روايات

رواية أسرار عائلتي الفصل الثامن عشر 18 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الفصل الثامن عشر 18 بقلم أروى مراد

رواية أسرار عائلتي الجزء الثامن عشر

رواية أسرار عائلتي البارت الثامن عشر

رواية أسرار عائلتي
رواية أسرار عائلتي

رواية أسرار عائلتي الحلقة الثامنة عشر

إستيقظ من نومه في وقت مبكر بسبب رنين المنبه العالي والذي تكاسل عن إغلاقه ، توقف عن الرنين بعد ثوان فإعتدل هو في جلسته على الفراش وحرك أنامله بين خصلات شعره السوداء وهو ينظر إلى الساعة بعينين ناعستين .. وقف بتكاسل بعد وقت إحتاج فيه إستيعاب ما عليه فعله ثم إتجه إلى الحمام ليستحم ويصلي صلاة الفجر قبل أن يبدأ في الإستعداد للذهاب إلى العمل .

إنتهى من صلاته بعد وقت ليس بقصير ثم إتجه ناحية الباب وهم بفتحه لكن رؤيته لقصاصة صغيرة ملقاة تحته منعه عن ذلك .. عض شفتيه محاولا ألا يبتسم لكنه فشل في ذلك وإتسعت إبتسامته رغما عنه ، إنحنى ليحملها ثم إتجه ناحية أحد الأدراج وفتحه ليظهر فيه عدد كبير من القصاصات المشابهة .

أخرج بعضا منهم ووضعهم فوق المكتب يحدق بهم بإبتسامته التي فشل في محوها .. كانت قصاصات مميزة باللون الزهري صنعت من الورق المقوى وذات رائحة زكية تضع منها بدور كل ليلة قصاصة أسفل باب غرفته منذ ذلك اليوم وفي كل قصاصة كتبت فيها جملة قصيرة تدفعه إلى الإبتسام رغما عنه ..

” إبتسامتك حلوة اوي على فكرة ! “

” إبتسم وأنا هديلك شوكولاتة ، وعد ! “

” شوفتك النهاردة وانت بتحاول تداري ضحكتك لما غمزتلك من البلكونة . “

” ما تبتسم يا قمر انت ! “

 

 

 

” بيقولوا ان ممكن يجرالي حاجة لو مبتسمتش ، يرضيك يجرالي حاجة ؟ “

” الأبيض لايق عليك على فكرة . “

” انت عارف انك لو مبتسمتش النهاردة أنا هعمل ايه ؟ هعيط ! “

كان يعيد قراءة ما كتب على بعض تلك القصاصات لكنه توقف عندما وصل إلى تلك الجملة الأخيرة ، إزدادت إبتسامته إتساعا وهو يذكر ذلك اليوم الذي قالت له فيه تلك الجملة عندما كانت تتصرف معه بغيظ طفولي بسبب صراخه الغير مقصود بوجهها .. مرت شهور منذ ذلك اليوم لم تحدثه فيهم ثانية ، وكانت فقط تكتفي بتلويح يدها له كلما رأته ، وهو أيضا لم يخاطبها أبدا ، حتى أنه لم يبارك لها تخرجها من الجامعة .. ورغم ذلك ، فقد كانت هي تحاول جاهدة رسم الإبتسامة على ثغره عبر وضع قصاصة من تلك القصاصات تحت باب غرفته كل ليلة .. ولا ينكر أنها نجحت في ذلك حقا .

وضع القصاصة التي إلتقطها قبل قليل على المكتب ليقرأ ما كتبته هذه المرة :
” شفت صورك وانت صغير في ألبوم الصور في اوضة بابا ، كنت كيووت اوي وكانت عندك غمازة صغننة على خدك الشمال . “

رفع حاجبه بضحكة ثم إلتفت إلى مرآة معلقة بزاوية ما بالغرفة ، إبتسم ليلاحظ حقا أن لديه غمازة على خده الأيسر .. وضع كفه على رأسه وعض على شفته السفلى هامسا :
– مش مصدق ان هبلة زيها عملت فيا كل ده !

أعاد جميع القصاصات إلى الدرج ثم خرج من غرفته لينزل إلى غرفة الطعام ، توقف أمام غرفتها لبرهة وهو يطالع بابها بشرود ، إبتسم بعد ثوان ثم تابع نزوله وهو يفكر في شيء ما كان قد علق بباله منذ أيام ..

دخلت غرفة الطعام بعد إستيقاظها في وقت متأخر على غير عادتها فوجدت عائشة وبراءة تجلسان معا وتتناولان طعام الإفطار ، إبتسمت لهما قائلة :
– صباح الخير .

– صباح النور .

غابت قليلا داخل المطبخ ثم عادت وبيدها كوب من الحليب الساخن وجلست بجانبهما مردفة :
– رحمة رنت عليا وقالت انها هتجي النهاردة هي وأخوها الصغير سيف .

 

 

 

طالعتها عائشة بحاجبين مرفوعين هاتفة بحماس :
– هتجيبه بجد ؟ أنا متحمسة عشان اشوفه .

– وانتِ يا بيرو ؟ مش متحمسة عشان تشوفيه ؟

تساءلت بدور مخاطبة براءة فهزت الثانية كتفيها بعدم إهتمام قائلة :
– مش أوي ، أنا عايزة اصاحب بنات في سني وهو ولد وأكبر مني بأربعة سنين .

ضيقت عينيها بشك وتمتمت :
– هنشوف !

إرتشفت قليلا من كوب الحليب ثم أردفت بتفكير :
– وبما ان أمجد فاضي النهاردة ، ايه رأيك نقوله يودينا الملاهي مثلا ؟

أومأت عائشة بإستحسان :
– فكرة حلوة ، بس لو مش هنضايقه طبعا .

– لا لا متقلقيش مش هيتضايق ، أمجد ده أطيب خلق الله وهيوافق على طول ، مش زي بعض الناس في أم العيلة دي !

– خالد برضه طيب على فكرة هو بس هو مشغول ، وياسين كمان طيب !

همست عائشة بتذمر فلوت الأخرى شفتيها معقبة بسخرية :
– طبيعي هيبقوا طيبين بس معاكِ انتِ وبس ، لأن الأولِ أخوكِ والتاني جوزك .

أخفضت عائشة رأسها بخجل عند سماع كلمتها الأخيرة فرفعت بدور أحد حاجبيها مصطنعة الصدمة وهتفت :
– ايه ده ؟ انتو مخطوبين من خمسة شهور وكاتبين كتابكم امبارح وانتِ لسه بتتكسفي لما تسمعي إسمه ؟

ثم زمت شفتيها وهي تضيف بحسرة :
– والله ياسين صعبان عليا اوي ، مش عارفة هتعملي فيه ايه تاني بعد الفرح ، بس تصدقي ؟ متوقعتش يبقى هو أول حد يتجوز من العيلة بس عرف يختار .

ختمت كلامها ببسمة فبادلتها عائشة ببسمة صغيرة وتمتمت :
– عقبالك انتِ ورسلان .

طالعتها بدور بصدمة وتحدثت بتلعثم ووجه متورد :
– رسلان ايه يا بنتي ؟ انتِ بتهبدي في ايه ؟

غمزت لها الثانية بخبث قائلة :
– فاكراني مش شايفة نظراتك ليه كل ما تشوفيه ؟

لم تستطع بدور الإنكار أو حتى إجابتها فإكتفت بالإشارة لها بعينيها إلى براءة لكنها تفاجأت بهذه الأخيرة تقول ببرود دون أن تنظر إليها :
– عادي عادي ، خليها تقول الي هي عايزاه أنا برضه ملاحظة نظراتك ليه وبابا برضه ملاحظ .

إتسعت عينا بدور بدهشة بينما أضافت براءة بتفكير :
– أعتقد أن عمو رسلان برضه ملاحظ ، والكل عارف تقريبا ان في حاجة بينكم .

 

 

 

– مفيش حاجة والله !

صاحت بدور بإندفاع لكنها فوجئت بعائشة ترمقها بنظرات ماكرة وتقول :
– يعني بتنكري انك بتحبيه ؟

نفت برأسها سريعا :
– لا طبعا ، بحبه ايه ده اخويا !

– كلنا عارفين انه مش أخوكِ متحاوليش تنكري ، ده حتى مريم لاحظت غيرتك عليه من أول مرة جت فيها هنا .

زفرت بدور بتذمر وصاحت :
– قولتلك مش غيرة ولا حتى حب انتِ ليه مش عايزة تفهمي ؟ أنا شايفاه زي أخويا وبس !

إبتسمت عائشة بإستمتاع ولم تكد تتحدث حتى لاحظت دخول أمجد وهو يلقي عليهم تحية الصباح :
– صباح الخير .

– صباح النور .

جلس بجانب بدور ثم وضع رأسه فوق ذراعيه على الطاولة وأغمض عينيه في إستعداد تام منه للعودة إلى النوم .. طالعته بدور بإستغراب ووكزت ذراعه قائلة :
– أمجد ؟ انت كويس ؟

تمتم دون رفع رأسه :
– ايوة ، بس منمتش كويس امبارح .

أومأت بتفهم ثم أردفت :
– طب مين الي هيودينا للملاهي دلوقتي ؟

لم تتلق أي رد فقد غط في النوم في ثوان ، أخفضت بدور رأسها بيأس وهمست مخاطبة عائشة وبراءة :
– للأسف ، مفيش ملاهي .

دخلت القصر وهي تمسك بيد شقيقها الصغير عندما وجدت والدتها تتجه نحوهما ثم تنحني لتقبل وجنة إبنها هاتفة :
– سفسف حبيب ماما عامل ايه ؟

إبتسم لها قائلا بتذمر :
– إسمي سيف يا ماما ، سيييف مش سفسف .

ضربت رحمة مؤخرة رأسه قائلة :
– احمد ربك انها بتعبرك أصلا ! أنا بنتها الكبيرة والأولى ومش بتعبرني زي ما بتعمل معاك .

ضحكت كريمة ووقفت لتعانقها قائلة بحب :
– بنتي الغيورة رحومة عاملة ايه ؟

 

 

بادلتها العناق وهي تجيب :
– الحمدلله يا ماما ، المهم بقى أنا رايحة للبنات ، هما فين ؟

قالت الأخيرة بحماس فأشارت لها والدتها إلى قاعة الجلوس لتمسك بيد شقيقها ثانية وتتجه به إلى الداخل مردفة :
– طيب اشوفك بعدين يا حبيبتي .

لمحت الفتيات تجلسن بقاعة الجلوس فصاحت :
– صبااح الخير يا قمرات !

إلتفتت ثلاثتهن إليها ثم رددن بصوت واحد :
– صباح النور .

إقتربت منهن وهي تشير إلى أخيها :
– ده أخويا الصغنن الي حكيتلكم عنه ، سيف ..

حك سيف رأسه ببعض الإحراج وتوردت وجنتاه رغما عنه ثم رفع رأسه مستعدا لإلقاء التحية لكنه وجد بدور تجلس أمامه ثم تقرص وجنتيه وتصيح رافضة تركهما :
– احلفي ؟ ده كيوت خاالث هو وخدوده الحمرا الي أنا عايزة اكلها دي !

أبعد يديها عنه وصاح بتذمر :
– أنا مش صغير عشان تعمليلي كده على فكرة ، أنا عندي عشرة سنين .

كتمت بدور ضحكتها على طريقته ودنت منه عائشة قائلة :
– فكك منها يابني ، بدور دي بتعامل الكل كده .

أنهت كﻻمها وهي تقف أمامه وتنحني لتصل إلى مستواه مردفة :
– أنا عائشة .

مد يده ليصافحها كالكبار فسحبت خاصتها بعد ثوان وأضافت مشيرة إلى براءة :
– ودي براءة .

طالع تلك الفتاة الصغيرة التي تشير إليها عائشة فهم بالحديث وإلقاء التحية لكن براءة أشاحت بوجهها قائلة :
– أنا مش بسلم على ولاد على فكرة .

لوى شفتيه بقرف وتحدث :
– وأنا مكلمتكش أصلا .

إغتاظت منه لكنها حافظت على برودها ولم تجب ، بينما كانت الفتيات تتبادلن نظرات الإستغراب بينهن ثم إنفجرن في الضحك .. زفرت براءة بضيق منهن ووقفت لتذهب إلى غرفتها التي خصصت لها لكنها توقفت وهي ترى سيدة تدخل القصر فركضت نحوها صائحة :
– دادة سمااح ! اتأخرت ليه النهاردة ؟

 

 

 

إستلقى على فراشه بتعب فور عودته إلى البيت ونظر إلى سقف غرفته بشرود .. كان يفكر في تلك التي سلبت عقله منذ سنين ، والتي لم يتقدم لخطبتها سوى منذ ثلاثة أشهر بعد أن أخبر والده بإرادته تلك .. ولكنها رفضته !

زفر بهم وهو يذكر عندما أخبره خالها بأنها رفضت رؤيته حتى .. لكنه لم يستسلم وقام بخطبتها ثانية وها هو يتلقى الرفض الثاني .

مسح على وجهه وكأنه يحاول إزالة همه عندما وجد إبن عمه يفتح الباب فجأة ويدخل الغرفة دون إستئذان .. إعتدل يامن في جلسته على السرير هاتفا بضيق :
– كام مرة هفضل اقولك استأذن قبل ما تدخل يا آدم ؟

تجاهل آدم كلامه وهو يقترب منه ثم جلس بجانبه قائلا :
– رفضتك تاني ؟

أومأ يامن بتنهيدة فزم الآخر بضيق وأردف :
– ما تفكك منها يابني ؟ دي رفضتك مرتين مش مرة ؟

– كنت متأكد انها هترفضني أصلا .

رفع آدم أحد حاجبيه بإستغراب وتساءل :
– ليه؟

– لأنها لما شافتني أول مرة هنا كانت فاكرة اني اني كنت عايز اتسلى بيها .

زم شفتيه بتفكير ثم قال :
– طب ما تتكلم معاها ؟ انا متأكد انها لو عرفت انك بتحبها من وانت صغير مش هترفضك .

شرد يامن في كلامه ثم أومأ بإستحسان قائلا :
– فكرة برضه .. بس يا ريت توافق تسمعني !

كانت عائشة تقف في شرفة غرفتها الجديدة بعد مغادرة رحمة وتراقب ذلك الذي أصبح زوجها منذ البارحة وهو يجلس في ذلك المكان الذي خصصه لنفسه للرسم ، ولم تكن تعلم بأنه رغم أنه كان يوليها ظهره إلا أنه شعر بوجودها وإبتسم رغما عنه .. إبتعدت بعد ثوان عندما إستمعت إلى صوت شقيقها يطلب منها الإذن بالدخول فصاحت :
– ادخل يا خالد .

دخل خالد ببسمة مزيفة رسمها على ثغره فور رؤيتها فشعرت بالقلق وتساءلت :
– مالك يا خالد ؟ انت كويس ؟

أغلق الباب وإتجه ليجلس على سريرها بعد أن قام بمحو تلك الإبتسامة وتمتم :
– في حاجة عايز اقولهالك ..

 

 

 

جلست بجواره وقد إعتلت ملامح الحيرة وجهها وإنتظرت منه المبادرة في الحديث .. أخذ نفسا عميقا ثم حاول إخراج الحروف من حلقه لكنه عجز عن ذلك جاعلا القلق يتسرب إلى قلبها أكثر . نطق أخيرا بعد ثوان بهدوء :
– أبوكِ دخل السجن يا عائشة .

قال ذلك ثم طالعها بطرف عينه مترقبا لردة فعلها لكنه تفاجأ بهدوئها رغم لمعة الحزن التي ظهرت بعينها للحظة . ظن أنها لم تسمعه فكرر كلامه بقلق :
– عائشة ، بقولك أبوكِ دخل السجن !

أومأت برأسها مؤكدة له سماعها لما قال ، أغمضت عينيها غافلة عن تلك الدمعة التي نزلت على خدها وهمست بهدوء عكس حالتها :
– كنت عارفة ان ده هيبقى مصيره ، ربنا يهديه بس مش عارفة اقول ايه غير كده .

تنهد بحزن ثم سحبها لأحضانه وأخذ يربت على ظهرها بحنان ، حتى تحدثت هي بعد بضع دقائق :
– وماما ؟

– اتطلقت منه خلاص .

أومأت بتفهم ولم تنطق بحرف ، عم الصمت بينهما لبعض الوقت قبل أن يقطعه صوت طرقات على الباب .. إبتعدت عن شقيقها بإستغراب ثم هتفت بعد تبادلها النظرات معه :
– ادخل .

فتح الباب ليظهر منه ياسين بإبتسامته الهادئة ثم دخل وهو يلقي السلام قبل أن ينظر إليهما بإستغراب لوضعهما ، أخفضت عائشة رأسها بخجل يسيطر عليها كلما رأته بينما رمقه خالد بحاجب مرفوع وصاح :
– عايز ايه من أختي يالا ؟

تجاهله ياسين وهو يجلس إلى جانبها من الناحية الثانية ثم قدم لها ورقة كانت بيده محافظا على نفس بسمته وهمس :
– بصي رسمتلك ايه ؟

أمسكت بها بتردد ونظرت إليها قليلا قبل أن تتورد وجنتاها بخجل وتخفض رأسها هامسة هي الأخرى بصوت يكاد يسمع :
– ش .. شكرا .

إختطف خالد نظرة نحو الرسمة رغم غيظه من تجاهل إبن عمه له ، لكنه تفاجأ به قد رسم أخته وهي تجلس في ركن من الحديقة وتلاعب طفلا كانت ملامحه مشابهة لملامح ياسين تماما .. تجاهل أمر الطفل وهتف بحدة مخاطبا إياه :
– انت لحقت تحفظ ملامح وشها امتى عشان ترسمها من غير صورة ليها ؟

أجابه بهدوء مستفز وهو يمسك بيدها متسببا في إحراجها أكثر :
– كانت خطيبتي ودلوقتي بقت مراتي ، يعني يحقلي ابصلها زي مانا عايز .

عقد خالد حاجبيه بغيظ وفتح فاه بنية الصراخ في وجهه لكنه صمت وهو يرى ياسين الذي تجاهله تماما وهو يحدث أخته بلطف قائلا :
– طب هتعلقيها فين دي ؟

قال ذلك ثم رفع رأسه ينظر إلى جدران الغرفة التي إمتلأت بالصور التي كان يرسمها لها في فترة خطوبتهما وأردف :
– احنا لازم نلاقيلها مكان مميز هنا .

إغتاظ خالد بشدة وهو يرى تقربه منها وإمساكه ليدها ثم طريقة حديثه معها فوقف بغضب وإتجه نحوه ثم سحبه ليقف بمواجهته قائلا :
– تعالى ..

 

 

 

حاول سحبه للخروج لكن ياسين أبعد يده عنه متسائلا بإستغراب :
– في ايه ؟

– محتاج اتكلم معاك في موضوع مهم .

قال ذلك وهو يسحبه ثانية إلى أن وصل إلى الباب لكن ياسين أبعد يده عنه ثانية وهتف :
– دقيقة واحدة !

عاد بخطوات سريعة إلى تلك التي لازالت تجلس مكانها وتنظر إليهما بإستغراب ثم أمسك ذقنها بكف يده اليمنى وإنحنى قليلا مقربا شفتيه من خدها الأيمن ليقبله بخفة .. إتسعت أعين عائشة بصدمة وإحراج كما فعل خالد ، لكنه إتجه إليه بغضب وأمسك بياقة قميصه مزمجرا :
– انت بتعمل ايه يا …

قطع كلامه وهو يختطف نظرة إلى تلك التي تضع يدها على خدها بإحراج ثم عاد بنظره إلى ياسين الذي يطالعه ببراءة وصاح وهو يسحبه من ياقته للخروج :
– تعالى ياخويا تعالى ، في حسابات كتيرة لازم اصفيها معاك !

أنهى كلامه وهو يخرج به ويصفع باب الغرفة بغضب تاركا شقيقته على نفس وضعها ، تضع كفها على خدها وكأنها تحاول منع تلك القبلة من الهروب وقد بدأت إبتسامة حمقاء بالإرتسام على شفتيها بالفعل .

– بس ده واد مستفز اوي يا بابا !

كان أدهم يستمع إلى حديث إبنته عن ذلك الضيف الذي يدعى سيف بإهتمام ، رغم أنه كان موضوعا تافها بالنسبة له إلا أن حديثها معه بطريقتها المحببة له يزيد من رغبته في الإستماع إلى كل ما تقول .

أنهت هي التعبير عن شدة حنقها منه لكن أعقبت حديثها بجملة أثارت إنتباهه :
– بس أنا بحسده بصراحة !

عقد حاجبيه بإستغراب وقلق وهو يرى بريق حزن في عينيها فتساءل :
– ليه ؟

– لان مامته بتحبه اوي ، وفضلت معاه كتير وهي كل شوية تسأله محتاج حاجة ؟ جعان ؟ زهقان ؟ ومسابتوش لوحده خالص .

أردفت بنبرة آلمته وهي تلوى شفتها السفلى بتساؤل :
– هو أنا ليه معنديش ماما زيه ؟

أخفض بصره للأرض وتنهد بضيق ثم رفعه ثانية وهمس :
– آسف !

عقدت حاجبيها بإستغراب وهمت بالإستفسار عن سبب إعتذاره ، لكنها وجدت عينيه تتسعان فجأة وكأنه إكتشف أمرا مهما للتو وأسرع يقول :
– يعني انتِ عايزة يبقى عندك ماما ؟

أومأت بعدم فهم وترقب فأضاف بتردد :
– أنا ممكن اتجوز .. وحدة ممكن تعتبريها مامتك .

سكتت قليلا تطالعه بتفكير ثم تساءلت :
– يعني مرات بابا ؟ زي الأفلام ؟

رفع أحد حاجبيه بعدم فهم وتابعها وهي تقوس شفتيها بإعتراض قائلة :
– لا لا ! أنا مش عايزة وحدة شريرة زي الي في سندريلا !

إبتسم على براءتها وقال :
– مش كلهم كده على فكرة ..

ثم رفع رأسه بتفكير قبل أن يخفضه ثانية مردفا بمرح :
– ايه رايك تختاريهالي انتِ ؟

– ازاي ؟

 

 

 

بدا مترددا قليلا لكنه إتخذ قراره فتحدث :
– مين أكتر وحدة من البنات حاسة انك مرتاحة معاها ؟

أجابت دون تردد :
– بدور .

– غير بدور ؟

فكرت قليلا ثم قالت :
– عائشة ..

– غير عائشة برضه ، دي مرات ياسين وأنا عايز وحدة مش متجوزة .

فكرت أكثر ثم أردفت :
– رحمة !

ضيق أدهم عينيه قليلا يحاول تذكر صاحبة الإسم لكنه لم يستطع ، تطلع إلى براءة بحيرة متمتما :
– أعتقد اني معرفهاش بس مش مهم .. المهم ان انتِ موافقة تبقى مامتك ؟

تساءلت بحاجب مرفوع :
– رحمة ؟ تبقى ماما ؟

ضيقت عينيها بتفكير ثم نفت سريعا :
– لا لا مش موافقة ، كده الواد المستفز الي حكيتلك عنه هيبقى خالي وأنا مش عايزة كده !

زم شفتيه بحيرة ثم تساءل :
– طب مين أكتر واحدة مرتاحة معاها غير بدور وعائشة ورحمة دي ؟

فكرت للمرة الثالثة قبل أن تجيب :
– سرين ..

إمتعض وجهه ولم يكلف نفسه عناء التفكير وهو ينفي برأسه معترضا :
– لا لا غير سرين ، أنا مش بطيقها ؟

– إيلين طيب ؟ رغم اني مش قادرة اتخيل انها ماما ..

نفى برأسه ثانية قائلا :
– دي برضه مش بطيقها .

أخفضت براءة رأسها بحيرة ثم رفعته ثانية متمتمة :
– كنت هقولك دينا ، بس دي تخص عمو يامن ..

زفر بقلة حيلة ثم تساءل :
– والباقي طيب ؟ مش مرتاحة معاهم ؟

 

 

 

نفت برأسها مجيبة :
– مش بالضبط ، مريم وحدة بتحب الخناقات كتير وأنا بصراحة بنت هادية ومبحبش المشاكل ، وهناء بخاف منها ومن هدوءها ساعات وأنا أصلا متكلمتش معاها خالص ومش عارفة هيبقى تعاملها معايا ازاي لو اتجوزتها .. ده لو وافقت أصلا !

ضرب أدهم رأسها من الخلف بخفة قائلا بتذمر مصطنع :
– وهترفض ليه ؟ متخلقتش لسه الي ترفضني ، أبوكِ مجنن البنات كلهم لو مش عارفة ..

قال كلمته الأخيرة وهو يمرر يده على شعره بغرور فضحكت براءة بخفوت ثم تساءلت بعد ثوان من الصمت :
– ممكن أعرف انت مش بتطيق سرين ليه ؟

ألقى عليها نظرة سريعة ثم نظر أمامه وقد تغيرت تعابير وجهه وأجاب :
– لأنها مستفزة ، ده غير انها بتحشر مناخيرها في حاجات متخصهاش !

رفعت حاجبيها بإستغراب متمتمة :
– بس دي طيوبة خالص معايا وأنا بحبها !

لوى جانب شفتيه بضيق ولم يعلق .. أردفت براءة بعد ثوان بحماس :
– ايه رايك تصالحها وتتجوزها ؟

وقفت أمام الباب تنتظر أي أحد يفتح لها حتى فتح أخيرا وظهر من خلفه رجل يبدو في الأربعينات لكنه مازال يحافظ على وسامته ، نظر إليها بإستغراب فأسرعت تهتف بتوتر :
– ااء ، أنا آسفة لاني جيت من غير معاد .. أنا بدور صاحبة دينا وكنت عايزة اشوفها !

إبتسم لها بهدوء ثم أفسح لها المجال للدخول مرحبا :
– اتفضلي يا بنتي ، انتِ مش محتاجة معاد عشان تجي أصلا .

إبتسمت له بدورها وسارت معه إلى الداخل متسائلة :
– انت خالها صح ؟

أومأ برأسه مجيبا :
– ايوة ، تعالي معايا عشان اوريكِ اوضتها .

تمتمت سريعا :
– أنا جيت هنا قبل كده وعارفة مكانها ، ممكن اروحلها لوحدي .. لو مش هسببلك ازعاج يعني !

همست بجملتها الأخيرة بصوت منخفض وإحراج فنفى برأسه قائلا :
– ولا ازعاج ولا حاجة ، اتفضلي البيت بيتك .

إكتفت بإيماءة صغيرة ثم تركته وصعدت سريعا نحو غرفة صديقتها .. طرقت بابها وإنتظرت قليلا حتى سمعت صوتها يأذن لها بالدخول .

دخلت بهدوء ثم أغلقت الباب وهي تنظر إلى تلك المستلقية على فراشها بملل ، إعتدلت دينا في جلستها عند رؤيتها لها وهتفت بترحيب :
– أهلا وسهلا ، اتفضلي اقعدي .

قالت ذلك مشيرة إلى السرير فإقتربت بدور منها وجلست حيث أشارت متمتمة بمرح :
– متقوليليش انك نايمة كده طول اليوم من غير ما تعملي حاجة ؟

قوست دينا شفتيها بملل وقالت :
– امال عايزاني اعمل ايه ؟ من أول ما اتخرجت وأنا مش لاقية حاجة اعدي بيها يومي .. حتى الفون زهقت منه !

– ما تدوري على شغل طيب ؟

 

 

 

نفت دينا برأسها وهي تهز كتفيها برفض مجيبة :
– مش عايزة اشتغل بصراحة .. على الأقل مش دلوقتي .

أومأت بدور برأسها بتفهم وعقبت :
– أنا برضه مش عايزة اشتغل ، أنا عايزة اتجوز !

ضحكت دينا بخفة ولم تعلق ، عم الصمت بينهما لثوان حتى قطعته بدور فجأة بقولها :
– ممكن أعرف انتِ رافضة يامن ليه ؟

ظهرت ملامح الإعتراض على وجه دينا قبل أن تتمتم بملل :
– وهو لازم يبقى في سبب عشان أرفض ؟

أجابت الثانية بغيظ :
– آه لازم ! لما يبقى في حد متمسك بيكِ بالطريقة دي وانتِ رافضة يبقى أكيد في سبب !

قلبت دينا عينيها بضيق ثم سكتت قليلا تنظر إلى الفراغ بشرود .. رفعت بدور أحد حاجبيها بإستغراب وهمت بالسؤال عما يشغل بالها لكنها تفاجأت بها تهمس فجأة :
– لأني بحب حد تاني !

كان يسير بإتجاه غرفته فور عودته من العمل ، توقف فجأة عندما وضع يده على مقبض الباب وهم بفتحه ، نظر إلى باب غرفتها بطرف عينيه بنظرات غامضة وبدا أنه يفكر في شيء ما شغل تفكيره ومنعه عن الإنتباه لعدد الدقائق الي مرت وهو يقف بنفس وضعيته أمام الباب .

أفاق من شروده على يد وضعت على كتفه تلاها صوت خلفه يهتف بقلق :
– مالك يا رسلان ؟ انت كويس ؟

إلتفت برأسه إلى صاحب الصوت ثم أومأ بهدوء مطمئنا إياه :
– أنا كويس يا أمجد متقلقش .

ثم عاد ينظر أمامه بتفكير وأردف :
– بس في حاجة شاغلة تفكيري وعايز أعملها النهاردة قبل بكرة !

رفع أمجد أحد حاجبيه بإستغراب وتساءل :
– هي ايه ؟

أرخى رسلان يده من قبضة الباب وإلتفت إلى أمجد بكامل جسده متسائلا :
– بابا فين ؟

– في اوضته أعتقد .. بس في ايه يا رسلان ؟

 

 

 

إنتظر إجابته لكنه تفاجأ به يبتسم بهدوء ويتمتم وهو يبتعد عنه متجها ناحية غرفة أكرم :
– هتعرف قريب !

رفع أمجد كتفيه بقلة ثم نزل تاركا رسلان يدخل غرفة أكرم بعد إستماعه للإذن بالدخول .. وجده يستند على ظهر فراشه ويفرد ساقيه واضعا حاسوبه على فخذيه ويبدو منهمكا في العمل ، أغلق الباب وإتجه ليجلس بجانبه على السرير دون أن ينطق بحرف .

رفع أكرم حاجبيه بإستغراب ونظر إليها متسائلا بإهتمام :
– في حاجة يابني ؟

حك الآخر عنقه بتوتر متمتما :
– اه .. أنا محتاج أتكلم معاك في موضوع ..

أغلق أكرم الحاسوب ووضعه على الجانب الآخر من السرير ثم إعتدل في جلسته وولاه كامل إهتمامه قائلا :
– اتكلم .. سامعك .

حاول رسلان الحديث وحرك شفتيه محاولا إخراج الحروف من حلقه لكن الإحمرار بدأ يسيطر على وجهه مما جعل أكرم يرمقه بقلق وريبة .

أخذ نفسا عميقا ثم أسرع يقول بنبرة بدت .. محرجة :
– أنا عايزك تجوزني بنتك !

يتبع ..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسرار عائلتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى