روايات

رواية جمال الأسود الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم نور زيزو

رواية جمال الأسود الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم نور زيزو

رواية جمال الأسود الجزء الثاني والثلاثون

رواية جمال الأسود البارت الثاني والثلاثون

رواية جمال الأسود الحلقة الثانية والثلاثون

مهما كانت القوة التى يمتلكها الرجل والسلطة والمكانة سيظل الشيء الوحيد الذي يخشاه فى عمره كاملًا هو نظرة غضب من امرأته،نظرت “مريم” إليه بأندهاش شديد من هذه الفتاة التى تسير نحوهما ورغم قوته وجبروته الذي شهد الجميع به إلا أنه أرتعب من نظرتها التى لفحته للتو برياح عاصفة عينيها الهلاكية، هز رأسه بلا ويديه تشير إليها بالرفض ويقول بأرتباك:-
-مش أنا، أقسم لك مش أنا..
أشار على “عاشور” الذي يقف على باب القصر خلفهما ومرت الفتاة من جوارهما لتركض إلى “عاشور”، تطلعت “مريم” به بأنفعال وكأن هذا الشيء سينقذه من غضبها، سارت نحو الفتاة وقالت:-
-أنتِ بنته؟
أومأت الفتاة ببراءة إليها بنعم فعقدت “مريم” يدها أمام صدرها بغضب وهى لا تثق بشيء الآن وقالت ببرود:-
-أثبتي!!
نظرت الفتاة بأندهاش إلى “عاشور” والدها بعدم فهم لهذه المرأة ثم أخرجت هاتفها لتظهر لها صورة الخلفية الخاصة بها لها هى ووالدها، تنحنح “جمال” بحرج شديد من فعل زوجته بينما أستدارت “مريم” إليه تحدق بـ “ليلي” ببرود وهى تحاول تهدئة أنفاسها لتسيطر على حالها قبل أن تنفجر كالمجنونة وقالت:-

 

-حصلني!!
صعدت للأعلي فتنحنح “جمال” بهدوء ثم همس بخفوت:-
-شوية يا مريم
ألتفت إليه وهى تقف بمنتصف الدرج بأنفعال منه ثم قالت:-
-تحب أنزل أتكلم قصادها
نظر إلى “ليلي” التى تقف هناك وصعد خلف زوجته مُتمنيًا أن ينقذه أحد من غضب زوجته الذي لم يراه من قبل بلغ هذه الدرجة، دلفت إلى جناح نومهما ووقفت صامتة حتى ولج هو الأخر وأغلق الباب ثم قال:-
-مريم…..
قاطعته بصراخ مُنفعلة كالمجنونة التى سحبت مفتاح القنبلة اليدوية لكي تنفجر للتو فى وجهه قائلة:-
-مريم!! والله أنت عايز تموتني ولا تجلطني.. لدرجة دى مبتثقش فيا يا جمال، كل مدي تثبتلي أني لسه معرفكش، ليلي وعايشة والله وأيه كمان لسه بتخانق معاك على اللى عملته وأنك خبت عليا قبل ما يعدي ساعة تصدمني بحاجة جديدة
قاطعها “جمال” بنبرة هادئة محاولًا إلا يثير غضبها اكثر:-
-أنا مقولتش أنها ماتت ولا قولتلك أنك أول واحدة فحياتي لكن أقسمت لك أنك الوحيدة، أنا ملحقتش أقولك ..
كادت أن تفقد أعصابها أكثر وقالت بسخرية:-
-ملحقتش تقولي… تنكر أنك كنت ساكت كل الأيام اللى فاتت دى عشان عارف أنها عايشة وهتخرج منها.. أنا أكيد فرحانة أنك خرجت لكن أنا بتكلم فأنك خبيت يا جمال عليا… خبيت بقصد كان ممكن تقولي أنها عايشة وأنك مستنيها تيجي تخرجك لكن متحطنيش قصاد الأمر الواقع وألاقيها فى وشي، أنا لو عندي سبب واحد يخليك تعمل كدة فهو أنك مبثقش فيا ومش قادر تستأمني على أسرارك

 

أقترب “جمال” منها أكثر ثم أخذ وجهها فى يديه بهدوء وجعلها تنظر إليه مباشرة ثم قال:-
-أنا لو بثق فى حد فى حياتي كلها فهو أنتِ، أنتِ واثقة من دا متحاوليش تكذبي كذبة وتصدقيها، لو مكنتش بثق فيكي مكنتش أستأمنتك على روحي يا مريم ولا سلمتلك قلبي، أقسم لك أن السبب الوحيد اللى خلاني مقولكيش هو أنى بحبك
أبعدت يديه الأثنين عنها بقوة مُنفعلة من كلمته ثم قالت:-
-بتحبني!! أنت لو بتحبني مش هتحطني فى موقف زى دا، أه أنا مكنتش أعرف أني الاولي وخدعتني عشان كدة كان لازم تقولي أنها عايشة وأنها مراتك….
-طلقتي يا مريم
قالها بحزم كأنه قبل منها كل شيء وصراخها فى وجهها لكن هذه الكلمة غير مقبولة لديه نهائيًا، أغمضت عينيها بنفاد صبر من عناده فى الجدال معها وقالت بعد ان نظرت إليه بحزم ونبرة صارمة:-
-أى أن كان طليقتك!! كان لازم تقولي… جمال أنا حكايتك كل حاجة فى حياتي وأوجاعي ودموعي وقهرتي ووريتك اللى حمزة عمله فيا…أنا عريتنى كلي قصادك، بقيت أنا وأنت واحد لكن فى المقابل أنت عملت أيه..
ظل صامتًا أمام حديثها الذي جلب الدموع تتلألأ فى عينيها من القهرة والحزن الذي أصابها والخذلان الذي لطمها “جمال” به، تابعت “مريم” ببكاء وحسرة على حالها مُشفقة على قلبها الحزين منه:-

 

-سكت.. المقابل أنك سكت يا جمال كل مرة أكتشف حاجة جديدة ولا مرة جيت تحكي ليا من نفسك على حاجة، كل مرة أتحط قصاد الأمر الواقع وأقبل وأتحمل وجعي وقهرتي وأقول معلش يا بت أعذريه بكرة يتغير ويجي لك جري ويفتح لك قلبه ويعري عيوبه وأوجاعه قصادك عشان تداويها بـ حُبك لكن لا … لحد هنا وبس يا جمال كفاية أنا تعبت وأتقهرت وأتخذلت منك
أقترب منها بحزن لا يعرف كيف يخبرها بصراعه الذي يعيش به بداخله، ما زال بها جزءًا مُنهكًا من الماضي تمامًا ومعتم، لا يعلم كيف يطلب العفو منها على شيء خارج عن أرادته ليقبل عينيها الباكية بضعف وحزن شديد، قال بلهجة واهنة:-
-يلعني ربي لو قهرتك يا مريم، عارف أنى واجعك لكن وعزة مريم عندي اللى ما في أغلي منها وقسمًا بربي اللى عمري ما أقسم به كذب لو على موتي أن ما قصدت مرة أوجعك وما يهمني أبدًا فى الدنيا غير سعادتك
تساقطت دموعها أكثر بعد أن رأت دموعها ولأول مرة تتجمع فى جفنه لأجلها وهذه الدموع وحدها كفيلة بأن تشفع له وتعفو عنه، تمتمت بوجع لا تقوي على تحمله:-
-أنا هديكي فرصة واحدة يا جمال… واحدة وبس تمشيها من تحت وتحكيلي كل حاجة مخبيها عني
-همشيها بس شوية لأني عايز منها حاجة
قالها بهدوء محاولًا التحكم بدموعه قبل أن تتساقط، رفعت حاجبها بغيظ منه وجففت دموعها بأناملها بانفعال وقالت:-
-حاجة أيه؟
ألتزم الصمت أمامها لتتأفف بأختناق أكبر كأنه لم يفهم شيء من حديثها وما زال يخفي عنها الأشياء فقالت بعناد وتحدٍ:-
-براحتك يا جمال… لكن أطلع برا

 

نظر إليها بأندهاش من كلمتها وطردها له فتابعت بغضب يجتاحها :-
-يحق لك تحتفظ بأسرارك لكن أنا كمان يحق لي أبعد عن راجل مبيثقش فيا.. ، أطلع برا يا جمال وأوضة النوم دى إياك تدخلها طول ما أنا فيا ونومك على الكنبة برا … ما دام أختارت سرك العظيم عني
دفعته للخارج وأغلقت باب الغرفة فى وجهه ليظل واقفًا محله سر لا يقوي علي الحديث معها….
________________________
أوصلت “سارة” ابنها “حاوم” على المطار تحت التهديد مع رجالها لتعطيه الأوراق ثم قالت بتحذير شديد:-
-لحد ما أطلب منك ترجع، رجلك متتحطش فى البلد دى فاهم وأنا يومين كدة أخلص ورق الحلوة بتاعتك وهبعتهالك
-هتبعتيها؟!!
قالها وهو يشير بسبابته فى وجه والدته فقالت “سارة” بضيق شديد:-
-هبعتها عشان متتجننش فى عقلك وتنط هنا تاني
أومأ إليها بنعم ليغادر من أمامها، ظلت واقفًا أمام باب الدخول حتى تأكدت من رحيله وصعدت بسيارتها مع رجلها ورحلت من المطار….
_____________________
“قصـــــــــر جمـــــــــــال المصـــــــري”
وصلت “جميلة” بسيارتها من الخارج مساءًا وفتحت البوابة الإلكترونية الخارجية للقر لها، ولجت بها لكن أوقفها “حسام” لتفتح النافذة بهدوء ثم قالت بتذمر:-

 

-خير، إن شاء الله ما تكون عايز مفاتيح عربيتي عشان تحبسني تاني
-مقدرش يا فندم إحنا فى خدمتك
قالها بهدوء فحدقت به بهدوء وفضول لمعرفة سبب إيقافه لها فحتمًا يوجد سبب، قالت بجدية وحزم:-
-أيوة فى إية؟
تنحنح بحرج ثم اخرج من جيبه شيء ومد يده إليها به، نظرت إلى يد “حسام” وكان بها هوية عملها فأخذته بذعر قائلًا:-
-أنت لاقيته فين؟
-وقع من حضرتك فى الجنينة تقريبًا
قالها بهدوء لتؤمأ إليه بنعم ثم ترجلت من سيارتها وأعطته المفتاح، نظر إلى مفتاح سيارتها بأندهاش وهو لم يطلبه فقالت بجدية:-
-خلي حد يغير العجلة اللى وراء عشان نمت ويحط بنزين عشان عندي شغل الصبح
أومأ إليها بنعم فسارت فى الحديقة قدمًا هذه المسافة الطويلة إلى القصر، نظر “حسام” عليها وهى تسير بعيدًا بتعب من يومها الطول مع أصدقائها حتى سقطت على الارض ليركض لها بهلع مذعورًا مُعتقد بانها فقدت وعيها من التعب والأرهاق وفور وصوله إليها رأها تنظر للسماء تتطلع بالنجوم والقمر، تنحنح بحرج من ركضه إليها وكاد أن يغادر لكن أستوقفه صوت “جميلة” تُتمتم:-
-خليك

 

أستدار إليها يحدق بها وهى نائمة على العشب مُرتدية بنطلون أزرق من القماش فضفاض وقميص أسود اللون بأكمام مُغلق وتدخله فى البنطلون وتضع حزام عريض من الجلد الأسود حول خصرها وشعرها مسدولًا بعشوائيًا على العشب حول رأسها، تحاشي النظر إليها بحرج وأحترامًا إليها وهى حرمة هذا البيت، ظلت تحدق فى السماء على النجوم وقالت:-
-طرت قد ما طرت ولكن بتفضل النجوم بعيدة من هنا ومن فوق، لكن من هنا أجمل كأن البُعد جميل
وقف يستمع إليها بصمت فتابعت بنبرة حزينة مُستاءة من شيء بداخلها:-
-لو واحدة صحبتي من سنى كدة 29 سنة وجاليها عريس عنده 39 سنة دكتور ورئيس قسم فى كلية الطب ومتجوزش قبل كدة وعنده، معاه شهادات كتير وله أبحاث ناجحة ومسيرة عملية وعلمية ممتازة لكنها متعرفهوش تتجوزه؟؟
طأطأ رأسه هذه المرة بهدوء ثم قال بجدية:-
-مذكرتيش غير نجاحاته وشغله وشهاداته.. هى هتتجوز شهادات متعلقة على الحيطة ولا هتتجوز الإبحاث
تركت عينيها النجوم ونظرت إلى وجه “حسام” بحيرة من أمرها وظلت مُترددة ليقول:-
-العريس دا جاي لحضرتك صح؟
صمتت ولم تجيب عليه فتابع بجدية:-
-أنا جربت ومن تجربتي بقولك أنها مش بالشهادات ولا الشغل والنجاح، اه مطلوب أنه يكون ناجح وطموح لكن كمان فى حاجة أهم زى حنيته، التفاهم بينكم وأخلاقه وقبوله الفكري بشغل حضرتك وسفرك…
أغمضت عينيها بحيرة من هذا الأمر ثم قالت بنبرة خافتة دون أن تفتح عينيها:-
-ممكن تمشي
تنحنح بحرج شديد ثم قال برسمية:-
-عن أذن حضرتك… صحيح مدام ليلي كانت طالبة مني….
توقف عن حديثه من عينيها التى فتحت على مصراعيها من الصدمة من ذكر أسم “ليلي” وقالت:-
-ليلي!!
أومأ إليها بنعم وقال:-
-اه جوا جت من النيابة معانا على هنا

 

أتسعت عيني “جميلة” على مصراعيها وهى تعلم جيدًا ما حدث منها ولا تستوعب فكرة وجودها هنا مع “جمال” بماكن واحدة و”مريم” ماذا عنها؟، وقفت “جميلة” من مكانها لتحدق بعينيه مباشرة وقالت:-
-نيابة أيه؟ هي عايشة؟
-اه ما أنا مكنتش فى إجازة أنا كنت مع راغب بنجيبها من أسبانيا
قالها بجدية ولهجة باردة كأنه يلقي حجر نرد على طاولة ولا يعلم بأنه يلقي قنبلة نوع فتيلتها بلسانه، صرخت “جميلة” بذعر غير مستوعبة لشيء وقالت:-
-لحظة.. لحظة.. خليني أفهم، ليلي كانت عايشة فى أسبانيا وأنت روحت جبتها من هناك مع راغب المحامي عشان تطلع جمال من السجن
أومأ إليها بنعم لتدرك أن صمت أخاها وأختفاء “راغب” كان من تخطيطه هو، حتى ظهور “ليلي” حية وتتنفس من ترتيبه، تمتمت بصدمة تحتل كيانها وأوقفت عقلها عن التفكير:-
-صحيح دا جمال المصري.. بتوقع منه أى حاجة
سارت للداخل بخوف شديد والفضول يقتلها لرؤية وجه هذه الخائنة ومعرفة موقف “مريم” زوجته؟ التى تقابلت اليوم مع زوجته الأولي وطليقته…
نزلت “مريم” من الأعلي غاضبة مُرتدية بيجامة من الحرير الوردي بأكمام وشعرها مسدولًا على ظهرها بحرية وقبل أن تنادي على “نانسي” سمعت “ليلي” تتحدث معها قائلة:-
-نانسي.. فين جمال
أجابتها “نانسي” ببرود شديد من وجودها الذي يسبب الحزن والألم لصديقتها “مريم” :-
-فى مكتبه ومبيحبش حد يزعجه وغير مسموح لحد يدخل أو يخبط عليه غير مدام مريم
-مالكيش دعوة أنتِ
قالتها “ليلي” ببرود وأستدارت لكي تذهب إلى المكتب لكن أستوقفها صوت “مريم” تقول بضيق:-
-قالتلك غير مسموح أيه مبتفهميش يعنى ايه مش مسموح لك
لفت “ليلي” إليها لكي تقابلها هذه الزوجة التى سمعت الكثير عنها من الخدم ورأتها على التلفاز والأخبار كثيرًا معه مؤخرًا، تفحصت “مريم” بعينيها وقالت ببرود:-

 

-خليكي فى حالك، وجمال هو اللى سمح ليا أقعد هنا وأفتكري أنى السبب اللى طلعوه من السجن، عن أذنك بقي عشان عايزاه
ألتفت لكي تغادر لكن أوقفتها “مريم” بعد أن مسكت ذراعها بقوة وقلبها يشتعل من الغيرة الممزوجة بالغضب الناري لتحولها هذه المشاعر المختلطة لفيضان بل طوفان سيقتلها…
-أياك تفكري تقربي من جوزي وأفتكري أنى قبلتك هنا فى القصر كام يوم ودا كرم منى عشان أنت ضيفة بس ضيفة تقيلة وبجحة
قالتها “مريم” بتحدٍ قوي وعينيها لا تتوقف عن الحدق بعيني “ليلي” بثقة وكبرياء، تبسمت “ليلي” بسخرية على كلماتها ونظراتها القوية ثم قالت:-
-بجحة، أعتقد أنك أسوء مني لما تقبلي تتجوزي واحد قاتل مراته بس مش غريبة عارفة الغريب أيه أنى حاسة نفسي واقفة قصاد جمال مش مريم
رفعت “مريم” حاجبها بغرور شديد ثم وضعت ذراعيها أمام صدرها مُتشابكين وقالت بغرور ولهجة متغطرسة:-
-لأنه راجلي وأنا قوية بيه فـ متستهونيش بقوتي، أنا اللى يقرب من جوزى أكله بسناني وافرمه تحت جزمتي… لتفكري أنى هحزن وأندب حظي فى أوضتي وأقول دا بيخوني وجايب مراته.. تؤ أنسي أنا حبت جمال وأتجوزته ودخلت حياته وأنا عارفة أن كان فى قبلي واحدة خانته بقذرتها مش مصدومة بيكي يعنى … وجمال حبيبي ميقتلش وأنا كنت واثقة أنه رماكي فى أى داهية بنجاستك لأنه مش قاتل..
شعرت “ليلي” بضيق شديد من هذه المرأة القوية التى تقف أمامها وتتحدث عنها بهذه الطريقة المُهينة وبكل جراءة، قضمت شفتها السفلية بضيق بأسنانها ثم قالت بأشمئزاز:-
-جوزى.. حبيبي..، خلاص عرفت أنكم غرقانين فى قصة حب مش محتاجة تكرريها ألف مرة فى وشي، لكن حاولي تتكلمي معايا بأحترام شوية ومتستفزنيش أكتر لأنك قولتي أنى بجحة وقذرة وخاينة ونسيتي حاجة متعرفهاش أنى حية ممكن أتلف حواليكي لحد ما أعصرك وأفرمك
أقترب “مريم” منها خطوة اخيرة تفصلهن عن بعض وعينيها تمقن “ليلي” بأشمئزاز ثم قالت بتحدي دون خوف من تهديد هذه المرأة وبسمت ساخرة تنير وجهها:-

 

-جربي تهدديني ووقتها هتعرفي مين مريم.. أنا شوفت من أمثالك كثير فى حياتي من كل صنف ولون وعشت حاجات متتخيلهاش، بلاش أرد كل دا فيكي أنتِ لأنى مش هسمح لجنس مخلوق خلقه ربنا أنه يهدم بيتى وسعادتي ولا هسمح لحية زيك تقرب من جوزي
كادت أن تتحدث لتبتسم “ليلي” بهدوء بعد أن رأت “جمال” يقترب منهما وخرج من غرفة المكتب فألتزمت الصمت، تنحنح “جمال” بخوف من وقوفهما معًا وقال بهدوء اسمها:-
-مريم
ألتفت “مريم” أليه ببسمة خافتة مُصطنعة تخفي غضبها منه ثم قالت بدلال:-
-حبيبي!!
تبسم “جمال” إليها بتعجب فهى هجرتهى ومنعته من الأقتراب منها، سأل بقلق:-
-فى حاجة؟ نزلتي من أوضتك…. لحظة أيه اللي لابسة دا
توقف عن القل بغيرة تقتل قلبه وهو يراها بهذه الملابس رغم أن بيجامتها لم تظهر من جسدها شيء لكنها مخصصة لغرفة نومها فقط وتابع بحدة بعد أن وضع سترته القطنية على جسدها واكتافها:-
-قولتلك متخرجيش من أوضتك بالهدوم دي… عاشور وشريف بيدخلوا القصر
تبسمت “مريم” بدلال مُصطنعة وتزيف سعادتها أمام هذه الحية ثم قالت:-
-سورى يا روحي كنت نازلة أشوفك اتاخرت ليه؟
-كنت بخلص شغل وطالع
قالها “جمال” بلطف ثم أخذها من يدها وصعدوا للأعلي فتبسمت “جميلة” بسخرية وهى تقف على باب القصر بعد أن شاهدت كل ما در بين هاتان الأثنين وبدأت تصفق بحماس وأنبهار بقوة “مريم” وقالت بأمتنان شديد بينما تسير للداخل:-
-يييييس هى دى مريومة حبيبة قلب أخويامش تقوليلي حية
قالتها بأشمئزاز ثم صعدت للأعلي لتستشيط “ليلي” غيظًا من هذا المنزل الذي كان ملكها من قبل والآن هناك امرأة تشبهه كثيرًا تتحكم بكل شيء وغيرة “جمال” عليها الآن أشعلت نيران الغضب والحقد فى قلب “ليلي”…
وصل “جمال” معها إلي غرفتهما وفور دخولهما سحبت يدها من يديه وألقت بسترته على الأريكة بغضب سافر فقال بأندهاش:-

 

-فى ايه مش كنتِ كويسة من دقائق؟
ألتفت إليه بغيظ شديد من هذه المرأة وما زال غضبها منه قائمًا فقالت:-
-دا بُعد، دا قدامها بس ولا عايزها تقول أنك مش سعيدة معايا ومش قادر تعيش مع واحدة غيرها… لكن هنا مكانك على الكنبة وإياك تقرب مني ولا لسانك يخاطب لساني خلي أسرارك الكثيرة تنفعك
دلفت إلي غرفة النوم وأغلقت الباب بقوة فتأفف “جمال” بضيق ثم جلس على الأريكة ومدد جسده..
صعدت “مريم” بفراشها حزينة من هذا الخصام الذي حدث بينهما ولأول مرة يهجرها فى فراشها وحدها، أين عناقه التى ترتمي به حتى تنام بأمان ومأواها بين ضلوعه، كيف يستجيب لحديثها ويظل بعيدًا عنها، يؤلمها موافقته على هذا الخصام عوضًا عن مُحاولته فى أحتوائها وتصحيح الأمر، أغمضت عينيها بحزن يخيم على قلبها ويربط على روحها…
أقترب “جمال” منها أكثر حتى حاصرها فى الحائط وقرب رأسه من رأسها فى هدوء ثم وقف ساكنًا يشم رائحة شعرها التى يعشقها وهمس فى اذنها:-
-موحشتكيش؟!
تنفست ببطيء من توترها وربكتها أمامه، قلبها يخفق كالمجنون بين ذراعيه وقرب قلبه الذي يرد بضرباته كأنها سيمفونية ناعمة واحدة يعزفها القلبين معًا، يُغيم فوق سماءهما سُحب العشق، لفظت اسمه بتلعثمة مُرتبكة من هذا القرب:-
-جمال
دار رأسه إليها حتى تتقابل عيونهما تكمل لحظة العشق هذه بنظراتهما الساحرة بدفئها الذي يحتلهما بحرارة العشق، أزدردت “مريم” لعابها بربكة من النظر إليه وأنفاسه تضمها وتأخذها إلى عالم غير هذا، عالم لهما وحدهما معًا لا يسكنه سوى رجل أربعيني عاشق وفتاة مجنونة ضعيفة رغم قوتها وسجينة له رغم حريتها، “مريم” أول فتاة حرة لم يجرأ أحد على مس حريتها وفى نفس الآن هي سجينة بل أسيرة مُعتقلة داخل قلبه وعالمه، يقيدها العشق رغم حريتها المُطلقة التي جعلت لا سلطان عليها…
همست “مريم” إليه وقد خلل قوتها التى أنهارت تمامًا أمامه قائلة:-
-يا الله.. بالله عليك أزاى أخاصمك وأزعل منك…..

 

بترت حديثها بنفسها عندما مسكت رأسه بكلتا يديها وسرقت منه قبلة ناعمة تُسقط معها كل المشاحنات التى بينهما وتهزم بنعومتها قوتها وغضبها التى تواري من عقلها وقلبها وتغلق بها كل أبواب الهجر التى أوشكت على أن تُفتح بينهما، ضمها “جمال” إليها من خصرها الذي أحاطه بيديه يجذبها إليه مُستسلمٌ لهذه اللمسة الدافئة التى روضته تمامًا إليها فقد جعلت الملك أسيرًا لديها مُقيدًا بأصفاد العشق..
فتحت عينيها بحزن من هذا الحلم الذي راودها يفتت قلبها حزنًا لتشعر بثقل على خصرها ودفء خلف ظهرها لتدرك بأنه جاء إليها ولم يقوى على هجرها وفراقها، ألتفت “مريم” إليه بحزن تتطلع بوجهه الملاكي أثناء نومه يتكيء برأسه على جبينها وذراعه الأيمن يحيط برأسها من الأعلي والأيسر يحيط خصرها وبطنها كأنه يضمها هى وطفلهما، ظلت تحدق به مُطولًا حزينة على قلبها ورفعت يدها تلمس لحيته بحب وقالت مُتمتمة بعتاب:-
-أمتي هترتاح يا جمال وتطمن ليا.. معقول لسه جواك حتة محبتش مريم
دفنت رأسها تمامًا بين ضلوعه وعادت لنومها بين ذراعيه الآن لكنها ستعاقبه صباحًا بقسوة على تسلله لفراشها دون أذن منها…
__________________________
خرجت “ليلي” صباحًا من الغرفة الموجودة بالطابق السفلي فلم يسمح “جمال” لها بالصعود إلى الطابق الأعلي، حاولت “ليلي” الصعود إلي الأعلي لكنها سمعت صوت “جين” الألي يقول:-
-هناك مُتطفل
توقفت محلها لتسرع “حنان” إلى الخارج ورأتها تقف على الدرج فقالت بذعر:-
-لو سمحتى مش مسموح لك تطلعي فوق
نظرت “ليلي” حولها وقالت بأندهاش مما سمعت:-
-متطفل… دا أنا
اومأت إليها بنعم لتسال بفضول مُندهشة:-
-مين اللى أتكلم
-جين
قالتها “حنان” بحدة صارمة لتُصدم “ليلي” من “جين” هذه البرنامج الصغير الذي سعي “جمال” له من قبل فى بداية زواجهما والآن أصبح مُتحكم بالقصر كاملًا…
_______________________
فتح “جمال” عينيه بتعب ويمطي جسده بتكاسل شديد حتى لمس ذراعه كتفها بدون قصد فدفعته بقوة، نظر “جمال” بجانبه وكانت “مريم” تجلس محلها بوجه عابس ثم قالت:-
-بتعمل أيه هنا؟ أنا حذرتك متدخلش هنا
أعتدل فى جلسته بتعب ثم نظر إليها وكانت غاضبة حقًا، لأول مرة تغضب “مريم” منه هكذا فقال بتذمر:-
-أنت حرمتينى منك ومنعتينى عنك لكن متقدريش تمنعينش عن ابني
نظرت إلي بطنها التى تحمل بداخلها طفلهما وقالت:-
-لما أولده أبقي خده جنبك على الكنبة
تبسم بسخرية على حديثها وقال:-
-أنتِ هتفضلي منيماني على الكنبة لحد ما تولدي بعد 8 شهور، وبعدين أنا مقدرش أتحرم من ابني 8 شهور
أقتربت إليه برأسها وتتكئ بذراعيها على الفراش بقوة وقالت بتحدي وكبرياء:-
-خلاص روح أحمل فيه أنت وبما انك مش هتعرف تعمل دا فبطل تتحجج به وتقول أبنى وأحرمك منه ، بطل شغل التلزيق والتمحيك دا
نظر إلي تحديها إليه وقوتها ثم قال:-
-لو أعرف مين اللى علمك الجراءة دي يا مريم وقواكي عليا!!
تبسمت بخبث وهى تشير بعينيها عليه فهى تعلمت هذا الشيء منه ليقول:-
-متعلمتيش منى غير دي
تحدثت بقسوة وحدة صارمة:-
-قوم يا جمال وإلا أنت عارف جناني كويس أنا ممكن أسيبلك البيت وأهج وحياة ابنى ما هتعرف ليا طريق لا أنت ولا جين بتاعك
-بتتحدينى يا مريم!!
قالها بإعجاب، رغم غضبه من حديثها وقسوتها على فراقه لكنه مُعجبة بشخصيتها وهذا الجانب الجديد الذي أكتشفه بداخلها، لم تكن “مريم” جميلة كما هى الآن بقوتها وعنادها، ظلت تحدق به بتهديد مُنتظرة أن ينفذ طلبها، أومأ إليها بنعم ثم غادر الفراش وتنهدت “مريم” بهدوء لكنها صُدمت عندما عاد مُجددًا وسرقة من قبلة خاطفة على سهو وقال بتحدي:-
-وأنا قبلت التحدي
هرب من أمامها لتستشيط غضبًا منه وبعد أن دخل المرحاض تبسمت بسعادة تغمرها رغم حزنها، هذا الرجل سيقتلها لا محل وقلبها الأحمق غارقًا بعشقه لا يقوى على خصامه أو هجره لكنها تتشبث بعقلها القوي حتى تلقنه درسًا على فعلته لذا يجب أن تخمد نيران العشق بداخلها وتترك عقلها يسيطر على الوضع أولًا فلن يكن فى صالحها مشاعرها وخفقان قلبها المجنون به…..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جمال الأسود)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى