روايات

رواية جمال الأسود الفصل الرابع عشر 14 بقلم نور زيزو

رواية جمال الأسود الفصل الرابع عشر 14 بقلم نور زيزو

رواية جمال الأسود الجزء الرابع عشر

رواية جمال الأسود البارت الرابع عشر

رواية جمال الأسود الحلقة الرابعة عشر

قذفت “سارة” الكأس الموجود فوق المكتب فى وجه “حمزة” بأنفعال صارخة به:-
-عايشة!!
عاد “حمزة” خطوة للخلف قبل أن يرتطم به الكأس ويجرحه ثم نظر لها بغضب سافر وأقترب ليضع يديه على المكتب وأنحني قليلًا يمقنها بنظره ثم قال:-
-أسمعي يا حية أنتِ، أنا مش شغال عندك ولا صبي من صبيانك
تأففت “سارة” بغضب يأكل عقلها من هذا الخبر الذي وقع على مسمعها كالصاعقة التي شلت كل حركاتها ثم قالت بتحدي:-
-أنت خدت الفلوس عشان تكون صبي من صبياني وتنفذ اللى أقولك عليه، مريم لازم تموت
أعتدل فى وقفته ووضع يديه فى جيوبه بأختناق ثم قال:-
-من ناحية لازم، فهو لازم أنا بس اللي مستخسر مشوفش لحظتها الأخيرة، بس أتقلي
وقفت “سارة” من مقعدها وألتفت حول المكتب بغضب تحاول كبحه والسيطرة على أعصابها قبل أن تفقدهما وقالت:-
-مفيش وقت عشان أتقل، أنا سمعت كلامك وأستنيت السنين دى كلها ومعنديش أستعدت أستن يوم واحد، عايزة أفوق لجمال
رفع نظره بها بفضول شديد ثم سألها بمكر:-

 

-أنتِ مهوسة بجمال ليه؟ مريم وقلت غيرة ستات لكن جمال أنتِ متعرفهوش غير لما روحتي قصره
أشعلت سيجارتها ورائحة التفاح تخرج مع دخانها ثم قالت بهدوء شديد:-
-دا أنا أعرفه من زمان أوي، ما علينا أمشي ومشوفش وشك غيرك لما تجبلي جثتها وأشوفها بعيني المرة دي
غادر المكتب بأشمئزاز ومر فى الردهة ليري “حازم” يقف مع فتاة يقبلان بعضهما بحرارة فتبسم بسخرية على الأم وابنها ثم غادر المكان…..
______________________________
خرجت “مريم” من القصر بصبحة “نانسي” مُرتدية فستان أبيض بيه الكثير من الورود وفوقه سترة من الصوف زرقاء اللون وتستدل شعرها على ظهرها بحرية، نظرت للأمام لتراه واقفًا أمام سيارته مُرتدي بنطلون أسود وتي شيرت رمادي فوقه سترة جلدية سوداء صامتًا مُنذ أن أستعادت وعيها وهو صامت يتجاهلها تمامًا ويبتعد عنها، حدقت بـ “صادق” الذي يقف و يفتح لها الباب، قالت “نانسي” بلطف:-
-خلي بالك من نفسك
أومأت “مريم” لها بنعم ثم ذهبت إليه، نظرت إلى “صادق” مُطولًا وقالت بنبرة هادئة:-
-ممكن نروح لوحدنا
نظر إلى “صادق” وسيارة الحراس التى ترافق سيارته دومًا بقيادة “عاشور” وقبل أن يقرر سمعها تقول بلطف:-
-رجاءًا
أومًا إليها بنعم موافقًا على رغبتها والفضول يقتله لمعرفة ما حدث هناك، أنطلق “جمال” بسيارته إلى الفيوم حيث المزرعة بعد أن ترجته بأن يذهبان وحدهما، ظلت تنظر للطريق من النافذة وهى تستعد لمواجهة الماضي الذي هربت منه، حاولت أن تنظم أنفاسها وتظبط دقات قلبها الخافتة كأنه يرتجف من لحظة الوصول، راقبها “جمال” عن كثب بعينيه ناظرًا إليها تارة وإلى

 

الطريق تارة، ضغطت على زر النافذة لتُفتح ورغم الهواء البارد لكنها كانت بحاجة للفحات الهواء القوية تساعدها على الصمود، ولج “جمال” بسيارته من بوابة المزرعة لتغمض عينيها بقوة كارهة النظر لهذا الطريق الداخلي، تأني بصمت من داخلها وبدأت تتذكر ضرب “حمزة” المبرح لها قبل زواجها وقسوته التى لحقتها إلي هنا، كل جزء بهذا المكان يحمل تعاستها مع فرحها لكن هذا الفرح ظل يتلاشي حتى هذه الليلة التى هرب منها الفرح ولم يبقي لها سوى الحزن والألم فقط، توقفت السيارة ونظر “جمال” لها، ترجل من سيارته أولًا وهو بداخله أضطرابات كثيرة لا يعلم ماذا يفعل أيعاقبها أم ينتظر حتى يستمع لها، أيحري به أن يدفنها هنا على جريمتها أم يعطيها الفرصة لتبرر وتدافع عن نفسها، أسرع إليه العامل بصدمة ألجمته من ظهور “جمال” وهو يعرفه جيدًا فلم يتعب حاله بالسؤال عن شخصيته وقال بتلعثم:-
-حمد الله على السلامة يابيه، متصلتش بيا ليه قبل ما تيجي كنت جبت بت شغالة تنضف لك المكان و….
بتر حديثه نزول “مريم” من السيارة وفتح فمه بصدمة أكبر كأنه رأي ملاك الموت أمامه أو جثة ميتة عادت للحياة للتو، تمتم بأسمها بذعر شديد:-
-مريم
نظرت إليه بهدوء دون أن تجيب ثم تقدمت للأمام، هرب العامل بمجرد أن تحرك “جمال” خلفها، تتبعها بالسير حتى وصلت للأسطبل بقدمي بطيئة أستغرقت نص ساعة كاملة فى الوصول إليه ثم قالت:-
-من هنا بدأت الحكاية
نظر إليه فى صمت ليراها تلمس الباب الخشبي بإمتنان ليعلم أن هذه الغرفة تعود إلى “إيلا” حصانها الجميل، دلفت للداخل وهو معها ليرى رسومات كارتونية وقلوب كثير محفورة على جدران الغرفة الخشبية كأنها حفرتهم بأداة حادة، تبسمت بحزن شديد وهى تقول:-
-عمرك شوفت حد بينام مع الحيوانات بس سعيد ومبسوط
ألتفت إليه فرأته ينظر إليها كعادته مؤخرًا بصمت، تطلعت بوجهه بحزن شديد وقالت:-

 

-ساكت! الأيام الأخيرة ساكت لكن تعرف أنا شوفت كل حاجة فى عينيك، الكره والغضب والشفقة والحيرة والوجع كل دا كان جوا عينيك ليا، ليه؟
نظر إلي عينيها التى على وشك البكاء ودموعها تتلألأ بداخلهما محاولة كبحهما جيدًا وأنفها الحمراء من البرد فتمتم بنبرة خافتة:-
-قتلتيه؟
أغمضت عينيها بحسرة تعتصرهما من الوجع لتتساقط الدموع منهما التى منعتهم كثيرًا ليدرك “جمال” مدي الألم الذي تحبسه بداخلها وهى تقضم شفتيها بقوة فى محاولة منها لكتم أنفاسها وشهقاتها لكنها فى نهاية الأمر لم تستطيع ذلك لتخرج منها شهقة قوية مزقت قلبه فى الحال وفتحت عينيها ترمقه بيأس وقالت:-
-معرفش!
مرت من أمامه وخرجت من الغرفة مُتابعة الحديث بحسرة أصابتها:-
-بقيت عادة عندي مجرد ما أدخل المزرعة أجي هنا زى دلوقت، أول مكان بجري عليه هو هنا، يومها جي ياسين ابن عمتي من الجيش وفرحت أوي أني شوفته، أخويا اللى أتربت معاه من عمر خمس سنين، جبته هنا يشوف إيلا وقد أيه كانت جميلة وأنا بقيت شاطرة فى ركوبها زى العيلة الهبلة اللى فرحانة بحاجة قدرت تعملها وهدية جتلها بدأت توريها للكل، جينا وشوفنا إيلا وحممنا سوا ولعبنا لحد ما ياسين قرر يمشي عشان عنده ميعاد وحضني عادي كأخته الصغيرة وقتها لاقينا مُختار فوق رأسنا وفضل يضرب فيه وأنا مش فاهمة ليه وأتخانق معايا وضربني بوحشية كأني بشوف حمزة فى واحد تاني وقرر يحرمني من الحاجة الوحيدة اللى بحبها إيلا وبعتها للقصر
كان يستمع لحديثها ويسير خلف خطواتها حتى وصلوا للمنزل المغلق، فتحته ودلفت وكان كل شيء مليئة بالأتربة والغبار والعناكب صنعت بيوتها في هذا المنزل المهجور، صعدت للسلالم لكنها توقفت بأنقباض قلب حين تذكرت كيف أخذها “مُختار” للأعلي بهذه الليلة لتفقد قوتها فى الصمود وجلست أرضًا ترتعش، جلس “جمال” جوارها بهدوء والقلق ظهر على ملامحه بوضوح ووضع يده على وجنتها بلطف يقول:-
-أنتِ كويسة؟
نظرت إليه بخوف وتشبثت بكم سترته بأناملها، نظر إلى يدها المُتشبثة به بقلق ليعلم أن القادم هو الأسوء وعينيها تترجاه بألا يتركها وحدها تصارع الموت الداخلي الذي تعيش معه، ربت على يدها بلطف وقال:-
-أنا معاكِ

 

تنفست بهدوء وهى تحاول تنظيم أنفاسها وقالت:-
-من كتر الضرب وأنا مش عارفة أدافع عن نفسي أو أبعده عني مقدرتش أتكلم ودخلت فى صدمة فقدت النطق فيها، فضلت طول الوقت بعيط وساكتة وقاطعة الأكل بعدها بيومين قسوة مختار زادت وقرر أن يمشي الخدم وأنا اللي اخدمه كأنتقام منه ليا وبدل ما كنت بدلع بيقت بتذل، سارة خدت إجازة وهو رجع مع أتنين صحابه و…
أغمضت عينيها بقوة تعتصرهما والأصوات تخترق عقلها لتبدأ تنتفض وهى تقصي له جريمتهم بها وما حدث بالغرفة، أغلق قبضته بقوة يعتصر عظامه مع سماعه لطريقة أخاه فى الأعتداء عليها وتمزق قلبه مع دموعها ورؤيتها تصارع ألمها النفسي، نظرت إليه بحزن وقالت:-
-أنا مش واثقة فى ذاكرتي فى كل الأحوال أنا كنت مش فى وعي بفضل المخدرات اللى أخوك شربها ليا، مبقتش عارفة أصدق اللي حمزة قاله وعاشت فيه لسنين ولا اللى عقلي بيشوفه وهو مجرد أحلام….
توقفت عن الحديث ونظرت للخلف على الطابق العلوي ثم قالت بتلعثم وخوف تملك منها كاملًا:-
-لو لاقيت رصاصة فى الحيط يبقي أنا مقتلتوش، لكن لو ملاقتش حاجة يبقي أنا قاتلة
مسك وجهها بين راحتي يديه وقال بنبرة هادئة:-
-فى الأول حاولي تهدئي، أهدئي يا مريم أنا هنا معاكي… بصي ليا
هزت رأسها بلا بطريقة هستيرية رافضة تقبل أى حديث وقالت:-

 

-أرجوك
طلبت منه أن يصعد ويتأكد وحده فهي لن تجرأ على الصعود للأعلي والدخول لهذه الغرفة نهائيًا لذا طلبت منه أن يأتي معها، أومأ إليها بنعم وصعد للأعلي وحده فبدأت تُتمتم بخفوت:-
-مقتلتوش.. مقتلتوش
عاد أدراجًا إليها فتشبثت بيديه وجسدها المُرتجف يترجاه بأن يجد الرصاصة وإذا لم يفعل فليصنع رصاصة لأجلها، أنحني قليلًا إليها ثم حملها على ذراعيه بالأكراه وهى تصرخ من الخوف وتقول:-
-جمال أرجوك، والنبي…
لم يبالي لحديثها وصعد بها للأعلي لتخفي رأسها فى كتفه حاجبة عن عينيها رؤية هذا المكان وتشبثت بعنقه خائفة، أنزلها رغمًا عنها أرضًا لكنها لم تترك أسر عنقه محاولة أن لا ترى شيء بهذه الغرفة فرفع “جمال” رأسها بالقوة وهو يقول:-
-بصي يا مريم
أوقفها مُقابل الحائط وهى تغمض عينيها بقوة حتى سمعت صوت زجاج يكسر ففتحت هذا الزوج من العيون الباكية ورأته ألقي بالأطار الذي كان مُعلق على الحائط لترى أثر الرصاصة فتنفست بصدمة ألجمتها وظلت تحدق به لدقائق طويلة وقالت:-
-مقتلتوش…
فقدت الوعي من وهل الصدمة التى حلت بها والكذبة الكبيرة التى كانت تعيش بها تحت رحمة “حمزة”، مسكها “جمال” وهو يقف خلفها جيدًا وحدق بوجهها الشاحب وقال بقلق:-
-مريم…
________________________________

 

خرج “نادر” من الڤيلا الخاصة به يتحدث مع مساعده ومدير أعماله “تامر” قائلًا:-
-أتصرف يا تامر أنا اللى هقولك تتصرف أزاى؟ أنا زهقت وملت من الصحافة اللى مبقاش وراها غير الكلام عني
صعد إلى سيارته بضيق ليصعد “تامر” جواره وقال:-
-متقلقش يا فندم أنا أتصرفت خلاص، وبعت لواحد من حبايبنا وقولتلك على خبر بمليون جنيه هيخلي الصحافة كلها تبعد عننا وتتكلم عن جمال المصري
نظر “نادر” إلى مساعده بفضول ليقول:-
-واحدة حبيبتك بعتتلك الكارت دا ومعاه فلاشة عجبتني جدًا وبصراحة مكدبتش خبر وبعتها لحبيبي اللى بقولك عليه
أخذ “نادر” البطاقة وكانت تحمل اللوجو الخاص بالملهي الليلي بـ “سارة” دون أى كلمات أخرى ليبتسم بإعجاب بعد معرفته بهويتها ثم قال بفضول:-
-فيها أيه الفلاشة دى
تبسم “تامر” بمكر شديد قاصدًا أثارة فضول رئيسه وقال:-
-هتعرف بكرة والخبر متصدر النت يا فندم
تبسم “نادر” بعفوية وهو لا يبالي بما يحدث بعد أن ذكر “سارة” …..
________________________________
فتحت “مريم” عينيها بتعب شديد لتجد نفسها بنفس الفراش ووحدها بالغرفة، شعرت بأن يديها مُقيدة وصوتها لا يخرج من حنجرتها كلما حاولت الصراخ وأصوات ضحكات “مُختار” مع أصدقائه حولها تخترق أذنيها وترى وجهه أمامها يقترب أكثر منها ويديه تلمس عنقها وتتسلل للأسفل قليلا حتى لمس لياقة فستانها وقبل أن يمزقه هربت من الفراش صارخة بأسمه:-
-جمال … جمااااال
ركضت على الدرج وصوت ضحكات “مُختار” فى رأسها يعذبها لتراه يأتي نحو الدرج على صوت صراخها بقلق فأسرعت فى خطواتها حتى أرتمت بحضنه مُتشبثة به، وقف محله على درجة السلم مُتجمدًا من فعلتها ليقول:-
-حصل أيه؟
-بالله عليك يا جمال أزاى قدرت تسبني هناك لوحدي
قالتها ببكاء ونبرة مُرتجفة، تنفس بأريحية بعد أن أدرك بأنها تعاني نفسيًا مما حدث لها، حرك ذراعيه ببطيء حتى أستقروا على ظهرها مُطوقًا إياها بلطف وبدأ يربت بكفه عليها بحنان لكي تهدأ، ظلت مُعلقة برقبته وتشعر بدفئه الذي لطالما أنتشلها من الوجع والخوف وأعطاها الأمان والسلام الذي فقدته..
جلست على الأريكة تنتظره بهدوء دون أن تحرك ساكنًا حتى جاء إليها بصينية الطعام الذي أعده لأجلها، جعلها تتناول الطعام بأكمله وعينيه تراقبها فى صمت حتى قطعت صمته بحديثها قائلة:-
-شكرًا

 

رفع رأسه بشموخ مُستفهمًا عن سبب شُكرها فقالت:-
-على حاجات كتير
هز رأسه بنعم فى هدوء تام وعقله لا يتوقف عن التفكير فما أخبرته به والآن يعلم بأن “حمزة” قاتل أخاه لكنه كذب من أجل أستغلال ابنته لجني المال، صنع المخاوف والأكاذيب المزيفة حتى تخضع له وهو لا يدرك بأنه جعل ابنته مريضة نفسية ولتتخطي هذا الألم والخوف عليها بالذهاب لطبيب نفسي، نامت “مريم” على الأريكة أمامه مُنكمشة فى ذاتها وقالت بخفوت:-
-متتحركش من هنا
نظر لها بغرور ورفع حاجبه من لهجتها وهى تأمره فقالت بخفوت خائفة من نظرته الحادة:-
-رجاءًا
تخلي عن تعابير وجهه الحاد ووضع قدم على الاخري بأسترخاء ثم نظر بهاتفه لتبتسم بطمأنينة على تلبية طلبها وأغمضت عينيها بعد أن وضعت يديها أسفل رأسها، تحدثت بوجه نائم ونبرة خافتة:-
-جمال
-أمممم
قالها ونظره فى الهاتف لتُجيب عليه:-
-أحسنت متتحركش
رفع نظره عن الهاتف إليها متعجب كلمتها ليراها مُغمضة العينين تمامًا وعلى وشك أن يغلبها النوم لكنها تتأكد من وجوده جواره ، كررت مرة أخرى قائلة:-
-جمال
أجابها وهو يقف بعيدًا يسكب القهوة فى الكوب حتى تساعده فى الأستيقاظ طيلة الليل لأجلها وعينيه عليها قائلًا:-
-أنا هنا، مش هروح لمكان
غاصت فى نومها بأريحية وطمأنينة لوجوده هنا بجوارها، وضع كوب القهوة على الطاولة ثم بحث حوله عن العامل ولم يجد له

 

أثر فلم يعري أهتمام لأختفائه ونظر إليها ليراها نائمة تمامًا فتنهد بضيق من مخالفته إلى طلبها وخرج إلى السيارة وأحضر منها اللاب توب الخاص به وعاد إليها بأقل من دقيقة، وضع الغطاء عليها يحميها من برد الشتاء وجلس على الأرض جوار أريكتها وبدأ يباشر عمله على اللاب توب الخاص به حتى شروق الصباح، فتحت “مريم” عينيها لتراه مُستيقظًا وأمامه ثلاثة اكواب من القهوة الفارغة ويعمل على اللابتوب، فركت عينيها جيدًا ليقول:-
-صباح الخير
تبسمت بلطف وحرج من جعله يسهر طوال الليل لأجلها وقالت:-
-صباح النور
وقف من مكانه يحدق بها وهى مازالت نائمة بعينيها التى ترفض فتحهما بتذمر ليقول:-
-أنا هشرب قهوة وبعدها نمشي
ذهب للمطبخ ليصنع فنجان جديد من القهوة وبدأ هاتفه يطلق صوت إشعارات كثيرة وهكذا اللاب توب فنظرت إلى شاشة اللابتوب المفتوحة أمامها لتُصدم مما رأته ورفعت نظرها تجاه “جمال” بصدمة ألجمتها….
______________________________
وصل “نادر” إلى الملهي الليلي فى العاشرة صباحًا وكان الزبائن قلة قليلًا والموظفين يستعدون لأغلاق المكان، أوقف أحد الموظفين وسأل:-
-مدام سارة فين؟
أشار إليه على الطابق الثاني ليضع “نادر” ورقة من النقود فى جيبه بإمتنان وتبسم ثم صعد للغرفة، مر “حازم” من جواره بوجه شاحب بعد شجاره مع والدته وخرج من الملهي، أتجه “نادر” إلى مكتب “سارة” ووجد العاملة تنظفه فقال بجدية:-
-مدام سارة
-أخر اوضة على الشمال
قالتها بتعجل من أمرها حتى تنهي التنظيف وتعود لمنزلها، أتجه إلى هذه الغرفة حتى وقف أمامها وهندم ملابسه جيدًا وشعره رفعه للأعلي بيده بلطف ثم فتح الباب ودلف سمعها تتحدث فى الهاتف قائلة:-
-أنا بعتلك العنوان وهتلاقيها هناك وخلي بالك اللى معاها جمال …..
قطعت حديثها بدهشة من حضور “نادر” وأغلقت الخط، ولج للغرفة دون أن يهتم بكلماتها التى سمعها ليراها جالسة على الأريكة الدائرية التى تدور مع الغرفة وأمامها طاولة من الزجاج كبيرة دائرية وفوقها زجاجتين من الخمر وكأس، أحدهم فارغة تمامًا والأخرى ما زال بها، أغلق باب الغرفة خلفه وأتجه نحوها، رفعت نظرها للأعلي نحوه بعد أن تركت الهاتف بجوارها كان

 

واقفًا أمامها فتبسمت بتلقائية وهى فى حالة سُكر قليلة تزال فى وعيها وعقلها غاضبًا من “مريم” وبقائها على قيد الحياة والآن ذهبت إلى المزرعة كأنها تريد أن تستعيد الذكريات، أقترب نحوها مُبتسم مُعجب بهذه المرأة التى تفاجأه دائمًا بجمالها، كانت ترتدي تنورة سوداء تصل لركبتها وبالنسبة لملابسها دائمًا فهي تعد طويلة جدًا، ومن الأعلي ترتدي قميص نسائية احمر شفاف يظهر البدي الأحمر التى ترتديه بالأسفل ذات الحمالة وتغلق أزرار القميص كاملة وشعرها الأسود مُسدولًا بحرية يحيط بوجهها بقصره وتضع مساحيق التجميل وأحمر شفايف باللون الأحمر المُثير…
تبسمت بدلال وهى تحمل فى يدها كأس وتحركه بمهارة مُقلبة الخمر بداخله بحركات دائرية وقالت:-
-عجبتك هديتي؟ مقدرتش أشوفك زعلان بسبب جمال وعمايله قولت لأزم أساعدك
رفع يده بعد أن فتح زر سترته ليجلس بأريحية وداعب خصلات شعرها الناعم مُجيبًا عليها:-
-معقول متعجبنيش وهى منك
وضع خصلات شعرها خلف أذنها وسبابته تسلل إلي عنقها وقال:-
-أنا كمان جبتلك هدية يارب تعجبك
أخرج من جيب سترته علبة قطيفة مستطيلة زرقاء وفتحها أمام عيني “سارة” لتجد بداخلها ساور لليد مصنوع من الألماظ فنظرت إليه بإعجاب شديد وتركت الكأس من يدها لتملس هذا الألماظ بجشع كأنها لا تشبع من جني المال أكثر فقالت:-
-دا رائع
أخرجه من العلبة بلطف وعينيه تحدق بهذه المرأة التى خلصته من ضغط كبير كان يعاني منه وانزلت الكارثة بعدوه اللدود وقال:-
-وهيبقي أروع لما يتحط فى أيدك
مدت يدها إليه ليغلق الساور حول رسخها ثم ختم عليه بقبلة ناعمة لتبتسم بمكر وهى تسحب يدها منه وتطلعت بالساور بأمتنان وهذا الزوج من العيون يقدس المال وقلب لا يعشق سواه فتبسم “نادر” بعد أن علم بنقطة ضعف هذه المرأة الجميلة فهى لا تريد سوى المال فقط وإذا قدم لها المزيد ستتوقف عن رفضه، سكبت الخمر فى كأسها وكأس أخر ثم حملت الكأسين بدلال لتقدم له أحدهم وقالت:-
-فى صحتك

 

أخذ الكأس منها وأرتشفه على جرعة واحدة لتبتسم “سارة” بخبث كبيرة بعد أن قرأت ما يفكر به فى عينيه لا يريد سواها وسيعطيها من المال ما تريد مُعتقدًا بأن هذا ما تريده حقًا لكنه يجهل تمامًا أنها تريد الأنتقام وهو ليس سوى أداة فى حربها..
سألها “نادر” بنبرة هادئة تقول:-
-كل الناس بتبعد عن شر جمال المصري، وحشيته وجبروته زي راية العلم فوق أسمه معروف بيهم جدًا زى ما هو معروف كون رجل أعمال، أخوه مُختار مستحملش العيشة معاه وسابله البيت ومراته اللى مكملتش سنة جواز معاه وأختفت، دا حتى الست الوالدة وأخته الصغيرة راحوا يعيشوا فى لندن عشان مقدروش على العيشة معاه، الخلاصة أن الكل بيترعب من جمال المصري، عملتيها أنتِ أزاى وقررتي تضربيه بالصحافة
تبسمت وهى تضع مكعبات الثلج فى الكأس وقالت بكبرياء:-
-أنا غير أى حد يا حياتي
أومأ إليها بنعم مُعجبًا بجرائتها ليقول:-
-طب بلاش عملتيها أزاى لكن مش خايفة منه؟
نظرت “سارة” له وعادت بظهرها للخلف تسترخي فى جلستها وقالت بغرور شديد وثقة بعد أن وضعت قدم على الأخري:-
-أنا لو بخاف مكنتش عملت اللى عملته، أنت بس اللي لسه متعرفنيش يا حياتي، بكرة لما تعرفني أكتر هتعرف أني غير الكل
ضربا الكأسين معًا ببرود أعصاب وسعادة تغمر الاثنين، هو من أجل هذه الهدية مُمتنًا لها وهي لنجاح خطتها الشيطانية….
_________________________________
أغلقت “مريم” الهاتف الخاص به نهائيًا بخوف من أن يعرف بهذه الكارثة وقطعت عنه كل أتصالات “شريف” وهكذا اللابتوب، أنطلق بسيارة مُغادرًا المزرعة معها، ظلت تنظر إليه بقلق مما يتصدر الأنترنت الآن عنه، لا تعلم ماذا سيفعل عندما يعلم، ربما يهدم بشركته كل الأجهزة الألكترونية فهو بارع فى الحروب الألكترونية ولديه متخصصين فى فعل ذلك، نظر “جمال” نحوها بقلق من نظراتها المُسلطة عليه وقال:-
-لسه خايفة

 

هزت رأسها بلا ورسمت بسمة خافتة مزيفة أمامه فعاد بنظره إلى الطريق وهو يقول:-
-الكدب بيبان عليكي يا مريم..
ضغط على المكابح فجأة عندما رأي سيارة زرقاء أمامه لترتطم رأسها بالسيارة، نظر إليها بقلق وخوف شديد من أن يكون أصابها شيء ليقول:-
-أنتِ كويسة؟
هزت رأسها بنعم بخجل شديد من قلقه عليها، تعلم بأنه يكن المشاعر لها وتسللت “مريم” إلى قلبه لكنه يفشل فى الأعتراف بهذا الحب رغم أنه يظهره بوضوح علنًا فى تصرفاته، القلق والخوف عليها، كلما أمر “جين” برنامجه الألكتروني بتفعيل عازل الصوت لأجلها فى الشتاء وتنقية الهواء من الدخان الناتج عن تدخينه، يهتم بصحتها وأكلها جيدًا، مرر سبابته على جبينتها التى أحمرت للتو بلطف ثم أنطلق فى قيادته مرة أخري ببطيء وحذر لأجلها ولم ينتبه إلى السيارة الزرقاء التى غيرت مسارها وجاءت خلفه حتى ظهرت بجواره، كانت “مريم” تراقبه بنظراتها لتصرخ بذعر عندما رأت رجل بداخل السيارة المجاورة يصوب مسدسه نحو نافذته، نظر “جمال” ليُصدم مما رأه ووضع يده فوق رأسها بقلق وقال:-
-ألبسي حزام الأمان ومتخافيش العربية مضادة للرصاص
زاد من سرعة سيارته وهذا الرجل يطلق طلقات نارية على السيارة وهى لا تتأثر، أراد “جمال” ان ينزل ويمزقهما أربًا لكنه تردد كثيرًا لأجلها حتى لا يضعها فى خطر، أستسلم الرجل لحقيقة كون السيارة مُضادة للرصاص وقرر أن يقلبها أفضل من الفشل فى مهمة قتل “مريم”، فتح “جمال” الشاشة المتصلة بسيارته الكهربائية وأدخل اسم المستخدم الخاص بتطبيق “جين” ويقود بيد واحدة وهى تبكي جواره وترتجف، أصطدمت السيارة بسيارتهم ليفقد تحكمه بالمقودة بيد واحدة، مسكها بكلتا ذراعيه وقال بغضب سافر وقلق:-
-مريم… مريم فوقي

 

نظرت إليه وهى تحاول التوقف عن البكاء ليقول بجدية:-
-أكتبي الباسورد اللى هقولك عليه
أومأت إليه بنعم وبدأت تكتب كلمة السر الخاصة بـ “جين” التي لم يخبرها لأحد من قبل حتى “شريف” وقبل أن تضغط على زر تم خرجت السيارة عن مسارها وسقطت إلي طريق أكثر وعور بين الأشجار حتي أصطدمت بشجرة قوية، تأذت رأسه ونزفت دماء لكنه لم يهتم كثيرًا، نظر إلى “مريم” بقلق وسألها:-
-مريم
نظرت إليه بخوف شديد، فتح باب السيارة وترجل منها ليحصل على رصاص فى ظهره أسقطته على مقعده من جديد وأقترب الرجال نحوهما أكثر، بينما خرجت صرخة قوية من “مريم” باسمه بهلع وخوف:-
-جمــــــــااااااااال…….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جمال الأسود)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى