روايات

رواية المتيم الفصل الأول 1 بقلم سلمى سعيد

رواية المتيم الفصل الأول 1 بقلم سلمى سعيد

رواية المتيم الجزء الأول

رواية المتيم البارت الأول

رواية المتيم الحلقة الأولى

احترق قلبي فعلمت انِ وجدتك ، احترق بقوة عندما وجدتك هناك بين ذاك الزحام
ذاك الزحام التي كنتي انتِ محوره ، بضحكتك و فتنتك و ذلك الثوب الابيّض..ثوب زفافك
لم اراكي يوماً لا اعلم اسمك او من تكونين ولكنك ليِ
فـ ها هو قلبي يراكِ لاول مرة ويحترق بشغف
يراكِ وانتِ وعروس في ثوبها الابيّض فـ يعشقك من الوهله الاولي دون أي إنذار سابق وكأنك تخزيِن قلبي وتحتليه بقوة
ك شمعة تحترق في ليلة معتمة لا يظهر بها ثوا جمال سماء الله و قمرها، هكذا هو انتِ
لا اعلم ما حل بي عندما رايتك هناك لاول مرة بين ذاك الزحام والاصوات الصاخبة والحشود يلتفون من حولك بكثرة
كل ما اعلمه ، ان في حضرتك تهذبت نفسي وتمرد قلبي..
ارتجفت انفاسي وهامت روحي
لست برجل مدلل ولديه ، انما انا من جعله القدر رجل يحمل عائلتة على عاتقه ويسير بها عاري القدمين، باحثاً عن ملجأ لنا في الحياة
لست بأمير يليق بكِ ،إنما أنا ذاك الغجري الذي عشق الاميرة دون حق له ، وتأجج قلبه من فتنة عيناها ، تلك اللعنة التي تلقي على القلوب
وها انا قد اصيبتني عيناكِ يا اميرتي الفاتنة ، يا أول امراة يراها قلبي وكأنه وجد صاحبته
انا الذاهد في الحياة ، احارب الجميع كـ غجري يحارب من اجل كنزه
انا “ادم”
_______ سلمي سعيد ________
اشرقت شمس اليوم الموعود
بجناح العروس ، وبين حشد من الفتيات يتحركون هنا وهناك ، مرتدين تلك المئزر الحريرية القصيرة باللون الزهري
تجلس هي امام طاوله الزينه الكبيرة ، واضعه ساق فوق الاخرى ، مرتديه ذلك الزائر الأبيض الحريري القصير الذي يظهر جمال سيقانها ، تجلس هكذا تنظر لـ نفسها بالمراءة بشرود ، تشعر بشئ ما ، لا تعلم إن كان خوف او شئ اخر ، مثل الهلع مثلا !!
بينما الجميع يتحرك بشكل مفرط ، كانت هي شاردة هكذا ، أيقظها من هذا يد رجوليه تضغط على كتفها ، جعلتها تناظر صاحب تلك اليد بالمراءه ، لتجده هو
“هشام”
ينظر لها بابتسامة شاسعة لا تسع العالم ، هي تعلم تلك الابتسامه عن ظهر قلب، فذلك ال”هشام” لم تتعرف عليه بالامس ، بل قضت سنوات عمرها معه مثل رفيق الدرب
كانت عيناه تبتسم ، تلك الأعين الزرقاء مثل موجات البحر الصافية ، مما جعلها مرغما تبتسم هي الأخرى له بانعكاس المرأة
كانت يداه تفرك كتفها بحنان ، تحدث بعد بضع دقائق من ذاك الصمت قائلا بسعادة غامرة:
ـ انا فرحان اوي
دب الألم قلبها ،لا تعلم لماذا تشعر باتجاهه بذلك الالم كلما رأت تلك السعادة ، التي تحاول هي جاهدة ان تشعر بها منذ شروعهم في تلك الزيجة ، لم تتخيل يوماً ان “هشام” هو ذلك الفارس الذي تبحث عنه
إلا أن “هشام” دائماّ كان يرى ” بـيـان” هي تلك الأميرة الفاتنة التي تليق به ، وبحياته
اخيرا خرجت عن صمتها متحدثة، بابتسامه رغما عنها خرجت مرتجفه :
ـ وانا كمان مبسوطة اوي
دنا منها مقبلا وجنتها، متحدث بجوار اذنها قائلا باستعجال يخالطه الحماس:
ـ طب يلا اجهزي بسرعة بقي ، عشان الفوتوغراف مستنينا تحت ، عشان الفوتوسيشن
قطبت ” بيـان” حاجبيها متحدثه باستغراب:
ـ احنا مش لسه عاملين سيشن امبارح يا ” هشام”
اعتدل ” هشام” بجزعه منتصباً، قائلا :
ـ ده سيشن يوم الفرح يا روحي ، انا جبتلك فستان حلو اوي مع البنات برا ، مع انه المفروض نعمل السيشن بالروب بتاع الفرح ، بس انا اغير حد غيري يشوفك كده ، بكل الحلاوه دي
ابتسمت له “بيـان” ليتحدث الآخر متابع حديثه بحماس :
ـ انا متاكد ان بعد الفرح ، العشرة مليون فوليورز ، هيزيدوا الضعف بسببك ، العروسة و فستان العروسة هيخطفوا قلوب الناس النهاردة
كانت هذه اخر كلماته التي جذبت انتباه ” بيـان” لـ تتسال بداخلها، هل ” هشام” يفعل هذا من اجلها ومن اجل عشقه لها مثلما يقول ، ام يفعل كل هذا من أجل المتابعين
انهي “هشام” حديث و كاد يخرج من غرفه “بيـان” حتى تتجهز ،الا انه وقف عند حافة باب الغرفة ثم استدار لها قائلا بفرحة:
ـ “بيـان” بيبي ، سيبي شعرك مفرود ، هيبقى احلى في الصور !!
أنهى حديثه وذهب ، بينما “بيـان” قد اتخذت قرارها بتلك الدقائق الذي كان يتحدث بها “هشام” ، لتقرر أن تضرب بكل ما تشعر به من خوف وعدم سعادة عرض الحائط
لتنهض عن ذلك المقعد الجلدي الابيض ، رافعه راسها بعزيمة هادرة نفسها قائلا لانعكاس صورتها بالمرآة بقوة وعزيمة:
ـ النهاردة فرحي ومش هخلي شويه خوف ملهمش لزمة ، يوقفوا فرحتي دي
و كالعادة انهت حديثها ، هاربه من انعكاس صورتها ،وكأن ذلك الانعكاس سيجيبها قائلا رغما عنها ، كاذبة !!
دلفت لغرفة الجلوس الذي بها الفتيات ، لتجدهم يخرجون ذلك الفستان الذي احضره “هشام” لها من الحافظه الخاصه به ، ليشهقوا جميعا من ذلك الفستان رائع الجمال ، فستان باللون الابيض قصير حتى الركبتين ، وذات اكتاف رفيعة ساقطه على الجانبين ، مطرز بخيوط ذهبية على هيئة فراشات صغيرة
جذبت احد صديقات العروس “بيـان” من سعدها متحدثه بمزاح :
ـ مالك يا “بيـان” واقفة متنحة كدة ليه ، ولا كأن الفرح فرحك يا جميل
ضحكت “بيـان” قائلا :
ـ اصلي بفكر اهرب ، انا مش بتاعه جواز اصلا ، مش متخيله نفسي وانا متجوزة خالص
ضحكوا الفتيات جميعاً لتقول اخرى بحماس :
ـ طب يلا بقي البسي الفستان عشان نشوفوا عليكي
التقطت “بيـان” الفستان من يد صديقتها مبتسمه لها ،دلفت للغرفه لترتدي ذاك الفستان ،وبعد دقائق كانت تستقيم من انحائها و شعرها تناثر خلف ظهرها بعنف ، لتنظر لانعكاس صورتها بالمرأة، وهي ترتب خصلاتها بأناملها ،كان الفستان في غايه الجمال ،الذي جعل تلك الفتاة تنسى خوفها ، وتبتسم لنفسها معلنة أنها ستكون سعيدة اليوم
خرجت للفتيات ، لتجدهم بدأوا بالتصفيق والصفير بحماس شديد لها ، ليعلو صوت ضحكاتها أكثر وتبداء في التمايل أمامهم بغنج ومزاح وهي تضع يدها بخصرها
صدح صوت هاتفها لتعلم أن ” هشام” يتعجلها
لذلك تركت صديقاتها الذين كانوا يحدثون ضوضاء صاخبة وركضت للخارج قاصده حديقة الفندق حيث ينتظرها “هشام”
______ سلمي سعيد ________
استيقظ ” آدم” منذ بعض الوقت ، جلس بالشرفة قليلا ، وطلب الافطار الى غرفته ، شعر بالضجر من فكرة جلوسه هكذا بالغرفه حتى حلول موعد العُرس مساًء
لذلك قرر الهبوط للاسفل يتجول قليلا ، و يستنشق هواء نقي
وبالفعل خرج من عرفته قاصدا المصعد ، اخرج هاتفه ونظر إلى بعض الرسائل المبعوثة له من اخته الصغيرة
بعدما اجاب ،وضع الهاتف بجيب بنطاله الابيض ، قطب حاجبيه بشيء من الاستغراب يخالطه الإعجاب، وهو يجد أمامه فتاة تسير ، قصيرة القامة..ذات شعر أحمر كثيف طويل للغايه ، حتي ان هذا ما اثار استغرابه، من طول شعر تلك الفتاة يظهر له وكأنها لا ترتدي ملابس ، فقط مسدلة خصلاتها هكذا !!!
كان شعرها منسدل في ما بعد ركبتيها، وما أثار إعجابه هو شعرها هذا كم هو جميل ويخطف أنظار الناس ، خصوصا لونه هذا ، احمر ناري..
كانت تسير تلك الفتاة بخطوات سريعه ، لم يلاحظ “آدم” أن خطواته تزداد سرعه مع خطواتها ، تمكن منه الفضول لرؤية وجه تلك الفتاة..
لذلك لم يشعر انه يسير خلفها بخطي واسعه ، الا ان الفتاة دلفت لاحد المصاعد وهي مازالت توليه ظهرها
انغلق المصعد مع وصول “آدم” الذي وقف ينظر للمصعد باستغراب من فضوله القاتل هذا لروئية صاحبة هذا الشعر الأحمر الذي لفت انتباه بشكل غريب
ظل واقفا بمكانه قليلا ، قبل ان يضغط على زر المصعد ليهبط للأسفل ، فرك مؤخرة رأسه محدثا نفسه باستغراب من ذلك الإصرار الذي ولد بداخله في لحظة :
ـ انا اتجننت ولا ايه ؟!
ثم قام بالضغط على زر المصعد ليهبط للأسفل، متجاهلا ما حدث منذ دقائق ، الا ان هيئة ذلك الشعر الأحمر جعله يبتسم بإعجاب حقيقي
______ سلمي سعيد _______
وقفت بيان بالمصعد، تهندم ذلك الفستان الجميل ، وهي تشعر ببوادر هدوء و سعادة بداخلها..، غير ذلك الخوف والضيق بالأمس، يبدو أن الأمور بدأت بان تكون بموضعها الأصلي ، وتعود هي لسعادتها التي تعتادها
فُتحت دفات المصعد، لتخرج من المصعد باحثه عن “هشام”
لتجده واقفا عند بوابه الحديقه و بجواره المصور ، تقدمت منه بابتسامه مشرقه..، ومع اقترابها تحدثت قائلا :
ـ أنا جيت
نظر لها كل من “هشام” والمصور الذي انبهر بـ”بيـان” وجمالها
اقترب منها ” هشام” ملتقط يدها ليجعلها تدور أمامه، وهو يتحدث بهيام وعشق :
ـ ايه الجمال ده كله، هتعملي فيا ايه تاني يا بنت “الجندي”
نظرت له “بيان” قائلا بصوتها الرقيق:
ـ يعني حلوة؟!
نظر لها باستنكار ، هل ما زالت تسأل إن كانت جميلة ام لا، الا تعلم هي أن أي شئ يوضع عليها يكون جميلا بشكل تلقائي
لم يجيبها ” هشام” بل ظل ينظر لها نظرات عاشقه ، جعلتها تتورد خجلا وهي تتنهد بابتسامه رقيقه ، أخذها وسار بها للحديقة وخلفهم المصور الذي تحدث بذهول :
ـ الراجل ده مجنون ولا ايه، في حد يبقى معاه واحدة كده بسم الله اللهم بارك بكل الجمال ده وعايز يصورها وينزل الصور على السوشيال لا وكمان بالفستان العريان ده ، ده انا لو مكانه كنت نقبتها وخفتها عن الناس كلها ، الراجل ده اكيد مجنون
هكذا كان يتمتم المصور وهو يلتقط صور كل من ” هشام” و “بيـان” الذي كانت عيناها تتقلب الوانهم أسفل اشاعة الشمس جعلت ذلك المصور ، ترتجف يداه وهو يحمل الكاميرا من اعجابه المفرط بها ، غير مصدق ان هناك احد بتلك الفتنة والجمال
كانت “بيـان” تلهي نفسها مع “هشام” تحاول ان تُنسى نفسها ان عرسها مساًء ، تضحك وتتحرك هي و” هشام” هكذا هنا وهناك ، كما كانت تراه دوما.. صديقها الحميم !
هكذا دون روابط رسمية، ودون ترتيب..تلك هي طريقتها الوحيدة لتكون سعيدة..
بينما على مسافة قريبة منهم كانت تجلس امرأة في غاية الجمال تحتسي القهوة ، وهي تشاهد جلسة التصوير بابتسامة و فرحة غامرة..
وكيف لا وهو عرس ابنتها الغالية ، التي تشبهها كثيرا بتلك الأعين الزرقاء المتقلبه، و شعرها الأحمر ، بل و تلك التقاسيم الناعمة والصغيرة ، من يراها لن يصدق انها ام لـ فتاتين ، احدهما ستتزوج اليوم
كانت جالسه تشاهد العروسين وهي ترتدي فستان فضفاض أزرق فاتح اللون، وحجاب ابيض جعلها فاتنة
كانت شاردة بابنتها وتلك الضحكة على وجهها هي و”هشام”
وجدت قبله ناعمة توضع على وجنتها، لتذداد ابتسامتها وهي ترا زوجها يجلس امامها بكل تلك الوسامة و الأعين التي تبتسم لها وتبرق بعشق لم يمت او يبرد يوماً
وكيف يبرد قلب ” سليم الجندي” امام تلك الفاتنة
التقط يدها بين يده ، قائلا بضيق :
ـ انتِ ازاي سكته على المسخرة دي يا “لورا”
تحدثت ” لورا” قائلا بالعربية المتقنة..تراوغه:
ـ فيها ايه ، اثنين بيحبوا بعض وبيتصوروا للفرح
ليقول ” سليم” وهو يزفر بوجوم:
ـ بس لسه متجوزوش ، و البيه فرحان بيها زي العروسة اللعبة وعمال يخدها من هنا لي هنا ،ولا كأن ليها اب…انا هقوم اوقف المسخرة دي
ربتت ” لورا” على يده مكملة حديثها:
ـ خلاص يا سليم ، سيب الولاد براحتهم..بلاش الغيرة والحقد دول على الولد ، خلاص ده انت اب اوڤر اوي بتغير على بناتك من الهواء
أومأ لها سليم قائلا بتأكيد:
ـ ايوا انا غيور اعمل ايه في نفسي يعني ، بغير عليكم من الهوا ، انتوا اغلى حاجة عندي يا “لو” ،ده انا بغير عليهم عشان بناتك و واخدين نفسي چيناتك ، اعمل اية بغير بجنون على امهم ، لازم يبقي ليهم نصيب من الجنان ده
ابتسمت له “لورا” وهي تنظر له بشجن، تنهدت ثم قالت له بدلال :
ـ والله انا شايفه انك الفترة دي مهتم وغيران على بناتك وبس ،وانا مبقاش ليا لزمه خالص عندك
ضغط على يدها الممسك بها ، وتحدث باستنكار:
ـ مين انا!! ، انتِ نسيه الخناقه بتاعه امبارح في المطعم اللي كنا نتعشى فيه ولا ايه
وعلى سيرة الموضوع ، جزبت يدها من اسفل يده بعنف، وقد تذكرت ما فعله امس لتقول بغضب :
ـ كويس انك فكرتني ، في راجل كبير عنده شعر ابيض و بنات على وش جواز ، يبقى بالتهور ده وتتخانق مع الناس كده ، مش عارفة بجد هتعقل امتي يا “سليم ”
ظل هو صامتاً لانه يعلم انه مخطئ ولكن ماذا يفعل ، فتلك المرأة يغار عليها من الجميع ، بعكس جميع الناس هو كل يوم يحمد الله انه لم يرزق بولد وانه انجب فتاتين ، لو كان انجب ذكر لكان جن جنونه حرفياً
لم يجبها بل أكمل في صمته الذي أثار غضب ما تبقى من هدوءها ، لتبدأ هي بالحديث بالفرنسية ، فهمي عندما تغضب تبدأ بالحديث بلغتها الأم :
ـ تباً لك ايوها الرجل، انت حقا مثل الثور الهائج ، تبا لك “سليم”
ثم استقامت تريد الذهاب إلا أنه قبض علي يدها، نظرت له لتجده يناظرها بنظرات يستعطفها يحاول ان يصالحها إلا أنها ، رفعت سبابتها بوجهه متحدثه بتحذير وغضب مصتنع:
ـ ان فعلت مثل تلك الامور مرة اخر او تشاجرت مع احد ، سوف انحر عنقك ايها الثور..حسناً!!
أومأ “سليم” لها دون أن ينبث ببنت شفة
لترفع ” لورا” راسها بانتصار ، ثم عادت تجلس امامه وهي تنظر له بسخط
بينما ” سليم” كان مستمع من غضبها كثيرا ، يقال ان النساء الجميلات يصبحون اكثر جمالا عندما يغضبون ، هكذا هي “لورا” تلك المرأة الفرنسية الواقع هو بعشقها
بتلك الاثناء كانت هناك فتاة صغيرا ، بالعاشرة من عمرها لا تقل جمال عن والدتها واختها ، تسير على الجانب الآخر من الفندق بجوار حمام السباحة ، و بيدها يوجد سلحفاة صغيرة ، كانت تسير وهي تداعب السلحفاة بسعادة، والمربية الخاصة بها تسير خلفها
فكرت الفتاة وهي تنظر للمسبح ، لماذا لا تضع به تلك السلحفاة الذي احضرها لها والدها بالماء لـ تسبح مثل السلاحف الموجودة بقنوات الكرتون
اعجبتها الفكرة كثيرا ، لذلك انحنت جالسة بجوار المسبح ،و مربيتها كانت واقفه تنظر بالهاتف الخاص بها
وضعت الفتاة السلحفاة الصغيرة بالماء منتظرة أن تسبح الا ان السلحفاء سقطت بقاع المسبح
انحنت البنت بجذعها حتى تمسكها إلا أنها لم تستطع ،لتحاول مرة اخرى لتفقد توازنها وتسقط بالمسبح
رفعت المربية راسها مع صوت صراخ الفتاة و سقوطها بالماء
اقتربت من المسبح وهي تصرخ تحاول ان تجذب الفتاة الا انها لم تستطع
بتلك الاثناء كان آدم يتجول بالفندق ، يشعر بالضجر لا يعلم ماذا يفعل ، كان هناك ما يجبره أن يبحث عن تلك الفتاة ذات الشعر الأحمر ، إلا أنه لجم نفسه ينهرها بعنف ، هل سيركض هنا وهناك بحثا عن فتاة ذات شعر أحمر!!
ليقرر ان يجلس عند المسبح قليلا ، ومع دلوفه لتلك الساحة الكبيرة الذي بها المسبح، كان المكان فارغا لا يوجد به احد
وقعت عيناه على تلك الفتاة التي تفقد توازنها ساقطة بالماء
بالحظة فقط لحظة كان “آدم” ينزع كنزته ويهرول قافزا بالمسبح، لينقذ تلك الفتاة التي كانت مربيتها تصرخ بصوت عالي للغاية
امسك “آدم” الفتاة الصغيرة باحضانه وخرج بها من المسبح ، وضعها على الارضية بجوار المسبح والفتاة تلهث بعنف وفزع ، حمد “آدم” ربه انه انقذها سريعا ولم يغشى عليها
أخذ يربت على ظهرها ،لـ تتقيأ الفتاة تلك المياه التي ابتلعتها
بيده الأخرى ابعد “ادم “، شعر الفتاة الأحمر الطويل من على وجهها ، قائلا بصوت قلق :
ـ انتِ كويسة
أومأت الفتاة وهي تبكي بشده ، ليربت “آدم” على ظهرها بحنان قائلا بمزاح :
ـ كده في عروسه بحر شعرها احمر تقع في البسين وتغرق
رفعت الفتاة رأسها تنظر “لآدم” وهي تبتسم باضطراب ، ليبتسم لها “آدم” قائلا :
ـ متخافيش انتِ دلوقتي بخير ، بس ابقي خدي بالك يا جميلة انتِ ، انتِ اسمك ايه
تحدثت الفتاة بصوت رقيق مرتجف:
ـ ” سيلا”
ابتسم لها “آدم” قائلا :
ـ اسمك حلو اوي يا “سيلا” ،وكمان شعرك لونه تحفة
ابتسمت له الفتاة وهي ترتجف ، لينهض “ادم” سريعاً يحضر احد المناشف من الطاولة القريبة من المسبح ، و وضعها على كتفي الفتاة يضم عليها المنشفة الكبيرة
بتلك الاثناء كانت المربية تحدث ” سليم” بالهاتف تخبره ما حدث لابنته
نهض “ادم” واقفا و هو ممسك بيد الفتاة لتنهض معه
فجاة سمع “ادم” صوت عالي يصرخ باسم الفتاة ، لينظر ليجد رجل في الخمسينات من عمره تقريبا يركض باتجاه
اخذ “سليم” ابنته باحضانه بلهفة وهو يقبل كل انش بوجهها بخوف وفزع ، بينما الفتاة تعلقت بعنف والدها قائلا بصوت مرتجف وهي تربت على ظهره :
ـ متخفش يا بابي انا كويسة ، عمو انقذني من البسين
ليتحدث “آدم” قائلا باطمئنان:
ـ متخفش يا استاذ هي بخير ، انا لحقتها اول لما وقعت
نظر “سليم” لذلك الشاب عريض المنكبين الذي يقف أمامه ، ليتحدث قائلا وهو يلهث:
ـ انا بجد مش عارف اشكرك ازاي ، بجد شكرا ليك يا ابني
ابتسم “آدم” له وهو يلتقط كنزته ليرتديها قائلا بتواضع:
ـ مفيش اي شكر ده وجبي ، بس لو سمحت خلي بالك من البنت اكتر من كده ، الحمد الله ربنا سترها المرادي بس المرة الجايه الله اعلم ممكن يحصل ايه
اوماء ” سليم” له ومد يده الفارغة له معرفا نفسه قائلا:
ـ أنا ” سليم الجندي”
صافحه “ادم” قائلا بابتسامة:
ـ و انا ” ادم منصور” اتشرفت بحضرتك
تحدث “سليم” قائلا بجدية :
ـ لا الشرف ليا انا ، كفايه انك انقظت حياة بنتي ، انا بجد عاجز عن شكرك
ليقول “آدم” بحنان وهو يربت على ظهر الفتاة :
ـ والله ده وجبي مش اكتر ، والبنوتة زي اخوي… عن اذنك انا لازم امشي ، لازم اغير هدومي عشان عندي معاد
حرك ” سليم” رأسه متفهما لكن قبل أن يذهب “ادم” ، اخرج “سليم” بطاقة تعريفه من جيب سترته ،ليقدمها “لآدم” قائلا بإصرار:
ـ تمام..ده الكارت بتاعى اتمنى تكلمني ، وكمان النهاردة فرح بنتي في الفندق هنا يشرفني حضورك
أخذ “آدم” البطاقة ليتحدث معتذرا:
ـ شرف ليا والله ، بس انا معزوم على فرح ابن “رأفت التركي” هنا في الاوتيل
ضحك ” سليم” بخفوت قائلا :
ـ لا كده مفيش عذر انك تحضر ، لانه نفس الفرح ، “هشام التركي” و بنتي “بيـان”
أومأ له “آدم” بابتسامة قائلا:
ـ يبقي اكيد هحضر ، والف سلامه على البنوتة
مال آدم على الفتاة مقبلا وجنتها قائلا بمداعبة :
ـ هشوفك في الفرح يا عروسة البحر ، تمام
ابتسمت الفتاة لـ ” ادم” وهي تومئ براسها له ، استاذن “ادم” وذهب ، تاركاً ” سليم” يحتضن ابنته الصغيرة وهو يتنهد براحة حامدا الله على حفظه لابنته وارسال ذلك الرجل لها
ذهب “آدم” وهو يردد الاسم بعقله ” بيـان”
اسم مختلف وجميل ، يتلذذ اللسان ينطقه ، يبدو أن جميع الظروف تأخذه لذلك العرس لا محالا
دلف لساحة الفندق ، وقبل ان يقصد المصعد ، التفت حوله سريعا علا يجد تلك الفتاة ذات الشعر الاحمر ، الا انه لم يجد اي اثر لها..
_____ سلمي سعيد _______
حل المساء وجاءت اللحظة الموعودة
تركض الفتيات بجنون هنا وهناك يتجهزون
بينما “بيـان” كانت تقف تطالع هيئتها بابتسامة يشوبها التوتر والارتباك ، بذلك الفستان الابيض الطويل وكأنه فستان ملكة و ذلك الشعر الأحمر المنسدل بانسيابيه موضوع فوقه ذلك التاج
تلك المستحضرات التجميلية القليلة الموضوعة على وجهها
كانت فاتنة ، حسنا هي دائما فاتنة الا ان ذلك الفستان وهيئتها تلك تخطف الأنفاس من فتنتها
ک ملكة صغيرة كانت واقفه، وعيناها تسير على هيئتها بالمراء بذهول من شكلها
تنهدت بارتجاف ، وهي تتلمس ذاك الفستان ، لا تعلم ماذا سيحدث الآن..
وجدت والدتها تحتضنها من الخلف بقوة متحدثه بسعادة غامرة :
ـ انا مش مصدقه انك دلوقتي لابسه فستان الفرح و هتتجوزي خلاص
احتضنت “بيـان” زراعي والدتها الذي يحتوها ، لتتحدث بصوت خرج مرتجف:
ـ هو ينفع متجوزش ، انا مرعوبة يا مامي
نظرت ” لورا” لانعكاس ابنتها بالمرآة ، لتجد تقسيم وجهها خائفه للغاية ،للتحدث بحنان وهي مازالت تحتضنها :
ـ انا عارفة انك خايفه يا “بيـان” وده طبيعي حتي لو اللي هتتجوزيه ده حد تعرفيه من طفولتك ، فكرة الحياة الجديدة دي اصلا تخوف انا عارفة بس صدقيني كل ده هيختفي لما تحاولي تواجهي خوفك ده وترفضيه اصلا ، وبعدين انتِ هتعيشي في الفيلا اللي جنبنا يعني انا هبقي معاكي ،فـ مش عايزاكي تخافي خلاص ماشي
اومأت لها “بيـان”وهي تردد حديث والدتها بداخلها، حسناً هذا خوف الحياة الجديدة ليس اكثر
تجهز الجميع ،وعلى راسهم “بيـان” المتمسكة بيد والدتها وكأنها فتاة صغيرة خائفة ، بينما ” لورا” تحتوي يد ابنتها بحنان وهي تبتسم رغم القلق بداخلها فهي تعلم جيدا ان منذ بدأت مراسم ذلك الزفاف وابنتها غير سعيدة ، ولكن ماذا تفعل كلما تحدثت معها تقول ان لا يوجد شئ فقط خوف ولكن ما لا تعلمه “بيـان” والذي رأته والدتها بوضوح ،أن سعادتها اصبحت باهتة ، وذلك ما يقلقها كثيرا على ابنتها الصغيرة ولكن ماذا تقول..ما باليد حيلة الآن
_______سلمي سعيد_________
بينما بالقاعة المفتوحة بالاسفل ، بدأ الضيوف بـ التهافت ، ومن بينهم “ادم” و”بدر”
كان “آدم” يرتدي بدلة توكسيدوا سوداء ، جعلته غاية في الوسامة والاناقة ، و”بدر” يرتدي بدلة رمادية جعلته وسيم ايضا
دلفوا للمكان ليجدوا القاعة مفتوحة السقف ، ويوجد درج لطابق علوي ستهبط منه العروس ، والطاولات موضوعه بكثرة ، يبدوا ان الضيوف كثيرين ..كانت التجهيزات جميلة وراقية
جلس كل من “آدم” و”بدر”على احد الطاولات بالقرب من مكان جلوس العروسين ، وجد “آدم”. “رأفت التركي” قادم نحوه لينهض بأناقة يصافحه
تحدث “رأفت” بسعادة وهو يشدد من مصافحته “لآدم”:
ـ وانا اقول النور ده كل جاي منين ، ازيك يا ادم بيه
اجابه “آدم” بفتور قائلا:
ـ بخير الحمد الله ، الف مبروك يا “رافت” بيه
صافح “رأفت” “بدر” ايضا قائلا :
ـ عقبالك يا “بدر” ، رغم ان انا عارف انك ملكش في الحريم
أنهى حديثه وتركهم وذهب ، بعد أن ناداه أحد الاقارب
نظر “بدر” بذهول لذهابه وقد فهم حديثه خطأ ، ليربت “آدم” على ظهره و هو يضحك مصحح ما يفكر به صديقه :
ـ قصده يعني انك بتاع شغل والستات مش فارقين معاك
اعتدلت ملامح “بدر” وهو يقول ببغض:
ـ راجل سئيل ، ربنا مخلهوش اقرع من شوية ، تقل دمه هو اللي عمل فيه كده وخلاه زي البطيخة القرعة
ليقول “آدم” له بضيق:
ـ اسكت بقي خلينا نقعد شوية و نمشي من غير صداع
صمت ” بدر” بسخط وهو يتناول من المقبلات الموجودة أمامه
بعد بعض الوقت أغلقت جميع الأضواء وحل السكون بالمكان الا من صوت موسيقي استقبال العروسين..بينما الضيوف نهضوا جميعا ليستقبلوا العروسين ، ومن بينهم “ادم” و”بدر”
اشتعلت الاضواء مع التصفيق الحار من المدعوين ، عند رؤيتهم العروسين واقفين بالاعلى يلوحون لهم ، رفع “آدم” عينيه ينظر العروسين بلا مبالا
الا ان عينه وقعت على اجمل ما رأت عيناه يوما ، شعر بطبول تقرع بقلبه فجأة ، وانفاسه تأججت عند رؤية تلك الملاك الفاتنة ذات الشعر الأحمر القابعة بالاعلي ، بل تلك الحورية من الجنة
يا الله من تلك الفتاة..
هكذا قال قلبه الذي اخذ ينبض بجنون، وكانه تذكر الان انه قلب وينبض ، كانت عيناه مسلطة على تلك الحورية التي تبتسم بالاعلي وتلوح بيدها ، باعين جاحظة مذهوله يرتجف جفنها من فتنة جمالها ، مع وقع عيناه عليها ارتجفت روحه ترتد بجسده ، وكأنها اعادته للحياة مرة أخرى
كان ينظر لها و صدره يعلى ويهبط بجنون ، وقلبه يقول شئ واحد فقط
لقد وجدتها..
تلك الفتاة التي كنت تحلم بها باستمرار والذي لم ترا وجهها باحلامك ابدا ، ولكنك كنت متيقن انها ستأتي لك وستكون تلك هي سيدة قلبك..
سيدة قلب “آدم”.. “حواء”
تلك المرأة الواحدة والوحيدة التي تربعت عرش قلب “آدم” وارتدت تاج سلطنة قلبه
هكذا هي تلك الملاك القابعة بالاعلى ، كان يراقب كل حركة لها باعين متلهفة ترتجف جفنها ، لقد وجدها.. معشوقة قلبه ها هي يجدها الان وهي ترتدي الابيض الذي يليق بها ، وهو يراقبها بتلك اللهفة والشوق و العشق الذين ولدوا توا ما أن رآها..
يراقب خطواتها وهي تهبط ذلك الدرج ، لم يكن يرى ” هشام” او اي شئ اخر ،هاله من السكون احتلت حواسه ما ان رآها جعلته لا يرى او يسمع سواها ، حتى انه يكاد يجزم أنه يسمع صوت انفاسها من السكون حوله
مع كل خطوة تأخذها “بيان” على ذلك الطريق المنثور بالورود الي طاوله عرسها ، كان يرى هو عيناها بوضوح اكثر ، عيناها الزرقاء المخلوطة بألوان اخرى ، وكأن بعينها قوس قزح ،و ذاك الأنف الصغير الناعم ، و تلك الشفاه الصغيرة المنحوتة
كان يطالعها بعيون مذهولة مأخوذة بها ، ” حواء” الخاصة به ها هو قد وجدها ، يتلهف مع كل خطوة تأخذها بطريقها اليه
مرت من أمامه ، مع تلك اللحظة التي استيقظ فيها من سكونه، عندما حرك “بدر” زراعه بعنف يوقظه من شروده
استدار “ادم” وهو مازال تحت تأثير تلك الملاك ، نظر ل”بدر” ليجده يتحدث له باستغراب من حالة جموده هذه قائلا:
ـ “آدم”أنت كويس ؟!
أومأ له “آدم” وهو يلتفت بلهفة ينظر للعروس، ليجدها تقف بين حشد كبير من الناس وهي تضحك وترقص على وقع الموسيقى مع اصدقائها ، لينظر لها بغيرة حارقة و قلب يشتعل بالعشق والغيرة…كيف لتلك الفاتنة ان تُترك هكذا بين ذاك الحشد من الناس…كيف بالله
الا ان الامر لم ينتهي هنا ، بل تأججت روحه بنيران العشق الملتهبة وغيرته الهوجاء وهو يرى يدها توضع بيد ذلك الشاب ، ” هشام” وهو يقبل يدها و يشاركها الرقص والضحك
هنا استيقظ عقلة من سكرات العشق الأولي له ، وهو يتحدث بواقعية ، ان تلك الفاتنة التي أخذت قلبه تتمايل الان وهي سعيدة وترتدي ذاك الفستان الابيض لانها تتزوج
هنا لم يتحمل تلك الحقيقة الحارقة لقلبه ، ليسقط جالسا على المقعد بجسد خارت قواه يرتجف.. وانفاسه تكاد تكون الاخيرة
وضع ” بدر” يده على ظهر “آدم” متحدث بلهفة وخوف من حالة الشحوب التي اصابت صديقه فجاة
تحدث “بدر” بقلق:
ـ “آدم” أنت كويس ، تحب نمشي
حرك “آدم” رأسه رافضا، التفت ينظر ل “بدر” باعين تلمع بشئ ما..شي مثل الدموع !!!
قائلا بصوت مرتجف مختنق :
ـ يعني يوم ما الاقيها اخسرها يا “بدر”
قطب “بدر” حاجبيه باستغراب ، ليكمل “آدم” حديثة وهو يقبض على يد صديقه برجاء:
ـ هما مكتوب كتابهم
فهم “بدر” حديثه لينظر للعروسين باستغراب لا يعلم شئ ، ليقول وهو ينهض :
ـ معرفش !! ثواني هعرف واجيلك
ذهب “بدر” وهناك هاله من الجهل تتلبس عقله لماذا انهار “ادم “هكذا فجأة ولماذا يسأل ان كان العروسين قد كتب كتابهم
عاد بعد دقيقة ليجد “آدم” شارد، ينظر باتجاه العروسين الذين يرقصوا وعيناه مازالت بها ذلك البريق ويده الموضوعة على الطاولة ترتجف
ليتحدث قائلا وهو يجلس بجوار “ادم” :
ـ “آدم” ، بيقولوا المأذون جي كمان شوية يعني لسه مش مكتوب كتبهم
تفاجئ “بدر” بنهوض “آدم” المفاجئ ، والذي ذهب دون أن ينبس ببنت شفه
ركض ادم لخارج تلك القاعة ،رغم انها قاعة مفتوحة الا ان انفاسه داقت بالداخل وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة
وقف بساحة الفندق الكبيرة ،ينظر حوله لا يعلم ماذا يفعل فقط يعلم ان الله ارسله الى هنا ليأخذ ما هو ملكه ” حواء” الذي كان يحلم بها وينتظرها
اغلق عينيه بعنف وهو يجذب خصلاته السوداء يكاد يقتلعهم ،ليظهر له عيونها الزرقاء مثل السماء الذي تتزين بـ قوس القزح ذات الألوان المختلفة
فتح عيناه وهو ياخذ نفس عميق متحدث بعزيمة :
ـ مستحيل اسيبك بعد ما لقيتك يا “حواء”
خطر على ذهنه فكرة ما ، ليأخذ تلك العروس من ذاك العرس..
ذهب في طريقه ل مكان ما داخل الفندق ، اوقفه صوت خشن يناديه من الخلف ، التفت “آدم” ليجد ” سليم”
تقدم منه سليم الذي كان يرتدي بذله سوداء وقميص ابيض يظهر جسده الرياضي ، تحدث سليم متسأل :
ـ رايح فين وسايب الفرح
نظر له “آدم” قليلا قبل ان يتحدث قائلا :
ـ نسيت حاجة في اوضتي لازم اجبها ، وهرجع الفرح التاني
ربت سليم على ذراعه قائلا بود:
ـ تمام ، لما تنزل هعرفك على مراتي و العروسة ، هما كمان عايزين يشكروك على اللي عملته مع “سيلا”
ابتسم له “آدم” بسعادة غامرة قائلا بتلهف:
ـ فعلا عايزين يتعرفوا عليا
أومأ “سليم” مؤكدا، ليتحدث “آدم” ببعض الاضطراب:
ـ حاضر اول لما انزل هاجي لحضرتك عشان اتعرف عليهم ، عن اذنك
تركه ادم وتحرك سريعا لوجهته وهو يشعر بالقدر يريد له هو” بيـان” أن يلتقوا ، تسارعت خطواته حتى وصل للطابق الارضي للفندق ، حيث غرفة المعدات والكهرباء ، توقف لثواني أمام صندوق الكهرباء الكبير هذا وانفاسه تتأجج ، وعقله يعمل من جميع الاتجاهات بشكل مُغيب ، وقلبه في حالة سُكر لا يفيق منها ، قام بغلق بعض الازرار ، ولكن لم يكتفي بهذا لن يغلق الضوء فقط..، سحب أحد الكابلات الكهربائية الكبيرة ، وقام بالتقاط آلة حادة من صندوق المعدات الموضوع بجوار الكهرباء ، وقام بنحر الكابل بالكامل
أغلقت أضواء الفندق بالكامل فجاة ، لتفزع “بيـان” من ذلك الظلام ،لتحرك يدها هكذا هنا وهناك تحاول ان تتمسك بأحد ، بينما صوت الحضور قد علا وكل منهم يبحث عن هاتفه ليضيء ، إلا أن القاعة شاسعة للغاية بالكاد كُل من أضاء هاتفه يرى امامه فقط
حاولت ” بيان” ان تمسك بيد احد من ” هشام” او والدتها الا أنها وجدت يد تجذبها من يدها بعنف ، لتصتدم بصدره العريض الصلب وهي تئن بألم
رفعت راسها تحاول ان تعلم من هذا الشخص ، بالتاكيد ليس هشام تلك ليست رائحته بل انها رائحه أكثر خشونة وقوة
كانت تحاول ان ترى وجهه ، الاانه لم يظهر لها سوا عينيه الحادة السوداء مثل ذاك الظلام ، بينما هو كان يطالع عيونها التي تسطع هكذا في الظلام مثل نجوم السماء في ليلة معتمة بقلب ملهوف طواق لقربها من العدم وكانه ولد بعشقها ولم يعلم سوى عندما رآها أمامه
وقع على مسمع “بيان” صوت هشام من مسافة ينادي باسمها ويطلب من أحد إحضار هاتفه ليضيئه
ليزداد خوفها، لتقول بصوت مرتجف خافت وهي تطالع تلك الأعين الحادة:
ـ انت مين
وضع يده على أحد وجنتيها يتحسسها بدفئ و هو يقترب منها اكثر حتى اختلطت انفاسهم معاً ، انفاسه المتضطربة وانفاسها الخائفة
ليتحدث قائلا بصوت خافت وهو ينظر بعينيها وكأنها تحتضنه بهما :
ـ انا…انا ” ادم”..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية المتيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى