روايات

رواية غمرة عشقك الفصل التاسع 9 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل التاسع 9 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء التاسع

رواية غمرة عشقك البارت التاسع

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة التاسعة

دخل الغرفة عليها وقد جلب لها بعض العصائر والمخبوزات……. بعد ان وصاه الطبيب عليها
بان تأكل جيداً لكي يرتفع السكر في دم قليلاً لديها فسبب الاغماء نقص السكر في دم باستثناء الانيميا المرتفعة لديها….
جلس على اقرب مقعد في تلك الغرفة الكئيبة البيضاء المتواجدة في افخم مشفى له قد وضع بها نسبة أستثمار ليست هينه… لذلك الكل يعمل على عمل وساق لخدمته فهو يعتبر مالك المشفى وحتى ان كان له شركاء يظل (عز الدين الخولي) الأهم
بينهم……
رمشت بجفنيها بتعب وحاولت فتح عينيها لكن الضوء داهمها بقوة مما جعلها تأخذ وقت حتى
تفتح عينيها البنية الداكنة……
حركت راسها تلقائيا للناحية الاخرى فوجدت عز الدين ينظر إليها وقد كان بالقرب منها بهذا المقعد
وكم توترت وعينيها تقع على صدره العريض المشدود وذراعه القوية الساند اياها على ركبتيه
وهو يتفقدها بتلك العيون العسلية الضارية
كنمر يتربص لفريسته…….
بلعت ريقها بخوف وهي تحاول النهوض
من مكانها…..
“انا فين…….. انا…..”
وكانه قراء خوفها فمنع تحركها بحزم…
“خليكي مكانك متتحركيش انتي في مستشفى… متقلقيش احنا مش لوحدنا….الدكاترة كل شوية بيدخله يطمنه عليكي…. ”
بلعت ريقها بصعوبة وهي تمسك رأسها بتعب…
“هو اي اللي حصل…..انا عندي إيه….”

 

 

 

رد بنبرة عادية….
“عندك نقص في سكر والانيميا عندك عاليه…انتي اخر مرة كلتي فيها كانت امته…..”
حركت عينيها للناحية الأخرى وهي تقول
بنبرة واهية…
“معرفش…… مش مهم انا عايزه امشي… شكراً على اللي عملته معايا انا تعبتك معايا اوي النهاردة…..”
نهضت تلك المرة من مكانها وسحبت إبرة المحلول
من يدها وهي تكبح الوجع بقوة ولكنه خرج بين شفتيها بآنين خافت سمعه عز الدين بسهولة…..
نهض من على كرسيه وظل يتابعها وهو عاقد ذراعيه يريد انهاء تلك المسرحية السخيفة سريعاً….وبالفعل ستنتهي حينما تدرك ان تحركها من مكانها كان اكبر خطاء….
اتجهت حنين الى الباب محاولة فتحه لكنها شعرت ان ساقيها خائرتان القوة ولم تشعر بنفسها الا وهي تقع اغمضت عينيها باعياء لتجد من يكبل خصرها بيداه القوية…..
فتحت عينيها بتعب فوجدت عز الدين ممسك بخصرها ويرتاح جسدها بداخل احضانه على صدره لتداهم انفها رائحة عطرة الممزوجه برائحته
الرجوليه……
فتحت حنين عينيها وهي تنظر لوجهه القريب منها
انه وسيم…..انه اوسم رجل رأته طوال حياتها….
بشرته بيضاء متشربة قليلاً من اشعة الشمس
فاعطت له بشرة خمرية فاتحه….. ليس لديه لحيه يبدو انه يحلقها دوما او يوميا فهي تبدو ناعمة
خالية من الشعر…… حاجبيه حادين لكن جميلان
كعينيه العسلية الحادة في تعبيرها….ملامحه
وسيمة ولكنها قاسية قليلاً كهيئته المهيبة
للجميع ولها هي أيضاً ؟!……
لكن برغم من قساوة ملامحة وهيئته الضخمة كانتى عيناه العسلي نهر من الدفء…..و واحتين من الأمان..
لا تعرف لماذا خمنت هذا لكنه مجرد احساس حينما اطالت النظر بهم ، وهو لم يمنعها بل ظل يحدق بها بنفس التأمل وسكون….وكما كانت تحفظ هي وتتأمل تلك الملامح كان هو يقرأ ملامحها الشفافة وعيناها الشبيهة بشاشة سينمائيّة تذيع فيلم لا ينتهي وبرغم ذلك يظل ممتع لا تمل العين من مشاهدته بل يظل هناك فضول لرؤية النهاية ؟!….
اضطرب جسده عند لمسها تكاد تكون في احضانه وهي ترخي جسدها المنهمك كله عليه….سألها بتجهم……
“انتي كويسه يانسه حنين…..”
“انا كويسة….”حاولت والوقوف بمفردها لكنها لم تقدر مما جعله يساعدها وهو يقول بجزع…..
“ياريت تسمعي الكلام وتبطلي معافره…انتي
محتاجه ترتاحي شويه…..تعالي…..”

 

 

 

 

جلست على حافة الفراش وهي تقول بانهاك جسدي…..
“انا لازم اروح عشان اشوف امي انا….”
قاطعها بنبرة هادئة بها لمحة من الشفقه عليها….
“اللي انتي عيزاه انا هعمله…قوليلي اي اللي نقص
اهلك وانا هعمله……”
نظرت حنين له بحنق وهتفت بنبرة حادة متعبة….
“شكراً انا مش عايزه حاجه منك…..انا بس عايزه امشي من هنا….”
أشار نحو الباب ببرود وهو يقول بفظاظة….
“انا مش مسكك…. خدي بعضك وامشي…..دا لو قدرتي تقفي على رجلك يعني…..”
عقدت حاجبيها بألم اسبلت جفنيها بعجز وهي تفكر في النهوض والتمسك قليلاً حتى تخرج من هنا…..
“بلاش تفكري كتير…. كلها ساعتين ونخرج من هنا.. وساعتها شوفي انتي هتعملي إيه…..”
اقترب عز الدين منها وبيده علبة من العصير
وكعكة شهية الشكل… فتحها لها ووضعها في يدها
والعصير في اليد الاخرى وهو يقول بحزم بارد…
“كلي عشان تقدري تقفي وتمشي من هنا…. قبل
ما كل منك حته…..”
رفعت راسها عليه وظنت انه يمزح معها…. لكن ملامحه كانت جامدة وكانه يسخر من عقلها
الأحمق…..
وضعت الطعام في فمها رغما عنها امام عيناه التي تكاد تبتلعها بلع…….
من شدة الارتباك من وجودهم في غرفة واحدة مغلقة وعيناه لا تفارق وجهها ، قد اكلت الكعكة بسرعة ونهم وخزنت كمية ليست هينة في فمها مما جعل وجنتيها منفوخة بطريقة مضحكة…..
أبتسم عز الدين عليها واشاح بعينيه للناحية الأخرى
وهو يقول بفتور…..
“في عصير في ايدك على فكرة تقدري تبلعي بيه…”
احمرت وجنتيها واطرقت براسها للأسفل وهي ترتشف القليل من العصير بعد ان اكلت نصف
الكعكة تقريباً…… ثم تركتها جانباً على
الطاولة….
انتبه لها عز الدين لتركها لطعام فقال بامراً
هادئ….
“كُلي يانسه حنين….. عشان تقدري تقفي….”
قالت بهدوء وحرج….
“شكراً…. بس انا الحمدلله شبعت…. ممكن أروح بقه…”
اخبرها بنبرة عادية….
“استني شويه لم نطمن على التحليل….”
هزت راسها بنفي وهي تخبره….

 

 

 

“ملوش لازمه الاهتمام دا كله ياعز بيه…. انا….”
قاطعها بنبرة باردة بها لمحه من التجريح….
“مفيش اهتمام ولا حاجه اللي بعمله معاكي كان ممكن اعمله مع اي واحده وقعت قدامي في شارع…….”
صمتت قليلاً ثم عقبت بعد ان برمت شفتيها
بشجن…
“كتر خيرك….. ربنا يجعله في ميزان حسناتك.. ويزيدك من خيره…..”
نظر لها باستغراب وهو يعقب ساخراً….
“بلاش اسلوب الشحاتين دا يانسه…..”
نهضت من مكانها وهي تقول بحنق….
“دا اللي اقدر اقدمه…. قدام كرم معاليك….. انك ساعدت واحده من الشارع…..”
“انتي بتفهمي ازاي انا مقولتش كده اأ…” صمت قليلاً وهو يتراجع عن التبرير لها ، فمنذ متى وهو يبرر لاحد تصرفاته او كلماته… ومن تلك الذي يبرر
لها…….
نظر لها بحنق وهو يقول بنفاذ صبر….
“كل حاجة ليها تمن يانسه……. وزي ما بنقول بالبلدي كده…. قدم السبت تلاقي الحد…. وانا بقدم
السبت معاكي عشان الدور الجاي يبقا عليكي…”
نظرت لها بتوجس وهي تسأله…..
“تقصد إيه…. انا مش فاهمه حاجة….”
انتصب في وقفته وهو يأمرها بهدوء….
“تعالي معايا…. دا لو تقدري تقفي على رجلك يعني….”
اومات له وهي تستند على الحائط لتسير بجواره لكن ببطء ولا يزال اثر الخمول يداهم جسدها خصوصاً بعد ان أكلت…..
سارت معه بالممر وهي تسأله بقلق….
“احنا رايحين فين….”
سار بجوارها بشموخ وهو يرد عليها بنبرة
تبث الطمأنينة بقلبها…..
“متخفيش…… هوريكي حاجة…..”
خفق قلبها بقوة اكبر وهي تعيد
السؤال….
“حاجة……… جاحة إيه…..”
“أصبري……”

 

 

 

 

عرقلت سيرهم احد الممرضات الجميلات الانيقات كذلك وهي تسلم على عز الدين بتملق وتودد ظاهر للاعمى….
“ازاي حضرتك…. نورت المستشفى….. وانا بقول النهاردة اليوم حلو كدا ليه… اتاري حضرتك موجود…..”
ابتسم بمودة وهو يسألها بهدوء….
“شكراً ياهنا….. انتي اللي عامله إيه…. وخطيبك اي اخبارة…..”
ردت بسرعة عليه جعلت حنين تنظر اليهم
بدهشة…..
“سبنا بعض محصلش نصيب…..”
ابتسم عز الدين باعتذار وهو يقول….
“ربنا يعوض عليكي ياهنا….انتي تستاهلي كل
خير….. ”
ردت الفتاة سريعاً هائمة في عيناه….
“يارب….. بواحد زي حضرتك……. ياريت…..”
ضحك عز الدين وهو يربت على كتفها بتفهم …
“يجيلك الاحسن ان شاء الله ياهنا…يلا على شغلك كفاية رغي……”
توسعت ابتسامة الفتاة وهي توما له بأحترام قبل
ان ترحل……
نظرت له حنين بأستغراب وسألته….
“غريبة انك بتعامل الموظفين بطريقة دي انا قولت انك…..” صمتت ولم تكمل فهو لم يلتفت لها ولم يعرها اهتمام ولكن بعد صمت سألها باهتمام…
“قولتي اني اي…. كملي انا سمعك…..”
قالت بتحذير وتقاطع…
“يعني…. مفتري…….. وشراني….”
اطرق براسه وهو يبتسم بجزع ثم رفع عيناه عليها وداهم حدقتيها البنية وهو يخبرها ببساطة….
“لو مفتري وشراني… كان زمانك لسه في الحجز
لحد دلوقتي….”

 

 

 

 

اشاحت بوجهها بحرج وحزن فقد ذكرها بتلك الليله المشئومة التي قضتها بين نوع اخر من البشر لم تتعرف عليه إلا في هذا القبو المظلم….
سألها عز الدين باهتمام….
“صحيح انتي عملتي إيه في المستشفى خلى رشاد ياخدك معاه على القسم….”
اخرجت نفس ثقيل وهي تقول بصوت مات
التعبير به وظلت السخرية تلوح به…
“ابدا اتعصبت شوية على الدكتور وقولت كام كلمة من بتوع حقوق المواطن اللي مضكوك علينا
فيهم……سمعني الظابط وحب يتسلى عليا فخدني على البوكس ورماني في الحجز لحد مانت جيت وطلعتني……..دي كل الحكاية… ”
شعر بالغضب يجتاحه وهو يسالها ببرود…
“بس كده………هو ده اللي حصل….”
اومات له بوجوم….سألها من جديد
سؤال محدد…
“يعني ممدش ايده عليكي….”
ردت عليه بجمود….
“هو زقني لما كنا في الستشفى ولم حسبنة عليه خدني على هنا….بس هو كان قصد عشان ياخدني
معاه على القسم…..نظام افترى يعني…ومش جديدة
يعني في ظباط كتير كده….”
هتف بتأكيد…
“شكلك ليكي في سياسه….”
ردت بنفي وهي تنظر الى الممر الممتد امامها….
“لا…… بس بسمع من هنا ومن هنا….وعندي خلفية بسيطه عن بلدنا…… دا غير اللي شوفته فيها…..”
رد عليها ببساطة وبدون ان ينظر إليها…..
“مش كل اللي بيقوله الاعلام حقيقي…”
هزت راسها بتاكيد وهي تضيف…..
“عارفه…بس اللي بعيشه انا حقيقي…وظابط ده
في منه كتير اوي مليين البلد …..”

 

 

 

 

نظر عز الدين لها وقال بنبرة خبيثة..
“بس لسه الدنيا بخير….. مش كل الناس وحشة…..”
لم تنظر إليه بل برمت شفتيها وهي تقول
باستنكار…..
“بصراحة انا مقبلتش غير الوحشين….لكن اكيد هحتفظ بنصحتك يمكن تفيدني في يوم من الأيام
مع اني اشك……”
ابتسم ابتسامة خالية من المرح وهو يهز راسه
بجزع معقباً بصدق…..
“من غير زعل………بس انتي كتلة يأس….”
افترقت شفتيها في إبتسامة حزينة واخبرته….
“مش بأيدي……من شب على شيء شاب عليه….”
وقف عز الدين امام احد الغرف ذات نوافذ
زجاجيه تبصر العين ما بداخلها…..
“وصلنا……”
رفعت حنين عيناها البنية لتجد امها راقدة على الفراش في احد غرف تلك المشفى الخاصة
العريقة ذات التقنيات الهائلة والخدمات الطبية
و رعاية العالية بها…. يكفي انها نظيفة لامعة هادئة غير مزدحمة بكثرة لا تدل أبداً على انها مشفى
بل شكلها ونظافتها يجعلك تظن انها أحد
الفنادق الفخمة……
سالته بحدة وهي تنظر من النافذة الزجاجية
تبصر امها النائمة على الفراش براحة وسكون….
“لي عملت كده……انت عايز توصل لايه….”
رد بتلك النبرة الحازمة…..
“قولتلك اني بقدم السبت ودور عليكي….”
“في إيه بظبط؟…”
لفظ كلمة واحدة….
“خالد…..”
هدرت من تحت اسنانها بعصبية وهي تنظر إليه…
“انت إيه مبتزهقش….قولتلك اني رفضت الجواز منه خلاص….”
اخبرها بغلاظة أمر….
“لم يجيلك وترفضيه بنفسك….”
لوحت بيدها بمقت معقبة…
“ولي دا كله………تقدر تبلغه ان انا رفضته….”

 

 

 

 

القى عرضه الباهظ بصلف وهو يخبرها بأمر مستبد……
“انتي اللي هترفضيه بنفسك…ومن غير ما تجيبي سيرتي في الموضوع…..وقصدها أمك هتفضل هنا تاخد الرعاية اللي تحتاجها لحد ما تخف ومصاريفها كلها عليا……ها قولتي إيه…..”
ردت بعصبية هازئه….
“عرض مغري….بس انا هاخد امي وامشي وشكراً لخدماتك….”
اتجهت نحو الباب لفتح المقبض بعصبية لكن
منعها عز الدين وهو يقبض على يدها فوق
المقبض قائلا بنبرة خطيرة حادة افزعتها…..
“اعقلي ياحنين تاخدي امك وتروحي فين…امك تعبانة…ومحتاجه رعاية طبية…. وبعدين انا مش
طالب منك كتير….خدمة هتقدمهالي انا مش عايز فضايح….خالد لو اتجوزك العين هتزيد علينا والكلام هيكتر حولينا… وشغلنا هيضر….”
سحبت يدها من على المقبض وهي تقول
بدهشة مصطنعة….
“لدرجادي؟؟….”
رد عليها بغطرسة…
“واكتر….انتي عارفه انك لا شبهنا ولا زينا وان في فرق اجتماعي كبير بينك وبين خالد….”
عقدت ذراعيها امام صدرها وهي تقول
باستخفاف….
“فعلاً….عشان كده ساعدتني وجبت امي لحد هنا…..ومش كرم اخلاق منك….دا عشان تنقذ ابن خالك المستهتر من غلطة جديدة هتضر اسم
العيلة العريق…..”
كبح غضبه عنها بصعوبة وهو يركز على اهم
نقطة في الحوار….
“احسبيها زي ما تحسبيه المهم تعملي اللي انا عايزه……..وقصدها أمك هتاخد الرعاية اللي محتجاها……اتفقنا… ”
نظرت لامها النائمة ثم إليه وقالت بنبرة هازئة
وعين تبغض ملامحه بقوة….

 

 

 

 

“اتفقنا………..اتفقنا ياعز بيه….”
اوما برأسه ولم يعقب على نظراتها….
“ارتاحي جمب والدتك…..هخليهم يجبولك سرير عشان تنامي جمبها…..واعذريني… “نظر لساعته
وهو يقول بنبرة قاسية….
“اعذريني مهمتي هنا خلصت…. وعندي شغل تاني أهم…….”
تركها واقفه وذهب ذهب وظلت عينيها متعلقه به حتى رحل…. رحل مؤقتا عن عيناها الشاجنة الكارهه له ولمن كان سبب مقابلتها به ؟!…
……………………………………………………………
نادى عليه زميله وائل قائلاً بتعجل…
“أحمد تعالى اقف هنا شويه وجاي..”
اتى اليه أحمد وهو يقول بعجله…
“متتاخرش عشان لو حد جه…..”
رد عليه زميله وهو يقول باستخفاف….
“ياحمد مفيهاش حاجة يعني لو حد جه…. مانت عملت عليها كريب كذا مرة……. الكريب جاهز حط الحشو واشتغل…..”
أومأ له احمد وهو يقول بجدية…
“ماشي ياوائل مانا عارف بس متغبش عشان الكاشير مش عايز حد يتكلم معايا….”
مالى عليه وائل وهو يخبره…
“هشرب سجارة على السريع وجاي…..”
“طب ياخويا…… انجز….”
وقف احمد ام مكينة الكريب ومن حوله طاولة كبيرة عليها كافة انواع الحشو المضافة في قائمة المنيو…..
اولى احمد ظهره وهو يتحدث لكرم قائلاً بمزاح سخيف….
“كان نفسي اطلع مليونير زي ابويا…..”
رد كرم عليه بدهشة وهو يرفع اطباق الكشري
من على الطاولة……
“انت ابوك كان مليونير….”
رد أحمد ساخراً….

 

 

 

 

“لا بس كان نفسه برضو….”
ابتسم له كرم بسماجة وهو يقول….
“دمك تقيل اتقل من الساعتين اللي مش راضيين يعدوا…… صحيح كلمت يوسف….”
سأله أحمد بشك….
“لا لسه………… هو كلمك ولا إيه….”
رد كرم عليه وهو يضع اطباق الكشري للزبائن الجالسه بداخل…..
“كلمني وعزمني على عيد ميلاد اخته…. نور…”
حك احمد بشعره بدهشة وهو يبتسم….
“نور….. هي بقا عندها كام سنه دلوقتي…”
رد كرم بالامبالاة…..
“بتهيالي ستاشر……… المهم رايح….”
هز احمد راسها بنفي….
رد كرم باصرار…..
“لا هتيجي عشان تصالحه متبقاش عيل بقا ياحمد…….”
رد احمد باقتضاب….
“ربنا يسهل لم يجي وقتها…..أصلا لازم ندبر فلوس الهدايا……..مانت عارف نور… ”
رد كرم بتبرم….
“ااه مناخيرها مرفوعه لسما….ومش اي حاجة بتعجبها….”
رد عليه احمد بخبث وهو يغمز له…
“آآه عندك حق…….بس منك انت مظنش….”
رد كرم ببرود….
“احمد فكك منها…….دي اخت يوسف….”
رد عليه احمد بغرابة من امره….
“ياعم انا قولت حاجة انا بارسيك على الحوار…”
رد كرم بنزق وهو يقول…..
“عارف…بس فكك لا دلوقتي ولا بعدين…دي نور توفيق الشامي يعني لو ابوها نفخ بس يطيرنا احنا الاتنين……احنا فين وهما فين… ”
برم احمد شفتيه بحسرة….
“عندك حق……..ارزاق ياشقي…..”
رد عليه كرم وهو يمسح احد الطاولات…
“مقسمها الخلاق ياصاحبي…..”
صدح صوت مألوف من خلفه قائلاً…
“ممكن واحد كريب ميكس جبن……”
استدار أحمد للصوت بدهشة رافعا حاجبيه وهو يقول…..
“حبيبه؟…….”
توترت ملامحها ازدادت خفقات قلبها وهي تسأله
بارتباك…

 

 

 

“انتَ شغال هنا…….. امال فين وائل؟…”
ذأبت الدهشة على ملامحه وحل محلها الحنق…
“نعم ياختي….. انتي تعرفيه منين….”
رفعت كتفيها وانزلتهم وهي ترد
ببساطة…
“عشان بشتري من هنا علطول….هو فين بقه… ”
كبح غضبه وهو يخبرها بتبرم….
“مش موجود….. قولي عايز إيه وانا هعملهولك….وبعدين انتي امتى جيتي هنا…. انا
اول مرة أشوفك هنا…… ”
ردت بنبرة فاترة….
“بقالي فترة مجتش…..وبعدين انتَ هتعرف تعمله؟..”
رد عليها أحمد ببرود….
“آآه سهلها….. مش هخترع الذرة يعني….قولتي
عايز إيه…. ”
“واحد كريب ميكس جبن…..”
“اقطعي على الكاشير وتعالي…….”صاح لرفيقه
وهو ينظر إليه……
“اديها الورقه ياكرم بطلب……متخدش منها فلوس احسبه عليا…”
هتفت حبيبة بضيق وهي تقف امام الكاشير….
“هو اي اللي يحسبه عليك….خد فلوسه اهيه ياكرم….”
هتف أحمد بتوعد وتحذير لصديقه وهو يعد الكريب….
“قسما بالله ياكرم لو خدت منها حاجة همسك فيك..”
لوح كرم بيده بحنق….
“وانا مالي ياجدع…..مدخلونيش بينكم….” اعطاها كرم الورقه المكتوب فيها الطلب ونظر ليد حبيبة الممدودة له بالمال فمال عليها قليلاً وهو يقول بصوتٍ خافض…..
“ونبي ياحبيبة شيلي فلوسك دي… ومدخلنيش معاه في حوار….. عشان دا دماغه جزمه انا عارفة….”
اتكأت حبيبة على اسنانها بغضب وهو تقول له بغيظ….
“ويدفعلي بتاع اي أصلا……..دا غتت اوي….”
ضحك كرم وهو ينظر لاحمد الذي يعد لها
الكريب بتركيز…… واخبرها بصوتٍ خافض….
“هو حمار……….. بس جدع….”
إبتسمت حبيبة وهي تهز رأسها وتتجه إليه واقفه امامه والفاصل بينهم تلك الطاولة الكبيرة…..
سالها أحمد وعيناه على الكريب الذي يضيف
به الحشو…..
“كُنتي راحه فين…..”
ردت بفتور
“راحه الدرس……..”
رفع عيناه عليها وهو يسألها
“فين ده……”
ردت عليه بهدوء…

 

 

 

“في عمارة****….”
هز راسه بتذكر وهو يقول…
“آآه عارفها كنت باخد فيها…… هتخلصي امته….”
اخبرته حبيبة بتوجس….
“كمان ساعة……. بتسأل ليه….”
وضع الكريب في ورقة على شكل مثلث عليها
اسم المطعم…. ومده لها وهو يخبرها بهدوء…
“هستناكي عند العمارة….. عشان عايز اديكي
حاجة مهمة…..”
“حاجة إيه….”
رد أحمد بنبرة هادئه وهو يتعمق بجمال
عينيها الزيتونية…
“لم اجي بقه تبقي تشوفيها….عايزه حاجه تانيه اجبهالك…..اعملك اوحد تاني.. ”
ابتسمت اليه وهي تقول بحرج…..
“لا شكراً……….. دا يشبعني…. ”
بادلها الإبتسامة وهو يقول بحنان….
“خدي بالك من نفسك……”
اومات له وهي ترحل من امام عيناه ظل يتابعها
حتى اختطفت عن ابصاره…….
سمع كرم من خلفه يسأله بمكر….
“شكلك وقعت……..وهتوب قريب….”
ضحك احمد وهو يضيق عيناه بشك….
“تفتكر؟…..”
رد كرم بيقين وهو ينظر اليه ثم الى الطريق
الذي ذهبت منه حبيبة….
“افتكر اوي……. باين عليك…..و… وعليها….”
استدار وهو يقول لصديقه بعدم اقتناع….
“معتقدش….”
……………………………………………………………..
خرج من العمل ساعة مبكرة… وذهب للمنزل لتبديل ملابسه ثم الذهاب إليها حيثُ انتظارها على اول الشارع القابع بداخله تلك العمارة…..
خرجت حبيبة مع احد اصدقائها من تلك العمارة وظلت تبحث عنه بعينيها لكنها لم تجده.. لكن
حينما اقتربت من الخروج من الشارع ابصرته
فحاولت توديع صديقتيها وهي تقول بخجل…..
“طب روحوا انتوا بقه عشان ابن خالتي وقف مستنيني….”
ضحكت صديقتها وهي تغمز لها بخبث…
“ابن خالتك برضو طب سلميلي عليه….”
ردت الاخرى باعجاب وهي تحدق في أحمد…
“مووز اوي ابن خالتك ده….. ماتجيبي رقمه….”
لكزتهن حبيبة وهي تبتعد عنهن بحنق….
“بس يارخمه منك ليها…. سلام….”
اتجهت إليه حبيبة ووقفت امامه بتوتر
وهي تقول….
“انجز ياحمد وقولي كنت عايز إيه….”
نظر حوله بغرابة ثم اليها وهو يقول…
“هنتكلم هنا؟….”
زفرت وهي تلفظ اسمه بنفاذ صبر…
“أحمد…..”
اخبرها وهو يتحرك من مكانه….
“تعالي بس مش هاكلك….هنقعد في حته هادية…”

 

 

 

 

اومات بتردد وهي تسير معه…لا تعرف ماذا اصابها اليوم لماذا تنصت اليه بمنتهى الغباء….تسير معه في شارع لم تعترض حينما اخبرها انه سينتظرها بعد الدرس….ماذا بها اليوم….وكانها كانت تتلهف لاي
عرض منه….حمقاء وربما تصطدم في اقرب حائط
ان علم والدها بهذا…..انها تستغل الثقة المتاحه
إليها….. اي غباء هذا…… اي انحلال باتت به……
انها تنزلق في القاع….
توقفت فجأه وهي تقول بارتباك…
“لا ياحمد انا لازم اروح…. مكنش ينفع تجيلي لحد هنا…..”
وقف احمد ونظر لها بدهشة….
“اي الجنان دا ياحبيبة…. بلاش شغل عيال ياحبيبة… احنا في الشارع…..”
“ما عشان احنا في الشارع انا ماشيه… سلام…” استدرت فنادى عليها وهو يقول بجدية
“يابنتي استني…..في اي هو انا عملتلك حاجة….”
نظرت لمكان اخر وهي تقول بتأنيب ضمير…..
“معملتلش….بس انا حسى اني بنت مش كويسه…”
نظر اليه ذاهلا وهو يقول بغرابة اكبر…
“اي الهبل ده هو ايه اللي حصل لده كله….”
لم ترد عليه بل اخبرته بنظرة معاتبه اليه….
“انا مش منهم ياحمد…….انا حبيبة انـ..”
قاطعها وهو يقول بعتاب لعينيها الجميلة….
“مين قال انك منهم…..وعشان انتي مش منهم انا جتلك لحد هنا….حبيبة انا نفسي نكون صحاب…انا عايز اقرب منك….ومتسالنيش ليه…..عشان انا نفسي مش عارف….كل اللي عايزه اني اكلمك وشوفك منين ماحب……ممكن….”
ردت بسرعة بطريقة أصابته بالاحباط وكذلك الحزن…
“لا مش ممكن……انا مينفعش اشوفك ولا اكلمك
في التلفون…….. مينفعش….”
“طب ليه….”
قالت بغضب من نفسها ومنه كذلك…
“متربتش على كده ياحمد…..وبصراحة من ساعة ما قابلتك وانا بعمل حاجات كتير غلط…..واولهم اني وفقت انك تجيلي لحد هنا…..”
برم احمد شفتيه وهو يقول بحزن…
” ياااه لدرجادي ياحبيبة؟….”
نظرت اليه وهي تقول بارتباك…..
“واكتر……من غير زعل ياحمد انا لازم امشي….”
ابتسم ابتسامة خاليه من المرح وهو يخبرها بنبرة فاترة….
“من غير زعل يابيبه امشي….. بس خدي دي.. كل سنة وانتي طيبة……”
انتبهت الى الكيسة السوداء التي بيده الاخرى اخذتها منه وهي تسأله بتردد….
“اي ده…..”
أبتسم وهو يقول بمزاح….
“شوفيها………وقتلي فضولك..”

 

 

 

فتحت الكيسة السوداء فوجدت بها حقيبة هدايا ورقية انيقة فتحتها لتجد سلة صغيرة بها محتويات لم تراها جيداً إلا طبعاً اذا نزعتها من الكيس…..
رفعت عيناها الزيتونية إليه وهي تقول بتوجس….
“مش فاهمه….. بمناسبة إيه…..”
نظر لها بجدية وسالها باهتمام….
“مش عيد ميلادك النهاردة… ولا انا قريت لميلاد
غلط على صفحتك…..”
توسعت عيناها وهي تسأله….
“وانت شوفت صفحتي فين….”
رد مختصر الامر…..
“ممم عادي انتي صديقة سمر على الفيسبوك…. وعلقتي على كذا حاجه عندها…..”
توترت ملامحها وهي تطرق براسها بحرج…
“آآه فهمت….. شكراً… بس يعني انا مش هقدر اقبل الهدية دي…..”
ابتسم وهو يقنعها ببساطة….
“النبي قبل الهدية…… ودي اول مرة اجبلك حاجة… وبعدين مفيهاش حاجة احنا هنبقا أهل…..”
ردت وهي تبتسم بخجل….
“عليه الصلاة والسلام….. بس مينفعش ادخل
بيها ياحمد…. ”
رد بنبرة عذبة ماكرة….
“عملت حسابي… وحطتها في كيس اسود عشان تعرفي تدخلي بيها بيتكم…….كل سنة وانتي
طيبه يابيبه… ”
“وانتَ طيب…… شكراً…..”
رد بمزاح ثقيل…..
“العفو…. يلا عشان تروحي….. ولا الهدية غيرت رأيك…..”
نظرت اليه بانزعاج وهي تقول…
“مستفز…. طبعاً مروحه……. سلام…..” اولته ظهرها وهي تبتعد عنه……
أومأ براسه مبتسم وهو يتابع رحيلها بعيناه…
“سلام يابيبه…….”
………………………………………………………
دخلت حبيبة الشقة ثم لغرفتها وهي تغلق الباب قائلة…..
“هغير وجيلك ياماما…..”
صاحت امها من الخارج….
“بسرعة ياحبيبة….ابوكي زمانه جاي….”
خلعت حبيبة سترتها ثم قفزت على السرير وهي تفتح الكيس بحماس…. لتجد سلة صغيرة انيقة بها جانب يحتوي على بعض قطع الشوكلاته مختلفة
الانواع…. وجانب اخر به علبة عطر نفس نوع عطرها المفضل….. واخر جنب به علبة انيقة
تحتوي على انسيال فضي عليه إسمها بالرقعة…
إبتسمت وهي تتفقد الهدايا البسيطة بفرحة انها
اول هدية منه….. اول هدية من شخص سرق
شيئاً بداخلها لن تسترده أبداً !….
تنهدت وهي تفرغ كل مافي السلة على الفراش لتجد ورقة صغيرة مطوية مكتوب بها بشقاوة…
(كل سنة وانتَ طيب يصغنن….)
ابتسمت أجمل ابتسامة لديها وهي تقرأ الجملة مررا وتكررا وكانها تتخيل صوته بها…..
قربتها من انفها وهي تستنشقها بفضول لتجد رائحة عطرة معلقه بها…. لمعة عينيها وهي تستنشقها بنعومة وهيام…..
صرخت امها في تلك اللحظة من خلف الباب جعلتها تلقي الورقة بفزع وهي تقول
“جايه ياماما………. جايه….”
لملمت الاشياء ووضعتها بدرج مغلق بالمفتاح… احتفظت بالورقه بجوار الورقة القديمة التي
تحمل رقمه ورسالته السخيفة سابقاً……
كنزها الصغير هو الذي يحتوي على أشياء تخصه
هو فقط……(احمد) الى اي مدى ساتعلق بك….
ولماذا أتيت وجلبت كل هذا الاضطراب المجنون
في قربك ؟!……
……………………………………………………………

 

 

 

 

ارتدى ملابس كاجلو انيقه عبارة عن بنطال اسود
وقميص ابيض ناصع….صفف شعره الغزير الناعم للخلف بأناقة……
وأيضاً ارتدى كرم بنطال ابيض يعتليه كنزة صيفية حمراء انيقة…. وترك شعره المجعد المفلفل طليق بشكلا مميز يليق بملامحه الوسيمة وبشرته السوداء……
نظر كرم للضيوف الحاضرين الحفل المقام في
حديقة الفيلا لأجل عيد الميلاد (نور)الصغيرة
شقيقة يوسف…..
همس كرم وهو يتفقد المكان بعيناه وكذلك المدعوين…..
“شايف الناس… دا احنا مش عايشين ياجدع….”
نظر احمد لما يرتديه ثم لكرم وسأله بتوجس….
“هو احنا شكلنا عرة ولا عادي…… حاسس اننا كان المفروض نلبس بدل زيهم……”
برم كرم شفتيه وهو ينظر إليه…..
“منين ياخويا…..من عند ابوك ولا ابويا….متحسرناش على باختنا……”
نظر احمد إليه ورد بتأثر زائف…..
“انا يتيم ابويا راح للي خلقه…….. ابوك انت اللي عايش المفروض يتكفل بالموضوع ده….”
ابتسم كرم وهو يهز راسه بدهشة…..
“ربنا يديله الصحه وطولة العمر…. لو كان سمع اني
عايز اشتري بدله احضر بيها عيد ميلاد نور الشامي كان زمانه مات فيها…..”
نظر احمد للنساء وملابسهن الفاضحة….ثم عقب بوقاحة…..
“على رايك…… بس بص النسوان هنا جاامده… ولا لبسهم دا انا شايف كل حاجة من هنا…..”
مالى عليه كرم وهو يقول بوقاحة…..
“ااه شايف الموزة اللي لبسه ازرق دي….”
نظر اليها احمد ثم عقب باستنكار….
“دي كبيرة ياجدع…. انتَ ليك في العتاقي ولا إيه… ركز كده مع الموزه دي…..” اشار بعيناه على امراة يافعة الطول وجميلة القوام بفستان قصير
مفتوح…..
عقب كرم وهو يكاد ياكلها بعيناه……
“جامده بس طويله اوي…..”
عقب أحمد بجدية وعيناه تتابع المرأة الطويلة…
“البنات الطويله عسل… القصيرة بتحب المشاكل وسهونه كده في نفسها…”
نظر له كرم وهتف بخبث…..
“على فكرة حبيبة قصيرة….”
رد احمد وعيناه متعلقه على النساء…
“لا طولها حلو….. لا قصيرة ولا طويلة….. مظبوطه…”
ابتسم كرم وهو يقول بلؤم…..
“يعني نقرا الفاتحة…..”
برم احمد شفتيه وهو يقول بنزق….
“ابلع ريقك بقه وخلينا نركز مع الموزز….”
تافف كرم ساخراً….
“مش هتتغير أبداً…”
غمغم احمد باقتضاب….
“اهو نقك ده اللي خلاني اقابلها…ياساتر من
عينك…. “

 

 

 

 

تقدمت منهم نور بابتسامة مشرقة….وهي مراهقة جميلة في سن السادسة عشر…ملامحها جميلة بشعر اسود طويل يصل لاخر ظهرها كشلال ناعم….لديها جسد نحيف… و لا تزال علامات الانوثة والنضج يتقدمان منها باستحياء….لكنها على اية حال جميلة
رقيقة وأيضاً المدللة لدى عائلتها…..
حفرة تلك الابتسامة الجميلة على وجه نور وهي تنظر لكرم ثم لاحمد…..
“الحمدلله انكم جيتوا……انا مكانتش هطفي الشمع غير لم تيجي ياكرم…..”
كبح أحمد ضحكته واطرق براسه للأسفل….اما كرم نظر إليها ببرود وسالها بلؤم لكي يحرجها…
“ومكنتيش هطفي الشمع الا لم اجي ليه….”
توردت وجنتيها واهتزت حدقتيها وهي ترد
بحماقة..
“عشان…….عشان انتَ صاحب اخويا….”
توسعت عينا كرم وارعبها بنظراته…
“وعجبي !…….دا لو يوسف سمعك هيكلك….”
هتفت نور بترجي بريء….
“متقلوش ونبي ياكرم….انا مش قصدي حاجة انـ.. ”
قاطعها أحمد بنبرة آمنة يبث الطمأنينة لقلبها….
“مش هيقوله يانور…..متخفيش كرم بيهزر معاكي مانتي عارفه ان غلس…..”
إبتسمت نور إليه برقة وهي تسأله عن احواله…
“عامل اي ياحمد……. وحشتني اوي….”
صاح كرم بتشنج وهو يرمقة بغضب….
“اتعدلي يابت اي وحشك دي…..”
مالى عليه أحمد وهو يقول بتحذير…..
“بس يابني هتعيط مانت عارفها حساسه وبذات
من ناحيتك……”
ترقرقت الدموع بعينا نور وهي تنظر له بحزن ثم كانت ستغادر لكن كرم اوقفها بسماجه…
“قبل ما تعيطي خد هديتك…”
ابعدت يده بغيظ وهي تبلع غصة الدموع
الحمقاء بصعوبة….
“مش عيزاها خليهالك…..”
وضعها في يدها بقوة وهو يقول باصرار….
“هتاخديها غصب عنك….وعيب تقولي لحد غريب
وحشتني…..”
ضحك احمد وهو يخبره بلؤم….
“ياشقي انا مش غريب انا صاحب اخوها….”
لوح كرم بيده اليه وهو ينظر لنور….
‘ياعم ريحنا……افتحي الهدية يانور وقوليلي رأيك…”
فتحتها بعصبية ونظرت لها ثم رفعت عيناها
عليه بغضب ناعم…

 

 

 

“جيبلي باربي……باربي ياكرم…….هو كل عيد زفت تجبلي باربي انا كبرت على فكرة……”
برم كرم شفتيه وهو يقول بنزق….
“كبرتي دا هما ستاشر سنه عُمي كملي عليهم وجبيلك شبشب….”
وضعت يدها في خصرها وهي تقيمه من اول
راسه حتى أخمص قدميه….
“ياسلام وانتَ عندك كام سنه بقه…..”
رد كرم عليها بفخر….
“كلها اربع شهور وكمل التسعتاشر ياختي……”
وضع احمد يده على كتفه وهو يقول بتأثر
مضحك….
“ياااه يا شقي العمر بيجري بسرعة…..”
انزل كرم يده وهو يقول بضجر…
“اسكت يابني….اما نشوف الهانم اللي مبقاش عجبها باربي…..اللي كانت بتفرح لم بجبهالها وتقعد تلبسها وتقلعها……وتنحكش وتسرح…. اي كبرتي علينا ولا إيه ياست نور…. ”
صاحت بطفولة بوجهه….
“انت غلس يا كرم…… غلس…..”
رد وهو ينظر للعلبة بين يدها….
“عارف خدي باربي معاكي وامشي…..”كانت ستذهب
بعد ان رمت عليه نظرة متجهمة ولكن احمد اوقفها وهو يقدم علبة هدايا صغيرة وانيقة…..
“استني يانور خدي هدايتي…..”
سالته ببرود وهي تنظر لكرم بحنق…
“فيها اي دي كمان….”
رد أحمد وهو يضع يده بجيب بنطالة
بغطرسة…
“ساعة سوليتير يابنتي فخمة اوي…..”
فغرت نور شفتيها بدهشة وهي تنظر إليه
معقبة بشك..
“سوليتير ياحمد…..”
اخرج يداه من جيبه وهو ينظر اليها بصدمة…
“سوليتير إيه هو انا لاقي أكل…ساعة عاديه بس فخمة……عارفك انا بتحبي الهدايا الفخمة….”
عوجت لسانها وهي تتحدث بغطرسة…
“شكراً ياحمد كلك ذوق….مش زي الاستاذ
جيبلي باربي…….”
ابعد كرم عيناه للناحية الأخرى ببرود ولم يعرها اهتمام…
زفرت نور بغضب وهي تستأذن منهم….
“عن اذنكم…..دادي عايزني….”
اخذت نور الهدايا بين قبضة يداها….ونظرة للعلبة الورديه التي تحتوي على دمى بلاستيكية جميلة
بشعر اشقر ناعم……
ابتسمت وهي تضم العلبة لصدرها وكانها كنزا ثمين ستحتفظ به مع باقي الدمى التي اهداها لها في السابق…لعلى ياتي اليوم الذي يهديها شيءٍ اخر
يعبر عن انها اصبحت شابة وليست طفلة تلعب

 

 

 

بدمى باربي !……..
لكز احمد كرم وهو يقول بلؤم….
“غير معاملتك مع البت عشان بتحبك….”
رسم النفور على وجه كرم وهو يقول
هاكماً….
“ياعم رايحنا بقه…..بالحب بلا قرف….”
حدثه احمد ساخراً معقباً…..
“ياعم انت طايل…… ياجدع احمد ربنا… دي عندها اعاقة في قلبها… حد يحب واحد شعره اكرت… ياجدع بلا قرف بقه… نفسي تحلقه… اموت وفهم بتروح تعمل اي عند الحلاق….”
“بخلي يخف منه….. ياظريف….”
نظر احمد لشعره ثم لوجهه وقال بتقزز….
“يخف منه؟!… ياجدع اتقي الله دا زمان الفران ولده
فيه…”
رفع كرم حاجبيه وانزلهم وهو يقول باستفزاز
له….
“متغاظ……….. عارفك يلي مننا متغاظ…..”
هتف احمد ذاهلاً…..
“متغاظ مين ياهبل…. انا غلطان خليك كده….”
نظر كرم ليوسف القادم عليهم باناقته المعروفه
فكان يرتدي حلة رسمية سوداء ومصصف شعره الناعم للخلف بجاذبية…….
“بس بقه عشان يوسف جاي علينا… صالحه ها…”
رد أحمد بإختصار….
“احنا مبنتصلحش احنا بنتصافى اتوماتيك……”
هز كرم راسه وهو يعقب بحيرة من امرهم…..
“آآه مانا عارف… اموت وافهم بتتخاصمه ليه طالما انتوا كده كدا هتتصالحه….”
“معرفش ابقى اسأله…..”
اتى عليهم يوسف وهو يقول بابتسامة صافية…
“عاملين اي ياوغاد…. أخيراً شوفتكم…. عامل اي ياكرم…… وانت ياستاذ أحمد….”
سلم عليه كرم وكذلك احمد وهو يقول…
“عامل اي يايوسف…… اخبارك….”
ابتسم يوسف في وجهه بصفاء وهو يخبره…
“تمام… اتاخرته ليه…. تعالوا نسلم على الحاج
توفيق كان بيسأل عليكم……”
توفيق الشامي رجل بشوش الوجه طيب الاخلاق
وحسن المعاملة……برغم من مستواه الاجتماعي العالي إلا انه صارم في تعليم اولاده والتربيه
كذلك وقد ربى اولاده كما تربى مع فرق بسيط
في حياة افضل مرفهة قليلاً…..
لذلك خرج يوسف شخص مثالي محب للحياة
يحترم الجميع ولا يستعمل نفوذه واسم والده
للتعالي على احد او ايذاء أحد، بل يتعامل
بمنتهى البساطة والطيبة مع الجميع ولم يشعر اصدقائه يوماً انه شخص غريب عنهم بل كان منهم
بطريقته المتواضعة وبساطة اسلوبة معهم….
سلم توفيق عليهم بوقار وهو يسالهم بخشونة…
“عاملين اي ياشباب… و اي اخبار الدراسة…. عايزين نعدي الخمس سنين دول على خير… وعملوا حسابكم
اخر سنة في الكلية هتيجوا تدربه عندي في الشركة انتوا…. والبشمهندس….” ربت توفيق على كتف
يوسف بفخر وهو يبث فيه الهمه للقادم بعد
سنوات الدراسة…

 

 

 

 

ابتسم يوسف وهو يقول بلهفة
“يارب يابابا ادعلنا سنين الدراسة دي تعدي
على خير……”
تافف أحمد وهو يقول بجزع….
“تطير كده من قدمنا مش تعدي بس…..عشان انا اتخنقت بصراحة….”
ضحك توفيق وهو ينظر لاحمد بدهشة قائلاً
بمزاح…..
“لي يادحيح….دانت البوص اللي فيهم……دا انا بعاير
يوسف بيك بقوله عايزك تبقى اشطر من الولا
احمد………هتشمته فينا كده…..”
ضحك يوسف وهو يمزح مع والده…..
“هاريني معايره ياخي….بس شكلي هشمت المرة الجايه…..”
هتف أحمد باصرار…..
“تشمت مين انت ما صدقت”ثم نظر لتوفيق وهو يقول بمزاح “عايره يافخامة زي مانت عايز…..انا ناجح ان شاء الله وهما معايا….”
هتف كرم ويوسف في صوتٍ واحد…
“يا رب…..”
“يا رب….”
ابتسم والده وهو يتمنى لهم التوفيق…..
“ربنا معاكم……يلا عيشه في الحفلة وانبسطه…..
على ما شوف ضيوفي….”
اوما له يوسف وهو يقول باحترام….
“براحتك يابابا…..”
“براحتك يافخامة……”غمغم احمد وهو ينظر
للنساء بوقاحة…..
“واحنا هنا هنعيش عادي………متقلقش… ”
ضحك كرم وهو ينظر لأحمد….
“اتقي آلله يادحيح…….”
تابع احد النساء بعيناه وهو يقول بنزق….
“بس بقه….. بس بقه عينك وحشة شكلي هسقط السنادي……بقولك انا رايح قعد جمب الموزة دي….”
ضحك يوسف عليه وهو يقول…..
“يابني اهمد وارحم نفسك….”
رد احمد وصورتها تطوف بعقله باصرار…..
“ياجدع سبني اعيش قبل ما حبها اكتر…..”
ضحك يوسف اكثر وهو يسأله….
“هي مين؟…… الموزة؟…..”
رد أحمد بنبرة مبهمة…..

 

 

 

“ياريت كان زمانها طلعت من دماغي……المهم شويه وجاي…… ”
عقد يوسف حاجبيه وهو يراه يبتعد عنهم مما
جعله يسأل كرم بفضول…..
“هو بيتكلم عن مين ياكرم…..”
برم كرم شفتيه بعد فهم…. ورفض فكرة ان يحكي شيءٍ خاص باحمد حتى لا ينزعج منه كسابق
ولان اخر مرة حدثت المشكلة بينهم بسبب
حبيبة حينما سرد الحكاية من باب المزاح
ليوسف وتشاجرا الاثنين بعدها كالاطفال ؟!….
……………………………………………………………
وضع عطرة

وضع عطرة وهو يدندن امام المرآة ببال صافٍ….
وضع قنينة العطر على المنضدة وهو يهندم سترته
الرمادية الفخمة……
دخلت رزان بقميصها الأحمر القصير للغرفة وقد صففت شعرها الاشقر بفعل الصبغات
العصرية ، اطلقته للخلف
بحرية وهي تنظر له بشوق وكانت بكامل
اناقتها الانثوية وهي تقترب منه قائلة برقة..
“رايح فين ياماهر…. مش هتقضي معايا اليوم دا.. انت لسا جاي من الشغل….” مالت عليه وقبلته من وجنته وهي تقول بدلال وتتمسح بكتفه كقطة
وديعة محبة…
“وحشتني اوي ياماهر…….قعد معايا النهاردة
وبلاش تخرج……”
برم شفتيه بملل وهو يبعدها عنه ليرتدي
ساعة يده….
“مش هينفع يارزان….دا عشاء عمل…..”
ابتعدت عنه بصدمة وهي تستعيد غضبها منه بتدريج….
“هو كل يوم عشاء عمل…انتَ هتضحك عليا…انا عارفه انك رايح تسهر في المكان المقرف اللي
بتسهر فيه كل يوم…..”
نظر لجسدها المكشوف امامه بسخاء ثم برم شفتيه باستهجان وهو يخبرها باستخفاف…
“اهو المكان المقرف ده…..معزوم فيه على عشاء عمل….”
قد يئست وهي تشير على نفسها قائلة بوجع….
“انتَ لي بتعمل فيها كدا ياماهر……دا انا بحبـ….”

 

 

 

 

قاطعها وهو يسحبها بقوة لتقف امام المرأة ليهدر بمقت قاسي….
“بصي لنفسك في المراية وانتي تعرفي…..مبقتيش زي الأول…..جمالك راح مع السنين……وشك بقه مكرمش من كتر النكد وشرب القرف….عايزاني قعد
معاكي ازاي او ابص في وشك وقربلك ازاي ها……إزاي…..”
تركها بقوة جعلت جسدها يهتز ودموع انهمرت اكثر على وجنتيها….
“دلوقتي بقيت وحشة ياماهر…دلوقتي بقيت عجوزة ومكرمشة…..كنت زمان بتحبني وبتتمنالي الرضا ارضى……”
“بحبك….”ضحك ساخراً وهو يضيف بجمود ونظراته تحرقها في وقفتها اليائسه…
“انتي عارفه انا اتجوزتك ليه…وكمان انا عارف انتي وفقتي عليا ليه…….”
صاحت بتشنج امام عيناه النافرة منها….
“وطالما الموضوع كده……مطلقتنيش ليه من زمان طالما انتَ زهقت مني اوي كده……”
رد بطريقه بذيئة….
“طلاقك هيجي عليا بخسارة….لكن لو عايزه تطلقي
اتنزلي عن حقوقك وانا موافق……قولتي اي….”
صاحت بشراسة طامعه…
“حقوقي كلها هاخدها ياماهر ومش هسبلك جنيه واحد…..”
ابتسم ماهر ببرود وهو يعقب باهانه….
“طول عمرك كلبة فلوس…….يارزان هانم…..”
هجمت عليه بشراسة القطط وهي تقول بغضب….
“انا مش كلبة فلوس انت اللي واطي وخاين وغدار……وابن****…….”
صفعها ماهر على صدغها عدة مرات وهو يكبل يداها بقوة صارخاً فيها بغضب….
“اخرسي يابنت ال****…..لو عايزه تطلقي اتنزلي عن كل حقوقك……. مش هدفعلك جنيه زيادة كفاية اللي خدتيه مني…….” القاها على الفراش بقوة
لتصرخ بقهر وهي تنتحب بقوة شاتمه اياه باقذع الكلمات…….. ليتركها ماهر ويخرج من الشقة
بأكملها……
…………………………………………………………….
دخلت سمر صالون التجميل في وقت متأخر عن معاد عملها……وقفت امام مكتب رزان التي كانت
جالسه على المقعد جثة بلا روح تغطي معظم وجهها
بنظارة سوداء كبيرة تخفي بها الكدمات اثار صفعات زوجها…..
ابتسمت في وجهها سمر وهي تقول بهدوء…
“صباح الخير يامدام رزان….”
اومات لها رزان بوجه حجري وهي تسألها بضيق…
“اتاخرتي كدا ليه……معادك كان من ساعتين….”
اخبرتها سمر بتردد وهي تزيح خصلة من شعرها للخلف….
“معلشي يامدام بس انا مش جايه أشتغل….”
“امال إيه….”
ردت سمر بحرج وهي تنظر لها….
“انا كُنت جايه اقولك اني… انا اتقرت فاتحتي…. و
مضطرة اسيب الشغل لان فرحي كمان كام شهر….” لم تود سمر ان تخبرها انها ستعمل بمكان آخر..
فمن أصول العمل ان لا تفصح عن عملك الجديد
لرب عملك السابق……من باب الذوق حتى…..
ورغم ان سمر حزينه على ترك هذا المكان التي
عملت به لسنوات وسنوات منها كانت كثيرة الشقاء والحرمان ومنها أيام تحمل نصر واصرار بداخلها…
لكنها على اية حال تتنازل عن كل شيءٍ رغماً عنها لأجل السمج( ماهر) ولكي تريح ضميرها من ناحية
زوجته…. وناحية خطيبها الذي لم تجرؤ على اخباره
بمضايقات ماهر لها وطلب زواجه اليها طوال تلك السنوات…. ربما لم تود التطرق لهذا الموضوع
خوفاً على ابراهيم من ردة فعله الحمقاء امام رجل
له نفوذه كماهر….
اوقات تظل تحمد الله يومياً على انها مزالت كما هي ولم يؤذيها (ماهر) باي طريقة مشبوهه لكي يحصل على مراده منها….ربما دعوات امها كانت الحصن لها
طوال تلك السنوات……ورحمة ربها كانت كبيرة
عليها…..
أكيد ستنتهي القصة بعد ان تترك هذا العمل…وستكمل حياتها وتستقر مع من خطف قلبها
واثبت مقولة كانت تسخر منها دوما طيلة حياتها
بان(المال لا يصنع السعادة)
أموال ماهر وسلطة الذي يمتكلها ؟….

 

 

 

 

ام السعادة التي تشعر بها بقرب ابراهيم؟….
لن تختار إلا السعادة….فهي كنزها الثمين…ومهم انكرت….. السعادة حقا لا تشترى بالاموال كالحب تماما ؟!……..
رفعت رزان نظارتها السوداء فوق شعرها وهي تخبرها بابتسامة بسيطة…..
“مبروك ياسمر…. ربنا يسعدك…..” مسكت رزان رزمة
من الاموال وبذات تعدها كي تخرج منها مبلغ لكي
تعطيه لسمر مباركة لزيجتها القريبة…
توسعت عيني سمر بدهشة وهي تنظر لتلك الكدمات الزرقاء التي تلون صدغ رزان وتحت عينيها…..
زفرت سمر بكبت وهي تمنعها بهدوء محاولة
الذهاب من هنا سريعاً فيكفي عذاب ضمير كلما
رأت (رزان) بكل هذا اليأس… انها تحمل نفسها الذنب مع انها على كامل اليقين ان (ماهر) يعرف الكثيرات عليها…. وانه مريض شهواني وغد مع اي أمرأه يتزوجها……
“خلي فلوسك معاكي يامدام… خيرك مغرقني…انا لازم امشي دلوقتي…. عن اذنك…اشوف وشك بخير…… ” خرجت سمر سريعاً من المكان وهي
تسمع من خلفها رزان تنادي عليها……
“استني……. ياسمر…..خدي… ”
وقفت بخارج صالون التجميل ونظرت للسماء الصافية ثم للرصيف الفراغ…. وهي تستنشق
اكبر قدر من الهواء مستشعره الحرية والراحة
النفسية بعد تلك الخطوة….
سارت على الطريق وهي تبتسم بسعادة وترسم في مخيلتها تلك الحياة الزوجية المنتظرة مع سيد الرجال……… الشقي…….الوسيم……
سمعت صوت سيارة تقترب منها استدارت بتوجس
لها…….فوجدت ماهر يصف سيارته.. ويخرج منها
بشموخ وعلى شفتيه ابتسامة مريبة في التعبير
وقف ماهر امامها وبارك لها بدون مقدمات….
“مبروك ياسمر…..سمعت انك اتقرت فاتحتك…على إبراهيم………مش اسمه ابراهيم برضو….”
بلعت ريقها وزادت خفقات قلبها وهي تنظر اليه بعيون متسعة برعب منه…. وكانها رأت شيطان
ظهر فجأه أمامها…..
نظر لها بعيون ماكرة….
“خايفه من إيه….دا انا جاي اهنيكي حتى….”
سالته بتوجس….
“انتَ………….انت عايز اي بظبط……”
تحدث بسخط وهو ينظر لها بمقت….
“ولا حاجة….جاي اهني واحدة حبيتها….فضلت حبي ومالي……….بشحات زيها……”
جف حلقها وهي تنظر إليه بخوف ليس على نفسها بل على من دخل دائرة الخطر بدون ان يلاحظ……
“ماهر….كل شيء قسمه ونصيب وانت عارف اننا…”
صاح بنبرة حاقدة مريضة لا تخلو من التعجرف….
“اننا ايه……عمرك ما سألتي نفسك انا صابر عليكي طول السنين دي ليه….مسألتيش نفسك انا مخدتش اللي انا عايزه بالعافية ليه……..عشان حبيتك……
ومستغرب انك تحبي واحد شحات….. باشارة
واحده مني اوديه ورا عين الشمس………”
هتفت بترجي ورعب على إبراهيم…

 

 

 

 

“ماهر….عشان خاطري بلاش ابراهيم….. ابراهيم ميعرفش حاجه عنك…..و….”
سألها بنبرة محتقرة اياها… وكانها خانته للتو بتلك المشاعر الظاهرة للاعمى انها أحبت غيره بعد كل
تلك السنوات….
“خايفه عليه……….بتحبيه صح…..”
ترقرقت الدموع بعينيها برعب وهي لا تعرف
بماذا يخطط هذا الشيطان…….
اضاف ماهر بنبرة مبهمة يصحبها شر
الشياطين…..
“طالما بتحبيه كملي معاه….وانا هسيبك….لحد ما تجيلي بنفسك…….ساعتها هعرفك مين هو
ماهر المحمدي…….مبروك ياسمر…..”
استدار ليذهب فصاحت من خلفه بلوعة متوعدة…..
“انت هتعمل اي ياماهر…..اياك تقربله…. ياماهر انا بحذرك…. ”
فتح باب سيارته وهو يقول هازئا ببرود….
“متقلقيش ياسنيوريتا……هسيبلك الشحات تشبعي منه شويه………..good luck……”
صرخت باسمة وهي تتقدم منه ممسكه بذراعه بقوة كقطة تنهش باظافرها الحادة عدوها……
“قسما بالله ياماهر لو مبعدتش عني…. هقتلك… سمعني……. هقتلك…….. ابعد عني وعن إبراهيم
ودورلك على لعبه تانيه تتسلى بيها انا مش
لعبة ولا عمري هبقى تحت رحمتك…. سمعني…….”
ابتسم ببرود وهو يقول بنبرة مبهمة….
“اهدي ياسنيوريتا….. افرحي ونبسطي مع حبيب القلب….. افرحي على أد ما تقدري……… مبروك ياسمارة….”
نزع ذراعه من يدها وهو يستلقي سيارته مشير بيده
اليها بوداع الاوغاد قبل ان ينطلق بسيارته ويتركها
تنظر الى اثاره بضياع وغضب تحول لنيران انثى هائجة تود الانتقام منه باي شكل كان فقط للحفاظ على نفسها وحبيب قلبها ؟!….
وهل تظن ان غمرة عشقك هينه وان كانت كذلك
ما كنا تقابلنا… فأنا حياتي عصيبة وعشقي قاسي
والهين لم اتعرف عليه يوماً ؟!……
…………………………………………………………….
هتفت والدتها بفرحة وهي تنظر لاركان الشقة الشاسعة والتي ستعيش بها ابنتها بعد زواجها
من إبراهيم……
“ماشاء الله ياربراهيم حلوة وكبيرة وتشرح القلب… ربنا يجعلها يابني قدم السعد عليكم يارب……”
توسعت عينا امها وهي تتجه لرواق ما بشقة….
رفع ابراهيم عيناه على سمر التي كانت تقف مكانها تنظر الى الشقة بعيون انطفئ بداخلهم ومض السعادة..
اقترب منها وهو يتفقدها ملياً… من اول تلك العباءة السوداء التي ترتديها والتي تلتف بجمال على جسدها لفاتن وتعطي لها هيئة مغرية… تحركت عيناه للاعلى على هذا الوجه الجميل ذات الشراسة القاتلة بعيون تأسر بنظرة واحدة…. وشفتيني شهيتيني لدرجة تسيل اللعاب……. رفع عيناه اكثر على هذا
الشعر المموج كامواج عاصفة ترفض الرضوخ لأين كان لتظل تعصف خلفها متألقه بحرية التمرد
كصاحبتها تماماً…..
شعرت سمر به يقف بجواره رفعت عيناها عليه وابتسمت ابتسامة فاقدة ومض الفرح….
نظر إليه وقد ذاد اليقين لديه انها غير طبيعية
اليوم……سألها بهدوء وعيناه تحاول تشفي
الإجابة من على وجهها…..
“مالك ياسمر…….الشقة مش عجباكي…..”
هزت راسها وافترق عن شفتيها ابتسامة مصطنعة

 

 

 

 

لم تعجبه ولم يفضلها أبداً عليها….
“أزاي مش عجباني……..حلوه اوي…..”
سحبها من ذراعها لاحد الزوايا المخفيه عن الأعين
واسند ظهرها على الحائط خلفها وظل امامها ينظر لها بقوة سائلا بشك…..
“مالك مش مظبوطة ليه النهاردة…..شكلك زعلانه..
في حاجة حصلت……”
نظرت سمر حولها ثم إليه وهي تقول بارتباك….
“إبراهيم….. مينفعش وقفتنا دي…..امي معانا ولو
شافتنا كده ا…….”
مرر يده على وجنتها الناعمة بحنان وهو يسألها بخفوت……
“مالك ياسمر………في إيه…. احكيلي…”
اسبلت جفنيها وعضت على شفتيها ولم تعرف من اين تبدأ…..تحكي ام تبتعد بدون اعذار….وهل تقدر على البُعد….انها تعلقت به لدرجة لا تتخيل تركه
تحت اي ظرف كأن…..
مسك ابراهيم فكها بيده و رفعه برفق وهو يداهم عينيها الجميلة بقوة ومحبة تزيد خفقات قلبها
كلما شهدت بها في عيناه………حبه واضح للاعمى…..انه واقع في هواها……. كما وقعت
هي في غرامه……
“ردي عليا مالك…….”
ترقرقت الدموع بعينيها وهي تنظر له بحزن….
“انا خايفه يابراهيم……”
مرر ابهامه على وجنتها بحنان وهو يخبرها بصوتٍ أجش وعيناه تكاد تبتلعها من قوة عشقه لهذا
الوجه الانثوي…..
“من اي بس……….انا معاكي…..”
انهمرت دمعتين على وجنتيها بعذوبة تلائم جملتها وهي تنظر إليه…..
“وده اللي مخوفني…… انك معايا….”
توقف ابهامه عن تحسس وجنتها ونظر لها بغرابة عاقد حاجبيه بحيرة…..
“مش فاهم مش عيزاني ابقى معاكي….”
“خايفه اتعود عليك اكتر من كده…. واكون السبب في وجعك انا…..” صمتت وهي تنظر إليه لتجده ينظر لها بعدم فهم وقد دب القلق في قلبه فور
إنتهى تلك الكلمات المبهمة الغير مفهومة بالمرة……
“اتكلمي بصراحة في إيه……”
هزت راسها وهي تقول بامتناع صعب عليها….
“مش لازم نكمل يابراهيم كده احسن….”
ابعد يده عن وجهها ونظر لها بصدمة….
“مرة واحده كده….. هو لعب عيال ياسمر…”
نظرت لمكان اخر وهي تنظر له بقلق…..
“مش لعب عيال…….. بس انا خايفه يابراهيم….”
سألها وهو يبث الطمأنينة بها بتفهم رجل احب
امرأة ويود نيل رضاها….. و…. وحبها……
“من إيه….. لو على امي فانتي مش هتلاقي احن منها…… مش عشان هي امي بقولك كده…. بس
امي فعلاً مش وحشة طيبة وبطريقه تقدري تكسبيها….. ولو خايفه على اني اخنقك بعد الجواز وقولك هناكل ونشرب تحت……فانا مش هنخقك
وعيشتك هتبقا لوحدك… لاني اللي مرضهوش على اخواتي مش هرضا على مراتي….حياتك هتبقى لوحدك ياسمر…..” صمت ابراهيم وهو يشير على زوايا الشقه متابع باقناع حاني لها….
“ودي مملكتك….. وانا هبقى ضيف فيها….. وعمري ما هزعلك…. وهعملك بما يرضي الله……انا عايزك ياسمر….. و ورا الكلمه دي حاجات كتير اوي…. هتعرفيها بعدين…….”
نزلت دموعها و ازدادت خفقات قلبها لا تعرف تاثر بكلماته ام خوف عليه من يد ماهر اذا اطاله
بشر………
قطب حاجبيه وهو ينظر لها بتوجس ثم اقترب
منها من جديد وقرب كلتا يداه من وجنتيها ليمسح دموعها…. وهو يقول بدهشة من تصرفاتها اليوم
“لي كل العياط دا يامجنونة…..اي اللي حصل لده
كله……”
“عشان خاطري يابراهيم…اسمع الكلام…بلاش انا…”
قاطعها وهو يقرص وجنتها بلطف قائلاً بمرح…
“بلاش اي ياشبح…….تفتكر انا اقدر ابعد عنك برضو………حتى لو انت عايز……”

 

 

 

وجدته يقرب راسه منها فقالت باعتراض وقد استعادة جزء من شراستها…
“اتلم يابراهيم وبعد عني……”
مالى على اذنها وهمس بصوت خافض يتعذب من قربها المهلك…..
“انتي حلوة كده إزاي……”
همست بأسمه بنبرة خافضة…..
“ابراهيم…….. ابعد…..”
طبع قبله على وجنتها طويلة بطيئه مسكرة لجسدها جعلتها تغمض عينيها بضياع لحظتين معدودة لتجده يميل لوجنتها الاخر ويطبع نفس القبلة المعذبة وانفاسة الساخنة وقرب جسده منها جعلها يابسة
كلياًّ كعقلها ربما الشيء الوحيد الذي يعمل هو قلبها
خفقات مجنونة ذأبة من هذا القرب….
لم يتوقع ان يجرؤ على القرب منها…وجنتها كشهد
رائحتها جميلة معطرة….قربه من جسدها الغض يزيد حرارة جسده وكانه محموم……..انها فتنة لا تقبل إلا الخوض بها بمنتهى النشوة……….تلك المليحة تحرقه حيا تعلقه بهواها……انها جيدة في السحر….. قد القت
عليه سِحراً لكي لا يرى غيرها ولا يعرف جسده
الاشتياق والرغبة إلا نحوها……وقلبه…. وااهات من
قلب شاب على الحب وقد ظن انه ولى زمن الشعور به…….لكن هيهات وصلت البهية وعبثت بمشاعره
تاركه خلفها فوضى غير قابلة للتعديل……..
رفع راسه وقد استقرت عيناه على شفتيها الشهية
بلع لعابه وهو ينظر لعينيها ثم لشفتيها بجوع….
مالى عليها لياخذ تلك لقبلة الذي يشتاق لتجربتها
ومعرفة مذاقها معها……..
توترت حدقتيها وهي ترى ان افكاره تنحرف اكثر نحوها……وهي المذنبة تساهلت في لحظة مجنونة معه………
انزلت جسدها للاسفل لكي تفر منه في لحظة خاطفة….وهي تقول بحدة مصطنعة….
“على فكرة بقه انتَ بتستهبل……”
رمقها بعبث وهو يقول بخبث….
“وانا عملت إيه……..ماكنا ماشيين كويس….”
جزت على اسنانها وهي تخبره…..
“بلاش الجملة دي يابراهيم بتعصبني……”
حاول ان يمسكها وهو يقول بوقاحة شقية…
“لا طالما متعصبة تبقي زعلانه وطالما زعلانه يبقا لازم اصالحك…….”
ابتعدت خطوتين وهي تقول بتحذير واهٍ….
“ابراهيم لم نفسك…..انت قليل الأدب…..”
تافف وهو يقول ببراءة وتأثر….
“على فكرة انتي ظلماني….انا كنت بحاول افهمك اننا لازم نتجوز في اقرب فرصة…..”
توردت وجنتيها وهي تشيح بعيناها للناحية
الأخرى بخجل……
“سمر………”
نظرت اليه بعد ان نداها بنبرة مسكرة بعد تذوق
حلاوة شهد وجنتيها…….تابع ابراهيم وهو ينظر
لها بحب…
“اعملي حسابك الخطوبة اخر كمان اسبوعين….والكلام اللي قولتيه ده بلاش تكرريه تاني ….مش هحسبك عليه بس لو اتكرر تاني…هتبقا زعله كبيرة بينا…….لو تقدري على زعلي اعمليها…. ”
اطرقت براسها بحزن وقد داهم معدتها الخوف
من جديد….

 

 

 

سمعت صوته يقول بمرح خبيث مضيق عيناه وهو ينظر لها….
“على فكرة ياشبح انت مشفتش اوضة النوم… تعالى اورهالك وتقولي رايك فيها…..”
رفعت راسها وهي تبتسم ابتسامة عذبة نابعة من
قلبها…. ثم هزت راسها بنفي وهي تذهب لأمها..
تسمر ابراهيم مكانه وهو يتامل ذهابها بعيداً
عنه…
تظنين انكِ قادرة على البُعد… واظن انا انني قادر
على امتلاكك………وظن ماهو الى علِم بغير
يقينٍ……

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى