روايات

رواية أسرار عائلتي الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الجزء التاسع والعشرون

رواية أسرار عائلتي البارت التاسع والعشرون

رواية أسرار عائلتي
رواية أسرار عائلتي

رواية أسرار عائلتي الحلقة التاسعة والعشرون

وقفت أمام المرآة تنظر إلى هيئتها بعد إرتداء ملابسها البسيطة والمحتشمة إستعدادا لمقابلة ذلك العريس الذي أجبرها عمها على مقابلته .. دخلت زوجة عمها في تلك اللحظة وإنتبهت إلى التذمر البادي على وجهها لكنها تجاهلت ذلك قائلة :
– أخت العريس عايزة تتكلم معاكِ شوية، اقولها تدخل ؟

طالعتها ملاك بإستغراب ثم أومأت برأسها بعد برهة من التفكير فخرجت بسمة من الغرفة وإنتظرت ملاك لثوانٍ حتى تفاجأت ببدور تطلّ عليها ببسمة صغيرة وهي تهتف :
– عروسة أخويا جاهزة ؟

دققت ملاك النظر إليها وهي تشعر بأنها رأتها من قبل وحاولت تذكرها لكن بدور إختصرت عليها عناء التفكير وأردفت معرفة بنفسها :
– أنا بدور، أخت الدكتور أمجد وانتِ شوفتيني معاه مرة فاكرة ؟

أومأت ملاك فور تذكرها لها متسائلة بغباء :
– اها افتكرت بس انتِ بتعملي ايه هنا؟

إبتسمت بدور وهي تدخل الغرفة وهتفت بمرح وكأنها تحادث طفلة :
– أنا لسه قايلالك عروسة أخويا يبقى أنا ميـن ؟

– أخت العريس !

قالتها ملاك بعفوية فأردفت بدور بذات المرح :
– وبما اني أخت الدكتور أمجد يبقى ميـن العريس؟

– واحد من أخوات الدكتور أمجد !

طالعتها بدور بصدمة فإسترسلت ملاك بتبرير :
– مانا مش هصدق يعني ان الدكتور أمجد هو العريس .

ضحكت بدور وهي ترى ملاك تنظر إليها بعدم إستيعاب وقالت :
– بس هو العريس فعلا !

سكتت ملاك قليلا ثم تمتمت بهدوء :
– هو والا مش هو ميهمنيش، أنا مش عايزة اتجوز أصلا .

تساءلت بدور بإستغراب :
– ليه ؟

إلتزمت ملاك الصمت رافضة الإجابة على سؤال بدور فتنهدت هذه الأخيرة ثم هتفت :
– أنا عارفة انك مش بتحبي تعملي صحاب ومش هطلب منك تقوليلي السبب بس أنا عايزاكِ تدي أخويا فرصة انه يسمعك .

– انتِ مش فاهمة حاجة يا بدور، أنا مش عايزة ادخل في علاقة مع أي حد مش بس اعمل صحاب، أنا ٱسفة .

وقفت ملاك عند إنتهاء كلامها وهي تتجه خارج الغرفة عندما إستمعت إلى نداء زوجة عمها لها فسارت بدور خلفها بعد أن تنهدت بإستسلام وقررت ترك الباقي لأمجد لمحاولة إقناعها .

كانت تجلس أمامه بصمت كما كانت منذ دخولها وتقديمها للمشروبات، تستمع إلى الحديث الذي كان يدور بين عمها والضيوف بعدم إهتمام فهي تنوي الرفض منذ البداية .. وبقيت على ذلك الوضع حتى بعد خروجهم وتركها رفقة أمجد لوحدهما، لكن هذا الأخير قطع هذا الصمت وتنحنح قائلا :
– عاملة ايه يا ملاك ؟

أجابت ملاك بهدوء :
– الحمدلله يا دكتور .

– دكتور ايه خلاص ده كان زمان أنا دلوقتي أمجد بس !

قالها أمجد محاولا خلق بعض المرح في حديثهم لكنه وجدها تتجاهل كلامه مردفة :
– أنا آسفة يا دكتور بس أنا مش عايزة اتجوز دلوقتي، وعمي هو الي أجبرني اقابلك ..

تفاجأت به يحافظ على مرحه قائلا :
– كملي طيب .. بعدها هتقوليلي انك لما عرفتِ ان العريس هو أنا قررتِ توافقي .

قال الأخيرة بغرور مصطنع فرفعت ملاك حاجبيها بإستنكار، بينما تغيرت تعابير أمجد إلى الجدية فجأة وأردف بتساؤل :
– صليتِ إستخارة ؟

طالعته بإستغراب ثم نفت برأسها فقال :
– طب هسمع ردك لما تصليها بقى .

كاد ينادي والده وجده بعد إلقائه لتلك الكلمات لكنه وجدها تهتف سريعا :
– انت هتتعب معايا اوي يا دكتور صدقني !

نظر إليها أمجد بإستغراب فإسترسلت ملاك حديثها قائلة :
– أنا عندي عقد نفسية معرفتش اشيلها وهتعبك معايا اوي .. كفاية اني السبب في مـ ـوت ماما وبابا .

قالت جملتها الأخيرة بصوت منخفض لم يصل إلى أمجد ثم رفعت بصرها إليه فوجدته ينظر إليها بملامح عادية ثم يقول بهدوء :
– وأنا مستعد ابقى الدكتور النفسي بتاعك واسمعك واحاول اشيل معاكِ العقد دي .

وقبل أن يسمح لها بالرد أو الإعتراض كان يسترسل بنفس النبرة :
– صلي إستخارة يا ملاك، ولو مرتحتيش ساعتها يبقى من حقك ترفضي ..

بعد عودتهم إلى القصر، جلس أمجد مع بقية أفراد العائلة بجسده بينما كان عقله شاردا في حديث ملاك يفكر فيما يمكن أن يكون قد حدث لها ليترك في نفسها عقدة تمنعها من الدخول في أي علاقة كانت سواء علاقة صداقة أم زواج .

أطلق من بين شفتيه تنهيدة طويلة ثم تابع الحديث الذي يدور حوله والتي فتحته براءة موجهة حديثها إلى والدها :
– عمو رسلان اتجوز خلاص وعمو أمجد كمان هيتجوز وانت وعمو أدم هتتجوزوا امتى ؟

نظر إليها أدهم بحاجب مرفوع وعلق آدم على حديثها ساخرا :
– انتِ هتاخدي دور جدو في الموضوع ده والا ايه ؟

أجابته براءة بعفوية :
– لا بس بابا وعدني انه هيتجوز سرين وأنا اتحمست شوية .

رفع أدهم كلتا حاجبيه بصدمة ثم صاح مكذبا إياها :
– أنا وعدتك ؟ الكلام ده حصل امتى ؟

رفعت براءة كتفيها قائلة :
– لما قولتلك صالحها واتجوزها عشاني ساعتها قولتلي انك هتفكر في الموضوع ده بعدين .. وبعدها معاملتك اتحسنت معاها لما اشتريتلها الفستان الي عجبها وعرفت انك وافقت .

– أولا أنا كان قصدي اني هفكر في موضوع الجواز والبنت الي هتجوزها، مكنتش قاصد سرين .. وبعدين تعالي هنا انتِ عرفتِ منين اني اشتريتلها الفستان ؟

وقبل أن تجيبه براءة كانت بدور تتدخل في الحوار متسائلة بدهشة :
– انت بجد عايز تتجوز سرين يا أدهم ؟

نفى أدهم برأسه سريعا مرددا :
– محصلش والله، انتِ هتصدقيها ؟!

– وهي هتكدب ليه في موضوع زي ده ؟

– هي مكدبتش، هي بس فهمت الموضوع غلط .

تمتم أدهم بتذمر وهو يرى الشك في عيني بدور لكنه تفاجأ بأحد يضرب كتفه بخفة قائلا :
– انت مكسوف كده ليه يابني، قول بس انك عايزها وأنا اخطبهالك بكرة لو عايز .

إستدار أدهم إلى والده الذي كان يحدثه بإبتسامة جادة وحاول الإعتراض لكن براءة قاطعته وهي تصرخ بحماس :
– ايوة يا جدو خلينا نروح بكرة !

حاول أدهم الإعتراض للمرة الثانية لكن بدور هي من قاطعته هذه المرة مخاطبة إياه :
– نصيحة مني يا أدهم متفكرش، لانها مش هتوافق .

– ومتوافقش ليه ان شاء الله، أنا مفيش حد يرفضني !

صاح أدهم بإستنكار وغرور فقلبت بدور عينيها وأجابت :
– بإختصار كده لانك مش نوعها المفضل .

لم ينل حديثها إعجاب أدهم عندما فهم بأنها تقصد أن هناك من هو أفضل منه في نظر سرين فتحدث بعناد :
– طب ايه رايك بقى اني هتقدملها وهتوافق !

رفعت بدور حاجبيها بدهشة ثم إبتسمت قائلة :
– هنشوف .

في صباح اليوم التالي، إستيقظت بدور بكسل بسبب سهرها طوال الليل وهي تشاهد صور عقد قرانها مع رسلان كما أصبحت تفعل كل ليلة .. أخذت حماما سريعا وإرتدت ملابسها ثم نزلت إلى الدور الأرضي بحماس فاليوم هو الجمعة وهي تُمني نفسها بأن تقضي معه ولو بعض الوقت على إنفراد .

لكن حماسها تلاشى سريعا وهي تدخل قاعة الجلوس لتجد جميع الخادمات بالقصر تقفن أمام عبد الرحمن جنبا إلى جنب كفتيات صغيرات تنتظرن سماع العقاب الذي سيلقيه عليهنّ والدهنّ.

إقتربت بدور من أمجد والذي كان يجلس ويراقب الوضع في صمت كما يفعل الجميع وسألته بهمس :
– هو في ايه ؟

وضع أمجد سبابته أمام شفتيه ثم أشار بعينه إلى ما يحدث مشيرا إليها بأن تشاهد في صمت .

رفعت بدور حاجبيها بإستغراب وعادت تنظر إلى جدها ثم إنتبهت إلى ليلى التي كانت واقفة بجانبه بملامح غاضبة ثم صاحت :
– أنا متأكدة ان الي سرقت الخاتم بتاعي هي واحدة فيهم، ماهو أكيد مش هيسرقه حد من العيلة وهما عندهم فلوس يشتروا ألف منه !

نظرت إليها بدور بدهشة وتمتمت بعدم فهم :
– خاتم ايه الي اتسرق ؟

أجابها أمجد بإختصار :
– ليلى بتقول ان خاتمها اتسرق ومفيش أي حد يقدر يسرقه غير واحدة فيهم .

أعادت بدور بصرها إلى ليلى بشك وتابعت الحوار الذي يدور بينهم والذي إستأنفه عبد الرحمن مخاطبا ليلى :
– انتِ متأكدة ان في حد سرقه يا بنتي ؟ ممكن تكوني ضيعتيه لأني واثق في الستات الي بشغلهم هنا ومتأكد ان مفيش واحدة منهم ممكن تسرق .

عقدت ليلى ذراعيها أمام صدرها وهتفت بإنفعال :
– يعني انت بتكدبني يا خالو ؟ أنا متأكدة اني سبته على الترابيزة الي في المطبخ وبعدها خرجت شوية ولما رجعت ملقيتوش !

تنهد عبد الرحمن وهو ينقل بصره بين الخادمات ثم عاد به إلى ليلى وقال :
– طب انتِ عايزة ايه دلوقتي ؟

أجابت دون تردد :
– عايزة ادور عليه في الاوضة بتاعتهم، ولو لقيته عند واحدة فيهم يبقى هي الي سرقته .

فكر عبد الرحمن قليلا وهو يرمق ليلى بشك، لكنه أومأ أخيرا بموافقة فارتسمت على ثغرها إبتسامة إنتصار، إنمحت فورا عندما وقفت بدور سريعا قائلة :
– هروح معاكِ .

تأففت ليلى وهي ترمقها بضيق ثم رفعت كتفيها متظاهرة باللا مبالاة وأجابت :
– تعالي .

إتجهت كلتاهما إلى الغرفة التي تنام بها الخادمات في القصر عادة، وقفت بدور تراقب ليلى وهي تفتش بين حاجاتهنّ حتى وصلت إلى تلك الوسادة الموضوعة على السرير الخاص بكريمة وحملتها ليظهر خاتمها تحته .

إبتسمت بإنتصار وهي ترفع الخاتم أمام أعين بدور والتي هتفت بعدم تصديق :
– كريمة ؟ لا أنا عارفاها كويس هي مستحيل تسرق !

رفعت ليلى كتفيها قائلة ببرود :
– بس أنا لقيته عندها وده قدامك برضه يعني مفيش تفسير تاني إلا انها هي الي سرقته .

رمقتها بدور بشك وهي تسير عائدة حيث الجميع لتخبرهم بإيجادها لخاتمها عند كريمة، لكنها لحقت بها بهدوء ووقفت تنظر إليهم من بعيد لتعرف ما ستؤول إليه الأمور .

– كلامي طلع صح يا خالو والي سرقت الخاتم بتاعي هي واحدة فيهم، وأنا لقيته عند الخدامة دي .

هتفت ليلى عند وصولها إليهم وهي تشير في نهاية كلامها إلى كريمة، والتي جحظت عيناها وحاولت الحديث للدفاع عن نفسها لكن عبد الرحمن منعها عن ذلك بعينيه، وقبل أن ينطق هو بحرف واحد تفاجأ الجميع بآخر شخص توقعوا تدخله وهو يقف مدافعا عنها :
– بلاش كدب يا آنسة، كريمة هي آخر حد ممكن يفكر يسرق حاجة في القصر ده !

إستدار عبد الرحمن إلى ياسر بدهشة كما فعل الجميع، لكنه سرعان ما إبتسم بفخر قبل أن يمحو إبتسامته تلك ويعود ببصره إلى ليلى قائلا :
– أنا برضه واثق في كريمة وانها استحالة تعمل كده، ممكن يكون الخاتم وصلها بالغلط أو أي حد فكره بتاعها وحطه هناك .. بس المهم انك لقيتِ الخاتم بتاعك وخلاص .

ظهرت ملامح الإعتراض على وجه ليلى وكأنه لم يعجبها عدم توبيخه لكريمة وتمتمت :
– بس …

قاطعها عبد الرحمن سريعا قائلا بخبث :
– لو عايزاني أعاقب الي عمل كده هشوف التسجيلات الي في كاميرات القصر الأول عشان اعرف هو مين، لاني زي ما قولتلك واثق ان كريمة متسرقش !

إبتلعت ليلى ريقها وهي تطالعه بدهشة وتساءلت :
– هـ.. هو فيه كاميرات في القصر ؟

أومأ عبد الرحمن بهدوء تحت إستغراب الجميع، لكنهم سرعان ما فهموا سبب كذبه عليها والذي ظهر من توترها عند ظنها بوجود الكاميرات ثم هتفت سريعا :
– خلاص بلاش تشوف المهم ان الخاتم رجع، أنا أصلا مش عايزة اعمل مشاكل مع حد هنا وأنا مروحة النهاردة .

قالت ذلك ثم جالت ببصرها حول الجميع الذي كان يرمقها بنظرات غريبة قبل أن تعود إلى غرفة الضيوف التي كانت تقبع بها طوال مدة إقامتها هنا .

ومن الجهة الأخرى، إعتذر عبد الرحمن من الخادمات وسمح لهنّ بالعودة إلى عملهنّ، بينما وقف ياسر من مكانه وتبع كريمة حتى وصلت إلى المطبخ فأوقفها متمتما بإحراج :
– لو سمحتِ ؟

إستدارت كريمة إلى صاحب الصوت بإستغراب ثم إبتسمت سريعا عند إستيعابها لوجوده وتحدثه إليها بتلك الطريقة فتحدثت بإمتنان سابقة إياه في الكلام :
– ياسر بيه، شكرا لانك دافعت عني قبل شوية .

حكّ ياسر عنقه بحرج وقال :
– على ايه ده واجبي ..

سكت قليلا بعد ذلك ثم نظر إليها بجدية وأردف :
– أنا كنت عايز اعتذر منك على الي كنت بعمله معاكِ، وعن كل كلمة وحشة قولتها في حقك، أنا آسف بجد !

طالعته كريمة بدهشة لثوانٍ ثم سرعان ما إبتسمت بهدوء متمتمة :
– حصل خير ..

بعد تناول الغداء، كانت بثينة قد جاءت بعد عودتها من السفر وأخذت إبنتها بكل هدوء، وهذا ما جعل ساكني القصر يتنفسون الصعداء بعد مغادرتها أخيرا ..

جلس أكرم في غرفته لوحده مفكرا في أخذ قسط من الراحة، لكنه أمسك تلك الصورة التي تجمعه بـ ليليا وبدور قبل أن يستلقي على فراشه وهو يتأملها في شرود .

عاد بذاكرته إلى اليوم الذي عُقد فيه قران رسلان وبدور، عندما ظهر فادي أمامهم ليلا وأخبرهم بأنه جاء ليقصّ عليهم الحقيقة كاملة ..

رمقه أكرم بشكّ لثوانٍ ثم قال بتنهيدة :
– اتفضل، خلينا نتكلم جوا .

أومأ فادي برأسه ودخل خلف أكرم وخلفه رسلان وبدور ثم إتجه أربعتهم إلى غرفة المكتب الفارغة .. أغلقت بدور الباب بعد دخولها وإستندت عليه وهي تنظر إلى والدها الذي جلس خلف المكتب وفادي ورسلان يجلسان أمامه .

حدقت بخالها بترقب بينما هو بدأ حديثه قائلا :
– أنا عارف انكم قابلتوا شادية وعرفتوا اني خليتها تاخد دور ليليا وتعمل الي أنا عايزه .. احساسك كان ايه لما عرفت انك كنت ظالـم ليليا يا أكرم ؟

قال الأخيرة وهو يرمق أكرم بتهكم، لكن الأخير كتم غضبه منه وتمتم ببرود ظاهري :
– اتكلم في المهم يا فادي .

أومأ فادي برأسه ثم تحولت تعابير وجهه إلى الجدية مردفا :
– ماما وبابا ماتـ ـوا من وأنا في ثانوي وأختي الكبيرة فريدة هي الي كانت واخدة بالها مننا وأقرب حد ليا ساعتها كانت ليليا .. كنت بحكيلها كل حاجة تقريبا وحكيتلها حتى عنك وانك ازاي اخدت مني صحابي كلهم في لحظة، بس هي جت ضدي لأول مرة وقالتلي انك أكيد مقصدتش وده خلاني احقـ ـد عليك أكتر لما حسيت ان أقرب حد ليا واقف في صفك برضه .

شعرت بدور بالغضب وهي تذكر معاملته لوالدتها والتي لا تدلّ أبدا على أنه كان قريبا منها في يوم ما وكادت تتدخل لولا أنه سبقها مسترسلا ومخاطبا أكرم في بداية كلامه :
– لما جيت وطلبت مني اننا نبقى صحاب قلتلها برضه وقلتلها اني هوافق لان صحابي كده ممكن يرجعولي بس اتفاجأت انها وقفت ضدي المرادي برضه وقالتلي ان تفكيري غلط، ومع كل موقف يحصل بيننا واحكيهولها كانت دايما بتغلطني لحد ما اتعصبت عليها جامد في يوم واتخانقنا ومن ساعتها مبقيناش صحاب زي الأول، ودي تاني حاجة خلتني احقـ ـد عليك أكتر بسببها .

كان الثلاثة يستمعون إليه بتركيز، فهذا الكلام يسمعونه لأول مرة وكان فادي يبدو صادقا وهو يلقيه على مسامعهم ولذلك لم يشكّ أحد في مدى صدق ما يقول .. بينما فكر أكرم في سبب إخفاء ليليا لطبيعة علاقتها مع شقيقها لكنه إستنتج أخيرا بأنها لم ترد أن تشعره بالذنب لكونه سببا في تخريب علاقتهما حتى لو كان غير مباشر .

أخرجه من تفكيره صوت فادي الذي أكمل :
– كل الي حصل بعد كده انتوا عارفينه، من لما حبيت سوسن واتجوزتها انت، وبعدها الشيطان وزني وخلاني اعمل الي عملته، بس حتى بعد ما اتجوزت مقدرتش اطفي نار الانتقام جوايا وبعتلك ليليا بس هي خانـ ـتني واتجوزتك وانت عملتلها بودي جارد فمعرفتش اوصلها .

أخذ نفسا عميقا بينما كانت وجوه الثلاثة جامدة، ولم يدهش أحدهم بما قاله فكلّ هذا يعرفونه مسبقا، أكمل فادي بعد ثوانٍ وقد سلّط بصره إلى الأرض :
– فضلت احاول اخدها بس كنت دايما بلاقي البودي جارد بتاعك في وشي، لحد ما قابلت شادية صدفة واتفاجأت انها شبه ليليا اوي وفكرت استغل الشبه ده، عرضت عليها المبلغ الي كنت محوشه عشان افتح بيه مشروع مقابل انها تساعدني وهي وافقت .. ولما لقيت الكل سافر وفضلت انت وهي وبدور بس استنيت لحد ما رحت انت للشغل وخليت شادية تدخل القصر ولما شافها حد من البودي جارد افتكر انها ليليا وهي اخدت دورها برضه وقالتلهم انها محتاجة تخرج وهما خرجوا معاها على اساس انها ليليا، ولما مبقاش في حد في القصر غير ليليا وبدور دخلت وجبتها معايا غصب عنها هي وبنتها، وشادية رجعت للقصر مع البودي جارد وعرفت تهرب منهم من غير ما ياخدوا بالهم .. والباقي انتوا عرفتوه من شادية .

رفع رأسه في نهاية حديثه وهو يرى الدهشة تعتلي ملامح كل منهم ثم لاحظ الغضب الذي بدأ يرتسم على وجه أكرم فتحدث سريعا :
– بس ربنا اخد حقكم مني متقلقوش .

– ازاي ؟

تساءل أكرم بإستغراب فأجابه فادي مبتسما بإنكسار :
– خسرت ابني الوحيد وربنا حرمني من الخلفة تاني، والست الي خانـ ـتك معايا، طلعت بتخـ ـوني مع واحد تاني .

صُدم ثلاثتهم من حديثه الذي صرّح به خـ ـيانة سوسن، بينما أردف فادي بندم :
– ربنا مش بيسيب حق حد يضيع، ده الي اكتشفته متأخر ..

شعر أكرم بالشفقة ناحيته رغم كل شيء، لكن بدور ورسلان بقيا جامدين ولم يتأثرا بكلامه، حتى قال فادي بعد إطلاقه لتنهيدة طويلة :
– عارف ان ده صعب بس أنا عايزك تسامحني على كل حاجة عملتها معاك يا أكرم، وانتوا كمان سامحوني !

قال الأخيرة مخاطبا كلا من بدور ورسلان، لكن أكرم إلتزم الصمت ولم يجب، وأشاحت بدور بوجهها دون أن ترد هي الأخرى، بينما تحدث رسلان بجمود :
– أنا آسف بس ده صعب اوي، مش هعرف انسى انك السبب في بعدي عن الست الي كنت بحبها ومعتبرها كل حاجة في حياتي .. وحتى لو سامحتك في يوم، مش هعرف اعتبرك والدي خالص ..

.

أفاق أكرم من ذكرى ذلك اليوم وتنهد تنهيدة طويلة .. نظر إلى الصورة وبالتحديد إلى وجه ليليا بحنين، ولم ينتبه إلى الدمعة المتمردة التي إنسابت رغما عنه على خده .

قبّل الصورة بحب وتمتم وكأنه يحدث ليليا :
– آسف لاني ظلـمتك طول السنين دي يا حبيبتي، مع اني عارف انك مسامحاني لان قلبك طيب، بس عايزك تعرفي ان رغم كل حاجة انا لسه بحبك، وهفضل احبك لحد ما نتقابل في الجنة بإذن الله ..

في المساء وفي الفيلا الخاصة بجد دينا وهناء، كانت دينا تجلس رفقتها وتحاول إقناعها بالموافقة على العريس الذي سيأتي بعد قليل، لكن هناء كانت رافضة للموضوع تماما، حتى أنها لم تجهز نفسها لإستقباله بعد .

تنهدت دينا بتعب وقالت في محاولة أخيرة :
– طب بصي انتِ وافقي دلوقتي على الخطوبة ووعد مني اني مش هسيبكم تكتبوا الكتاب قبل ما الذاكرة ترجعلك .

– وانتِ هتعملي ايه يعني؟

تساءلت هناء ببعض الأمل فإبتسمت دينا مطمئنة إياها وأجابت بثقة :
– أنا همنع خالو وخلاص، المهم انتِ دلوقتي لازم تجهزي نفسك عشان عريس الغفلة قرب يجي .

أومأت هناء أخيرا وإتجهت لتأخذ الملابس التي جهزتها لها دينا ثم دخلت الحمّام، بينما خرجت دينا من غرفتها وهمّت بالذهاب إلى المطبخ حيث والدتها لكنها عادت إلى غرفة هناء سريعا عندما إستمعت إلى جرس الباب .

أسرعت نحو الشرفة التي كانت تطل على الباب الخارجي وأطلت برأسها بفضول لرؤية شكل العريس، إنتبهت إلى سيدة تبدو صغيرة في السن قليلا ثم حاولت التمعن في شكل العريس والذي عرفته فور رؤيته وإتسعت عيناها إثر ذلك بصدمة .

خرجت هناء في تلك اللحظة بعد أن غيرت ثيابها وانتبهت إلى وجود دينا بشرفتها فتساءلت بصوت عالٍ :
– بتعملي ايه يا دينا ؟ هو العريس جه ؟

همست دينا دون أن تلتفت إليها بصوت لم يصل إلى هناء :
– العريس .. هو نفسه سليم .. الولد الي كنت بحبه !

يتبع ..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسرار عائلتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى