روايات

رواية سند الكبير الفصل الثاني 2 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الفصل الثاني 2 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الجزء الثاني

رواية سند الكبير البارت الثاني

رواية سند الكبير الحلقة الثانية

أصابها الهلع.. تشعر بلمسته، يعانق جسده الصلب جسدها الطري، أنفاسه تتجول على خصلاتها ترعبها و تزيد رغبتها فى البكاء، يا ليتها كانت حبة من الملح لتذوب بتلك اللحظة بلا عودة مرة أخرى…
ارتجفت شفتيها ليغمز إليها قبل أن يضع أصابعه على شفتيها يمنعها من الحركة هامسا بفحيح :
_ كنتي فاكرة إنك ممكن تهربي العمر كله عن سند الكبير يا وعد…
لطالما عشقت إسمها من بين شفتيه و لكن الآن يطوف بداخلها نفور كبير منه، حركت وجهها ليبعد كفه عنها قائلة من بين أنفاسها المتهدجة :
_ ابعد ايدك دي عني، مش من حقك تقرب مني يا كبير أنا ست متجوزة..
لو كانت ظلت على الوضع الصامت كان أفضل بكثير لها، لما ذكرته بكارثة فعلتها بعد كارثتها الأولى بالهروب منه، بالفعل تركها و ذهب إلى خزانة ملابسه يخرج منها طقم مريح للنوم ثم ألقى به على الفراش…
رفعت حاجبها بذهول من هذه الوقاحة صارخة :
_ أنت بتعمل ايه اطلع برة…
نظر إليها بسخرية مجيبا :
_ الأوضة دي بتاعتي أنا أطلع أروح فين…
تخافه هذه حقيقة لا يوجد جدال بها إلا أن غضبها تخطي هذا الخوف لتقترب منه بغضب :
_ و لما هي أوضتك أنا بعمل فيها إيه؟!.. أخرج برة بدل ما أصرخ و محمد ييجي…
قهقه بمرح قائلا :
_ محمد يعرف عموماً مش محمد بس اللي هيعرف ده البيت الكبير كله و الخدام اللي أكيد هيقولوا إنك دخلتي هنا بمزاجك تحت عنيهم… و الفضيحة هتبقى صعبة خصوصاً بروب الحمام بتاعي اللي ملفوف على جسمك…
إنتبهت للتو فقط أنها شبه عارية أمام عينيه التي تأكلها و تبتلع تفاصيلها، شهقت بقوة و هي تضع كفها على صدرها تحاول الفرار إلى المرحاض إلا أنه كان الأسبق على الباب :
_ على فين من امتا حد يمشي و سند الكبير واقف…
على يقين من جنون فعلتها، أخفضت وجهها لعدة لحظات قبل أن تردف بضعف :
_ أنت جبتني هنا ليه؟!.. عايز تقتلني صح…
رفع يده ليزيل باقي منشفة الرأس المتعلقة بخصلاتها البنية يتأمل ملامحها عن قرب كأنه لأول مرة يراها، منبهر بوجهها الأبيض المستدير و ملامح وجهها البسيطة، كأنها إحدى أميرات العصر القديم، ضرب مقدمة أنفها بأحد أصابعه قائلا :
_ الموت هيكون رحمة كبيرة ليكي و ليا و أنا لا عايز أرحمك و لا حتى أرحم نفسي…
مثل الفأر دلفت الي المصيدة بقدميها و لا تشعر أنها بأول خطوات النهاية، لا تعلم من أين أتت لها تلك القوة التي تجعلها صامدة، أردفت بأنفاس متلاحقة :
_ من أول مرة شوفتك فيها قولت عليك مريض و لازم تتعالج عند دكتور نفسي، بس دلوقتي بقولك إن حالتك محتاجة إقامة الباقي من عمرك في مستشفى الأمراض العقلية..
أومأ إليها مؤكدا بهدوءه المعتاد :
_ وقتها هتكوني في الاوضة اللي جانبي مش أنا وعدتك إنك هتفضلي جنبي على طول قبل كدة…
نظرت إليه بغل قائلة :
_ الموت عندي أهون بكتير من إني أبقى جانبك يا كبير…
عاد الي قرص أنفها مرة أخرى هامسا :
_ دخلتي كفر عتمان بمزاجك يا دكتورة و هربتي منه برضو بمزاجك يا دكتورة، بس دلوقتي النفس اللي بين صدرك خروجه بإذن مني أنا…
_ أنت قاتل و أنا و أنت عمر ما كان طريقنا واحد أبداً…
أبتعد عن باب المرحاض قائلا بقوة :
_ مين قالك إني بس اللي قاتل، و الغفير مات على أيد مين يا دكتورة مش على إيدك؟!…
يكذب هي على يقين من كذبه، ليلة ضربها للغفير يوم هروبها كانت تعرف بأي مكان تضربه فقط أرادت أن يفقد الوعي ليس أكثر، حركت رأسها عدة مرات تنفي ما يقوله إلا أنه ثبت وجهها بضغط كفه على عنقها مردفا :
_ عايزك تخافي يا دكتورة وعد، عشان اللي جاي نار لازم تنطفي بحرق حد، خافي…
تركها ثم اتجه الي باب الغرفة ملقيا عليها نظرة أخيرة قبل أن يخرج من الغرفة قائلا :
_ بعد ساعة هييجي المأذون يطلقك من حبيب القلب و في نفس اللحظة هنتجوز… البكر مالهاش عدة يا دكتورة… ممنوع تخرجي من الأوضة إلا بأمر من سند الكبير لو عايزة التاني يخرج من هنا فيه نفس….
_______________
على الصعيد الآخر بالشقة القائم بها محمد…
انتهى من ترتيب ملابسه و أخذ بعدها حمام دافيء يريح به أعصابه، منذ أول خطوة له بتلك الشقة و رأسه تكاد تنفجر، صداع حاد لا يعرف له سبب…
بدل ملابسه ثم قرر بها التجول بالحديقة بهذا الجو الهادئ لعل الهواء النقي يريح أعصابه، المكان رائع و السماء صافية جلس بجوار أحد الزهور متأملا ما حوله..
تعجب من جلوس أحد بجواره، نظر بطرف عينه ليري فتاة يا سبحان من خلقها بتلك الصورة، عينيه تعلقت بها و كأنه لأول مرة يرى فتاة جميلة…
اتسعت عيناه بذهول من تعلق يدها بذراعه بطفولية و عينيها غارقة بالدموع، ابتلع ريقه متوترا من حركة كفها الصغير على ذراعه هامسة بنبرة لعبت على أوتار روحه :
_ عروستي راحت مني و أنا مش عارفة هي فين عايزاها و بدور عليها من كتير أوي… همت الصغيرة راحت مني…
حاول الإبتعاد عنها يبدو أنها فاقدة للأهلية من طريقتها بالحديث، دار بالمكان حوله يبحث عن أحد يأخذها منه إلا أنه لم يجد، زاد بكائها و ألقت بجسدها بين أحضانه…
رحب بهذا الاندماج الجسدي، يشعر بحاجته هو الآخر لأخذها بين حنايا صدره، حرك يده على ظهرها هامسا :
_ اهدي يا آنسة و قوليلي أنت تبقى بنت مين هنا أو أقدر أساعدك بإيه…
زاد تعلقها به أكثر رغم محاولته في الإبتعاد عنها مردفة من بين شهقاتها :
_ عايزة عروستي همت الصغننة…
وضع يديه على يديها يفك تلك العقدة التي تزين عنقه بأصابعها قائلا بنبرة متهدجة :
_ طيب أهدى و بطلي عياط يا صغيرة أنتي، إيه رأيك تمسحي دموعك الحلوة زيك دي عشان تبقى بنت شاطرة و تقومي معايا ندور على همت الصغيرة…
ابتعدت عنه تنظر إليه ببراءة شديدة، ظلت صامتة مترددة لعدة ثواني تفكر بحديثه ثم ابتسمت باتساع متحمسة قبل أن ترفع يديها تزيل بهما بقايا دموعها قائلة :
_ عندك حق، ماشي يلا بقى قوم معايا ندور على همت الصغيرة قبل ما حد من الوحشين ياخدها مني…
قام معها بقلة حيلة، انبهاره بها تحول إلى حالة كبيرة من الشفقة، يسأل لماذا فتاة مثل الوردة الجوري تبقى هكذا؟!.. تعلقت بيده مرة أخرى و يا ليتها لم تفعل انتفض من تلك الرجفة التي أصابت جسدها و جسده…
ساعة و نصف يبحث معها على تلك الدمية بلا فائدة، بدأت تفقد الأمل و عادت للبكاء قائلة :
_ عروستي ضاعت الأشرار أخدوا العروسة مني…
بالفعل هو عاجز على التعامل معها، حرك يده على رأسها مردفا بهدوء :
_ اهدي ممكن أجبلك واحدة جديدة خالص…
حركت رأسها نافية بقوة و بدأت تدلف بحالة من الانهيار الكلي صارخة :
_ لا لا لا أنا مش عايزة غيرها أنا عايزة همت الصغيرة بس…
علا صريخها، أتى الحرس الذي وجد نفسه في دقيقة واحدة محصور بينهم و اسود العالم من حوله و آخر ما وصل إلى أذنيه صوتها فقط….
__________
هل قتلت روح؟!… سبب هروبها أنها رأته يقتل هل أصبحت مثله؟! جلست على الفراش و جميع أنحاء جسدها منهارة أزرق من الثلج المحيط به، أغلقت عينيها تلعن تلك اللحظة التي جعلها الحظ تسقط بين يديه…
فلاش باااااااك….
بأحد الأماكن البسيطة على النيل نظرت وعد إلى صديقتها صافية بعدم استيعاب قائلة :
_ يعني ايه يا صافية كلامك ده، عايزاني أروح أشتغل في كفر عند واحد رافض شغل الستات ده كلام؟!…
حدقت بها صافية لعدة لحظات لا تعرف كيف تقنعها و هي نفسها غير مقتنعة و لكن ما باليد حيلة، أخذت نفس عميق قبل أن تجيبها بهدوء :
_ و أنا أعمل فيكي ايه يعني روحتي ضربتي الدكتور خالد زميلنا و اترفدتي من المستشفى، و مفيش مستشفى راضية بيكي دلوقتي كله منك و من لسانك و أيدك، وعد أنتي مش بس هتروحي كفر عتمان الكبير أنتي كمان تنسى خالص موضوع إنك ست ده…
حركت رأسها بفهم مفتوح تريد منها الفهم بشكل أكبر لتكمل الأخرى حديثها بتوتر :
_ هتروحي على إنك راجل زي فيلم للرجال فقط، كل حاجة هتكون جاهزة تعملي نفسك راجل و تشتغلي دكتورة للرجالة اللي شغالة معاه زي الطوارق كدة لحد ما….
قاطعتها وعد بسخرية :
_ لحد ما إيه؟!.. يعرف و أروح أنا في داهية مش كدة… أنا مستحيل أقبل بالجنان ده….
بعد مرور أسبوع واحد كانت تنظر إلى هيئتها في المرايا اليوم أول يوم لها تحت مسمى الطبيب شاكر، ابتسمت على حالها بسخرية بالفعل مظهرها كوميدي و ربما مكشوف أمام الأحمق، شارب كبير، خصلات رجولية مستعارة واضحة مثل الشمس و فوق كل هذا و ذاك حواجب مثل فرشة الأسنان بالإضافة إلى ذقن تصل إلى مقدمة صدرها…
خرجت من الغرفة لتجد صديقتها تكاد تنفجر من الضحك قائلة بصعوبة من بين ضحكاتها :
_ بجد يا وعد شكلك مسخرة أنا مش قادرة أخد نفسي من شكلك، بس كدة زي الفل يا بت مش باين أي حاجة من ملامحك باقي بس صوتك حاولي يبقى خشن بلاش سهوكة بدل ما تشرفي على الأسفلت…
رفعت حاجبها ساخرة قبل أن تحمل حقيبتها مردفة و هي تتجه إلى باب المنزل :
_ دمك زي الزفت مش خفيف خالص على فكرة، يلا قدامي خليني ألحق القطر و اغور في ستين داهية من وشك…
أربع ساعات مروا عليها مثل الأعوام قلبها يحثها على العودة إلى بيتها تنعم هناك بالأمان و الدفيء، و عقلها يأمرها بتكملة هذا الطريق الذي بدأته؛ لتأتي بالمال فحتى بيتها الدافيء لا تستطع العيش به دون مال…
نظرت إلى المكان حولها بتوتر من أول خطوة لها بهذا الكفر، سؤال واحد يدور برأسها أين نساء هذا المكان؟!.. اقتربت من أحد الرجال قائلة بنبرة حاولت أن تجعلها رجولية بقدر المستطاع :
_ فين بيت سند الكبير لو سمحت؟!…
انتفض الرجل من مكانه قائلا :
_ بيت سي سند عايزه ليه يا أخ…
_ أنا الدكتور الجديد و محتاج العنوان مش أكتر اهدى حضرتك متوتر ليه؟!…
سار الرجل أمامها مردفا برعب :
_ أنت الحكيم الجديد الله يكون في عونك، يلا أوصلك على أول شارع البيت الكبير و كمل أنت ممنوع حد من أهل الكفر يدخل شارع البيت الكبير…
بعد هذا الحديث تمنت لو بقدرتها العودة و كأن شيئا لم يحدث، تركها الرجل على أول هذا الشارع الطويل لتبدا رحلتها لهذا المنزل، شعرت ببعض الأمان مع سماعها إلى أذان العشاء تؤكد لنفسها أن الله معها، أردفت بداخلها بذهول من هذا المنظر الخاطف للأنظار :
_ يا الله على الجمال معقول ده بيت عادي جوا قرية في الريف؟!…
سمعت صوت كلاب خلفها لتدور بجسدها صارخة بفزع قبل أن تلقي بنفسها بأحضان هذا الغريب صارخة :
_ يا مامي كلاب….
__________

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سند الكبير)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى