روايات

رواية أسرار عائلتي الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الجزء الثامن والعشرون

رواية أسرار عائلتي البارت الثامن والعشرون

رواية أسرار عائلتي
رواية أسرار عائلتي

رواية أسرار عائلتي الحلقة الثامنة والعشرون

إستلقى يامن الصغير ذو العشر سنوات على الأريكة بشقة خالته يحاول أن ينعم ببعض الهدوء بعد خروج خالته رفقة والدته للتسوق .. ولكنه ما كاد يغفو قليلا حتى وجد فتاة صغيرة تبلغ من العمر خمس سنوات تقريبا تقفز فجأة فوق بطنه جاعلة إياه يطلق صرخة عالية بسبب الألم .
إبتعدت الصغيرة عنه وهي تضحك بمشاكسة بينما نظر إليها يامن بغضب متسائلا :
– انتِ مين ودخلتِ هنا ازاي ؟
أخرجت الصغيرة لسانها له وكادت تركض إلى خارج الشقة إلا أن يامن لحق بها وإحتجز إياها بين ذراعيه جالسا على ركبتيه خلفها وقال :
– لا استني هنا، أنا مش هسيبك تروحي إلا لو قولتيلي انتِ مين ودخلتِ هنا ازاي ؟
لكن الصغيرة رفضت الإجابة وحاولت التحرر من بين ذراعيه وهي تردد بتذمر طفولي :
– لا سيبني، سيبني !
أرخى يامن ذراعيه عنها عندما وجدها على وشك البكاء لكنه وجدها تبتعد قليلا ثم تعود إليه وتهمس وهي تشير إليه بالإقتراب :
– تعالى اقولك على سر .
قرب يامن أذنه لها بإستغراب وفضول فتفاجأ بها تلمس خده بشفتيها ثم وبدون سابق إنذار، كانت تلوثه باللعاب الذي أخرجته من فمها ثم إبتعدت سريعا تاركة إياه يمسح خده بطرف قميصه بقرف متمتما :
– يعع، ايه القرف ده يا بت، طب وﷲ ما هسيبك تعالي هنا .
إندفع إليها مع نهاية كلامه فحاولت الهروب منه لكنه كان أسرع منها وحملها بين ذراعيه مبعدا إياها عن الأرض بصعوبة وهو يقول :
– هو انتِ تقيلة اوي كده ليه ؟
حاولت الصغيرة التحرر منه ثانية فدفعت صدره بكفيها الصغيرتين لكنه رفض تركها مردفا :
– لا مانا مش هسيبك برضه إلا لو قولتيلي انتِ مين ؟
رفضت هي الإجابة مستخدمة طريقتها السابقة عندما تظاهرت بأنها على وشك البكاء، إلا أن يامن رفض تركها هذه المرة مرددا :
– لا يا أخت انتِ لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، يعني مش هتخدعيني بنفس الطريقة .. وبعدين أنا عارف صنفك كويس، انتم مفتريين وبتحاولوا تعملوا نفسكم مظلومين بشوية دموع التماسيح بتاعتكم دي !
طالعته الصغيرة بإستعطاف قائلة :
– سيبني أرجوك، لو اتأخرت ماما هتزعل مني جامد !
كاد يامن يتأثر بنظرتها الطفولية الراجية لكنه تدارك نفسه وهتف بإصرار :
– طب قوليلي اسمك ايه وأنا هسيبك .
أخفضت رأسها ثم أجابت بإستسلام :
– دينا .
إبتسم يامن وهو ينزلها قائلا :
– طب روحي دلوقتي يا دينا بس لو رجعتِ تاني مش هسيبك خالص !
تجاهلت دينا الصغيرة كلامه وركضت إلى خارج الشقة فركض خلفها ووقف في الخارج متفاجئا ممّا تفعله .. فقد كانت تركض ناحية الشقق الأخرى وتحاول دخولها، إلى أن وجدت بابا مفتوحا فهمّت بالدخول كما فعلت مع شقة خالة يامن، لكن هذا الأخير أسرع إليها ومنعها عن ذلك قائلا بصدمة :
– يخربيتك انتِ بتعملي ايه ! انتِ عندك كام سنة أصلا ؟
قال ذلك وهو يمسك ذراعها يمنعها عمّا كانت تنوي فعله فإستدارت إليه دينا وأجابت وهي ترفع أحد كفيها قبل أن تتحرر من يده وتركض بعيدا عنه :
– خمسة سنين ..
.
أفاق يامن من تلك الذكرى التي إنغمس في أحداثها وهو يحكيها لدينا والتي شعرت بالإحراج من أفعالها المزعجة التي كانت لا تستغني عنها عندما كانت صغيرة، وزادت إبتسامة يامن التي ظهرت منذ بداية حديثه من إحراجها فتمتمت بينها وبين نفسها :
– ايه الإحراج ده يا ربي، ماما كانت بتحكيلي دايما عن الحركات الي كنت بعملها وأنا صغيرة بس متوقعتش ابدا انها ممكن توصل لكده !
رفعت رأسها إلى يامن الذي إسترسل كلامه قائلا :
– عرفت بعدها انك كنتِ ساكنة في نفس العمارة وان الكل متعود على أفعالك دي ولاحظت انك دايما بتلعبي مع الي في سنك قدام العمارة فبقيت كل ما اروح عند خالتي اطلع اتفرج عليكِ من البلكونة لحد ما بقيتِ في ثانوي وبعدها مشفتكيش خالص .
تابعت دينا حديثه بإهتمام وهي تذكر طفولتها التي ذكر يامن جزءا منها، لكنها إستغربت سكوته فتساءلت :
– وبعدين ؟
– رغم اني مشفتكيش من ساعتها بس لقيت الفيس بتاعك وبقيت متابع أخبارك وعارف كل حاجة بتحبيها تقريبا لحد ما شوفتك مرة وانتِ طالعة من الفيلا دي وعرفت انك نقلتِ جنبنا ..
– وحبتني ازاي طيب ؟
تساءلت دينا بفضول فأجابها يامن وهو يرفع كتفيه بجهل :
– مش عارف بصراحة بس انا لاحظت ده لما لقيت نفسي دايما بفتح صفحتك أول ما امسك الفون عشان اعرف ايه الجديد عندك ..
نظرت دينا إلى عينيه بشرود فتسارعت دقّات قلبه منتظرا سماع قرارها لكنها تمتمت مخيّبة أمله في سماعه الآن :
– أنا لسه محتاجة وقت أفكر فيه، ردي هيوصلك مع خالي .

– بارك ﷲ لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ..
قالها الشيخ بعد عقد قران رسلان وبدور بعد أسبوع كامل من تلك الأحداث، وإثر ذلك إرتفعت زغاريد الفتيات وإنهال عليهما الجميع مباركين لهما، وإقترب أكرم من رسلان وعلى شفتيه إبتسامة صغيرة وهمس له قائلا وهو يحتضنه :
– مبارك يابني، أنا دلوقتي اقدر اطمن على بدور معاك .
إكتفى رسلان بالإبتسام دون أن يجيب، لكنه تحدث عندما كاد أكرم يبتعد عنه :
– هو أنا ممكن اخد بدور ونطلع دلوقتي ؟
أومأ أكرم موافقا ثم إتجه ناحية بدور والتي كانت تقف مع الفتيات وإقترب منها محتضنا إياها بحنان قائلا :
– مبارك يا بنتي .
– ﷲ يبارك فيك يا بابا .
قالتها بإبتسامة خجولة فقبّل جبينها ثم إبتعد عنها مردفا بعد أن جال بنظره حول الحديقة ثم عاد به إليها :
– يلا اطلعي برا دلوقتي، رسلان مستنيكِ عند الباب .
إزداد خجلها وعبّر عن ذلك إحمرار وجنتيها فأومأت برأسها بصمت ثم إتجهت إلى الخارج غير غافلة عن نظرات الفتيات لها وغمزاتهم .
خرجت من الباب الرئيسي فوجدت رسلان بوجهها والذي فاجأها بتلك الإبتسامة التي زينت ثغره وبانت غمازته معها والتي إنتظرت بدور رؤيتها منذ مدة، ثم وقبل أن تبدي بدور أي ردة فعل، كان رسلان يفاجئها للمرة الثانية ساحبا إياها داخل أحضانه بهدوء .
إشتعلت وجنتاها عندما إستوعبت حركته والوضعية المتواجدة بها هي الآن، فوجهها ملتصق بصدره تماما وهي لا تستطيع إبعاده بسبب يده التي وضعها خلف رأسها مخللا أصابعه بين خصلات شعرها، وذراعه الأخرى التي تحيط بخصرها مانعة إياها عن التحرك بعيدا عنه .
إبتعد عنها بعد دقائق وهو يحاول التنفس بشكل طبيعي بعد أن كان تنفسه سريعا بسبب قربها ثم تمتم بهدوء :
– يلا .
إبتلعت بدور ريقها وهي تجاهد لإبعاد خجلها وإرتباكها ثم قالت محاولة نسيانهما :
– هو احنا هنروح فين ؟
أجابها وهو يمسك بيدها مسببا إرتجافها :
– هتعرفي لما نروح .
تحرك بها وهو لا يزال ممسكا بيدها ليقف بها أمام دراجة نارية حمراء لم تنتبه إليها بدور في البداية، ثم ترك يدها مجبرا ليلتقط خوذة ويقدمها لها فأخذتها بين يديها هاتفة :
– مكنتش عارفة ان عندك موتوسيكل حلوة زي دي !
– دي بتاعتك مش بتاعتي .
قال ذلك وهو يضع الخوذة الثانية على رأسه فتساءلت بإستغراب :
– بتاعتي ازاي ؟
نظر رسلان إلى عينيها مباشرة بإبتسامة صغيرة ثم أجاب :
– أول هدية مني ليكِ، ولا هي مش عاجباكِ ؟
نفت برأسها سريعا وصاحت بإندفاع :
– لا دي عاجباني اوي، بس أنا مش هعرف أسوقها !
– مانا هعلمك دلوقتي !
طالعته بدور بدهشة فأمسك رسلان بخوذتها ووضعها على رأسها ثم قال :
– يلا اركبي .
تحمسّت بدور للفكرة قليلا ثم ركبت الدراجة بحذر قبل أن يركب رسلان خلفها سريعا ممسكا بأحد جانبي المقود واضعا كلتا قدميه على الأرض حتى لا تقع بهما ثم وضع المفتاح بمكانه وأداره قائلا :
– بصي قبل ما تبداي لازم ت …
قطع كلامه عندما وجدها تنطلق بالدراجة النارية فجأة، فأبعد قدميه عن الأرض سريعا عندما بدأت الدراجة تتمايل يمينا وشمالا وهي تسير بسرعة فصاح تحت صرخات بدور الخائفة :
– انتِ بتعملي ايه يا غبية ؟! الفرامل يا بدووور .. الفراامل !
صاحت بدور وهي ترى رسلان يمسك جانبي المقود محاولا التحكم في توازن الدراجة :
– طب هما فين الفرامل، أنا مش شايف …
قطعت كلامها عندما وقفت الدراجة فجأة فإستدارت إلى رسلان لتجده يتنفس بإرتياح قبل أن ينفجر في الضحك .. إبتسمت بدور بإتساع عند رؤيتها لضحكاته ونسيت ما كانت ستقوله، حتى إنتبه رسلان إلى تركيزها معه فتوقف عن الضحك ثم تنحنح قائلا بجدية :
– انتِ مشيتِ قبل ما اكمل كلامي ليه ؟
إبتسمت بدور بإحراج وأجابت :
– اتحمست شوية، أنا آسفة .
– طب ركزي معايا في الي هقوله ..

وصل الإثنان إلى وجهتهما بعد قرابة الساعة ونزلت بدور بإبتسامة واسعة بسبب إستمتاعها طوال الطريق رغم عدد المرات التي كادت ترتكب فيها حوادث لكنها نجت منها بمساعدة رسلان .
إنتبهت إلى أنهما يقفان عند مطعم هادئ على البحر تزينه الأضواء الملونة التي تنير المكان .. إتجه بها رسلان نحو طاولة صغيرة مزينة ببعض الشموع وسطها، متواجدة أمام البحر تماما وبعيدة قليلا عن باقي الزوّار .
وقفت بدور عندها منتظرة منه أن يسحب لها المقعد ولم يخيّب أملها عندما سحبه قائلا ببسمة صغيرة :
– اتفضلي .
إبتسمت بدور بخجل ثم جلست مكانها فإتجه هو ليجلس قبالتها وإلتزم كلاهما الصمت لثوانٍ حتى كسره رسلان قائلا :
– عايزة أطلبلك حاجة معينة ؟
فكرت بدور قليلل قبل أن تنفي برأسها هاتفة :
– لا أنا أصلا باكل كل حاجة عادي .
– تمام، هطلبلك على ذوقي .
حضر النادل بعد ذلك فأملى عليه رسلان طلبه ثم إستدار إلى بدور بعد ذهابه ورسم على ثغره إبتسامة محبة، بادلتها بدور بأخرى خجولة لكنها إختفت حين إستمعت إلى حديث رسلان :
– عارفة ؟ أكتر حاجة بحبها فيكِ انك شبه ماما اوي .
ظهرت ملامح التذمر على وجه بدور وتمتمت وهي ترمقه بإنزعاج :
– انتَ مش رومانسي خالص على فكرة .
ضحك رسلان بخفة ثم سكت وهو يتمعن في ملامحها متسببا في خجلها، وقبل أن تخفض رأسها كعادتها عندما تخجل، كان هو يتمتم بنبرة هائمة جعلت قلبها يخفق بشدة :
– طب ولو قولتلك اني بحبك ؟
أخفضت رأسها خجلا وتوردت وجنتاها بينما واصل هو بنفس نبرته السابقة :
– مش عارف ده حصل امتى بس اعتقد ان مشاعري ناحيتك بدأت تتحرك من أول ما بدأتِ تبعتيلي الرسايل الصغيرة بتاعتك، حبيت شخصيتك ومحاولاتك لانك تخليني انبسط، رغم انك بتبقي متسرعة ساعات وتقولي حاجات مينفعش تتقال بس كنتِ كل مرة بتدخلي جوا قلبي أكتر، وأول ما لاحظت الي عملتيه في قلبي طلبت ايدك من بابا .
إبتلعت بدور ريقها ورفعت رأسها إليه وهي تحاول ألا تظهر تأثرها بكلامها، لكنها شعرت بأن أمرها قد كشف بسبب دقات قلبها التي تكاد تجزم أن كل من بالمقهى قد إستمع إليهم .
إبتسم إبتسامته التي خطفت قلبها وقال بترقب :
– مش عايزة تقولي حاجة ؟
أومأت برأسها ثم هتفت سريعا :
– اه، اسكت !
رفع أحد حاجبيه بدهشة وضحك بخفة وهو يرى خجلها المحبب إلى قلبه، بينما تابعت هادمة اللحظات العاطفية تلك وهي تغطي وجهها بكفيها :
– اسكت يا رسلان لان كلامك ده هيقتلني والله !
عاد رسلان بظهره إلى الخلف قائلا بإبتسامة عابثة :
– لا خلاص أنا سكتت اهو، بس متموتيش لاني لسه محتاجك في قلبي ..

كان يامن يجلس بجوار أخيه حيث الجميع في حديقة القصر وهو ينظر إلى خاتم الخطوبة الذي يزين بنصره بإبتسامة واسعة وفرحة تضاهي فرحته عندما علم بموافقة سارقة قلبه .. شعر بأحد يعبث بشعره فرفع رأسه إلى الفاعل ليجد شقيقه ياسين ينظر إليه ببسمة حنونة، بادله يامن بأخرى مثلها هاتفا :
– كنت عايز نتجوز في نفس اليوم بس خسارة، دينا رافضة نعمل الفرح بسرعة .
ألقى ياسين نظرة على ياسر الجالس بجوارهما ثم قال :
– مش مشكلة، اتجوز انت وياسر في نفس اليوم .
إنتبه ياسر إلى إسمه الذي ذُكر في الحديث الذي يدور بين شقيقيه فتدخل متسائلا :
– ماله ياسر ؟
– هتتجوز امتى ؟
سأله يامن بحماس فرفع ياسر أحد حاجبيه مرددا بإستغراب :
– ليه هو في حد ضحك عليك وقالك اني عايز اتجوز ؟
رفع يامن كتفيه مجيبا ببساطة :
– محدش قالي بس انت كده كده هتتجوز يبقى ليه متتجوزش دلوقتي عشان نعمل فرحنا مع بعض .
ظهرت إبتسامة صغيرة على ثغر ياسر وتحدث مجاريا إياه :
– حاضر، بس لما الاقي العروسة بقى .
وقبل أن يعلّق يامن بحرف، وجد ثلاثتهم ذلك الصغير سيف _ والذي لاحظ الجميع قربه من ياسر خلال هذا الأسبوع _ يركض نحوهم ثم يقف أمام ياسر قائلا بسرعة :
– أرجوك يا ياسر تعالى معايا، ليلى شتمت ماما قدام رحمة وهما دلوقتي بيتخانقوا، وأنا عارف أختي ممكن تقتلها !
وقف ياسر سريعا وإتجه إلى حيث يقوده سيف وخلفه شقيقاه فوجد رحمة وليلى تتشاجران بالفعل، لكن رحمة كانت المسيطرة كما توقع ياسر فقد كانت تمسك بشعر ليلى بغضب في مشهد تكرر سابقا مع يمنى وبثينة، بينما بقية الفتيات تقفن حولهما مشجعين رحمة ولم تحاول إحداهن التدخل في الشجار .
وقبل أن يتدخل ياسر أو ينطق بحرف، سمع جميعهم صوت عبد الرحمن الذي صدح في المكان قائلا :
– ايه الي بيحصل هنا ؟
تركت رحمة شعر ليلى والتي إبتعدت عنها سريعا وهي تستدير إلى عبد الرحمن وتنظر إليه منتبهة إلى وجود خالد بجواره، وقبل أن تتفوه بحرف كانت رحمة تسبقها هاتفة بإندفاع :
– دي شتمت ماما يا عبده وانت عارف ان ماما خط أحمر ومش بسكت لأي حد يقول في حقها كلمة !
تعجب ياسر وكذلك أشقاؤه من طريقة حديثها مع جدهم وكأنها صديقة مقربة له، بينما حاولت ليلى الدفاع عن نفسها قائلة :
– هي الي بدأت يا عمو والله أنا …
قاطعها عن إكمال حديثها صوت خالد وهو يرمقها بإحتقار :
– مفيش مبرر يخليكِ تشتمي ست طيبة زي كريمة، والا انتِ هتتكبري عليها بعد ما استقبلناكِ هنا ؟
إنتبهت ليلى إلى نظراته التي آلمتها وشعرت بأن الجميع ضدها وخاصة ذلك الذي إعتبرته صديقها منذ أن جاءت إلى هنا .. نقلت بصرها إلى رحمة ورمقتها بحقد قبل أن تبتعد عنهم متجهة إلى داخل القصر دون التفوه بأي كلمة .

– فيه عريس متقدملك يا هناء .
قالها عامر وهو يجلس بجوار هناء في غرفتها بعد أن إتخذ قراره ووجد أن موافقته على عرض نادية هو أفضل حلّ لمشكلة إبنة أخته .
رفعت هناء حاجبيها متمتمة بإستغراب :
– عريس ؟ وأنا فاقدة الذاكرة ؟
أومأ عامر بهدوء وقال وبصره مركز على ملامحها :
– ايوه، ايه المشكلة ؟
ظهر الضيق على وجهها ونفت برأسها هاتفة بإعتراض :
– لا لا أنا مش موافقة .. مش عايزة اخد قرار مهم زي ده وأنا فاقدة الذاكرة .
– ليه ؟
– لان أفكاري ممكن تتغير لما الذاكرة ترجعلي، وممكن أندم على قرار زي ده .
أومأ عامر بتفهم فزفرت هناء بإرتياح لكنها تفاجأت به يردف ببرود :
– بس انتِ كده كده هتتجوزيه، حتى لو بالعافية .
رفعت هناء بصرها إليه بصدمة بينما أردف عامر بحزن حاول إخفاءه :
– متبصيليش كده، أنا عايز مصلحتك يا هناء وانتِ مش هتقدري تفهميني لانك مش عارفة حاجة، ولما ذاكرتك ترجعلك هتشكريني على اني غصبتك على الجوازة دي .
ألقى كلماته تلك ثم وقف مغادرا غرفتها في نفس الوقت الذي دخلت فيه دينا وإستغربت من وجود خالها هنا .. إنتظرت خروجه ثم أغلقت الباب سريعا عندما إنتبهت إلى ملامح هناء المصدومة وتقدمت منها متسائلة بخوف من أن يكون عامر قد أخبرها بما حصل لها قبل فقدانها الذاكرة :
– مالك يا هناء ؟ خالو قالك حاجة ؟
طالعتها هناء لثوانٍ قبل أن تفيق من صدمتها وتهتف بغضب :
– خالك عايز يجوزني غصب عني وأنا في الحالة دي يا دينا ! هو اتجنن والا ايه ؟
فتحت دينا فمها بصدمة لكنها سرعان ما تذكرت حديثه مع جدها في ذلك الموضوع وفكرت سريعا بأنهما قد إتخذا القرار الصحيح فهتفت بما جعل هناء تكاد تجن :
– وايه المشكلة طيب ؟
صرخت هناء بنفاذ صبر :
– يعني انتِ مش عارفة المشكلة فين يا دينا ؟ أنا فاقدة الذاكرة عارفة يعني ايه فاقدة الذاكرة ؟
تفهمّت دينا غضبها فحاولت تهدئتها قائلة :
– اهدي طيب، انتِ وافقي على الخطوبة ولو خالو أصر انكم تكتبوا الكتاب على طول أنا هحاول اقنعه يأجله لحد ما تتقبلي الموضوع وممكن ذاكرتك ترجعلك قبل كتب الكتاب .
– ولو مرجعتش ؟
فكرت دينا قليلا ثم أجابت :
– بصي انتِ حاولي تتفقي مع العريس ده انه ميقربش منك إلا لما الذاكرة ترجعلك وبعدها انتِ هتختاري تكملي معاه والا لا .
قوست هناء شفتيها بعدم إقتناع بينما أردفت دينا بثقة :
– بعدين أنا متأكدة ان خالو مستحيل يغصبك على حاجة إلا لو كان متأكد انها لمصلحتك يعني اعملي الي قالك عليه ومتقلقيش ..

وقفت بالدراجة النارية أمام القصر ثم نزلت منها ونزعت الخوذة عن رأسها وهي تشعر بأنها تكاد تطير من السعادة التي تسبب فيها رسلان في هذه الليلة .. إستدارت إليه فوجدته واقفا هو الآخر وهو ينظر إليها بإبتسامته التي عشقتها ثم قال وهو يقترب منها :
– استمتعتِ ؟
أومأت برأسها إيجابا ثم أخفضت رأسها خجلا قبل أن تتفاجأ به يقبل جبينها بحنان ثم يبتعد عنها قائلا :
– وأنا برضه إستمتعت اوي، انتِ مش عارفة وجودك جنبي وقدام عيني يعنيلي ايه !
شعرت بدور بقلبها يكاد يتوقف بسبب سرعة خفقانه إثر تلك الكلمات التي ألقاها على مسامعها، ولكن وقبل أن تبدي له أي ردة فعل، سمع كلاهما صوت خطوات تقترب منهما فرفعا رأسيهما ليجدا آخر شخص تمنيا رؤيته في هذه اللحظة .
تجهّم وجه رسلان عندما وقع نظره عليه وتمتم بضيق :
– عايز مننا ايه يا فادي ؟
إبتسم فادي وهو يقف أمامهما إبتسامة لم يستطع أحدهما فهمها وقال :
– جيت اباركلكم على جوازكم .
رمقه رسلان بحدة منتظرا إكماله لكلامه عندما إختفت إبتسامة فادي وحل مكانها نظرة غريبة وقال :
– متقلقش أنا مش هعمل حاجة وهسيبكم في حالكم، بس كنت محتاج أتكلم معاكم في حاجة ..
– تتكلم معاهم في ايه ؟
قالها أكرم الذي خرج للتوّ بعد سماعه لصوت الدراجة النارية وإستمع إلى جملة فادي الأخيرة فإلتفت إليه هذا الأخير ثم جال بنظره حول الثلاثة قبل أن يقول مخاطبا أكرم :
– أنا جاي أقولكم الحقيقة كاملة ..

يتبع ..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسرار عائلتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى