واي حد يتمنى يقعد معاه القعده دي…..فبلاش تبوظه الدنيا سامعين…..”
اومات ايثار بتأكيد قائلة……
“ايوا ياريما باباكي عنده حق….وهي برضو شكلها مش سهله…… بلاش تبوظي الصفقة ملناش دعوة بيها….. احسن…….”
قالت ريما بقرف وهي تنظر لهما
بعدائية……..
“أكيد يامامي…..انا مش هنزل للمستوى ده……”
على الناحية الاخرى كانت تخطو معه بمنتهى التناغم
على اوتار الكمان ويداه تعانق خصرها بينما يداها الأخرى تحيط عنقه وكانا يتمايلا بمنتهى الحب والتناغم على أوتار الموسيقى الشاعريه…..
قالت حنين وهي تنظر عليهم بطرف
عينيها….
“ارهنك انهم مقطعين في فروتنا هناك……”
اوما براسه قائلاً بصوتٍ أجش…..
“عارف وبفكر ارفض الصفقة……..لأجل عيونك…..”
ضيقت حنين عينيها بشقاوة قائلة….
“يسلام….هترفضها عشاني ولا عشان نسبة نجاحها
مش مضمونه…….”
توسعت ابتسامته ذاهلاً باعجاب…..
“الله مانتي طلعتي بتفهمي في شغلي اهوه……”
قالت بلؤم…..
“من كتر ما بتحكي عنه……. بقيت حفظاه صم…….”
ضمها إليه اكثر ومالى عليها هامسا جوار
اذنيها…. “انا برغي كتير اوي كده…….”
قالت مبتسمة بنعومة وهي ترتاح على صدره….
“انت مش بتبطل رغي و بذات على شغلك ومشاريعك…….”
رفع راسه ونظر لعيناها قائلاً…..
“دي حاجة حلوه اني بشاركك يومي……مانتي
بتعملي كده……”
قالت بحب وعينيها تضوي اليه وحده….
“بس انا اللي بحكيه بيتكرر معايا كل يوم ومع ذلك بتصمم تسمعه……”
قال عز الدين بسلاسة….
“ايوا عشان انا بحب اسمعك وانتي بتحكي حتى
لو الحوار تافه……”
قالت ضاحكه…..
“يسلام…….ودا اسميه فضول ولا حب……”
“عشق…….. عشق ياعيوني……..”توسعت ابتسامته وهو يقول بتذكر…..
“تعرفي لو ربنا كرمنا ببنت هسميها عشق…….”
قالت بمناغشة…… “طب افرض جه ولد…. ”
رفع حاجبيه بدهشة……
“اي ده انتي بدأتي تفكري في الموضوع اهوه…..”
احمرت وجنتيها واخفضت جفنيها
قائلة بارتباك….
“في حاجه عايزة اقولهالك…..بس لما نروح…..”
“طب ماتيجي نروح……”
قالت بدهشة…. “طب وضيوفك……..”
قال عز الدين بالامبالاة……
“خليهم يكملوا سهرتهم….احنا هنستأذن بشياكه ونمشي…….”
سألته بحيرة….. “طب وبنسبة للصفقة……”
قال باستهانة…… “ملغيه……دمهم تقيل اوي…….”
ضحكت قائلة……. “تصدق آآه……”
“يبقا يلا بينا………”مسك يدها واتجه الى الطاولة وقد استأذن منهم بالباقة وخرج من المكان وقد
وعد عدي بمقابلة أخرى على المدى البعيد !!…..
عندما وصلا للفيلا دخلا غرفة نومهم فدخلت حنين سريعاً غرفة الملابس لتبدل ثوبها ام عز الدين فوقف امام المرآة يحل رابطة عنقه وهو يحدث حنين ساخراً بمزاح……..
“مش بتشربي ليه مارتيني يامعقده…..”
ضحكت حنين وهي تخلع حذاء كعبها العالي من الناحية الاخرى قائلة بغيظٍ…..
“بت باردة……لا وإيه امها ابرد منها….مفكراني
مصدقه الشويتين بتوعها…..ميعرفوش اني
عديت على اشكالهم دي سبعتالاف مرة……”
قال عز الدين وهو يخلع قميصه……
‘كان دمهم تقيل فعلا……الخروجه دي معجبتنيش ياحنين……”
قالت من الناحية الاخرى……
“ولا انا اوعدني انك هتعوضني عن حرقة الدم دي……منتظرة مكافاة ياعز…….”
قال بمناكفة لذيذة…..
“مش لما تشربي المارتيني يامعقدة انتي……”
ضحكت حنين من الناحية الاخرى
قائلة……
“اشربها يوم طهورها ان شاء الله…..”
رفع عز الدين حاجبه بصدمة سائلاً
بزهول……
“اي ده ياحنين….. انتي قولتي إيه……”
قالت بحرج وهي تكتم ضحكاتهت……
“اوعى تنقاشني وانا متعصبة سبني ابعبع باللي جوايا……..”
قال ذاهلاً وهو ينظر للمرآة…..
“الكلام دا ميتقلش قدام آدم…. سامعه….”
قالت حنين واجمه….
“خلاص بقا ياعز…..امال لو قولت اللي جوايا كله
هتعمل إيه……..”
ثم صمتا قليلاً فقالت حنين بهدوء من داخل
غرفة تبديل الملابس……
“عز…….افتح اول درج في التسريحة……”
“ليه……”
قالت بهدوء…. “عايزاك تجبلي حاجة………….”
سالها باستغراب…… “حاجة ايه…..”
زفرة بجزع……. “ياعز افتحه بس……”
“ماشي….”قالها وهو يفتح الدرج فوجد حذاء صغير
جداً للطيف الشكل وردي اللون فانعقد حاجبيه
سائلاً…..”اي دا ياحنين……..”
خرجت حنين من الغرفة بمنامة نوم حريرية وقد اطلقت شعرها البني بانسياب……..وتقدمت منه
قائلة بصوتٍ ناعم……
“معقول مفهمتش………”
استدار اليها وهو يمسك الحذاء الصغير بيده قائلاً……..
“انتي حامل……”
اومات براسها وهي تبتسم فقال مشدوهاً…..
“امتى….انتي كنتي رفضه الموضوع من شهر فات…”
قالت حنين بدلال……
“اديك قولت يازيزو من شهر فات…..ووقفت حبوب
منع الحمل في اليوم اللي تكلمنا فيه على البحر………فاكر….”
هز راسه بتأكيد فقالت هي متابعة بحب يملاه الدفئ….
“ولسه عارفه النهاردة الصبح……وكنت ناويه اقولك بس قولت خليها لما نرجع…..اي رايك في المفاجأة دي….”
“احلى مفاجأة تعالي…..”مد يده لها فتقدمت منه والقت نفسها بخفه في احضانه فتحسس ظهرها بحبٍ وهو يهمس بصوتٍ عميق……والفرحة
تسيطر على كل حواسه……
“مبروك ياعيوني…..مبروك علينا……حته مني ومنك…….”
خرجت من احضانه وهي تنظر اليه
بجذل…..
“يارب تطلع بنوته وهنسميها عشق زي مانت قولت……”
قال عز الدين بتمني…. “او مثلا نجيب توأم…….”
قالت حنين برضا تام…….
“اللي ربنا يرزقنا بيه المهم…….تيجي بالسلامة….. وتتربى مع آدم…..تعرف انه اكتر واحد هيفرح
أوي بالخبر ده……”
“بكره يعرف………بحبك…….”طبع قبله سطحية
على شفتيها…..ففعلت هي ايضاً مثله
وقالت….
“وانا بموت فيك……مبروك ياحبيبي……”
“مبروك علينا احنا الإتنين…….الضيفه الجديدة…”.. تلامس بطنها بيده بحنان فضحكت حنين بسعادة تشرق في قلبها وقلبه………وبدأ الإثنين يقتربا من بعضهما بحب حتى تعانقت الشفاه ببعضها في تلامس حميمياً ناعماً جعل حنين تحلق في السماء بعدها لتجد نفسها ترتاح على فراشها الحريري وهو معها يبث عشقه الجارف وشوقه المتلهف لها وحدها…
بينما قبلاته تسير على جيدها صعوداً لوجهها
و رجوعاً لشفتيها اللينه السخيه ، قبلات يملاها الحب و الامتنان لوجودها بحياته…..فقد اعطت ببساطه لون حي لحياته الباهته جعلت لها روح
ومعنى ينبض قلبه لأجله………
……………………………………………………………
سحبت نفساً عميقاً هادئاً رطب…..وهي تجلس مربعة الساقين تريح ذراعيها على ركبتها……. بينما نسمات الهواء المنعشة تطير شعرها الاشقر حولها بجمالاً..
فكانت تمارس (اليوجا..) باسترخاء في حديقة
الفيلا……جالسة على الحشائش الخضراء بينما امامها
التوأمانِ( تالين وتمارا..)يجلسا أرضاً يلعبا ببعض الألعاب المتحركة والدمى الصغيرة….كانوا فتاتان
جميلتين متشابهيتن شكلاً والفرق الوحيد بينهما
عيون تالين العسلية الشبيهة بعينا (اية)بينما تمارا عينيها بنية عادية……….لكنهم كانوا نسخة من
بعضهن……وروحهن شقيه ومرحه…….وشكلهن
ينطق جمال مرح لطيف….لهن ضحكات تخطف
القلب……..وعندما تنادي كلاً منهن على أفراد العائلة بطريقتهن الخاصة تذوب القلوب لهن…وأيضاً في شجارهن مع بعضهن يكن مشهد للناظر فكاهي
وممتع لأبعد حد…..
(تالين وتمارا……)كانوا حبل آخر متين يربط عائلة
أصبح ما بينهما غير قابل للفكاك !!………
اغمضت آية عينيها باندماج لمدة دقيقة واحده ثم
سمعت صوت بكاء تالين فتحت عينيها بفزع….
لتجد تمارا تمسك بشعر اختها بقوة بينما يدها الاخرى تمسك باحد الدمى وتالين تجذبها هي ايضاً لكن ببكاء….
الفرق الشاسع بينهن في شخصية ان تالين ذات العيون العسلية رقيقة جداً وهشه كالبسكويت
اما تمارا فهي عنيدة ومتمردة…..شريرة تلك الفتاة
وتبحث عن المشاكل في كومة قش حتى ان يدها تطاول على الجميع و( علي) اخيها الاكبر لم يسلم
من يدها !!……..
توقفت آية عن ماتفعله فيبدو ان التسكع والانفراد بنفس أصبح حلم صعب تحقيقه بين اطفالها الثلاثة……..
“بس ياطم طم…….سيبي شعر اختك…….”حاولت فض هذا الاشتباك لتبكي تالين أكثر بعدما تركت الدمي لتمارا……فنظرت آية لتمارا قائلة بعتاب…
“مبسوطه كده…… توتي بتعيط……”
نظرت الصغيرة لاختها ثم للدمية بحنق شديد وزاد العبوس مع بكاء تالين في أحضان أمها…فالقت الصغيرة العبه أرضا بتمرد شديد وهي تجري لأحضان امها باكيه هي ايضاً…….
فحاولت آية ارضاهن ولعب معهن قليلاً حتى اندمج الإثنين معاً من جديد………
فسحبت آية نفساً عميقاً وعادت جالسة جلستها المفضلة وقد القت نظرة اخيره عليهن قبل ان تغمض عينيها لتسمع صوت ضجيج يقترب منها فتحت عينيها لتصطدم كرة( علي) في جبهتها ومن شدة
اندفاع الكرة وقعت أرضا متاوهه بحسرة….
ليضحك التوأمانِ عليها بقوة جعلتها رغم الحنق تبتسم وهي تستقيم ويدها تحك في جبهتها
بتألم…… فاقترب علي منها معتذراً بندم……
“سوري يامامي….والله ماخدت بالي…..سوري…
اتعورتي……”
أبعد يدها عن جبهتها وتفحصها بعينيه الخضراء القلقة……..فقالت آية بهدوء تحسد عليه رغم
الغضب البادي على وجهها….
“كده ياعلي……انا قولتلك مية مرة إلعب بالكرة بعيد عني وعن اخواتك….المرة اللي فاتت خبط تمارا في دراعها……..وهي مسبتكش غير لما جبتك من شعرك….”
نظر علي لتمارا بحنق واخرج لها لسانه مع تذكر شجارهما السابق ففعلت الصغيرة مثله تماماً…
مما جعل اية تضربه موبخه إياه……
“انت بتعمل إيه…….بتعلمها الخيابه…….”
قال علي بتزمر….. “حد قالها تطلع لسانها لاخوها الكبير…..”
زفرت آية بضجر……
“مانت بتعمل كده يابنادم وهما بيقلدوك…..”
هتف الصغير بمشاغبة…..
“متغيريش الموضوع يايويو….اجبلك تلج تحطيه على قورتك…..لحسان احمرت…….وجوزك مش هيرحمني……..اوعي تفتني عليا…. ”
ضربته آية على كتفه بغضب….
“هفتن ياعلي وتستاهل اللي يجرالك….عشان انا حذرتك كذا مرة اللعب هنا No……”
ترجاها ببراءة……
“يويو انا ابنك حبيبك….. متقوللهوش…..”
هزت راسها بتعند قائلة بحزم…..
“ولا اعرفك يابني ياحبيبي……عشان نسمع الكلام ونخاف على اخوتنا الصغيرين شوية…..”
قال عابساً….
“بس الكورة جت فيكي انتي…..مش فيهم….”
رفعت آية حاجبها بغيظٍ منه…
“واي جت في يعني…….. ملهاش عقاب دي……”
هتف علي برجاء….
“يويو خالد ممكن يمنعني أروح تمرين السباحه بكرة….. وانا لازم أروح…….”
“ليه لازم تروح…… ”
اجابها بمنتهى البراءة……
“عشان عايز اكسب المسابقة اللي معموله في النادي وادي لمكه الميدالية…….”
اهتزا حاجبيها بدهشة وهي تهتف
بغيرة….
“تدي لمكه الميدالية…. طب وانا ياعلي……”
قال بشقاوة تشابه والده…..
“المسابقات كتير يايويو والمرة الجاية هديكي
احلى ميدالية……..”
برمت آية شفتيها قائلة…..
“المرة الجاية……هنتظر منك إيه……. مانت ابن
أبوك….. ”
“انا……… دا انا بحبك يويو…..”طبع قبله على وجنتها
فابتسمت برضا كالاطفال……فسمع علي نداء
تمارا وتالين عليه…..
(ألي……ألي..)
نظر اليهم وهز راسه سريعاً برفض……
“مش عايز إلعب……”
ابتسمت آية وهي تقول له برفق……
“روح العب مع اخواتك ياعلي شويه….عشان خاطري….”
اوما علي بانصياع تام…..
“عشان خاطرك يايويو…… بس انتي مش هتقوليلو صح…….”
نظرت اليه لبرهة ثم اومات برأسها قائلة بحزم…
“مش هقوله ياعلي……بس متتكررش تاني اللعب هنا
ممنوع…..بذات لو في حد قاعد….الجنينة قدامك وسعه إلعب في المكان اللي يعجبك….لكن هنا…”
قاطعها علي بملل صبياني…
“ا….No يويو…….. No عرفت خالص…….”
اتجه للعب مع شقيقتيه فضحك التوأمانِ بسعادة وبدأ باللعب معه وعندما مل ثلاثتهم من اللعب بالالعاب بدأ التوأمانِ يمزحا مع( علي) بان يجذبا شعره بقوة حتى يقع أرضا ثم يصعدا عليه الإثنين متابعين وصلت التعذيب الخاصة بهن…..بشكلاً فكاهي مرح….. يجعل علي يضحك اسفلهم
وهو يمزاحهن بخفه…….كما علمته أمه……..
بعد مدة فرشت آية بساط صغير في نفس المكان بقلب الحديقة الرائعة وقد جلسوا عليه صغارها الثلاثة وهي معهم وقد احضرت اكواب من العصير وطبق من الفاكهة وبدأوا ياكلوا ويلعبوا معاً حتى غابت الشمس عليهن وانتهت الجلسة الجميلة سريعاً بدون خالد……..
أحياناً يضيع على الآباء لحظات مميزة وأحياناً العكس وتظل دوماً الأم اقرب رفيق لصغارها والشاهده دوماً على أسعد اللحظات واصعب
المواقف في حياتهم…….
في المساء…جلست آية على حافة الفراش تدهن على ساقيها كريم مرطب ومعطر كذلك………بعد ان اخذت حمام دافئ وارتدت قميص نوم قصير من اللون المشمشي الفاتح……….
خفق قلبها باللهفة عند سماع سيارة خالد تقترب يليها بعد قليل خطوات حذاؤه…..فابتسمت وهي
تراه يدلف للغرفة بهدوء…..
لم تتحرك من مكانها بل ظلت تتابع ما تفعله بوجوم….
فعقد خالد حاجبيه وتقدم منها قائلاً بحيرة…..
“اي الاستقبال دا بقا…..انتي مش واخد بالك اني دخلت الاوضة……..”
نظرت له آية بطرف عينيها وقالت
بدلال…
“ابعد عني ياخالد……..انا مخصماك……..”
ابتعد خالد عنها وبدا بحل ياقة الحلة قائلاً
بمسكنه…….
“مخصماني…..لي بقا يايويو….اهون عليكي…دا انا مشوفتكيش من الصبح……..”
كانت تمرر يدها على ساقيها قائلة…..
“ما دا السبب ياستاذ…..وعدتني انك هتيجي على الغدا…….ومجتش……”
خلع القميص الأبيض وبقى عاري الصدر ببنطال الحلة……وقال حينها بتبرير……..
“بس اعتذرتلك في التلفون…..وبعتلك رسالة حلوة كمان……”غمز لها بوقاحة متابعاً….
“عندنا حصة نحو النهاردة……يارب تكوني ذكرتي مش زي كل مرة……..”
للأسف انتصرت وقاحته عليها فضحكت
ونسيت عتابها له…..
“ممكن تبطل قلة ادب…….”
غمز لها قائلاً بعبث…..
“مش بايدي…..يابسكوتي…….الواحد لما بيشوفك غصب عنه…….بيبقى سافل………..”
وضعت علبة الكريم جانباً ونهضت مقتربه منه وعندما وصلت لعنده قالت بجراءة تجاريه….
“هو انت مش بتبقى……انا علطول كده…..”
انعقد حاجبيه سائلاً بلؤم…. “علطول اي… سافل……”
اومات برأسها مؤكده فاحتوى خصرها بيداه ومالى عليها يلفح وجهها الناعم بانفاسه الساخنة وهو
يهتف بشقاوة…..
“اموت في صراحتك يايويو…..ماتيجي نتأكد من الموضوع ده….احتمال اطلع مؤدب….اي رأيك…”
عضت على شفتيها بميوعه وهي تناديه برقة
تذيب قلبه وعيناه معها……
“خالد…….”
انقلب وجه خالد فجأه وتوسعت عيناه
وهتف في لحظة التالية بغضب….
“اي اللي في قورتك ده……..مين
خبطك كده…. ”
تحسست جبهتها بهلع….
“اي ده……. هي باينه اوي كده…….”
بدا يتفحصها باصابعه باهتمام شديد قائلاً
باللهجة حادة…
“دي ورمه يا آية….مين عمل في وشك كده….”
قالت بتهرب وهي تبتعد عنه ناظرة في
المرآة…
“انا حطيت عليها تلج….مش عارفه مرحتش ليه….”
سالها مجدداً بنفاذ صبر……
“مين عمل في وشك كده يا آية……”
قالت بحنق وهي تنظر لصورتها في المرآة….
“اتخبط ياخالد….مفهاش حاجة……عادي يعني….”
زفر خالد قائلاً بعصبية……
“انتي مبتعرفيش تكدبي…مين ضربك……اتعركتي
مع مين……..”
استدارت ناظرة اليه بدهشة وقالت
بتعجب…
“مين ضربني! وتعركت!…..اي السؤالين اللي مش مشيين معايا خالص دول……”
تحدث بنفاذ صبر….
“متغيريش الموضوع يا آية……ردي عليا….”
قالت ببراءة…..
“ياحبيبي اتخبط….انت ليه مكبر الموضوع اوي كده……”
“آية……”
زفرت آية معترفه وهي تدلك جبهتها…..
“خلاص ياخالد كنا قاعدين في الجنينه انا والبنات وعلي غصب عنه حدف الكورة ناحيتي……”
تحدث خالد شزراً……
“وليه يلعب أصلا جمبكم بالكورة…انا منبه عليه من ساعة ما خبط اخته بيها……”
قالت برفق وهي تتقدم منه….
“حصل خير ياخالد هو اعتذر…ووعدني انه مش هيعمل كده تاني…….”
سالها وهو يفحص جبهتها مجدداً….
“الكلام ده من امتى……..”
اجابته مبتسمة وعيناها العسلية تجري
على ملامحه بهيام….. “على العصر كده…….”
مزال يفحص جبهتها بمبالغه شديدة….
“شكلها كانت خبطه جامده دي لسه ورمه……”
احمرت وجنتي آية وهي تقول بخجل رغم
سعادتها بتدليله المستمر لها……
“ياخالد طريقة خوفك عليا دي مبالغ فيها اوي…انا حسى اني بيبي…….مش ام لتلات اولاد….”
تحدث بحنق شديد وهو ينظر للكدمة بعدم
رضا….
“مليش دعوة بولادك…انا ليا دعوة ببكي انتي…وايوا انتي بيبي….وبنتي…..وكل حاجة ليا وبخاف عليكي
من نفسك ومن غشمية ابنك……..انا هنزل اجيب
تلج وهعملك كمدات بارده عليها……”
مسكت آية ذراعه قائلة….
“ياحبيبي استنى……….بكرة تروح… ”
نظر للتورم مجدداً وقال بوجوم….
“تروح إزاي….شكلها مضايقني……واعملي حسابك الحيلة بتاعك ده هيتعاقب…….”
ابتسمت آية وهي تقول بحنان….
“حرام عليك ياخالد….لو تشوفه وهو خايف عليا…”
تحدث خالد بتهكم…..
“طيبة قلبك دي هي اللي مخلياه سايق فيها….”
هزت راسها وهي تقول بصوتٍ بالغ المعاني
من الحب…. الأمتنان… الشجن…… السعادة……..
“يسلام وانت مش بتعمل كده…دا انت مدلعه
اكتر مني………دا لو عمل اي بالذي متقدرش حتى تعاتبه….دا علي ياخالد….. وانت عارف علي بنسبالنا……هو كان سبب في حاجات كتير حلوة بتحصل لنا لحد دلوقتي واهمها ان احنا مع
بعض….. ”
المه قلبه لرؤية الحزن بعسليتاها الامعة وكانها تذكرت الماضي مجدداً……
دوماً يتمنى ان تنسى غباءه وجرحه السابق لها
ربما هي غفرة له لكن لن تنسى أبداً ما حدث بينهما……
ومهما حاول تعويضها واثبت مراراً وتكرارً عشقه الصادق ووفاء قلبه لها……..
سيظل الماضي نقطة سوداء قابعة في العقول
عند التذكر يئن القلب متألماً…….
مد يده لها قائلاً بحب…..
“تعالي في حضني يا آية……..”القت نفسها
في احضانه بقوة…..فتأوه خالد وهو يهتف
باعتذار نابع من قلبه المدله بحبها……
“بحبك يا آية………بحبك واسف على كل حاجة وحشه حصلتلك بسببي…….”
خرجت من احضانه قليلاً ورفعت رأسها اليه
لفرق الطول الشاسع بينهما……..ثم قالت
بعتاب….
“بلاش نتكلم في اللي فات عشان خاطري..اهم
حاجة ان احنا هنا….مع بعض…….ومعانا ولادنا ومبسوطين في حياتنا….وبنحب بعض…دي
عندي بدنيا……. ”
همس خالد امام شفتيها بتوله…..
“دي عندي بعمري كله يا آية……..بحبك……”التقط شفتيها بمنتهى الرقة التي أذأبت قلبها معه وقد أنهار جسدها راضخ إليه بحب بل وبادلته بنفس الرقة والحب وكانت قبلات كلمسات الفرشات…ناعمة رقيقة حسية تتفاعل معها اجسادهما بتناغم غريب وشعور
رائع من التكامل والحب يمتزج مع مذاق القبلات
بينهما…..
بعد مدة رائعة من القبلات الحميمة فقط فصل القبلة
وهو ياخذ أنفاسه المسروقة بتهمل بينما يده تتحسس وجنتها وشعرها الاشقر وعندما انتظمت
أنفاسه قليلاً طبع قبلة على جبهتها وهو ينظر لعينيها قائلا بتصميم لا يناسب الموقف قط……
“برضو هنزل اجيب التلج وهعملهالك….خليكي مكانك……دقيقه وجاي…….”
قالت بدلال وهي تحاول منعه باغراء….
“خالد……مش وقته……..عندنا حصة نحو…..”
ابتسم بدهشة بعد تلك الجملة وعلق
ذاهلاً……..
“دا واضح ان التلميذة حبت دروس الأستاذ….”
“جداً…..عارف ليه…..”نظر اليها بتساؤل….فاحطت عنقه قائلة باغواء وهي تحاول الوصول
لشفتيه…
“عشان هي بتعشق استاذها……”
قال بتصميم…… “خلينا نشوف الموضوع ده بعد ما جيب التلج….”
جزت على اسنانها بنفاذ
صبر….
“يادي التلج ركز معايا بقا…….”
“هرجعلك…. شويه وهرجعلك يايويو…….”طبع قبله
على شفتيها وخرج سريعاً من الغرفة كي يحضر
لها كمدات باردة حتى يضعها على جبهتها المتورمة…..
وعندما اختفى ابتسمت آية بمنتهى الحب…. والسعادة تشرق داخلها بقبول رهيب على عيش للحظات الحياة لحظة باللحظة مع الأحباب فقط
من يكنوا لنا الحب والاهتمام الصادق……..
ربما هناك فرص ثانية تذهب دون فائدة ، ومن الممكن ان يكون بعضها سبب في إحياء عائلة
من الضياع الأبدي ؟!……
فقبل اعطاء الفرص او رفضها فكر جيداً فربما كانت الفرصة الثانية عبارة عن حياة اهدتها لمن كان بحاجة لها…….فالغبي الحقيقي هو من يضيع فرص الحياة
هباءاً دون الاستفادة منها بشكلاً او بأخر……..
………………………………………………………………
كانت تجلس على الاريكة الممتدة(الركنة..) وجوارها ابنتها تاكل من طبق كبير من الفشار والقطة الصغيرة
تجلس جوارها تتابع التلفاز مع سمر على احد أفلام
الرومانسية بينما مكة تلعب بدمى تاره وتاكل من الفشار تارة أخرى…….
اثناء مشاهدات سمر للتلفاز كانت تأقلم اظافرها بمبرد الاظافر…….. وهي ترتدي منامة حريريه انيقة تنطق اغراء كانت عبارة عن سروال قصير جداً
وكنزة تصل لمنتصف خصرها فقط كاشفه عن
الباقي باغواء…..كانت من اللون السكري…..
انتبهت سمر لمكه الصغيرة وهي تعطي للقطة واحده
من حبات الفشار قائلة ببراءة……
“خدي واحده……..وانا واحده…….”
ضحكت سمر حينما رأت القطه تأكل من يد مكه
فعقبت بقلق…..
“مكه بلاش تديها تاني ممكن يوجع بطنها…”
بنبرتها الجميلة الصغيرة اعطت للقطة واحده
أخرى قائلة…….. “كمان واحده بس……”
نظرت لها سمر بتحذير…..
“مكه…..”
كانت تنوي الصغيرة اعطاها مجدداً لكن نظرة امها اخافتها فتوقفت فاخرجت القطة مواءها وهي تنظر لسمر بمنتهى الوداعه محاولة التأثير عليها
عاطفياً…….
لكن سمر تابعت تقليم اظافرها وهي تقول
للقطة برفض صارم…
“لا مفيش………بصي قدامك……”
وللعجب أنصتت القطه إليها ونظرت امامها تتابع التلفاز بصمت…..فنظرت لها سمر بطرف عينيها
لتجدها صامته هادئه راضية…….فابتسمت وهي
تناديها بكف يدها الممدود بحنان…..
“بسبوستي تعالي…….”
اقتربت منها القطة وجلست في احضانها فقبلتها سمر عدت مرات وبدات تداعبها باصابعها قائلة…..
“اي الشاطره دي……ها بقيتي كتكوته وبتسمعي الكلام ها……”قبلتها عدة مرات فضحكت مكه وهي تمد قبضة يدها الصغيرة للقطة والتي كانت مليئة بحبات الفشار……..
“قطتي……”
قالتها مكه وهي تقرب يدها لفم القطه التي تناولت حبة واحده ثم نظرت لسمر قارئة ردت فعلها فابتسمت سمر قائلة برفق…..
“كفايه كده يابسبوستي……عشان بطنك…..”داعبتها
سمر مجدداً……
فنهضت مكه ومسكت في ذراع امها وهي تئن بغيرة
فتركت القطه وحملت ابنتها وظلت تدغدغها بفمها واصابعها وتقبلها بقوة والصغيرة تكركر ضاحكة
بسعادة ومرح بينما القطة قد قفزت أرضا
تلعب بالكورة الصوف التي القتها لها سمر……..
في تلك الأوقات فتح باب الشقة فركضت مكه سريعاً
بسعادة تهتف باسم أبيها قبل ان تلقي نفسها في احضانه ككل يوم…….
تبتسمت سمر وهي تلحق بها بخطوات هادئة والقطة امامها قد ذهبت هي ايضاً خلف مكه بعد سماع صوت ابراهيم……….
عندما ابصرته سمر وقفت على بعد خطوتين منه
فوجدته يقبل الصغيرة ويمزح معها وهي تبادله بالضحك………
وعندما انتبه ابراهيم لوجود سمر نظر إليها لبرهة نظرة شامله من اول شعرها الغجري المنساب بجنون حولها حتى ساقيها البيضاء الناعمة والمكشوفه امامه
باغواء…..
بلع ريقه وهو يبعد عيناه عنها بقوة ناظراً لابنته…
ثم اخرج لها قطعه من الشوكلاته البيضاء فقالت الصغيرة بسعادة طفوليه…..
“شوكلاته بالحبليب…..هات لبسبوسة يابابا….”
داعب سمر بنظراته الوقحة وهو يجيب على
ابنته….
“هو انا معايا واحده تانيه بس دي لماما…مش لبسبوسه……”ثم قال بشقاوة……
“اي ياماما…هتفضلي وقفه بعيد كده…مش هتيجي تسلمي عليا…….”انزل الصغيرة فركضت للداخل
وظلت القطه واقفه مكانها…….
فاقتربت سمر منه بابتسامة رائعة وعندما وصلت اليه احتوت عنقه بيداها قائلة بدلال…..
“وحشتني ياهيما…….”
رطب شفتيه وهو يحيط بيداه خصرها
العاري….
“وانت اكتر ياشبح…..اي الحلويات دي……”
قالت برقة…… “عنيك هي اللي حلوة ياحبيبي….”
اجابها بزهو شقي…. “مم مانا عارف……”
لكزته في كتفه وهي تسأله……
“متغيرش الموضوع….جبتلي البسبوسة……”
اوما براسه وهو يخرج علبة مغلفة من الكيس الذي يمسكه بين يده وقال بمزاح…..
“الحمدلله ان الوحم المرادي بسبوسة….مش معجون سنان….”
عبس وجهها وهي تفتح علبة الحلوى
سريعاً….
“الله انتوا هتفضلوا تذلوني بقا….قولي البسبوسة
دي بالقشطة……..”
اوما براسه مؤكداً بعد ان وجدها تاكل قطعه
منها بتلذذ………
“ايوا بسبوسة…… وبالقشطه اي خدمه…..”
اخترق حديثه صوت مواء القطه فضحك
ابراهيم وهو ينتبه لوجودها فقال ضاحكاً
“لا مش انتي…. انتي بسبوسة سادة….”ثم نظر
لسمر الوافقه جواره تأكل…..
” انما دي بالقشطه……….بسبوسة بالقشطة… ”
توقفت سمر عن الأكل وابتسمت وعضت على
شفتها السفلى ناظره الى ابراهيم فقال هو لها بمراوغة……
“متخديش الكلام على نفسك انا قصدي على البسبوسة اللي في إيدك……”
لكزته في كتفه وهي تبتعد عنه…..
“غلس……..”
قال مبتسماً وهو يتجه للغرفة….
“هدخل اغير على ما تحطي الأكل…….”
سألته سمر بفضول بعد ان انتبهت لكيس اخر
بين يده……
“هيما هو اي اللي في الكيس ده…..انت اشتريت هدوم…….”
دخل الغرفة قائلاً ببساطه…..
“حاجة ليكي شوفتها وعجبتني……”
“حاجة ليا….يبقى لازم أشوفها……”وضعت علبة الحلوى جانباً ولحقت به بفضول انثوي لتجده بدأ
في تبديل ملابسه وقد القى الكيس علي الفراش…
اتجهت اليه وبدات تفتح الكيس فقال
ابراهيم بمناغشة…
“براحة لحسان يتقطع يامجنونه…..”
“اي هو يعني……..”اخرجت قطعه صغيرة حمراء
رقيقه لم تترك شيءٍ للمخيلة من شدة نوعمتها
رفعت سمر حاجبها وهي ترفع قميص النوم
امامها قائلة بدهشة…..
“بيبي دول…………يا هيما…….”
حك في شعره وهو يقول ضاحكاً….
“عايز اشوفه عليكي اليلادي……”
اومات بانصياع وهي تضحك…..
“ماشي…. بس اي اللي خلاك تشتريه……”
اقترب منها وقال بمداعبه لذيذة…..
“شوفته وعجبني….فقولت دا مينفعش يكون غير عليك انت ياجميل……”
ضحكت سمر قائلة بتغنج…….
“متأكد…”
قال بسفالة…… “متأكد…….انا اكتر واحد متأكد ان اي حاجة عليكي بتبقى واكله منك حته…….”
احطت عنقه بيداها قائلة بجراءة…..
“دي شهادة اعتز بيها واللهِ…..”
قال مبتسماً بعبث…..
“على كده هشوفه عليكي الليلادي……هو والخلخال……”
رمشت بعينيها وهي تساله ببراءة…
“اي واحد فيهم……”
تحسس خصرها العاري قائلاً بحرارة……
“اي واحد ياسمر…..اي واحد……المهم تلبسيه…
ونبقى مع بعض اليلادي…..”
عقدت حاجبيها سائلة بحيرة…..
“انت غريب اوي النهاردة……هو في حاجة مميزة اليلادي……”
اجابها بهدوء……
“ايوا زي النهارده كنا بنقرا فاتحتنا……ان فاكر اليوم
دا كويس اوي وتاريخه كان مميز كمان……”
فغرت شفتيها قائلة بدهشة……
“يسلام……اي الرومانسيه دي كلها…..دا نسيت
التاريخ ده…………”
همس هو بحرارة……
“بس مبنساش اي حاجة تخصنا…….”
“ياحبيبي……”قالتها وهي تدفن وجهها في عنقه
فداعب شعرها باصابعه نزولاً الى ظهرها…..
وظل في احضان بعضهما لبرهة ثم خرجت سمر من احضانه ونظرت اليه قائلة بحسم لذيذ والاغواء يلمع في لؤلؤتيها السوداء….
“هلبسه اليلادي عشانك……….بحبك… ”
لم يرد عليها بل التهم شفتيها بقوة اشعلت كل حواسه وذاب قلبه في عشقها للمرة التي يفشل
عدها……..
طرقات صغيرة على الباب المغلق اوقفت أجمل اللحظات فابتعدت سمر عنه سريعاً وهي ترجع شعرها للخلف والقت القميص على الفراش سريعاً واتجهت الى الباب وفتحته لتجد ابنتها تدخل هي والقطة
فقال إبراهيم بغمزة ماكرة……
“انا من رأي تروحي تحطي العشا ولما مكه وقطتها تنام نكمل كلامنا………..لحسان في بينا كلام مينفعش يتسكت عليه…..ولا اي ياشبح…….”
ابتسمت سمر بشقاوة وأنار وجهها بالحب وسعادة وقبل ان تخرج من الغرفة القت اليه قبلة في الهواء…….
فخفق قلبه بقوة وكانه تلقاها على شفتيه فسمع مكه الصغيرة تصيح ببراءة…..
“بابا عليك أحمر……..”
اشارت الصغيرة على رقبته فوضع ابراهيم يده على رقبته وتحسسها ثم رفعها لعيناه فوجد آثر لحمرة شفتي سمر فنظر الى مكه بحرج ثم للقطة وكانه مسك متلبساً في قضية غير أخلاقية بالمرة…..
فقالت مكه ببراءة لطيفه……
“الأولاد مش بيحطه أحمر……..ماما هتزعقلك….”
اتجه ابراهيم للمرآة ونظر اليها وهو يمسح
الحمرة بمنديل ورقياً متمتماً بتوله
العاشق……
“كل من ماما………وحلاوة ماما………”
سالته الصغيرة…….. “مالها ماما…….”
تبسم ابراهيم وهو ينظر الى ابنته قائلاً
بحرارة…..
“بعشقها…….تعرفي تروحي تقوللها ان بابا بيعشقك………”
اومات مكه بسعادة وهي تركض خارجة من الغرفة
ذاهبه الى المطبخ وهي تصيح بحماس وكانها
تفشي اكبر الأسرار عمقاً……..
“ماما…………. بيعشقك……..”
ابتعدت سمر عن الموقد وهي تنزل لمستوى
ابنتها سائلة بحيرة…..
“مين دا…….”
هتفت الصغيرة من بين انفاسها
المتسرعه….. “بابا…….”
ضحكة سمر لبرهة بدهشة ثم قالت بصوتٍ مرتفع
قليلاً وهي تداعب شعر ابنتها بيدها…
“وانا بموت فيه……..وفيكي……”طبعت قبلة
على وجنة الصغيرة والتي ركضت لعند ابيها
مجدداً…………فوجدته يلاعب القطة ويدللها
كما تحب……….وعندما رآها تقترب منه بدأ يلاعبها هي والقطة حتى اتى الطعام فتجمع الثلاثة على سفرة واحده……….وقضوا معاً ثلاث ساعات من
أجمل ساعات اليوم وعندما تعبت مكه من كثرة اللعب نامت في أحضان أمها وجوارها القطه…..
بعد مدة دخل الغرفة بعد نداء سمر عليه فتح الباب بهدوء وتراقب فغز انفه عطرها المسكِ فاغمض عيناه لبرهة وسمع حينها رنة اساورها المميزة في أحد زوايا الغرفة ففتح عيناه ونظر اليها ليجد هالة من الفتنة المتحركة أمامه….أمرأه يافعة الجمال قوامها فتاك يهلك…. يربك…..يشعل جسده ويسحر عيناه المظلمة وفي ظلامها تجد ومض قوي أنار فقط حينما رأى البهيه تتغنج امامه بقميص نوم قصير
احمر مغري لم يترك للمخيلة شيءٍ قط……
كان شعرها الغجري حر طليق خلف ظهرها بينما وجهها يلمع بجمالاً بعدما اتقنت وضع الزينة عليه
كحل عينيها السوداء غالب….وحمرة شفتيها قاتله
فأين الخلاص يابهيه فانتِ ببساطه تشهري اسلاحتك الفتاكه امام رجلاً متعب متعب جداً وانتِ علاجة
فاقتربي يابهيه دعيني المسك اتذوقك دعيني المس
حلاوة شهدك واضمك لصدري النابض فتذوبي معي كقطعة السكر الذائبه في كوبٍ ساخن…..حرارته
صدقاً لن تضاهي حرارة جسدي الان حينما نظرة إليكِ…..
ضاعت عيناه بها وظل متسمراً مكانه وقد انتبه للخلخال المعلق في وركها كان سلسالاً فضياً
يتوسطه وردة الجوري الحمراء تنافس حمرتها قميصها المغري…..بينما حمرة شفتيها تفوز بكل
تأكيد على اي شيء !!………..
ابتسمت سمر برضا تام وهي تراه شارد بها بهيام…
وعندما تركت له حرية تأملها تقدمت منه بخطوات هادئة قائلة بنعومة……
“اي رأيك في البيبي دول……..”
قال اثناء شروده…..
“جامد……”
ضحكت…..ربما من بساطة الكلمة ومعانيها الخفيه ضحكت…….فعاد ابراهيم لعينيها سائلاً بحيرة….
“بتضحكي على إيه…….”
“يعني مش عارف……”
هز راسه بنفي ومزال ضائع في جمالها…فابتعدت
عنه واخفضت الاضاءه بشكل شاعري ثم شغلت المذياع على موسيقى هادئه واقتربت منه قائلة بدلال……
“بما اني حامل ومش هينفع ارقص شرقي…فممكن نرقص سوا سلوو…….زي ما رقصنا يوم فرحنا…..”
اقتربت منه واحاطت عنقه بيداها وهو كذلك
احتوى خصرها بيداه مقربها منه بوقاحة…….
بينما عيناه ضائعه بجمالها……
“هيما………”
تحسس ظهرها قائلاً بهمساً
عاطفي…..
“بحبك ياسمر…….”
قالت مبتسمه وهي تحاول فتح حديث
معه… “بتحبني قد ايه بقا…….”
قال بصوتٍ أجش……
“ملوش حدود………حبي ليكي ملوش حدود….”
قالت بدلال وهي تقرب وجهها منه بخبث….
“بجد…..تعرف انا بحبك قد ايه قد البحر وسمكاته سمكه سمكه سمكه…….”عندما كانت تقرب راسها
منه بدلال اختطف قبلة حارة من شفتيها الشهية….فابتعدت سمر عنه بعدها ولكزته
في كتفه بحنق…..”هيما…….”
بلع ريقه فالمذاق قبلتها حلاوة لا تشبه
انواع الحلوى……..فقال بعذاب من
تلك المهلكة المخادعة……
“يخربيت دلعك اللي هودينا هناك ده……”
سالته ضاحكة….. “هناك فين بقا…..”
قربها منه اكثر قائلاً بوقاحة…. “لم نروح هقولك…….”
تحسست لحيته وهي تقول بتوله…..
“تعرف ان مبسوطه اوي….مش مصدقه بجد ان احنا مع بعض….مين كان يصدق اللي حصل… واللي
وصلنا ليه دلوقتي………”
مرر يده على شعرها المموج العاشق هو
له…….بينما عيناه تسبح في لؤلؤتيها السوداء
“كلوا مكتوب ياسمر…. الحمدلله… هي كانت رحلة صعبة وطويله بس في النهاية بقينا لبعض… بقيتي حبيبتي ومراتي وام ولادي……ربنا كبير اوي ياسمر
ومش بيظلم عباده……. الحمدلله……”
دفنت سمر وجهها في عنقه وهي تهمس
بوله…..
“آآه يابراهيم…….تعرف اني عمري ماحلمت احب بشكل ده……. ولا جه في بالي أبداً ان ممكن حد يحبني كده………”
قال مبتسماً وهو يتذكر ما مضى بينهما…..
“ولا انا….تعرفي يوم قراية فاتحتنا….زي النهاردة كنت فرحان اوي حاسس اني طاير وانا رايح اتقدملك………. كنت وقتها نفسي اكتب عليكي واخدك…….بس انتي كنتي عنيدة ومصممه تطولي فترة الخطوبة…..”

رفعت راسها اليه وهمست بندم….
“ياريتك عملت كده يمكن مكناش……..”
قاطعها ابراهيم وهو يضع سبابته على شفتيها الناعمة……..
“هشش… بلاش تكملي…مش عايز افتكر حاجة….
كل اللي عايز افكر فيه حضنك……..حضنك وانتي وبس….”
ضمها هو لصدره فدفنت راسها هي في عنقه
هامسه بحرارة…….
“بحبك ياهيما…..بحبك ياحبيبي….ربنا يخليك ليا….
ويديمك نعمه في حياتي انت ومكه…..”
اثناء عناقهما طبع ابراهيم قبلة على
كتفها….
” ويخليكي ليا ياسمر…..ياروح قلبي…… ”
رقصة متناغمه على أوتار ناعمة قلوب متعطشة للهوى… اجساد متلهفه للعناق………وعيون هائمة
بالحب داخلها قصائد تتولاها النظرات……ومزال
الحب باقي طالما انا وانت نرغب في البقاء
فدعى قلبك لي واحتفظ بقلبي معك ……
جلست على حافة الفراش فجلس امامها وجثى
على ركبته ورفع قدمها على ساقه المثني وبدأ
يحل الخلخال الفضي المعلق في منتصف
فخذيها….
بلعت سمر ريقها بصعوبة تأمل جلوسه هكذآ أمر محرج و……..وجميل يشعرها انها المرأه الوحيدة والاخيرة في عيناه ولا يحق لها إلا الدلال….
عندما تخلص ابراهيم من الخلخال ألقاه أرضاً واقترب منها وظل يقترب بصمت حتى أرتاح
ظهر سمر على الفراش وهو معها وبدأ ينهال
من رحيق شفتيها بجوع ويده تسير عليها بحرية
ولهفه لتئن معه مستسلمه لرغباتهما وحبها له……. لتصل معه لأجمل وأعمق شعور في الحب الدفء
الشغف…..لذة الحب……الكمال في كل شيء !….
…………………………………………………………….
منذ ان وصل الشركة و وصل لهنا وهو متردد في الدخول لمكتب( توفيق الشامي)والذي ينتظره
حضوره منذ ان وطأت اقدامه المكان……
وقد بلغ احد الموظفين بابلغ كرم بضرورة
تواجده امامه عند الوصول……….
لم يكن هناك مفر من المواجهة قد وصل لعمر لا يسمح بتخاذل في تلك الأمور الجادة والحاسمة
عليه المواجهة والبوح برغبته بها…. في الحلال
كما تمنى……..

لم يكن هناك مفر من المواجهة قد وصل لعمر لا يسمح بتخاذل في تلك الأمور الجادة والحاسمة
عليه المواجهة والبوح برغبته بها…. في الحلال
كما تمنى……..
بلع غصة حادة في حلقة وهو يطرق على باب المكتب ثم يدخل لمكتب توفيق الشامي…
شعور آخر غريب انتابه وكانه يدخل المكتب لأول
مرة…….ناظراً حوله الى المكتب الكبير الفخم ألم
يدرك بعد انه هنا فقط لوضع الحدود الحاسمة بينه
وبين ابنة صاحب العمل……كيف انحدرت مشاعره
وترك قلبه مجدداً…….كيف ومض الأمل داخله
فجأه وشعر انه ربما يفوز بها يوماً……
كيف وهي ابنة توفيق الشامي……كيف يضاهي ثروته واسمه به هو…..هو شاب في منتصف العشرينات لا يمتلك شيءٍ حتى الآن بأسمه…مجرد سيارة جديدة
اشتراها قسط ويسدده المستحقّ منها من المرتب الذي يقتضيه من عمله هنا…….
كيف ترك قلبه لها وهي اميرة اسطورية صعبة المنال
تظل حكاية خيالية بنسبة له…… كيف ترك قلبه لها
وها هو الان يقف امام والدها عاجز محرج من الموقف الذي للأسف لا يمتلك به غير قلبه المتيم
بحبها وحتى هذا السلاح لا قيمة له أمام سلطة
وثراء آل الشامي……..
وقف كرم امام المكتب على بعد خطوتين وتنحنح
قليلاً ثم قال بهدوء يخفي خلفه عجز…حزن..
حرج….
“حضرتك طلبتني ياتوفيق بيه…….”
رفع توفيق عيناه عن الأوراق إليه وعندما ابصره
خلع نظراته الطبية وكشر عن انيابه قائلا بحدة
فظة….
“اترزع هنا…..خلينا اشوف بتهبب إيه من
ورايا……انت والهانم…….”
مجدداً بلع ريقه بتوتر فانها البشارة الغير مطمئنه بالمرة لكنه انصاع الى أمره بأحترام فالطالما كان توفيق الأب الروحي لثلاثتهم وكان أمره واجب
تنفيذه……….
نظر له توفيق بحنق وساله سؤال محدد…..
“خلينا نتكلم راجل لراجل وصرحني واحكيلي اي اللي بينك وبين بنتي…….”
جف حلقه كرم امام عينا توفيق الثاقبة ولم يكن
غبي للفرار يجب وضع النهاية حتى ان كانت مؤلمه
وستاتي بالخسائر فوق رأسه……..
“انا……انا بحبها…..وعايز اتجوزها……ولو مكنتش بعتلي انا كنت هاجي بنفسي وافتحك في الموضوع…….”
صمت توفيق ولم يرد وكان مزال جالس خلف مكتب الفخم على مقعده الوثير جالس بهدوء لكن عيناه كانت شديدة القوى في النظر الى كرم وكانه يستشف صدقه…..او يتعرف عليه من جديد بنظرة أخرى……
نظرة تقيم زوج ابنته المستقبلي…….
ضخ جسد كرم بالعرق من شدة التوتر والموقف بذاته
بمثابة حرب صامته لن تبدأ إلا بكلمة ربما بها النجاه
او الهلاك……وهو للأسف يتوقع السيء !…..
وقبل ان يقع الرفض اخترق الصمت قائلاً بثبات
هادئ لا ينم أبداً على الرجاء او اثارت التعاطف
نحوه…..بل كان يوضح واجهته وحياته ببساطه
“انا عارف ان انا مستوايا محدود….بس انا هسعى اني احسن من دخلي عشان خاطر نور……عشان اقدر اكفيها وجبلها كل اللي نفسها فيه……ولو حضرتك
شاكك اني طمعان فيها….فانا ممكن اسيب الشركة واشتغل في مكان تاني…….واثبتلك حسن نيتي
اني عايزها هي بشنطة هدومها…ومش فارق معايا
اي حاجة… عندها لا فلوس ولا اسم…. انا حبتها هي
لشخصها مش عشان هي بنتك……..اعذرني لو اتجاوزت حدودي…….بس الحب مش بادينا…
اطرق كرم براسه وهو يضيف ببؤس……
“انا حاولت اقنع نفسي كتير انه مينفعش….
بس حبها كان اقوى من اني انساها……….وبرضو لو حضرتك شايف اني منفعهاش…اوعدك اني هحترم قرارك ده وهبعد عنها خالص…..وكمان هقدم استقلتي بكرة للإدارة……..”
عندما رفع كرم عيناه على توفيق وجده ينظر اليه بصمت جمده في مكانه أكثر حينما
قال…… “خلصت كلامك…….”
اوما كرم براسه بهدوء منتظر النهاية الحتمية لتلك المشاعر العنيفة بقلبه والتي تضربه وتألم صدره
بقوة……..
“أيوا…….”
تحدث توفيق بعد صمتٍ طويل اطبق على صدر كرم من شدة توتره…….
“انا عُمر ماكانت الفلوس اكبر همي….بالعكس من
شهر بظبط اتقدم واحد لنور ابوه سفير ورفضته….عارف رفضته ليه…….”
شحب وجه كرم وهز راسه بصمت…..فتابع
توفيق بصوتٍ عقلاني حكيم……
“ببساطه عايز يتجوز بنتي مصلحة…بزنس يعني وفي نفس الوقت يتمنظر بيها قدام الناس…. ماهيا بنت توفيق الشامي والف مين يتمناها….. عشان كده رفضت……. انا بنتي ياكرم مش كمالت عدد لحاجات
تانيه….. مش عروسه مستواها حلو وسلام فـ هتليق على العربية والبدله… لا انا عايز لبنتي السعادة…… عايز اللي ياخدها يكون طمعان بس في قلبها
ورضاها مش في مال ابوها واسمه…..او شايفها هتليق على اللي عنده………”
عادت الحياة على وجه كرم الذي سأله بلهفة…
“افهم من حضرتك انك موافق اني اتجوزها…….”
هز توفيق راسه بوجوم….. “مقولتش اني موافق…….”
بهت وجه كرم مجدداً واسبل جفنيه بانكسار….
فقال توفيق بعدها مبتسماً بوقار….
“انا موافق على فترة خطوبة طويلة….تثبتلي فيها حسن نيتك من ناحية بنتي وفي نفس الوقت تحسن مستواك في الشغل……. انا عايز جوز بنتي يكون مهندس شاطر ومحترم….. اتسند عليه وقت محتاجه……..”
توسعت ابتسامة كرم ونظر اليه قائلاً بابتهاج…
“أوعدك اني هعمل كل اللي اقدر عليه عشان اثبتلك اني جدير ببنتك……شكراً ياتوفيق بيه….انا مش عارف اقولك ايه…….”
تحدث توفيق بحزم رغم ان عيناه تشع حناناً
أبوي….
“انا مش عايز قوال انا عايز فعل….استغل الفرصة ياكرم……واوعى تضيعها من أيدك……مش عشان هي بنتي…..عشان انت بتحبها وهي كمان بتحبك…وحبكم يستحق فرصه…..فرصه جد…..مش هزار ولا لعب عيال زي مابتعمله…….”
نهض كرم وقال مجدداً بحيرةٍ وارتباك…
“انا مش عارف برضو اقولك إيه……..انا… ”
قاطعه توفيق بتفهم قائلاً بهدوء….
“متقولش حاجة سيب الأيام هي اللي تكلم بنيابة عنك……واسمع بلاش تتواصل مع نور دلوقتي…..
لحد ماترتب معاد مع اهلك وتيجي تتقدملها رسمي……..اتفقنا…….”
ابتسم كرم بسعادة وراحة وقال
“اتفقنا……اللي تشوفه……..”
ثم استأذن وخرج من المكتب وشتات مابين دخوله وخروجه………انهُ القى حمل ثقيل فوق عاتقيه بل
وتبدد الحزن سعادة….. واليأس أمل….والخوف
اطمئنان وحب ، و أماني كثيرة بدأ يرسمها مع
حبيبته الجميلة اميرته ذات الشعر الأسود والعيون البراقة والروح المبهجة الشقيه….
وأخيراً ستكوني لي يانوري….واقسم ان فرحتي لا تضاهي أحد….وكأني امتلكت العالم وما فيه….ليتني قادر على أخبارك بما يجيش بصدري لكني ساصبر قليلاً حتى اخبره لكِ في الوقت المناسب……..
فصبراً جميل ياحلوتي……
………………………………………………………………
خرجت سمر وهي تحمل صنية عليها اكواب من العصائر الطازجة واقتربت من حبيبة التي تجلس على الاريكة قائلة بود…..
“وأخيراً طلعتي بالله عليكي انا بتحايل عليكي
بقالي قد إيه عشان تطلعي تقعدي معايا شويه…”
قالت حبيبة بحرج وهي تضم مكه لصدرها والتي كانت ترتاح على ساقيها……
“غصب عني والله ياسمر….الشهر اللي فات كان الشغل واخدني شويه…..بس يعني بعد ما سبته
بقيت عوطليه…….وهبقا اطلعلك وغلس
عليكي… ”
شاركتها سمر الجلسة متسائلة….
“غلسي انتي وملكيش دعوة….. صحيح انتي سبتي الشغل ليه…….”
رمشت حبيبة بعينيها عدت مرات ثم اخفضت
جفنيها قائلة……. “أبداً مرتحتش فيه…..”
سالتها سمر بفتور…. “طب وخطتك الجايه إيه…….”
(هتجوز اخوكي…..)
قالتها داخلها بشقاوة وضحكت….ضحكة تحمل روح اخرى عادت اليها مع عودته لها…..
انكمشت ملامح سمر باستغراب…..
“بتضحكي على إيه ياهبله..انا قولت حاجة غريبة..”
قالت حبيبة سريعاً بابتسامة مشرقة….
“لا والله انا بس اللي افتكرت حاجة ضحكتني…”
نظرت لها سمر بعيون ثاقبة وسألت…
“متغيره النهارده اي حكايتك……”
ضحكت حبيبة بخجل وقالت
بلؤم….
“متغيره ازاي يعني……مش فاهمه… ”
ابتسمت سمر ثم قالت بمحبة…..
“بسم الله ماشاء الله يعني…. عينك بتلمع ووشك منور……. اي الخبر الحلو اللي سمعتيه شقلب حالك كده……”
ضحكت حبيبة قائلة…. “المهم انه اتشقلب للاحسن ولا إيه…..”
اومات سمر مؤكده…
“اكيد ودي حاجة تفرحني…….”
صدح هاتف سمر في تلك الأوقات فنظرت لشاشة هاتفها وقالت بتلقائية….
“دا أحمد……”
خفق قلبها بلهفة واهتزت حدقتيها في لحظة وقد
اندلع شيءٍ وهمي ساخن فوق جسدها فتضاعفت المشاعر بتوله داخلها ……وقد بلعت ريقها بعدها وهي تراقب سير المكالمة باشتياق……فمن يوم حديثهما الاخير وعناقهما لم تتصادف معه…مر
على القاء الأخير ثلاثة أيام…….ولم يكن هناك
تواصل ولا حتى عبر الهاتف…….
قالت سمر ضاحكة…..
“يسلام يعني انت بس بترن عليا عشان مكه….”
عندما أجاب عليها عبس وجهها قائلة….
“اخص عليك يا أحمد….هو انا مش أختك….هي مكه دي مستوليه على حبايبي كلهم…..اي فيها يتحب…”
ثم نظرت لابنتها التي اقتربت منها ضاحكة بحلاوة أذأبت قلبها فردت على نفسها قائلة بحب…..
“ياختي كل حاجة فيها تتحب…….مين يشوف قلبي وميحبوش……”عانقت ابنتها بقوة وظلت توزع القبل عليها بنهم……..فسمعت صوت اخيها من الناحية الأخرى……فقالت ضاحكة وهي توضح الأمر….
“يابني انت عارف انا قولتلها الاولاد عيب ليه أصلا ولاد رحمة ورباب أول ما بيشفوها مش بيبطله بوس فيها وكلهم ولاد…. وهي البنت الوحيده وسطهم… وخد عندك بقا الكل بيحاول يراضيها اللي يجبلها شوكلاته شبسي عصير ….وآخر دلع….فموضوع
البوس ده قولتلها الأولاد لا وبما انك من ضمن
الأولاد مش بترضا تبوسك…..بلاش تظلمني بقا… ”
صمتت قليلاً لتسمع حديثه ثم قالت بعد ان
انتهى….
“ماشي هعلي الصوت بس عشان تسمعك كويس….”
ارتفع مكبر صوت الهاتف…… فاتى صوته المشاكس
ويبدو انه كان مرتاح على الفراش فصوته مرتخي لأبعد حد ورخيم……..
وكانت تلك النبرة المميزة كفيله بتخدير حواس عاشقة تجلس مهذبة على الاريكة تستمع للمكالمة
بصمت فضولي…..
(كوكي انتي يابت…. انا عايز بوسه مليش دعوة…)
صاحت الصغيرة برفض تام…..
“الأولاد عيب…..”
اتى صوته الضاحك بعبث….
(طب ولو جبتلك شوكلاته بالحليب…….هتديني بوسه……)
اومات الصغيرة باستحسان للفكرة….
“أيوا…..”
(بحبك……)
خفق قلب حبيبة وارتجف جسدها فلي واقع الكلمة اثر جميل داخلها حتى ان كانت للصغيرة لفظ الحب
على لسانه لهو أجمل شعور تحياه الآن……
اخبرتها سمر في اذنيها….
“قوليله وانا كمان بحبك اوي…….”
قالت الصغيرة ببراءة…..”بحبك اوي……”
ابتسم أحمد على الناحية الأخرى قائلاً
بمداعبه لذيذة….
(ياروحي انا…..كوكي هتيجي تتغدي معايا…..انا مستنيكي…..زوزو عمله وليمه النهاردة عشان
واخد أجازة…….”
اخذت سمر الهاتف من ابنتها ونسيت اغلاق الصوت وسالته…
“لي ياحبيبي واخده اجازه…في حاجة حصلت في الشغل………”
نظرت حبيبة الى سمر فوجدت أحمد يجيب
بفتور…….
(كله تمام….بس جالي عرض كويس في مكان احسن……)
ارتفع حاجبي سمر سائلة بتعجب…
“في مكان احسن !!….يعني هتسيب توفيق الشامي وصحابك والمكان اللي بقالك فيه فترة فجأه
كده…..في حاجه انت مخبيها عليا…..احكيلي يا أحمد…”
تهرب من هذا التحقيق قائلاً بمرح…..
(والله ياشقي مافيش حاجة انا تمام…..وهرتاح اكتر كده……المهم ابعتي مكه هقف استناها قدام الباب…….)
قالت سمر مستنكرة…….
“يابني سبها شويه انت لسه صاحي من النوم…
وبعدين احنا بقينا العصر انت كنت سهران فين…”
قال بانتشاء جميل……
(كانت سهره بنت للذينه…. انا وكرم وشلة صحاب قديمه….من ايام الجامعة لمينا بعض وخدناها من عشرة بليل لحد سته الصبح…….لا وإيه داخل لامك الساعة تمانيه الصبح…..)
اختنق حلق حبيبة مع سماع هذا التعليق وشعرت بنغزة في قلبها……فرات سمر تهز راسها بأسى
قائلة…..
“مفيش فايده فيك……”
اتى صوته مستنكراً وهو يضحك…..
(صفي النيه ونبي…كانت قعدت شباب…..انا بقالي يامه مضحكتش كده…..صراحه خروجه جت في وقتها…….ولاد للذينه……)
مع ضحكاته ابتسمت سمر وقالت بمحبة….
“ربنا يبسطك ياحبيبي…ويفرح قلبك….عمتاً شويه كده وهنزلك مكه….عشان حبيبة هنا ومكه قاعده معاها شوية……”
نبرة اخرى لهفة اخرى……قلب اخر شاركها صخب المشاعر التي تحياها منذ سماع صوته….
(حبيبة……… حبيبة عندك…….)
عقدت سمر حاجبيها بتعجب…
“ايوا في حاجة……”
قال احمد مختصراً الكلام….
(ولا حاجه……سلميلي عليها………عايزه حاجة…)
قالت سمر بتعجب أكبر….. “عايزه سلامتك……”
انهى المكالمة سريعاً…….(سلام……)
انزلت سمر الهاتف على اذنها ومطت شفتيها
بتعجب……
“جراله اي ده…..بيسلم عليكي…..”قالتها وهي
تنظر لحبيبة التي قالت بصعوبة…….
“الله يسلمك ويسلمه……..”
مسكت سمر زجاجة الماء وارتشفت منها ثم انزلتها سائلة بتذكر….. “كنا بنقول اي صحيح……”
ابتسمت حبيبة وبدأت تندمج معها قليلاً في الحديث
حتى مر نصف ساعة وصدح جرس باب الشقة
فبدون شك خمنة حبيبة سريعاً انه هو…وبطبع
بعد ان ذهبت سمر لفتح الباب لفظت اسمه
بدهشة……”أحمد…….”
دقيقتين بعد الترحيب والسلام دخل للصالون الجالسه به حبيبة…….والتي رفعت عينيها إليه
متأمله طلته….كان يرتدي طاقم رياضي انيق
عليه ومصفف شعره الاسود الغزير للخلف
حليق اللحية ووجهه يبرق بجاذبية سحرت
عينيها به……..
عاد نبضها يعلو بجنون عندما التقت عيناها الشاردة به………واتى صوته الهادئ بعد ان تأملها هو أيضاً
في لحظة خاطفة….
“سلام عليكم………”
ابتسمت حبيبة بخجل واخفضت عينيها
قائلة….
“وعليكم السلام……”
اتت سمر من خلف أحمد قائلة بحفاوة……
“اعملك اي تشربه……ولا جبلك تفطر…….”
نظر احمد لحبيبة بطرف عيناه وقال لاخته….
“ياريت حضريلي فطار… فطار ملوكي….خدي وقتك فيه عشان يطلع حلو……”
وزعت سمر النظرات عليهما بدهشة قائلة
بجرأة…
“انت بتزحلقني ولا إيه…….اي حكايتكم……”
ضحك احمد وشاركته حبيبة الضحكة بخجل
فقال احمد بشقاوة لذيذة….وهو يكاد يبتلع
حبيبة بعيناه……
“كل خير……..كل خير بقا…….سكتك خضرة
سبيني قعد مع خطبتي شويه……”
برمت سمر شفتيها قائلة بغلاظة……
“خطبتك انت عارف لو ابراهيم جه ولقاكم
قعدين لوحدكم هيعمل فيا إيه…….”
قال احمد باستهانه…..
“مابقتش باكل من الكلام ده….انا أصلا هقعد استناه……”
سالته سمر باستفهام…… “ليه بقا ان شاء الله……”
نظر لحبيبة وغمز لها بوقاحة…..
“عشان نكتب الكتاب………..ونعلي الجواب…..”
ادارة سمر وجه اخيها لعندها قائلة
بغيرة….
“متتلم ياولا….كبرت خلاص وبقيت بتعكسها قدامي……..”
ابتسم احمد قائلاً بجدية وهو يعود الى حبيبة
بعيناه العاشقة…..
“افهمي بقا انا هتجوزها هتبقى المدام بتاعتي…وبما انك اختي فديني مساحتي خليني قعد معاها شويه…….اهو نتعرف…… اعتبريها قعدت
تعارف… ”
لوت سمر شفتيها قائلاً باستنكار….
“تعارف ؟!….. دا احنا دفنينوا سوا….. وبعدين مينفعش برضو تقعد معاها……”
حرك حدقتيه بملل قائلاً بوجوم……
“والله قصدي شريف…….خليكي جدعه بقا…. ”
نظرت سمر الى حبيبة قائلة بعتاب…..بعد ان
لاحظت المستجد في علاقتهما…
“انا كده فهمت….يعني اللي قلب حالك كده
فجأه انكم رجعتوا لبعض ومش عايزة تحكيلي ياوطيه……قال يعني انا مش هفرحلكم……”
فركت حبيبة في يداها ببراءه وقالت بحرج
شديد… “والله ياسمر كنت هقولك…..بس…..”
اشفقت سمر على حرجها لذلك اوقفتها عن
المتابعة….
“بس إيه…….. اسكتي…..بعدين اعتبك…”ثم نظرت لاخيها وقالت بحزم……
“وانت يابشمهندس عشر دقايق…. ومكه معاكم محرم…….”
نظر احمد لمكه التي تقف جواره وتاكل
من قطعة الشوكلاته التي احضرها لها
للتو…..
“محرم إزاي يعني خدي بنتك معاكي……”
توسعت عينا سمر وقالت بصدمة لئيمه….
“بتقلب البت دلوقتي اخص عليك….مش دي حبيبتك…….”
“حبيبتي وكل حاجة….بس القمر ده قلبي برضو…”
القى على حبيبة نظرة عابرة تحمل اسمى معاني الحب….وهي كانت مع كل كلمة منه تذوب ويزيد احمرار وجهها وتتمنى الفرار الان من امامهما لكنها
لن تفعلها فقط لانها اشتاقت لنفسها معه…..اشتقت
اليه والى مزاحه تدليله الجميل لها…..اشتقت الى احمد وها هو عاد إليها أخيراً……
قطعت سمر اللحظة بصوتها الحانق…
“قولتلك بطل تعاكسها قدامي…..الله……وبرضو
مكه معاكم محرم…… وعشر دقايق سامع…. ”
تركته بعد تلك الجملة……فنظر لخروجها بقرف
متمتماً…….
“اعوذ بالله امال لو مكنتيش اختي……”
ثم عادت عيناه الى حبيبة التي ضمت ساقيها اكثر
في بعضهما اثناء جلستها وعدلت حجابها بتوتر…..
وهي تنظر اليه من تحت جفونها…….
اقترب منها ولكنه جلس على المقعد بالقرب منها قليلاً…اما مكه فجلست على الاريكة تأكل الشوكلاته
بصمت …….
ظل أحمد ينظر اليها لبرهة تارك لعيناه حرية السير على ملامحها الجميلة شاهقة البياض الشهي والمستفز أحياناً….جميلة بالحجاب والعباءة المحتشمة……..لها بهاء خاص لا يضاهي اي أمرأه
رآها….. نظراتها تمتزج بين الحب والكبرياء….كبرياء أفحم قلبه فرضخ اليها عن طيب خاطر……
“إزيك…….”
رفعت عينيها الزيتونية اليه والتي كانت كالسهام
تخترق قلبه وتصيب الهدف…..فيضيع في عينيها
وتسير حدقتيه بتمهل على كل خطوط ملامحها
الجميلة حتى تستقر على شفتيها الصغيرة
الحمراء بلونها الطبيعي……فبلع ريقه وهو يفكر
هل سياتي يوماً ويتذوق طعمهم ويشعر بملمسهم الناعم……….حتماً ناعم فهي كل ما بها ناعم
ورقيق……..
بللت حبيبة شفتيها باضطراب وهي تهمس
باختناق بعد ان انتبهت لنظراته…….
“أحمد…….”
عاد لعينيها بصمت….فرمقته بعتاب ولم تعقب على الأمر فكيف تاتي الجرأه لمنع تلك النظرات او
السؤال عن السبب خلفها……
ابتسم على خجلها الشهي وهروب عيناها
منه فقال بصوتٍ أجش……
“عامله إيه……..”
قالت بارتباك….. “الحمدلله وانت…….”
قال مبتسماً…..
“الحمدلله……احسن بذات لما شوفتك……”
سالته بهدوء…. “عملت إيه…..”
“في إيه……”
قالت بصوتٍ متحشرج….. “في حوار يوسف…..”
عبس وجهه وقال بغيرة…….
“بلاش تشغلي بالك بالموضوع ده ياحبيبة…..”
قالت بحسن نيه….
“لازم أفهم……..واعرف عملت إيه……”
زفر بتعب وهو يخبرها بهدوء…..
“ولا حاجة بحاول اكلمه من ساعتها تلفونه مقفول ومش بيجي الشركة…….”
سالته بقلق…… “طب وبعدين…….”
رد بأختصار فاتر…….
“بسيطه هكلم نور….واعرف منها هو فين في
البيت ولا في حته تانيه……وساعتها هروح اتكلم معاه وحكيله على كل حاجة…..فكك من الحوار
ده… انا هحله…… المهم وحشتيني….. ”
بلعت ريقها واسبلت عينيها بخجل والنبضات تتعالى بصخب…….ولم يكن لسانها حليفها للرد عليه باي شيء فقد تمكلها الخجل وافترس حواسها…..
بلل احمد شفتيه وهو يهمس لها
بوقاحة…..
“وحشني حضنك……..”
همست باختناق……. “أحمد……”
عقب ببراءة مدعي الاسى…..
“أي يابيبه……….تقلانه عليا ليه…… بصيلي…..”
رفعت عينيها إليه بصعوبة والخجل يقتلها….
فوجدته ينحني للامام قليلاً في جلسته
هامساً بحب…..
“هو انا مش بوحشك….بقالي تلات ايام مشوفتكيش……..حتى رقم تلفونك الجديد
مش معايا….. تصوري رقمك مش معايا…….”
سيطر عليها كبريائها فقالت…..
“ومش هدهولك دلوقتي……لحد ما يبقى في
حاجة بينا رسمي…….”
قال أحمد مستنكراً….. “وانتي مفكرة الحاجة الرسميه بينا هتكون دبله ورقم تلفونك……”
همست بخجل جميل…… “أحمد…….”
هتف بجدية شديدة……
“اسمعي انا عايز اتجوزك في اقرب وقت……يعني تلات شهور بظبط اظبط الشقة وتجوزك…..”
سالته بدهشة…… “شقة مامتك……”
اوما براسه قائلاً بهدوء وعيناه تسافر على ملامحها الجميلة…….
“مؤقتاً لحد ما جبلك حاجة تليق بيكي…هو انا ممكن اطول فترة الخطوبة شويه لحد ما جبها….بس انا مش عايز كده انا عايزك مراتي في اقرب وقت……..انتي اي رأيك……..”
اسبلت جفنيها وقالت بصوتٍ وديع…..
“اللي انت شايفه…مامتك طيبه وانا بحبها…وخالك كمان عسل وطيب أوي…….”
اخذ احمد نفساً طويلاً ثم قال معتذراً…..
“صدقيني انا نفسي اجبلك شقة لوحدك…ووعد مني اني هجبلك شقه في أحلى مكان بس الصبر…..
وبرضو انا بخيرك….. نتجوز كده وتصبري عليا…
ولا استنى شويه…..بس فترة الخطوبة هطول شويه……. ها قولتي إيه……..”
قالت مجدداً بصوتٍ وديع…. “موفقه يا أحمد……”
سألها بحيرة….. “موافقه على إيه بظبط……”
بللت شفتيها وهي تقول بصعوبة…
“اننا نتجوز في شقة مامتك مؤقتاً……”
أشرقت ملامحه مجدداً وزفر بارتياح قائلاً…
“ايوا كده…..افتحيها في وشي ربنا يفتحها عليكي..
المهم انتي توهتي الحوار……ونستيني اهم سؤال
انا مش بوحشك……”
نظرت لعيناه هائمة واعترفت…
“طبعاً بتوحشني…….”
لم يقدر على مقاومة نظراتها الهائمة به ولا صوتها الناعم المفعم بالاشتياق والحب نحوه لذا تقدم منها وجلس جوارها على الاريكة ومسك يدها بين يداه
هامساً بلهفة مفعمه بالشوق…. “بيبه……”
” أحمد…..مكه……. سمر ممكن تدخل…..”
حاولت سحب يدها وهي تنظر لمكه الجالسة
جوارها والمندمجة في أحد الدمى و تأكل كذلك
من الشوكلاته…… ثم نظرت الى الباب المفتوح امامهم والذي مؤكد ستدخل سمر منه في اي لحظة…..
لكنه لم يكن يبالي مثلها…كان جريئاً وقح…..
فقد مسك كفها الصغير ووضعه على صدغه
ثم حرك كفها قليلاً وطبع قبلتين داخله
وهو يهمس لها بمشاعر مفعمه بالعواطف
الجياشة….
“بحبك………..بحبك اوي يابيبه…….”
ذأبت عينيها وقلبها فهمست بضياع وهي تنظر لعيناه……
“وانا كمان بحبك اوي…….بس سيب ايدي يا أحمد…….وحياتي عندك……”
طبع قبله اخرى داخل كفها وهو يسألها
بخفوت… “خايفه من إيه ……”
“لا انا مش خايفه انا مرعوبه سيب ايدي
ونبي…….”قالتها وهي تسحب يدها بقوة……
فابتسم متمتماً بمكر….”طلعتي جبانه…..”
همست برقة…… “أحمد……..”
مالى بوجهه للناحية الاخرى قائلاً بعذاب…
“بلاش احمد دي بقا…….”
سالته ببراءة….. “ليه…….”
غمز لها بسفاله قائلاً…. “لم نتجوز هقولك ليه………”
نهضت فجأه قائلة بتوتر…. “انا لازم امشي……”
نهض هو الآخر قائلا بدهشة….
“تمشي………انا جاي مخصوص عشانك……”
قالت باضطراب…. “ماهو انا من بدري هنا….وكمان ابراهيم زمانه جاي….وانه يشوفنا سوا هيبقا…..”
قاطعها بجدية حاسمة……
“هيبقا إيه…..انا جاي اكلمه أصلا في موضوعنا…وقوله اني عايز اتقدملك رسمي…
يعني اهوه يمهد الموضوع لأهلك شويه…ويخدلي معاد منهم……”
اومات براسها وهي تقول بتوتر أكبر…
“فاهمه….بس برضو مينفعش يجي ويشوفنا مع بعض…….”
لم يرد الضغط عليها والالحاح أكثر في بقاءها
فقال بمكر وهو يمد يده لها….
“زي ما تحبي……….هتوحشيني…..”
نظرت لكفه الممتد بقلق وكانه سيبتلع يدها
وهتفت بارتياب….. “يا احمد بس…..”
ضحك بتلذذ من خوفها الاهوج وخجلها كذلك
وقال… “يابنتي هسلم عليكي هو انا هكلك……”
كيف تجرؤ على المقاومة امامه…..هي اكثر منه
تلهف وشوق إليه……وضعت يدها بيده
بتوجس……وعندما اتكأ على يدها قالت
بتلعثم…
“مش سلمت……. سبها بقا…..”
لم يحرر يدها بل ظل يتكأ عليها بوقاحة وهو
ينظر اليها……فشعرت بندم وهي تترجاه……
“أحمد……… وحياتي عندك سيب ايدي…..”
تحدث بصوتٍ أجش….
“هكلمك على المسنجر ابقي ردي……”
اومات براسها وهي تحاول سحب يدها…. “حاضر……..سيب ايدي بقا… ”
أبتسم على محاولتها الفاشلة في الفرار منه
فقال بحسم….. “هتردي عليا امتى……”
شحب وجهها وهي تقول بتوتر……
“بليل متاخر الساعة واحده……”
ترك يدها أخيراً قائلاً….. “هستناكي………. ”
“حرام عليك….قلبي هيقف منك……..”تنفست الصعداء وهي تخرج من الغرفة سريعاً بخطوات متعثرة اشبه بركض…….
حفر على شفتيه ابتسامة عميقة وغرز اصابعه في شعره الناعم وهو يتأوه داخله بتعب منها ومن قلبه المتيم بها…….
ولم تستمر اللحظات العاطفية كثيراً فقد ظهرت
سمر امامه في لحظة صائحة بضجر…….
“اي يارميو هتفضل سرحان كتير……”
نظر اليها مشدوهاً ثم قال بقرف…
“عايزه اي يافصيله…..”
نظرت اليه بقوة وقالت بفضول….
“ولا حاجة……عايزه اعرف بس اي اللي جد
بينكم……. ”
قال احمد بصوتٍ حالم…..
“رجعنا ياسمر….اخيراً…….ادعيلنا موضوعنا يتم
على خير………”
اشرق قلب سمر بسعادة لأجله فربتت على
كتفه داعيه بمحبة…..
“ربنا يسعدكم ياحبيبي…..ويفرح قلبكم…بس من امتى…. ”
…………………………………………………………….
بعد ساعة تقريباً دخل ابراهيم من باب الشقة محضر كالعادة للصغيرة وامها قطعتين من الشوكلاته مع بعض انواع من الفاكهة التي تطلبها سمر بسبب الوحم المستمر لديها !!…….
عندما ابصر أحمد يجلس في صالون البيت رحب به بحفاوة قائلاً…….
“أحمد !!….عاش من شافك….عامل إيه…..”
مد ابراهيم يده له فوضع الآخر كفه مسلماً عليه بفتور…….قائلاً بنفس الفتور الذي أحزن قلب سمر الواقفه جوار ابراهيم…..عالمه ان اخيها مزال
يحمل ابراهيم سبب بُعد حبيبة عنه…….
“الحمدلله…..انت اي اخبارك…”
اوما ابراهيم مبتسماً بهدوء وهو يجلس
على المقعد…
“انا تمام…….. قعد واقف ليه……..”
جلس أحمد على الاريكة وكذلك سمر اما مكه الصغيرة فظلت في أحضان والدها صامته….
تحدث ابراهيم بهدوء…..
“وامك عامله إيه وخالك……”
رد أحمد مختصراً…..
“الحمدلله كويسين ……”
ساله ابراهيم مجدداً… “يارب دايماً….. وانت بقا
تمام في شغلك……..”
لم يرد احمد فتح أحاديث عن تركه للعمل فهو بعد أيام سيتوظف في مكان آخر بوسطه من احد مهندسين الشركة القدامى……..
“كله تمام الحمدلله…….”ثم تنحنح قائلاً….
“كنت عايز اتكلم معاك في موضوع مـ……”
اوقفه ابراهيم قائلاً بخشونه وهو ينهض
واقفاً……..
“أجل اي موضيع دلوقتي…. دا معاد غدى نتغدى وبعدين نتكلم زي مانت عايز…….”
ثم نظر لسمر الجالسه جوار اخيها وقال
بمرح…..
“اي يام مكه…..هنفضل قعدين يلا حطلنا الغدى….
عشان يتغدى معانا ومتقلقيش هو سهران معانا النهاردة………عشان يلحق يقعد معاكي انتي
ومكه… ”
اعتذر أحمد قائلاً وهو ينهض…..
“مش هينفع يابراهيم الغدى دا خليه وقت تاني…
انا أصلا شويه ونازل……..”
عبس وجه ابراهيم قائلاً…..
“إزاي يعني نازل انت مش جاي تقعد مع اختك….”
لوت سمر شفتيها بحسرة قائلة ……
“يقعد معايا…..لا هو جاي للي يخصه…..وبعدين انا بقالي ساعه بتحايل عليه عشان ياكل لقمه مفيش
فايده…..اخره كان فنجان القهوة اللي قدامك ده وشكراً…… “اشارة سمر على فنجان القهوة الفارغ بوجوم…..
هز ابراهيم راسه سائلا احمد بخشونة…..
“انت بتعمل كده لي يابني…….هو دا مش بيت اختك
ولا إيه………ولا لسه شايل مني………”
اطرق احمد براسه ولم ينكر الأمر……تحدث
ابراهيم معاتباً اياه…
“جرالك إيه يالا…….هما الاخوات مش بيزعلو من بعض…..لم اشوف اخويا الصغير بيغلط وبيقل ادبه
وبيبجح فيا مش لازم اضربه وكسر عضمه كمان…
لحد ما يتعدل ويتصلح حالة ساعتها هكون انا
اول واحد فرحان بيه…..”
قال احمد باللهجة جامدة
“الموضوع عدى يابراهيم……”
هز ابراهيم راسه بحزم قائلاً وهو يضع يده على
كتف أحمد…….
“لا معداش….انت مبتدخلش لاختك بيت بسببي…دا غير كلامك معايا اللي من تحت الضرس….والغريبه
انك وقتها كنت غلطان من ساسك لراسك ومحملني انا لحد دلوقتي نتيجة غلطك………..مع انك لو حسبتها هتعرف ان المفروض انت اللي ترضيني
مش انا بس عمتا…..وعشان خاطر اللي بينا…..
حقك عليا ياسيدي…..”
نزلت دموع سمر تاثراً فمسحتها سريعاً وهي تجد زوجها يراضي اخيها الذي مزال ينعم بهذا الكبرياء اللعين، وتصلب الرأس ياخذ عليه جائزة عظمه !….
ثم نظر ابراهيم لها قائلاً…..
“حطلنا الاكل بقا…. انا جوعت….. وعشان احمد كمان ياكل معانا………هتاكل مش كده…..”
نظر لأحمد الذي قال بنبرة شبه مرحة….
“على حسب الاصناف اللي هتتحط قدامي……”
ضحك ابراهيم قائلاً…..
“دا هيتأمر علينا كمان…..”
إبتسمت سمر مع ضحكة زوجها وقالت
بحنان…
“على حظك عمله اصناف بتحبها…. دقايق والاكل يكون جاهز……….”قالتها سمر وخرجت من الغرفة بسرعة اوقعت قلب ابراهيم خوفاً عليها فلم يقاوم
رغبته في تحذيرها بقلق……
“على مهلك ياسمر مش كده…….”
استدارت سمر إليه بدهشة لتجده ينظر اليها
بقلق فابتسمت بتفهم قائلة…….
“متقلقش ياحبيبي انا كويسه……….”
ابتسم احمد واسبل عيناه مفكراً في أميرة الثلج التي
لم يسمع منها تلك الكلمة حتى الآن…..
بعد الطعام عاد ثلاثتهم الى الصالون وقد نزلت
مكه الصغيرة هي والقطه الى جدتها بالاسفل….اما سمر فشاركتهم الجلسة بعد ان احضرت اكواب الشاي….
“خير بقا….اي الموضوع المهم اللي كنت عايزني فيه……”
اسبل أحمد عيناه لبرهة ثم رفعها على ابراهيم
وسمر الجالسة جواره قائلاً بتريث…..
“انا كنت عايز اتقدم لحبيبة………”
بعضاً من بوادر الدهشة احتلت ملامح ابراهيم الذي
نظر لسمر بصمت فبادلته الصمت بابتسامة هادئة
تحمل ثقه كبيرة في قرار اخيها المفاجئ…..الذي يشكك ابراهيم في مصدقيته حتى الآن……
تحدث أحمد مجدداً بحسم……
“انا بقولك عشان تكون على علم قبل ما عمل اي حاجة….. وفي نفس الوقت تاخدلي معاد من
ابوها عشان اجاي أتقدم……”
ساله ابراهيم مجدداً بريبه…
“انت بجد عايز تتجوزها…….”
بهت وجه أحمد وقال بجدية اكبر…..
“الموضوع مفهوش هزار…..انت مش موافق
ولا إيه…….”
نظر له ابراهيم ووضح الامر برزانه…
“إيه اللي هيخليني مش موافق…زمان كنت رافض لسبب واحد ان كان حالك معوج ومفيش حد عاقل يرضا بالحال ده…….اما دلوقتي الوضع يختلف….واذا
كنت شاري و داخل البيت من بابه انا أول واحد
هقف معاك………”
عادت الحياة لوجه أحمد….. وتساءل بعدم
تصديق…. “بجد يابراهيم…..انت موافق…. ”
اردفت سمر بتوبيخ له ودموع الفرحة معلقه
في حدقتيها …..
“جرالك اي يا أحمد…..انت ليه محسسني ان ابراهيم زمان هو اللي كان واقف قصاد سعادتكم…..انا وانت عارفين ان زمان يختلف عن دلوقتي ولا إيه……”
هز أحمد راسه بنفي وركز على قرار إبراهيم
مجدداً……
“انسي زمان وخلينا في دلوقتي….انت موافق
صح…….”
اوما إبراهيم براسه قائلاً بلؤم الثعابين……
“اكيد…. وبرضو اهم حاجة موافقة العروسة…….”
صاح أحمد سريعاً بثقه…. “طبعاً حبيبة موافقه……”
رفع ابراهيم حاجبيه متشدقاً….
“الله……. دانتوا اتكلمتوا بقا…..”
“وقعك يافالح…….”هتفت بها سمر ثم نظرت
لزوجها مندهشة من هذا المكر وعقبت……
“اه منك يابن راضي……….والله ما سالك…..”
عبس وجه ابراهيم فاوقفها بخشونة….
“استني بس ام نشوف الاستاذ بيكلمها من امتى…”
قال أحمد باستهانه….
“مش دا المهم……..المهم اني عايز اقبل ابوها في
اقرب وقت……..”
رفع ابراهيم حاجبه بتعجب…..
“دا انت مستعجل بقا……..”
هتف أحمد بجدية….
“اكيد مش كفايه اللي فات……..”
نظر له ابراهيم باعين ثاقبه وأردف بنظرة
واقعيه….
“اللي فات…. فات بسببك……ولي جاي هيرجع بسببك….. الراجل…….. الراجل يا أحمد هو اللي يقدر يتحكم في عقارب الساعة مش هي اللي تتحكم فيه……. ”
اوما أحمد براسه بتفهم وقال
بلهفة
“فهمت…….هترد عليا امتى….”
قال إبراهيم مختصراً….
“اول ما كلم عمي حامد هرد عليك……….”
ثم نظر لزوجته قائلاً……
“هاتي فاكهة من جوا وحطيها قدام اخوكي…..”
استأذن أحمد قائلاً ….
“لا كفايه كده انا همشي…..”
منعه إبراهيم باصرار قائلاً…..
“تمشي فين خليك مكانك….احنا سهرانين مع بعض النهارده…..انا هرن عليهم تحت يطلعوا مكه عشان تقعد معاها…….”ثم مالى على زوجته هامساً
بمزاح……”حبستهولك اهوه مبسوطه…….”
اهدته سمر أجمل ابتسامة وهي تقول
بامتنان….
“اخر انبساط……….ربنا يخليك ليا……”
واكتملت السهرة حتى اخر الليل….ومن خلال تلك السهرة الطويلة هدأت النفوس قليلاً وكما يقال
عادت المياة لمجاريها……
…………………………………………………………….
رسالة على المسنجر محتواها نداء يحمل لهفة الحبيب……(بيبه…….)
اتى ردها سريعاً وكانها كانت بانتظاره…….
(اتاخرت أوي عليا…….)
خفق قلبه وهو يرسلها معتذراً…..
(حقك عليا ياصغنن…..إبراهيم وسمر مسكوا فيا ومسبونيش غير من شوية….انا لسه داخل البيت والله……..)
ارسلت حبيبة بتردد…..(كلمت إبراهيم…….)
ارسل بمكر……(كلمته ورفض….هنعمل إيه……)
أرسلت سريعاً بحزن….(بجد رفض يا أحمد……..)
اجاب الماكر مجدداً…..
(ايوا رفض هنعمل إيه يابيبه……..)
قالت بتردد مقترحه…
(مش عارفه انا ممكن اتكلم معاه……)
لوى شفتيه وأرسل بسماجة…..
(تتكلمي معاه….انتي جبانه أصلا….ولا ناسيه
ساعة ممسكت ايدك وشك جاب ألوان إزاي……)
ارسلت بانفعال بريء….
(مانت قليل الأدب………وبتعمل حاجات متنفعش….)
أرسل بغيظٍ منها……
(هي كل حاجة عندك متنفعش…….والله بكره لما يتقفل علينا باب واحد هكلك بسناني……)
ارسلت حبيبة سائلة ببراءة….
(هتاكلني بسنانك……مش فاهمه يعني هتضربني….)
(حاجة زي كده…….)
ارسلت بغضب ممزوج
بالخجل…..
(اتلم لو سمحت…….)
ضحك وهو يلحقها قبل ان تضعه على
الحظر كالعادة…..(يابت في الحلال……. افهمي……)
ارسلت إليه سريعاً……
(بقولك إيه بطل قلة آدب ورد عليا……إبراهيم
وافق ولا لا……..)
أرسل مختصراً…..
(ماقولتك وافق وهيفاتح ابوكي في الموضوع…)
ستجن انه يشككها في نفسها……عادت لرده السابق للتأكد من صحة عقلها……ثم ارسلت إليه بغيظٍ….
(انت قولتلي كده ياكداب…ابعتلك اسكرينا بردك
في الأول…….)
ارسل بزهوٍ……..
(مش محتاج اسكرينا…..ان شايف انا بعت إيه…..)
ارسلت ببراءة……(بجد وافق…….)
أرسل أحمد بخبثٍ خفي……
(وافق وقريب أوي……..هتبقي المدام…….وهطلع عليكي مرمطت السنين…….)
ارسلت حبيبة بريبه…..(بلاش تخوفني منك……..)
ضحك عليها وأرسل….(بذمتك احمد بيخوف…….)
ارسلت له قائلة…….(احمد بيرعب بس…….)
اتى رده الحار بحب…….(احمد بيحبك…..)
(واي كمان…..)ارسلتها مبتسمة ببلاها فهي اشتاقت لهذا الدلال معه اشتاقت لروحها وقلبها معه…اشتاقت لحبيبة المدلله من حبيبها الشقي…….
ارسل أحمد……(وبيعشقك……)
(مم…)
ارسل بعبث….
(و…ولا بلاش لحسان تقولي عليا قليل الأدب…..)
ضحكت وهي تتجرأ وترسل صوتها عبر رسالة صوتيه…….(نلم لسانه شويه لحد ما تبقى جوزي…..)
أرسل احمد باللهفة…..
(إيه قولتي إيه……..اسمعها تاني……)
سجلت مجدداً بصوتٍ خافت خجول…..
(بقولك نلم نفساً شويه لحد ما تبقى جوزي….)
ارسل هو الاخر رسالة صوتيه قائلاً…..
(وحشني صوتك يابيبه……بموت فيكي يابطتي…….)
ارسلت بدلال…..(أحمد…..)
أجاب دلالها بغزل…….(ياروح أحمد……)
ارسلت ضاحكة…..(بطل بقا…….كفايه محن…….)
أرسل رسالة صوتية وقلد صوتها قائلاً….
(محن ؟!….هو مين اللي بيقول احمااااااااد..)
ارسلت مغتاظة منه….(انا مبقولش كده يارخم……)
ارسل لها بمكر……
(بتقولي كده…..طب ابعتي فويس وانتي بتنادي
عليا كده…..)
ارسلت بحنق…….(هبعتلك عشان تصدق بس…..)
اثناء التسجيل أرسل اليها بشقاوة…..
(بيبه ماتجيبي بوسه…….)
ففي اللحظة التالية هتفت اسمه دون انتباه..
بصوتٍ ناعم مصدوم…..
(أحمد……)
عندما وصلت اليه الرسالة الصوتية سمعها
فضحك بزهو…… وأرسل بمناكفة…….
(المحن ليه ناسه فعلاً…….)
ارسلت بصيحة طفوليه….
(اتلم…..انت رخم وقليل الأدب…….)
(متبقيش غشيمه…….ان بنكشك بس……ولان
الحلال أجمل فسانتظر يابيبه……..)ارسل لها
وجه حزين متأثراً…..
فضحكت حبيبة دون صوت وأرسلت…….
(الله عليك…….طول مانت محترم كده هحبك…….قولي صحيح انت كنت سهران..)
رد بهدوء في رسالة…..
(مع ناس صحابي….عرفتي منين سمر لحقت قالتلك……)
ارسلت بإختصار…..(لا انا سمعت المكالمة……)
اخرج تنهيدة طويلة وهو يرسل
ببساطه…(مم……المايك معاكي اي استفسارات…….)
لم تفوت الفرصة سألت سريعاً….
(كان معاكوا بنات……..)
أجاب……(لا……)
مجدداً قادتها الغيرة وارسلت باستفسار…
(اتكلمتوا على بنات…..)
رد مختصراً بغلاظة…..
(اكيد بس برا عني مش تبعي….قعدت مستمع
شوفتي انا شاطر إزاي……..)
(بتتريق !!…….)
ارسل معاتباً…….
(مانتي اللي اسالتك غريبه برضو…مش واثقه فيا
ولا إيه……)
ارسلت سريعاً……(بصراحه آآه……)
ارسل وجهاً مصدوم…….
(دا اي الرد المبالغ فيه ده…..مش نفكر ياماما قبل ما نرد…..كسرتي قلبي……)
حاولت ارضائه فارسلت. (سلامة قلبك ياحبيبي……)
خفق قلبه خفقة رغم قوتها إلا انها تحمل شعوراً
دافئاً متناغماً………فارسل بمزاح…..
(حبيبي ؟!.. لا اكسري قلبي كل يوم ياحبيبة ميهمكيش……)
أرسلت ضاحكة…..(طبعاً مقدرش……)
رد ساخراً……(ااه طبعاً انتي هتقوليلي…..)
ارسلت بعتاب…..(بطل تريقه……..)
أرسل أحمد بجذلاً…….
(وحشني الرغي معاكي حاسس اني عايز اقولك كلام كتير اوي…….. احكي عن كل حاجة حصلت معايا ومكنتيش معايا فيها…….)
أرسلت هي ايضا لكن بحزن…..
(وانا أوي…….. عايزه احيلك عن حاجات كتير
كان نفسي تكوني معايا فيها……..)
ارسل بحب يجتاحه الإشتياق……
(انا معاكي دلوقتي احكي انا عايز اسمعك وعايزك تسمعيني……و معنديش مشكله خالص انام بعد ما الشمس تطلع زي زمان………)
اخرجت تنهيدة موجعه وارسلت……
(ولا انا يا أحمد……)
استمر الحديث طويلاً في أشياء عديدة حدثت في سنوات البُعد…..وكأنهما لم يفترقا يوماً فقد باح
الإثنين عن الكثير والكثير عن حياتهما في تلك
الفترة……
وطال الحديث مع عناق القلوب ولهفة المشاعر
ولمعة العيون وقد عودت انا وانتَ بعد الفراق ويومها علمت اني لم افارقك يوماً فكُنت معي
وكنت معك تنتظرني وانتظرك والعهد بيننا
ظل وثاق لا يقطع ؟!……….
………………………………………………………….
استيقظ من النوم على أذان الظهر تقريباً……وبعد
ان نظر في الهاتف نهض بتكاسل عن الفراش داخلا الحمام… انتبه ان لا يوجد احد في الشقة…. وعندما خرج من الحمام جفف وجهه بالمنشفة
واجرى اتصال بخاله عارف…….
“انت فين ياخالي وزوز فين……..” جلس احمد على المقعد مستمع لعارف من الناحية الاخرى…….
“عند مين…… آآه عرفها……. خلاص اصلي صحيت ملقتش حد فيكم……. تمام ياخالي هعدي عليك في القهوة تحت عشان عايز احكيلك على حاجة
مهمه….. ماشي هاكل لقمه وانزلك…… ”
بدأ في تبديل ملابسه بطاقم كاجول أنيق يلائم سنه…… ثم مشط شعره وبدأ يعد لنفسه فطور سريع
وعندما كان يطهو البيض رن جرس الباب بقوة…
فرفع راسه عن الإناء بفزع وعقد حاجبيه بحنق
وهو يغلق الموقد ويتجه للباب……صائحاً بانزعاج
“مابرااااااحه ياعم في إيه…….”
عندما فتح أحمد الباب وجد يوسف يقف امامه بوجهاً حجري ولحية غير حليقه بينما عيناه حمراء كالدماء وشعره مبعثر وملابسه وهيئته غير مرتبه ومريبه في نفس الوقت وكانه كان يبيت في الشارع تلك الأيام التي اختفى بها…..
تحدث أحمد بقلق وهو ينظر الى هذا التغير الجذري
الذي كان بمثابة لطمه قوية له….
“مالك يابني……. اي اللي انت عمله في نفسك ده… وبعدين مختفي فين الفتره دي تلفونك مقفول حتى مفيش حد من اهلك يعرف انت فين……يوسف
رد عليا…. ”
هتف أحمد بقلق أكبر وهو يمسك ذراعه يدعوه للدخول لكن الذي لم يكن صادم لأحمد الكمه
الذي تلقاها في وجهه جعلته يتراجع للخلف ولحق
يوسف به واغلق الباب بقوة……..
حك احمد في فكه ونظر له وهو يصيح
بغضب……
“اي الغشوميه دي…..خلينا نتكلم الاول افهم……”
تقدم منه يوسف وصاح بضراوة عنيفه……
“افهم إيه….ها افهم إيه…..افهم انك خنتني مع
البنت اللي بحبها ولي كنت ناوي اتجوزها…..افهم إيه…احلوت في عينك مسافة ماقولتلك اني عايز اتجوزها……”
فارت الدماء في عروق أحمد فمسكه من ياقة
قميصه وقربه منه مزمجراً بغيرة…….
“حبيبة متخصكش يايوسف…ومتكلمش عنها كده….
دي هتبقا مراتي…….”
صرخ يوسف بمنتهى الانفعال والغضب……
“على جثتي…… مش شويه جربيع زيكم يلعبوا
بيا انا…….”
لكمه احمد هادراً بشراسة وهو يدفعه في الحائط بعدها عدت مرات……
“حط لسانك جوا بوقك يايوسف…….بلاش هلفطه في الكلام أفهم……..أفهم……….انا مش عايز اخسرك….”
تلونت نظرة يوسف بالعداء وصاح بقسوة…
“انت فعلاً خسرتني….خسرتني لم حطيت ايدك
على حاجة تخصني……..”
صاح أحمد موضحاً بتشنج…..
“متخصكش…..متخصكش…..احنا كنا مع بعض
من زمان……….انا مخدتهاش منك…..احنا كنا مع بعض……أقسم بالله كنا مع بعض من زمان ومتفقين على الجواز…….لولا المشاكل اللي حصلت بينا…خلتنا نسيب بعض فترة ورجعنا من قريب……”
التوى شفتي يوسف بضحكة ساخرة
وقال…
“وانا كنت سبب الرجوع ده لما طلبت ايديها…
وعرفتك نيتي من ناحيتها…. ”
تغاضى أحمد عن تلك الضحكة الكريهة وأكد
باللهجة جامدة…….
“دا اللي حصل انا مرجعتلهاش غير لما حسيت انها ممكن تضيع من ايدي….سواء انت او غيرك حبيبة مينفعش تكون لحد غيري……..”
تحدث يوسف باللهجة بذيئة…..
“الكلام ده تضحك بيه على عيل صغير…..الغريبة
ان الهانم رسمه عليا دور الشريفه وهي مقضياها معاك……لا وايه ا…. ”
لم يستطع المتابعة فقد لكمه أحمد أسفل عيناه ثم ركل معدته بركبته فوقع يوسف أرضا متاوهاً….
صاح أحمد وهو ينقض عليه بلكمات قائلاً….
“قولتلك حط لسانك جوا بوقك…… اللي بتكلم عنها دي هتبقا مراتي ياغبي……وهي اشرف من الشرف
ولي بيقضوها دول انا وانت عارفين مكانهم كويس…
اوي ممتتقرنش بيهم……..سامع……”
احمرت عينا يوسف من شدة الانفعال وقال
بتوعد أسود……
“اقسم بالله لندمك يا احمد…..انت نسيت نفسك يالا…نسيت لولاي انا مكنتش اشتغلت في شركة زي شركة توفيق الشامي…مكنتش ركبت عربية محدش من اهلك ركبها….. لولاي انا مكنتش هتبقا المهندس أحمد……لولاي…..”
انتفض وجه احمد مشدوهاً وقد شعر بوخزه مؤلمة في قلبه لم يتوقع يوماً ان يخرج هذا الكلام على لسان يوسف…..ربما يتوقع الاسوء من اي شخصاً إلا
هو فالطالما كان النقيض له…ورغم هذا كان يحب صحبته ويتمنى ان يكون مثله مستقيم الطباع
سوي المعاملة متسامح متفهم….خالي قلبه من
اي شوائب………
نهض أحمد واقفاً ونظر له واردف بنبرة جافة تخفي مرارة الخزي…….
“لولاك لولاك إزاي !!…..انت اللي صرفت عليا ولا تكونش انت اللي طلع عينك في سنين المذكرة
وسهر على الكتب…تكونش انت اللي حلمت
وحققت الحلم…..
شغلي عند أبوك كانت حركة جدعنه منك بس انا اشتغلت واتعبت في مكاني…..أبوك مكنش بيديني صدقه دا مرتبي كان حقي ويمكن اقل كمان من حقي….والعربية اللي محدش من اهلي ركبها……
برضو جبتها من شغلي وتعبي فيه…..انت مكنتش بتجبي عليا ياصاحبي…… وعشان منساش نفسي زي ما بتقول….انا سبتلك الشغل باللي فيه…..أشبع يابيه بشركة ابوك……. وحبيبة برضو خط احمر….سامع خط احمر يايوسف…… ”
نهض يوسف ثائراً وعاد ولكم أحمد بقوة قائلاً
بتوعد………
“لو مفكر انها خلصت كده تبقا غلطان……دي هتبدأ وحقي مش هسيبه يا أحمد…..”خرج سريعاً بعد تلك
الجملة……
فبصق أحمد الدماء من فمه ونظر للباب الذي اغلقه يوسف خلفه بقوة…..فازداد نشيج صدره غضباً والتوى فكه بقسوة وشعر بتشنج رهيب في جسده وهاجت الدماء في عروقه واختلج ولم يدرك لماذا لحق به سريعاً……لحق بها وهو بداخله شحنة هائلة من الغضب يريد ان يفجرها فوق رأسه…….
لحق به أحمد بسيارته البيضاء وانطلق بها خلفه
وقد بلغت سيارة يوسف السرعة القصوى على الطريق السريع فصاح أحمد رغم غضبه منه…..
“هتتقلب ياغبي…….هتتقلب…….”
شدد على سرعته هو أيضا كي يلحق به ويوازن تلك السرعة الرهيبه ولكن في اللحظة التالية والتي اتت اسرع مما توقع انقلبت سيارة يوسف امام عيناه عدت مرات مما جعله يسحب الفرامل سريعاً لتقف سيارته بقوة مفاجئة صادرة خلفها صوتٍ عالٍ
يشاركه صوت اصطدام سيارة يوسف في أحد جوانب الطريق……..وكل شيءٍ حدث في لحظة
وكانت اللحظة الاصعب على الإطلاق فقد شل تماماً وصعقت عيناه وهو يجلس مكانه كالاموات جسد خالي من الروح من الشعور كل شيءٍ توقف امامه
إلا صورة الحادثة ، صورة انقلاب سيارة صديقه
امام عينيه المصعوقة من هول الصدمة…..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى