روايات

رواية طوق نجاتي الفصل الثالث عشر 13 بقلم ابتسام محمود الصيري

رواية طوق نجاتي الفصل الثالث عشر 13 بقلم ابتسام محمود الصيري

رواية طوق نجاتي الجزء الثالث عشر

رواية طوق نجاتي البارت الثالث عشر

رواية طوق نجاتي الحلقة الثالثة عشر

ادعيا الفتاتان انهما يعملان، وقف تطلعهما وتعجب صمتهما المفاجأ حين رأه، لكن تركهما خلفه وخرج بالخارج يشعل سجارته ليزفر بها ما يحرق جوفه من ذكريات لاحقته على بغته ونشبت نيرانها واشتعلت على حب وأد قبل ان يولد ويحيا …
نظرت “تولاي” عليه كانت هيئته الحزينه مرسوم عليها، نزلت من عينيها دموع التأثر والشفقة واحست بعاطفه جياشه تدفعها أن تقدم له يد المساعدة، وبالفعل قامت واعدت له فنجان قهوة يزيح الصداع الذي يعتل رأسه ويكاد ان يفجرها منذ الصباح، خرجت مقتربه منه وعلى محياها ابتسامة ساحرة، فقد كان “ريان” شاردًا واقفًا مستند قدمه اليسرى على الحائط خلفه، ويده داخل جيب بنطاله والثانيه يمسك بها سجارته، مدت يدها بلطف:
– اتفضل قهوة.
زفر هواء دخان سجائره بحرقة، وتناولها منها مغتصبًا ابتسامة ليبادلها ابتسامتها قائلا بامتنان:
– تسلم ايدك جت في وقتها.
ارتشف أول رشفه، تلقائيا نظر عليها وابتسم ابتسامه جانبيه، وقال بمزاح وكأن تلك الرشفه كانت بمثابة مفعول السحر له وجعلته تحول من حالته الحزينة لمزاح من القلب :
– ساده برضو؟
تعلثمت بأحراج وحاولت تتكلم بسرعة لتبرر:
– والله ما اقصد… المره دي نسيت بجد.
– طيب واللي فاتت؟!
سألها برأس مائله يتفحص ملامحها المرتبكه، فقالت بصراحة وهي تهز كتفيها:
– كنت اقصد.
اخذ نفس من سجارته وزفره بالهواء ثم عاد النظر لها:
– في وشي كده ؟
– شعاري في الدنيا في وشه ولا تغشه.
ضحك على اسلوبها وارتشف مره ثانيه ونظر للإمام، كانت تتابع تفاحه ادم التي تتحرك وهو يبلع، بعدما طال صمته قالت بأحراج:
– تحب اعملك غيرها؟
نفى برأسه وعلى ثغره ابتسامه راضيه:
– تؤ… بالعكس عجبتني جدا من المرة اللي فاتت.
– بجد ؟!
قالتها بذهول، رد عليها بنفس أسلوبها:
– بجد الجد .
تعصبت هي من رضائه التام ورد فعله:
– وأنا اللي كنت فاكره….
صمتت وهي تضع يدها على خصرها، أكمل هو مقصدها:
– تعصبيني؟
– بصراحه اه.
– لا عاش ولا كان يا قطه اللي يعصبني.
رده لها زاد من استفزازها وغضبها، وتحولت شفقتها عليه إلى اعادة الحرب والهجمات بينهما مرة ثانية، لترد في هجوم مماثل قائلة:
– ما اهو عاش وكان اللي عصبك من الصبح وشقلب حالك.
رمقها بحده وأبلغها بثبات:
– اسمعى مني دي خلقت ربنا مستلمها كده، وفعلا محدش معصبني.
– بس كوكي قالت بسبب..
كانت ستقص عليه، لولا أن تذكرت الاصول، مسكت فمها المتسرع وصمتت، ضحك “ريان” من هوجائيتها:
– لا انتي حالتك صعبه خالص ومحدش يأتمنك على سر.
– لا والله ابدا أنا بير، حتى قولي كده اللي معصبك وجرب.
– امممممممممم طيب.
– طيب ايه؟
– هقولك بس مش دلوقتي يالا نستعد.
رد وهو يقف مستقيم يأخذ اخر نفس من سجائره، تحركت سريعا وقفت امامه قائله:
– خلي بالك انت وعدتني هتقول.
– اعتبره اهتمام؟
سألها بضيق عين، فردت ببرود:
– لا خالص فضول والله.
ضحك بصوت عالي وهو يعطيها الكوب وابلغها قبل ان يتركها خلفه:
– الظاهر كده هدمن القهوة من ايدك.
وقفت “تولاي” كالحجر مكانها متعجبه من اللهجة المهذبة المخيفة.. أحيانا يكون التهذيب مرعبا أو يسبب التوتر أكثر من قلة الأدب بمراحل….
وقبل أن تتحرك تفاجأت بفتاة جميلة، ممشوقة القوام، ترتدي زي رياضي بنطال موف ومن فوق قميصا رياضيا اسود رافعه الاكمام لمنتصف يدها، فبكل المقايس “صاروخ مصرى”، راقبتها “تولاي” حتى رأسها التوحت وهي تتابع خطواتها السريعة، وقفت الفتاة امام “ريان” واحتضنته بقوة.
اغمضت عينيها وافتحتها بعدم تصديق، وظلت تفرك عينيها بكفيها، لتتأكد من المشهد، وحدثت روحها هاتفه:
– اكيد البطل دي البنت اللي قالت عليها كوكي !!
شوف البت قلة الربايه بوس واحضان.
ومن ثم رأتها تضرب “ريان” وهو يتفادى ركلتها، اقتربت منهما بدون وعي بملامح متقززه…
رأتها الفتاة فقالت بسعادة:
– تولاي صح؟…. انتي مش فكراني؟
– لا.
– أنا اخت ريان.
استعاذت من الشيطان الرجيم بصوت واطي من ظنها السوء بها، واكملت بصوت عالٍ وهي ترفع يدها ترحب بها:
– منوره والله.
ضحك “ريان” وهو يتطلعهما:
– ماشاء الله انتوا الاتنين مع بعض تعملوا دماغ عنب.
وكاد أن ينصرف، ابلغته “عائشه”:
– استنى هنا مش هسيبك غير لما تقولي اشتغلتي.
– تشتغلي مره واحده، طيب نصيحة بلاش طموحاتك تعلى اوي لترشق في مروحة سقف وتخلصنا منك.
– لا متقلقش، على قلبك.
– جوزك خلص منك وأنا اللي هدبس يعني ؟
– اسكت يا ريان متفكرنيش بيه، ده بيخبطني كف بيوقعلي وندوز وربنا… انجز يلا وافق مش هتبقى انت وهو عليا.
– ليه بتحسسيني أنك ثانيه وهتبكي خلف الجدران وطريقك مسدودا مسدود.
– شكلي مصعبتش عليك.
– لا صعبتي موافق.
اردف كلامه وتحرك ليتركهم، نادت عليه “عائشه”:
– انت رايح فين استنى هروح معاك.
– لا خليكي أنا عندي مواعيد مهمه.
– مواعيد ايه؟
– نستها بس لازم ارحها برضو، جهزوا نفسكم بليل في حفله افتتاح…
ثم قال ل “تولاي”:
– اعزمي خطيبك لو تحبي…. يالا سلام.
تنحنحت “تولاي” ولم تعرف كيف تتصرف، اقتربت منها “كوكي” اغلفت فمها المفتوح، وقالت:
– اكيد هنشوفك مزه النهارده !!
– هاااا… ليه…اشمعنى ؟
كانت ترد بعدم تركيز، اوضحت لها “كوكي”:
– عشان خطيبك جاي وكده.
ابتسمت “عائشة” بمكر وقالت:
– سبيلي أنا الطلعه دي هظبطك.
ردت “تولاي” عليها بحاجب مرفوع من الارتباك:
– تظبطيني؟! هو أنا كوتش عايز ظبط زوايا… أنا كده زي الفل متشغلوش بالكم بيا.
ضحكت “عائشة” وهي تصنع اجواء من السعادة تغمر كل من يتعامل معاها:
– فكرك هتنازل عن قراري… شهلي يالا، أنا قتيل.
– شكلك عنيده شبه اخوكي.
– أنا عندي اصرار رهيب ولازم اعمل اي حاجه انوي عليها.
– لو كده يالا مستحيل ازعل اصرارك.
ذهبن البنات وهن يضحكان ويفكرون ماذا سيرتدون من ملابس مناسبة لتلك الافتتاح .
★*****★
استبعدت “هند” فكرة تأجير منزل خاص بها هذه الأيام، وذلك بسبب ضيق الوقت للنزول والبحث عنها بسبب قرب موعد تسليم البحث الذي بناءا عليه سيحدد من سينال منحه لعمل الماجستير والدكتوراة في افضل جامعه في للخارج…..
كانت “هند” تجلس بجوار “سيف” كل منهما يمسك الحاسوب الخاص بيه يشتغل على بحثه بجهد، حتى استقام “سيف” بتعب وترك حاسوبه على المنضدة وقال:
– دماغي فصلت.
– طيب تحب اعملك حاجه تشربها تفوق.
– لا كملي انتي هروح اعملك ساندوتشات وايس كوفي.
– شكرا يا سيف.
دخل المطبخ ووجد هاتفه يرن اخرجه من جيب بنطاله ووجد والدته، تأفف ثواني ثم اجابها:
– ايه الاخبار.
– انت طمني عليك، وصلت لفين في بحثك.
– الحمدلله، متشغليش بالك، انتي عارفه يخلص دايما على اخر وقت.
– سيف دي اخر فرصه ليك، أنا استكفيت من مصاريفك، حرام عليك بقى اعمل حاجه واعتمد على نفسك شوية.
– لو سمحتي مش محتاج كل شوية تفكريني بالمعروف الكبير اللي بتعملي عشاني واشكريلي انكل حسام جوزك انه مكلف نفسه بمصاريف متخصهوش، وعارف لو بابا كان عايش كان كبر دماغه من تعليمي من زمان، حفظت الدرس كويس ولا تحبي تضيفي حاجه؟
– سيف اتريق براحتك بس متلومش غير نفسك.
– حاضر باااي.
اغلق الهاتف والقاه بأهمال، كانت “هند” تتابع ما حدث تركت ما بيدها ونهضت اتوجهت له:
– سيف ممكن تهدى ؟
كان “سيف” يأكل شفتيه من كثرة عصبيته ويقبض على كف يده بقوة حتى هرب منها الدماء، ربتت عليه “هند” بحنو وابلغته بنبره ناعمه:
– حبيبي… ممكن افهم في ايه؟
حاول كبت غضبه واظهار انه على ما يرام وبخير:
– حبيبتى أنا كويس، مشاكل عادية، روحي كملي وأنا دقايق وهكون عندك بأحلى ايس كوفي بتحبيه.
تعجبت، لكن احترمت عدم الإفصاح بمشاكله، ابتسمت وجلست تعمل وتراقبه بعينيها حتى انهى عمل الساندوتشات والعصير الخاص بها، تركت الحاسوب وتناولت منه الطعام ووضعته على الطاولة واخذت واحد واعطته له بأبتسامه ثم اخذت هي ساندوتش، وظلا يتحدثا في اشياء تخص الجامعه حتى أن اشار “سيف” لها بالقرب من شفتيه بوجود صوص بالجانب، وضعت يدها من الناحيه اليسار، هز بنفي برأسه وهو يبتلع ريقه ويقترب منها من الناحيه اليمنى حتى أن لمس جانب شفتيها وازال الصوص الذي كان عليه، كانت “هند” في حالة لا يرثى لها كمن بنجت كل حواسها، عقد لسانها وذاب قلبها واصبح جسدها غير قادر على حملها، حتى أن اتتها صدمه كهربائيه افاقتها في أخر لحظة، زجته سريعا وركضت على غرفتها واغلقت على نفسها وظلت تبكى، اضطربت وتسرب الهلع إلى فؤادها واصابها خوف وحيرة شديدة، ماذا كان سيحدث أن لم تفق، لطمت وجهها برعب ولوم كيف تستسلم له انهارت في البكاء بقهر من نفسها…
اغمض “سيف” عينه بلوم وعتاب، وسأل نفسه بضيق… كيف يتصرف بهذه الطريقة الصبيانيه؟ دقائق و قام خلفها طرق على الباب مبلغها بأسف:
– هند بجد متأسف مش عارف ازاي عملت كده …. هند والله غصب عني ….. هند افتحى بلاش تخليني اضايق من نفسي…. هند عشان خاطري ردي عليا ..
– سيف امشي لو سمحت نتكلم بعدين.
تركها وجلس على الأريكة ببال مشغول، امسك حاسوبه ثم تركه وارجع رأسه للخلف بتفكير…..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية طوق نجاتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى