روايات

رواية الغزال الباكي الفصل التاسع عشر 19 بقلم إيمان كمال

رواية الغزال الباكي الفصل التاسع عشر 19 بقلم إيمان كمال

رواية الغزال الباكي الجزء التاسع عشر

رواية الغزال الباكي البارت التاسع عشر

رواية الغزال الباكي
رواية الغزال الباكي

رواية الغزال الباكي الحلقة التاسعة عشر

مرت الأيام والحبيب زاد إشتياقه ولوعته، خصوصا بعد أن انهت معه “غزال” الجلسات و وصلت للوزن المثالي الذي تتمناه، والآن هي في مرحلة تثبيت الوزن، فزيارتها قلت عن زي قبل، واصبح يشتاق لرؤيتها بشدة، وفي ذات يوم استغل سؤال إبنه عليها وهاتفها وطلب منه أن يبلغها بتناول الغذاء معها، وبعد الحاحه عليها وافقت على الذهاب إلى النادي بعد انتهاءها من عملها في تمام الساعة السادسه، قبل إبنه وجلس يعد الوقت المتبقي لرؤيتها بفارغ الصبر، وحين طال الوقت نهض وارتدى ملابسه وجهز ابنه وتوجهه للنادي حتى يضيع الوقت الذي لا يمر بدونها، وعلى العكس عندما تكون بجواره، يمر بسرعة البرق، فلماذا إذن يعانده؟
تأخرت عليهما نظرًا لعملها الذي طال لوقت متأخر، وحين وصلت اعتذرت لهما، وعانقت “فادي” بفرحة وقدمت له حلوته التي يعشقها، ثم اخذت انفاسها، و وضعت حقيبتها على الطاولة وتبسمت له قائلة:
– شكلي جوعتگ النهارده؟
رمقها بنظرات عشق لم يستطيع اخفاءه وقال بهيام:
– من حيث جوعت، فأنا فعلا جعان اوووي بس مش للأكل، تؤ لحاجات تانية كثير وانتِ حرماني منها.
فهمت مقصده، وتوردت وجنتيها بخجل، رفعت خصلات متمردة وراء أذنيها، ثم تنحنحت وقالت بتحذير:
– هنرجع تاني، وبعدين؟
– لا خلاص، لا بعدين ولا قابلين، خلينا في الاكل أحسن، تحبي تاكلي اية؟
– اللي هيختارة حبيب قلبي فادي، أنا موافقه عليه.
– يابختگ يا سي فادي، عقبالي يارب ما انول شوية من الحب ده.
– انا بحب اي حاجة مشوية يا غزالة، اطلبنا فراخ او كفته يا بابي.
– عيوني حاضر، تحبي معاها حاجة تانية؟
– لا شكرا، أنت شكلگ عايز تبوظ ليا النظام بتاعي، ودكتوري يزعل مني.
رد بعينان تلمعان وتشع فياض محبه قائلا:
– دكتورگ مستحيل يزعل منگ ابدا، ده بيتمنى بس انه ينول الرضا.
نظرت داخل مقلتيه وعيناها تشع حب قائلة:
– هينوله بكل تأكيد في يوم من الأيام.
– يارب.
– شكله زهق من طول الصبر.
– لو هيصبر اد ما صبر سنين، هيتحمل عشان ينول مراده.
صمتت وهي تبصره بحب فشلت في الإفصاح به، كأن هناگ قوة الجمت فاها لعدم البوح بما تشعره نحوه، لما الآن صوتها اخرس، واصم عن التفوه، ظلت تحاكيه بعيناها، ونست انه ليس بخبير في لغة العيون.
استأذن “فادي” من والده بأن يذهب إلى الملاهي للعب على الارجوحه لحين حضور الطعام، فوافق فنهضت لتذهب معه، امسگ معصمها وقال:
– بلاش تهربي زي كل مره، صدقيني مش هتكلم في موضوعنا، بس بلاش تبعدي عن عيني، خليكِ جنبي عشان اشبع منگ، مع أن ده مستحيل.
سحبت معصمها وقالت بترجي:
– أمان، ليه بتصعبها عليا؟
– أنا اللي بصعبها عليكِ، ولا انتِ اللي مستمتعه بعذابي وحيرتي؟
– انت ألف واحده تتمناگ، ونفسها ترتبط بيگ.
– وأنا مش عايز من الألف دول؛ إلا واحده مطلعه عيني ومش عايزة تريح بالي.
– طب لو قولتلگ ارتاح، يا ترى هترتاح؟
– لو هتقوليها بصدق وانتِ باصة في عيني هرتاح، قوليها واوعدگ هتحمل بعادگ.
تشجعت اخيرًا وجمعت حروفها لتقولها، لمحت النادل يضع الطعام امامهم فغيرت خط سير حروفها وقالت:
– هقوم انادي “فادي” عشان ياكل.
– لا خليكِ هروح أنا.
تحرگ مهرولا نحو إبنه، وبداخله يلعن الظروف التي تستمر في عناده كأنه عدو له وليس عاشق يتمنى أن يرتاح قلبه بقرب حبيبته.
حالة من الضيق تسربت بداخلها، فـ اخرجته على طيات صفحتها، فهي تعلم انه سيراها حتمًا، وتمنت انه يفهم ما بين سطورها..
أريد الخروج بشده من قوقعتي التي دفنت بداخلها لسنوات، كم أشعر بالاختناق الشديد بداخلها، أريد أن أتنفس بحريه، استنشق هواءاً نقياً، بدون رواسب حزينة بداخلي، حلمت أني ادلف للعالم الخارجي، وآراه بعين جديده غير نظرتي من ذي قبل، نظرة كلها نقاء وآمل، لكن كيف الهروب وهي متحكمه وجعلتني آسيره لها، بتلگ القيود الحديديه التي لا أستطيع الانتصار عليها وحلها، فأنا كنت ضعيفه الجسد، هزيله، محطمه القلب، كل هذه الأسباب جعلتني مسجونه داخل قوقعتي ولا أستطيع الفرار للعالم الخارجي الذي طالما حلمت به وأتمناه.
نعم حقاً سلب مني الفرحه، الأمان ، ومن كل شيء؛ لكن لم تسلب مني إيماني وثقتي بگ حبيبي.
ثقتي أنگ سوف تنقذني، وتنتشلني من معاناتي، وظلم ايامي لي.
سأتحرر يوماً بقدومگ لي يا فارس أحلامي على حصانگ الجواد تأخدني فوقه لتسرع بعيداً لمدن الأحلام نحيا بداخلها، ونبتعد عن كل ما يعوق اقترابنا من بعضنا.
حتمًا في يوم ستجدني في أنتظارگ عازفة لحن حبي الخالد لگ وحدك يا أمانِ وسر سعادتي.
حين لمحتهما، ادخلت هاتفها في حقيبتها، تقدم نحوها بعينان تلوم وتعاتب، بينما “فادي” اجرى وجلس بجوارها، وبدأت في اطعامه برغم رفض والده، لكنها تحيا معه ما حرمت منه مع صغيرها، لذا اصرت انه تأكل وفي ذات الوقت تطعمه في ثغره، لا ينكر مطلقًا فرحته بها، خصوصا بعد أن تحسن كثيرًا نفسية صغيره بقربها وعلاقتها معه، فوجودها بجانبه عوضه حنان الأم الذي حرمه منه قدره، وها هو الآن يصالحه بوجودها معه.
انتهوا من تناول الطعام، ونهضوا سويًا للتمشيه، تحدثوا في مواضيع كثيرة بعيده عنهما، حتى شعرت ان الوقت تأخر، وطلبت منه الانصراف، لم يتركها إلا بعد ان اخذ منها موعدًا قريبًا يتقابلان فيه، وافقت ثم استقلت سيارته وقام بتوصيلها لمنزلها.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
وبمرور الأيام والشهور السابقه تبدل الحال وتغير كثيرًا، فـ اعتادت “غزال” مع الوقت استرداد ثقتها بنفسها، وبعد مرور وقت طويل من المعاناه لاثبات النفس، اصبحت تكتب بما تشعر به وتحسه فورا بدون ان تكتم شيء بداخلها عبر صفحتها الشخصية الفيسبوك، ومع الوقت حين شعرت بأنه لا يفهم حقيقة مشاعرها تجاهه، كتبت له هذه الحروف لعله يستوعب ما تريد قوله، ولسانها لم يستطع قول ما في جوفها..
أريد أن تفهمني حبيبى، تفهم ما بين سطوري، وما أعنيه بين حروفي؟ !
أنت تقرأ ولا تفهم بأن روحگ تسري بين الحروف، فتجعلها تسير بسلاسة كأنها شلالات لا تتوقف من الحروف؛ إذا جمعتها ستجد نفسگ بداخلها تسبح بيسر ليس له مثيل، لماذا لا تستوعب حتى الآن مدى حنيني وشوقي لگ؟ كم مرة ترجمت لگ مشاعري في دفاتر أشعاري، ولم تعرف بأنگ الحبيب؛ وأنا المتيمه بگ منذ ان شعرت معگ بالحب والأمان ؟ هل تريد أن أصرخ بها، وأصيح أعلى الأسطح والجدران، كصياح الديگ في بذوغ الفجر مكبرًا، ام أغرد قصة حبي مثل العصفور، وانشدها فوق أغصان الأشجار ليصل صداها لعنان السماء !
أجبني عن الحل، وأنا أجزم لگ إني فاعله، مهما كان صعبًا ؟
ولكن لا تتركني هكذا متيمه ولا تشعر بـ عشقى الحيران.
عندما وصل له نداءها وحيرتها، تعلت الإبتسامه ورسمت على محياه، يكاد قلبه أن يقف من شدة السعادة، كم تمنى أن يسمع تلگ العبارات من شفاها وعيونها ترمقه بكل حب، لكنها كانت دائما تهرب منه ومن النظر داخل محرابه، خائفه او ربما متردده من تكرار التجربه، فكان لا بد عليه الصبر حتى تثق في حبه، والآن اعترفت بحبه، لكنه في الحب يطمع ويريد المزيد، يريد التأكد ليطمئن وتينه.
ارسل لها رسالة ترجي بأن تريحه َتقولها صريحه له دون اي التفاف او مراوغه، وحينما وصلت رسالته وقرأت محتواها؛ تهللت اساريرها واحتضنت هاتفها وارسلت له رسالة عبر برنامج الواتس اب، بعد كل هذا الالحاح بأن يسمع ردها، وما تشعر به تجاه، فـ سردت له بكل نبضات قلبها تعترف بحتياجها إليه، فمع كل ضغطه تضغط على لوحه المفاتيح قد كانت دقات قلبها وقلبه ايضًا تتسارع، وجفه لها مذاق غريب وعجيب لم تشعر به قبل ذلگ، كأنها فتاة مراهقه تسرد اول مكتوب لحبيبها، نعم فهو حقًا حبيبها ولم تشعر بالحب الحقيقي إلا حين عشقته وبادلته حبه وهوسه، كل حرف كتب كان نابع من اعماقها بكل صدق قائلة..
أريد حبگ وحنانگ، أريد شغفگ وجنونگ، أريد ان تكون احضانگ هي وسادتي التي القي عليها كل همومي واحزاني، وعيونگ هي موطني الذي اسكن بداخله ولا اتركه، إلا بموتي.
أريد ان تفهمني، وتكون بلسمًا تطيب به الآمي.
أريد ان تكون مرشدي؛ يرشدني إذا اخطأت، ولا يعاتبني ويلومني في يوم.
أريدگ استثنائي في كل شيء، رجلاً ليس له مثيل بساكني الأرض، بل علاقته بسكان السماء، في صفاءهم، ونقاءهم.
أعلم ان ما اطلبه مستحيلاً، ولكني فقط أريد حبيب حقًا استثنائي، افقد كل حواسي وأنا تحت ملمس يداه، أغرق في بحور عيناه، واذوب لوعه واشتياق بين أحضانه الدافئة.
نعم اريدگ واحتاجگ بشدة يا أمانِ.
وحين اطلع على ردها، ضم رسالتها بعيناه، وأغلق عليهما باهدابه، ثم امسگ هاتفه وضمه بين اضلعه، كم أراد لحظتها أن يعانق صاحبتها ويغمرها من عشقه وحنينه لها الذي في كل دقيقة يزداد لهيبه ولا يجد من يطفأ شوقه وحنينه لها؛ فهو العاشق.. المغرم.. الهائم في بحور عشقها، المتيم بنظرة من عمق عيناها، فماذا يفعل حتى تشعر بنيران هذا الشوق المتدفق داخل ثنايا وتينه، وها هي الآن بعد طول عذاب وانتظار تعترف صريحة واضحه انه تحبه؛ اجل تعشقة مثلما يعشق كل تفاصيلها.. قالتها بكل نبضة تدق له هو وحده وليس في قلبها اي شريگ، يالها من فرحة قلبه الآن فقط شعر بأنه دلف إلى نعيم جنتها، وسينعم داخل احضانها ويرتوي من شهد ثغرها، ويغمرها بحبه وعطفه ويعوضها سنوات الحرمان والضياع، فمنذ تلگ اللحظة يبدأ عنوان السعادة طريقها لايامهما سويًا.
فقد تركته عشرة عمره يعاني فقدانها سنوات، ولكنها تركت روحها تسري في كل مكان حوله، فـ لقد أغلق كل أبواب قلبه من بعد رحيلها، سجنه بداخله، ولن يفتح لأحد الا سواها ! ظل هكذا سنوات يعاني فيها الحرمان، لا يد تربت عليه، ولا قلب يسمع مناجاته إلى أن ظهرت أمامه غزالته الشاردة الحزينه، لا يكذب إذا قال أنها حركت بقايا الحب داخله، شعر أنه ما زال حياً ويتنفس.
من أين جاءت ومن أرسلها إليه؟
هل هو قدر الله أن يرسلها في طريقه، أم أنه أختبار له؟
لا يعلم ! ولكن ما يعلمه حقًا هو إنه وقع في براثن هواها وليكن ما يكون، وياليت فؤاده يظل صامتًا أمام عاصفة حبها المجنون.
احبها ولن يتنازل عنها، وسيكون لها كما تتمنى؛ رجلًا استثنائيًا في كل شيء.
وبعد هذا الإعتراف لم يستطع “أمان” الصبر دقيقة واحده، هاتفها وابلغها بأنه سيأتي فورًا لطلب ودها، وافقت بدون تردد وتراقص قلبها بشوق لم تشعر بهذه السعادة مطلقًا من قبل، فأن كل شيء تشعر به معه يكون للمره الأولى، انهى حديثه عن عجل، وهاتف اخته “آلاء” التي سعدت جدا لهذا الارتباط، وجهزت نفسها لتتوجه معه لطلب ودها، وهاتف ايضًا والدته لتكون برفقته، وما ان ابلغها حتى صاحت تطلق الزغاريد مهلله، فقد احس “أمان” ان كل الكون يرقص ويغني معه، ويشاركة في سعادته.
هاتفت اخاها لكي يأتي لها مسرعًا، وافق وقلبه يدعو لها ان تحيا معه في سعادة وهناء، مر وقت قصير وكان الجميع في انتظار قدومه،
ونظرًا لقدومه فجأة هاتف “سند” مطعم شهير يتعامل معه، وجهز طلب اوردر طعام يأتيه في أسرع وقت قبل ان يأتي.
طرق بابها بكل حب، نهضت الغزال الممشوق في فتحه، ورمقته بابتسامتها الرقيقة، ثم صافحته واشتد في عناق كفها، سحبته منه باحراج، ثم عانقت والدته، و”الآء” وشاورت لهما بالدخول، وتم الترحيب بهما من قبل اخاها ووالدته، وضع “أمان” باقة الورد وعلب الحلوى ثم جلسوا، وبدأت والدته بالتحدث طالبه يدها لابنها، وافق “سند” ورحب بشدة، وباركت الأم في فرحه وسعادة والجميع عانقها ودعا لهما بالسعادة، قدم لها “أمان” خاتم الارتباط، ومعه المحبس والبسه اياها، ثم قبل كفها والسعادة تتطاير من مقلته والفرحة تعتلي كل أنش في وجهه، قدمت لهم “سمية” كاسات بها شربات الفرح، وصوت الأغاني يصدح أركان المنزل.
بعد تناول العصير، تحدث “أمان” وحدد موعد لعقد القرآن وبعدها سيخطفها ليقضيان شهر العسل في قرية تونس من شدة حبها واعجابها بها.
وها هي الآن اكتملت فرحتها وسعادتها بارتباطها بمن احبته وكان عوض لها، فـ لو خيروها بين الحياة والموت، لأختارت أن تموت بين أحضانه لقد اختارته وحسمت إختيارها، فقد اختارت أن يكون هو آخر تلگ الاختيارات في هذه الحياة، بأن تكون نظرة عيناه هي آخر ما تراها؛ أن يكون هو الحبيب والرفيق الذي سـ يرافقها لنهاية عمرها، فهو وافق أن تموت بين يداه، أن تكون هي عشيقته في عالم الأحلام ؟
فـ عالمها ليس كـ أي عالم، فـ هو بحرٌ من العشق والهيام، فـ لينهض مهرولا، ويبحر معها؛ ليسعد معها في عالم الخلد الذي لا ينتهي ابدا مع مرور الأعوام، سـ تكون فيه أميرته المتوجة، الساحرة، المتلهفة، لأميرها، وسيدها، ومحبوبها العاشق الولهان، سـ تبني قصورًا من الخيال، وتحيط بهما النجمات حارسات، وتدور حول مجرة حبهما ليلاً تبعث ضوءها الخافض ينير سماء قلوبهما المشتاقة، وتزداد توهجًا، واشتعـالا، فـ ينير الكون كله ويظهر عشقهما وضوح الشمس صباح النهار !!.
جلسان داخل شرفة بيت والدتها بمفردهما، استندت برسغها على السور هروبًا من ملاحقته لها، فنظراته تزيد من ارتباكها، وقف بجانبها وقال بحب :
– غزالتي شارده عني وبتفكر في اية؟
التفتت ناحيته ورمقته بتعجب مسائلة:
– غزالتي ؟! دي اول مره تناديني بغزالتي يا أمانِ؟
اتنهد بآآه وجع خرجت من أعماق قلبه رادفًا:
– كنت طول الوقت بقولها بيني وبين نفسي، وعمري ما بطلت اقولها، ولما جه الوقت اللي من حقي فيه اني اقولها صرحت بيها وهقولها بصوت عالي انگ بقيتي غزالتي انا وبس.. وحببتي وروح قلبي وملكتيه بكل نبضاته.
صمت وتذكر اخر جملتها وقال بمكر:
– طب وانتي كمان اول مره تناديني بأمانِ، عمرگ ما قولتيها قبل كده، ده انا طلع روحي عشان بس تشيلي لقب دكتور وترفعي الحاجز بينا.
اقتربت من يده الموضوعه بجانب يدها، واشتدت عليها ونظرت في مقلته حتى يرى صدق كل حرف يخرج من ثغرها هاتفه:
– كنت طول الوقت بحسها وبقولها بيني وبين نفسي وعلى طيات اوراقي، كنت دايما بوصفگ بأنگ أماني اللي بحسه بوجوده… أنت أسم على مسمى يا أمان.. انت حبيبي، وعوض سنيني اللي ربنا رزقني بيه، وحب يكافئ قلبي على كل الوجع اللي شافه زمان، ومع تجربتي الفاشله وظروف فقداني لابني؛ جيت انت وفادي وطيب قلبي المجروح، ورجعت ليا غزال اللي كنت خلاص نستها في دوامة احزاني… آه لو تعرف انا كنت بتعذب اد ايه بترددي، وخوفي اني افقدگ كان عامل فيا اية؟
وضع سبابته على شفتاها، ليقطع أي حديث يذكره بما مضى من لحظات حزينه، ويعكر عليه صفو فرحته، ورد بهمس:
– ششش مش عايز اسمع اي كلام عن اللي فات، يكفي اننا مع بعض، وبإذن الله هتكون مع بعض لآخر يوم في عمرنا.
غزالتي انتي عمرگ ما هتتخيلي او تتصوري انا بعشقگ اد اية.. بحبگ حب انا نفسي مش قادر اعبر بيه، لكن وحيات قلبي اللي كل دقة بتنطق اسمگ لأعبرلگ بالأفعال مش بالاقوال، وعمري ما هزعلگ ولا اجرح مشاعرگ الرقيقة ابدا.
وعند كل هذا الفياض الذي اغمرها به، لم تستطع أن تصمت رد على حديثه قائلة بعيناي تدمع من شدة السعادة:
– أنا بحبگ اووي يا أمانِ.. بحبگ وهفضل أحبگ لآخر يوم في عمري.
كاد قلبه ان يقف بعد سماعه بأحب حروف كم تمنى ان يسمعها منها، والآن قالتها، ود ان يضمها لقلبه لتشعر بمقدار حبه، لكنه لم يستطع، فعليه ان يصبر، وما اقساه هذا الصبر..؟! رفع كفيها وقبلهما عده قبلات، ثم قال وغمز لها بطرف عيناه:
– مش مسموح غير ايديگ دلوقتي، لكن بعد كتب الكتاب مش ضامن نفسي هعمل اية؟
احرجت من مغذى كلامه، وتوردت وجنتيها وصبغت باللون الأحمر، سحبت يدها، وانتبهت على دلوف “فادي” قائل:
– غزاله انتي كده خلاص مش هتسبينا وهتفضلي معانا على طول؟
احتضنته وقبلته بحنان وقالت وهي تعبث بخصلات شعره:
– اه يا حبيبي، مش هسيبگ ابدا ابدا، وهنفضل مع بعض على طول.
– طب يالا بقى عشان تروحي معانا.
نظرت لـ “أمان” الذي انقذ الموقف ورد نيابه عنها قائلا:
– هي هتيجي معانا يا فادي، بس مش دلوقتي يا حبيبي، لازم نجهز الشقة ونحضر اوضة جديدة عشان تنام فيها.
– مش مشكلة تشتري الاوضة بعدين، انا سريري كبير تنام معايا.
نظره بصدمه وقال وهو يضربه بخفه على رأسه :
– تصدق انگ فالح اوي، لا متشكرين على اقتراحتگ الفزة دي، غزالتي هتنام معايا أنا.
رد بعناد وحده:
– لأ هتنام معايا أنا، هي بتحبي، مش إنتِ بتحبيني انا يا غزالة؟
– طبعا بحبگ يا روحي.
– شوفت أهي قالت بتحبني.
أخرج طرف لسانه ليغيظ والده، فضم “أمان” شفتيه وطبقهما فوق بعض بضيق وقال له:
– ماشي يا سيدي بتحبگ، بس برضو مفيش نوم معاگ.
عبس وجهه وقال بتأثر وبنبره حزينه:
– أنا كان نفسي تنام وتاخدني في حضنها زي اصحابي ما مامتهم بتاخدهم في حضنها، مش هي هتبقى مامي، تيتا قالتلي أنها هتبقى في مقام ماما.
أنهى جملته وادمعت عيناه، فلم تحتمل “غزال” و والده حديثه، جذبته بقوة الي حضنها واشتدت في ضمه واغمرته بوابل من القبلات في كل انش في وجهه وقالت وهي تجفف له عبراته:
– اوعى تبكي يا قلبي، هخدگ والله في حضني كل يوم، ومش هتبعد عنه ابدا، وليگ عليا مش هقوم غير لما تروح في النوم خالص، ولا تزعل ابدا، انت ابني اللي ربنا عوضني بيه عن اللي راح، وكلام تيتا صح، أنا هكون مامتگ، ومش هتفارق حضني ابدا.
خرج من حضنها وتهلل اسارير وجهه من جديد، ثم قال بفرحه:
– خلاص ما دام هتبقي مامتي، فـ أنا مش هقولگ غزالة تاني؛ هناديكي بماما غزالة.
وإلى هنا إنتهى حديثنا لهذا الحد لنتعرف سويًا الايام القادمة هتخبي اية تاني لغزال وأمان؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الغزال الباكي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!