روايات

رواية شغفها عشقا الفصل الحادي عشر 11 بقلم ولاء رفعت علي

رواية شغفها عشقا الفصل الحادي عشر 11 بقلم ولاء رفعت علي

رواية شغفها عشقا الجزء الحادي عشر

رواية شغفها عشقا البارت الحادي عشر

رواية شغفها عشقا الحلقة الحادية عشر

وحوش ضارية على هيئة بشر، لا يعرف الخير إلى دربها عنواناً، وأزهار قد ذبلت أوراقها وتناثرت بقاياها بعد أن تم اقتطافها فلم يعد لها في البستانِ مكانًا.
– أرفعها لفوق شوية عايز الكل يشوفها ويعرف إن المحل وفروعه بتوع جاسر الراوي وبس.
تلك الكلمات صاح بها جاسر الذي أمر رجاله بإزالة لافتة «يعقوب وأولاده» و تبديلها بأخرى باسم «مفروشات الجاسر»، انتهى العامل من تثبيت اللافتة وهبط من الدرج الخشبي فسأله:
– تمام كدا يا جاسر بيه؟
وقف جاسر يتأمل اللافتة واضعًا يديه على جانبي خصره يردد اسم المتجر بسعادة ثم قال:
– الله ينور يا رجالة، يلا بقى على شغلكم.
اقترب إليه عرفة بتوجس حتى يخبره أن ما يفعله خطأ ذريع:
– جاسر بيه، معلش إني بتدخل، بس نصيحة من واحد قد أبوك الله يرحمه وشغال في المحل من أيام الحاج عبدالعليم الراوي، المحل والسلسلة كلها معروفة بمفروشات “يعقوب وأولاده” والناس كلها بتيجي على الاسم لأنهم بياخدوا الحاجة من عندنا وهم مغمضين عينيهم.
نظر إليه جاسر بغضب قائلًا:
– المحل دا دلوقتي بقى بتاع مين يا أبو العريف؟
نظر إلى أسفل بغضب وأجاب على مضض:
– بتاعك يا ابني.
– أنا هعدي ليك كلمة يا ابني بمزاجي، بس انت الوحيد اللي مسموح ليك تقولها، عشان أنا هابقى جوز بنت أختك.
ألجمت الصدمة لسانه، فسأله جاسر ساخرًا:
– إيه كلت القطة لسانك؟
تمكن عرفة من التحدث أخيرًا فسأله بتعجب:
– وصية أبوك الله يرحمه كانت إنك هتتجوز أمنية ومريم هتتجوز…
قاطعه جاسر بنظرة تحذيرية:
– مريم هتتجوزني أنا، أبويا خلاص مات والحي أبقى من الميت، دا لو لسه كنت عايز تحافظ على أكل عيشك في المكان يا أبو أمنية.
ما قد سمعه عرفة للتو جعله كالمحاصر بين شقي الرحى، الأول يعلم أن مريم تحب يوسف ويوسف يحبها، كما يعلم أيضًا أن ابنته تحب جاسر، بينما الشق الأخر هو عمله في المتجر والذي عمل فيه منذ أن كان صغيرًا و أخذ من عمره أكثر من أربعين عامًا، فماذا عساه أن يفعل في ذلك المأزق؟
ـــــــــــــــــــ
يغفو في سُبات عميق بعد أن استسلم إلى النوم، جسده يرتجف، ربما لأنه غارقاً في كابوس موحش يجعله يهمهم بكلمات غير مفهومة حتى أستيقظ فجأة وهو يلتقط أنفاسه، انتفض عندما صدح رنين الجرس، فنهض ليرى من الزائر.
ظهر إليه شابًا في نفس مرحلته العمرية، نحيل القوام، عيناه دائرية تغطي نصف وجهه، شعر يوسف بالفرح حينما رأي صديقه:
– ماجد!
عانقه وربت عليه فقال ماجد له:
– أنا رحت لك على البيت قالوا ليا إنك مش موجود، ورحت لك على المحل قابلني هناك عم عرفة وهو اللي قالي إنك عايش هنا، أولًا البقاء لله، ثانياً ليه سيبت البيت وعشت لوحدك؟
عقب على سؤالين صديقه:
– والدوام لله، بالنسبة لسبب إن أنا قاعد هنا دا محتاج شرح طويل وأنا بصراحة مش قادر أو بحاول أنسى
ولج كليهما إلى الداخل ثم ذهبا إلى غرفة الضيوف، كما تفهم ماجد ما يدور في رأس صديقه فربت على كتفه وقال:
– ولا يهمك يا چو، أهم حاجة جيت أطمن عليك وأعزيك وفي نفس الوقت جيت أحكي ليك خبر ممكن يضايقك وخبر تاني بدعي من ربنا إنك توافق عليه.
عقد ما بين حاجبيه وسأله:
– الخبر اللي بيضايق هو إن إدارة الجامعة عينت تلات معيدين، اتنين منهم ولاد دكاترة والتالت من معارف عميد الكلية.
هز رأسه بسأم وعقب قائلًا:
– كان قلبي حاسس.
– كلها وسايط وبالمحسوبية يا صاحبي، يعني لو باباك الله يرحمه كان ملى جيوبهم بالهدايا والشيكات مش بعيد كانوا عينوك دكتور على طول.
أخذ كليهما يضحك، يا لها من كوميديا سوداء!
توقف يوسف عن الضحك فسأله:
– طيب وإيه اللي أنت عايزني أوافق عليه؟
أخبره صديقه بحماس:
– طبعًا بتسمع عن شركات التسويق والشحن زي أمازون وغيرها، إحنا عايزين نعمل شركة زى الشركات دي، أنا عملت دراسة جدوى وحددت المبلغ اللى عايزينه هتبقى شراكة بيني وبينك، ومعانا شريك تالت هيساهم معانا بالفلوس وأنا وانت باقي كل حاجة، إيه رأيك؟
أخذ يفكر قليلًا، كم تمنى أن يمتلك عملًا خاصًا به، وبالتالي لا يعتمد على أموال والده، فسأله:
– حلوة جداً الفكرة، لكن لازم تكون متفق مع شركات كتير اللى هانكون وسيط ما بينها وبين العملاء، ومحتاجين لمندوبين لتوصيل شحن كل منتج مطلوب، وفوق كل دا مكان للشركة نفسها.
أخبره ماجد:
– اطمن أنا عملت حساب لكل دا، مستني بس موافقتك وشراكتك معايا بالفلوس وبإداراتك لأنك شاطر قوي في الإدارة.
أومأ إليه ثم انتبه إلي شيء فسأله:
– ما قولتليش صح مين الشريك التالت؟
ابتسم بفخر وأجاب:
– الـ business woman أية فؤاد.
صاح بتعجب:
– أختك!
– آه يا سيدي هي، آية ما شاء الله بقت fashion designer و make up artist قد الدنيا، وكمان هتساعدنا في شحن وتسويق أدوات التجميل وكل الحاجات بتاعة البنات دي مكسبها حلو جداً.
هز رأسه بالموافقة وقال:
– يبقى على بركة الله.
ـــــــــــــــــ
نهضت رقية من جوار شقيقها تصيح برفض تام:
– مش موافقة.
كان جاسر يمسك بسيجارته وينفث دخانها، سألها بتعجب:
– ليه إن شاء الله؟ مش دا حمزة اللي كنتي هتموتي وأبوكي يوافق عليه؟ ولما أبوكي رفضه فضلتي قافلة على نفسك!
نظرت إليه باستفهام فأردف:
– ما تستغربيش، أنا آه ما ببقاش موجود بس دبة النملة بعرفها، وأنا جاي لك وبقولك أنا موافق على جوازكم، يعني المفروض تشكريني.
حدقت بامتعاض وإصرار قائلة بصياح:
– انت ما بتفهمش؟ قلت ليك مش عايزاه، وروح قوله كدا، ولا هتخاف منه اكمنك الدلدول بتاعه، أي حاجة يقولها لك تقول وراه آمين.
كان الصمت السائد أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة، وإذا بها تطلق صرخة دوى صداها في أرجاء المنزل، كان قد قبض على خصلاتها ويهزها بعنف حتى شعرت بأن شعرها سيقتلع في قبضته، يحذرها بصياح:
– أنا ساكت ليكي من بدري لحد ما سوقتي فيها ولسانك طول، جرى إيه هو أنا مش عارف ألمك! طيب إيه رأيك وربنا لهتتجوزيه والخميس الجاي هايكون كتب كتابكم.
ترك خصلاتها ودفعها على الأرض، فتحت والدتهما الباب تسألهما بقلق:
– إيه اللي بيحصل يا جاسر، بتمد إيدك على أختك ليه؟
أشاح بيده قائلًا:
– أهي عندك، ابقي اساليها.
تركهما وغادر الغرفة، دنت راوية من ابنتها فارتمت الأخرى بين ذراعيها وانفجرت في البكاء، فقالت بحزن وأسي:
– ربنا يهديك يا جاسر يا بني.
ــــــــــــــــــــ
عاد من الخارج للتو يحمل علي كاهليه ثقل جبل من الهموم، ألقى تحية السلام على أهله فردت زوجته التحية وكذلك مريم وسألته:
– خالو يوسف ما بيجيش المحل؟
أجاب بسأم وحزن نابع من قلبه:
– هيجي ازاي يا بنتي وأخوه منه لله خد كل حاجة؟
شهقت زوجته وسألته:
– أخد منه كل حاجة ازاي؟
أخذ يسرد لهما ما حدث في المتجر وعلم أن كل ممتلكات الحاج يعقوب أصبحت ملكًا لجاسر، ويوسف انتقل إلى شقة والدته التي تقع في أحد الأحياء الراقية، كما ترك له والده مبلغًا من المال لأنه كان يتوقع حدوث ذلك، وبعد أن انتهى من حديثه وقفت مريم وقالت:
– عن إذنك يا خالو، خدني عند يوسف ونطمن عليه.
لا يعلم ماذا يفعل، فهو محاصر بين طلب جاسر للزواج من ابنة شقيقته وما بين أن يترك عمله الذي يعول منه أسرته، وهو قد تجاوز منتصف عقده السادس يصعب عليه في هذا العمر أن يجد عملًا يتربح منه ما يكفي عائلته.
لذا قال لها مرغمًا:
– ما ينفعش يا مريم، يوسف دلوقتي ما بين حزنه على أبوه وما بين اللي عمله فيه أخوه، بلاش نروح له هنتفهم غلط، خصوصًا إنه يوم وفاة أبوه كان هيجي يتقدم لك، ممكن تسألي عليه في التليفون.
أخبرته بحزن:
– تليفونه مقفول.
– يبقى خلاص بلاش تفرضي نفسك عليه، هو لو عايزك هيسأل عليكي.
شعرت بالحزن ربما حديث خالها صحيح، لكن كيف هذا وقد اعترف يوسف إليها بحبه وطلب الزواج منها!
أومأت بسأم وقالت:
– أنا داخلة أنام تصبحوا على خير.
اقتربت هويدا من زوجها تسأله بصوت خافت:
– انت ليه قولت ليها كدا، هو فيه حاجة وانت مخبيها عليها؟
همس إليها ولوح بيده لتتبعه:
– تعالي في أوضتنا وأنا هحكي ليكي.
و بداخل غرفتهما بعد أن أخبر زوجته بطلب جاسر وتهديده في آن واحد، شهقت وضربت كفها على صدرها قائلة:
– يخربيته هو عايزك تغصب مريم عشان تتجوزه؟ وكمان بيساومك على أكل عيشك!
طأطأ رأسه إلى أسفل بقلة حيلة قائلًا:
– مش عارف يا هويدا أعمل إيه؟ أنا عارف مريم متعلقة بيوسف وعمرها ما هتوافق على أخوه.
عقبت هويدا على حديثه:
– يبقى ده السبب اللي خلاه اتخانق مع أبوه وقت ما قال له يتجوز أمنية بنتك، أتاريه حاطط عينه على مريم، يا حسرة عليكي يا بنتي وعلى بختك المايل.
رفع رأسه ورمقها بامتعاض:
– وطي صوتك للبنات يسمعوكي.
– هو دا كل اللي همك يا أبو محمود؟ دا بيقولك يا يتجوزها يا هيطردك من المحل، المحل اللي كبرتوا من أيام الحاج عبد العليم، وبعدين دا واحد غدر باللي من دمه ما بالك ممكن يعمل فينا إيه؟
تمعن في حديثها ووجد ما تقوله صحيحاً، فسألها بتردد من القرار الذي أُرغم أن يتخذه لكنه يريد أن يجد ما يؤيده حتى لا يشعر بالذنب نحو مريم ويوسف:
– يعني أعمل إيه يا هويدا؟ أنا محتار وعاجز.
– وهي دي فيها حيرة؟ ما هي واضحة زي الشمس قدام عينك، انت لو اتطردت من المحل مش هنلاقي ناكل ولا حتى تجوز مريم ليوسف ولا بنتك لصاحب نصيبها، دا غير إنك عديت الخمسة وخمسين سنة، فصعب تلاقي شغل كويس، يعني أخرك فرد أمن ومرتبه ميأكلش عيش حاف.
سألها مرة أخرى:
– طيب مين اللي هيقنع مريم إنها توافق عليه؟
ابتسمت بزهو وقالت:
– سيب عليَّ أنا المهمة دي، أنا همهد الأول وهقولها على اللي فيها وهي مش هترضى بقطع عيشك، دا انت خيرك عليها.
دمعة تساقطت من عين ابنتهما التي كانت تقف وتسترق السمع، لقد علمت لما كان جاسر يلاحق مريم في العزاء، ويبدو إنها ليست المرة الأولى، ولماذا يريدها إلى هذا الحد، والسؤال الأخير لما خبأت مريم أمر كهذا ولم تسرده إليها!
عادت مسرعة إلى الغرفة وجدت مريم تستند بظهرها على الحائط وتضم ركبتيها إلى صدرها وتستند عليهما بجبهتها وساعديها، وكأنها تبكي، ابتلعت أمنية لعابها قبل أن تجفلها بالسؤال الآتي:
– ليه ما قولتليش إن جاسر عايزك يا مريم؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على 🙁رواية شغفها عشقا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!