روايات

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل العشرون 20 بقلم أميرة مدحت

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل العشرون 20 بقلم أميرة مدحت

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الجزء العشرون

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) البارت العشرون

براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2)
براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2)

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الحلقة العشرون

“الفَصْلُ العِشْرِونَ”
وكأنه شل من قوة الصاعقة، لم يتحرك من مكانه بل ظل محدقاً في وجه الأخير بنظراتٍ مضطربة، تأمل “عزّ الدين” وجه عدوه بإبتسامة مُنتصرة، دنا منه بخُطوات هادئة للغاية بثت بداخله الرعب، ذلك الهدوء المريب الذي بالمكان جعله متخبط في أفكاره عاجزًا عن تخمين ما يفكر فيه الأخير، فـ لابدّ أنهُ أتى لـ يجعله يلتقي مصيره القاسي، بعدما تجرأ من أهم شئ في حياته، لقد أقترب من أهم شخص في حياة الذئب.. زوجتــــه!!..
حاول كسرها بأبشع الطرق، فـ حتماً سيقتله أو سيعذبه بـ بُطء شديد، دفعه “عزّ الدين” بخفة بكفي يده لـ يمر من جواره، تحرك للداخل وهو يتمتم :
_عاش من شافك يا طارق.
ألتفت ناحيته ناظرًا إليه بعينين مُخيفتين لـ يجده لا يُزال واقفاً مصدوماً، هتف ببرود :
_إنت واقف عندك ليه؟؟.. أدخل يا إبن الصياد، دي لسه الأعدة هتحلو.
بلع ريقه بصعوبة وهو يغلق باب المنزل، تحرك إتجاهه وهو يقول بصوتٍ شبه مُحتد :
_جاي ليه يا إبن السيوفي؟؟..
ضيق عينيه وهو يجيبه :
_أكيد إنت عارف السبب.
سأله بحدة أشدّ عن ذي قبل :
_أنجز يا عز وقول إنت عايز إيه؟؟..
صمت للحظة واحدة قبل أن يسأله بتوجس :
_وبعدين إنت عرفت عنوان بيتي منين؟؟.. ده مفيش مخلوق على وجه الأرض يعرف بيتي الجديد!!..
رد “عزّ الدين” عليه بثقة عالية تُليق به :
_إللي محدش يعرفه أن أي شخص أتعرضلي أو أتعرض لأبويا الله يرحمه بحطه تحت عنيا لأني واثق أن حد منهم هيأذيني، يعني أنا أعرف كل حاجة عنك، عارف كل بلاويك السودة.
صمت للحظة متعمداً بث الريبة والتوجس الخائف بداخله، أضاف بعينين قاسيتين :
_والأهم أنا عارف إنت هربان من إيه؟؟..
أنتفض “طارق” فزعاً وأرتجف جسده وهو يسأله :
_قصدك إيه ؟؟..
دنا منه “عزّ الدين” فزادت رجفة الأخير، أطبق على فكه يعتصره بعنف، أخرج أنيناً مكتوماً من جوفه، بينما أجاب “عزّ الدين” وبريق الشراسة في عينيه :
_إنت إللي جبته لنفسك يا إبن الصياد لما فكرت تقرب من مراتي.
زاد من ضغطه العنيف على فكه وهو يقول :
_هخليك تندم أشد الندم على إللي عملته، كل دمعة نزلتها مراتي هخليك تشوف بدالها عذاب.
بلع ريقه بصعوبة وقد شخصت أبصاره من تهديداته المخيفة، أخرج كلماته بصعوبة بالغة قائلاً :
_آآ.. هـ.. هتعمل فيا إيه؟؟..
رمقه بإبتسامة قاسية وهو يرخي أصابعه عنه، هتف بغموض مثير :
_إنت كنت هربان، عشان خايف على نفسك مني، ومن رجل الأعمال الشهير “عُثمان الأسيوطي”.
دس يديه بداخل جيب بنطاله وهو يُتابع :
_هربان مني بعد إللي عملته فـ مراتي، وهربان من عُثمان بعد ما كتبت على نفسك وصل أمانة بـ 2 مليون جنية.
أتسعت عيناه بخوف، لـ يُضيف “عزّ الدين” بتلك الإبتسامة المهلكة :
_ومعلوماتي عنك، إنك مش معاك فلوس، ومش هتقدر تجيب ربع المبلغ ده.
سكت للحظة قبل أن يُتابع :
_وأنا أشتريت الوصل الأمانة ده منه، يعني حسابك بقى معايا دلوقتي، وأنا قدمت بلاغ ضدك وقدمت وصل الأمانة.
هز كفيه قائلاً :
_يعني إنت مطلوب القبض عليك يا إبن الصياد.
حدق فيه بفزع حقيقي، فـ كما توقع تماماً هو أتى لـ ينتقم منه، لـ يجعله يتلقى مصيره القاسي الظالم، ألتفت برأسه ناحية باب المنزل وقد قرر الهروب من براثن أشرس ذئب قابله في حياته.
ركض ناحية الباب محاولاً الهروب، بينما “عزّ الدين” ظل واقفاً.. ثابتًا.. وقد تشكلت إبتسامة منتصرة على شفتيه الرفيعتين القاسيتين، فتح “طارق” الباب لـ تُصيبه الصاعقة مرة أخرى وهو يجد فردين من أفراد حراسة الذئب يقفان أمامه، أستدار بخوف لعدوه الذي سار إتجاهه بخطوات ثابتة ثم جذبه من تلابيبه قائلاً بصوتٍ فحيح كالافعي :
_هتقضي 3 سنين من عُمرك فالسجن، لو فكرت بعد ما تخرج تقرب مني أو من شغلي أو من أي شخص في حياتي، صدقني حياتك هتبقى هي التمن، وأنا مش برجع فـ كلمتي أبدًا مهما حصل!!..
دفعه بقوة هادرًا بصوته الجهوري :
_خدوا الكلب ده على تحت، عشان هسلمه للبوليس بنفسي.
نظر إليه ثم قال بإبتسامة مهلكة :
_نسيت أقولك إني حبيت أساعد البوليس، فبلغتهم بمكانك.
هتف “طارق” بتوسل :
_خلاص يا عز، سامحني، أنا..
لم يتردد وهو يرفع يده للأعلى لـ تهبط على صدغه بصفعة عنيفة وهو يقول بتشنج :
_أخرس خالص، مش عاوز أسمع صوتك.
كادت مقلتاه تخرجان من محجريهما حينما تأكد من مصيره، أمسكه الفردين من حراسة الذئب لـ يجرونه خلفهما، تحرك “عزّ الدين” وراءهم وهو يحاول ضبط أنفعالاته، هبطوا إلى أسفل البناية متوجهين ناحية أحد السيارات الخاصة بالحراسة، ألتفت “عز الدين” حينما أستمع إلى أصوات صافرات سيارات النجدة، تعلقت أنظار الجميع بذلك الضابط الذي أتى وبصحبته قوة أمنية، ساد صمت ولكن قاطعه الضابط وهو يسأل” عز الدين” :
_هو فين يا عز باشا؟؟..
أشار بعينيه وهو يرد بإقتضاب :
_أهوو.
أشار الضابط لأفراد الأمن قائلاً بصرامة :
_هاتوا.
تحرك أفراد الأمن ليسحبوه نحو السيارة الخاصة بهم، إلتوى ثغر “عزّ الدين” بإبتسامة منتصرة، لم يندم قط ولو لحظة، فهو يستحق أكثر من ذلك، شعر بالراحة تعتريه بعدما أخذ حقها، تحرك ناحية سيارته لـ يستقلها بهدوء، هتف بإبتسامة شاردة :
_خدت حقك يا ياسمين.
قست عيناه وهو يتابع :
_فاضل إني أخد حقي وحق روان من رأفت الكلب، وده هيحصل قريب أوي.
**************
عاد “طائف” إلى منزلـه وهو يُطلق تنهيدة حــارقة نابعة من صدره، كانت ملامح وجهه توضح مدى ما بـ داخله من الحُزن والتعب، تحرك إتجاه الأريكة لـ يُلقي بـ ثقل جسده عليها، أحنى رأسه على صدره حُزنًا، مُنذ خروجه من المشفى وهو لا يُزال يبحث عن أي عمل، ولكن لم يجد حتى الآن، أغمض جفنيه للحظاتٍ قبل أن يستمع إلى رنين جرس باب منزله، زفر زفيرًا حارًا وهو ينهض من مكانه، سـار ناحية باب المنزل بخُطوات بطيئة وهو يمسح على شعره بقوة، أمسك بـ المقبض وأداره فـ أنفتح الباب لـ يظهر آخر شخص.. آخر شخص لم يتوقع مجيئه قط، هتف بنظراتٍ مدهوشة والصدمة قد أرتسمت على معالم وجهه الحزين :
_إيهـــاب!!..
**************
جلس “رأفت” على مقعده الجلدي بداخل المكتب وهو يتحدث في الهاتف، كانت تعبيرات وجهه متهجمة للغاية، وهو يحدث الطرف الآخر على الهاتف حيثُ قال بضجر :
_زي ما قولتلك يا شوقي، لو طائف إبني جالك عشان يطلب يشتغل، أرفض على طول، قوله أي حجة وخلاص، وبلغ معارفك بـ ده.
تمتم “شوقي” بضيق :
_ليه بس؟؟.. طائف ذكي جداً وهحتاجه، وبعدين ده إبنك!!.. ليه بتعمل فيه كده؟؟..
رد بنبرة حازمة :
_شوقي، زي ما قولتلك، إنت مش فاهم حاجة، بس ياريت تنفذ الطلب ده، وبلغ كل معارفك بـ ده.
مسح على شعر رأسه وهو يقول بتبرم :
_أمري لله، حاضر هبلغهم وهنفذ الطلب ده، في حاجة تانية؟؟..
أجاب الأخير ببرود :
_لأ مفيش، يالا سلام.
_سـلام
أغلق الهاتف وهو يبتسم مغمغماً مع نفسه :
_لازم ترجعلي يا طائف، لازم!!.. ياإما تبقى إنت إللي جبته لنفسك.
*************
دخل “عزّ الدين” غُرفته ليجدها جالسة تمسك أحدى المجلات تتفحصها بملل، أقترب منها بإبتسامة مليئة بالشغف، وثبت واقفة وعلى شفتيها إبتسامتها المعهودة التي تُنسيه أي شئ من الهموم، حاوط خصرها بقوة ليحتضنها بقوة أكبر يُكاد يكسر ضلوعها، تعلقت به بشدّة وأستمعت إلى همسه وهو يقول بإشتياق :
_وحشتيني.
ردت بخفوت وهي مغمضة العينين :
_وإنت كمان.
تراجع بوجهه محدقاً بها، فوجدها مغمضة العينين، كادت أن تفتحهما ولكن قبل أن تشرع في ذلك وجدته يُقبلها من شفتيها بشغف، فأنحبست أنفاسها في صدرها، بث لها أشواقه وعشقه الجارف لها، وأستسلمت تماماً وهو يوضحلها شغفه وعشقه لها بطريقته الخاصة، تراجع عنها بعد لحظاتٍ معدودة، وأسند جبينه على جبينها محاولاً ضبط أنفاسه الاهثة، وهو يمسك ذراعيها بقبضة يديه، أسندت كفي يديها على صدره العريض، همس لها بعد دقيقة من الصمت :
_أنا وفيت بـ وعدي ليكي، وخدت حقك.
ساد الصمت على المكان ماعدا صوت أنفاسهم، أبعدت جبينها عنه لـ تحدق في عينيه الرمادية متسائلة بقلق :
_عملت إيه يا عز؟؟..
رد عليها في جدًّ :
_ماتخفيش، أنا عملت الصح، بلاش تشغلي بالك، وكمان أنا عاوز أقولك أننا قريب هنرتاح.
حدقت فيه بإبتسامة وهي تقول بخفوت :
_ربنا يخليك ليا.
أعتراها الحماس وهي تقول :
_آه صح، في حاجة عايزة أقولها وأطلبها منك من الصُبح.
هتف “عزّ الدين” بإبتسامة وهو يخلل أصابع يده بداخل فروة شعرها :
_إنتي تؤمري مش تطلبي وبس يا مدام السيوفي.
وضعت أصبعها على وجنته وهي تقول بنعومة :
_أنا عايزة أكُل السمك البوري.
حدق بها ببلاهة وهو يتمتم :
_نعم!!..
قررت طلبها بصوتٍ رقيق :
_عايزة أكُل سمك بوري يا عز.
رفع حاجبيه للأعلى وهو يبتسم ببلاهة :
_سمك بوري!!.. إنتي بتتوحمي يا حبيبتي؟!!..
هزت رأسها إيجابياً بـ بسمة ناعمة ليقول بإبتسامة واسعة مليئة بالحماس :
_طب روحي غيري هدومك عشان نخرج سوى نروح أحسن مطعم سمك، على الأقل تغيري جو.
هزت رأسها بحماس :
_ياريت، طب أنا هاروح أغير هدومي بسُرعــة.
أرخى قبضة يديه عن ذراعيها تاركًا إياها لتدلف داخل المرحاض أولاً للأغتسال، تضاعفت سعادته وهو يراها سعيدة، ألتمعت عيناه ببريق العشق راسماً على وجهه إبتسامة راضية.
**************
جلس بجواره على الأريكة بعد أن قدم له قدح من القهوة، رمقه “إيهاب” في شئ من الشفقة، بينما الأخير لا يشعر بأي شيء سوى أنه بداخل كابوس مزعج.. سيء.. قاسي.. ظالم، سحب “إيهاب” نفساً عميقاً وزفره على مهل قبل أن يبدأ بالحديث قائلًا :
_أنا جيتلك النهاردة عشان حاسس إنك محتاج حد يبقى جنبك.
ألتفت “طائف” برأسه ناحيته ثم سأله بصوتٍ خالي من الحياة :
_هو إنت عرفت بيتي إزاي؟؟..
إبتسم وهو يجيبه ببساطة :
_سألت وعرفت.
أضاف بجدية :
_أنا عرفت حكايتك مع والدك من عز.
تنهد وهو يتابع :
_أنا حاسس بيك جداً، الله يكون فعونك بجد.
هتف “طائف” بصوتٍ مرير :
_الدنيا جاية عليا أوي، بس الحمدلله على كل حال.
وضع “إيهاب” يده على كتفه مرددًا بصدق :
_طائف، إنت متعرفش أد إيه أنا متعاطف معاك، وأد إيه كبرت فنظري بعد إللي عملته مع روان وإنك مش عاوز تعيش فالحرام، أنا عاوزك تعتبرني صديقك، وصدقني أنا هقف جنبك، لأنك تستحق ده، قولي على إللي خانقك، وأنا هساعدك.
حقاً كان في أشد الحاجة إلى أي شخص يحدثه عن وضعه النفسي السيء، شعر أن الله قد أرسل إليه ذلك الشخص ليمد له يد المساعدة، فكل شخص يحتاج إلى كف صديق، وها هو يقترح عليه بالصداقة، بلع ريقه بتعب وهو يقول بصوتٍ خالي من الحياة :
_أنا بحب روان.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى