روايات

رواية العابثة الصغيرة الفصل السادس 6 بقلم سولييه نصار

رواية العابثة الصغيرة الفصل السادس 6 بقلم سولييه نصار

رواية العابثة الصغيرة الجزء السادس

رواية العابثة الصغيرة البارت السادس

العابثة الصغيرة
العابثة الصغيرة

رواية العابثة الصغيرة الحلقة السادسة

الفصل السادس (الحقيقة )
شحب وجه دعاء وهي تسمع قرار رائد الصادم… صحيح هي من كانت تريد أن تبتعد عنه ولكن أن يخبرها أن طردها بتلك الطريقة هذا جرحها بعمق…. لم تستطع منع السؤال الذي خرج من فمها :
-ليه يا بيه أنا عملت حاجة؟! زعلتك في حاجة! شغلي وحش يعني ولا ايه؟
شعر رائد بالذنب… لم يعرف ماذا يقول له…. هل يصارحه بالحقيقة أنه يشك بميوله لذلك يطرده بعيدا…. عقله توقف عن العمل وهو يطالع ذلك الشاب الذي ينظر إليه بحزن بالغ…. يقسم أنه لمح طيف الدموع في عينيه… أحس باليائس لأنه سوف يقطع رزقه…لذلك سريعا عقله اهتدي لفكرة ما وقال :
-لا طبعا معملتش حاجة بس انت بصراحة طيب وأنا كنت حابب أرد جميلك عشان كده شوفتلك شغل أحسن.
هزت دعاء رأسها وقالت وهي تمنع نفسها من البكاء:
-بس أنا حابة اقصد حابب اقعد معاك هنا… مش عايز أي شغلانة تانية.
-صدقني يا داوود الشغلانة دي حلوة وفلوسها أكتر يا بني شوف مصلحتك.
اعترضت دعاء وقالت:
-أنا عايز ابقي معاك أنا مصلحتي هنا

 

 

لم تعرف حقا ما بها… أنها بكل غباء تثير الشك بنفسها… قد يتوصل رائد إلي حقيقة أنها فتاة وليست شاب… لكنها يائسة علي الرغم أن كانت رغبتها هي أن تبتعد عنه حتي لا تتعلق به أكثر ولكن أخيرا اكتشفت أنها غرقت في حبه حتي اذنيها…. لقد فات الأوان هي لن تستطيع اقتلاعه من قلبها بعد الآن وكان إن ابعدها هو فهذا يعني أنه يحكم عليها بالإعدام!.
نظر رائد بريبة إليه…. وقد ازداد خوفه وشكوكه لذلك ارتدي قناع الصرامة وقال بصوت عالي متسلط:
-وأنا مش عايزك تشتغل معايا يا داوود أنا حر!…. لاما تاخد الشغل اللي أنا جيبته وتمشي لاما تمشي وخلاص… لكن أنك تشتغل عندي ده مرفوض اتفقنا.
اطرقت دعاء وقالت :
-امرك يا بيه أنا همشي.. ومش عايزة الشغل التاني.
……..
كان الناس يتطلعون إليها بحيره وهم يروها تبكي بتلك الطريقة في أحد المواصلات العامة… تشجعت سيدة بجوارها وامسكت كفها وهي تقول :
-مالك يا بنتي بس من أول ما ركبتي وانتي بتعيطي.
نظرت إليها دعاء وقالت:
-سابني بعد الحب اللي حبتهوله ده طردني من حياته .. تخيلي.
-مين ده اللي سابك يا بنتي.
تدخلت أحد النساء لترد أخري
-أكيد خطيبها… معلش يا حبيبتي هما الرجالة كده ميملاش عينيهم إلا التراب
لم تعلق دعاء… حتي لم تكترث وتصحح لهم معلوماتهم بل جعلتهم يسبوه لأنها حقا غاضبة منه… غاضبة من قلبها الذي يتعلق بالأشخاص الخاطئة تماما!!!.
……
-مال وشك يا بت انتي معيطة؟!
قالتها منال وهي تري وجه دعاء المحمر وعينيها الدابلة والحمراء كالدماء… ارتمت دعاء بين ذراعيها وهي تقول :
– طردني يا منال… طردني.
……
-طيب افهم دلوقتي انتي كنتي عايزة تمشي ليه زعلانة دلوقتي… أهو كويس أنها جات من عنده.
ظلت دعاء تبكي ولم ترد عليها فاغتاظت منال وقالت :
-يا بت انتي متجننيش… انتي اللي كنتي عايزة تبعدي صح؟!
-صح.
-اومال ليه بتبكي دلوقتي.
نظرت إليها دعاء بحزن وقالت:
-مش عارفة يا منال بس لما طردني قلبي وجعني… أنا بحبه يا منال مش هقدر ابعد عنه.
ثم ارتمت مرة أخري تبكي بين ذراعيها.

 

 

حركت منال شفتيها يمين ويسار وقالت:
-يقطع الحب وسنينه يا اختي.
…………
-خلاص يا رائد أنت ليه متضايق… كويس أننا مشيناه من غير مشاكل
لم يرد عليه رائد بينما شعور غريب يعصف داخله بقوة!!…. لقد طرده وارتاح من تلك الوسواس التي تنتابه بسببه… إذن لماذا هذا الشعور؟! ..لماذا يشعر بذلك الفراغ…. ونظرة داوود الحزينة لا تفارقه… ماذا حل به بحق الجحيم…
-رائد.
لمس صديقه كفه بتوجس…. ليبعد رائد كفه بسرعة وينظر إليه .
-مالك يا رائد مش علي بعضك ليه…. كل ده عشان مشيته.
-حاسس بالذنب هو معملش حاجة وحشة معايا.
-بس لو كان قعد يا رائد كانت الشكوك هتملي عقلك بسببه… فالأحسن أنك تمشيه وبعدين انت عرضت عليه شغل تاني وهو رفض… خلاص كبر دماغك.
هز رائد رأسه وقال :
-عندك حق.
………..
بعد أسبوع.
ولجت دعاء إلي المنزل بتعب… جلست علي الاريكة بتعب وعينيها البنية تلتمع بدموع محبوسة…. منذ أسبوع وهي تبحث عن عمل ولا تجد…. فأصبح هذا روتين يومها تقضي كل النهار تبحث عن عمل حتي تعود آخر النهار منهكة… ثم تقضي الليل طوله تبكي وتفكر به… لا تستطيع إخراجه من عقلها فكيف تخرجه وهو احتل كل جزء من روحها…. ظنت أنها ستنساه عندما تبتعد عنه ولكن علي العكس تماما كل يوم يزداد اشتياقها له… شوقها كالنار لا يهدأ… وقلبها المسكين يعاني.
-ها يا دعاء لقيتي شغل.
سألتها منال وهي تجلس جانبها… لتهز دعاء رأسها بيأس ثم تمسح الدموع التي انسابت من عينيها…. نظرت منال بحزن إلي صديقتها وربتت علي كتفها وقالت:
-هتلاقي إن شاء الله.
هزت دعاء رأسها وهي تبكي قائلة:
-مظنش يا منال…. أنا بقالي أسبوع بدور مفيش فايدة!
-ليه مقبلتيش عرض رائد يا دعاء.. كان زمانك شغالة دلوقتي…
نظرت دعاء إليها بلوم وقالت:
-ازاي تقولي كده يا منال…. بعد ما طردني من غير ما اعمل حاجة عايزاني كمان أقبل أنه يساعدني ازاي بس.
-يا دعاء أنا قصدي بس.
-قصدك ايه يا منال بس بقولك الراجل طردني من غير ما اعمله أي حاجة… بعدني عنه… وعشان ميحسش بتأنيب الضمير عرض عليا يشغلني… قوليلي ازاي أقبل.
بكت دعاء وهي تربت علي قلبها وتقول:
-ليه عمل كده…. ليه طردني من حياته بالسهولة دي.

 

 

-بس انتي يا دعاء كنت عايزة كده عشان تنسيه ضحكت دعاء بسخرية وقالت:
-وياريتني نسيته يا منال…. بحاول اطلعه من عقلي مش قادرة… كل يوم بفكر فيه أكتر.. كل يوم..
ضمتها منال إليها وقالت:
-هتنسي يا دعاء هتنسيه… مسألة وقت بس. ثم ضحكت وقالت بمزاح :
-يختي يقطع الحب وسنينه… أنا عمري ما حياتي ما هفكر أحب ابدا… يا بت الرجالة ميستهلوش الحب.
ابتعدت دعاء عنها وقالت:
-اومال مين اللي يستاهل.
ضربتها منال علي كتفها وقالت:
-طاجن السمك اللي أنا عملاه يستاهل… يالا بلا حب بلا نيلة اغسلي ايديكي واندهي اخوكي خلينا ناكل.
ضحكت دعاء ومسحت دموعها وقالت:
-عندك حق بلا حب بلا نيلة.
…………..
جالس علي الاريكة بوجه متجهم… نظرات داوود الحزينة لا تفارقه وشعور بالفراغ يسكن روحه…. اهذا هو الشعور بالذنب…. هل يعقل لرجل طرد جميع النساء بشركته أن يشعر بالذنب لأنه قطع رزق شاب… أغمض عينيه وهو يحاول طرده من عقله…. تأفف ونهض وهو يقف أمام النافذة… ظهره متوتر بالكامل….
وقف لؤي خلفه وهو منزعج وقال بعصبية:
-بقالك أسبوع مجيتش الشغل يا رائد أنت بتستهبل ولا ايه؟!
لم يرد عليه… ليهزه لؤي ويقول :
-رائد أنا بكلمك!!.
نظر إليه رائد بحزن وقال :
-أنا متضايق بسبب اللي عملته في داوود… ضميري بيوجعني اووي يا لؤي…. نظراته الحزينة مش مفارقاني.
-أنت سامع نفسك بتقول ايه يا رائد… أنت اتجننت سايب شركتك تغرق عشان طردت داوود
. -أنا… أنا
غضب لؤي وزعق :
-انت ايه يا رائد… مالك فيه ايه أنا عمري ما شوفتك كده… بعدين الصح أنك طردته بعد اللي حكيته عنه!
أمسك ذراعه وقال :
-ويالا علي شغلك يا رائد بلاش سخافة
ابتعد رائد ونظر إليه وقال :
-أنا قررت أرجع داوود الشغل.
-نعم يا أخويا!!!!
……….

 

 

كانت جالسة تبحث عن وظيفة بأحد المجموعات الإلكترونية علي الفيس بوك عندما رن هاتفها فجأة… شهقت وألقته بعيدا عندما رأت المتصل والذي لم يكن إلا رائد…. بتوتر أمسكت الهاتف وردت… أغمضت عينيها ما أن اقتحم صوته اذنها… بضعة ثواني وقال لها ما يريده بالضبط ثم أغلق الهاتف….
ضمت الهاتف لقلبها وهي تتنهد مبتسمة بينما غمازاتها الرائعة تبرز بقوة… وقفت منال أمامها وهي تتطلع الي دعاء الغارقة بأحلامها الوردية…. كانت حقا متعجبة من حالتها تلك… صفقت امام عينيها وقالت:
-انتي يا أمي فوقي شوية كده وقوليلي ليه متنحة بالشكل ده؟!!
-رائد اتصل بيا.
-وعايز ايه ده كمان!
نهضت دعاء وقالت بسعادة :
-عايز يرجعني الشغل.
نظرت إليها منال بصدمة وقالت :
-وانتي فرحانة.
جمعت دعاء اشيائها وأزياء التنكر خاصتها وقالت قبل أن تذهب :
-ده أنا هطير من الفرحة
ثم ذهبت…. أخذت منال تهتف بإسمها :
-بت يا دعاء…. يا دعاء لمي كرامتك المتبعترة دي…. يخربيتك يا دعاء ويخربيت الحب اللي ضيع دماغك.
….
وقفت دعاء أمامه بتوتر… كان ينظر إليها بتركيز… لم يركز معها بذلك الشكل ابدا وهذا مع جعلها تتوجس قليلا لدرجة أنها أخذت تعدل من الباروكة القصيرة لتتأكد أنها علي رأسها… تنهد رائد وقال:
-ابدا أنت شغلك يا داوود ولما اجي هتكلم معك بإذن الله.
هزت دعاء رأسها بينما ذهب كلا من رائد ولؤي إلي العمل…
تنهدت دعاء براحة ثم ذهبت لاتمام الاعمال المنزلية
………
كان يجلس علي مكتبه براحة…. الإبتسامة لا تفارق شفتيه وشعور بالرضا يملئ روحه بعد أسبوع من الفراغ التام…. وضع لؤي كفه علي. جنته وهو يراقب صديقه الذي تبدل حاله بسرعة ما أن أعاد داوود…. وجهه أشرق والحماس دب في اوصاله… مما جعل الشك أيضا يخترق قلب لؤي بخصوص صديقه…. شكوك مرعبة حاول طردها فلم يفلح…. رائد يعرف ميول داوود ورغم هذا تركه يقترب منه… لماذا يا تري؟!… قرر أن يسأله فهو لن يدع نفسه فريسة للشكوك…
-رائد
-نعم
تنهد لؤي ثم أكمل وقال :
-ازاي تخلي داوود يقرب منك تاني بعد اللي عرفته عنه.
-ضميري وجعني يا لؤي وبعدين أنا مش متأكد. غضب لؤي وقال ساخرا:
-ضمير ايه يا رائد… هو انت عندك ضمير ده انت طردت كل البنات اللي بتشتغل في شركتك وقطعت عيشهم… دلوقتي ضميرك بيأنبك عشان واحد شاكك في ميوله.
-قصدك ايه مش فاهم.
نهض لؤي وقال :
-لا لازم تفهم وتشوف تفكيرك وتصرفاتك… ليه الاهتمام الشديد بالشاب ده….. ليه لما رجعته تاني وشك رجع ينور.
ابتلع رائد ريقه وقال بتوتر:
-أنت بتلمح لايه بالضبط؟!
-رائد الواد ده قدر يأثر عليك.
نهض رائد بعنف وقال:
-ايه اللي بتقوله ده انت اتجننت؟!

 

 

-لا متجننتش يا رائد أنت اللي تصرفاتك غريبة… أعقل يا رائد وشوف نفسك.
ثم تركه وذهب لينهار هو علي المقعد ويشعر بالدوار…. هل يمكن هذا… هل هو يفكر بتلك الطريقة… لا لا…. هذا مستحيل… إذن لماذا الاهتمام الشديد بذلك الفتي.. لماذا يشعر بالسعادة بجانبه… لماذا شعر بالفراغ القاتل عندما ابتعد أسبوع وعندما عاد شعر وكأن الحياة عادت له من جديد…. وقف بتوتر وهو يهز رأسه بعنف شديد ويقول موبخا :
-ايه اللي أنا بفكر فيه ده ده شاب!!! … أنا اتجننت ولا ايه…. لؤي عنده حق أنا فعلا اتجننت…. ياربي اعمل ايه دلوقتي… أنا مش من النوع ده….
رفع سماعة الهاتف واستدعي لؤي
…….
-اقتنعت دلوقتي بكلامي؟!
هو رائد رأسه بيأس وقال:
-دي مصيبة ازاي أفكر كده؟!
كاد أن يمسك كف لؤي إلا. أنه ابتعد وقال:
-لا يا أخويا متلمسنيش أنت دلوقتي أمرك مشكوك فيه.
-يا لؤي بطل سخافة وقولي اعمل ايه.
-الموضوع بسيط يا نجم أنت بس مشوش لأن بقالك فترة بعيد عن الستات… أنت بعد ساعتين كده هتيجي معايا مكان لطيف وتسهر مع بنت لطيفة وساعتها هتحس أنك طبيعي
-متأكد من الكلام ده
-مية في المية… بس اتصل بداوود قوله أنك احتمال تبات برة..
هز رائد رأسه…
…….
في المساء.
في أحد النوادي الليلية الشهيرة كان يقف متصلبا بجوار تلك المرأة التي تمرر كفها علي وجنته… ضحكت بعمق وهي تنظر للؤي وتقول:
-ايه يا لولو هو مال صاحبك كده كاشش في نفسه
غمز له لؤي وقال :
-ولا كاشش ولا حاجة ما هو طبيعي أهو مش كده يا رائد.
أبتسم رائد بتوتر وهو يضم المرأة إليه ويقول :
-أنا فعلا طبيعي.
-طيب ما تيجي بقا.
-أجي فين؟!.
ضحكت بسخرية وقالت للؤي:
-ايه يا لؤي أنت جايبلي واحد من الحضانة ولا ايه؟!.
نهض لؤي وأمسك ذراع رائد وأخذه جانبا وقال:
-جرا ايه يا دنجوان ده انت كنت قبل ما تتجوز مقطع السمكة وديلها حصلك ايه… لا فوق مروة بدأت تشك فيك.
-حاضر يا لؤي متقلقش.
عندما عاد لمروة كان أكثر ثقة بنفسه.. أعطاها ابتسامة ساحرة زلزلت كيانها… وضعت مروة كفها علي قلبه وقالت :
-ما هو انت كويس أهو اومال دور تلميذ الحضانة اللي عايش فيه ده ايه؟!…. ها تحب نكمل سهرتنا هنا ولا نروح عندك. البيت
-يالا نكملها في البيت… هيكون هادي وداوود هيكون مشي.
مين داوود ده يا أخويا؟!
-الخدام بتاعي
أمسك رائد كف مروة وخرج بها بعد أن ودع صديقه.
……..

 

 

بعد أن وصل فيلته فتح له الحراس البوابة ودخل بسيارته..
تناول كفها في كفه وصعد لفرفة نومه واغلقا الباب خلفهما حاصرها عند الزاوية واقترب منه ليقبلها عندما انفتح الباب فجأة وخرجت دعاء تلتف بمنشفة…. شاربها علي وجهها بينما الباروكة اختفت وانسدل شعرها القصير وفجأة صرخ الثلاثة معا…. كانت مروة أول ما توقفت وقالت:
-هو انت عندك كائنات غريبة في البيت؟!
نظر رائد إلي دعاء التي قالت وهي تضرب علي صدرها:
-يا فضيحتك يا دودي!!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط علي : (رواية العابثة الصغيرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى