روايات

رواية غمرة عشقك الفصل السابع والأربعون 47 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل السابع والأربعون 47 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء السابع والأربعون

رواية غمرة عشقك البارت السابع والأربعون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة السابعة والأربعون

ضجيج زحام أصوات متداخلة دقائق تمر باللون الاسود امام عيناه……لا يرى شيءٍ ولا يفقه شيءٍ غير صورة الحادث انقلاب السيارة…… حادثة يوسف وشجارهم الذي دفع صديقه للانتحار…..هو سبب
هو من قتله…..كيف باع صداقتهم وقسى عليه بهذا
الشكل………الجحيم يشعر بنيران تحرق صدره وقلبه
وبعدها تتغذى على ما تبقى منه…….ارتعاب…. اختناق ضياع…… خوف….. عذاب الضمير………والحادثة……
كل من بالمشفى نهض مفزوع بعد رؤية شابٍ يدخل عليهم مرتاع الملامح شاحب الوجه بمقلتين حمراوين كالدماء……. يحمل على ذراعه شاب غارق في الدماء
ولا تعرف اي مكان به مصاب مسبب كل هذا النزيف
الغزير…
أسرع الجميع باخذ المصاب من على ذراع احمد
ووضعه على السرير المتحرك امام عينا احمد
الغائرة……اتجهت اليه احد الممرضات قائلة
بخوف بعد ان رأت كفيه ينزفا الدماء……
“إيدك مجروحه دي لازملها خياطه…..”قالتها وهي تتفحص الجرح العميق في كفيه فنظر أحمد لكفيه
متذكر انه جرح يداه حينما كان يحاول فتح الباب واخراج يوسف وقتها قبل ان تنفجر السيارة به….
وبالفعل كما توقع عندما وضع يوسف في سيارته انفجرت السيارة على الجهة الأخرى وان كان تأخر
دقيقة أخرى او لم يتصرف بدهاء وسط كل تلك الصدمات لكان ندمه الان أشد واصعب……..
تحدث أحمد بصعوبة وهو ينظر للممر الذي دخل
منه يوسف مع الأطباء……
“انا كويس………ممكن تطمنيني عليه…….”
اومات الممرضة قائلة بقلق وهي تنظر للجرح
الذي يسيل منه الدماء ببطء….فاخرجت ضمادة
طبيه من جيب المعطف الأبيض ولفتها على
كفي أحمد كي تكتم النزيف…….
“شويه وهنطمنك عليه……. بس لازم نعمل خياطه للجرح ده…..دي ايدك الإتنين……”
“مش عايز…..انا هستنا هنا……..”قالها أحمد وهو
يضم كفيه على الضمادة متحمل اوجاعه
فهناك جروح اقوى واعمق داخله يحاول نسيانها
قليلاً….قليلاً فقط حتى يطمئن على صديقه….
اتجه لأحد الزوايا وسند على الحائط…. وعيناه
معلقة على غرفة الطوارئ بانتظار خروجه بقلبٍ متألم وضمير متعذب….
مرت ساعتين ولم يخرج احد من الغرفة فقط خرجوا منذ ساعة حتى يسلموا في يداه أغراض يوسف
الهاتف المفاتيح المحفظة الشخصية…….صدح هاتف يوسف في تلك الاوقات فنظر به احمد ليجد اسم
نور ينير الشاشة…..حاول تجاهل الاتصال لدقائق
معدودة ظناً منه انها ستمل لكنها كانت تزيد اصراراً مما جعله يفتح الخط….فسمع صوت نور المعاتب..
(في اي ياچوو…….كل ده عشان ترد عليا……)
رد احمد بكبت……
“انا احمد يانور……”
وقع قلبها على الناحية الأخرى فقالت بالهلع….
(أحمد !! امال فين يوسف…….لي سايب تلفونه معاك………)
لم يجد مفر من اخبارها يجب ان تكون جوار
اخيها هي ووالديها……
“نور……..احنا…. احنا في المستشفى يوسف عمل حادثة…”
هتفت بتلعثم وقد هزتها الصدمة….(حادثة….اخويا…..فين وازاي……)
تحدث أحمد يطمئنها بصعوبة…
“نور اهدي هو كويس……”
قالت بنفي وبدات تبكي قائلة…..
(لا مش كويسه….باين على صوتك….قولي اسم المستشفى…….لو سمحت يا أحمد……)
اخبرها بخفوت…. “حاضر…مستشفى..(***)……”
خرج الطبيب من غرفة العمليات فاتى عليه
أحمد بسرعة قائلاً باللهفة……
“يوسف عامل اي يادكتور….طمني عليه…….”
تحدث الطبيب بهدوء….
“الحمدلله شوية كسور في رجله الشمال ودراعه اليمين…….”
انعقد حاجبي أحمد سائلاً وهو يشير على
قميصه الملطخ بدماء….
“كسور إزاي ودم اللي مغرق هدومي ده……”
تحدث الطبيب بهدوء موضحاً……
“عنده بعض الجروح في ضهره وصدره هنخيط كل ده……قولتك انه الحمدلله احسن من غيره احنا عملنا فحص شامل على المخ والجسم والحمدلله سليم ميه في الميه هي مجرد كسور مش اكتر …العائق دلوقتي ان فصيلة دمه O ودي فصيلة نادرة واخر كيس دم منه متعلق في دراعه…….”
هتف احمد سريعاً دون تفكير…..
“سهله ان هتبرعله………دي نفس فصيلة دمي…..”
نظر له الطبيب وقال مقترحاً…..
(يبقا تمام اوي…… هنعمل بس تحليل ونتاكد ان مفيش اي مرض عدوي ونشوف……..)
اوما أحمد براسه وهو يدخل احد الغرف ليجري فحص طبي……..
بعد ان تبرع له بكمية اكثر من المستحقّ من الشخص
الطبيعي جلس على المقعد وهو يشعر بدوار وثقل جفنيه وكانه قارب على الاغماء….. تماسك بالقدر الكافي وهو يجلس على نفس المقعد بانتظاره
مجدداً……
لكن اخترق حرب الانتظار والصمت المعذب خطوات وضجيج قادم عليه رفع عيناه البنيه بصعوبة ليجد
نور ووالديها وكرم قادمين عليه……..
أول من شعر انها ليس على ما يرام كان كرم… الذي اقترب منه بقلق وهو ينظر لضمادة الملفوفة على كفيه الإثنين والتي أصبحت باللون الدماء…….
“أحمد انت كويس…….”
اوما له احمد بصعوبة…..فقال كرم بقلق وهو
ينظر لغرفة العمليات…..
“فين يوسف يا أحمد…. هو لسه جوا……”
اكتفى بايماءة مجهدة فقال توفيق برعب والقلق يفترس ملامحه الوقورة…..
“اي اللي حصل يا احمد…… وازاي حصلت الحدثة دي……”
انفجرت نور باكية كالاطفال وهي تترجى
والدها….
“انا لازم ادخله انا عايزه اشوف يوسف يابابا…..”
صاحت والدة نور بحرقه أكبر……وكانت أمرأه أنيقه
ارستقراطية الملامح ولكنها تحمل نفس سيمات توفيق الطيبة في حب اولادها وحب الخير للجميع……..
“اعمل حاجة ياتوفيق انا عايزه اشوف ابني…
عايزه اطمن عليه…….”
“اهدوا انا هروح للدكتور……” اتجه توفيق خطوتين
فشعر ان قدمه لا تحمله فكاد ان يسقط لولا يدي
كرم الحريصة التي ساندته في اخر لحظة
هاتفاً بخوف……..
“توفيق بيه…. انت كويس……”
نظر له توفيق بعجز…..فمزال خبر الحادثة
لا يستوعبه حتى الآن…هتف بصعوبة…..
“انا مش قادر اقف ياكرم……… مش قادر……”
سنده كرم وخطى باتجاه المقاعد المرصوصه
وقال بتفهم…….
“قعد على الكرسي ده وانا هعمل لحضرتك اللي
انت عايزه………”
تحدث توفيق بعجز والحزن الدفين يطل
من عيناه وصوته……
“طمني على ابني ياكرم…… طمني عليه……”
اوما كرم وهو يجلسه برفق…..
“حاضر…. حاضر والله…. بس قعد ارتاح……”
في تلك الاوقات خرج طاقم الأطباء فاتجه اليهم كرم وأحمد الذي يقف على قدميه باعجوبة…..اوقف احمد
احدهم سائلاً…….
“طمني يادكتور…….. يوسف عامل إيه…..”
تحدث الطبيب بعملية يبث الطمأنينة بهم….
“الحمدلله كويس……. شويه كده ويفوق من البنج
وتتكلموا معاه كمان……الحمدلله جات سليمه… الف سلامه عليه……” ربت الطبيب على كتف احمد وابتعد……..
رفع توفيق عيناه للأعلى بحمد وفعلت والدة نور
مع سيل من الدموع الجاريه على وجنتيها….. اما
نور فسندت على الحائط وهي تتابع وصلة
البكاء المرير التي تعذب قلب كرم…. الذي
تحرك سريعاً لها قائلاً بخفوت يطمئنها…….
“نور عشان خاطري كفايه عياط…. الدكتور طمنى….”
سالته بعينان برايئتان حزينتان شاردتان..
“هو كويس ياكرم…..يعني هيفوق وهيرجع معانا البيت……”
اوما لها متعجب حالة الضياع وشحوب
وجهها الغريب مع شفتيها الزرقاء واحمرار قوي في عينيها التائها كلها علامات لا تبشر بالخير بل تنذر بالخطر….. ومع ذلك رد عليها بتمهل والقلق يجتاح عيناه ونبرته……
“ايوا يانور…….مسمعتيش كلام الدكتور…….”
قالت بشفتي زرقاء ترتجف بقوة……
“لا انا مش سامعه حاجة…….ولا شايفه حاجة…”
وبعد تلك الجمل المتقاطعة وقعت أرضاً من شدة الصدمة والخوف……….فزع والديها عليها….وكذلك كرم الذي أرتج قلبه وجسده ومالى عليها سريعاً
حاملها على ذراعيه تريح راسها على صدره النابض بالخوف وقد اقتربت منه الممرضة سريعاً واشارت
له على أحد الغرف لفحصها……
…………………………………………………………….
كان والديها في حالة تشتت كلي مما جعلهما يعطوا
التركيز الاكبر ليوسف المصاب بعد الاطمئنان عليها بانها أصابه بحالة اغماء بسبب إنخفاض ضغطها وانها ستفيق منها بعد دقائق……
وفي تلك اللحظة انتقل يوسف لغرفة عادية ومزال تحت تاثير البنج بعد إجراء العملية الجراحية…
وبعد أيضاً تجبير ذراعه اليمنى وساقه اليسرى…..
اتخذ كرم مقعداً جوار فراشها بقلب الغرفة الفارغه
من الجميع باستثناءه هو وهي….
ظل يتأملها قليلاً يعينين حزينتان…..نومها على الفراش بهذا الشكل وسكونها يتعب قلبه…..احبها
شقيه مجنونة عفوية….أحب عنفوانها حركاتها
ضحكاتها ركضها…….حديثها الجريء والبراءة المتناقضة معه…….انها اميرته الاسطورية….تلك
الاميرة البعيدة التي لا ينالها إلا أمير وتكن
هي الجائزة الكبرى له……..
تلك الأميرة وكلته بمهمة صعبة جداً وهي ان يكون اميرها…..يراها صعبه لانه لأول مرة يلعب دور الأمير
في حياة احدهم وان كانت هي…….فالامر يتطلب سعي كبير وجهد اكبر من المستحقّ…….فببساطه
لانها تستحق كل ماهو افضل وأجمل…ببساطه لانها
جعلته يلامس حلم خيالي على أرض الواقع
بفضل حبها له…..
فيجب ان يشكر هذا القلب لانهُ احبه هو دون غيره…….
مالى عليها قليلاً وهمس بالقرب من اذنيها بحنان…
“نور…..حبيبتي……..قومي يانور…..مش حابب
اشوفك كده……عشان خاطري……”
لم يجد استجابة ولا حركة واحده تدل على انها سمعت حديثه……فقال مجدداً برفق…..
“يوسف كويس والله نقلوا اوضه عادية وشويه وهيفوق….. الدكتور طمنى…. هو كويس يانور…
أحمد لحقه……الحمدلله……”
رآها بها بدأت تتحرك فابتسم بارتياح
هامساً بتنهيدة حارة……..
“قومي يانوري……..نوري دنيتي……”
فتحت نور جفنيها بصعوبة ونظرة اليه ولم يكن لديها رغبة في التحدث مجرد سماع خبر ان يوسف بخير أراح قلبها وبمجرد رؤية كرم جوارها أراح هواجس
عقلها وصوته كان بمثابة مسكن للألم رأسها……
وجدته يمسك كفها ويحتويه بين يداه بحنان وحب بينما عيناه تعانق عينيها الحزينة بشوق… اما الكلمات
فوجدت طريقها على لسانه امام عيناها الجميلة….
“الحمدلله انك كويسه….. انا كنت هموت من القلق عليكي…….”
لم ترد عليه بل رمشت بعينيها عدت مرات بامتنان للوجوده معها…… ولم تسحب يدها من بين يداه
بل كانت تاركه لمشاعرها المهشمة حرية الشعور بهذا القرب….. فهي حتى الآن لا تعرف تفاصيل المقابلة التي تمت بينهما…. ولكنها مثله توقعت الاسوء بعد حديث والدها المريب في المكتب……
اتى صوته مجدداً بحسم رغم ذبذبات التردد
الواضحه عليه…..
“نور……… في حاجة جوايا مش قادر امنع نفسي عنها……….. عايزك تعرفيها دلوقتي……”
اومات براسها بصمت دون حديث كي يتابع…..
فمسك كف يدها ووضعه على صدره ثم وضع كفه عليه ونظر لعينيها بقوة تحمل طوفان من المشاعر الدافئة الجميلة التي تختبرها قلوبهما لأول
مرة……..
“انا…. انا بحبك يانور…. بحبك من أول يوم شوفتك فيه….. بحبك وكنت عارف انك طريق صعب
وطويل ونسبة وصولي ليه ميئوس منها….بحبك من
زمان اوي وكتفيت بحبك في قلبي….. لحد ما حسيت انك كمان بتحبيني ساعتها خوفت نقرب فنضيع من بعض والحب ده يبقى وصمة عار وندم بينا……… فبعدت عنك وقولت اني مش بحبك… مع
اني وقتها كنت بشكر اي صدفه بتجمعني بيكي عشان بس اشوفك واسمع صوتك…….
هربت منك ومن حبك كتير لحد ما حسيت اني
مش قادر ابعد اكتر من كده عنك…..حسيت وتاكدت مع الوقت اني ولا حاجة من غير حبك و وجودك جمبي……..”
انسابت الدموع من عينيها مع كل جملة تخرج منه تحمل مشاعر صادقة تلامس قلبها ببساطه وينهار المحب لأجل الحبيب وتقديسه للحب……..
انعقد حاجبي كرم سائلاً بقلبٍ يخفق بصخب
يشاركه جمال اعترافه وشعور دافئ ومريح من السكينة اختلج صدره بعد اعترافه بالحب الذي يجيش به داخله….. وكان البوح الان أشبه بحمل
ثقيل هبط من فوق قلبه المجهد من سنين….
غريبة المشاعر….وشعورها يختلف من شخص لأخر
فهي كانت عكسه تماماً تبكي فقط مع ابتسامة رائعة متسعه بجمالاً خلق لها وحدها….ام وجهها فترى فيه
خطوط الحياة مجدداً تعود مع بريق عينيها المشع نحوه وقد زحفت الحمرة لشفتيها ووجنتيها…..
فعقب مبتسماً بمشاكسة لذيذة بعد ان رأى صورة حية للوحة فنية تعود الوانها الزاهية تدريجياً لها بعدما أشرق ضوء الشمس نحوها… واعترافه كان بمثابة اضاءة مكثفة إنارة قلبها وعينيها وروحها وبدلتها مئة وثمانين درجة في لحظة !….
“واضح انك كنتي بتدلعي عليا…عشان اقع بالكلام كده……..واقول اني دايب……ومشتاق… “غمز لها فابتسمت فمسك كفها وطبع قبلة طويلة دافئة
عليه وهو يهمس بحرارة شقيه…..
“طب والله مشتاق ياناس……ودايب في حبيب قلبي….”
سحبت يدها سريعاً وابتسمت بخجل فعقد
حاجبيه معترضاً……
“الكلام الحلو كده قرب يخلص….قولي حاجه
بقيت ملزق أوي…….”
أخيراً تحدثت باسلوبها الجامع بين الجراءة
والبراءة…..
“ملزق إيه…….انا طايره من الفرح بكلامك ده….”
خفق قلبه فتعلق بعينيها بعذاب…..سائلا بلهفة المحب……”بجد…….يانوري…. ”
اومات وبنبرة رقيقة اجابت…… “بجد ياحبيبي……”
تأوه بداخله بعذاب لذيذ وهو يدعي
الصم…….
“إيه…..قوليها كمان عايز اسمعها تاني……”
تلونت الشفاه الشهية بابتسامة جميلة مغويه لقلب مجهد باسم الحب……
“ياحبيبي انا بحبك…….بحبك موت ياكرم…..”
بلع ريقه ورطب شفتيه وهو يحاول التحدث قليلاً
بجدية حتى لا يضيع معها في الرومانسية المفرطة
وينفذ رغبته الملحه في تقبيلها الآن…..
“بعد الشر عليكي ياقلب كرم…….وانا بعشقك…..وعلى فكرة بقا انا كلمت ابوكي ووافق نعمل فترة خطوبة كده نتعرف بيها على بعض وفي نفس الوقت يطمن هو ووالدتك من ناحيتي اكتر…..ها موافقه…..”
اومات براسها وهي تحاول الجلوس قائلة بصعوبة
بعدما شعرت بثقل راسها…….
“أكيد موافقه……..بس نطمن على يوسف ويخرج بسلامه الاول وبعدين نتكلم في كل حاجة….”
نهض كرم عن مقعده مؤكداً الأمر……
“عندك حق قادره تقفي على رجلك عشان نروح نطمن عليه…….”
“آآه قادره……”ازاحت الغطاء ونزلت على الفراش وعندما لامست قدميها الأرض وضعت يدها على راسها فاحاط كرم خصرها بحنان هامساً بقلق…..
“نور….انتي كويسه…….”
نظرت اليه بخجل قائلة بتلعثم…..
“كويسه……..دوخه بسيطه بس اقدر امشي….”
خطى معها خطوتين في الغرفة وهو يحيط خصرها بذراعه…….. “خليني اسندك……..”
نظرت اليه وقالت بحرج……. “كده هتعبك……”
قال بصوتٍ أجش حاني…..
“ياريت التعب كله يبقا كده….لو عليا عايز اشيلك على دراعي ووصلك لحد اوضته……”
قالت بمشاكسة وهي تخرج من الغرفة
بصحبته….
“يسلام لدرجادي اي الدلع دا كله مش واخده على رومانسياتك دي……”
قال بصوتٍ رخيم وملامح تنطق وسامة
رجوليه لا تشبه أحد……
“بكرة تاخدي عليها……اللي كان منعني عنك انتي بقيتي عرفاه دلوقتي…والحمدلله عدى الجاي بتاعي انا وانتي……..”
سالته بجراءة….. “والجاي دا عباره عن إيه……”
غمز لها بعيناه الماكرة وقال….
“حب ودلع……حب ودلع بس…….”
اتى صوتها المبتهج سريعاً…..
“الله انا بحب كده…….”
سالها ضاحكاً وهو يسير معها في الممر…..
“بتحبي الراجل الملزق……”
قالت باعجاب صارخ….
“ياي دا بيبقا چنتل مان……..”
نظر امامه واردف بمراوغة ذكورية…..
“ماشي خلينا ملزقين لحد ماننول رضا الأميرة……..”
اسبلت جفنيها أرضاً ومزالت الابتسامة مفحورة على وجهها الجميل المشرق بعد اعتراف حبيبها لها……..
……………………………………………………………..
عندما فتح الباب ركضت نور بسرعة نحو فراش اخيها وجثت على ركبتها ساندة على حافة الفراش
ببكاء بعد رؤية اخيها بهذا الشكل…..فكان نائم على الفراش ساكن مجبر الذراع والساق وملتف حول صدره العاري شاش طبي على الجزء المصاب…
“بلاش عياط يانور اخوكي كويس……..الحمدلله…”
هتف بها توفيق الجالس على المقعد بتعب ينظر الى
ابنه بحزن….وقلبه يؤلمه اكثر من ابنته لرؤية ابنه راقد على الفراش بهذا الشكل…….جلست جواره
على الناحية الاخرى والدة نور التي مسحت دموعها ايضا وهي تتحسس ذراع ابنها بوجع…….
“يوسف……قوم ياحبيبي…….بلاش توجع قلبي عليك……..”
نزلت دموع نور مجدداً وهي تنظر لوالديها ثم لكرم الذي نظر لها برفقاً مطمئنها بعيناه الحانية وامرها
برفق ان تتوقف عن البكاء وتتماسك قليلاً لأجل
والديها………
مسحت دموعها وكتمت شهقات البكاء وهي تنظر
ليوسف مجدداً…….فوجدته بدأ يستعيد وعيه بتدريج وأول شيءٍ فعله تحريك اصابعه ثم رجفة خفيفة في
اهدابه يليها تأوه خشن……
“آآه……”
انتفض قلب الجميع فنهض توفيق واقترب كرم من السرير ام نور ووالدتها فابتسما من بين دموعهما
واول من تحدث والدته قائلة بقلبٍ ملتاع……
“حمدالله على السلامه ياحبيبي……الحمدلله……كده
يايوسف في حد يسوق العربية بالشكل ده…..”
اوقفتها نور وهي تبكي وعينيها معلقه
على اخيها بوله……
“مش وقت الكلام دا ياماما……المهم انه كويس….حمدلله على سلامتك ياچوو…..”
تحدث توفيق ايضا بلهفة الأب وهو يلامس كف
ابنه بحنان…….
“حمدلله على سلامتك يايوسف…… الف حمد وشكر ليك يارب……. الحمدلله انها جت على قد كده….”
أخيراً تحدث يوسف وهو يرمش بعيناه عدة مرات
ناظراً للغرفة البيضاء من حوله والمتواجدين بها..
فسأل باعياء……
“انا فين…….”
هتفت والدته برفق…..
“انت في المستشفى ياحبيبي… اطمن احنا جمبك……..”
سالها بحلق جاف….. “مين اللي جبني هنا…….”
تحدث كرم الواقف امام الفراش من الجهة
الأخرى……
“أحمد هو اللي جابك هنا… وهو اللي لحقك… وخرجك من العربية قبل ماتولع بيك……”
شهقت والدة يوسف ووضعت يدها على صدرها…. فقال توفيق بامتنان حقيقي….
“كتر خيره احمد….. حتى الدكتور قال انه اتبرعلك بدم ومسبكش لحظة وكان شايلك على دراعه ساعة ما جابك المستشفى…….كتر خيره ان مديون ليه بعمري…..بعد اللي عملوا معاك……. ”
اسبل يوسف جفنيه وشرد قليلاً عنهم…. فقال
كرم بعتاب وحزن خفي……..
“مفيش دين ولا حاجة احنا صحاب وده واجب الصاحب على صاحبه……. انه يبقا في ضهره
وجمبه ولو احتاجه يلقيه من قبل حتى ما يطلب…….”
قالت والدة نور بود وهي تنظر لابنها
بحزن…..
“وانتوا نعمة الصحاب ياكرم…….دا يوسف ملوش صحاب غيركم انتوا الأقرب ليه……”
رفع يوسف عيناه على كرم وطلب باحترام من الجميع…….
“ينفع تسبوني مع كرم شويه لوحدنا……..لو سمحتوا….. ”
اعترض كرم بهدوء…..
“بلاش نتكلم دلوقتي يايوسف….. انت لسه تعبان وتحت تأثير البنج……..”
تحدث يوسف باللهجة جامدة… رغم التعب الجلي على وجهه…
“انا فايق ياكرم……… ولازم اتكلم وافهم…….”
خرج الجميع من الغرفة كما أمر يوسف…..وعندما اغلق الباب وقبل ان يتحدث يوسف قال كرم
بعتاب قوي……..
“انا مش هعاتبك على الكلام العبيط اللي قولتوا لأحمد…….بس انا عايز اوضحلك حاجة واحده
احنا عمرنا ما كنا متصحبين عليك عشان خاطر
ابوك وشركته…..ولا حتى انا واحمد كلمناك
على شغل ولا انت كلمت ابوك على شغل لينا…..
كل الحكاية ان ابوك عرض علينا نشتغل معاه بعد ما نتخرج من الجامعة واحنا وفقنا وشوفناها فرصة كويسة وهنكسب خبره اكتر في شركة زي شركة توفيق الشامي…….لكان احنا عمرنا ما بصينا لفلوسك ولا طمعنا فيها……..”
ثم تابع بصوتٍ نافر من أفعاله ومدافع عن صديق عمره………
“وأحمد ميستحقش منك أبداً انك تهينه وتهين
البنت اللي هتبقى مراته……..انت مش عارف اللي
كان بينهم……..وقبل ما تسال انا هحكيلك….يمكن تستوعب انه مضحكش عليك ولا خانك زي مانت مفكر………”
سرد كرم الحكاية على حسب معرفته
بها……
“أحمد وحبيبة كانوا بيحبوا بعض من زمان كمان….في الفترة اللي أحمد فيها خد شهادة
الثانويه وفي فترة الاجازة قابل بنت واعجب بيها بالامارة يومها عاكسها في الشارع وابن عمها بهدله…..
وانا حكتلك عنها وقولتلك اسمها كمان…..بس انت اكيد مش فاكر……..حتى انت واحمد شديتوا مع بعض يومها…..المهم انهم قربوا من بعض اكتر في الفترة اللي ابن عم حبيبة خطب فيها اخت أحمد
وبداو يشوفوا بعض اكتر ويتكلموا….وقتها كانت حبيبة في تالته ثانويه……وقعدوا فترة سوا
وبعدين حصلت مشاكل كتير بينهم وسابوا بعض..
بعد سنتين من ارتباطهم……..”
ثم أضاف كرم بتذكر اكبر…….
“وبرضو على حسب التفاصيل اللي اعرفها…..انهم مرجعوش لبعض من وقتها….وفضلوا اربع سنين على الوضع ده بيشوفوا بعض بس في المناسبات العائلية وبرضو مش بيبقا في بينهم كلام……لحد ما جت حبيبة و اشتغلت في الشركة ….وقتها احمد كان متلغبط ومكنش عارف هي لسه بتحبوا ولا في
حاجه بينكم خصوصاً انها جايه تشتغل عن طريقك…..ساعتها قالي انه هيسافر عشان يبعد
عنكم او حتى يستقيل….لانه مكنش عايز يخسرك….ولا يعذب نفسه بوجودُ في الشغل
وسطكم خصوصاً انه كان لسه بيحبها……”
ثم رطب شفتيه واضاف بحزم……
“معنديش تفاصيل عن اللي حصل بعد كده بينهم
كل اللي اعرفه انهم رجعوا لبعض….إزاي وليه مسألتش….اللي فهمته من غير ما يقول انها طلعت لسه بتحبه ومش نسياه…..وان مكنش في اي حاجه
بينكم ولا حتى تلمحات…… فأنا عايز اسالك بصراحة حبيبة وعدتك بحاجة او لمحت ليك باي حاجة
تثبت انها معجب بيك او بتحبك…… ”
هز يوسف راسه بوجهاً صخري جامد رغم الجهد والتعب الذي يطل من عيناه………
“محصلش…….”
ساله كرم بحاجب معقود……
“وطالما هو محصلش يايوسف….عملت كدا ليه…”
هتف يوسف بعصبية ومقت……..
“عشان حبيتها…….وعشان محدش فيكم فكر يعرفني الحقيقه من الأول………سبتوني على عمايا…….كنت الاهبل اللي في وسطكم……..”
تحدث كرم مبرراً…..
“مكنش ينفع نحكيلك حاجة……هنقولك ايه….”
لوى يوسف شفتيه ساخراً…….
“هتقول نفس اللي قولتهولي دلوقتي….اي صعبة…
انا شايفك حكيت كل حاجة ببساطه…… مصعبتهاش على نفسك زي ما صعبتها في الأول….. ”
هتف كرم بدفاع……
“انا حكتلك عشان متفكرش انه خانك….لا هي ولا هو
خنوك…….انت اللي عايش في الاوهام….فكر كويس هتعرف انك محبتهاش……..”
زمجر يوسف صارخاً بنفاذ صبر…….
“انا بحبها من زمان ياكرم…وكنت صابر عليها لحد ما تتخرج وتقدملها…….ومش انت اللي هتحكم على اللي جوايا ناحية حبيبة….. ”
فغر كرم شفتيه واتسعت عيناه معقباً
بصدمة….
“كلامك ده مش هينفع…..انت هتقف قصاد سعادة اتنين بيحبوا بعض…….إزاي…….”
اشاح يوسف وجهه للناحية الاخرى وانهى الامر برُمته……..
“الحكاية خلصت ياكرم….لا هي بقت تلزمني….ولا صحوبيتنا القديمة هترجع زي الأول…….”
اوما كرم براسه بعدم اقتناع…….
“اللي انت شايفوا…..دي حاجة بتاعتك انت……
الكلام ده لا وقته ولا أوانه….وفي مثل حلو اوي امي علطول تقوله ليا لما الدنيا تضيق في وشي……تبات نار تصبح رماد…….وانا متأكد انها في يوم هتصبح رماد جواك……”
هز يوسف راسه بجمود….. “مظنش……..”
“بس انا ليا رأي تاني………”ثم ضيق كرم عيناه
وقال بلؤم…
“مش عايز تعرف أحمد برا ولا مشي…….”
لم يرد يوسف بل لوى شفتيه ممتعضاً وكان سيرته
أصبحت اكثر الاشياء قرفاً بنسبة له……فقال
كرم بهدوء……..
“على فكرة هو لسه برا……مستنيني اخرج اطمنه عليك……..عشان يمشي……..”
هتف يوسف بفظاظة…..
“قوله يمشي…….انا مش عايز اشوف حد…….اخرج ياكرم……..وسبني لوحدي…….”
اخرج كرم زفرة متعبه وقال بصبر……
“ماشي ياچوو لينا كلام تاني بس لما تفوق وتقف على رجلك من تاني…….”
عندما خرج كرم نظر لأحمد الجالس على المقعد جوار الغرفة وقد انهى علبة من العصير الذي احضرها
له كرم تساعده على الصمود قليلاً وتعوض الدماء الذي انسحب من عروقة…….
نهض أحمد بصعوبة وقد عالج جرح كفيه ووضع عليه ضمادة أخرى نظيفة……..نظر كرم مجدداً لقميصه الأبيض المتشرب بدماء وشعره المشعث ووجهه الشاحب وعيناه الغائمة بكسرة نفس تقرأ بوضوح للناظر…
تألم كرم لأجله وشعر بالغضب من حماقة يوسف
بالحكم عليه بعد كل ما فعله لأجله…..لكن ربما يوسف
كان على حق في نقطة هامة رغم صغرها…..ألا وهي معرفته بالحقيقة كاملة فهو أيضاً له الحق بالاختيار بين الصداقة والحب كما أختار أحمد دون ان توضح له الحقائق ؟!……..
لكن سيظل دوماً وابداً علاقة احمد وكرم الاقوى والامتن رغم صداقتهم المشتركه مع يوسف لكن كانوا دوماً الاقرب لبعضهم وبئر أسرار لبعضهم
كذلك……..
فدوماً في الصداقة الثلاثية هناك شخصاً يُظلم
ويفتقد الكثير في تلك الصحبة وكان دوماً يوسف الصديق الزائد بينهم بل الصديق الغير مرئي في
تلك الصداقة الثلاثية !!……
“يوسف كويس ياكرم……..”
اوما كرم قائلاً…… “الحمدلله…..تحب تدخلوا…….”
امتنع أحمد قائلاً باجهاد…..
“مش هينفع كفايه كده…….”
تحدث كرم أيضاً مدافع عن صديقه…..
“متركبش انت كمان دماغك يا أحمد….انت كمان
غلط لما خبيت عنه…..اللي كان بينكم…..”
برر احمد بوجوم……
“كنت عايزني اقوله إيه…..اللي انت بتحبها….. انا كمان بحبها………أقولوا كده إزاي وانا مش عارف مشاعرها من ناحيتي بقت عامله إزاي بعد سنين
البُعد دي كلها……”
هز كرم راسه نافراً……
“السكوت ده هو اللي وصلنا لكده يا أحمد…..حبك لحبيبة دمر علاقتك بصاحب عمرك…..”
ازدادت نظرات احمد اصراراً وقال بقوة…….
“وانا مش هتخلى عن حبيبة ياكرم…..لو مين بالذي
وقف قصادي….طالما بتحبني وانا بحبها يبقا
الموضوع منهي…….”
نظر له كرم واردف موضحاً….
“انا مقولتش ضحي بيها………بس كمان يوسف…. ”
أردف احمد بنبرة صلبة كالفولاذ….
“اقفل على الحوار ياكرم… مش هو تمام والحادثه عدت على خير واهله حوليه وانت جمبه يبقا خلاص
وجودي ملوش لازمه هنا….. انا هروح……. انا تعبان ومحتاج ارتاح……انا من صباحية ربنا وانا واقف على رجلي في المستشفى…..وساعة دلوقتي بقت حداشر…. كفايه عليا كده…….”
اقترح كرم….. ” هتقدر تسوق ولا اجي اوصلك….”
ربت على كتفه بامتنان قائلاً….
“لا انا تمام خليك جمبه…….”
أشار كرم على السترة الذي يرتديها وبدأ يخلعها قائلاً…….
“طب خد الجاكت ده اقلع القميص ده والبسه مش هينفع تدخل الشارع كده…… ولو امك شافتك كده هيجرالها حاجه….”
رفض أحمد وهو يوليه ظهره……
“مش عايز………خليك لابسه….انا ماشي……”خطى خطواته للخروج من الممر امام عينا كرم الشاردة
بحسرة على تلك الصداقة التي تحطمت فوق
رؤوس الجميع !…….
………………………………………………………………
خرجت من باب البيت…وسارت في الشارع فقابلت
صديقتها شذى بصدفة….ابتسمت شذى لها
واقتربت منها قائلة بمناكفة…..
“راحه فين الساعة حداشر بليل ياقدرة…….”
اجابتها حبيبة ضاحكة…..
“راحه اجيب نسكافيه وبرشام للصداع….وانتي بقا…….”
اشارت شذى على الكيس بيدها قائلة بوجوم…..
“أبداً ياستي كنت بجيب لبن وشوية جبن كده
من عند البان…….”
عدلت حبيبة حجابها وقالت باستفسار…..
“خرجه لوحدك يعني….بتسحبي هنا معاكي في
كل حته…….”
ضحكت شذى ساخرة…..
“آآه دا كان زمان دلوقتي بنتنا اتخطبت ولازم تستأذن من كتكوتها الاول……”
قالت حبيبة بغمزة خبيثة…..
“وانتي يامنيله امتى هيبقا عندك كتكوت ……..”
اومات شذى واجمه……
“مش عارفه….هو انا كل ما يجيلي عريس اطفشه…مش مقتنعه انا بجواز الصالونات ده…”
اكدت حبيبة باستياء…..
“ولا حتى مقتنعه بالحب…بامارة المهندس عبد الحي……..”
انكمشت ملامح شذى قائلة بنفور…….
“عبد الحي !!….متفكرنيش بعبد الحي النضارة اللي قد الكوباية والشنب اللي متحلقش من أيام اعدادي والبدله اللي وارثها عن جدو…..لا ولا دخلته عليا وهو بيقولي بكل ثقه انا معجب ياشوشو…..انا شوشو انا……انا ياحبيبة…….لا انا لا عايزه صالونات ولا عايزه احب انا هكمل المسيرة وهفضل سنجل بائس…رغماً
عن انف كل حاقد وكل عبد الحي في حياتي….. ”
ضحكت حبيبة قائلة…. “هما كتير اوي كده…….”
زمت شذى شفتيها……
“متعديش…دا كفايه شباب العيلة…..اعوذ بالله….”
تاملتها حبيبة لبرهة بمحبة فكانت شذى جميلة بطريقتها الخاصة….بشرتها خمرية ملامحها انثويه جميلة وعيناها بنية فاتحه براقة بجمال…..جسدها
متناسق ومثالي….ملابسها محتشمة وحجابها
يكمل بهاء تفاصيلها……..ام عن شخصيتها وروحها
فهي شابة مبهجة ولطيفة على نحو جيد……
فقالت حبيبة بمشاكسة نحوها…..
“ياجلبي مانتي زي القمر وتعجبي الباشا……توكلي على الله ووفقي على عبد الحي…..”
رفعت شذى انفها بغرور…….
“لا ياحبيبتي انا طموحاتي اكبر من كده بكتير انا باذن الله هسافر تركيا ومن هناك هنقي بقا العريس بس على مزاجي……..واهم حاجة يكون المووز باد
بووي……يخطفني ويهددني يالجواز يالقتل
فهختار الجواز طبعاً…..تعرفي ليه ياحبيبة لانه
طلع بيحب الحلال زيي….. “مدت يدها لحبيبة ضاحكة فبادلتها حبيبة السلام ضاحكة هي
أيضاً ثم قالت بحزم…
“طب داخلي شعرك يامنحرفه……..”
عدلت شذى الحجاب بيدها وقالت…
“الطرحه بتزحلق……..” ثم سالت باهتمام….
“اي مفيش جديد في حوارك….أحمد هيجي
يتقدم امتى….”
قالت حبيبة مندهشة…..
“يابنتي الصبر دا لسه مكلم ابراهيم إمبارح……”
قالت شذى بتعجل…..
“خليه يخالص بقا….محضره حتة دريس للفرح يجنن…..”
زفرة حبيبة بجزع وقالت بتبرم…
“اقصى طموحاتك في الحياة انك تجوزيني انا وهنا عشان تلبسي الدريسات بتاعتك ….طب وبنسبة للمعمه اللي دخلين عليها……. اي رأيك فيها….. ”
هتفت شذى بسرعة …..
“انا مالي ياختي ادخلوا المعمه برجليكم اليمين……اتجوزوا وخلفوا ورضعوا وكبروا وودوا العيال المدارس وهاتوهم من المدارس وذكرولهم بقا…….ومتنسيش في اخر الليل تدلعي ابو حميد عشان ميبصش برا……”
توسعت عينا حبيبة قائلة بصدمة….
“الله يخربيتك ياشيخه انا اتعقدت بعد الكلمتين دول…….”
قالت شذى برجاء…..
“لا ونبي متتعقديش انا لازم البس الدريس
في اقرب وقت…….”
لكزتها حبيبة مجدداً بحنق…..
“هو ده اللي همك………. آآه ياندله……”
قالت شذى ضاحكة……
“خلينا نتكلم جد…. مهما هربنا احنا دخلين المعمه سوا متقلقيش انتم السابقون ونحن اللحقون…”
اومات حبيبة وشاركتها الضحك….
“ايوا كده طمني قلبي مش هبقا لوحدي يعني…”
قالت شذى بجدية….
“أبداً انتي وهنا هبقا معاكم على الحلوة والمُره…”
قالت حبيبة باستفزاز…..
“تبقي هتوفقي بقا على عبد الحي عشان نتجوز سوا……..”
اوقفتها شذى معترضه بامتعاض…..
“اخرسي…. قال عبد الحي قال……انا يقولي
ياشوشو جرا إيه في الدنيا ياجدعان…..انا
شوشو……. ”
ضحكت حبيبة بقوة….. “يالهووي مش قادره……”
اوقفتها شذى بخوف وهي تنظر الى شرفة شقة ابراهيم……
“بطلي ضحك يابنتي ابن عمك لو شافنا هيسم
بدنى بالكلام……….”
توقفت حبيبة عن الضحك بتدريج
معقبه….
“آآه مانتي مجربه المرمطه معايا……”
قالت شذى بتذكر وهي تبتسم بحنين لايام الطفولة……..
“انا وهنا من ايام ماكنا بنطلع نذاكر سوا بعد المدرسة…… لا بس الحمدلله لم كبرت انا وهنا
بقا بيتحرج يتكلم معانا…….”
قالت حبيبة بخفوت.
“مفيش حاجة بتفضل على حالها……كلنا بنتغير… ”
اومات شذى بتأكيد….. “عندك حق……تحبي اجي معاكي الصيدليه…. ونرجع سوا…. ”
امتنعت حبيبة قائلة وهي تنظر للمحلات
المضيئة عن بعد……..
“لا روحي انتي الصيدلية مش بعيده دي جمب
البقال خطوتين وهوصل…… ولو بعيدة مكنتش
طلعت من البيت الساعة بقت اتناشر……مانتي
عارفه… ”
اومات شذى بامتعاض……
“عارفه ياختي عندي منهم في البيت….سلام….. ”
افترقا الصديقتين كل منهن في اتجاه…….
وبعد قليل قد اشترت حبيبة ما تريده وعادت بطريقها للمنزل فوجدت احمد يصف سيارته امامه ويخرج منها بشكلاً مريب اوقع قلبها وشهقت بفزع ووقع الكيس الذي تحمله بيدها أرضاً وعلى اثار
الصوت رفع أحمد عيناه عليها…….
تقدم منها وجثى امامها ولملم اشياءها سريعاً
وهو يهمس بقلق…….
“حبيبة انا كويس اهدي احنا في الشارع……”
عندما انتصب واقفاً امامها اشارة على الدماء
بفزع باكية…..
“انت متعور………قميصك عليا دم……”
“هحكيلك كل حاجة في التلفون…….”اعطاها
الكيس وهو يسالها باهتمام……
“لي جايبه برشام صداع انتي تعبانه…….”
نزلت دموعها ولم ترد عليه بل ظلت عيناها معلقة على القميص واثار الدماء الجافة عليه بل وانتبهت كذلك للضمادة الملتفه حول كفيه الإثنين وللكدمة الزرقاء التي اسفل فكه وشعره المشعث ومنظر ملابسه المريب وشحوب وجهه واحمرار عيناه…والتعب الجلي على ملامحه…….
هل يسالها عن اقراص الصداع ؟
و ينتظر أيضاً منها أجابه !!
وماذا عنها هي وهي تراه بهذا الشكل……همست
بصوتٍ متحشرج……
“أحمد……”
تنهد بتعب حقيقي وهو يقول……
“اطلعي فوق ياحبيبة قولتلك هكلمك…..مش هينفع نقف كده في الشارع اسمعي الكلام عشان
خاطري…..”
اشارة باصبعها دون ان تلمسه……
“احمد في دم على قميصك……والكدمه دي… ”
قال بآرق وجزع واضح….
“يابيبه هفهمك كل حاجة…اطلعي بس دلوقتي…”
قالت بلهفة….. “هبعتلك رسالة علطول رد عليا…….”
اوما براسه قائلاً…
“كمان ساعه بس هغير هدومي وهاخد دش
وهكلمك….. ماشي…..”
اومات براسها وهي تمسح دموعها…..فقال
بهدوء…وهو يعطيها الكيس……
“يلا طلعي……وبطلي عياط… والله انا كويس
مفييش حاجة….. ”
انصاعت لامره بقلب يخفق بألم ودموع متحجرة بمقلتيها……..فخطت خطواتها باتجاه المنزل
بقلب ملتاع…… وعقل مشوش………
بعد ساعة ارسلت له………
(فهمني بالله عليك اي اللي حصلك النهاردة….)
سالها عبر رسالة ….(لسه بتعيطي…….)
اتت الرسالة برجاء…..
(أحمد أبوس إيدك رد عليا انا اعصابي باظت في الساعة دي…..قولي حصل إيه…..)
أرسل احمد مختصراً…..
( حصلت حدثه ليوسف بالعربية وانا كنت ورا بالعربية بتاعتي…..ويعني عشان الحقه ونوصل المستشفى اتبهدلت زي ما شوفتيني…..بس
الحمدلله قدر ولطف……وهو بقا كويس……)
ارسلت باهتمام ولهفة له وحده…..
(الحمدلله……… طب والجرح اللي في ايدك والكدمه…..انت بتقول انك كنت ورا بالعربية
مش معاه……)
رد مختصراً مجدداً…..
(ماهو عشان اخرجه ايدي اتعورت وانا بفتح الباب………حبيبة ينفع نقفل على الموضوع ده…)
ارسلت هائجة…..
(بذمتك دا موضوع يتقفل عليه……)
أرسل مجدداً مغير مجرى الحديث….
(مانا جبتلك الملخص بتاعه….اعمل اي تاني يابيبه………اوعي تكوني لسه بتعيطي…..الصداع هيزيد عليكي خدتي البرشامه ولا لسه…..)
تجاهلت الرد عليه وارسلت بحرج……
(انتوا اتخنقتوا ومسكتوا في بعض صح….وكله بسببي……..)
ارسل لها بغيرة شديدة….
(حبيبة اقفلي الحوار قولتلك…….)
(ازاي يعني اقفله يا أحمد……)
ارسل بارهاق وتعب…….من كثرة الكبت…..
(زي الناس ياحبيبة….انا دمي محروق من الكل ومش
هتيجي انتي تكملي عليا…وتفضلي تكلمي عليه معايا…….مش كده……)
ارسلت معتذرة ببراءة….
(انا مش قصدي حاجة يا احمد…)
ارسل أحمد بتفهم…..
(عارف انه مش قصدك….بس عشان خاطري متجبيش سيرته تاني بينا…..الحوار عدى..وكفايه
لحد كده…….)
ارسلت معتذرة وهي تاكل في اظافرها بندم
شديد…..(انا اسفه…..)
زفر وارسل وجهاً عابس(تاني ياحبيبة……)
قالت بعذاب….
(انا حسى بذنب يا أحمد انا السبب……)
صارح لأول مرة بذنبه الذي انكره امام كرم….
(لا انا السبب لو كنت عرفتوا من الأول مكنش حصل كل ده…..بس انا مكنتش اعرف…..انها في يوم ممكن توصل لكده……)
ارسلت بتردد…….(احمد انت هتسبني…….)
ارسل لها سريعاً بصدق….
(انا اسيب الدنيا كلها ولا اسيبك…….)
ابتسمت وارسلت له بمحبة….
(حتى وانا مدشدش بكاش……..)
وكانها طبعت البسمة على شفتيه فابتسم وسط ملامحه المجهدة وارسل……(شمتانه فيا……..)
تنهدت مرسلة بلوعة…..
(شمتانه اي بس دا انا قلبي هيقف من الزعل…)
ارسل احمد…….(بعد الشر عليكي………الحمدلله……..)
ارسلت حبيبة مجدداً بقلق…..(احمد انت كويس صح……….)
أرسل بفتور……..
(أيوا بس عايز انام………هقفل معاكي وهبقا اكلمك بكره………..)
ارسلت بتفهم وهي تشعر انه يريد الانفراد بنفسه قليلاً لأسباب مزال يحجبها عنها ولا يريد ان تعرفها…..(زي ماتحب خد بالك من نفسك………)
اغلق معها وظل مستيقظ حتى السادسة صباحاً
باله مشغول وقلبه يحترق……من شدة الاحداث
المتداخلة في هذا اليوم أولها حديث يوسف السام والحادثة المريعه وساعات المشفى الطويلة المتعبه
حتى ينتهي اليوم المشؤم بتمدده على الفراش
بغرفته غارق في بئر أسود يبتلعُ ببطء من كثرة التفكير………
………………………………………………………………
بعد مرور أسبوعين……….
تمر علينا الأيام تحمل الاسواء وأحياناً الافضل…وكثيراً نحزن ونتعب وتخور قوتنا
بئساً ويئساً……حتى يتبدد الحال في سهوة
وتفتح الأبواب المغلقة……وتنير العتمة وتوضح الرؤيا لنا فنرى الألوان زاهيه نرى الحب والفرح جائزة كبرى
تنتظرنا….. بعد رحلة شاقة قاسية كانت تتطلب
أمرين الاولى معافرة للوصول والثانية صبراً معزوم……… والنهاية أجمل من البداية ففي
النهاية ألف بداية !…….
توسعت ابتسامة حبيبة بفرحة عارمه…… انها لا تصدق نفسها…. اليوم سيأتي حبيبها ليطلب
يدها…..عندما وقعت في الحب حلمت بهذا اليوم كثيراً حتى انها هيؤات مشاعرها له وكانت تتخيله كالمجنونة…….ولكن مشاعرها الآن لا تضاهي اي مشاعر كانت تشتعل سابقاً لمجرد تخيل الأمر….
مررت سمر الفرشاة على بشرة حبيبة وهي تنظر لها في المرآة بمشاكسة…….
“هي ضيعه مننا مش سامعه أصلا بنقول إيه…..”
ضحكت هنا وشذى….وقد تقدمت منها شذى
قائلة بمشاكسة…….
“حمادة واكل عقلها………”
ابتسمت سمر وهي تقول بسعادة
لاجلهم….
“ميكلوش ليه…..مش خطيبها……”
داعت هنا سريعاً بلهفة….
“يسمع من بؤك ربنا ياسمر….. يارب يتم الاتفاق بقا ويقراه الفاتحة عايزين نفرح بيهم قبل ما نشيب……لحسان حوارتهم كترت اوي……”
لكزة شذى حبيبة قائلة بخبث…….
“والله عندك حق حوارتكم كترت يابيبه…والسرحان ده مش كويس عشانك……”
انتبهت حبيبة أخيراً لهم فقالت بتيه…..
“بتقولوا إيه…….”
صاحت شذى واجمه بشقاوة….
“الله اكبر دي لسه بتسأل بنقول إيه……”
ضحكت سمر وهي تلف الحجاب لحبيبة بشكلاً احترفي انيق يظهر بهاء ملامحها وينافس جمال اطلالتها أليوم……..
قالت حبيبة بتذمر….
“الله سرحت شوية فيها اي يعني……”
قالت شذى بلؤم….
“سرحتي في مين…..هو صح…….”
تساءلت حبيبة….. “مين ده…..”
اخرجت شذى تنهيدة مائعة…..
“حمادة……..”
ضربتها حبيبة صائحة بغيرة…..
“لمي نفسك ياشذى اسمه أحمد……..”
رفعت شذى حاجب ملتوي وقالت…
“الحقوا دي بتغير…….”
أكدت حبيبة بحدة….. “ايوا بغير طبعا……”
تدخلت هنا في الحديث ببراءة و بشفتي
مقلوبه بامتعاض ….
“احمدي ربنا انها بتقول كده….انا كل مابقولها هستاذن حسين الاول تقولي روحي خدي الاذن من كتكوتك……..وانتي يعني مش بكرة تاخدي الاذن من كتكوتك اللي هيبقا خطيبك يعني…..”
تخصرت شذى قائلة بعنفوان…..
“كتكوتي مين انا مفيش كتكوت يحكم عليا لو مبقاش اسد معايا هقلب امه بسلامه…..”
قالت حبيبة ببرود……..
“ان شاء الله ربنا هيبتليكي بواحد يعقلك ياشذى
ويظبطك…….”
تدخلت سمر في الحديث قائلة بهدوء….
“مظنش وعن تجربة شخصية…. احنا ممكن نتغير عشان اللي بنحبه لكن يغيرنا هو عافية….. مش هتظبط معاه……”
اقتربت منها شذى وطبعت على وجنتها قبلة
قائلة بفخر…
“الحمدلله أخيراً لقيت حد فاهم دماغي تعالي
جمبي ياسمر ياقمر انتي……”
قالت حبيبة بغيرة وهي تنهض بعد ان انتهت
من التزين….. “لا تيجي إيه دي اخت خطيبي
وصاحبتي انا….”مسكتها حبيبة من ذراعها وكذلك فعلت شذى…….
إبتسمت سمر قائلة لهن بمحبة…..
“انا صاحبة الكل وحبيبة الكل بس سيبوا دراعي خليني أخرج أشوف الدنيا برا……”
وبالفعل تركت الفتاتان وخرجت من الغرفة مغلقة الباب خلفها…..فتأملت شذى حبيبة لبرهة بتأني
ثم عقبت باعجاب…….
“اقسم بالله سمر دي ايديها تتلف بالحرير….دا انتي طلعه زي القمر ولا اشهرها ارتيست فيكي يابلد…………حتى الدريس يجنن… ”
مسكت شذى يد صديقتها وجعلتها تدور بين يدها عدت مرات…..فقالت حبيبة وهي تضحك…..
“سمر كانت معايا واحنا بنشتري الدريس وقالت هيليق اوي عليكي….وفعلاً طلع حلو اوي مع
الميكب ولفت الطرحه……”
عقبت هنا بتأكيد وهي تتأملها كذلك…..
“هو فعلاً جامد……. الاوت فايت كله روعه
والاكسسورات كيوت وقمر……”ثم صمتت قليلاً
وسالت بتذكر……
“صحيح ياحبيبة نسيت اسالك هو انتوا ليه عملين القعده عند عمك راضي…..ليه مش في شقتكم….”
قالت حبيبة بحزن……
“عشان هو الكبير وشقته أكبر….وعشان سمر وبنات عمي يتحركوا براحتهم….مانتي عارفه ماما…أصلا جايه بالعافية……”
تشدقت شذى بصدمة…
“يالهووي هي برضو لسه مش موافقة……”
اخرجت حبيبة زفرة يأس وهي تجلس على
حافة الفراش بحزن……
“ايوا والله ياهنا….احنا بقالنا أسبوع في مشاكل بسبب الحوار ده….وكل اللي معترضه عليه ان اخو سمر…..وقعدت اتكلم معاها طول اليل ياماما سمر مش وحشة ياماما احنا مشفناش منها حاجة
بالله عليكي…. انا بحبه وعيزاه شتايم بقا وانتي قليلة الحيا وعايزه تمشي كلامك عليا…..وانتي ملكيش انك تختاري وتتشرطي طالما معترضين
عليه تكتمي وتسمعي الكلام…….”نظرت لصديقتها
وقالت باستياء……
“اقولها بس بابا موافق عليه….تقولي انا بقا مش موافقه وعمري ماهحط ايدي في ايد واحده
بتسحر للرجالة……”
توسعت عينا شذى بقلق….
“يالهووي دي بتكرها اوي ياحبيبة……هتعملي إيه…..دي ممكن تبوظ الجوازه فعلاً…….”
هزت حبيبة راسها وقالت بثقة….
“لا معتقدش…. طالما بابا وعمي وابراهيم موافقين انا مطمنه……ومتأكد ان أحمد هيصبر شويه ويستحمل عشاني…….”
قالت هنا برتياع…….
“هو ممكن يصبر ويستحمل مامتك بتحصل بس اللي مش هيستحمله انها تقل من اخته قدامه….”
هزت حبيبة راسها مجدداً موضحة…..
“ماما عمرها ما تقدر تقول كده قدامهم…..مانتي عارفه بابا……..مش بيستحمل الهوى على عمي
راضي وابراهيم ابنه…..”
دعت شذى برجاء….
“ربنا يعديها على خير……. وفي القعده دي يتم الاتفاق ويقراه الفاتحة كمان…….”
زفرة حبيبة بتمني….. “يا رب ياشذى…. يا رب…..”
حاولت هنا بلطف تلطيف الجو… فقالت
“بس طالعه قمر ياحبيبة…..”
اومات شذى بابتسامة جذل…..
“ااه والله عسل… والدريس يجنن……بصراحه كله على بعضه جنان…. انا يوم خطوبتي هخلي سمر هي اللي تعملي الميكب وتلفلي الطرحة كمان…. ”
اومات هنا وقالت بمدح….
“والله سمر دي عسل وطيبه اوي مش عارفه
مامتك مش بتحبها ليه……”
زمت حبيبة شفتيها…..
“مانا لو اعرف السبب كنت ارتحت……”
بالخارج في المطبخ تحديداً ، بدأت سمر تحضر معهم العصائر واطباق الحلوى…….فدخلت نوال لترى ماذا
يفعلون……
“اي يولاد خلاص……”
قالت سمر وهي تجفف الاطباق الزجاجية
بمنشفة نظيفة……”كله تمام ياماما…….”

قالت سمر وهي تجفف الاطباق الزجاجية
بمنشفة نظيفة……”كله تمام ياماما…….”
وقالت رحمة وهي تفتح علبة الحلوى التي
احضرها ابراهيم لهم…….
“ونبي ياماما قولي لرباب تقفل باب الصالون انا لسه منضفاه انا وهي واحتمال العيال يتسحبه ويدخلوا ينيلوا الدنيا……”
قالت نوال بهدوء……
“انا طلعت العيال فوق السطح…….متقلقيش….”
نظرت سمر لها وقالت بخوف….
“ومكه ياماما طلعتيها معاهم …..”
هزت نوال راسها بنفي وقالت……
“لا طبعاً انا أقدر مكه معايا…..لحسان تقع تتخبط
منهم…..”
لوت رحمة شفتيها وادعت الغيرة قائلة….
“سيدي ياسيدي طلعتي الصبيان فوق وخليتي بنت ابراهيم في حضنك……..”
قالت نوال بحزم…..
“عشان دي بنت الغالي واياكم حد فيكم يعترض….”
ظهرت مكه بجانب ساق جدتها ونادتها
قائلة… “تيته……”
ابتسمت نوال بسعادة وهي تداعب شعرها الناعم قائلة…… “قلب تيته…….”
قالت مكه ببراءة….. “يلا نلعبوا……..سوا…….”
اومات الجدة بمحبة……
“نلعبوا ياقلب تيته منلعبوش ليه….ما تيجي احكيلك حدوته احسن من اللعب…….”
اومات الصغيرة باستحسان للفكرة وخرجت مع جدتها…..
ضحكت رحمة قائلة بغمزة شقية…..
“البت مستوليه على امي زي أمها……..امال اللي
جاي ده هيعمل إيه….. ”
ضحكت سمر وهي تتحسس بطنها المسطحه قائلة……
“ما هي برضو مش امك لوحدك ….وبعدين اللي
جاي ده مش هيلاقي حاجة ياعيني ياخدها….
مكه استولت على الكل……..”
اومات رحمة متفهمه بمحبة…….
“ربنا يحفظها…….دي البنت الوحيدة اللي في العيلة لازم تاخد الدلع كله……”
قالت سمر بتنهيدة عذبة…..
“ربنا يحفظها ويحفظلك ولادك ويخليلنا ماما نوال وبابا راضي ويديم لمتنا……”
“امين يارب……..بقولك احط اي الاول….”اشارت لها على الحلوى المتنوعة بالعلبة فتقدمت منها سمر مقترحة…….”بصي ياستي….”
نصف ساعة تقريباً وصدحت الزغاريد الغالية بالفرح والبهجة من زوجة عمها نوال وبنات عمها……
فتحت شذى باب الغرفة قليلاً لتنظر من شق الباب
ولحقت بها هنا وحبيبة فقالت شذى بهمس
حماسي….
“أحمد جيبلك بوكية ورد أحمر….الله انا عايزه ورده…….”
قالت حبيبة بلهفة وهي تحاول النظر مثلهم
“وريني كده ياشذى……”
قالت شذى بمناكفة….
“تعالي ياختي شوفي حمادة وهو مطقم…..”
ضربتها حبيبة بغيظٍ وهي تقف مكانها لتراه….متأنق
اكثر من اي يوماً مضى يرتدي بنطال بيج عليه قميص أبيض أنيق……بارز جسده الصلب
المثير بجاذبية تربك حواسها…..قد تخلص من
لحيته وزداد وجهه نضاره مع تصفيف شعره
الاسود الغزير للخلف بقصه شبابيه………
سلم على والدها وعمها راضي وابراهيم من امام الباب واعطاهم علبة الشوكلاته واحتفظ بالباقة الحمراء حتى تاتي وتاخذها بنفسها…يلي دخوله والدته وخاله……….وبعدها دخل الجميع غرفة الصالون واختفى عن ابصارها…..
خفق قلب حبيبة بصخب عالٍ وهي تغلق البال قائلة……..
“هو انا المفروض اخرج واحضر القعده دي…لا الموضوع طلع صعب فعلاً…..”
أكدت هنا وقالت بخجل وعيناها اناره بالحب
على ذكرى يوم قراءة فاتحتها على خطيبها حسين……..
“انا كنت هموت من الرعب زيك كده……مع ان
حسين ابن خالتي يعني ووخدين على بعض بس لما وصلنا للحب والارتباط بقيت بتكسف منه اوي…… ووشي بيجيب ألوان مسافة ما بسلم عليه…..”
مطت شذى شفتيه بتبرم…..
“غريب الحب مين فاهمه…….انتوا لفيل المحن
عندكم عالي…. ”
عقبت هنا بحنق شديد……
“عديمة المشاعر بكرة تنكفي على بوزك وتعرفي….”
لوحت شذى بكفها باستهانه ثم نظرت لحبيبة قائلة
بجدية…..
“لازم نخرج ونقعد معاهم….امك ممكن تبوظ الدنيا ياحبيبة……”
“ايوا صح……..”ثم بلعت حبيبة ريقها وقالت
بتوتر….
“بس انا مش هدخل غير لما حد يقولي…..”
فتحت رحمة الباب عليهم وحينما ابصرت اناقة حبيبة واطلالتها التي زادتها جمالاً فج… اطلقت الزغاريد وهي تقول…..
“بسم الله ماشاء الله…….زي القمر ياحبيبة…”
اسبلت حبيبة جفنيها وزحفت الحمرة لوجنتيها
وزداد توترها عندما قالت رحمة بسعادة……
“يلا عشان تضيفي العريس واهله……..”
قالت حبيبة مضطربة……
“انا لو مسكت اي حاجة دلوقتي هتقع من ايدي… شايفه ايدي……” رفعت كفها البارد والذي كان
يرتجف بشكلاً ملحوظ…..
ابتسمت رحمة بتفهم قائلة بحنان…..
“متخفيش ياقلبي انا وسمر هنشيل الحاجة عنك… بس انتي تدخلي قدمنا وتسلمي عليهم….وتجمدي كده….. دا قراية فاتحه ياهبله….. ”
وقف صديقتيها حولها من الجاهتين
قائلين بمحبة وتشجيع لها…..
“متخفيش احنا معاكي يابيبه…….”
بالفعل خطت خطواتها بصعوبة باتجاه الصالون بقلب يرجف ومشاعر متضاربه………
أول من قابلها في طريق الترحيب كانت والدة احمد التي نهضت سريعاً وعانقتها قائلة بمحبة وهي تقبلها……
“بسم الله ماشاء الله اكبر…… عروستنا قمر اربعتاشر……صبرت ونولت ياواد… ”
ضحك الجميع باستثناء صفاء والدة حبيبة التي لوت شفتيها بامتعاض وعدم رضا….وقد انتبهت لها سمر الجالسة جوار زوجها على الاريكة والتي همست
بقلق له……..
“مالها مرات عمك يابراهيم….شكلها قعده معانا بالعافية….من الصبح وهي قلبه وشها كده هو في إيه……دا فرح دا ولا عزا……”
نظر ابراهيم لزوجة عمه ثم عاد إليها
قائلاً برفق….
“علمي علمك بس كبري دماغك طالما عمي وافق يقعد القعده دي يبقا الجاي باذن الله خير….”
قالت سمر بتوجس وهي تسرق الانظار نحو
صفاء……
“انا مش مرتحالها يابراهيم….تفتكر ممكن تعمل
حاجة تبوظ الجوازه……..”
احتد صوت ابراهيم بحنق…
“متقدرش…..دا اتفاق رجالة………الكل يسمع وهو ساكت اما نشوف الاتفاق هيرسى على إيه….خير
أن شاء الله……”
تنهدت سمر قائلة بتردد…… “يارب…..”
سلمت حبيبة على زينب وعارف وردت عليهما ببعض الكلمات الهادئة الطيفه…….وعندما وصلت لأحمد نهض هو أمامها بقامة طوله المربكة ووسامته
المهلكة لقلبها…واطلالته أليوم الاكثر من رائعه
قدم لها باقة الورد وهو يتأمل جمالها الرقيق سريعاً…..
فكانت ترتدي فستان من اللون البيج به خطوط فضيه لامعه يلتف حول خصرها بحياء وينزل
باتساع بسيط على شكل تنورة انيقة تصل لأخر كاحلها….يلتف حجابها حول وجهها بجمالاً…..ويضاف لبشرتها شاهقة البياض ألوان كانت تنافس خطوط ملامحها الجذابة لتبرزها أكثر…..فكانت عينيها الزيتونية كحيلتين جميلتين….. شفتيها الصغيرتين مطليه بحمرة وردية هادئة تنافسها رقة وبراءة…..
وأخيراً لم يبقى على حلمه إلا عدة خطوات يخطوها نحوها….. وقريباً جداً ستكون زوجته حلالاً له….انه يتتوق لهذا اليوم الذي يمضي بأسمه على وثيقة زواجهما….
اخذت حبيبة بخجل منه باقة الورد الحمراء وهي تبتسم له هامسة بصوتٍ خافت توقع انها تشكره…..
ثم اتخذت مقعدها جوار صديقتيها على الاريكة الاخرى……..
مالى ابراهيم للامام قليلاً في جلسته ثم تنحنح مستأذن من الخال عارف……
“لمؤخذه ياخالي هتولى انا الكلام عنك….مانت عارف
انا بعز أحمد قد إيه وبعتبره اخويا الصغير…..”
اوما عارف برضا تام بان يتولى ابراهيم هو الحديث عنه…. فتألقت ابتسامة سمر فخراً وحباً وهي تنظر له…….نظرة تحكي انه سيظل دوماً وابداً رجلها حبيبها…العوض العظيم الذي اتى لها بعد شقاء السنين…..
سرقت حبيبة نظرة لاحمد الذي نظر لها مبتسماً بحب
وعيناه تروي قصائد غزل لا تنتهي يليها كلمات حب
تُحكى بالعيون وتستقبلها القلوب بسرور…..
نظر إبراهيم لعمه وتحدث بمقدمة عريضة….
“طبعاً ياعمي احنا أهل….وأحمد اخو مراتي ويعتبر متربي قدام عنينا…..وانت عارفه كويس هو بسم الله ماشاء الله بقا مهندس معماري قد الدنيا وشغال في شركة كويسة ومرتبه مش بطال يقدر يفتح بيت ويكفي بنتك من كله……..دا غير ان شريها وهيصونها
وهيحطها في عنيه…..وطبعاً ياعمي انت برضو ابو العروسه وليك شروطك اللي انت عايزه احنا رقبتنا سداده…….احنا نتقال حبيبة بالدهب….. ولا اي يا أحمد…… ”
اوما احمد مؤكداً بجدية…..
“اكيد يابراهيم رقبتي سداده اللي تأمروا بيه….”
تحدث حامد بعيون تشع حنان وتأثر وهو ينظر
لابنته التي تأنقت اليوم كالعروس وكانت أجمل
عروس راتها عيناه…….لا يصدق ان السنوات ركضت سريعاً امام عيناه….وكان البارحة كان يلاعبها ويركض
خلفها وهي تحبو هنا وهناك مناديها عليه باول شيءٍ نطقت بها (با با…..)
“انا يابني مليش شروط…….انا مش ببيع بيعه انا بديك بنتي…..بنتي الوحيدة يا أحمد…….حبيبة
ربنا رزقنا بيها بعد شوق وحرمان سنين…..كانت
نسمه في حياتنا هادية وبريئه وطيبه……لا بتعرف
تشيل ولا بتعرف تزعل من حد…..انا بديك جواهره…
تمنها الوحيد هو انك تحافظ عليها وتصونها……”
اطرقت حبيبة براسها ونزلت دموعها تاثراً بحديث والدها الذي مس قلبها…. فربتت على كتفيها صديقتيها الجالسين جوارها من الجهتين….
انتبه أحمد لدموعها فنظر لوالدها وقال بمشاعر
صادقة……
“حبيبة في عنيا……وفي قلبي…….ومن حقك تشرط عليا زي مانت عايز مش مسالة بيع وشرى ياعمي…
الحكاية كلها ان حبيبة تستاهل كل حاجة حلوة
وهي غاليه عندي…..والغالي يتجبله الغالي….”
تحدث حامد مجدداً بحنان وتفهم……
“الكلام اللي قولته ده عندي بدنيا كلها….اديك بنتي وانا مطمن……وبرضو احنا مش هنختلف في مسأل المجايب…….احنا عارفين اللي علينا وانت كمان وبرضو اللي تقدر عليه هاتوا….انت لسه شاب صغير والعمر قدامك طويل تكون فيه نفسك على مهلك..”
“الكلام ده مينفعش ياحامد….انت كده بترخص بنتك……..”
توترت الاجواء فجاءه واندفعت الرؤوس كلها نحو
(صفاء) والدة حبيبة التي نظرت لأحمد بقوة قائلة بعنفوان الحماوات……
“احنا متكلمناش على الشقة….ياترى بقا هتقعدها في اجار ولا هتشتري شقه تمليك……..”
تحدث احمد بهدوء…..
“الشقة موجوده………اللي انا قعد فيها انا وامي وخالي………هنتجوز فيها مؤقتاً…… ”
وقع قلب حبيبة وهي تسمع امها تقول بتهكم
واضح……..
“إيه….هتقعد بنتي مع امك وخالك….تيجي ازاي دي بقا ان شآء الله هو انا بنتي اقل من اي واحده دخلت في شقة لوحدها……..ولا إيه………”
تدخلت زينب مدافعه عن ابنها بحنق…..
“ماتروقي كده يام حبيية….في إيه…الواد بيقولك مؤقتاً سنة ولا اتنين لحد ما يجمع فلوس الشقة…
ولا انتي عيزاه يخطب بنتك بسنتين والتلاته… ”
قالت صفاء بغل خفي وعيناها تشع مقت
نحوهم….
“ويوقف حال بنتي ليه بتلات سنين بحالهم…..اللي ممعهوش ميلزموش……..انا بنتي متقعدش في بيت عيله ولا تعيش في اوضه…….اللي مترضيهوش على بنتك مترضيهوش على بنتي….هو لو ابراهيم كان
اتقدم لبنتك وعرض عليكي انها تعيش معاه في اوضة هتوافقي على كده برضو……”
صمتت زينب بحرج ولم ترد فقالت صفاء بلؤم….
“اديكي سكتي…..عشان عارفه ان اللي بتقولوا
ده ميرضيش ربنا……..”
نظرت زينب لابنها الذي كان متصلب الملامح وقد انقلب حالة مئة وثمانين درجة وكان الفرحة غادرته وعيناه اخبرتها بانكسار خاطره ……فخضع قلبها لاجله فاقترحت بلين الام معها….
“انا ممكن اخد شقة ايجار برا انا واخويا…..واسيب الشقة لأحمد وعروسته……..اي رأيك……”
صاحت سمر معترضة بغضب…..
“رايها في إيه…..الشقة دي بتاعتك ياما….ومش هتخرجي منها انتي وخالي……..”
انهت سمر حديثها وهي ترمق صفاء شزراً…فلوت صفاء شفتيها بلؤم……..وعيناها تشع شماته غير طبيعية نحو سمر………
فتدخلت نوال بتوتر بعد ان انقلبت وجوه الجميع واصبح الجو متوتراً اكثر…….
“اهدوا ياجماعه……..هنلاقي ليها حل والله…….”
صاحت صفاء معترضة بعدائية……
“ملهاش حل يانوال….انتي يوم ما جوزتي بناتك الاتنين شرطي على اجوزتهم يجيبوا لبناتك شقق
لوحدهم بعيد عن اهليهم….والكلام ده كان قدامي ومتنكريش……..”
رفعت نوال حاجبيها وتشدقت بذهول….
“جرالك اي يا صفاء هو انا معترضه على كلامك حقك ياختي بس يعني نعذر بعض مش كده…بلاش تاخدي الناس على الحامي احنا مش في حرب….”
نظرت صفاء لاحمد الصامت وقالت بنبرة سامة كالافاعي……
“والله انا قولت اللي عندي والاصول محدش يعديها………ولو مش هتقدر يابني كل شيء قسمه ونصيب……..”
اندفع صوت أحمد كرصاص رحمة لقلب
حبيبة………..
“لا هقدر….وهجبلها شقة تمليك….في خلال
شهرين باذن الله……..”
توسعت اعين الجميع ونظروا لأحمد واولهم صفاء التي قالت بصوتٍ متلعثم…….
“إيه……. ازاي يعني في خلال شهرين……”
رد أحمد ببرود بعد ان فهم انها تفعل كل هذا فقط لتفسد الزيجة………
“زي الناس…..هو مش الاعتراض كله على انها يبقا ليها شقه لوحدها…..انا هجبلها شقة لوحدها محلوله باذن آلله……….نقرأ الفاتحة……..”
لم تقدر زينب على الصمت فسالته امام الجميع
بدهشة…
“أحمد………انت بتقول إيه…….”
نظر لها بعينين حانيه وقال برفق….
“بقول اللي هعمله يامي اطمني…….انتي هتفضلي في شقتك معززه مكرمه انتي وخالي طبعاً…. وحبيبة هجبلها احلى شقة في احسن مكان كمان…..”
ثم نظر لحامد قائلاً بهدوء……
“نقرأ الفاتحه ياعمي ولا ناجلها لحد ماتشوفوا الشقة……..”
نظر حامد لاخيه يطلب منه الشورى فتدخل راضي قائلاً برزانه…….
“نتوكل على الله ونقرأ الفاتحة….والفرجه على الشقة دي هنسبها ليك انت وعروستك…….”
فرفع الجميع أيديهم للاعلى لقراءة الفاتحة…. فاتت عينيها الحزينة بعيناه فغمز لها بحب شقي يهون عليها ما حدث….ثم عاد وبدأ في قراءة الفاتحة
بتركيز…….
فاخرجت حبيبة شبه ابتسامة وهي تتأمله بحب متذكرة حركة مشابهة لكفي مرفوع وغمزة شقيه عابثة لمراهق خطف قلبها يوماً…..
فنفس تلك الحركة فعلها يوم قراءة فاتحة إبراهيم وسمر وشتات ما بين السابق والآن……ربما كان وعد خفي بينهما ووفى به الان……..
بدات الزغاريد تنطلق بسعادة والجميع يسلم عليهم
ويبارك لهم……باستثناء ام حبيبة التي اتخذت
زاوية بعيدة عن الجميع وظلت تتابع بصمت وعدم رضا………..
نظرت لها سمر بطرف عينيها وقالت لابراهيم بهمس…. “مرات عمك هتولع مننا…….”
هز ابراهيم راسه بعدم رضا قائلاً….
“خليكي حقانيا هي عندها حق واي ام هتعمل كده……..”
قالت سمر من منظورها هي…..
“مش معترضه على حوار الشقة…….بس من وجهة نظري شايفه ان خالي وامي مش وحشين يعني عشان تعترض على جواز بنتها في الشقة
مؤقتاً…..”
تحدث ابراهيم بخفوت لها وحدها وبمنتهى
السلاسة وضح الأمر……
“قولتلك حقها….ولازم تقدري يمكن حبيبة وفقت عشان مياله لاخوكي…بس امها حسباها بالعقل…لو مثلاً امك بس اللي قعده في شقه لوحدها هنقول ماشي مش مشكله أهم ستات مع بعض ودي زي
امها هتلبس براحتها هتدخل الحمام براحتها وهكذا….لكن خالك معاهم راجل غريب وحبيبة محجبه وانتي عرفاها وعرفا طبعها…..مش بتاخد على الناس بسرعة فمش هتبقى على راحتها…..
وهتبقا مجبوره تقعد في شقتها وكانها قعده في الشارع……. ”
اومات سمر بتفهم معقبة بضجر….
“انا فاهمه يابراهيم بس مرات عمك غلويه
واسلوبها مستفز……”
قال ابراهيم بهدوء……
“كل واحد وطريقته……ربنا يهديها……انتي متعرفيش أحمد هيجيب فلوس الشقة منين……..”
هزت راسها وهي تنظر لاخيها بحيرة….
“والله ما عرفه شقة اي دي اللي هيجبها في شهرين……..”
اشعلت شذى الاغاني من خلال مكبر صوت
صغير……..وبدات تغني هي وهنا وبعض
الصديقات اللوتي حضورا ليباركوا لحبيبة
واحمد بعد ان تمت قراءة الفاتحة…….
كان أحمد يقف جوار حبيبة التي كانت منسجمه مع صديقتيها وبيداها باقة الورود الحمراء….يبدو انها وجدت ما يلهي عقلها عن التفكير فيما حدث بداخل……..فهمس أحمد جوار اذنيها
بحب….”مبروك يابيبه…….”
نظرت له وقالت معتذرة بحرج…..
“الله يبارك فيك…..أحمد انا كنت عايزه اعتذرلك على اللي ماما قالته انا والله مش معترضه خالص اعيش مع امك وخالك………”
رد مطمئنها بهدوء…..
“انا بقا معترض….وهي عندها حق…انا بسبب استعجالي نسيت اللي ليا ولي عليا……وان شاء
الله هجبلك الشقه زي ما قولت…..”
سالته بحيرة…… “ازاي ومنين……….”
رد سريعاً حينما وجد صديقتيها يقتربوا
منها….
“نتكلم بعدين……..”
سحبتها صديقتيها عند الغناء والرقص وبدا الغناء والزغاريد والتصفيق الحار من الموجودين عندما اقتربت منهم…….وبدأت تندمج معهم وتشاركهم
الغناء مع صوت الاغنيه ………
(يا دبلة الخطوبه عقبالنا كلنا
ونبني طوبه طوبه في عش حبنا
نتهنى بالخطوبه ونقول من قلبنا
يا دبلة الخطوبه عقبالنا كلنا
يا صوره في الخيال ماتغبش عننا
بداية الأمال وعز فرحنا
شبكنا بدبلته وقرينا فاتحته
وعرفنا نيته وغلاوته عندنا
يا دبله من دهب قوليلي إيه مكتوب
دا الاسم بالدهب منقوش على القلوب
القلب وانشبك وراح مع الشبك
ولقينا في الشبك نصيبنا وحبنا
وفي دبلة الخطوبه كتبنا اسمنا
يا دبلة الخطوبه عقبالنا كلنا (آه)
ونبني طوبه طوبه في عش حبنا
نتهنى بالخطوبه ونقول من قلبنا
يا دبلة الخطوبه عقبالنا كلنا….)
غمز لها أحمد وأرسل لها قبلة في الخفاء فضحكت وهي تغني مع اصدقاءها مجدداً……اغنية جديدة
وعندها تلاقت اعينهما مجدداً في حوار جميل
دافئ شيك محبب للقلوب وهمس حينها دون
صوت……”بحبك…….”
وكان قلبها يرد بتراحب……
ظل فقط على العهد يا أحمد وكن حبيبي للأبد…..
……………………………………………………………..
شهر سلاحه عليه فارتعد الرجل للخلف برعبٍ وارتجف جسده بأكمله وهو يترجاه بخوف….
“جاسم انـ…. انت بتعمل إيه….. نزل سلاحك
خلينا نتكلم………”
بملامح متصلبة ونظرة نارية وسلاح موجه
نحوه بشر هائل…….
“الكلام خلص يامطاوع والجاي وقت الحساب…”
صاح الاخر بهلع وهو ينظر اليه برجاء….
“هتستفاد إيه بموتي……. مش انا لوحدي اللي خنتك هي كمان كانت شريكه معايا في كل حاجة…” ثم
اقترب منه خطوة واحده ووقف……وتابع بمكر خفي…
“حط ايدك في ايدي ياجاسم…. وهتكسب وانا مستعد اعوضك عن كل حاجة خسرتها……”
لوى جاسم شفتيه ساخراً وقد تصلب فكه بانفعال وهتف بصوتٍ غاضب مرير…….
“إزاي بقا……. هترجع سنين الحبس ولا موت امي بحسرتها عليا…….. هترجع اختي…… اختي اللي انت والكلاب بتوعك اتهجمتوا عليها وضربتوها……”
مد الاخر يده مصراً على ترويضه……
“كل حاجة تتعوض حط ايدك في ايدي وانت هتكسب……”
نظر للأرض ثم له وقال بصوتٍ ميت…….
“تصدق اني لما حسبتها اكتشفت اني خسران من البداية فخسارة بخسارة بقا يامطاوع……”اطلق
النار عليه فاصاب الرجل برصاصتين في صدره
ومن ثم وقع أرضا يأخذ انفاسه الاخيرة بعذاب
فنظر له جاسم نظرة سوداوية ومن ثم اقترب منه خطوتين وشاهد بتشفي آخر لحظات في حياته غريمة فكان ينظر اليه بتالم يصارع الموت
وعندما فارقت الروح الجسد تصلب جسد الرجل
فنظر له جاسم نظرة شيطانية خالية من اي مشاعر
ثم بصق عليه وخرج من باب الشقة تارك الرجل خلفه جثة هامدة……..
“استوب……”صاح بها المخرج من خلف
عدسات التصوير…..
فنهض الرجل الذي كان طائح أرضا…
وكذلك كرم الذي نظر للمخرج فعقب المخرج
باعجاب….
“هايل ياكرم….هايل….حضر نفسك للمشهد الجاي…
عايزك تبدع فيه…..وزي ماتفقنا مشاعر جاسم المدمر
نفسياً وجسدياً ومستقبله أصبح سراب لما يواجه حبيبته الخاينة اي هو رد فعله…..عايزك تتقمص
الشخصية وردو افعالها وعيد على النص قراءة من تاني……نص ساعة وتبقى هنا……”ثم صاح في
الجميع…..
“كلوا يبدأ في تحضير ديكور المشهد الجاي….”
اتجه كرم سريعاً اليها فكانت تقف خلف عدسات التصوير تشاهده بحب واستمتاع ولمعة الاعجاب مزالت تصرخ في عينيها الجميلة…..حقيقةٍ اندهش
من رؤيتها هنا فقد لمحها بصدفة في آخر لقطه
تاخذ من تعابير وجهه بعد ان أطلق
النار على الرجل……
عندما وصل اليها مسك يداها الاثنين تلقائياً
هامساً بدهشة وهو يجري بعيناه البنية المتوهجة على تفاصيل وجهها الجميل…..
“نور…….”
اتسعت ابتسامتها وهي تتكأ على يداه قائلة
بحب بين طياته الفخر……..
“كنت هايل ياكرم….تعرف للحظة افتكرت انه حقيقي……..طلعت جامد في الاكشن امال ليه
قولت انك ملكش فيها…….”
غمز لها قائلاً بشقاوة…..
“اكشن عن اكشن يفرق…….إزاي جيتي……..”
كانت ستتحدث لكنه اوقفها قائلاً وهو يسحب
يدها لأحد الغرف المخصصه لتبديل الملابس……..
“تعالي ندخل الاوضة دي….اهو اغير هدومي بالمرة
لحسان قدامي بس نص ساعة…….”
دخلت معه الغرفة وقالت بحرج معتذرة……
“انا اسفه شكلي عطلتك……بس بصراحه مقدرتش امنع نفسي اني أشوفك وانت بتمثل قدام الكامرات
بجد كنت قمر أوي…..وحمشنتك يااي تجننن… ”
وقف خلف لوح خشبي كبير وبدأ في تبديل ملابسه
عنده بعيداً عن عيناها ولكن اندمج معها في
الحديث قائلاً من خلفه…….
“حمشنتي !!…..انتي مفكراني عيل من العيال
التيت ولا إيه….انا حمش طول عمري على فكرة
مش مستني شخصية جاسم عشان اتحمش
فيها…..”
اومات قائلة بابتهاج وكانها وقعت في حب
شخصية (جاسم) الزائفة أكثر……
“عارفه بس انا حبيت الشخصية أوي…..يا جاسم
قصدي يا كرم هو المسلسل هيتعرض امتى……”
رد من خلف اللوح الخشبي…
“كمان خمس شهور………”
زمت شفتيها باحباط….
“لسه هستنا خمس شهور عشان اشوفه……”
“معلش استحملي شويه….قوليلي صحيح…يوسف
عامل إيه….هيخرج من المستشفى امتى……”
خرج من خلف اللوح الخشبي ببنطال وقميص عادي جداً وقال وهو يغلق ازرار القميص المفتوح والذي ابرز صدره الاسمر الصلب المثير……….
اشاحت بعينيها عنه بخجل
وقالت…
“بكره هيطلع وهيكمل علاجه في البيت……”
أقترب منها وقد قارب على انهاء اغلاق ازرار
قميصه…..
“بكرة الساعة كام عشان اجي اوصلكم……”
“مش لازم ياكرم ماحنا معانا عربيتنا…….”
تحاشت النظر اليه مجدداً وقد احمرت وجنتيها بتوتر…. فلو عليها لكانت قفزة في احضانه موزعه
قبلات لا عدد لها على وجهه وشفتيه فهذا الوسيم الاسمر يثير مشاعرها دون إدراك لذلك……
تحدث كرم بهدوء ولم يلاحظ خجلها……
“يوسف مش هيقدر يسوق…..وانتي سوقتك زفت
زي اي واحده بتسوق…….”
تبخرت مشاعرها الهوجاء وعادت اليه بنظرة كرصاصة الطائشة مدافعه عن الأمر باستماته….
“اي ده انت بتغلط فينا…….احسن حد بيسوق
عربيات الستات على فكره……..”
اوما براسه ساخراً وهو يمشط شعره المجعد
المفلفل امام المرآة……
“بامارة ركنة العربية اللي بتقعدوا فيها ساعتين…..”
مطت نور شفتيها قائلة…..
“بس في الاخر بنركنها احسن من الركنة بتاعتكم العشوائية……….”
وضع الفرشاة ونظر اليها قائلاً…..
“نهاية الموضوع انا هاجي اخدكم بعربيتي اتصلي
بيا وعرفيني هتطلعوا الساعة كام…….”
خرجت على محياها شبه ابتسامة وهي تقول بتذكر…..
“تعرف ان بابا بيشكر فيك اوي الفترة دي….”
انعقد حاجبيه وسأل…… “عشان ؟……”
قالت برقة جميلة…..
“انك يعني فضلت معانا ومسبتناش طول
الاسبوعين دول…..”
تقدم منها مقترباً وقال بجدية موضحاً….
“عايز اوضح بس حاجه انا معملتش كده عشان
احلو قدام ابوكي بالعكس انا عملت كده عشان خاطر يوسف وعشان ابقى جمبك في ظروف زي دي…….”
عادت الابتسامة تتألق على شفتيها عند رؤية ملامحه القريبة منها وانفاسة التي تضرب صفحة وجهها دون هوادة………. فهمست بتأثر عاطفي…
“بحبك يا كرم……..”
همس بعمق وهو يجري بعيناه على وجهها
الجميل…. “وانا دايب يانوري……..”
ضاع قليلاً في تأملها وشعر ان مشاعره تاخذ نحو
وقح في رغبة متلهفة لتقبيل شفتيها الشهيه
رغبة خلقت من اعماق الأماني…فابتعد عنها
مسيطراً على نفسه كالعادة……
“صحيح أحمد قرا فاتحته على حبيبة……”
اومات نور براسها قائلة…..
“أيوا حبيبة كلمتني ربنا يسعدهم….صحيح انت مرحتش معاه ليه…….”
رد واجماً بتعب….
“للاسف مسحول في التصوير زي مانتي شايفه…”
سالته نور بحرج….
“وعلى كده لسه قدامك كتير……”
رد مبتسماً بتفهم…….
“مشهد واحد بس……وبعدين اخدك ونطير….”
سالته بدهشة…. “على فين بقا……..”
رد حاسماً بتملك لذيذ….
“المكان اللي تحبيه…..انتي بتاعتي النهاردة…..”
فتح احد العمال الباب بعد الاستاذان
واخبره سريعاً….
“يلا يافنان……معاد المشهد التاني…… ”
“تمام جاي……”ثم نظر لنور ودعاها للخروج
قبله….”يلا بينا يانوري…….”
اكتفت بالابتسامة وهي تخرج معه….حتى وصل
هو لموقع تصوير المشهد فتركها خلف عدسات
التصوير مودعها وداع مؤقتاً ثم وقف هو أمام
طاقم العمل………
فبدأت تشاهد نور العرض باستمتاع وعيناها السوداوان تبرقان بالحب وشفتيها تتلون بإبتسامة
عميقة تحمل سعادة لا توصف………سعادة وفخر
بهذا الحبيب الوسيم الناجح….. الشقي….الرائع
انه رائع في كل شيء وهي محظوظة به
وبحبها له………فالمشاعر جميلة..جميلة جداً
تكاد من شدة جمالها تبكي….تبكي لانها بدأت
تعيشها على أرض الواقع وكم هي محظوظة
بهذا……ان يلامس الخيال الوردي واقعك وتعيش
تفاصيلة فانت أكثر شخصاً محظوظ في هذا الكون وهي كذلك !……
انعقد حاجبيها وهي تشاهد الممثلة الفاتنة التي ستقوم بدور أمامه….كانت ترتدي فستان ازرق قصير
مطلقه شعرها الأشقر للخلف تضع احمر صارخ
وعندما بدأ المشهد كان ديكور منزل……وكانت قد
فتحت الباب لكرم…او (جاسم)….
والذي واجهها بنظرة شيطانية ومسكها من عنقها
دافعها للحائط فتأوهت الفتاة وهي تحاول دفعه…
قائلة بصوتٍ متحشرج…..
“جاسم………جاسم هموت…….”
اتكا على عنقها وهو يقول بغضب أسود…..
“مانا جاي عشان كده يابوسي…عشان اقتلك
هخلص عليكي يابنت الكلب….انا تخونيني.. انا…….”
مسكت يده وحاولت ابعاده عنها قائلة
بدفاع عن نفسها…..
“مظلومه والله ياجاسم انا اضطريت اعمل كده
عشان احمي اختي وابنها……..”
اتكأ على عنقها صارخاً بعصبية……
“انتي هتعمليهم عليا…. مطاوع قالي كل حاجة
قبل مايموت……”
قالت بصعوبة وهي تبكي باختناق…..
“مطاوع هو سبب البلاوي دي كلها…لو مش مصدقني
انا مسجلاله مكالمات وهو بيهددني…..اديني فرصة
اسمعهم ليك……”
بالفعل تركها بنفور فركضت لعند الطاولة وفتحت هاتفها بيد ترتجف….ثم بدات تسمعه عدت تسجيلات
اغلبها تهديد وابتزاز……….
عندما هدات ملامحه بتدريج وكذلك انفاسه اقتربت
بوسي منه برجاء وهي تبكي قائلة…..
“ظلمتني ياجاسم ظلمتني وانت عارف قد ايه انا بحبك…….”
رمقها بنظرة حانقة فاقتربت منه اكثر وتحسست
وجهه باغواء هامسة….
“وحشتني ياجاسم……..وحشتني اوي…….”
ابعدها جاسم عنه غاضباً….
“بوسي……الموضوع لسه منتهاش…..”
اقتربت منه وتحسست وجهه مجدداً
بهيام……قائلة باغواء….
“انتهى عشان بوسي انتهى خالص…. بحبك اوي……”
“حبك برص شيلي ايدك من عليه…….”
ظهرت فتاه في المشهد فجأة تصيح بغيرة وهي تقف بينهما حائل وجهها موجه للفتاة بعدائية ام كرم يقف خلفها مصدوماً……..
صاح المخرج بغضب…..
“استوب……..مين دي…..وزي تقتحم الاوكيشن
كده واحنا بنصور…..”
لم تهتم نور بمن يصرخ خلفها بل حدثت الفتاة بغضب وغيرة…..
“بتاع اي تقوليله بحبك…….وتمدي ايدك اللي تتشل دي عليه إزاي ها……”
صاحت الفتاه بخوف وهي تتراجع
خطوتين للوراء….
“يامامي…… مين المتوحشة دي……”
تدخل كرم بنفاذ صبر وادارها اليه
قائلاً…..
“نور احنا بنصور ده تمثيل……..”
ازدردت ريقها بانفعال وارجعت خصلة من
شعرها بقوة قائلة بغيرة…..
“تمثيل إزاي يعني بتاع إيه تلمسك……”
مسك كرم ذراعيها قائلاً برفق….
“نور……….أهدي……”
قالت من بين انفاسها اللهثه…..”انا بغير عليك……”
ابتسم متفهماً بحب…..
“عارف بس دا شغلي………ينفع تستنيني في الاوضه اللي كنا فيها لحد ما خلص المشهد ده…….”
اقتربت منه وسالته بفضول هامسة
بانفعال……
“المشهد ده هينتهي على إيه…..هتصلحها بعد ما خانتك…….”
ارتفع حاجبي كرم بتعجب…”خانتني !!……”
بللت شفتيها قائلة…… “قصدي في المسلسل……..”
رد كرم بهدوء……
“هينتهي بمكالمة تلفون من اختي هسابها وهمشي……..”
سالته بفضول والغيرة تنهش قلبها…..
“وهي قبلها هتعمل إيه…….”
فهم مغزى السؤال فقال بنفاذ صبر…….
“ولا حاجة هتقعد تعتذر زي مانتي شايفه كده…”
قالت نور منفعلة بنظرات حادة…..
“اياك تسامحها…..ومتتأثرش اوي كده بقربها….كان باين عليك في الكاميرات على فكرة……”
ضحك ضحكة صغيرة ثم قال ذاهلاً…..
“دا في المسلسل يانور…..جاسم بيحبها وبيتأثر بقربها………”
صاح المخرج بنفاذ صبر…..
“جرالك اي ياكرم………انت معطلنا انت والانسة
اللي معاك……”
رفع كرم كفه معتذراً…..
“انا اسف ياستاذ…. نور خطيبتي وهي انفعلت
شويه مع المشهد……”
ابتسم المخرج رغم حنقه ووجه حديثه لتلك الفتاة الانيقة ذات الفستان الربيعي والشعر الطويل الناعم….
“بتغير يعني…….دا شغل يانسه نور…..بوسي في المسلسل هي ساندي مراتي في الحقيقه…..”
فغرت نور شفتيها قائلة….
“إيه مراتك……..وعادي !!…….”
رد المخرج ضاحكاً على براءة تلك
الصغيرة…….
“ما قولتلك شغل…….. تمثيل مش حقيقي……”
اومات براسها واجمه وداخلها كانت تشعر بالاشمئزاز
من عدم مروءة هذا الرجل….يبدوا ان المجال كله
يمتلئ بالقذارة إلا من رحمة ربه……..
تحدث كرم بهدوء مربتاً على كتفها
برفق….
“استنيني في الاوضة يانور…..”
اومات بوجوم وابتعدت نهائياً فبدأ التصوير من جديد…
…………………………………………………………….
ظلت جالسة في الغرفة على احد المقاعد بحنق تقلب
في هاتفها بعصبية شديدة ومزالت تصادف منشورات
لبعض المعجبات به…..والتعليقات بها عبارة عن وصلة غزل له وحده…..
كيف تتحمل كل هذا…..انها تغار عليه بجنون كيف تتحمل مهنة التمثيل ونجاحه المتوقع بها…..ان كانت
حتى الان لا تستطيع تحمل أمر شهرته المحدودة على مواقع التواصل الاجتماعي فكيف لها ان
تتحمل ما سياتي بعد مهنة التمثيل…..
هي متوقع نجاحة اكثر من اي شيءٍ مضى تأمن داخلها انه موهوب بالفطرة ويخطف الانظار
بحضوره…..فكيف لا تتوقع نجاحه وهي رات
جزء بسيط من عمله……
دخل كرم الغرفة سريعاً بعد ان انتهى من تصوير المشهد فوجدها شاردة ولم تشعر به….فاتخذ مقعداً
جوارها وظل يتأمل جانب وجهها وشعرها المنساب
خلفها بحب…..وعندما طال التأمل وتعب قلبه صرخ
بجوع انه لا يشتهي سواها……..فرحمة على قلباً
لم يعرف من الحب سواكِ……….
نفخ بجوار وجهها فطارت خصلة من شعرها بدلال
فنظرت له أخيراً وانتبهت لوجوده….. فقالت ذاهلة…….
“كرم انت هنا من امتى…….”
تعمق في النظر لعينيها واجاب…
“بقالي ربع ساعة….. سرحانه في إيه؟……”
قالت نور بنفي وشفتي مقلوبه….”مفيش حاجة…….”
نظر لها بصدمة ثم قال عابثاً…..
“قلبت وشك دي بدل ان في حاجات مش حاجة واحده……”مسك يدها بين كفيه وقال بصوتٍ
اجش وعيناه تأسرها بحب……
“نور انتي عارفه طبيعة المجال…وعارفه كمان ان
كل ده تمثيل…………”
صارحت كالعادة وقالت
ببراءة….
“انا بحبك و بغير عليك ياكرم……..”
ابتسم لعينيها وتلك المرة تحدث بحنان أبوي
وكانها طفلته المدلله….
“وانا كمان يانوري بعشقك……..وبغير عليكي اوي أوي………بس انا عايزك تقدري طبيعة شغلي…وتبقي
جمبي واثقه ومتأكده اني بحبك وهفضل أحبك….”
نظرت لعيناه وقالت بتردد…..
“كرم هو ممكن يجي يوم تسبني…..يعني لما تبقا
غني ومشهور هتسبني…….”
أردف كرم ذاهلاً وهو ينظر لعيناها بعتاب….
“انتي هبله….هو انا حبيتك عشان انتي بنت الشامي
انا حبيتك لانك نور حبيبتي البنت الصغيرة اللي خطفت قلبي من أول يوم شوفتها فيه…….نور
انتي مش عارفه انا بحبك قد إيه….بس اوعدك
الايام بكرة تثبتلك قد إيه انا حبيتك….”طبع قبله
على كفها وكانها ملكة متوجه على قلبه الملتاع
بالحب……
سحبت نور يدها بخجل ففي اللحظة التالية
اقترح كرم بحرارة…..
“نور انا عايز اخلى الخطوبة كتب كتاب اي
رأيك……”
ردت بصراحتها المعهودة في الحب…….وكانتا
عينيها كالمجرة براقتين ساحرتين عند النظر
اليهما……..
“اللي انت شايفه انا مش معترضة على اي
حاجة طالما معاك…..بس بابي…. ”
رطب شفتيه وهو يأسر عينيها بنظراته
الشغوفه بها…….
“هتكلم معاه متقلقيش…..المهم تكوني مراتي
في اقرب وقت………”
اللهفة في صوته اربكتها قليلاً فنهضت عن
مقعدها قائلة بخجل……
“هو احنا مش هنمشي ولا إيه….مش خلصت تصوير…….”
اوما براسه وعيناه تلتهمها بقوة….. فقالت هي
بارتباك اكبر ووجهاً أحمر قانٍ من شدة الخجل
والمشاعر المتضاربه داخل قلبها الخام…..
“طب يلا بينا……..مستني إيه…….”
نهض قائلاً بهدوء….
“هغير هدومي بسرعة وهاجي…..”
قالت بهمساً……. “هستناك…….”
استدر لها قائلاً بغمزة شقية..
“ماتيجي تساعديني يانوري……”
نظرت اليه بدهشة….. “كرم……”
ضحك قائلاً بشقاوة……..
“بهزر…….شويه وطالع وهخرجك خروجه تحلفي
بيها في حياتك كلها…….”
اكدت بصوتٍ ناعم مس قلبه المدله
بحبها…..
“أكيد…….. عشان هتبقا معاك بس……..”
خفق قلبه بقوة….. فمط شفتيه قائلاً…..
“مش هعرف اغلبك في الكلام…..استنيني يانوري.. ”
تمتمت هائمة بعد ابتعاده عنها وهمست
لنفسها……
“هستناك العمر كله ياكرم……هستناك ياحبيبي…”
اغمضت عينيها بضعف وبدأ قلبها يخفق مع
تذكر نظراته الشغوفة التي تأسر قلبها
وعينيها ، ولهفة صوته في تعجله بالارتباط بها
بشكلاً رسمي حتى يتمكن من الافصح عن
مشاعره بشكلاً أعمق…….
كم تتوق لليوم التي ستكون به زوجته ومعه دون قيود او حواجز …..انه حلم السنوات وقد قارب
على التحقيق ومن شدة الفرح تشعر انها تلامس نجوم السماء وحده تلو الآخرى……..
خرج كرم بعد مدة من خلف حجرة تبديل
الملابس وقال لها بإبتسامة وسيمة…..
“يلا بينا يانوري……”
اومات براسها بإبتسامة ناعمة…..
“يلا ياحبيبي…..”
اشتبك كفيهما ببعضهما في تناغم عاطفي جميل…
وخرجا من المكان امام انظار الجميع منهم الحاقد
والكاره….. والحاسد……ولكن لم يبالي اياً منهما
وخرجا معاً يتطوق كلا منهما يد الاخر بقوة وكأنه
يخشى ان يضيع او يتبخر هذا الحلم الجميل
فجأه………
……………………………………………………………
بعد مرور شهرين……
دخل من باب الشقه بعد يوم عمل حافل فسمع صوت
أغاني شعبية تاتي من غرفة (الركنة)
فعقد حاجبيه وهو يسمع سمر تصفق وتصيح بتشجيع من الداخل…….
فوقف امام باب الغرفة يراقب ما يحدث ليجد
سمر تجلس على الركنة ومكه تقف على أرض امامها وتتمايل على صوت الموسيقى الشعبية بل والقطه تركض حولها تدور وكانها تشاركها الرقص !!
ازداد إرتفاع حاجباه وهو يرى سمر تهز كتفها
قائلة لابنتها بدلال….
“كده ياكوكي ارقصي حلو…….”
فغر شفتيه وهو يرى ابنته تقلد امها ببراعة وكانها نسخة مصغره منها بل هي كذلك بالفعل……
جز على اسنانه وهو يوقف تلك المهزله
بصرخة قوية……
“بتعملواااااا اااااايه……”
قفزت مكه من مكانها وركضت سريعاً تغلق مكبر الصوت ثم اتجهت الى امها واختبأت في احضانها
ام القطه فركضت تختبئ اسفل الاريكة الممتده…
توسعت عينا سمر وبتلعت ريقها
بخوف قائلة بدهشة…..
“ابراهيم…….”
ضيق عينيه وهو يهز راسه وكانه امسكها متلبسه
في احد القضايا الخطيرة……..
“ايوا ابراهيم اي اللي انتي بتعملي ده….. هتشغليها رقصه ولا إيه……”
وضعت مكه جانباً وهي تتجه اليه بتردد ثم
قالت بتلعثم وهي تخطو إليه بحذر…..
“اخص عليك احنا عندنا الكلام دا برضو….احنا ناس محترمه…… دا بس…. اصل يعني احنا كنا…. كنا بنفك
عن نفسنا شويه…….”
رفع حاجب شرير وبملامح تنذر بالشر
قال……
“تفكوا عن نفسكم…… تقومه ترقصوا…….”
اومات براسها سريعاً ببراءة…..
“أيوا……. امال نعمل إيه……. انت لما بتحب تفك
عن نفسك وتفرفش شويه بتعمل إيه……”
قال هازئاً…… “بتحزم وارقص !!……”
برمت شفتيها واسبلت عينيها أرضا قائلة
بسخرية……
“مش قصدي……. هو كده كده انت ملكش في الفرفشه…..”
مسكها من ياقة ملابسها كالمخبر
وسالها بهمجية…
“امال ليا في اي ياسمر……”
توسعت عينيها وهي تنظر اليه بحنق….
“تاني المسكه دي….”
اوما بحدة زائفة وهو يهزها بخفة…..
“تاني وتالت…. وهتقولي دلوقتي انا ليا في إيه…..”
القت عليه نظرة صريحة وقالت بنبرة
مطاطة…. “انت عارف……اقصد إيه.. ”
شقت شفتيه إبتسامة خبيثة
فقال…. “احب اسمعها…..”
زمت شفتيها وهمست بتبرم……
“شوف ضحك إزاي لما لمحنا عن قلة الادب….”
كبح ضحكته وهو يهزها بخفة كالمجرمين
“بتقولي إيه…..”
هزت راسها ضاحكة…… “ولا حاجة…….”
حاول السيطرة على ابتسامته وحدثها
بجدية…
“أول وآخر مرة اشوف الهبل اللي انا شوفته ده…”
تركها فعدلت كنزتها وهي تزمجر بغيظٍ…..
“الله بقا….. هو الواحد ميعرفش يفك عن نفسه شويه…….”
لكزها في كتفها قائلاً بهمساً وقح….
“تعالي فكي عن نفسك معايا احزمك انا وخليكي ترقصي من هنا للصبح….. اي رأيك……”
نظرت اليه قائلة بابتسامة صفراء…
“عايزها حمرة ولا قرعه……”
سألها باستفهام…. “هي اي دي؟!…..”
إشارات على بطنها البارزة…….وقالت مستاءه…
“البطيخه…. قال ارقصيلي قال…… انت مش شايف
الحمل التقيل اللي على قلبي…….”
غمز لها قائلاً بمرح لعوب….
“بكرة ينزاح وساعتها هنعوض…….”
استدارت مبتعده عنه وقالت… “على اساس إنك صبور اوي من بداية الحمل…..هيما……”وقفت عندما تذكرت شيءٍ ما فنظر لها منتظر باقي الحديث…
فقالت….
“بعد الغدى…….”
تهللت اساريره بانتشاء ذكوري وقال….
“فين على اوضتنا……..”
عبس وجهها بضجر وقالت……
“اوضتنا إيه…. هنروح للدكتوره انت مش وعدتني…”
حك في شعره متذكراً ثم قال بصوتٍ
أجش….
“وعدتك !!….آآه ماشي نتغدى ونروح اكون غيرت هدومي وخدت دش…..”
سالته بلؤم….. “تحب اساعدك…….”
اوما براسه بمراوغة…..
“احب اوي ياشبح ما تيجي تساعدني صحيح……”
اولته ظهرها مردده كلماته باستفزاز….
“متعوضه بقا بعد الولاده……”
مط شفتيه ساخراً…. “دا لو عرفت اتلم عليكي……”
ثم عاد بتركيزه لابنته التي نظرت اليه لبرهة ثم اعادت عينيها على التلفاز الذي يعرض فيلم كرتون
اتجه إبراهيم اليها وجلس جوارها بصمت ثم تابع
الفيلم معها وهو يهز راسه ويلوي شفتيه قائلاً
بتأثر……..
“يسلام على البراءة……دا فيلم اي دا يامكه….”
قالت ببراءة…. “معرفش……..”
هز راسه وعيناه معلقه على التلفاز وسالها…..
“طب و الاغنية اللي كنتي بترقصي عليها دي
بتاعت مين……..”
ردت سريعاً….. “حكيم…….”
نظر اليها مشدوهاً…..
“ماشاءالله…..انتي عندك كام سنه……”
ردت ببراءة وهي ترفع اصابعها كلها…. “تلاته…….وسته…….”
ضيق عيناه مدعي عدم الفهم….
“اي سته دول……”
قالت مكه….. “معرفش…..”
تنهد بتعب قائلاً…….
“تلاته ونص يعني……وعرفتي حكيم…ممم….بداية مشرقة يامكه هانم………”
سالته مكه بحاجب معقود…”انت زعلان يابابا…….”
رد ابراهيم بقلق….
“لو جت على حكيم سهله…..ربنا يستر من الجاي…”
وقفت امامه وقالت باعتذار…
“مش هرقص تاني……”
سالها بشك…. “خالص……”
كونت الصغيرة الرد بصعوبة وقالته على فترات
متقاطعه لكن في النهاية فهم المقصد منه…..
“لم انت تبقى في الشغل هرقص…..لما تيجي مش هرقص……”
ارجع ابراهيم راسه للخلف وكانه سيصاب بأزمة
قلبيه من الصغيرة وامها……
“ياااه……. دانتي طلعتي بتسمعي الكلام بجد…..”
اومات براسها فضحك وهو يسحبها لاحضانه
قائلاً بمشاكسة……
“حكيم كان بيقول إيه…..”
ردت الصغيرة بتذكر بريء “خدني…..ووادناي……”
سألها بدهشة…. “مين ده…..”
“معرفشي…..”
ضحكت الصغيرة فشاركها ابراهيم الضحك وصعدت القطه للاعلى جالسة بجوارهما بصمت تلعق في يدها
وهي تنظر اليهما بين الحين والآخر وصوت موءاها
ألحن المشارك للفيلم المذاع امامهما……
بعد قليل في عيادة الطبيبة……
جلست سمر على سرير الكشف..وكشفت عن بطنها
بمساعدة ابراهيم الذي وقف بجوارها يمسك بيدها
وهو يجد الطبيبة تتفحصها…..
ووضعت الطبيبة سائل لزج على بطنها ثم سار الجهاز برفق على بطنها البارزة….ابتسمت الطبيبة
وهي تسالهما بلؤم……
“ناوين تسموا الاولاد إيه بقا…….”
ردد ابراهيم وسمر معاً بتعجب…..
“اولاد !!…..”
ضحكت الطبيبة قائلة بابتسامة رائعة….
“مبروك انتي حامل في توأم وولاد كمان…..دا اللي ظاهر عندي…….حتى نبضات قلبهم واضحه انهم اتنين مش واحد……..”
سالتها سمر ببهجة الأم وهي تلامس بطنها
بدهشة…
“بجد يادكتوره…….توأم… ”
اومات الطبيبة برفق……
“ايوا ياسمر توأم…مفهاش هزار دي بصي على الشاشه اهم قدامك……”
نظرت سمر الى الشاشه السوداء والتي تظهر
جنينين صغيرين ملتصقان ببعضهما وكانهما متعانقان……
توسعت إبتسامة سمر ونزلت دموعها في ان واحد..
فربت ابراهيم على كتفها بل ومالى على كتفها وطبع قبله عليه يشاركها اللحظة المميزة ، هامساً بصوتٍ حنون بين طياته غمرة الفرح….
“مبروك ياسمر….مبروك ياحبيبتي…..”
اتكأت سمر على يده الموضوعه على كتفها وقالت بدهشة تمتزج بسعادة ليس لها مثيل….بينما عينيها
الامعه بدموع معلقه على الشاشه
امامها…….
“توأم يابراهيم…..وولاد……..الحمدلله…….”
تمتم بشكر هو ايضاً وعيناه مثبته على
الشاشة معها…..
“اللهم لك الحمد حتى يبلغ الحمد منتهاه…”

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى