روايات

رواية سند الكبير الفصل الثالث 3 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الفصل الثالث 3 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الجزء الثالث

رواية سند الكبير البارت الثالث

رواية سند الكبير الحلقة الثالثة

تعلقت بعنق هذا الغريب كطوق النجاة لها من تلك الكلاب المفترسة، طال الصمت و اختفى صوت الكلاب رويدا رويدا… بدأت تأخذ أنفاسها المسلوبة و عم على قلبها الاطمئنان، حلت ذراعيها بعيدا عن عنقه لتجده يقف جامدا و الكلاب خلفه على بعد مسافة بسيطة..
ابتلعت لعابها بعدما علمت أن سرها انكشف من قبل أن تبدأ بالعمل، معالم وجهها غير ظاهرة إلا أن من يراها عن قرب يعلم كم هي بريئة، طفلة صغيرة ضائعة…
ابتعدت ليحاول هو إخراج صوته من هذا العناق الطري الذي لا يدل على رجولة من كان بين ذراعيه، أشار الي أحد رجاله بأخذ الكلاب قبل أن يتحدث بوقاره :
_ مين أنت و دخلت البيت الكبير إزاي؟!..
اهدئي يا وعد أنتِ الآن بداخل براثن الصقر، حمحمت قبل أن تخرج صوتها بنبرة خشنة :
_ أنا الدكتور وحيد، الدكتور الجديد للبيت الكبير و عايز أقابل السيد سند…
ضرب بعصاه الأرض متجها إلى القاعة الكبيرة جالسا على مقعده، صارت خلفه و مع دخولها علمت أنها أمام سند الكبير، أردفت برأسها بحسرة :
_ معقول هموت من أول دقيقة ليا في المكان ، روحتي في داهية يا وعد…
وضع هو ساقا على الآخر هاتفا :
_ اه أنت الحكيم، شغلك هيبدأ من بكرة هتروح مع الغفير شقتك، إياك تخرج منها إلا بطلب مني أو تفتح ليها شباك سامع…
أومأت برأسها عدة مرات كل ما ترسم إليه الآن هو الفرار من هذا الرجل، ذهبت إلى الشقة خلف الحارس و أغلقت الباب خلفها سريعا قبل أن تزيل تلك الأشياء التي تأكل بوجهها قائلة :
_ أنا رميت نفسي وسط النار و كان عندي فرصة إختيار، يا رب أنت عالم بحالي عدي الأيام المرعبة دي على خير…
رفعت هاتفها بعد سماعها إلى الرنين الخاص بصديقتها لتجيب عليها بغل:
_ الله يخربيتك يا صافية الكلب، أنا تعملي فيا كدة، ده فيلم رعب مش كفر، الراجل لوحده شكله قتال قتلة.. أنا تقريبا عملتها على نفسي و رايحة استحمى، يلا غوري في داهية…
على الجانب الآخر قهقهت صافية بمرح قائلة :
_ متخافيش دة راجل عادل خليكي بس في شغلك و نفذي الأوامر و كله هيعدي بسرعة…
أغلقت الهاتف بوجهها دون أن ترد عليها، حالها ينطبق عليه المثل الشهير ” اللي ايده في المياة مش زي اللي ايده في النار”، أزالت كل ما عليها ثم ركضت إلى المرحاض تحتمي به…
شهر كامل مر عليها بداخل تلك الشقة لا تفعل شي فقط تنتظر أمر منه بالخروج، ملت من هذه الحالة، تأخذ مرتب أكثر من أحلامها و لكن بلا عمل، انتهت من ارتداء ملابسها الرجالية و وضعت الأشياء على وجهها ثم قررت الخروج من هذا السجن…
فتحت الباب و أخذت تتجول بالحديقة، المكان هنا أكثر من رائع، شهقت فجأة برعب عندما سمعت الغفير خلفها يقول بقوة :
_ إزاي تعصى أوامر سيدنا يا حكيم، قدامي السيد سند أمر تكون عنده….
سارت معه إلى نفس القاعة لتجده يجلس، أمرها بالوقوف أمامه ثم أشار إلى الغفير بالخروج، أخذ نفس من سيجاره قبل أن يردف بهدوء ما يسبق العاصفة :
_ خرجت ليه من شقتك هو أنا طلبتك؟!…
خائفة هذا حقيقي إلا أنها بنفس الوقت متمردة، نال العناد من عقلها لترفع رأسها بقوة قائلة :
_ أنا جاي هنا عشان أشتغل دكتور مش مسجون، باخد فلوس على إيه و أنا لا بشتغل و لا بتحرك من الشقة حتى…
ضرب المقعد بكفه قبل أن يقول بغضب :
_ أنت هنا تحت أمري و بس، المرتب ده عشان وقت ما أعوزك تكون موجود، أدخل شقتك يا حكيم و اعتبر إن دي آخر غلطة ليك…
من هو ليتعامل بتلك الطريقة مع البشر؟!.. يأمر و يتكبر كأنه مخلوق على الكوكب بمفرده، زاد غيظها منه لتقول :
_ مش من حقك تقول إني تحت أمرك أنا هنا أشتغل بمزاجي، الناس مش عبيد عندك عشان أفضل بين أربع حيطان لحد ما جنابك تؤمر أنا بقدم استقالتي مش هكمل في الظلم ده…
حمقاء لدرجة أنها كانت تتحدث معه بنبرة صوتها الحقيقية، مع أول مواجهة بينهما كشفت أمرها، ظل يسمعها بهدوء يريد أن يحفظ نبرة صوتها إليه، أنتهت من حديثها ، ليترك هو ما بيده ثم قام من مكانه…
أصابها الهلع من تلك الخطوات المدروسة التي تقترب منها، للحظة علمت خطاها لتتسع عيناها بذهول وتجمعت الدموع بمقلتيها لا تريد الموت الآن و بهذا المكان الذي لا يعرفها به أحد… ارتجفت شفتيها شاهقة بعدما جذبها لتبقى داخل أحضانه…
رفع أصابعه ممررا إياهم على بشرتها الناعمة هامسا بنبرة ساخنة :
_ من أول مرة حضنتك فيها وقت الكلاب و جسمك الطري اللي زي المهلبية وقع تحت أيدي قولت مستحيل ده يبقى جسم راجل، حتى ريحتك كلها بتقول انا ست زي القمر كمان…
أخذ نفس عميق من عطرها الفطري قبل أن تأخذ يده الطريق إلى إزالة تلك الأشياء الغريبة الموضوعة على وجهها، لتظهر أمامه ملامح القمر ليلة أربعة عشر..
شقت الإبتسامة وجهه قبل أن يلقي ما علي وجهها بالأرض قائلا :
_ اممم مش قولت قمر، وصفي ليكي ظلمك قوليلي بقى الحلو بيعمل إيه هنا و فين الدكتور وحيد؟!…
سقطت دموعها بخوف مردفة بتقطع :
_ مفيش حد اسمه الدكتور وحيد، أنا الدكتورة وعد عبد الله و جيت هنا بلبس راجل لأنهم قالوا مفيش ستات بتشتغل في الكفر ده، أنا كنت محتاجة للشغل صدقني…
ابتعد عنها ليرى ارتجافها بوضوح ثم رفع حاجبه بتفكير قائلا :
_ و أنا أصدقك إزاي يا دكتورة بعد ما دخلتي هنا بكذبة و كبيرة كمان…
عضت على شفتيها و هي تزيل دموعها بظهر كفها قائلة :
_ أنا مش كدابة دي الحقيقة، لو كنت بتشغل ستات مكنتش أنا عملت كدة، أي واحدة محتاجة شغل هتعمل كدة، بس خلاص أنا مش عايزة أي حاجة غير إني أخرج من هنا…
رفع أحد أصابعه و حركها محل دموعها ليأخذ أكبر قدر منها عليه ثم نظر إليهم بداخل كفه مردفا :
_ أنتي فعلاً كذبتي، و بعدين مفيش ستات بتشتغل في كفر عتمان الكبير عشان احنا رجالة مفيش ست تجوع و لا تحتاج لفلوس طول ما في راجل، و اللي جوزها ميت أو مالهاش راجل كل طلباتها عندي و من مالي، يعني لو كنتي طلبتي فلوس بدل الكدب كنت أديتك…
ردت عليه بغضب شديد لا تقبل تلك الإهانة أبداً :
_ أنا مش شحاتة عشان أطلب منك فلوس أنا دكتورة و عايزة شغل، اللي أنت بتقوله ده لما أبقى قليلة الحيلة أو معنديش مهنة أكسب منها بدل ما أشحت و أمد ايدي ليك أو لغيرك…
أعجبته تلك اللعبة و ربما تكون زوجة جديدة له ، سند الكبير لأول مرة يريد الإطالة في الحديث مع احداهن، حديثها لا يروق إليه أبداً، لا يحبذ العناد و خصوصاً معه..
أردف بجدية :
_ تبقى غبية يا دكتورة لو شايفة ان ستات الكفر قليلات الحيلة أو في واحدة منهم بتمد ايدها و تشحت، أنا الكبير و ده حقهم عليا، روحي شقتك لحد ما أعرف هعمل فيكي إيه…
همست برعب :
_ تقتلني صح؟!.. أنا مش عايزة أموت دلوقتي لو سمحت…
وضع يده خلف خصلاتها قائلا و عينيه تحفظ تفاصيلها اللذيذة :
_ لأ اللي زيك خسارة في الموت، بس البيت الكبير من زمان محتاج حرمة تنوره… هتجوزك يا بت…
______________
في الثانية بعد منتصف الليل، حملت حقيبتها و ارتدت ملابسها الرجالية ثم فتحت باب الشقة و بدأت عينيها في التجول بالمكان حولها بريبة، لن تظل بهذا الكفر ساعة واحدة هذا المجنون سيأتي غدا بالمأذون…
جدته و باقي عائلته مثله.. الرحمة انعدمت من قلوبهم، خائفة من السير بهذا الوقت إلا أنه لم يعد أمامها حل آخر، أخذت تمشي بقدم ثقيلة خطوة إلى الأمام و مائة إلى الخلف حتى اقتربت من البوابة…
توقفت فجأة مع سماعها إلى صريخ أحدهم يطلب النجدة من الحديقة الخلفية، لا تعلم لما تركت حقيبتها بالأرض و بدأت تمشي خلف الصوت حتى وصلت إلى بوابة و سلالم تحت الأرض تقريبا…
كلما اقتربت كلما زادت الصرخات الواضح منها أنها لرجل، تجمدت مكانها مع رؤيتها لسند يصوب مسدسه على رأس رجل كبير أسفل قدميه قائلا :
_ كام مرة قولتلك تمن الخيانة لازم يكون الموت، كام مرة قولتلك أنت تحت عيني و حاسب من وقت حسابي، غبي يا شوقي غبي، قول الشهادة يمكن تنفعك يوم القيامة…
صرختها بإسمه جعلت كل شيء يتوقف، رفع رأسه لها ربما بصدمة و ربما بتوعد، حركت رأسها نافية لما يحدث قائلة بتهدج :
_ أنت مجرم عايز تقتل إنسان، أنت.. أنت لازم تدخل السجن اللي زيك لازم يتعدم في ميدان عام، مين أدى ليك الحق تقتل روح مهما عملت، أنا مش هسكت هبلغ عنك و هاشهد بده…
حديثها متفرق غير مفهوم و حالتها أكثر سوءا من الحديث، أقتربت من الملقى على الأرض تساعده لكي يقف هاتفة :
_ قوم معايا يا عمو أنا مش هخرج من هنا إلا بحضرتك بس حاول تقوم…
يتابع بلا ردة فعل، ينتظر نهاية ما بدأته هي، أصابها الذهول مع بعد الرجل عنها صارخا :
_ ابعدي عني أنا غلطت و مستني عقاب الكبير و راضي حتى لو بالموت على ايده..
رفعت بصرها له لتجده يرفع حاجبه لها بابتسامة و كأنه يقول أرأيتي؟!.. نزل إلى مستواها ساحبا كفها إليه قبل أن يأخذها للخارج قائلا :
_ اعمل اللازم أنت يا فاخر و بعدها هات المأذون عايزه الليلة مش بكرة…
______________

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سند الكبير)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى