روايات

رواية صفعات القدر الحاني الفصل الأول 1 بقلم عائشة حسين

رواية صفعات القدر الحاني الفصل الأول 1 بقلم عائشة حسين

رواية صفعات القدر الحاني الجزء الأول

رواية صفعات القدر الحاني البارت الأول

رواية صفعات القدر الحاني الحلقة الأولى

فلاش باك
تململت في نومتها فذلك الرنين الخافت ازعجها واقلق راحتها تسللت من جانب زوجها الذي يبدو قد نام بعمق شديد حتى انه لم يشعر برنين هاتفه ، جلست معتدله مدت كفها المهتزة الواهنة فاثار النوم لم تذهب عنها بعد امسكت بالهاتف وفتحت اول رساله وهي تقفل فمها منعا لتثاؤبها ، جحظت عيناها بصدمة جلية حين ابصرت الكلمات المضيئة امامها على شاشه الهاتف توقفت عن التثاؤب وبدات في غلق عينيها واعادة فتحهما مره اخرى ملتمسه الافاقه الكليه ،
ارتعشت وكادت تفلت عن عقال تحكمها شهقة فزعه ، عادت تقرا الرساله وتعيدها مرات ومرات تستجدي وتتلمس الفهم لشىء مبهم
(شريف انا حامل … ارجوك انا فمصيبه …الحقني )
انتفضت تاركه الهاتف جانبا هرعت للخزانه تسلب منها الملابس دون وعي ودموعها لاتتوقف عن الانهمار وذلك الصدر المتكدس المكدود لا يتوقف عن سلب الانفاس لتستطيع الوقف والثبات ، شعرت بالمكان يضيق ويخنقها حد الهلاك ، لتعثر اخيرا على بغيتها وتغادر للخارج ارتدتها على عجاله من امرها اتجهت ناحية الكومود وسحبت سلسله مفاتيح اخذت منها غنيمتهاوغادرت
…ساقتها قدماها حيث حجرة بناتها ظلت واقفه مكانه قدميها غرسا ارضا في اوحال الخزي والعار فهي
من اختارت لهم اب كهذا ، بلمسات حانيه اختلطت باسفها حملتهم كقطه وغادرت وهي تتمتم باعتذار
-اسفه معلش …
فتحت باب الشقه وغادرت تركض وكان لساقيها ارادة منفصلة عن باقي جسدها تلك الخفه التي جعلتها تركض رغم ثقل حملها كانت نابعه من عقل يزجر حد الموت ويطالب بالهروب لاقصى مكان .
فتحت ابواب السياره وازالت حملها الخفيف لكن بقي الحمل الاثقل والمتمثل في حروف اسمه (شريف) دخلت السيارة وقادتها ببراعة فهذا هو الشىء الوحيد الممتنه لشريف من اجله وهو ان علمها القياده .
وصلت اخيرا بعد حرب مع دموعها التي خذلتها وكادت ان تودي بحياتها ، لكن ليتها وحدها لكانت جادت بروحها دون هم او حزن مرحبه بالموت بل واكثر من راضيه به ،
هاتفت اخيها الذي نهض يجر ساقيه … غادر بحنق شابه بعض القلق على اخته وصل اليها متسائلا وهو يتطلع لها برهبه
-في ايه يا امل الولاد بخير ؟
هزت راسها بارادة مسلوبه واعين مشوشه ، حملت فتاة واشارت لاخيها ان يحمل الاخرى جلست بجانب فتاتيها بعد ان دثرتهم بحنان ، ركنت لاحضانهم تتلمس منها الدفء ….تركها اخيها لترتاح فحالتها لاتبشر بخير وصمتها يثير الفزع ويدعي للجنون والاشد غرابه شلالات الدموع وصوتها المخنوق المكلوم ،
ظلت متكوره على نفسها ماان تنضب بحور دمعها تلمع الكلمات بعقلها وتمد البحور الجافه بمياه اشبه بالنيران تحرقها وتدمي روحها المنهكه .
******************************************************************
يقلقه صمتها على غير العاده ، فنيران غيرتها لم تتوهج هذه المره وابتعادها اثار ريبته،امسك هاتفه وضغط ارقام حفظها عن ظهر قلب لياتيه صوتها الضعيف الهادىء
-نعم ….
يحاول امتصاص غضبها بقدر الامكان رغم استشعاره من نبرتها الحزن لكنه يريد اخراجها من هوة الشك التى اوقعتها فيها نهى
-مساءالفل لسه صاحيه ؟
اخذت نفسا عميق لتجيبه بوهن
-ورايا مذاكرة ودروس متاخرة .
لايجيد مراوغتها ولا يريد مسايرتها في انعزالها عنه والتزامها الصمت
-مالك ياهنا ؟
ارتبكت وكانها لم تتوقع سؤاله هدر صوت انفاسها القوى لاذنه لتهمس بلامبالاه
-مفيش …ليه بتقول كده ؟
ابتسامة لونت وجهه العابث ليردف بجدية
-حبيبي انا فاهمك فكوني صريحه معايا زي مااناعايزك دايما لما تزعلي تفهميني متبعديش وتسكتي .
ردت بنبرة قوية اكثر جديه وهى تتلاعب بكتابها بعصبيه شديدة
-وانت وعدتني تفسرلي الي محتاج تفسير وانااستنيت تفسير لموضوع نهى بس انت سكت .
اطلق تنهيدة راحه ليهتف بابتسامة رضا فها هي تخبره بما يتعبها
-شوفت الموضوع ميستاهلش يانونه .
صاحت بغضب كبتته طويلا وترقب يقتلها
-لا الموضوع يستاهل تحكيلي خاصة بعد ماشفت بتعاملك ازاي اعتقد حقي ياجوزي العزيز.
اتسعت ابتسامتة وغمرت وجهه ، وانتشى بغرور ذكوري معتاد ليهتف بمشاكسة وشقاوة
-حقك ياقلب وروح جوزك من جوه .
هو واثق من ابتسامتها التي لونت صفحة وجهها وفتت قناع عبوسها
استطرد سيف وهو يتجه ناحيه الشرفه
-نهى كانت جارتنا بس زي ماشوفتيها تعاملها مش مضبوط ، وبصراحه ليها سابقه معايا مش تمام
شهقت هنا بدهشة وهتفت بحنق
-نعم ….
قهقه سيف عاليا ليهدأها قائلا بحنان
-متقلقيش …ياسين انتي عرفاه مستهتر وحالته حاله شافها بقا وعمل روميو وهي ماصدقت اهبل صغير بقا صيده ساهله ،فيوم بقا جات ولحسن حظها مكانش ياسين كنت انا ياسين نزل يجيب عيش وساب الباب مفتوح كعادته المهببه وطنطك كانت تعبانه ونايمه ،دخلت وكنت انا فالمطبخ بجهز الغدا فقالت ميضرش الصغير الكبير ، هوب لقيتها ورايا بتحضني …
اصدرت هنا شهقه عاليه وتسارعت انفاسها لكنها هتفت بغيظ
-كمل …
سبت الاكل وللاسف الزيت اتدلق على ايدي وحرقها ،اتخانقت معاها وطردتها وحذرتها لو مبعدتش عن ياسين هيكونلي معاها تصرف تاني ودخل ياسين وقالي بتخوني مع مزتي وعمل فيلم هابط قامت هربت الكتكوته ، بس ميأستش فضلت تدايقني والاقيها فوشي فكل مكان والي طالع عليها عايزة اتجوزك وهتغير علشانك زهقت فقولتلها انها اخر واحده ومستحيل وحدة زيها تكون ام لاولادي ، بس هي مبتزهقش ومع توافد البلطجيه عالمكان وانها بدات ترجع تزن على ياسين ونقلي لمدرستك قررت نعزل ونرتاح منها ومن قرفها .
ساد الصمت طويلا ثقيلا لكنها اخيرا همست بخجل
-بحبك اوي وفخورة بيك اوووووووووي
جعد انفه وهمس برقة
-وانا كمان ….ومفيش غيرك فقلبي اتاكدي من كده ياهنا وكمان انا بعتبرك هديه ربنا ليا بعد تعب وصبر يعني انتِ مكأفاة الدنيا ليا، ياقمر فسمايا.
انقطاع التيار الكهربائي جعلها تصرخ بفزع ، ممادفع سيف ليهتف بهلع
-اهدي يانونه اهدي .
همست بصوت مرتعش يشووبه الخوف
-طيب متقفلش ياسيف انا بجد بخاف من الضلمه اوووي .
انار سيف الهاتف واتجه على ضوئه للكومود اخرج (مصباح الانارة )وهمس بهدوء
-متخفيش اطلعي في البلكونه ياهنا ،
اطاعته هنا بصمت واتجهت ناحية الشرفه لكنه عاد ليهتف بتحذير
-البسي حاجه الوقت متاخر والجوبارد …
استعانت بالهاتف واخرجت معطف ارتدته واتجهت للشرفه ، عكس سيف ضوء مصباحه للاسفل فأنار شرفتها
التقطت هنا نفسا تخللته الراحه لتهمس بعشق
-ربنا يخليك ليا ياحبيبي .
ظل ساهرا يمتص خوفها بالحديث والمشاكسة حتى عاد التيار الكهربي واغلق على وعد ان يلتقيا في الصباح ليذهبا معا للمدرسه
*********************************************************
سحقا لقلوب انتُزعت منها كل معالم الرحمة وسكنها الظلم واستوطنها الحقد ، مددت جسدها المحموم من على فراشها الرث بتعب شديد أمله في غفوة تختلسها رحمة بضعفها ،لكن الصوت الناهر امامها جعلها تفتح جفنيها المتطابقين لكن دون استطاعه منها على تحريك ذلك الجسد فهي تشعر انه انفصل عن روحها فلاتستطيع التحكم به ….سكنت وتصلب جسدها لتعاود تلك المتعجرفه
-قومي يلا اكوي الهدوم معايا شغل مهم بكره .
همست بوهن وضعف
-اكويهم انتِ يافرحه انا تعبانه .
اتجهت فرحة ناحية فراشها وهي تنفخ في طلاء اظافرها المطليه بعنايه رفعت الغطاء قائلة بحدة
-قومي يارقية أنا عامله بدكير ومناكير ومش هعرف .
اما لهذا العذاب والاستعباد ان ينتهي ، من حقها قسطا من الراحه بعد ماتعانيه طوال اليوم ولكنها الان محمومه ترتعش البرودة تدك عظامها الا يملكون ذرة من الرحمة الن ينظرو لها بعين الرأفة .
صاحت فرحة بصوت اشبه بالصراخ
-قومي بطلي تمثيل .
ليأتي الاخر ويكيل لها السُّباب وينعتها بابشع الالفاظ ومن اجل ماذا ؟
ملابسه التي تنهكها وتدمي كفيها حتى ينال ذلك المتعجرف ويحصل على ملابس نظيفه يتباهى بها وسط اصدقائه
-بت يارقيه قومي اغسليلي التيشرت ده عايزة ضروري .
نهضت لكن ليتها تمتلك قدره لصرخت بهم واوسعتهم ضربا ، استسلمت وهذا هو حالها وهي المعاقة الناقصه وهم الكاملون المتفضلون عليها بصحتهم وعافيتهم ، نهضت تترنح داخلها يعج بالقهر وينضح بالالم الذي يفيض من مقلتيها
مابين قدمها وعجزها ومرضها الذي اتعب جسدها كانت ساقطة حد الانهيار خطت وهي تستند علي كل شىء واي يشىء يدعمها فيما كانت ابتسامتهم المنتظره المملوءة بسخريتهم هي كل مااستطاعت رؤيته بوضوح عبر تلك الغمامات التي تحجب عنها الرؤية وصلت لاخيها واخذت منه التيشرت واتجهت للحمام لكنه استرسل بأمر اطبق عليها انفاسها
-نشفيه واكويه ومتنسيش تبدلي ملايات السرير وتغسليها.
وانطلقت الاخرى دون رحمة
-متنسيش يارقية هدومي وياريت تحضريلي عشا خفيف .
اطلقت تأوها عالي ففي حياة والدها ماكان احد يستطيع ان يفعل مايفعل الان كانت مدلله بحق حتى المتعجرفه صاحبة اقسى قلب بلا منازع كانت تغار منها كثيرا، كم قسمها موته واشعرها بالوحدة والخذلان وبعدها غادرت والدتها بعد ان عانت مرارة فراقه فهي لم تتحمل وغادرت خلفه وتركتها دون حمايه او سند ورقه في مهب الريح .
ابتسامه انارت وجهها حينما سمعت بووق سياره تعرفه جيدا فهو صوت سيارة دكتوره “فادية” معلمتها وصديقتها وصاحبة تلك البناية والتى كان يعمل والدها بوابا وحارسا لها وحينما توفي تركتهم فادية من اجلها وامتنانا لوالدهم الراحل .
دقائق واخترقت الطَرقات الرقيقة باب الشقه المتواضعه فاتجهت رقيه راكضه وفتحت الباب والقت بنفسها دون مقدمات في احضان فادية التي اطلقت ضحكة راضيه سعيدة لفعلة رقيه ، لكنها سرعان ماانتفضت وهي تتحسس جسد رقية المحموم وابعدتها متسائله
-انتِ سخنه اوي يارقية .
فجاة ارتخى جسد رقية وشعرت فادية بثقله وحينما رفعت وجه رقيه لتطالعه ادركت انها ذهبت في غيبوبه وفقدت وعيها من فرط تعبها .
خرج عاطف ولمح العناق الحميمي الدائر فابتلع كلماته التي كاد يلقيها توبيخا لرقيه لتاخرها عليه وغادر لحجرته خوفا من غضب فاديه والذي يدرك جيدا عواقبه ووقعه عليه .
صوت اقدام وخطوات جعل فادية تلتفت لتطالع ادهم الذي يبدو انه يصعد لشقته ، والاخير افزعه ارتخاء الجسد بين ذراعي فادية واقترب متسائلا
-في ايه يادكتورة مالها رقيه ؟.
سارعت فادية باستنجاد وقلق
-مش عارفه ياادهم الحقني .
اقترب ادهم بحذر وخوف احتل ملامحه في حين كانت نظراته مسلطة على رقيه بخووف ارسل ارتعاشه لجسده .
اقتربت فرحة هاتفه بسخريه
-دي اكيد حركة من حركاتها سيبوها .
وانطلقت نظرات ادهم الزاجرة كالسهم ولو كانت النظرات تقتل لماتت فرحه صريعه سهامه المسمومة ، ابتلعت فرحة باقي كلماتها وحينما حاول ادهم حمل رقيه استوقفته فرحة بحقد فاح من كلماتها
-لا استنى انت اخوها ييجي يشيلها ولاايه ياحضرة الصحفي الهمام…؟
وجاء الاخر على صوت اخته اقترب بعنف وحمل رقيه وكاد يدخل بها لكن صوت فادية الناهر جعله يستسلم صاغرا
-اطلع بيها فوق ياعاطف هتقعد معايا لغايه ماتخف .
صعد بها للاعلى خصلاتها الطويله الحريرية تتراقص مع حركات صعود اخيها ، فيتراقص قلب الاخر الذي ع تحطم قلقا عليها حينما لمح جسدها المتهاوي وابصر شحوب وجهها
اطمئن لدخولها فهو على يقين ان الدكتورة فادية لن تتركها وستسعفها وتقوم بعمل اللازم حتى تعود لكامل صحتها ،دخل شقته خلع حقيبته الموضوعه على كتفه وجلس يدفن وجهه بين كفيه والالم يغرس به انيابه ولا يدري لذلك سببا ربما شفقه على تلك الصغيرة
********************
يزداد وهنها يوما بعد يوم ،وتخور قواها وتخبو قدرتها رويدا رويدا حتى اضحت جثة هزيله يشملها شحوب الاموات ….هذا القئ الذي يدفعها للتهاوي شيئا بعد شئ ….وها هي مغامرة اخرى ومنازعه للانفاس …رائحةالسمك تسللت لانفها ودفعتها للقئ وافراغ معدتها من كل ماتحتويه …
القت بثقل جسدها على ارض المرحاض تضم ساقيها والافكار والهواجس تطرق عقلها بمطارق حاده تكاد تفتته ….تخشى الافتراض فكيف ان اضحى الافتراض حقيقة واضحة للعيان ….
استعانت بالحائط ونهضت تجر ساقيها جرا …وصلت للهاتف واعادت الاتصال بصديقتها مره وأخرى لكنها مختفيه منذ أيام ….وهاتفها مغلق …تحملت وجاهدت حتى وصلت لخزانتها ارتدت مايستر ذلك الجسد وخرجت …
وعلى أقرب صيدليه اتجهت …حينما اقتربت من بابها ارتجفت وتملكها الرعب …استدارت لتعود من حيث اتت لكن ماان ابصرت الظلمة امامها حتى اجهشت ببكاء ممرير فقد تصورت أن تلك الظلمة ستكون لون حياتها أن ثبت صحة الأمر …لكن لا رجعه …عادت كالمغيبه وامتثلت امام الطبيب الذي يبدو من عمر والدها ..واخيرا بعد حرب مع الكلمات نطقت بخجل ولفظت خطيئتها عبر حدود شفتيها الجافتين
-ممكن تحليل حمل ….؟
صاعقة اصابت الطبيب وشبح رعب تلبسه لكنه تماسك متسائلا بغرابه
-تحليل حمل …؟
لايدري سببا لسؤاله لكنه سؤال الح على عقله حينما رمقها فهي صغيرة السن
اومأت دون ان تفتح شفتيها المضمومتين كقضبان حديدي صدأ قفله …لكن لمحه من الدموع تألقت بعينيها …غادر الطبيب مستسلما …وجاء به …وضعت الحقيبه على الطاوله وحاولت اخراج ثمنه لكنها ارتجفت وارتعشت يداها اخرجت دون وعي كومة من الاموال …وتقارن اهتزاز كفها الحامله للاموال مع اهتزاز نظراتها حتى اضحت كمن اصيبت بمس جني …اشفق الطبيب عليها فهو والد ولديه مثلها …هو يعرفها لكنها تبدو لاتعرفه هو جار لها فالبنايه المقابله ويعرف والدها ووالدتها حق المعرفه …
اخذت التحليل ولملمت باطن حقيبتها الذي اندلع للخارج وحينما عاد الطبيب بباقي المبلغ وجدها غادرت ..تنهد بأسى وعاد ليجلس ممسكاً بمصحفه الذي لايبرح جانبه ..لكن قبل ذلك رفع الهاتف واطمئن على فتاتيه… ليبتسم بعدها براحه ويبدأ بقراء القراءن… رفيق دربه وصديق رحلته فالحياه ..
بدأت تستند على الحوائط فالدوار يكتنفها ويحرمها التوازن ،تطلعت حولها بأسى فهذا الطريق لطالما تحمل عجرفتها وغرورها… شهد على الاعيبها وسخريتها من الناس والان هو نفسه يشهد على ضعفها وخزلانها الممزوجين بخيبتها وعارها… ..لاول مره تشعر بالخجل من نفسها… حملت جسدها الواهن حتى وصلت لباب البناية وعلى اول سلم جلست تلتقط انفاسها… تقبض على جهاز التحليل كالقابض على جمره…
دفنت وجهها بين ذراعيها… وظلت حتى نسيت وغفت وتلاشى الزمان والمكان…
صوت رقيق حاني وكلمات تتدفق برفق لأذنها لترفع رأسها وتطالعه ..ويالعذابها هو اول من يراها في تلك الحاله…
رامي ابن عمتها يعمل مع والدها رباه والدها ،لسانه ثقيل ولا يستطيع التحدث بطلاقه كذويه ولطالما نال من سخريتها ومااكثر المواقف التي جعلته فيها مادة حيه للسخرية والتقليد اللاذع… اقتاتت على ضعف شخصيته…
ثَبَت رامي اطار عويناته وعاد ليسأل بحذر وخوف
-ننن… جوى… ق… اعدة… هنا…. لللليه ..الججججو بارد… ؟
نهضت تهدية ابتسامة لم ينالها منها سلفا ،وصعدت للأعلى لكن اثناء صعودها توقفت تتطلع اليه من علو… لتترقرق الدموع بعينيها وهي ترى افعالها المشينة يقابلها بحنان وخوف غريب… .واهدته ابتسامة مليئة بالاسف والاعتذار واكملت طريقها… لشقتها ..فيما هز هو رأسه بدهشه ودخل حجرته المتواضعة المواجهه لمدخل البنايه…
*******************
فتحت جفنيها على صوت زوجة اخيها البارد
-ازيك ياامل مش كنتي تقولي انك هتيجي بالليل كنا عملنا حسابك فمكان .
حرباء متلونه ،تخفي انزعاجها ولكنها مهما فعلت لن تستطيع حجمع سياط لسانها البغيض ..
اعتدلت أمل… واسندت ظهرها للحائط ..وهمست بصوت بالكاد سمعته جميله
-ازيك ياجميلة… معلهش ازعجتكم
مصمصت جميلة بدهشه وهي تغمغم بضيق
-يالهوي عالكهن بتاعها… كنت نقصاكي…
سرعان ماادارت وجهها وهتفت بابتسامة بغيضة
-زي بيتك ياأمل…
خرجت تحتد في خطواتها وهي تسب وتلعن ذهبت لفراش زوجها وضربته بكفها قائله
-قوم يااخويا… قوم وقولي الست اختك هنا ليه وجات امتى… ؟ .
اعتدل من نومته يفرك وجهه بتعب فهاهي ستبدأ من جديد ووجود أمل واولادها سيكون مجال جديد لزيادة جرعات النكد… .
تركها ترغي وتزبد حمل المنشفه وغادر للمرحاض دون حديث ،تغمغم بغيظ
-اوووف منك مفيش فايده فيك…
لكن قبل أن يغلق باب المرحاض هتف ببرود اكتسبه من طول عشرتها وتطبعه بطباعها
-جهزي الفطار ياجميلة علشان متأخرش
تاففت ورفعت يدها داعيه بسخط
-ربنا ياخدكم… ..
********************
دخلت خلفه حجرة المعلمين وهي تهتف بعتاب
-تعبت اووي انهردا .
استدار لها سيف قائلا بإبتسامة
-حبيبي… .ماانتي عارفة ظروف تعبي وعليا شرح كتير متأخر…
لاحظت هنا لملمته لدفاتره واوراقه بعجاله فسألته بحيرة
-رايح فين… .؟
رفع سيف راسه قائلا
-طلاب أولى عايزين يفهمو شويه دروس انتي عارفه امتحاناتهم وثانيه كمان في مجموعه عيزيني اشرحلهم شويه دروس…
هزت هنا رأسها بنفاذ صبر قائله
-بس أنت تعبان ياسيف كفايه ثالثة .
حمل كتبه واوراقه واقترب قائلا
-معلش يانونه الطلاب اهم وبعدين قصدوني مينفعش اردهم…
هتفت هنا وهي تعقد ساعديها
-براحتك… بس انهردا بس الضغط ده…
غمزها سيف قائلا بشقاوة
-حبيبي… .قلبك ابيض… غادر قبل أن تنتهي الفرصة ويعود الطلاب لصفوفهم… بينما عكفت هنا على لملمه الاوراق خلفه وترتيب مابعثرة في غمرة تسرعه وعجالته…
صوت بغيض وانفاس كريهه صفعت اذنها
-عيني عالحب…
التفتت هنا وهي تزفر بضيق .القت بوجه شريف ابتسامة صفراء ارفقتها بنظرات محتقرة وغادرت تاركه له… .
وقف سيف محييا الطلاب وبدا شرحه بانهماك وجدية .
تسللت نجوى داخل حجرة المعلمين بعدما اطمئنت لعدم وجود أحد…
اقتربت من شريف قائله
-مستر شريف…
تفحصها شريف بأعين خبيرة ونظرات جريئة ليهتف بوقاحه
-نوجا… فينك مختفيه… صمت يشملها بنظره ثم عاود الحديث غامزاً
-خسيتي كده ليه وازاي… ؟
فطن سيف لغياب بعض اوراقه فأستئذن لياتي بها ..فتزامن وصوله للحجرة مع سهم نجوى المنطلق وصوت قذيفتها يدوي رغم خفوته
-مستر شريف أنا حامل منك…
تجمد جسد شريف وخبت ابتسامته ،وحينما هم بالرد… وقع قلم سيف ارضا من هول صدمته واحدث صوتا جعل نجوى وشريف يلتفتان في نفس اللحظه للواقف امامهم عينيه متسعه بذهول وجسده متصلب من قوة الغضب الذي اعتمل داخله ..
**********************
-مروحتيش المدرسه ليه ياياسمين… ؟
هتف بها قاسم وهو يتطلع لياسمين الذابله بحزن
لكنها اجابته ببرودها المعتاد
-مش عايزه اروح تاني ومش هكمل تعليمي .
ترك مابيدة وتطلع لها بذهول فاغرا فمه وكانه يشاهد مخلوق فضائي هبط للتو…
اما والدتها المسكينه قبضت على مرفقها وادارتها لها قائله
-ايه الي بتقوليه ده… .؟
نفضت ياسمين ذراع والدتها بقوة ونهضت قائلة وهي تسلط أنظارها على قاسم
-مفيش داعي ياقسمتي ونصيبي… .يعني هتفرق ايه… ..؟
اغمض عينيه يحاول تمالك نفسه وشحذ قوة تعينه على الا ينفجر بها ويذيقها اضعاف ما تجعله يعانيه بكلماتها .
ضم قبضته حتى ابيضت مفاصله ،ليفتحهما ويعاود الاكل قائلا وقد حاول جاهد ان يكسب نبرته بعضا من البرود
-وماله اهو تتفرغي لبيتك… .وابقا انا من اولوياتك ..،
توقفت عن السير وركلت فكرة هروبها الان من أمامه وعادت متسائله بذهول
-نعم يعني أنت موافق…؟
اتكأ على كرسيه قائلا بنصف ابتسامة
-اه طبعا ..براحتك خالص… .انا برضو يهمني راحتك وحقيقي كده انا هكون مبسوط اوي ..
وسدد اول هدف وقبض على اول خيوط فهمها وسبر اغوارها… اجاد الركل ولعب بمهارة… .نشوة غمرته واستبد به الزهو… .
لكن تلك القطه المشاكسة دائما ما تحطم قصورة المشيدة بخيبة امل عقدت ذراعيها قائلة بتحدي سافر وهي لاتحيد بنظراتها عنه وقد ابدلت دفه الحديث بغباء
– امممم بس مضطرة أأجل الجواز لمااخلص السنه دي…
هتف بترقب
-بمعنى
وصلت لبغيتها وهو كامل انتباهه
-مش هروح لو فيها جواز…. بس طبعا ميرضكش ام اولادك تكون جاهلة بالاعداديه… فبقول نأجل لغاية مااخلص علشان تكون اول اولوياتي ..
ابتسم ،وراقه الحديث ولقيت المراوغه لديه استحسان لكنه اخلف توقعاتها ..نهض وحينما اقترب منها همس بصوت خافت
-لا راضي… ..يامراتي لاحقا… وعاجبني اكون من اول اولوياتك وسيبك من ولادنا لانهم فكل الحالات… .هيحبو امهم جاهلة متعلمة بقا ،ماهو مفيش ابن بيكره امه… ولا ايه؟… وكتب الكتاب فميعاده…
سار يدس كفوفه في جيوب بنطاله وهو يهز رأسه مدندنا بلحن شهير…
أما هي فتهاوت على اقرب مقعد لاتصدق بروده .ولا تحدية… .
ظلت رحمة تكتم ضحكاتها داخلها من فعلة قاسم ،فحقا هو الاحق بها والجدير بتأديبها وها هو قد بدأ والغلبه للأقوى .

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية صفعات القدر الحاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى