روايات

رواية الزيارة الفصل الأول 1 بقلم هنا عادل

رواية الزيارة الفصل الأول 1 بقلم هنا عادل

رواية الزيارة الجزء الأول

رواية الزيارة البارت الأول

رواية الزيارة الحلقة الأولى

ابراهيم محمد سعد….ده الأسم اللى شوفته فى اخر زيارة للمدافن، متعودة كل عيد اول يوم الصبح بعد الصلاة اروح ازور بابا انا واخواتي، بقيت عادة حفظت المدفن اللى سنين كنت بزور فيه جدي وخالي ومكنتش عارفة احفظ مكانه، لكن بعد وفاة بابا حفظته، تقريبا حفظت كمان الاسامي اللى على الشواهد والمقابر هناك، خلصنا زيارتنا وقررت ماما تروح تزور قبر تاني مدفون فيه خالي التاني الله يرحمه، وبصراحة حسيت انها فرصة اني اقف اتكلم مع بابا، فى العادي انا مش بعمل كده، مش بعرف، وتقريبا كلنا بنبقى عايزين نعمل كده ونقف نتكلم معاه وكأنه سامعنا لكن احنا بنداري احساسنا ده، مش عارفة ليه بنداريه؟ بس الاكيد ان مفيش حد مننا هيعرف يتكلم ويقول اللى جواه طول ما هو مش لواحده، علشان كده قولت لماما:
– طيب طالما البنات جايين معاكي، خلوني انا اقف اقرأ لبابا شوية قرأن.
ماما:
– مش هتخافي؟! هتقفي لواحدك؟!
ردت سلمى…اختي الصغيرة:
– خلاص يا ماما، سيبيها براحتها، محدش فينا بيعرف يبقى براحته لما بنكون كلنا سوا، وبعدين الدنيا زحمة مفيش حاجة تخوف.
ابتسمت، اه انا بخاف جدااااا، ويمكن انا اكتر واحدة بكون عايزة امشي بسرعة لما بنروح المقابر، خيالي بيصورلي حاجات كتير تخوف ومش بعرف اطلع من افكاري غير بعد فترة من الزيارة دي، لكن كان واحشني وعايزة اقول كلام كتير مكنتش بعرف حتى اقوله وهو عايش، وفعلا ماما وسلمى وسارة راحوا يزوروا خالي، بصيت عليهم لحد ما اتأكدت انهم بعدوا عني بشوية وابتديت اتكلم مع بابا، كنت بتكلم وبعيط ودي حاجة معرفتش ولا مرة اعملها من وقت وفاته، كنت بتكلم وكأنه سامعني او واقف قدامي او هيرد عليا وبعيط بحُرقة وانا بقوله:
– عرفني يا بابا انك سامعني وحاسس بيا.
طبعا هواجس اللى بقوله، لكن فى اللحظة دي حسيت بنسمة هوا خفيفة لمست وشي وخليت جسمي كله قشعر، خوفت…بصيت حوليا لقيت فيه ناس موجودة على مسافة مني لكن جنبي مفيش حد، مفيش هوا، ابتسمت وقلبي بيدق وانا لسه بلف بعيني حوالين المكان كله…استغربت لما لقيت مدفن متحاوط بسور من غير سقف…ومقفول بباب اخضر حديد لكن الباب كان بأسياج مش مسدود، اول ما عيني وقعت على المدفن ده جسمي ارتعش، مش غريب اني اشوف مدفن بالمواصفات دي، الغريب هو ان المدفن اللى من غير سقف وفراغات واسعة بين اسياج الباب بتاعه يبقى فى عز النهار والشمس اللى طالعه مالية الدنيا والساعه 7 الصبح يكون بالضلمة والسواد ده!!! اه كان ضلمة وكأننا فى نص الليل فى ليلة غايب فيها القمر كمان، قلبي اتقبض وخوفت، لكن لما بصيت حواليا وبعيد عن المدفن ده الناس بتتحرك عادي وبيزوروا حبايبهم عادي، لكن ده محدش حتى بيقرب منه، ومكتوب فوق الباب بتاعه:
– تم الحصر…ابراهيم محمد سعد، ممنوع الاقتراب.
ومع تركيزي على المدفن ده حسيت بأن فيه اللى همس فى ودني وقاللي:
– أبعدي…بلاش.
اتخضيت، بقيت بلف حوالين نفسي اتأكد ان مفيش حد واقف قريب مني او جنبي يكون هو اللى قال كده، انا واقفة لواحدي تماما، كل اللى موجودين لسه موجودين لكن مفيش حد واقف قريب مني وكأن المكان ده بالذات فاضي، مفيش فيه اموات، او حتى الاموات اللى فيه محدش افتكرهم وجه يزورهم، مكنتش فاهمة ولا عارفة؟! هو اللى انا فيه ده بجد ولا انا اللى بسبب خوفي وقلبي الخفيف بتخيل حاجات غريبة؟! فى اللحظة دي لقيت التُربي بيقول بصوت عالي وهو بيقرب على قبر بابا:
– الله يرحمه، تعيشوا وتفتكروا يا مدام.
عقبال ما خلص الجُملة، كان قلب جردل المياه اللى معاه فوق الزرع اللى على قبر ابويا وهو بيدعيله بالرحمة، طلعت فلوس عطيتهاله وانا حاسة بقلبي بيدق بسرعة، لكن سألته بفضول وانا بشاور على المدفن اياه:
– لو سمحت…هو…هو فى ايه هنا؟!
بص ناحية المدفن بتوتر ورجع بص ليا تاني وهو بيقول:
– اعوذ بالله، ربنا يكفينا شر اللي موجود هنا، متقربيش منه يا مدام المدفن ده، اللى بيقرب منه بيتأذي.
سألته وانا حاسة بالخوف مالي قلبي، لكن الفضول قاتلني:
– يعني ايه؟ وليه مضلم كده برغم انه مش متقفل يعني؟ شكله يقبض القلب!
كان لسه هيتكلم لكن سمعنا صوت عالي بيقول:
– يا علي، تعالى هات مياه هنا.
اتكلم علي وقاللي:
– معلش عيد بقى والدنيا زحمة، متأخذنيش، وبلاش تطولي فى الوقفة هنا لواحدك.
قبل ما ارد عليه كان مشي من قدامي، بيتحرك بسرعة وخفة وكأنه حافظ هو رايح فين وجاي منين وعارف ايه القبر المقصود بيتعامل وكأنه فى البيت، عيني راحت معاه على امل انه يرجع تاني يحكيلي الحكاية بتاعت المدفن الغريب ده، لكن هو انشغل باللي وراه، ولأني معرفش اروح مدفن خالي لواحدي كان لازم افضل واقفة مكاني، انا لو بعدت خطوتين عن مدفن ابويا مش هعرف اطلع ازاي ولا اوصل لأمي واخواتي ازاي؟ وطبعا لأن امي مقتنعة ان فى المدافن بيكون مستخبي الحرامية وبتوع المخدرات دماغها ممكن ترسم لها مليون سيناريو مرعب غير سيناريو اني اكون طلعت استنيتهم برة على باب المقابر، بصيت على قبر بابا وابتديت اتكلم معاه:
– يا ترى ايه حكاية المكان ده يا بابا؟ اكيد انت عارف، ما هي دي بقيت منطقتك بقى.
كنت بحاول اطمن نفسي لأني خايفة، اه مش لواحدي ولا فيه حاجة تستاهل كل الخوف ده، لكن من جوايا قلقانة وخايفة، برغم اني حاولت اشغل نفسي ومبصش ناحية المدفن، الا اني بشكل لا ارادي لقيت نفسي ببص عليه، مش عارفة ايه يخليني اركز عيني على مدفن زي ده؟! بس اللى ثبّت عيني اكتر الخيال اللى شوفته بيتحرك جوة المدفن من ورا الاسياج، وبرغم الضلمة الا انه كان واضح جدا، خيال اسود مش مفهوم حيوان ولا انسان، ومن غير تفكير وبرعشة فى رجليا اتحركت..اتحركت ناحية هناك وانا قلبي عمّال يدق بسرعة غريبة، اتحركت بين المقابر اللى مش كتير بين قبر بابا والمدفن ده وروحت وقفت قدامه، ضلمة اللى تتوصف بالسواد، ريحة صعبة جداااااااااا، مفيش قبر جوة، حتى مفيش شواهد مكتوب عليها اسامي، مجرد رمل وحصى ومكان ردم، وفى اللحظة دي قاللي وهو واقف ورايا:
– الجثث اللى ينفع تتشال من المكان ده اتشالت، لكن الألعن لسه موجود.
بعد اللحظة دي ومن الخضة مش قادرة افتكر اللى حصل بالتفصيل، كل اللى فاكراه اني فتحت عيني لقيت نفسي فى اوضة التُربي وامي واخواتي واقفين مرعوبين وعنيهم عليا مليانة دموع، بصيت حواليا وقومت بسرعة وانا بقولهم:
– مين؟! مين اللى اتكلم معايا؟ مين يا ماما اللى كان واقف ورايا؟
هنا سمعت صوت علي التُربي وهو بيقول:
– يا مدام مش قولتلك متطوليش، اهو انتي كده اذيتي نفسك، ليه تقربي منه؟ ربك يسترها معاكي بقى.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الزيارة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى