روايات

رواية أو أشد قسوة الفصل التاسع 9 بقلم سارة مجدي

رواية أو أشد قسوة الفصل التاسع 9 بقلم سارة مجدي

رواية أو أشد قسوة الجزء التاسع

رواية أو أشد قسوة البارت التاسع

أو أشد قسوة
أو أشد قسوة

رواية أو أشد قسوة الحلقة التاسعة

-أدهم
قالتها بصدمة ليلتفت ينظر إليها بنظراته العابثة وعلى ثغره إبتسامة جانبيه جذابة … لكنه لم يجيب على ندائها
أقتربت خطوتان وقالت بتردد:
-باشمهندس أدهم حضرتك بتعمل إيه هنا؟
تجاهل سؤلها وقال بمشاغبة:
-الغفير اللي شغال معايا في الشركة .. أنتِ جاية ورايا لحد البيت يا شقية .. وأنا اللي كنت فاكرك مؤدبة
تراجعت خطواتها الي الخلف والصدمة والخوف يرتسمون على ملامحها .. لكنه أكمل كلماته المازحه:
-عرفتي عنواني منين يا شقية .. ده انا مقولتش على المكان ده لاي حد .. أروبه أنتِ
ظلت صامته تنظر اليه بنفس النظرات وهو ظل ينظر اليها بنظراته العابثة … التي ويالا الصدمة جذابه وخطفت دقات قلبها وجعلت رجفه قوية تسري في عروقها لكن ما زاد صدمتها وهي تراه يرفع يده التي تضم بين أصابعها سيجارة ليست بريئه الي فمه وهو يغمز لها بشقاوة ثم فتح باب شقته ودخل واغلقه خلفه دون ان ينظر إليها مرة اخرى
لكن وقبل ان تستوعب ما حدث فتح الباب من جديد وقال لها بتحذير:
-مش عايز حد يعرف المكان ده غيرك يا قطة … علشان لو حد عرف
لم يكمل حديثه ولكنه أشار الي عنقه بحركة موحيه لتشعر بالخوف حقًا
ليس من تحذيره الواهي ولا تلك الحركة التي يقوم بها كل الأبطال الاشرار في الافلام العربي القديمة
ولكن من تحول ذلك الرجل من النقيض الي النقيض .. هل من كان يقف أمامها الآن بهيئته العابثه وبفمه سيجارة محشوه هو نفسه ذلك الرجل الذي تعمل معه ومعروف عنه الاستقامه ورأته أكثر من مرة يصلي في مكتبه؟
ما هذا الجنون؟ ومن هذا الرجل؟
لم تتحمل كل هذا … وبدلًا من الدخول الي بيتها واغلاق الباب فتحت باب المصعد وقررت حسم الأمر
وقفت أمام حارس العقار العم عبدالواحد تسأله بترقب:
-بقولك يا عم عبدالواحد هو مين اللي أجر شقة الاستاذ إحسان؟
ابتسم الرجل بسماجة وهو يقول بتوضيح:
-مأجرهاش ده أشتراها … أصل أستاذ إحسان مش ناوي يرجع هنا تاني وطلب مني ابيع له الشقة والمحامي بتاعة أخد الفلوس وبعتهاله
مالها هي وكل هذه التفاصيل التي لا تعنيها … لتقول بابتسامه صفراء:
-ايوه يعني مين اللي اشتراها ده إسمه إيه؟ أسمه أدهم؟
-لا أدهم ايه … اسمه الاستاذ ثامر بس مش فاكر اسم أبوه
أجابها بفخر وكأنه يخبرها ان من اشترى الشقة هو أحد ملوك العالم .. لكنها كانت بعيدة تمامًا عن تفاخره وحديثه السمج .. وظلت تفكر من ثامر هذا .. هل لأدهم أخ تؤام واسمه ثامر؟ … هل تسأله حين تراه في الشركة؟ … آم تصمت وتدعي عدم انتباهها للأمر
تنهدت بضيق وهي تعود الي المصعد تاركة خلفها ذلك الرجل الثرثار ينظر في أثرها بنظرات غير بريئه ابدآ
~~~~~~~~~
بعد رحيل أدهم وعبدالله ظل الثلاث على نفس جلستهم يغلف الاجواء صمت رهيب لا يقطعه سوا شهقات ظلال من وقت الي أخر
كل منهم يفكر في كلمات عبدالله والجميع يشعر بالصدمة حتى قالت شُكران بإقرار:
-كنت حاسه انه مش كويس … اللي حصل معاه من يوم وفاة حسام مكنش سهل .. أدهم الحنين المسالم فجأة يترمي في بحر الشغل وسط حيتان وقروش … وناس مابتحرمش شغلهم كله غدر والمصلحة هي اللي بتحكم .. كان لازم يتعب وينخ ويقع
زاد بكاء ظلال … وزادت صرخة عدنان لكن تلك المرة موجهه الي جدته …. ” الا تشعرين بي أنا أيضًا … انا أيضًا مريض .. أنا أيضًا أحتاج الي الدعم المواساة .. بعض من الشفقة”
لكنه قال بحزن على نفسك وعلى ابن عمه:
-كلنا حواليه … ومن دلوقتي لازم ناخد بالنا منه ونراعي ظروفه .. ونهتم بيه أكثر … وإن شاء الله نقدر نسيطر على الوضع … أدهم قدها وعمره ما هينخ ولا يقع.
لم يعقب أي منهم على حديثه فهذا ما سيفعلونه بالفعل … لكن الخوف من المجهول شيء صعب … كيف سيتعاملون من شخصية أخرى لأدهم؟ … وكيف ستكون طباع تلك الشخصية؟ ماذا فعل وهو بتلك الشخصية؟ وآي أخطاء أرتكبها؟
ومن جديد عاد الصمت يغلف جلستهم حتى قطعه صوت رنين هاتف ظلال … أجابت سريعًا حين قرأت اسم مراد:
-ايوة يا مراد
صمتت قليلًا تستمع لكلماته المتلهفة:
-ظلال أنتِ كويسة؟ مال صوتك؟ أنتِ معيطة؟
لتقول بعد أن مسحت دموعها من فوق وجنتها:
-فعلا كنت بعيط … اصل حصلت حاجة كدة زعلتني آوي
صمتت مرة أخرى لعده ثوان تستمع لكلماته الرقيقة:
-مفيش حاجة في الدنيا تستاهل دموعك يا ظلال … لو عايزة تحكي مع صديق مستعد يسمعك للأبد انا جاهز ونفسي .. ولو مش قادرة خلاص بس اعرفي آني موجود ديما جمبك … المهم دلوقتي بطلي عياط.
لتبتسم رغم حزنها ثم قالت:
-ميرسي يا مراد بس هو ينفع تقدم الحلقة بكرة من غيري
لتبتسم حين وصلها رد مراد العصبي الرافض:
-لا طبعًا مينفعش … وبعدين الشغل ينسيكي شوية اللي مضايقك .. ويهون عليكي .. كمان انا لازم أشوفك بكرة علشان اطمت عليكي بنفسي .. هتكوني موجودة بكرة اوك
عادت تمسح دموعها من جديد وهي تقول:
-خلاص هكون موجودة ان شاء الله … شكرًا يا مراد بجد أنت مش عارف كلامك ده فوق معايا قد ايه
لم يتحمل أكثر من ذلك … كل هذا فوق احتماله وطاقتة … وقف وتحرك في اتجاه الباب ليغادر الغرفة لتقول له شُكران بشك يشوبه الضيق:
-أنت خارج؟!
نظر لها بعد ان خطف نظرة سريعة لتلك التي تبتسم كالبلهاء وقال بضيق:
-لا هقعد في الجنينة برة محتاج شوية هوا نظيف علشان أقدر أفكر … محتاج أبقى لوحدي يا جدتي
أومأت شُكران بنعم لتتسابق ساقيه حتى يخرج سريعًا فلا يستمع لباقي الحديث المستفز الذي يحرق قلبه بنيران الغيرة والحصرة
وها هو منذ آكثر من ساعتين يجلس هنا في مكانه المميز … ينتظرها تأتي اليه ككل مرة … او يلمح طيفها يراقبه من خلف نافذتها لكنها لم تأتي … ولم يلمح طيفها هل ذهب حبها له أدارج الرياح خلال شهر واحد دخل فيه مراد بينهم؟ … انه يريدها … يغار عليها رغم انه يعلم جيدًا ان لا مجال لهم سويًا … هو قد أنتهى لقد أصبح شخص في عداد الموتي مثله كمثل المفقودين اسفل عقار
فماذا يريد منها؟ أن تظل تتعذب بحبه … لا … لا والف لا … لتجد من يحبها … يدللها … يسعدها هي ظلال قلبة وسعادتها تكفيهم سويًا حتى وكل منهم في مكان ويفصل بينهم بحار ومحيطات وعوالم
اغمض عينيه باستسلام ليغرق في النوم ويسلم له رافعًا رايته البيضاء راجيًا بعض الراحة والسلام النفسي.
وكانت هي تقف خلف تلك الشجرة الكبيرة .. تنظر اليه سعيدة ويال حالتها الميؤس منها ف كونه لم يكلم إحدى عشيقاته ولم يرسم جرح جديد فوق قلبها البائس المعلق بحبال هواه دون امل تشعر بالسعادة وكان هذا وقت إيجاد إجابة لذلك السؤال …. الي متى؟
~~~~~~~~~
دخلت غرفتها مباشرة بعدما صعدت من الاسفل وحديثها مع عبدالواحد
ومباشرة الي الشرفة … تريد ان تتأكد انها لم تكن تتخيل .. لكنها بالفعل رأت أدهم .. بشخصيته العابثة التي قابلتها اكثر من مرة خلال عملها بمؤسسة الخشاب … لكن من ثامر هذا؟ وماذا عليها ان تفعل الان؟
عيونها تتابعه من فتحات الارابيسك وهو يجلس على مقعدة الوثير يمدد قدمه على المقعد الأخر وبين يده سجارة جديدة .. وكوب قهوة
قهوة رددتها بصوت هامس والاندهاش يعتلي ملامحها .. كيف هذا وكان يبدوا منذ لحظات غير متزن وتفوح منه رائحة بشعة تدل على انه كان يتناول مشروب محرم ف كيف يشرب الان القهوة بهدوء ووداعة
انتبهت من أفكارها على صوته وهو يغني
“حيرت قلبي معاك.. وأنا بداري واخبي
قل لي أعمل إيه وياك.. ولا أعمل إيه ويا قلبي
بدي اشكي لك من نار حبي..
بدي احكي لك ع اللى فى قلبي
وأقولك ع اللى سهرني.. وأقولك ع اللى بكاني
وأصور لك ضنا روحي.. وعزة نفسي منعاني
يا قاسي بص فى عيني.. وشوف إيه أنكتب فيها
دي نظرة شوق وحنيه .. ودي دمعه بداريها
وده خيال بيين الأجفان.. فضل معايا الليل كله
سهرني بين فكر وأشجان.. وفات لي جوه العين ظله
وبين شوقي وحرماني.. وحيرتي ويا كتماني
بدي اشكي لك من نار حبي
بدي احكي لك ع اللى فى قلبي
وأقول لك ع اللى سهرني.. وأقول لك ع اللى بكاني
وأصور لك ضنا روحي ..وعزة نفسي منعاني”
كانت تستند الي الحائط تستمع لصوته الغريب … الذي يلمس قلبها وروحها … رغم انه ليس بالصوت الجيد الا انه مميز وأذنها تحبه
لكن بعد صمته عادت الافكار تضرب عقلها بلا رحمة .. اتسعت عينيها بشدة حين تذكرت ذلك الموقف .. حينما كاد أدهم أن يسقط في المكتب وتحولت نظراته لأول مرة لتلك النظرات العابثة التي تجعلها تشعر بالخجل .. ودخول ذلك الطبيب الذي طلب منها الرحيل وانه سيبقى معه وسيحل الامر وعرفها بنفسه انه طبيب أدهم الخاص
وحينها اعطاه بطاقة عملة طالبا منها إذا تكرر الامر ان تتواصل معه وتخبره
هل تتصل به وتسأله؟ وتطلب منه الحضور بنفسه لرؤية صديقه المجنون؟ او من الافضل أن تنتظر للصباح وترى ماذا سيقول أدهم بنفسه عن ما حدث؟
لكنها لن تستطيع الانتظار … عادت الي غرفتها سريعًا وبدأت في البحث داخل حقيبتها عن تلك البطاقة … لكنها لم تجدها
جلست أرضًا وافرغت محتويات الحقيبة بالكامل أرضًا وبدأت في البحث من جديد … لترتسم إبتسامة واسعة على وجهها حين وجدتها
تركت كل شي على حاله ووقفت تبحث عن هاتفها … جلست على السرير وبين يدها الهاتف تكتب أرقام الطبيب بسرعة .. ورفعته لأذنها بلهفه رغم إحساسها القاتل بالخجل … لكن الفضول أقوى من اي شيء
~~~~~~~~~~~
يجلس في غرفته بعد ان تناول وجبة العشاء مع عائلتة وقضى معهم وقت كان يفتقده بشدة .. لقد أشتاق لتلك الجلسات الذي يستمع فيها لضحكات ابنته … ومزاح أبنه وابتسامة زوجته التي يعشقها ويعلم كم تتحمل من مسؤليات هو بعيد عنها تمامًا وهي بكل طاقتها وقوتها لا تترك شيء يأخره عن عمله
انتبه من أفكاره على رنين هاتفه … ظل ينظر الي الرقم غير المسجل بتفكير
هل يجيب ويقطع أجازته الذي اقتطعها بصعوبه حتى يجلس مع عائلته؟ ام يتجاهل؟ لكن صوت زوجته التي غادرت الحمام الان اعادة من افكاره وهي تقول:
-تليفونك يا عبدالله
نظر لها بتشتت لتقول بأبتسامة رقيقة:
-رد
قبل الإتصال قائلًا:
-السلام عليكم
صمت لثواني ثم قال بابتسامه راحه:
-آهلًا بيكِ آنسة سليمة اتفضلي
صمت يستمع الي كلماتها لينتفض واقفًا وهو يقول بصدمة:
-أنتِ متأكدة إنه أدهم؟! ما يمكن شخص شبهه .. او أنتِ …
لم يكمل كلماته حين قاطعته قائلة بتأكيد:
-يا دكتور انا شوفت الشخصية دي في المكتب اكثر من مرة … نظراته الجريئة … كلامه اللي فيه وقاحة … مزاجه المتقلب وخصوصًا انه كان بيطلب مني حاجات وينسى انه طلبها .. او قالها أصلًا … كمان هو أتعرف عليا وعارف اني انا سكرتيرته … انا متأكدة إنه أدهم
لم تنتبه لنفسها حين قالت اسمه دون ألقاب لكن عبدالله أنتبه … وأنتبه أيضًا لخوفها وصدق لهفتها … لذلك قال:
-انا محتاج العنوان ومحتاج أقعد معاكي نتكلم علشان تفهمي الموضوع لاني هحتاج مساعدتك
أخبرته بعنوان بيتها … وحددوا معاد في الغد حتى يوضح لها الأمر بالكامل
حين أغلق الهاتف رفع عينيه الي زوجته التي تقف على مسافة منه تستمع لمحادثته بهدوء ظاهري … لكن من داخلها أصبحت تشعر بالوحدة وفقدان الصبر … عبدالله لا يشغله سوا عمله … مرضاه … هي وأولاده في نهاية قائمة اهتماماته .. لذلك حين تحرك خطوة ليقترب منها … تحركت هي في الاتجاه المعاكس وخلعت مأذرها وصعدت الي السرير وهي تقول:
-روح شوف مرضاك يا عبدالله … وابقى اطفي النور وأنت خارج
وتمددت واخفت جسدها تحت مفرش السرير … ظل هو على وقفته ينظر الي جسدها المتكوم اسفل المفرش وهو يفكر بضيق … انها فرصه لمقابلة الشخصية الثانيه لأدهم … وفي نفس الوقت كيف يتركها حزينه ويرحل … لكن أدهم بحاجته … لذلك تحرك سريعًا يبدل ملابسة وحين إنتهى إقترب منها وانحنى يقبل رأسها وهو يعتذر بشدة ثم رحل
ليتحول بكائها الصامت الي نشيج عالي لكن كعادتها كتمته في وسادتها حتى لا يصل الي اولادها … لكنها اكتفت وانتهى الأمر
~~~~~~~~~
عادت سليمة الي الشرفة تتابعه من خلف الارابيسك فوجدته كما هو يجلس على أحد الكراسي … ويمد قدميه على الأخر باسترخاء … رأسه مستريحه الي الخلف … وعيونه معلقه بالنجوم
لتهمس لنفسها
-ايه حكايتك؟ وأنت مين؟ أدهم ولا ثامر؟ أنت الشخص المحترم المعروف في السوق بقوتك وشغلك المميز؟ ولا أنت الشخص المستهتر العابث؟
لتنتبه من أفكارها على صوته وهي يغني … وكأنه سمع أسئلتها وصوت عقلها:
“سألت نفسي كتير مارسيتش يوم على بر
انا اللي فيا الخير ولا اللي فيا الشر
مليان عيوب ولا خالي م الذنوب ولا
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض
و500 حاجه ومالهمش دعوه ببعض
انا مين وفين انا ايه مفروش طريقي بورد
ولا الزمان ده انا فيه اضعف واحد ع الارض
ولا انا جوايا ومش داري الاتنين في بعض
و500 حاجه ومالهمش دعوه ببعض”
لتعود الي غرفتها وهي تضع يدها على خافقها بخوف … هل كان صوتها عالي؟ هل همست بأسئلتها بصوت عالي؟
لكنها أنتبهت على صوت حركة لتعود الي الشرفة تنظر منها لما يحدث … لكنها لم تجده لتركض خارج غرفتها وهي تفكر .. هل حضر اليه الطبيب؟
نظرت من باب غرفتها لتتأكد هل والدها بالخارج او والدتها؟ لكنها لم تجدهم فتحركت نحو باب البيت ونظرت عبر “العين السحرية” لتجد شخص يقف امام باب أدهم ظلت تراقب الموقف خاصة حين فتح أدهم الباب ونظر الي الواقف أمامه بهدوء يصل الي البرود لكنها لم تكن تستمع لما يقال بينهم وذلك جعلها تشعر برغبه قوية في فتح الباب وتقف جوارهم لتسمع ما يقال كله وتجد إجابة لكل أسئلتها
~~~~~~~~~
يقف عبدالله أمام الباب يطرقه وهو يشعر بالترقب .. ف مقابلة الشخصية الثانية لأدهم آمر هام بالنسبة له … وسوف يساعده في علاجه .. ولكنه يخشى رد فهل أدهم حين يقابله بالشخصية الثانيه … خاصة وقد حدث قبل ذلك لكنها بمجرد حضوره اختفت تلك الشخصية وعاد أدهم الي طبيعته سريعًا … وفي الآساس لم يكن هو مدرك لحاله صديقه بالكامل .. ف كل ما كان يشغل عقله وقتها او يتوقعه هو ان صديقه يعاني بعض الأرق أو يكاد يصاب بانهيار عصبي بسبب ضغط العمل … لكن أن يكون الأمر بهذا التعقيد لم يخطر له هذا الآمر ابدا
حين فُتح الباب تلاقت العيون … عيون يملئها الفضول مختلط بالخوف والقلق …وعيون عابثة ساخرة .. تنظر لمن يقف امامه باستفهام ليقول عبدالله ببعض المراوغة:
-بعتذر لكن انا عربيتي عطلت ومنتظر الميكانيكي ولما سألت البواب عن شاب يكون ساكن هنا لوحده لاني اتحرجت اخبط على اي شقة ودلني عليك
ظل أدهم صامت ينظر اليه ببرود ثم أشار له بالدخول وهو يقول:
-وانا أقدر أفيدك ب إيه؟
ليبتسم له عبدالله وهو يجلس على الأريكة وكأنه يجلس على أريكة منزله براحة واعتياد:
-في الحقيقة ولا حاجة غير إنك تقبل تشربني فنجان قهوة على ما الميكانيكي يخلص تصليح العربية
رفع أدهم حاجبه بشر وقال ببعض الفظاظة:
-هو انا مش فاهم بصراحه موقفك … وشايف انك تنزل تقف جمب الميكانيكي على ما يخلص تصليح عربيتك وتمشي من هنا.
شخصية جريئة وقحه، لا يبالي بأحد … ولا يهتم لمشاعر الآخرين … يقول كل ما يريده … دون ان يفكر به … او يفكر في تأثيره على الآخرين … عكس أدهم تمامًا
كل هذا كان يفكر به عبدالله وهو صامت ينظر أليه بإبتسامه غريبة لم يستطع الأخر تفسيرها … وزاد الآمر غرابة حين أراح عبدالله ظهره على الأريكة وهو يقول ببعض المرح:
-باين كده إنك إنسان صريح واللي في قلبك على لسانك … هو طبعًا كلامك صح بس انا عندي مشكلة في ركبتي ومش بقدر اقف كتير … علشان كده انا قهوتي مظبوطة
ظل أدهم على وقفته ينظر الي الاخر بتفحص وضيق ثم تحرك في إتجاه المطبخ دون ان يقول اي شيء
ظل عبدالله يتأمل تفاصيل الصالة الخالية من اي شيء سوا تلك الاريكة التي مازالت تحمل فوقها كيس يدل على شرائها حديثًا … جدًا وعدم استخدامها أيضًا
ولاحظ باب الشرفة المفتوح ليتوجه اليها يتفحص محتواياتها المميزة وتصميمها الذي يميزها من الارابيسك … ان أدهم يحقق مع شخصيته الأخرى كل ما يحلم به … ويتمنى … حياه بسيطة … هدوء يغلفه الخصوصية … قوة غاشمة وقدرة على قول وفعل ما يريد دون الاهتمام لرأي الآخرين … انتبه من افكاره على صوت حركة ف عاد الي مكانه والابتسامة الهادئة المستفزة ترتسم على ملامحه خاصة لعيون أدهم …. او ثامر ان صح التعبير
اخذ عبدالله القهوة من يده وهو يقول:
-شكرًا يا استاذ ثامر تسلم ايدك تعبتك
-عرفت اسمي منين؟
سأله ثامر بشك ثم قال بإدراك:
-من البواب … المهم اتفضل خلص قهوتك وانزل شوف عربيتك علشان انا عايز أنام.
أخذ عبدالله رشفه من القهوة ليشعر ان بها شيء مختلف … خاصة مع ابتسامة ثامر الجانبية والتي تحمل بعض الشر … ليأخذ رشفة أخرى وإحساسه يزداد ان تلك القهوة بها شيء مميز .. يزيدها جمالًا … وأكد له حديث ثامر حدثه:
-أتمنى قهوتي تكون عجبتك … اصلها توليفه خاصة بيا
تناول عبدالله رشفه أخرى ثم قال:
-مميزة فعلًا … حسيت كده من اول ما دقتها .. بس ايه بقا التوليفه دي.
ليضحك ثامر بصوت عالي وهو يقول:
-كمان عايز تعرف توليفه قهوتي … بس انا هقولك علشان إنت هتحتاج تبقا عارف ما هو اللي يتعود عليها ميقدرش يبطلها
شعر عبدالله بالقلق لكنه الان يشعر بالخوف خاصة حين أكمل ثامر حديثه بهدوء:
-ده بن يمني … مخلوط بشوية ماريجوانا
لتتسع عيني عبدالله بصدمة … ليكمل ثامر بهدوء:
-مالك قلقت ليه … متخافش كده .. دي اعراض توقف شربها خفيف خالص … المهم انها بتعلى المزاج
واقترب بوجهه من عبدالله وأكمل وكأنه يقول له سر خطير:
-انا بخلطهم بنسب ٧٠٪؜ بن و ٣٠٪؜ ماريجوانا أصل لو النسبة زادت عن كده مش هتحس بطعم القهوة
وتلفت حوله وكأنه يتأكد من عدم وجود من يتلصص عليه ويسمع ما سيقال:
-السر بقا ورى اني بخلطها بالقهوة هو إحساس البهجة اللي بحس بيه بعدها ومش بعنف زي تأثير الحشيش لو دخنته او أكلته … يعني حاجه في الهادي يا زبادي
كاد عبدالله ان يصاب بذبحة صدرية مما يسمعه … من ذلك الجالس أمامه جسد صديقه الذي يعرفه منذ سنوات … ولكن بعقل واسلوب وحياه أخرى … حياة يملئها الخطر
ترك القهوة فوق الأريكة فلا يوجد طاولة ووقف وهو يقول:
-شكرًا على الضيافة .. وأسف على الإزعاج … هنزل أشوف الميكانيكي خلص ولا لأ
ليبتسم ثامر بسخرية وهو يقول:
-شرفت … واهو عرفت العنوان شرفني كل ما نفسك اشتاقت لقهوتي
ليغادر عبدالله وهو يفتح هاتفة يبحث عن “الماريجوانا” وأضرارها … ليشعر بالخوف اكثر وهو يقرأ بصوت مسموع:
“للماريجوانا تأثيرات عقلية وجسدية، مثل شعور النشوة، تغير الحالة الذهنية والشعور بالوقت، صعوبة التركيز، تحسين المزاج، ضعف الذاكرة قصيرة المدى، جفاف الفم والحلق، تغير الشعور في الحواس، ضعف حركة الجسم، أحمرار العينين، استرخاء، وزيادة الشهية التأثيرات تصبح محسوسة في غضون دقائق بعد التدخين، وبعد حوالي 90 دقيقة عند التناول بالفم تستمر الآثار لمدة ساعتين إلى ست ساعات. عند الجرعات العالية، يمكن أن تشمل الآثار العقلية القلق المفرط، مشاعر ارتيابية، الهلوسة، فرط الهلع. قد تشمل الآثار الجانبية طويلة الأجل الإدمان، وانخفاض القدرة العقلية لدى أولئك الذين بدأوا في الاستخدام المنتظم في سن المراهقة، السعال المزمن، القابلية للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي، ومتلازمة فرط التقيؤ للماريجوانا.”
ليرفع يده يمسد بها جبينه وهو يقول بخوف يصل حد الرعب:
-هتوصل لفين يا أدهم والمفروض ابدء معاك منين وإزاي ؟!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أو أشد قسوة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى