روايات

رواية سند الكبير الفصل التاسع 9 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الفصل التاسع 9 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الجزء التاسع

رواية سند الكبير البارت التاسع

رواية سند الكبير الحلقة التاسعة

بعد انتهائه من أعطاء الدرس لها فر سريعا يبحث عن الكبير، قالتها بعفوية همت و حمد بينهما قصة حب ربما انتهت بالزواج، دلف إلى مكتب سند بالمزرعة دون سابق إذن ليرفع سند وجهه من على الورق مردفا بهدوء :
_ خير يا أستاذ محمد… مش في باب المفروض تخبط عليه…
قال محمد بتشتت :
_ مش مهم أي حاجة دلوقتي أنا عايز أعرف إيه العلاقة اللي كانت بين حمد و همت يا سند بيه، أرجوك أنا مش قادر أتحمل أكتر من كدة دماغي هتنفجر، لازم أفهم ايه المشاعر دي و بيحصل معايا كدة ليه…
لم يتأثر سند بما يسمعه، وضع ساقا على الآخر ثم أجابه بلا مبالاة :
_ مشاعرك و وجعك دول آخر حاجة مهمين عندي أنا كل اللي يهمني هي همت و بس، حاول محدش من العيلة يشوفك قبل ما ترجعلك الذاكرة، أنا سايب أختي معاك لأنك العلاج الوحيد ليها و كل الدكاترة قالت عشان تبقى طبيعية لازم حمد يعيش معاها كل حاجة من الأول يا أستاذ محمد، اتفضل عشان ورايا شغل…
__________
بصباح اليوم التالي في تمام الساعة السابعة صباحا بالثانية…
دلفت لغرفة الطعام بهدوءها المعتاد قبلت رأس السيدة حكمت ثم جلست مكانها بجوار همت، تعجبت من وجود باقي أفراد العائلة الذين يأكلون بوقت مختلف عنه، زوجة عمه إعتماد و عمه سامي و ابنتهم المصون سماح…
لكن أين هو منذ متى يتأخر عن أي وجبة فهو يعاقب من لا يلتزم، ابتسمت لهمت قائلة :
_ صباح الخير يا ميمي..
بملامح حزينة أجابتها :
_ أنا زعلانة أوي يا وعد مسيو محمد مختفي من إمبارح هو مش هييجي يدي ليا الدرس تاني و الا إيه؟!..
ابتلعت تلك الغصة بحلقها، اشتاقت إلى أخيها الروحي و ملف أسرارها، حركت كفها على ظهر الأخرى مردفة :
_ لأ جاي و أنا هروح أشوفه بنفسي…
جاءت لتقوم إلا أن دخول سند الكبير جعل الأمر يختلف، بنظرة واحدة منه جعلتها ترتعب ، من الظاهر انه يحاول تهديدها، جلست مكانها بمكر حواء الذي لم يجربه سند الكبير من قبل، جلس هو الآخر على مقعده مشيراً للجميع بتناول الطعام مردفا بهدوء :
_ يلا يا جماعة بسم الله…
حدقت به ساخرة من تصرفاته، ليس به ميزة واحدة لما تحبه لا تعرف صدق المثل الذي قال مراية الحب عميا، تناولت طعامها بهدوء متلذذة بما تأكله و كأنه غير موجود بالمرة…
ضرب الشوكة بقطعة الجبن و عينيه عليها، منتظرا منها الغضب أو الغيرة من المفترض أنها تحبه مثلما قالت و الغيرة شقيقة الحب أين رد فعلها على وجود غريمتها؟!… كاد أن يخرج دخان من كل اتجاة بسبب تلك الحمقاء…
أنهت طعامها مردفة بابتسامة لذيذة إلى السيدة حكمت :
_ الحمد لله شبعت، تيتة أنا بقى هروح الوحدة عشان عندي شغل و نتقابل على الغدا بإذن الله…
كادت أن تغادر إلا أن جملة طليقة سند السيدة سماح كانت كفيلة بقطع جميع الخيوط، ابتلعت سماح طعامها ثم أردفت بابتسامة بسيطة :
_ هو أنتي ليه مش ساكنة في بيت الدكاترة المغتربين، بدل ما أنتي قاعدة هنا و كمان جايبة جوزك، أكيد مش عارفة تاخدي راحتك أنا ممكن أديكم شقة تسكنوا فيها الفترة اللي قاعدين فيها هنا…
اختفت الإبتسامة من على وجهها من الواضح أنها تريد إزالتها بشكل كامل لتبقى هي معه بمفردها و تسترده إليها، ضربة للطاولة بث الرعب بقلب الجميع، جذب كفها رغم المسافة بينهما لتجلس مكانها ثم حدق بالأخرى قائلا :
_ و أنتي مالك مين يقعد و مين يمشي، محمد مش جوز وعد ده مجرد صديق و كمان شوية هييجي عشان تتعرفوا عليه، و أنتي استني لما أخلص فطار و بعدين أوصلك و آخر مرة حد يتكلم و أنا قاعد أو يفكر يقوم من مكانه…
بعدت كفها عنه بحدة قائلة :
_ على فكرة يا سند بيه المدام مقالتش حاجة غلط أنا فعلاً قدمت عشان أعيش في السكن و محمد هيفضل هنا و حضرتك عارف ليه، فين المشكلة بقى؟!. و أنا مش محتاجة لعربية بسواق أقدر أروح شغلي لوحدي…
_ وعد مش عايز صوت…
_____________
بعد ربع ساعة كانت تجلس بجواره بداخل سيارته، صامت ينظر للطريق أمامه بهدوء و يسوق بسرعة السلحفاء، تأفأفت للمرة المليون و لم يعطي لها أدنى إهتمام عضت على شفتيها من الغيظ ثم ألقت عليه نظرة غاضبة و نظرت للشارع من النافذة…
ابتسم بداخله على حلاوتها بكل شيء حتى بغضبها، لن يتحدث ينتظرها أن تبدأ معه أي حوار حتى لو مشاجرة مثل عادتها، أبطأ من سرعة السيارة أكثر حتى لا ينتهي الطريق بهما سريعا…
لم تتحمل أكثر من ذلك ستضرب بكبريائها عرض الحائط قائلة بضجر :
_ على فكرة أسلوبك دي ينفع مع أهلك و أهل الكفر لكن أنا مش جارية عندك عشان تغصب عليا أمشي معاك و كمان تتصل بالسكن توقف إني أعيش هناك أنت عايز إيه بالظبط…
أكمل سيره مجيبا دون النظر إليها :
_ كلمتي لو مش هتمشي على حد أبداً لازم تمشي عليكي أنتي، عايز منك إيه أنتي عارفة عايز أضيع وقت فراغي شوفتي إنسان صريح زيي بالشكل ده قبل كدة؟!…
همست لنفسها مردفة :
_ قصدك بجح فعلاً مشفتش في حياتي بجاحة كدة إلا لما قدري الأسود وقعني في طريقك…
لم يستطع الصمت و انفجر بالضحك هذه الفتاة كوكتيل رائع، زاد غضبها من ضحكته لتصرخ به قائلة :
_ بتضحك على إيه يا جدع أنت؟!…
رد ببراءة :
_ على غبائك، بطلي غلط عشان المرة الجاية بإذن الله هعلق لسانك في المفتاح بتاعي ميدالية…
رفعت كفها ثم ضربت به ساقها من الغيظ، دقيقة و الثانية ثم عادت للحديث من جديد مردفة :
_ هو إحنا هنفضل ماشيين على قشر البيض ده كتير، اليوم قرب يخلص و أنا مروحتش شغلي…
أهي لتلك الدرجة حمقاء لدرجة أنها لم تعرف طريق عملها، لا يعلم لما أخذ تلك الخطوة و قرر أخذها معه إلى هذا الزفاف إلا أن كل ما يعرفه أنه أراد وجودها معه لأكبر وقت ممكن، نظر إليها بطرف عينه مردفا :
_ أنتي دخلتي طب بالفلوس و الا إيه مهي دي مش دماغ علمي علوم، بصي للطريق يا دكتورة ده مش طريق المستشفى…
لحظة لحظة!!! أخرجت رأسها من بين زجاج السيارة لتتأكد من الكارثة هي بالفعل بطريق مختلف تماما و يبدو أنهما خرجا من الكفر، هل هو يريد أخذها بعيدا عن الجميع ليقتلها، أعادت رأسها بداخل السيارة مبتلعة ريقها بتوتر لا لا لا برعب فهي مع مجرم بمفردها على طريق مقطوع، رمشت عينيها عدة مرات تحاول بقدر المستطاع أن لا تبكي مردفة بتقطع :
_ سي سند بيه هو احنا رايحين على فين العزم إن شاء الله؟!… لو طبعا سؤالي مش هيسبب أي إزعاج لحضرتك…
مصيبة من السماء سقطت فوق رأسه على هيئة امرأة فاتنة الجمال، ابتسم إليها ببرود و لم يجيب، هو بالبداية كان سيذهب بها للوحدة بعدها قرر عقله الأحمق أخذها معه…
انكمشت على نفسها تضم ذراعيها لصدرها، لتمر عشر دقائق و هو فقط يتابعها… يستمتع بما تفعله من جنون، نزلت عينه على ساقيها التي ترتجف ببعض ليقف بالسيارة بأحد الأماكن الخالية ثم نزل من السيارة بهدوء…
اتسعت عيناها ها هو ينفذ خطته و يقترب منها ليقتلها، أول ما فتح بابها قذقته بعيدا عنها بكل قوتها و هي تركض صارخة، حدق بها بذهول مثل الجماد قبل أن يعود له عقله و يركض هو الآخر يلحق بها…
بعد خمس دقائق شعرت بانقطاع أنفاسها لتقف أخيرا مستسلمة لمصيرها المحتمل، أطلقت صرخة قوية بعدما أصبحت أسيرة بين قبضة يديه، رفعت أصابعها إليها و هما الاثنين يأخذان أنفاسهما بصعوبة، كتم غيظه بضغطه على ذراعيها يكاد يكسرها صارخا :
_ أنتي مجنونة إيه التصرفات دي واخد عيل معايا، أعمل فيكي إيه عشان أرتاح، اخنقك و اخلص…
هزت رأسها بكل الاتجاهات نافية قبل أن تردف برجاء :
_ معقول قررت تقتلني عشان رفضت أساعدك ترجع العقربة بنت عمك، خلاص أنا موافقة بس بلاش الدم يا إبن الناس.. ليه توسخ أيدك في واحدة ملهاش قيمة يا سند بيه بس…
لثواني لم يفهم ما قالته على الإطلاق، هي بالفعل مجنونة و ليست مجرد تخيلات زيادة عن الحد منه، حرك وجهه يمينا و يسارا قبل أن يحدق بها من جديد، ليراها لأول مرة ضعيفة ترتجف بين يديه، هي جميلة بل مثيرة لأي رجل بأي حالة تكون عليها، أخذ نفس عميق قبل أن يتركها لتأخذ أنفاسها بتوتر منتظرة رد فعله…
أبتسم بحنان ثم رفع كفها إليه مقبلا إياه قبل أن يردف بنبرة أذابت جليد قلبها :
_ اهدى بس يا وعد أنتي عقلك صورلك إني ممكن أأذي فيكي شعرة، أنا أأذي نفسي و أنتي لأ، أنا رايح فرح في البدو و قولت أكيد تحبي تشوفي الأجواء هناك عشان كدة جبتك معايا…
حدقت به ببراءة طفلة صغيرة قبل أن تردف بهمس مترجي :
_ بجد؟!!!…
أوما إليها قائلا :
_ بجد، يلا عشان نلحق الحنة من أولها يا دكتورة…
______________
اختفى آخر خيط للشمس مع وصولهم لتلك الصحراء المميزة، نزلت معه من السيارة متعجبة من جمال و رقي المكان رغم بساطته، هل مازال هناك أشخاص تعيش بهذه الطريقة القديمة رغم التقدم؟!… نظرت إليه بتوتر و ذراعه يدور حول كتفها رفعت رأسها لترى وجهه بشكل أوضح، ضغط عليها أكثر يضمها بدفئ حنون…
سارت بين يديه كالطفلة الصغيرة المرتدية ملابس العيد و ذاهبة للصلاة برفقة أبيها، تعلقت به أكثر مع اقتراب رجال أقل ما يقال عنهم مصارعين، إبتسم إليهم سند ثم أبعدها عنه قليلا و هي مازالت متشبثة به ليقول رجل كبير ملقب بالشيخ :
_ مرحب مرحب يا ولدي العرس نور و الله…
سار مقتربا منهم أكثر تاركا إياها ليسلم عليهم مردفا بوقاره المعتاد :
_ منور بأصحابه يا شيخ ألف مبروك جواز ولدك…
أشار الشيخ إلى وعد قائلا بتساؤل :
_ مين العروسة يا ولدي؟!…
انتظرت إجابته بتوتر لا تعلم ماذا سيقول عن هويتها، حدقت به بذهول و هو يعيدها لصدره مردفا بابتسامة مشرقة :
_ العروسة تبقى مراتي مكتوب كتابنا و الفرح قريب جداً يا شيخ و أنت أول المعازيم…
فتحت فمها باعتراض شديد، قرصها بقوة يمنعها من الحديث ثم نزل بفمه إلى مستوى أذنها هامسا :
_ اخرسي و عدي اليوم، الناس دي لو حست مجرد إحساس إنك مش مراتي هنندفن إحنا الاتنين هنا و أنا بصراحة نفسي أخلص من قلة أدبك…
ابتلعت ريقها برعب ثم أومأت إلى هذا الرجل تغصب وجهها على الإبتسامة، ليبتسم الشيخ بسعادة مردفا :
_ ألف مبروك يا ولدي أنت تستحق كل خير و هي شكلها طيبة و بنت حلال، يلا تعالوا نوصلها للحريم و نروح إحنا للرجال…
ضغطت على يده ليقول للشيخ بهدوء :
_ طيب يا شيخ روح أنت بس و أنا هفهمها العوايد هنا إيه…
انتظرت حتى اختفى الرجل بمن معه، ابتعدت عنه بغضب ثم قالت :
_ أنت مجنون مراتك ايه و لما أنت عارف أنهم ممكن يعملوا حاجة لو أنا غريبة عنك بتاخدني معاك ليه في أم المشوار الأسود على دماغك ده…
أطبق شفتيها على بعضهما بأصابعه.. كان سيصرخ بها يسخر منها إلا أن عينيه تركزت على موضع أصابعه، هل لو أخذ قبلة من تلك الشفاه سيحدث أي شيء إلا أنه سيعيش ببحر تلك المتعة لو لحظات..
رفع بصره ليقابل عينيها الغاضبة، لذة غريبة بدأت تندرج بينهما، تاهت بسحره الرجولي الطاغي ابتلعت ريقها بصعوبة مع ملمس يده الخشن على بشرتها الناعمة، سألها بنبرة متحشرجة :
_ أنتي مالك حلوة أوي كدة إزاي؟!…
نزل بنظره إلى شفتيها كأنها تقول أنت تمنعني من الإجابة ليزيل أصابعه بشكل تلقائي، دق جرس الإنذار بعقلها لتقول بحنق :
_ أنت كمان عايز تتحرش بيا فاكر نفسك مين عشان تقرب مني بالشكل ده…
حمقاء و أخرجته من حلاوة اللحظة ابتعد للخلف بضيق ثم عدل من هيئة عباءته قائلا ببرود :
_ هو أنا جيت جنبك يلا أدامي عشان تدخلي للستات و أنا أروح للرجالة و نبقى نتقابل بالليل يا زوجتي العزيزة…
ردت عليه بجنون :
_ أنت رايح فين؟ أوعى تدخل مع الرجالة أنت مش شايف عملين إزاي!!، أكيد الستات بتاعتهم من النفس السلالة و أنا طولي متر و اتنين و خمسين سنتي…
ظهر عليه معالم الخبث ثم أردف بأعلى صوته :
_ يا شيخ ابعت حد من الحريم يأخد المدام أصلها مكسوفة تدخل لوحدها….
بعد مرور نصف ساعة…
انتهى خوفها و اندمجت بشكل سريع مع نساء المكان أصحاب القلب الطيب، جلست بجوار زوجة الشيخ مبتسمة بانبهار على تلك التفاصيل المميزة الحناء، حركت العجوز كفها على ظهر وعد قائلة بحنان :
_ يلا يا بنيتي ادخلي بيت الحريم عشان الست ترسملك حنة زيك زيهم…
رفعت رأسها بتردد فهي تتمنى هذا إلا أن الخجل مسيطرا عليها، ابتسمت مردفة بخجل :
_ لأ يا طنط شكرا مفيش داعي للحنة…
بصرامة قالت العجوز :
_ ده فال وحش الليلة حنة يبقى كل البنات من عمر سنة لمية ترسم يلا قومي ده حتى أنا هقوم…
اتسعت شفتاها بسعادة و بدأت ترسم الحناء على كفيها و مقدمة عنقها، جلست بجوارها فتاة شابة سألتها :
_ أنتي رقم كام في حريم سند بيه؟!…
أجابتها وعد بضيق :
_ سند مش متجوز غيري أنا و بس…
لاحظت الفتاة ضيقها لتقول بسرعة :
_ أنا مش قصدي حاجة، بس إحنا نعرف إنه بتاع ستات و بيحب كل يوم واحدة يكتب عليها و بعدها يمل يقوم مطلقها بعدها لا تشوفي البت و لا أهلها تاني…
حديثها غير معالم وجه وعد بالكلية، خافت، حزنت، غارت، انقهرت، يا ليتها تستطيع إخراج هذا الحب اللعين و صاحبه من قلبها، لم تجد كلمة تجيب بها لتبعد وجهها و تعود للنظر للحناء بهروب لا تعلم إذا كان من الفتاة أم من نفسها أم منه هو؟!…
انتبهت على جسد الفتاة المنتفض من مكانه على صوت العجوز الصارم :
_ أنتي يا بت قومي من هنا و يلا حضري خيمة سند بيه و مراته….
_ هو أنا و هو هنام في اوضة واحدة إزاي إحنا لسة معملناش الفرح يا طنط…
______________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سند الكبير)

‫9 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى