روايات

رواية احذر من يطرق باب القلب الفصل السابع 7 بقلم رضوى جاويش

رواية احذر من يطرق باب القلب الفصل السابع 7 بقلم رضوى جاويش

رواية احذر من يطرق باب القلب الجزء السابع

رواية احذر من يطرق باب القلب البارت السابع

رواية احذر من يطرق باب القلب الحلقة السابعة

٧- أبواب الماضي
خرجت نفيسة صارخة من المطبخ، تستدعي سعدون على وجه السرعة، شاكية في حنق: شوف لك صرفة فحنفية المطبخ يا سعدون، المية مغرقة الدنيا، ومش عارفة اشتغل.
هتف سعدون مهدئا: والله كلمت كل بتوع الصيانة، مفيش حد بيشتغل النهاردة، إجازة من الدوام.
همهمت نفيسة في ضيق، مع دخول سلمى للبهو، قادمة من الحديقة، بعد أن قضت فترة مع صديقها الحميم هزاع، بصحبة ساجد، متطلعة لوجهيهما، متسائلة: خير! في حاجة!
هتفت نفيسة متنهدة: حنفية حوض المطبخ مبهدلة الدنيا، ومش عارفة اشتغل.
هتفت سلمى باسمة: يا سلام، ولا حاجة تنزعلك أبدا يا نفسفس، هلبس العفريتة، واجي اصلحها..
قهقهت نفيسة على اسم الدلال العجيب، الذي أطلقته سلمي، هاتفة في محبة: تسلميلي، بس الموضوع شكله صعب، وعايز سباك يجي يشوف فيه ايه..
أكدت سلمى، وهي تترك ساجد ليصل به سعدون لحجرته، سائرة لداخل المطبخ في حذر، خوفا من الانزلاق فالماء الذي ملأ أرضيته، حتى وصلت لموضع محبس الماء، الذي ما أن فتحته، حتى بصق الصنبور المعطوب ماءه بوجهها، مغرقا إياها، ما دفعها لتغلق المحبس سريعا، متطلعة نحو نفيسة، هاتفة في ثقة، بوجه يقطر الماء من كل جوانبه: بسيطة إن شاء الله، محتاج عملية قلب مفتوح.
قهقه كلاهما، لتهتف نفيسة مازحة: البركة فيكِ بقى يا دكتور، العدة أهي عندك فالدرج اللي على شمالك، ده لو فعلا هاتقدري تصلحيه، قصدي تعالجيه ولو مؤقتا!
تناولت سلمى عدة الإصلاح من الدرج المشار إليه، وبدأت في فك بعض الأجزاء وتركيب البعض الآخر، خمس دقائق خلت، ساد فيها الصمت، حتى قطعته هي أخيرا، هاتفة في نبرة يكسوها الحماس: أنجزنا المهمة.
هتفت نفيسة ضاحكة: يا خوفي للمريض يكون مات ف إيدك!
قهقهت سلمى ولم تعقب، بل مدت كفها تفتح محبس الماء، تستتر خلف صينية الشاي، تحملها كدرع، لتتفادي أي ماء قد يدفعه الصنبور في وجهها من جديد، رأت نفيسة أفعالها، فانفجرت ضاحكة بدورها، وسلمى تفتح المحبس على مهل، وساد الصمت، وحانت اللحظة الحاسمة، وما من ماء قد اندفع، بل هو السكون وفقط..
هتفت سلمى في حماس: الله عليا، سبع صنايع والبخت ضايع.. تسلم ايديك يا بت يا سلمى، دكتورة ورئيسة قسم قلب الحنفيات بامتياز.
ارتفعت ضحكات نفيسة من جديد، وهي تهتف بها ممتنة: الله ينور يا دكتور، مش عارفين من غير..
قاطعهما صوت أيوب الصارم، متسائلا في تعجب، وهو يتطلع للماء على الأرض، وهيئة سلمى المزرية: إيه اللي بيحصل هنا!
اضطربت نفيسة قليلا، قبل أن تفسر: أبدا يا أيوب بيه، حنفية المطبخ كانت بايظة ومبهدلة الدنيا، وآنسة سلمى ربنا يبارك لها، صلحتها.
هتف في حنق: وهو ده شغل آنسة سلمى! فين سعدون! وليه مجبش حد من الصيانة!
أكدت نفيسة: كل عمال الصيانة إجازة من الدوام النهاردة يا أيوب بيه..
هتف أيوب دون النظر صوب سلمى، أمرا إياها: لو سمحتي، حصليني على أوضة المكتب.
أنهى كلماته، وخرج من المطبخ مهرولا، تطلعت سلمى نحو نفيسة، تحاول طمأنتها، حين ظهر على قسمات نفيسة الانزعاج، هاتفة في مرح: مش عارفة ليه محسسني، إن اوضة المكتب دي، اوضة الفيران مثلا! .. ماشي يا سيدي، هو أنا هخاف..
ابتسمت نفيسة، رابتة على كتف سلمى في حنو، لتخرج سلمى متوجهة صوب المكتب، طارقة بابه لمرة واحدة، قبل أن تستجيب لأمره بالدخول، مثلت أمامه، هاتفة تحاول امتصاص بعض من حنقه الغير مبرر: يا أيوب بيه، أنا اللي عرضت المساعدة، والحمد لله إنها جت بفايدة، و…
قاطعها مصوبا ناظريه نحوها، متطلعا لذاك الوجه الصبوح بلا أي رتوش أو أصباغ، زاده رزاز الماء المنثور على صفحته، بهاء بكر، جعله يدني الطرف عنها، هاتفا في تساؤل، مكررا كلماتها: أنا اللي عرضت المساعدة! .. امتى هتبطلي تعرضي ع الكل خدماتك! ..
تعثرت الكلمات على شفتيها، لا تعرف ما هو قصده بالضبط، ليستطرد في ضيق: ويا ترى لما احتاجتي أنتِ مساعدة، لقيتي حد جنبك، من اللي أنتِ ساعدتيهم كلهم!
همهمت بأحرف مبعثرة: أنا.. أصل..
قاطعها حانقا: بطلي بقى لعب دور الجمعية الخيرية ده، أنا بقولك كده عشان.. عشان.. كل واحد يعمل شغله، و..
سكت ولم يكمل حديثه، وسرد أسباب نصيحته، وخيم الصمت فجأة، قطعه هو متنهدا، وهو يتطلع نحوها، ليجدها منكسة الرأس، ما دفعه ليتلطف في كلامه، هامسا: أرجو إن يكون كلامي مسببش أي ضيق لكِ.. واتمنى إنك تتفهمي أسبابي..
رفعت رأسها، متطلعة نحوه بابتسامة اربكته، هاتفة رغم أنه لم يسرد أي أسباب: مفهوم يا أيوب بيه، وشكرا ع النصيحة الغالية، بس أنا مش هبطل أعرض مساعداتي ع الناس، طالما أقدر، وفعلا محدش من اللي ساعدتهم كانوا جنبي يوم ما احتجتهم، لكن ربنا بعت لي اللي يقف جنبي ويساعدني، حتى وهو ميعرفنيش، ويغنيني عن لمتهم الكدابة.
لم يعقب، كان فقط يتطلع إليها في فرحة، متسائلا هل كان هو المقصود من حديثها! .. انتفخت أوداجه في سعادة، يهز رأسه في تفهم، محاولا اخفاء تلك الابتسامة التي ظهرت عنوة على شفتيه، خلف الكتاب، الذي فتحه دافنا رأسه وراء ضلفتيه، هاتفا: تمام.. تقدري تتفضلي.
ما أن خرجت، حتى أزاح الكتاب جانبا، متطلعا صوب الباب، وقد اتسعت ابتسامته، حتى شملت كيانه كله.
******************
رنين مستمر على جرس باب الفيلا، جعل نفيسة تندفع مهرولة من أجل فتح الباب لذاك المتعجل، الذي ما رفع كفه عن الجرس، جذبت نفيسة الباب في عجالة، لتندفع تلك المرأة للداخل مسرعة، صارخة في حنق في وجه نفيسة: ايش بيصير لحتي أبقى ع الباب كل ها المدة!
كتمت نفيسة شهقة كادت أن تصدر عنها، ما أن نزعت المرأة نظارتها الشمسية التي كانت تستر معظم تفاصيل الوجه، وكابها الرسمي عن هامتها، لتدرك نفيسة من تكون، لقد ظهرت من العدم، دافعة أبواب الماضي لتنفرج، عابرة إليهم، بعد أن ظن الجميع، أن أبوابه الصلدة، بكل ما تخفي خلفها، قد أغلقت للأبد.
هتفت نفيسة ما أن استجمعت شتات نفسها: يا هلا يا هيفا هانم، اتفضلي.
هتفت هيفاء ڤي عجرفة فطرية: إيه أكيد هتفضل، ما بستنى الإذن منكِ، وينه الشيخ!
أشارت نفيسة نحو الردهة المفضية لحجرته، هاتفة في نبرة متوسلة: بحجرته يا هانم، لكن الوقت ما مناسب، وقت قيلولة الشيخ، وأمر ألا يوقظه أي من كان، ولأي سبب.
كانت نفيسة تدعي كل هذه الأمور، من أجل تعطيل زيارة هيفاء للشيخ، حتى يعلم أيوب بمقدمها، لوحت هيفاء بكفها في لامبالاة، هاتفة وهي تتخذ موضعا لها بالبهو: ما يهم، احضري لي كوب من العصير الطازج، قبل ما اطلع غرفتي.
هتفت نفيسة في تعجب: غرفتك!
تجاهلتها هيفاء، غير مجيبة على تساؤلها، ملوحة لها لتنصرف في كبر، اثار حفيظة نفيسة، التي اندفعت مهرولة في حنق لداخل المطبخ، لتبادر سعدون في نبرة قلقة: سعدون! عارف مين جه بره!
تطلع نحوها في فضول، لتستطرد متوترة: هيفا هانم..
انتفض سعدون في صدمة، مندفعا صوب هاتفه، دق رقم ما في سرعة، وما أن أنهى مكالمته، حتى همس في اضطراب: استرها يا رب.
دقائق مرت، قبل أن تضع نفيسة كوب العصير أمام هيفاء، التي بادرتها مشيرة للمحيط حولها: جميلة الفيلا، ديكوراتها غير، أيوب ذوقه اتحسن كتير..
عبر أيوب باب الفيلا الداخلي لتوه، هاتفا في هدوء مريب: أيوب طول عمره ذوقه جميل يا هيفا، ما جديد عليه..
اندفعت هيفا في اتجاهه، تحاول تطويقه بذراعيها، لكنه مد ذراعه، مانعا اقترابها، هاتفا في حزم: ما بيجوز، ايش جابك!
همست متصنعة اللوم، في نبرة مغناجة: ما خلصنا يا أيوب! مر زمن على الغيبة، وقلت نسينا ما كان!
تطلع متسائلا من جديد في صرامة: ايش جابك يا هيفا!
هتفت متنهدة: هبوط اضطراري لطائرتي، قلت اجي على هنا.
هتف متسائلا بنفس النبرة: وليش ما رحتي على بيت الوالد، قائم على حاله، كيف ما تركتيه!
زفرت مؤكدة: لأضل وحيدة هناك! وأنت هنا، ما بيصير أيوب.. هي ساعات الليل، وبرحل، ولربما أغيب لسنوات قبل ما نتقابل من جديد.
هتف أيوب مستدعيا نفيسة، التي حضرت مهرولة، ليأمرها: حضري غرفة الهانم، الغرفة بتكون جوار غرفة ساجد.
اضطربت هيفاء ما أن جاء على ذكر ساجد، لكنها لم تعقب بحرف، لحظات قبل أن تؤكد عليها نفيسة، أن الغرفة معدة بالفعل لاستقبالها، ليتركها أيوب تتبع نفيسة حتى صعدت بها الدرج، مندفعا صوب حجرة المكتب، يغلق بابها خلفه في عنف غير معتاد، فقد كان قد استنفذ آخر قطرة في رباط جأشه في حضرة هذه المتلاعبة، التي ظن أن لقياها مجددا، هو درب من مستحيل، بعد كل ما كان، جلس إلى البيانو، وأخذ يعزف ضاربا على أصابعه في قوة، حتى كادت أن تشكو، ما جعل نفيسة التي عادت للمطبخ، تهمس لسعدون في قلق: سامع! واضح إن الموضوع مش هيعدي على خير!
هز سعدون رأسه موافقا، وسلمى تدخل من باب المطبخ متسائلة في مرح: إيه اللي مش هيعدي على خير! ايش سويتي يا شقية!
تطلعت نفيسة والجدية مرتسمة على وجهها، ولم تضحك على دعابات سلمي كالمعتاد، مشيرة للخارج نحو غرفة المكتب، الذي يصدح منها صوت عزف أيوب الصاخب، هامسة كأنها تخبرها سرا عميقا: هيفاء هانم هنا!
هتفت سلمى في فرحة: هيفاء وهبي! بجد! عايزة اتفرج..
هتفت نفيسة بصدمة: هيفاء وهبي مين! أنا قصدي هيفا، بنت الشيخ جاسر، وا..
قاطعتها سلمى متعجبة في مرح: هيفا بنت الشيخ جاسر مين! انتوا ليه محسسني إني متربية وسط العيلة الكريمة! .. فهموني بالراحة بس.. هيفا جاسر دي تبقى مين بقى!
هتف سعدون مفسرا: طليقة أيوب بيه، وأم ساجد..
شهقت سلمى في صدمة: طليقة أيوب بيه! وأم ساجد إزاي! هي مش ماتت!
هزت نفيسة رأسها نفيا، مفسرة: أيوب بيه بيقول لكل اللي يسأل عنها إنها ماتت، وهي كده بالفعل بالنسبة له ولساجد، وللشيخ عمها، اللي منعرفش هيستقبل خبر مجيها على هنا إزاي، وهي متحرم عليها دخول أي مكان يجمعهم.
تساءلت سلمى متعجبة: وليه كل ده! هي عملت إيه بالظبط عشان..
قطع تساءل سلمى، نداء أيوب الحازم: يا سعدون!
اندفع سعدون في اتجاه غرفة المكتب مهرولا، بينما هتفت نفيسة في توتر: ربنا يعدي اليوم ده على خير، استر يا رب.
همست سلمى مستفسرة من جديد: هي الأخت هيفا، عملت إيه لكل ده!
همست نفيسة بدورها: بصي، أنا كنت لسه واصلة هنا جديد، يوم ما هي مشيت، بس سعدون حكى لي شوية حاجات، خلتني عارفة إن وجودها مش مرغوب فيه، وهيكون سبب مشاكل وقلق.
كادت سلمى أن تعيد سؤالها، لولا دخول موجة من عطر فرنسي عميق، لداخل المطبخ، مع صوت رقيق لامرأة تسأل نفيسة في دلال: الغدا ليه ما جهز للحين يا نفيسة!
هتفت نفيسة مؤكدة: الغدا في الثالثة بالضبط يا هيفا هانم، هاد أوامر أيوب بيه.
ابتسمت هيفا في تعجب: أيوب ما تغير، على حاله من ساعة ما رحلت..
تنبهت هيفاء لوجود سلمى أخيرا، والتي كانت تتطلع لهيفاء في اعجاب ظاهر بهذه المرأة خارقة الجمال، بالغة الرقة، ممشوقة القوام، التي تفوح رائحة عطرها المثير باسطة فالأجواء، اغواء خفي، لا قبل لأحدهم على مقاومته، بجانب ملابسها الجريئة، المكشوفة لحد كبير، وتساءلت في دهشة، مشيرة لسلمى: مين ها دي يا نفيسة!
أكدت نفيسة في هدوء: الآنسة سلمى، معلمة ساجد.
هزت هيفاء رأسها بلا مبالاة، منسحبة من المطبخ، مؤكدة: بكون على طاولة الغدا بالثالثة، فلا داعي لسماع بعض التعليقات السخيفة من أيوب.
همست سلمى لنفيسة، مازحة: دي أم ساجد طلعت حلوة أوي.
قهقهت نفيسة، لتستطرد سلمى مقلدة زينات صدقي: عذراء، هيفاء، حسناء، ولهاء، دعجاء، سمراء، فيحاء، ملفوفة القوام، كغصن البان، فى ال ٣٧ إلا ربع من ربيعها الفحلقي الزاهر المزدهر، بس بقولك ايه! مش هي هايفة، والنعمة أنا أهيف منها.. سامحني يا رب.
علت ضحكات نفيسة، التي ابتلعتها سريعا، مؤكدة على سلمى: هروح اجهز السفرة.
هزت سلمى رأسها متفهمة، يصلها صوت البيانو الغاضب النغمات من حجرة أيوب، لا تعرف ما الأمر بالضبط، ولما أخبرها بوفاة أم ساجد، وهي على قيد الحياة! وهل كان الجرم الذي ارتكبته بهذه البشاعة، ليكون عقابها النبذ بهذه القسوة!.. الأسئلة كثيرة، ولا إجابات شافية..
****************
كانت بالحديقة، تمارس تدريبات ساجد لإلزامه على الجلوس لفترة طويلة، كان يشاركه هزاع، الذي كانت تأمره بالجلوس، فيطيع بلا حراك، على عكس ساجد الذي كان لا يطيق الجلوس خمس دقائق متواصلة، ما كان يدفعها لحمله للجلوس على مقعده من جديد، تبدأ حساب الوقت الذي يحققه في كل مرة، كان التحدي اليوم، هو إلزامه بالجلوس لنصف ساعة كاملة، وها قد مرت الساعة ولم تحقق أي تقدم يذكر.
كان أيوب يتابعها من نافذة حجرته، يثني على صبرها، وقدرتها على التجاوب مع اخفاقاتها، وإصرارها على النجاح، مهما كانت التحديات في حالة ساجد، والتي يعترف، أنها تحسنت بشكل كبير عن ذي قبل، وأنها حققت معه، في فترة ليست بالطويلة، ما لم يحققه من سبقوها من مدربين.
نزل الدرج، صوب الحديقة منضما إليهم، يسأل في نبرة مبتهجة: إيه الأخبار النهاردة!
أجابت مؤكدة: تمام الحمد لله، بندرب على توقيت جديد، وربنا يسهل.
اقترب أيوب من ساجد، وثنى ركبتيه، منحنيا ليطاله، يحاول أن يتواصل مع الصبي بصريا، لكنه كان عنيدا يتفادى ذلك، وهو يهز رأسه في آلية، ما منعت أيوب من إخباره: لو جلست النصف ساعة، بطلعك التمشية اليوم مع هزاع.
رفرف كف ساجد في سعادة، بينما أشار أيوب لها، لتبدأ في عد التوقيت، وقد علا نباح هزاع في فرحة، ما أن أدرك أن مكافأة ساجد، هي فالإساس مكافأته، فجلس في تهذيب، يشاطر ساجد محاولته السيطرة على حاله، وتحجيم رغبته في النهوض من مقعده..
كانت تتطلع لساجد، تتمنى لو كانت رغبته في الخروج مع هزاع كبيرة، لتدفعه للجلوس هذه الفترة الغير مسبوقة، فقد نفذت كل مكافأتها المجدية بالفعل، وجاء أيوب فالوقت المناسب تماما، ليعرض هذه المكافأة التي ما كانت لتخطر لها على بال.
ضغطت أخيرا على ساعة الإيقاف، ما أن مرت الثلاثون دقيقة كاملة، ليندفع أيوب مطوقا ساجد في سعادة، دافعا به يجلسه فوق أكتافه، وهزاع يتقافز في حماس حولهما، دمعت عينى سلمى لسعادتهم، وقررت الانسحاب، لكن أيوب هتف يستوقفها، مقدما عرضه: إيه رأيكِ تيجي معانا! أنتِ من ساعة ما وصلتي، مخرجتيش من الفيلا!
ترددت قليلا، إلا أن نباح هزاع داعيا إياها، جعلها تقهقه مؤكدة له: حاضر هاجي، إن ما كنتش تعزم..
اجتازوا البوابة الحديدية، وأيوب يحكم كفه على حزام هزاع المطوق لرقبته، والذي بدأ ينبح هازا ذيله في سعادة، ما أن خرجوا للشارع، بينما يسير ساجد في فرحة غامرة، ممسكا كف سلمى..
ساد الصمت مسيرتهم، إلا من نباح هزاع المتحمس، تنبهت سلمى أن رباط حذاء ساجد قد انفك، ما جعلها توقفه، تهم بالانحناء لتربطه، لكن أيوب منعها هاتفا: لا تنحني، اصبري..
توقفت طائعة، ليدفع لكفها بحزام هزاع، منحنيا هو ليربط حذاء ساجد المنفلت، قبل أن يتعثر فيه ساقطا، لكن في تلك اللحظة، مرت عربة، كانت تطل من نافذتها، كلبة تحمل شريطة حمراء لامعة حول رقبتها، يتطاير شعرها الحريري الكستنائي مداعبا النسيم، ما خطف انتباه هزاع، الذي نبح بصوت عالِ، راكضا خلف العربة، جاذبا معه سلمى، التي بدأت في الصراخ باسمه، من أجل إيقافه، لكن بلا فائدة، فما كان هزاع ليطيع اللحظة إلا نداء قلبه، الذي خطفته تلك الشقراء، ورحلت، راغبا الآن فاللحاق بها، وسلمى تمسك بحزامه، تعوقه عن تحقيق حلمه، فيعاقبها بجذبها خلفه، بهذا الشكل المثير للضحك، تنبه أيوب لما يحدث، ما جعله يدفع ساجد فوق كتفيه، مندفعا يجري خلفهما، أمرا سلمى: اتركيه.. اتركيه..
وهي لا يصلها صوت أيوب، الذي كان مخلوطا بصراخها، ونباح هزاع المتواصل وركضه خلف العربة، زاد أيوب من معدل اندفاعه، وحماس ساجد يتواصل في استمتاع وهو على كتفي والده، الذي كان يصرخ بسلمى: اتركيه.. اتركي حزامه..
وصلها ما كان يقصده أيوب أخيرا، لتفلت الحزام من كفها فجأة، كان عليها أن تظل على معدل ركضها حتى تتوقف بقوة القصور الذاتي، لكنها حاولت التوقف بغتة ما أن افلتت الحزام، لتتعثر أقدامها.. لكن أيوب وصل فالوقت المناسب، ليجذبها نحوه، قبل السقوط أرضا.
كان كلاهما يلهث في قوة، يتصبب عرقا، كفيها بأحضان كفيه المتشبثتين، واللتين بدأتا في افلات كفيها رويدا، ما أن اطمأنا على ثبات أقدامها..
تنبه كلاهما، أنهما اقرب ما يكون لبعضهما، فتقهقر كلاهما خطوة للخلف، قبل أن يهمس أيوب في اضطراب: خلونا نرجع..
سارا يغلفهما الصمت، حتى إذا ما خطت أقدامها بوابة الفيلا، ظهر هزاع خلفهما نابحا، لتهتف سلمى محاولة المزاح، وهي تربت على رأسه: الحب بهدلة.. خلاني اندلة، قولي ساكنة فين، وأنا اروح اخطبهالك..
نبح هزاع في فرحة، دفعت أيوب للضحك على أفعالهما، والذي أمر الجميع، بالصعود للاغتسال، والاستعداد للغذاء.
****************
دقت على هاتف اخيها، لعله يجيب هذه المرة، فقد دقت عليه عدة مرات، فالأيام القليلة الماضية، ولم يرد، ما استدعى قلقها، هل تراه قد حصل على ما يريح بالها من ناحية زوجها الغائب! أم أن عدم رده ذاك يحمل إشارات غير مطمئنة! .. أم أن الحال ما زال على ما هو عليه! .. لم لا تجيب يا صبحي!
تنهدت في حنق، حين اتتها رسالة مفادها أن الهاتف الذي تتصل به، ربما يكون مغلقا، ما الذي يحدث بالضبط!
استشرى القلق داخلها، وبدأ يقتات على زادها من الصبر، الذي ما عادت تملك منه إلا القليل، تعتقه من أجل انتظار الفرج، الذي تاه عن دربها، وضل طريقه لحياتها.
عاودت الاتصال من جديد، وكانت نفس الإجابة لا جديد، الهاتف مغلق، تطلعت نحو الساعة، التي شارفت على موعد الغذاء، ما دفعها لترك الهاتف جانبا، والاندفاع لتغتسل، قبل التوجه صوب حجرة ساجد، لتجهيزه لمشاركتهم الطاولة، كما هو متبع في برنامج علاجها، والذي بدأت تطبيقه منذ يومين، في محاولة منها، لإخراجه للتعامل مع المحيطين به، والتكيف مع بيئته المحيطة.
***************
كان الجميع مصطف على جانبي المائدة، وضعت هيفاء نفسها عنوة على المقعد المجاور لمجلس أيوب، بينما احتلت سلمى الجانب الآخر بصحبة ساجد، الذي بدأت تضمه لمائدة الغذاء بصحبتهم، حتى يعتاد الاختلاط، وتعمل على تعليمه الانضباط واتباع قواعد المائدة.
ما أن شرعوا في تناول الطعام، حتى هتفت هيفاء في تعجب، متطلعة لسلمى بنظرة محتقرة: الخدم أصبحوا يشاركونكم المائدة يا عم! تغيرت القواعد كتير يا أيوب.
تطلع الشيخ الذي كان يترأس المائدة، صوب هيفاء، والتي قد ضغط على حاله لتقبل وجودها، والخروج لمشاركتهم الطعام، بعد رجاء حار من أيوب، هاتفا بنبرة حانقة: سلمى ما هي خادمة، سلمى معلمة ولدك.
ابتلعت هيفاء لسانها، عندما جاء عمها على ذكر كون ساجد ولدها، وكأنها تتنصل من هذه الحقيقة المخزية، ولا ترغب فالاعتراف بها.
طاشت كف ساجد بصحنه، وبدأ في إشاعة الفوضى قليلا، وسلمى تحاول وضعه تحت السيطرة، لتهتف هيفاء حانقة: الأطفال محلهم ما هو على طاولة الكبار، يكفي هذا القرف.
كان أيوب يحاول التظاهر بالبرود، محافظا على أعلى درجات ضبط النفس حين قال: بإمكانكِ مشاركة نفيسة وسعدون طاولة طعامهم، بعيد عن هاد القرف.
هتفت هيفاء في إصرار، مشيرة لسلمى باحتقار: ما بظن هاد مكاني، هو مكان ها دي ال.. ايش! والله ما لقيت لها وصف، و..
قاطعها أيوب في صرامة: لا كلمة تزيديها، وإلا لا مكان لكِ ب هالبيت، الآنسة سلمى ما هي معلمة ساجد وبس، هي ضيفتي ولها كل الاحترام، وإذا ما كان هاد بيناسبك، فالباب يمرر الجِمال..
همت هيفاء بالحديث، لكن سلمى نهضت في عجالة، ممسكة بكف ساجد الملطخة بطعامه، هاتفة في تأدب: عن إذنكم، لازم اطلع بساجد.
نهض أيوب متعجلا، هاتفا بسلمى يستوقفها: أنا هشيل ساجد لحد اوضته، متتعبيش نفسك.
لم تنطق سلمى بحرف، وأيوب يحمل ولده، الذي وللعجب، استكان بأحضانه، صاعدا الدرج، وهي خلفه، لتزفر هيفاء في ضيق، حين ترك الجميع المائدة، حتى عمها، ضغط زر التحرك بكرسيه المدولب مغادرا لحجرته، لتُترك وحيدة، على مائدة تسودها الفوضى.
وضع أيوب ساجد على أحد المقاعد بغرفته، واندفع للحمام يحضر منشفة بها بعض الماء والصابون، وانحنى يمسح كف ساجد الملطخة، والتي طالت قميصه الثمين، لكنه لم يبال، هتف وهو يزيل ما علق بملابس ساجد من اوساخ، مخاطبا سلمى: بتأسف على أي كلام اتقال ضايقك.
همست في هدوء، مأخوذة باهتمامه بساجد بهذا الشكل الغير مسبوق، متعجبة من هدوء ساجد الغير طبيعي في حضرة أيوب: حصل خير يا أيوب بيه! حتى لو اضايقت، ف ردك كان كافي وزيادة..
تطلع نحوها، لتهتف باسمة: متشكرة..
اضطرب يبحث حوله عن مكان يضع به المنشفة المتسخة، لتعاجله سلمى: هاتها، أنا هعرف اتصرف فيها.
نهض واضعا المنشفة بكفها الممدودة، هاتفا وهو يهم بمغادرة الحجرة: هخلي نفيسة تجيب لك أكلك هنا، أنتِ مكلتيش..
أكدت سلمى مازحة: ياااه، ده يبقى كتر خيرك، كان فيه كفتة ع الغدا، وأنا بموت فيها..
لم يستطع أن يمسك ضحكاته، التي علت وهو ينزل الدرج، لتصل لهذه التي كانت تموت كمدا بالأسفل، لتجاهل الجميع لوجودها.
*******************
قاربت الساعة على التاسعة مساءً، الميعاد المحظور لها بعده، التواجد خارج غرفتها، فقررت الإسراع نحو الأسفل، لإحضار بعض المقرمشات والمكسرات، من أجل فترة المساء والسهرة، التي تقضيها وحيدة بغرفتها، بعد أن يحين وقت اعتقالها بغرفتها، حتى صباح اليوم التالي.
تسللت تحيط جسدها بمئزرها، تفتح الباب في حرص شديد، وما أن همت بالخروج من الحجرة، إلا ولمحت ظل هيفاء، مسدلة الشعر، تسير بملابس نوم فاضحة، باتجاه غرفة أيوب.. عادت للحجرة مغلقة بابها في حذر، هامسة لنفسها: هيفا رايحة تجر أيوب للرزيلة، وتبقى مصيبة لو طلع بيحبها! .. وقال كان بيتريق على الروب بتاعي! ماشي يا أيوب يا بن برلنتي!
همت بالخروج من جديد، لتسأل نفسها بغتة: وأنتِ مالك! يحب الرزيلة، يحب هيفا، يحب اللي يحبه، يخصك ف إيه! أنتِ نسيتي إنك متجوزة!
تسمرت موضعها للحظة بعد تذكرها للحقيقة التي قاربت على نسيانها، فأين هو زوجها ذاك، ولما تركها وحيدة في هذه البلاد الغربية، كل هذه المدة، التي قاربت على الشهرين!.. قررت بعدها تجاهل ما رأته، مسرعة قبل أن تدق التاسعة، لتحضر مبتغاها، فتحت الباب في حرص من جديد، لكن نفس الظل لهيفاء، مر بباب حجرتها كالبرق، وكأنها عادت من حجرة أيوب، منبوذة.. خالية الوفاض.. تسمرت موضعها داخل الغرفة لدقيقتين، قبل أن تعاودها الشجاعة لتقرر مجددا النزول للطابق السفلي.
أخرجت رأسها من عتبة بابها، متطلعة يمنة ويسارا، تتيقن أن لا أحد هناك، وما أن تأكدت أن الطريق أمان، حتى عبرت مهرولة تجاه الدرج، الذي ما أن وصلت لمنتهاه، تهم بالتوجه صوب الردهة المفضية للمطبخ، حتى ظهر أيوب بغتة، وكاد أن يصطدم بها، ما جعلها تتقهقر رافعة يديها للأعلى في تسليم، كأنه أمسكها بالجرم المشهود، هاتفة في تبرير لوجودها خارج غرفتها: الساعة لسه مجتش تسعة والله.
ابتسم لأفعالها ابتسامة كانت تحمل بعض من شجن، هاتفا في نبرة متعبة: ولا يهمك.
واستطرد بنبرة مترجية: ممكن أطلب منك فنجال قهوة! عندي صداع جامد.
هتفت: أكيد طبعا..
وهمست ساخرة: دي هيفا دي أكبر صداع.. وهي شبه عفريت العلبة كده..
هتف أيوب: بتقولي حاجة!
هزت رأسها نفيا، واندفعت تحضر له قهوته، كانت قد تنبهت أن حجرة المكتب بابها مفتوح ومظلمة، وأنه توجه تقريبا باتجاه الحديقة، فغيرت مسارها وكان استنتاجها صحيحا، فقد وجدته يجلس على الأرجيحة، تهتز به في هوادة، وهو يسند رأسه للخلف، مغمض العينين، يبدو مشغول البال، معكر الفكر..
وضعت فنجال القهوة على الطاولة البامبو القصيرة بالقرب منه، فتنبه متطلعا نحوها، ممتنا: متشكر، تعبتك معايا.
أكدت مبتسمة: لا تعب ولا حاجة، ده فنجان قهوة، هو أنا اخترعت الذرة.
همس باسما: الذرة اكتشفوها مش اخترعوها..
همست ضاحكة: بتدوقوا على حاجات عجيبة، اهو ده اللي بيكره العيال فالتعليم..
اتسعت ابتسامته، متسائلا في تعجب، هل يمكن أن تكون صحبة أحدهم، شفاء من علة، ودواء من سقم! ..
وهو برفقتها، يستشعر أن هالة من راحة مدهشة تدثره، وأن كل هموم الدنيا تذوب فجأة كأنها لم تكن، حين يبصر ابتسامتها المشرقة دوما كشمس بلا مغيب.. ماذا دهاك يا أيوب! تساءل في اضطراب، وهو يمسك بذاك الكتاب الذي وجده جانبه، متعجبا، كيف أتى إلى هنا!
أجابت هي على سؤال لم يُسأل: آسفة إني خدت الرواية من غير إذن حضرتك، بس أنت كنت مسافر، وأنا كنت قاعدة بقرا هنا، لما هزاع قرر إنه يتعرف عليا من أول وجديد، فسبتها وطلعت أجري..
وقصت له ما حدث من كلبه، فانفجر ضاحكا في انشراح، وكأن هزاع، الذي كان ممددا على مقربة، علم أن الحديث دائر عليه، فنهض من رقاده، يدنو مستعطفا سلمى، التي جلست بالقرب منه أرضا، وظل يتمسح بها، راغبا في بعض الدلال، الذي اسبغته عليه بكرم، ما جعل أيوب يتساءل مجددا، هل هناك من أحد، بهذه الفيلا، لا يحب هذه المرأة الوضاءة، المشعة بالبهجة، والمغلفة بالطهر!
جذب خواطره بعيدا عن هذا المسار الشائك، مقلبا الرواية بكفيه، يسألها: يا ترى الرواية عجبتك! تولستوى كاتب روسي تقيل، وآنا كارنينا، أثارت جدل واسع، أنتِ إيه رأيك في أفعالها! هل من المقبول أن زوجة تقع فالحب! أنتِ لو مكانها هتعملي إيه!
تنهدت سلمى، مجيبة: أنا لو مكانها..هااا.. هحاول أسد كل منافذ الغواية، واستعين بالله، وأقطع أي صلة ممكن توصلني للشخص ده، مهما كانت، ولو جوزي شبه زكي رستم في نهر الحب، هطلب الانفصال، وساعتها يبقى لي الحق فالارتباط بشكل محترم وشرعي، بما يرضي الله، بس سيبك أنت، الأستاذ ذكي رستم، كان عليه واحدة، أنتِ مستهترة يا نوال، توقف المراكب السايرة.
قهقه أيوب، ثم هتف متعجبا: بس غريب إنك جاوبتي عادي كده!
قطبت حاجبيها مستغربة: فيها إيه!
أكد في دهشة: أول مرة في واحدة تجاوب على سؤال زي ده! أصل الاجابة المتوقعة، أنا مش ممكن أكون فمكانها أصلا عشان اجاوب، وتبدأ تتهمها بالفجور، وحاجات تانية كتير، لا داعي لذكرها..
صمتت سلمى لبرهة، هاتفة بصوت متحشرج تأثرا: أنا أبويا الله يرحمه، قالي مرة.. من عاب أخاه بذنب، لم يمت حتى يفعله، فإياك و الشماتة بأخيك، فيعافه الله ويبتليك.. مين فينا منزه عن المعاصي وارتكاب الذنوب، محدش عارف ممكن دنيته توصله لأي طريق، ولا قدره يحطه فاختبار شكله إيه!
همس أيوب مؤكدا: صدقتي، الكل قديس حتى تأتي العاهرة..
تململ هزاع، راغبا في اللعب، فهتفت سلمى مازحة، تقلد صوت ذكى رستم: مش أنا اللي اتجاوب معاك فحاجة زي كده، مش أنا أبدااا..
قهقه أيوب على أفعال هزاع مع سلمى، لكن على ذكر العاهرة، ظهرت هيفاء، بنفس ملابس النوم المكشوفة، هاتفة في نبرة تنضح غيرة: تتجاوبي معاه ف إيش!
انتفضت سلمى موضعها، واستقامت ناهضة، وما أن همت بالاستئذان للمغادرة، تشعر بالحرج من التواجد مع هذه المرأة، بملابسها السافرة، في حضرة أيوب، الذي استوقف سلمى بإشارة من يده، أمرا هيفاء في صرامة: ارجعي حجرتك، ولا تخرجي منها إلا وأنت عارفة قدر البيت اللي أنتِ فيه، وممنوع عليك الخروج خارج غرفتك، إلا بملابس مناسبة، وإلا وجودك هنا، غير مرحب به بالمرة، أظن كلامي مفهوم!
جزت هيفاء على أسنانها غيظا، واندفعت للداخل، تاركة إياه بصحبة سلمى، التي كانت منكسة الرأس، لا ترغب في التدخل في أمور كهذه، لكن أيوب وللعجب، تبدلت نبرة صوته للنقيض بغتة، ما دفعها لترفع رأسها متطلعة نحوه وهو يقول في هدوء: أخرتك عن سهرتك، وتسلم ايديك ع القهوة، ليلة سعيدة.
هم بالمغادرة، لكنه استدار نحوها من جديد، دافعا كفه في طبق المكسرات الذي كانت تحمله، مستئذنا: تسمحيلي!
أخذ ملء قبضة يده، واستدار راحلا، وقد بدأ في تناول مكسراتها العزيزة، والعجب كان، حين بدأ يعلو صوت صفيره المنغم في انسجام تام، وهو يصعد الدرج نحو غرفته، تاركا إياها، محتضنة طبق المسكرات، مشدوهة النظر صوب هذا الذي تبدل حاله، وكأنما مسته عصا إحدى الجنيات.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية احذر من يطرق باب القلب)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى