روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل الرابع عشر 14 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل الرابع عشر 14 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء الرابع عشر

رواية أغصان الزيتون البارت الرابع عشر

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة الرابعة عشر

“المُطاردات للأشبال، أما أنا فـ لا يليقُ بي سوى اقتحام الإسوار.”
______________________________________
دحرها للداخل في مشهدٍ همجي، ثم ضغط على زر الإنارة لفتح الإضاءة. تجاهلتهُ وهي توزع نظرة شاملة على الغرفة التي ستمكث بها، كانت عادية للغاية، كأي غرفة لإستقبال الضيوف بل أدنى، أثاث غير مُبهر – على عكس بقية المنزل الفخم -، فراش بسيط، ألوان غير فاتحة، سِتار حرير من اللون الأبيض السادة، طقم جلوس اختلطت ألوانهِ بين البُني القاتم والفاتح (كافيه/بيچ)، حتى السرير كان تقليدي جدًا، وكأنها غُرفة لعِقاب الزوّار وتكديرهم وليس إكرامهم وتعزيزهم. أطلقت “سُلاف” زفيرًا معترضًا، ورغم ذلك أبدت رضاها – المؤقت – عن الغرفة :
– مش بطالة، أنا افتكرت إني هقعد معاك.
ثم التفتت رأسها تنظر لتعابير وجهه وهي تتابع :
– في أوضتك.
قطب جبينهِ، يرميها بنظرة إزدراءٍ وتهميش، ثم نظرة تحقير تعمدّها :
– إنتي ؟!!.. معايا أنا!.
صوت “عِبيد” أتى من خلفه، ليُفقدهُ أعصابه من جديد :
– تسمح ياباشا؟.
گأنهُ شظية، تُحممّ نيران رأسهِ المشتعلة بالفعل، كلما رآه أو سمع صوتهِ الأجش الخشن. تنحّى “حمزة” قليلًا، فـ مرّ “عِبيد” حاملًا حقيبتين ضخمتين بكلا ذراعيهِ، وعلى كتفهِ حقيبة ظهر كبيرة. ترك الحقيبتين جانبًا وأنزل حقيبة الظهر، ثم نظر لسيدتهِ يسألها :
– أجيب زين؟.

 

 

فـ أجابتهُ بحزمٍ :
– لأ، أنا هنزل آخدهُ لما أخلص.
ظلّ واقفًا لم يُحرك ساكنًا، فـ زجرهُ “حمزة” بنظرةٍ حامية وهو يسألهُ بصرامةٍ :
– خير هتبات هنا ولا إيه!؟.
التفتت عينا “عِبيد”، يرمي نظرةٍ شديدة التعبير إليه، ثم هتف بثقةٍ بالغة :
– أنا باخد الأوامر من الهانم بس.
ابتسمت “سُلاف” وهي تحس بقوةٍ عاتية، تفوق كُل من حولها هُنا، وبترت الحوار عِند هذه النقطة لئلا يتطور الأمر الآن :
– أنزل أنت ياعِبيد.
– أوامـر.
فك تشابك كفيه من خلف ظهرهِ، ومضى ليخرج من الباب بكل شموخ، فـ صفق “حمزة” الباب من خلفهِ بإنفعالٍ، وهو يرمقها بحنقٍ بلغ حلقومه :
– شوفي حل للهمج اللي تحت دول، أنا مش وزير الداخلية عشان تحطيلي رجالة في كل حتة في بيتي!.
تلوت شفتيها بغير اقتناع، ثم أولته ظهرها وسارت نحو الفراش وهي تقول :
– والله دي حاجه عادية، بودي جارد، مفيش أي حاجه مُلفتة.
انحنت نحو الفراش، مسحت عليه بيدها تتحسس ملمس فرشتهِ التي لم تروق لها وهي تستكمل :
– وبعدين أنا حطيت شرطي وأنت وافقت.
استقامت في وقفتها ونظرت حيالهِ، لترى رغبة جامحة في عينيهِ، رغبة للإنفراد بها، ولو بمقدورهِ لـ فتك بها فتكًا، فـ واجهت رغبته تلك بـ ابتسامة ماكرة و :
– ولا إيه؟.
تجاهل النظر نحوها، ونظر بإتجاه حقائبها، تقريبًا فَطنت “سُلاف” لما يرغب فيه تحديدًا، لحظة واحدة وكان يحقق تخمينها، فتح أحد حقائبها، وألقى كل ما بها أرضـًا، فتش في ثيابها تفتيشًا دقيقًا گالذي يبحث عن شئ بعينهِ، فـ تركتهُ يفعل ما يحلو له، وهي تستمتع برؤية جنونهِ الذي يزداد شيئًا فـ شيئًا، جلست على حافة الفراش، رفعت ساق على أخرى، وهي تراقبهُ بعينان گالصقر ، حتى عقّب هو :
– خير؟!.. لبسك كله أحمر وأبيض وأحمر وأبيض!!.. ده اللون الرسمي ولا إيه!.
نفخت في أظافرها قبل أن تداعبهم، وأجابت بجفاءٍ مقصود :
– آها، بحبهم.
ركل الحقيبة بساقهِ، وسحب الأخرى ليفعل بها كما فعل بالأولى، فـ كانت على نفس الشاكلة، عدا إنها تضمنت بعض الثياب الصغيرة التي تخص طفلها الرضيع، وبعض الثياب الفاضحة – الخليعة – ، والتي غالب عليها اللون الأسود واللون النبيذي. أمسك أحدهم، قصير للغاية، شفاف، لا ينضم لقائمة الثياب على الإطلاق. رفعهُ لأعلى ونظر نحوها يسألها :
– إيه ده ؟؟؟.
أخفضت بصرها بإستحياءٍ مُصطنع، ثم هتفت بخفوتٍ مقصود :
– قميص نوم يابيبي.
هبّ واقفًا، وقد وصل الغضب لذروتهِ، وصاح فيها دون هوادة :
– متقوليليش يا زفـــت!!.

 

 

ثم قذفهُ من يدهِ وتابع :
– عارف إنه قميص نوم أكيد مش شرابات!.. بيعمل إيه هنا معاكي؟.
عقدت حاجبيها وقد اتقنت تزييف ملامح الذهول على وجهها :
– هيعمل إيه يعني!.. قميص نومي وأنا في بيت جـ…..
فـ حذرها تحذيرًا شديد اللهجة، من قبل أن تُتم تلك الكلمة أو تتفوه بها :
– حـذاري، حذاري تنطقي الكلمة دي.. سمعتي.
دنى منها، انحنى قليلًا عليها، وهتف بهسيسٍ مرعب :
– وطالما بنلعب على المكشوف، خليني أقولك إنك هنا عشان بس أدمرك.
غرز إبهامهِ بقسوةٍ موجعة في تلك الحُفرة المغرية، التي تقع بين كتفها وبين عظمة الترقوة، قبل أن ينطق بـ :
– أوعي خيالك يوديكي لمكان تاني عمرك ما هتوصلي له.
گعادتها، غرزت ظفرها في جلدهِ حتى أدمتهُ، فـ انتشل يدهِ سريعًا بعدما سبب لها وجعًا كتمتهُ، وعضّ على شفتهِ في غيظٍ شديد، حينما نهضت هي وابتعدت عنه وهي تتحدث كأن شيئًا لم يكن :
– عايزة أغير هدومي.
لم تسمع سوى صوت صفق الباب الذي هزّ ثباتها، استبد بها الضعف ما أن بقيت وحيدة، بعد مُضيّ وقت طويل في المواجهة والجِدال المحتدم. تزلزلت قوتها التي جسدتّها ببراعةٍ مُحنكة ومحترفة، وأخيرًا تهادى جسدها رويدًا رويدًا حتى بقى على طرف الفراش، لم تسكُنها السكينة، ولن تنعم بالراحة ولو للحظةٍ، ما دامت قد دخلت إلى هُنا، ستمشي الطريق حتى نهايتهِ، دون أن تكلّ أو تملّ، دون أن تسقط، دون أن تُهزم.. ودون أن تتراجع.
***************************************
صفقت “أسما” زجاج الشرفة، فـ تصدّع الزجاج وتبيّن فيه أثر لشرخ. لم تتحمل أعصابها ما تُعايشه، لكنها عاجزة عن صدّ عدوان تلك الدخيّلة التي اقتحمت هدوء حياتهم، لـ تُبعثره كما يفعل هواء الخريف في أوراق الشجر اليابسة. غرزت أصابعها في رأسها، ضغطت عليها بعنفٍ وهي تهدر صائحة :
– يعني إيه؟!.. الحُـثـالة دي هتعيش هنا في بيتي يا صـلاح!؟.
نزع “صلاح” يداها عن رأسها، وحاول جاهدًا أن يُهدئها قائلًا :
– افهمي ياأسـما، ده هيكون وضع مؤقت.. إحنا مش محتاجين غير شوية وقت نعرف فيهم دي مين ومين وراها!.. ولحد ما نوصل للي عايزينه لازم تكون تحت عنينا، حمزة مش هيعرف يتحكم في الموضوع غير لما تكون هي قدامه.
دفعت يداه عنها، ورمقتهُ شزرًا وقد اتسعت عيناها عن آخرهم :
– الكلام ده مش داخل دماغي، إبنك ممكن يرمي قرشين في وشها ويطردها من هنا.. إنتوا متمسكين بالموضوع ليه!.
قطب “صلاح” جبينه مستنكرًا، وهتف ممتعضًا :
– إنتي نسيتي إن العيل اللي في إيدها ده إبن حمزة؟؟.
برقت عيناها مذهولة، حقًا لقد اعترف بذلك الطفل الغير شرعي!. احتقنت عيناها بحُمرةٍ غاضبة، وهي تدفعهُ بعيدًا عنها، وصرخت في وجهه صراخًا مُريعًا :
– بـس أســكـت!.. ده إبن حــرام وعمره ما هيكون مننا ولا من دمـنا، سمعت ياصـلاح.
تراجع “صلاح” للخلف خطوات، وقد أيقن أن الحديث معها لن يأتي بنفع، بل إنها تتدرأ وتتمادى أكثر كلما طال الكلام بينهما. فـ قرر الإنسحاب من تلك المناقشة وإنهائها في الحال :
– أسمعي ياأسـما، خلاص اللي حصل حصل.. وإحنا مضطرين نهضم الفترة دي لحد ما تعدي ونخلص من بنت الـ ××××× دي.. من غير ما نسلط العيون علينا ولا كل الناس تجيب في سيرتنا.
اعترضت على ما قالهُ بملء فمها :
– مش هـ…….
قاطعها بصوتٍ خشن لم تقوَ على صدّهِ، فقد وصل الأمر لذروتهِ لديه، ولا يوجد ما تفعله بعد الوصول لهذه النقطة :
– خـلـصنا خـلاص!.. الكلام خلص هنا ياأسما.
والتفت مُغادرًا وهو ينهي كلمةٍ خفت فيها صوتهِ :
– نسوان همّ بصحيح.
خرج ومن خلفهِ تاركًا كومة من النار الحارقة، تكاد تحرق من يقترب منها، تجولت “أسما” بإنفعالٍ وخطوات مندفعة، وهي تغمغم بهسيسٍ متوعد :
– أنا هعرف إزاي أمشيها من هنا، ماشي.
**************************************

 

 

انتهت من الإستحمام، وقد تعبأت دورة المياة بكمية كثيفة من بُخار الماء، حيث إنها اعتادت على استخدام مياة ساخنة للغاية. سكبت بعض الماء على المرآة، لتُزيل طبقة البخار عنها، ثم تناولت المنشفة البيضاء وجففت بلطفٍ وجهها الغارق بالمياه، نظرت للمرآة، فـ إذا بتلك القطرة تنسدل على وجنتها؛ لكنها ليست قطرة ماء، بل دمعة غادرت مسكنها بين الجفون، وأطلقت العنان لنفسها كي تسيل على بشرتها، مسحتها أثناء تدقيق بصرها في ملامحها، تلك الملامح البريئة التي لا تُحبها أبدًا، ملامح وديعة لا تعود لتلك الأنثى القوية الجَسورة التي اختارت أن تبقى عليها. تلونت لمئات من الأشكال، برعت في إخفاء هويتها الحقيقية، وإخفاء تعابيرها الأنثوية الرقيقة، لتبقى ما هي عليه الآن. مسحت على شعرها المبتل، اعتصرت بقايا الماء منه، ثم تركته على كتفيها وهي تمسح على عنقها وصدغها، كل ذلك وعيناها لم تفترق عن تقاسيمها، گالتي ترى ملامحها لأول مرة، حتى انتشلها صوت الرضيع “زين”، وقد على بكاءهِ بالخارج، فـ هرعت تغادر دورة المياة لتلحق به، كان على طرف الفراش العريض، كاد يسقط من أعلاه، فـ لحقت به وضمتهُ بين أحضانها، وألصقت شفتيها برأسهِ تُغرقه تقبيلًا وهي تهمس بـ :
– مامي هنا أهو.
مشت نحو النافذة، فتحت الستار قليلًا، مسحت الأسفل بنظرة واحدة، فرأت رجالها يحاوطون محيط المنزل داخلهِ وخارجهِ، لاحت ابتسامة طفيفة على ثغرها، اغتصبتها سريعًا وعادت تدخل، تأكدت بأن المزلاق الخاص بالغرفة مغلق، ثم انتقلت نحو الفراش كي تضعه بعد أن هدأ قليلًا، وراحت ترتدي منامتها القصيرة، لكي تُنهي ذلك اليوم الطويل بشئ يستحق عنائها، وتبدأ المباراة الحقيقية في التوّ واللحظة.
**************************************
ترك “راغب” مشروبهِ البارد على الطاولة، وحدق في “حمزة” مذهولًا غير قادر على تصديق ذلك الواقع الذي بات حقيقة إجبارية عليهم :
– يعني البت دي في بيتك دلوقتي ومع أبوك وأمك؟.
لعق “حمزة” شفتهِ بلسانهِ، وظلت أصابعهِ تُلاعب الملعقة بداخل كأس العصير، وباله مشغولًا متكدسًا بأمورٍ عِدّة، زفر زفيرًا مختنقًا، وأسند ظهرهِ للخلف وهو يرد بـ ثِقلٍ جثم على صدرهِ :
– تخيل!.. قال وأنا اللي كنت هاخدها الشقة بتاعتي عشان أوريها مين هو حمزة القرشي!.
عاد يقترب من “راغب” وخَفت صوتهِ وهو يسبّها سبةٍ مُهينة :
– بنت الـ ×××× ــة بتتذاكى عليا!.. بس وحياة أبوها ولا هيهمني.
تجرع كوب المياة الراقد أمامه على سطح الطاولة، ثم تركه فارغًا وهو يردف بـ :
– أنا عايز أجيب تاريخ البت دي كله، من أوله لآخـره.
عرض عليه “راغب” المساعدة برغبةٍ صداقة وسعة صدر :
– هاتلي بطاقتها، وسيب الباقي عليا.. أسمها لوحده مش هيكفيني.
أومأ “حمزة” رأسه مؤيدًا :
– صح، أسمها لوحده مش كفاية، ده يمكن يكون مش أسمها كمان.
أشار “حمزة” للنادل وهو يسحب محفظة نقودهِ من جيب بنطاله :
– هات الشيك يابني.
فسأله “راغب” :
– هتروح دلوقتي ؟؟.

 

 

نظر “حمزة” لساعة يدهِ وهو يجيبه :
– لأ، هطلع على شقتي.. أنا مش طايق البيت كله، وأمي كمان لسه ليها موال معايا بكرة.. خليني أفصل عشان يومي طويل.
فتح “حمزة” حافظة النقود، فلم يجد بها ما يكفي لدفع الحساب كاملًا، فـ نفخ منزعجًا وهو يطلب :
– هاتلي مكنة فيزا مش معايا كاش دلوقتي.
فـ أشار له “راغب” ليُصرفهُ عن مسألة دفع الحساب :
– خلاص أنا هدفع الحساب، روح انت شكلك مش طايق نفسك.
فـ نهض “حمزة” عن مجلسه ووضع الحافظة في جيبه :
– طيب، أنا ماشي.
والتفت ليمشي بخطواتٍ متعجلة، لا يُطيق حتى النظر في وجوه الناس، كل ما يشغل عقله ربط الأحداث سويًا، وفك تلك العُقد المتشابكة التي صعّبت عليه حلّ اللغز. كل ما حدث وما زال يحدث ليس تخطيط ليلة واحدة، وكأنه تنظيم طويل، خلفهِ الكثير من المُدبرين، وليست ليلة عابرة قضاها مع إحداهن فـ نتج عنها طفل الخَطيئة؛ لكن كيف سيحلّ كل ذلك؟.. من أين يبدأ؟. حتى الآن رأسه مُشتتة للحد الذي يمنعه من التفكير بعمقٍ وتروِ، والوصول لأصل الحكائة قد يستغرق منه وقت أطول مما يظن. نفخ “حمزة” بنفاذ صبر، واستقر داخل سيارته وهو يتمتم بـ :
– أخرتك على إيدي يابنت الأبالسة..
تذكر أنه ترك نقودهِ ومفاتيح شُقتهِ بالمنزل، فـ تأفف شاعرًا بـ اضطرارية في الرجوع إلى هناك، وهذا كان أثقل شئ على قلبهِ في هذا الحين..
**************************************
لا تدري من أين أتتها الثقة البالغة، بأن تلك الغرفة التي تقف أمامها الآن هي غرفتهِ. نظرت يمينًا ويسارًا بحرصٍ وتأني، ثم فتحت الباب رويدًا رويدًا، حتى أصبحت في حُضن حِصنهِ، حيث رائحتهِ التي غلفت المكان كُله، فـ انقبض قلبها بإختناقٍ حاولت التغلب عليه، وتلهّت في التنقيب بزوايا الغرفة وحفظ تفاصيلها جيدًا. كانت الغُرفة مُرتبة بشكلٍ أنيق لن تنكره، لا تحمل أي تفاصيل مريبة تدعوها للبحث عنها، لكن حدسها جعلها لا تتوقف لدى البحث في الأماكن الظاهرة فقط، وبدأت تبحث أكثر في الأماكن التي لا تخطر بذهنها. دلفت لتلك الغرفة الصغيرة التي خُصصت لملابسه، شملت الأرجاء بنظراتٍ خاطفة، حتى لمحت خزينة كبيرة إلى حدٍ ما بقيت في أحد الزوايا، مُشفرة، تحتاج لأرقام سرية لإمكانية فتحها، فتلوت شفتيها بنزقٍ وتجولت في بقية المكان. فتحت أحد الأدراج، فلم تجد سوى أشياء تخصهُ، ساعات فضية باهظة الثمن، ملقط، مقص أظافر. أغلقته وفتحت آخر، فوجدت ظرف أبيض كبير، تناولتهُ بتحفزٍ وفتحته لتجد توكيل رسمي من إحداهُن، يبدو إنها إحدى عُملائه؛ لكن إسمها ليس غريبًا عليها، ضغطت على عقلها قليلًا، كي تتذكر ذلك الأسم الذي شعرت بإنها تعرفه مُسبقًا، حتى أضاء عقلها وتذكرتها، حدقت عيناها، وأخرجت هاتفها من جيبها كي تحتفظ بصورة من ذلك التوكيل، اعتراها شئ من الإضطراب، وهي تستعيد في ذهنها ما يخص تلك السيدة اللعينة، التي يعمل “حمزة” گـ مُحامٍ لها، ثم تمتمت بإنفعالٍ كتمته :
– طبيعي، هتوقع إيه من واحد شمال زيه!.
اهتز هاتفها، فأجابت عليه بسرعة :
– أيوة ياعِبيد.. إيــه ؟.

 

 

أوفضت للخارج، مشت بعجالة نحو الشرفة، نظرت للأسفل وهي تحافظ على مسافة معينة لئلا تظهر، فـ رأت سيارته وقد تركها في الرواق العريض، فـ ركضت للداخل، علها تستطع اللحاق والخروج من هنا، قبل أن يكتشف أمرها.
– جانب آخر –
لا يعلم ما الذي دفعه للنظر إلى الأعلى، ولكنه تلقائيًا رفع بصرهِ ليجد إضاءة غرفتهُ المفتوحة، ضاقت عيناه مستشعرًا بإنها وراء ذلك، مؤكد هي، لن يجرؤ سواها على ذلك. عجّل خُطاه، أسرع بالدخول ليصعد إليها، وليكشف بنفسهِ ما الذي تفعله هُناك بساعة متأخرة گهذه، وهي تعلم جيدًا إنه ليس في المنزل!!!..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!