روايات

رواية أنين وابتهاج الفصل الخامس 5 بقلم هدير دودو

رواية أنين وابتهاج الفصل الخامس 5 بقلم هدير دودو

رواية أنين وابتهاج البارت الخامس

رواية أنين وابتهاج الجزء الخامس

رواية أنين وابتهاج
رواية أنين وابتهاج

رواية أنين وابتهاج الحلقة الخامسة

_ كل شئ في الحرب مباح؛ لذلك ستحارب بكل قوة حتى تكسب حرب حُبها_
************************
تحدث عمر مع آلاء بحدة، وقد انتبهت إلى نظراته المصوبة نحوهها إلى اخترقتها
:- بطلي تأوه لأنه صوت مزعج على فكرة، كان ممكن استحمله لو حقيقي، لكن مش كذب واوعي تكوني فاكرة أن الكذب دة خال عليا، أنا عارف كويس كل حاجة بتعمليها، وإلا مبقاش عمر السنماري.
كان يتحدث بغضب شديد، والشرر يتطاير من عينيه المصوبة نحوها.
اعتدلت في جلستها، وانكمشت على ذاتها برعب من هيئته الغاضبة، تلعن حظها وتفكيرها الذي وصلها إلى تلك الفكرة، لا تعلم لماذا وافقت أن تفعلها؟
وها هي الآن تخشى رد فعله، تتمنى أن يعود بها نحو المنزل فحينها ستحتمي بعمتها، لكنها الآن بمفردها معه وهو غاضب، لن تجد أي أحد يتدخل؛ حتى يجعله يهدأ، تشعر أن عينيه أصبحت كالنيران المشتعلة ستحرقها في أي وهلة، تتمنى أن تفتح باب السيارة، وتفر هاربة من تلك النيران، و ذلك الغضب الذي يشعر به، غمغمت قائلة له بتوتر وصوت مرتبك خرج من فمها بصعوبة، تشعر أن صوتها قد امتنع تمامًا
:- ا.. أنا مش قصدي، أنا فعلا شكلي خفيت خلاص، لكن الأول كنت تعبانة بجد.
اعتلى ثغره ابتسامة جانبية تزين وجهه، وحرك رأسه عدة مرات متتالية يمينًا ويسارا، وتحدث بجدية يخالطها الحنو واللين، فهو يتفهم ما تشعر به في ذلك الوقت تحديدًا
:- والله يا لولي خفيتي دلوقتي، ابقي اكدبي كدبة مش مشهورة، على فكرة الكل عارف إنك مش تعبانة، بس متقلقيش ثقي فيا، استحالة اخلي حد يفكر أنه يقول عنك كدابة.
ضمت كلتا شفتيها معًا إلى الداخل، تحبس أنفاسها تشعر بالحرج الشديد من حديثه، فسألها بلطف وحنو شديد
:- ها بقا يا لولي، عاوزة تخرجي تروحي فين؟
تنفست بصوت مسموع تخرج أنفاسها التي كانت تكبتها، وأجابته على الفور من دون تفكير، وهي تشعر بتراقص قلبها بداخلها، منذُ دهر طويل وهو لم يتعامل معها تلك المعاملة، التي اعتادت عليها منه
:- الملاهي…عاوزة اروح الملاهي يا عمر.
أنهت جملتها و هي تصفق بيديها كالاطفال، فصمت لوهلة وهو يطالعها بعدم تصديق قبل أن يغمغم بدهشة
:- نعم ملاهي إيه انتي بتهزرى صح؟
اعتدل في جلسته، حيث أصبح يتطلع نحوها مباشرة قبل أن يواصل حديثه بجدية
:- آلاء قولتلك مية مرة، بلاش شغل اطفال اختارى مكان لطيف مناسب لينا.
صدر منها تنهيدة حارة؛ بسبب حديثه معها، فأردفت ترظ عليه بتذمر
:- آه صح معلش، هبطل شغل اطفال حاضر.
أعاد سؤاله عليها مرة أخرى، بشغف وهدوء شديد
:- ها بقا يا لولي مقولتليش عاوزة تروحي فين؟
_نروح نقعد عالكورنيش طيب.
إجابته بملل، وهي تعلم أنه سيرفض كعادته، لم يحب دائما مقترحاتها، ويذهب في النهاية إلى ما يختار هو.
لكنها تلك المرة بالتحديد، دُهِشت وهي تكاد لا تصدق رد فعله، خاصة عندما أومأ لها برأسه إلى الأمام وتمتم قائلا لها بحنو
:- ماشي نروح الكورنيش، اللي يعجبك بس المهم المكان يكون مناسب لهيئتنا وكدة.
ابتسمت بفرحة لم تنجح في إخفاءها، وعقبت على حديثها بحماس، وقد كان صوتها يملؤه السعادة و الفرح دلالة على شعورها في تلك الوهلة
:- وهتجيبلي كمان شوكولاتة، وأيس كريم ماشي.
أومأ لها برأسه إلى الأمام، وهو يبتسم على حركاتها الطفولية التي لم تتغير حتي الآن، أعاد تشغيل سيارته مرة أخرى، وانطلق كما قالت.
استردت حديثها مرة أخرى بحماس وسرور، وهي تمسك هاتفها في يديها
:- تعالي نتصور يلا يا عمر.
بدأت تلتقط لهم عدة صور وهي تبتسم بخبث بعد أن انتهت، جلست معه أمام النيل، لكنها على غير عادتها كانت تجلس بصمت، وتنظر نحو الماء بشرود، أردف يسألها بدهشة وإهتمام
:- في ايه بتبصي على المياة كدة ليه، كإنك اول مرة تشوفيها؟
تمتمت تجيبه بعدم وعي، وهي لازالت شاردة في المياة
:- لا مش كدة، بس غريبة المياة بص من بعيد تشوفها جميلة وجذابة أوي عشان تروح لها وتحبها،
وفي الآخر لما تحبها وتروح لها تلاقي نفسك بتغرق ومش لاقي حد ينقذك، شوفت اللي حبيته في الاخر هو اللي تسبب في غرقك، ياريت قلبنا كان بإيدنا بجد ونقدر نتحكم فيه، كان وقتها مش هنحب اي حاجة كدة، عشان شوية اهتمام عاديين.
أنهت حديثها، وهي تغمض كلتا عينيها ضاغطة فوقهما بقوة تعتصرهم بحزن.
كان يعلم أنها تتحدث عنه وعن علاقتهما المتوترة؛ لذلك تنهد بعمق وحزن، فهو الاخر يريدها ويريد ان يظل معها لكنه مضطر أن يفعل ذلك، غمغم يرد عليها بوجع شديد يخفيه بداخله، وتحدث بنفس الطريقة التي تحدثت هي بها
:- مش ممكن إنك فاهمة غلط مثلا، والمياة ندهت عليكي عشان بتحبك بجد، بس انتي اتسرعتي او مش قادرة تفهميها، وممكن المياة حصلها حاجة ومكنش قصدها تغرقك أصلَا.
_اه فعلا ما هو واضح، أمال ايه هتخطب وابقر انا اللي مش قادرة أفهم في الأخر.
أجابته بتهكم ساخرًا، وقد أنفلت منها ضحكة ساخرة يملأها الألم والوجع.
كان يتمنى أن ينهي ذلك النقاش؛ حتى لا يشتعل عن ذلك بينهما، يكفي ما حدث حتى الآن؛ لذلك تمتم بمرح و هو يحاول أن يغير ذلك الموضوع، لا يريد ان يرى حزنها أو وجعها، لو الأمر في وسعه كان أنهى كل ذلك لأجلها، لكنه مضطر مثلها
:- هي المياة بقت هتخطب كمان، أنتِ شكلك تعبانة بجد ولا إيه يا لولي؟
اومأت له برأسها إلى الأمام من دون أن تعقب أو ترد عليه، نهضت وتوجهت نحو السيارة، دلفت بها وجلست بانتظاره في صمت تام، و عقلها شارد في حديثه، عقلها ليس معها، سرعان ما ركب هو الآخر بجانبها وانطلق بالسيارة ثم تحدث بجدية وهو يمد ما في يده لها
:- اتفضلي يا ست لولي حاجتك اللي طلبتها أهي، ابقي كليها لما نروح، أهم حاجة هتطلعي أوضتك على طول، كإنك تعبانة أوي ماشي؟
أومأت له برأسها إلى الامام بصمت، ولم تتفوه بأي شئ آخر.
كان في كل حين لآخر يتطلع نحوها بعشق شديد يحفر ملامحها داخل عقله، قلبه يصرخ عليه، يؤلمه بشدة يريدها بجانبه ومعه دائمًا، إبتعاده عنها يعني نهاية أنفاسه التي يتنفسها، يريد أن يضمها ويخبرها بكل ما يحدث، لكنه تراجع على الفور، حاول التحكم في مشاعره وقلبه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صعدت آلاء نحو غرفتها مباشرة مصنعة الألم والتعب كما قال لها، أغلقت الباب خلفها بإحكام، و هي تمسك هدية عمر لها بيدها بفرحة شديدة تعجز عن اخفائها.
أردفت سناء تسأل عمر الذي كان يقف أمامها ينتظر اسئلتها التي ستطرحها عليه
:- إيه يا عمر، آلاء مالها عندها إيه؟
أجابها ببرود ولا مبالاه، وهو يضع يديه في جيب سترته
:- مفيش يا ماما عادي، أكلت حاجة ملوثة، هي هتنام الدكتور قال كدة من أثر الأدوية، بكرة الصبح لما ترتاح، ابقي اطلعيلها اتطمني عليها.
في الغرفة الخاصة بـ آلاء
تطلعت الاء لترى ما أحضره عمر لها، وجدت عدد من الشيكولاتات ويوجد معهم كارت أنيق الشكل، وبداخله جملة عريضة.
” مجيبتش ايس كريم عشان مش هتعرفي تأكليه يا لوليتا، وخدي بالك المياة بتعتذرلك، وبتقولك انها بتحبك، وآسفة أوي آسفة من صميم قلبها يا أحلى حاجة في حياتها”
احتضنت الكارت بشدة، لا تصدق ما يوجد بداخلها تشعر أنها اليوم تعيش في حلمٍ ليس حقيقة، تتمنى أن يظل يتعامل معها بتلك الطريقة الحانية، بدلا من تجاهله لها وبروده معها الدائم التي حتى الآن لم تعلم سببه.
أردفت لذاتها بإبتهاج منبعث من قلبها الذي يتراقص بداخلها في تلك اللحظة، تشعر أنه يذوب الآن من فرط السعادة التي يشعر بها، تدعي ربها أن تظل علاقتهما قوية
:- هييح بقا يا عموري ما أنتَ بتفهم أهو، أمال مصدرلي الوش الخشب ليه، تلاجة ياربي الواحد بيحب مليون تلاجة في بعض مش تلاجة واحدة.
لكنها سرعان ما فاقت من شرودها، وقد انتهت تلك الأحلام لتعود إلى الواقع المرير، عندما رأت تلك الرسالة المنبعثة لها من قِبل نهى، وكات محتواها ماكر بالطبع مثلها
:- مكسبتيش يا حبيبتي، متنسيش أن اللي بوظتيه دة يوم من ضمن ايامنا الجاية الكتير، وزي ما بيقولوا يا ست الاء الجايات اكتر، سلام يا بيبي اتهني في المستشفى.
شحبت ملامح وجهها بشدة، وهي تنهر ذاتها وفكرها، هي قد نست كل شئ؛ بسبب معاناته الحانية لها، كيف أن تنسي أنه قريبا سيخطب غيرها، سيبتعد عنها؟! هل سوف ينتهي كل ذلك؟!
تمنت لو أن تجد كل ذلك حلم وتستيقظ منه قريبًا، لكن ما يؤلمها هو أنه من المؤسف أنه حقيقة، ليس حلم كما تتمنى، هي حقيقة ستراها قريبا أمام عيناها، ولا تعلم تأثيرها على قلبها، عندما يتحدد موعد خطبته هو ونهى، يراود عقلها العديد من الأفكار، والتخيلات تتمني عدم حدوثها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الصباح
نزلت الاء إلى أسفل، كان يرتسم فوق ملامحها اللامبالاة، ذلك الشعور الذي أصبحت تخفي خلفها آلامها و كل شي تشعر به من حزن ووجع تخفيه داخل قلبها، قلبها أصبح يؤلمها من كثرة التراكمات.
جميع الشعور المؤلمة توجد بداخل قلبها، يحل محلهم اللا مبالاه، قناع خفي تخفي خلفه كل شئ وهي تدعي ربها أن يظل ذلك القناع عليها، لا يتركها يوما ما، فحينها سيظهر ضعفها وآلامها الحقيقية.
وجدتهم جميعا يجلسون ماعدا فريدة، فعقدت حاجبيها باستغراب، فـفريدة دائما تكون أول الحاضرين.
نهضت سناء من فوق مقعدها، اتجهت نحوها، بدأت تسأل إياها باهتمام شديد يخالطه القلق
:- إيه يا حبيبتي عاملة إيه دلوقتي حاسة بإيه؟
ابتسمت في وجهها وردت تجيبها بهدوء تحاول أن تجعلها تطمأن
:- الحمد لله يا عمتو، أنا كويسة.
صدح صوت نغم الساخر، وهي تلوي شفتها بسخرية
:- آه طبعا، لازم تبقى كويسة هو مش بوظت اليوم عليهم، انهاردة بقت كويسة انتي بتسألي ليه يا ماما
جاءت سناء أن ترد عليها، لكن قامت آلاء هي بالرد اولا، وهي تردف بحدة و ترفع سبابتها إلى أعلى بغضبٍ
:- والله محدش طلب منك كلمة، اتمنى تخليكي في حالك و بعدين انا مش هدَّعي المرض عشان افكارك المتخلفة دي، مش أنا اللي اعمل كدة، ياريت لو كل واحد يسكت، وميدخلش في اللي ميخصهوش.
تابعت حديثها بدهشة، وقد تحولت نبرتها المجيبة الشرسة إلى أخرى متسائلة بهدوء
:- امال فين فريدة تعبانة، ولا إيه دايما بتبقي موجودة؟
لاح فوق ثغر عمر ابتسامة فرحة من ردها الحاد على نغم شقيقتهؤ التي كان من الواضح أنها تتعمد أهانتها.
وجهت سناء بصرها فوق تامر تطالعه بنظرات مليئة بالعتاب واللوم، تنظر له كأنها تخبره بتلك النظرات أنه هو السبب في عدم نزولها معهم، هو المذنب لكنه قابل نظراتها ببرود ولا مبالاه، وتحدث اخيرا يجيب آلاء على سؤال
:- نايمة يا آلاء لو عاوزاها ادخلي صحيها عشان تفطر، لو تعبانة ابعتي أي حد براحتك.
أردف جملته ببرود تام دون اكتراث لمشاعر تلك المسكينة، كلماته ليس بها أي محتوى للإهتمام، كأنه يتحدث عن شخص لم يعرفه، شخص لا يعنيه، ليست زوجته.
طالعته آلاء بعدم رضا، تتمنى أن تتوجه نحوه، و تقوم بضربه؛ بسبب معاملته الجافة القاسية لـ فريدة، هي أكثر واحدة تشعر بها، وبجميع مشاعرها مهما جاهدت أن تخفيها.
تعلم أن تامر يتعامل معها بشدة وبرود، لم يعط أي اهتمام لها ولمشاعرها، صدر منها تنهيدة حارة حارقة قبل ان تذهب من أمامه.
أتجهت نحو غرفة فريدة، وهي تضم كلتا شفتيها إلى الأمام مقررة ألا تجعلها تظل حزينة، هي تعلم جيدًا ان تامر هو السبب في عدم نزولها إلي أسفل.
تتمنى أن يستطع أن يفهم يومًا ما أن فريدة ليس لها ذنب في كل ما حدث، وأنها هي الأفضل مما كان يتمنى، فهي بالفعل فريدة في كل شئ بها، لم ترى آلاء أحد مثلها، كان لها نصيب كبير من اسمها، تتعامل مع الجميع بمعاملة فريدة بالفعل.
دقت فوق الباب برفق، سرعان ما آتها صوت فريدة الرقيق وهي تسمح لها أن تدخل، ولجت آلاء الغرفة وهي تبحث بعينيها عنها حتى وجدتها في النهاية تجلس فوق الفراش تجبر شفتيها على الإبتسام خاصة عندما رأت أن آلاء هي التي دلفت الغرفة، أردفت تسال اياها برفق
:- إيه يا آلاء يا حبيبتي، عامله إيه دلوقتي في حاجة لسة تعباكي؟
أبتسمت بلطف على سؤالها،ثم حركت رأسها نافية، قبل أن تقترب بخطواتها نحوها، وجلست بجانبها تتمتم بهدوء وحنو
:- أمامه كويسة يا قلبي، أنتِ اللي مالك مين اللي مزعلك؟
أخفضت رأسها ارضًا، ونظرت امامها بشرود، تشعر بالحرج والخجل، لا تعلم كيف ستجيبها، وبماذا سترد عليها؟
كيف ستقول لها ما حدث، وتخبرها أن زوحها لم يحبها، وهو سبب كل ما يحدث؟
تنهدت تنهيدة حارة تحاول من خلالها أن تجدد طاقتها؛ حتى تستطع إخفاء مشاعرها، ذلك الشئ هو أصعب شئ على الإطلاق.
_ تحمل حزنها بداخلها من دون أن تشاركه لأحد، تحمل قلبها فوق طاقته، فتشعر بوجع مضاعف_
تخفي جروحها وألآمها عم الجميع، فمن المحتمل عندما تشارك أحد، ستجد مَن يخفف عنها ألآمها، اغمضت عينيها بوهن، وبدأ صدرها يعلو ويهبط دلالة على انفاسها صاحبة الصوت المرتفع، حاولت رسم ابتسامة شاحبة فوق شفتيها ونجحت في ذلك ثم سارت مع آلاء إلى أسفل من دون أن تجيبها.
_فليس كل مَن يضحك يكون سعيد، بل هناك مَن يضحك وجعًا وألمًا_
وهذا ما تفعله فريدة بالفعل تخفي كل مشاعرها خلف ابتسامة مزيفة…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الشركة الرئيسية
كان عمر يحلس في مكتبه، يعمل على حاسوبه بدقة ومهارة شديدة، التعب يبدو بوضوح فوق ملامح وجهه، كان يعمل بتركيز شديد حيث أنه لم ينتبه إلى تامر عندما دلف المكتب عليه، أردف يسأله بجدية بعدما جلس فوق المقعد المقابل للمكتب
:- إيه يا عمر، كنت عاوز إيه؟
عاد عمر بظهره فوق المقعد الذي يجلس عليه، وضع يده فوق صدعيه، حمحم بجدية، وتحدث معه بحدة وصرامة وغضب شديد
:- مش زيادة اللي بتعمله في مراتك دة، البنت ذنبها إيه ولا عملتلك إيه انت كل شوية بتضايقها، مش بتقولها حتى كلمتين كويسين على بعض حرام عليك، هي كانت عملت ايه عشان يحصلها كل دة، أنا مبرضاش اكلمك قدامهم عشان مش هعرف اتكلم براحتي، ولا هعرف اكلمك وكمان عشان مراتك برضو، بس اللي بتعمله دة غلط يا تامر.
تنهد تامر تنهيدة حارة حارقة، ثم رد عليع بضيق ساخرا، لم تخلو نبرته من التهكم أيضًا
:- والله يعني مش عارف يا عمر، أنا استحالة أحبها وذنب مين لو بتسأل فأنتَ عارف كويس انتوا اللي مخلتونيش اتجوز بسملة، بلاش كلام في الموضوع دة عشان هتقلب بخناقة كالعادة يا عمر.
حرك رأسه بيأس وعدم رضا من حديث تامر الدائم، بالفعل في كل مرة ينتهي ذلك النقاش بجدال كبير بينهما؛ لذلك أردف بسخرية و قد تنهد هو الآخر بغضب
:- يا ابني بسملة مين والله مراتك احسن بكتير أنتَ ليه مش قادر تشوف دة وتفهمه، بعدين انا مدخلتش في الموضوع دة عشان مش قادر اشوف بسملة دي كويسة، فسيبتك تعمل اللي يعجبك أنتَ وماما.
طالعه تامر حينها بغيظ وعدم رضا، نهض من فوق مقعده، وتوجه نحو الخارج؛ حتى لا يتشاجر مع عمر، ظل يتأفأف يضيق وغضب.
كان يتمنى أن يتزوج من تلك الفتاة التي يحبها، وقد اختارها قلبه، يتمنى أن يقف أمام الجميع، لكنه فشل في إقناعهم، وفي النهاية ارضخ لطلب والدته، و قام بالزواج من فريدة، أصبح يخرج غضبه بها هي…هي التي لم تفعل شئ؛ حتى تُعاقب على شئ ليس لها ذنب، هي لم تفعل أي شئ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت آلاء تجلس بجانب فريدة، وسناء يمزحون سويا، قطع صوت ضحكاتهم، دخول نهى المنزل، عقدت آلاء حاجبيها بدهشة، لكن قبل أن تتسأل، كانت نغم قد أتت ترحب بها وهي تبتسم بمكر شديد
:- ازيك يا نهى، اتفضلي يا مرات اخويا المستقبلية ادخلي.
علمت آلاء ما تريده، هي فقط تريد إثارة غضبها؛ لذلك ادعت اللا مبالاة وكأنها لم تستمع إلى شئ.
توجهت نهى تصافح سناء التي صافحتها على مضض باقتضاب وضيق، ثم سارت تاركة المكان بعدم رضا أسرعت فريدة تلحق بها.
جلست آلاء تضع ساق فوق ساق تطالع كلاهما ببرود، و هي تدَّعي الإنشغال بهاتفها الذي كان بيدها، كانت تستمع إلى همهامتهم بتسلية، وكأنها كانت تعلم أن كل هذا سيحدث، وأخيرا تحدثت نهى بضيق وكره
:- مش عيب يا آلاء لما تضيعي يوم عليا أنا وعمر خطيبي، اوعي تكوني فاكرة أن المسلسل الهبطان دة دخل دماغي، تمثيلك كان باين أصلًا، وبعدين أنا حفظاكي، دة احنا عشرة برضو يا بيبي.
تمتمت بسخرية داخل عقلها وهي تبتسم بخذلان على جملتها الأخيرة بالتحديد
:- لأ وأنتِ صونتيها أوي.
ارتفع صوتها وهي تجيبها ببرود، وترفع معًا كتفيها الى أعلى بلا مبالاه واستفزاز
:- إيه يا حبيبتي غايظك أوي تمثيلي، معلش مش هبقى اغيظك تاني.
انهت حديثها ببسمة مستفزة تعلو ثغرها.
قبضت نهى يدها بغضب شديد، كانت تبتسم ابتسامة شاحبة، تحاول ألا تظهر هزيمتها أمامها؛ لذلك اردفت بحدة وضيق
:- عادي قولتلك دة يوم والجايات كتير يا آلاء، هو يعني اتقضي فين يا حبيبتي دة أنتوا روحتو المستشفى عادي.
نهضت الاء من فوق الأريكة، واقتربت منهما، وهي ترمقهم بنظرات مستفزة، وعلامات الإنتصار تعلو ثغرها، قبل أن توجه أمامهم هاتفها حتى تجعلهما يشاهدان الصور التي التقططتها هي أمس، ظلت تمرر الهاتف أمامهم حتى انتهت، أردفت بعدها بانتصار واستفزاز
:- لأ مسنشفي إيه يا نهى دة أنتِ طلعتي طيبة يا قلبي، احنا روحنا النيل، ودخلنا سينما بعدها، وحاجة آخر متعة مع عمر حبيبي اللي خطفتيه مني، وابن عمتي كمان اللي مش بيعمل حاجة غير أنه يحقللي كل اللي عاوزاه.
سارت عدة.خطوات تبتعد عنهما، واولتهما ظهرها، لكنها التفتت مرة أخرى نحوها، وأستردت حديثها باستفزاز ومكر، جعل نهى تستشيط غضبا
:- اه صحيح نسيت أقولك، مش عمر قالي يا لولي.
انهت جملتها وقد أنفلت منها ضحكة صاخبة دلالة على انتصارها في تلك الجولة، تشاهد وجه نهى الشاحب كشحوب الموتي بتشفي وإبتهاج…
_ يساعد الحب على الإنتصار في الحرب العاشقة، وبنتائج متعددة_
ـــــــــــــــــــــــــــ***ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ***ــــــــــــــــــــــ
*** *

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أنين وابتهاج)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى