روايات

رواية أزهار بلا مأوى الفصل الرابع عشر 14 بقلم نورا سعد

رواية أزهار بلا مأوى الفصل الرابع عشر 14 بقلم نورا سعد

رواية أزهار بلا مأوى الجزء الرابع عشر

رواية أزهار بلا مأوى البارت الرابع عشر

أزهار بلا مأوى مدونة كامو
أزهار بلا مأوى
مدونة كامو

رواية أزهار بلا مأوى الحلقة الرابعة عشر

– “ياسين” أنا هبدأ أجهز ورقك، أنا عايزاك تعيش معايا.
لم يتوقع الولد ما قالته، أنكمش على حاله بعدما كان مُنطلق، وبملامح فازعة سألها:
– ليه عايزة تعملي كده؟ هتزهقي مِني وأنا بحبك.
ترقرقت عينيها بالدموع، رفعت كف يدها ومررته على وجهه وهي تقول له بحُزنٍ وغصة مريرة:
– عشان أنا محتاجاك أكتر من العالم كله يا “ياسين”
تأثر الطفل بدموعها، زحفت دموعه هو الأخر لوجنتيه، رفع أنامله وكفكف لها دموعها وهو يقول لها:
– خلاص أنا هكون معاكِ، بس أوعديني تفضلي جمبي طول العمر.
فتحت له ذراعيها وهي تأخذه بعيدًا عن أعيون الجميع، وكأنها تحميه من البشر والعالم، هُنا فقط وأقسمت أنها على أستعداد أن تُحارب العالم جميعه لأجل أن يكون “ياسين” هو مؤنس حياتها الباقية، وبسعادة ورضا انتهى اليوم على جميع أبطالنا ولا يدرون ما تُخفيه عنهم وحاشة الأيام.
انتهى اليوم بسعادة جميع الأطفال، كانت السعادة تزور قلوبهم بعدما هاجرتهم لسنواتٍ كثيرة، وصلوا الفتيات الأطفال للدار وودعوهم وأنصرف كل منهم إلى منزله، كانت أول من وصلت لمنزلها هي “ليلى” وفور دخولها لمنزلها أتجهت إلى الغرفة الفارغة التي في منزلها الصغير؛ تلك الغرفة التي كانت مُعدة للأطفال ولكنها أنقلبت لمكتبٍ بفضل زوجها العزيز! وبكل هِمة ونشاط كانت تأخذ ذلك تضعه خارج الغرفة وتنقل ذاك من مكانه، ساعات مرت عليها حتى فُرغت الغرفة من كل الأشياء التي لا تمد لهاوية الغرفة؛ ونقلت الأشياء الأخرى في غرفة أخرى كانت مُغلقة لأنها كانت تُعد لهم غرفة المهملات أو “غرفة الكراكيب” كما يزعمونها الجميع، بعد تعب وإنهاك شديد رمت بجسدها على الأريكة بتعب شديد، والغريب أنها لم تجلس لكي تستريح؛ بل لكي تواصل ما تفعله! وكأن كل ذلك التعب هي لا تشعر بهِ لأنه مُحبب على قلبها، فتحت الحاسوب الخاص بها وبدأت عملية البحث على أثاث لغُرف أطفال حديث، كانت تنتقل بين الصحفات بسعادة شديدة، تريد أن تختار له أفضل شيء في الكون، كان كلما يعجبها شيء تقوم بطلبه، كان قلبه يتحرك بعنف في مضجعه؛ لا تعلم هل هذا بسبب زيادة هرمون …..في جسدها أم لأنها من داخلها تخاف وترتعد من فكرة الرفض؟ وهُنا وكانت تتوقف عن ما تفعله، أنكمشت على حالها وعقلها ظل يدور بها، سندت بكفيها أسفل ذقنها وهي تفكر في الأمر؛ ماذا إذت رفض زوجها؟ ولكنها لم تفكر كثيرًا؛ هو لحظات وكان معها الحل الأمثل، سحبت هاتفها مُقرره الأنتهاء من ذلك الصراع الداخلي الذي نشب نتيجة مخاوفها، بحثت على رقم زوجها وقامت بالأتصال بهِ وللعجب أنه أستجاب لها :
– أيوا يا حببتي .
وبأنفاس تتسارع قالت له:
– عايزاك ضروري يا “عامر” هتيجي أمتى؟
– كمان يومين بالظبط، أنا عارف أني اتأخرت عليكِ.
وبابتسامة بسيطة قالت له:
– تمام يا “عامر” في انتظارك.
غلقت معه المكالمة وهي قررت ما ستنفذه؛ حتى وأن أنقلب عليها العالم بعد ذلك القرار.
********
كانت “سلمى” هي الأخرى وصلت لمنزلها منذ وقت، بدلت ملابسها وكانت مُستلقيه على فراشها، ودون سابق أنذار كانت تستقبل رسالة عبر تطبيق ” الواتساب” من “ذياد” تعجبت منها ولكنها دخلت عليها وردت على تحيته، ثم ودون تفكير كتبت له:
– أنت محتاج حاجة؟
حُرج منها، لا يدرى ما مشكلته مع تلك الفتاة لكي يُحرج منها كل تلك المرات المتتالية في ذات اليوم!
لكنه تدارك الموقف وهو يكتب لها:
– لا بس كنت عايز اسألك يعني هو الولاد بيتدرب حاجة تاني؟
كان يحاول أن يخلق حوار معها بأي طريقة، فهو مُنجذب لها ولعملها المميز في نظره، وللعجب استجابت له بعدما كانت تحرجه كلما نطق بحرفٍ، ظلوا يتحدثون عبر التطبيق حتى غفلت الأخرى واستأذنت منه لكي تنام، كان أحساس عجيب يغمرها، لا تدرى هل هي سعادة لأنه مُتهم لهذه الدرجة بعملها الذي لم يهتم له أحدًا في يومّا من الأيام!
وفي نهاية الأمر أحتفظت بسعادتها لذاتها وغفلت في فراشها.
********
في اليوم التالي، كانا الفتاتان يقفون أمام الفتيان وضعين يدهم مستقيمة بجانبهم وهم يقولون بجدية شديدة:
– جاهزين؟؟
وبصوتٍ واحد قوي مُتحمس ردوا عليها:
– جاهزين.
تقدمت منهم “سلمى” خطوة للأمام، بينما “ليلى” تراجعت خطوة للخلف وهي تحضر هاتفها لكي تلتقط الصور المطلوبة، كانت تتابع حركات “سلمى” وعند بدء صديقتها بالحديث ضغطت هي على زر تشغيل الفديو، وبكل حماسًا وحُب كانت تقول لهم “سلمى”:
– النهاردة يا ولاد هناخد حاجة مهمة أوي؛ وهي أزاي نقول لا.
– لما مس ” سهام” تقولنا روحوا ناموا لازم نقولها لا صح يا مس؟؟
كان ذلك صوت “سمير” العفوي المُتحمس؛ مما جعل الأخرى تجحظ عينيها وهي تقول له سريعًا:
– يا سلام؟؟ يعني عشان مس “سهام” عايزاكم تظبطوا نومكم وتكونوا أقوية بتقول كده؟
تلاشت ابتسامة الصبي، مما جعلها هي تعود لملامحها الجادة وهي توضح حديثها السابق:
– هنعرف أزاي نقول لا في التصرفات اللي مش عجبانا يا ولاد.
بالطبع كانت ملامح الأطفال غير مُبشرة بالمرة؛ مما جعلها تشك في طريقتها لفتحها لذلك الموضوع! ولكن قبل أن تيأس منهم تدخل “ليلى” سريعًا بعدما أعطت “لسهام” هاتفها لكي تقوم هي بمهمة التصوير، أقتربت من “سلمى” وتدخلت هي في الحديث قائلة لهم بحماسٍ شديد:
– ركزوا معايا يا ولاد من فضلكم ماشي هنعمل دلوقت حركات وعايزين نعرف منكم الحركات دي صح ولا غلط واللي هيجاوب هيكون لي مكافأة أتفقنا؟
وبحماسٍ شديد رددوا خلفها الأطفال، وبسرعة شديدة كانوا يغيرون طريقة طرحهم للموضوع أمام الأطفال، وبسرعة بديهة استجابت “سلمى” لفكرة صديقتها المفاجأة وكانت تمثل معها المشهد المطلوب، كانا الأثنين يقفون أمام بعضهم، ولكن “سلمى” تقدمت من “ليلى” سريعًا تُريد أن تُقبلها في فمها، ولكن الأخرى دافعتها بعيدًا عنها وهي تصرخ فيها وتقول لها لا، كانت عيون الصبية لا تنزاح عنهم، يحاولون فهم ما يحدث أمامهم، وبعدما انتهوا الفتيات من المشهد وقفا أمام الأطفال مُبتسمين، يراقبون تعابير وجههم المُتسائلة، وكان أول من تحدث “ليلى” وهي تسألهم بغفٍ:
– حد فهم حاجة يا يولاد؟
وكان أول من فهم مقصدهم هو “مالك”، رفع يدهم وبكل عفوية قال لهم:
– مينفعش حد يقرب مِني أوي يا مس، بوقي ده بتاعي، صح؟
ابتسمت “سلمى” تلقائيًا على أجابته، هزّت رأسها له وهي تردف قائلة ببسمة واسعة:
– صح يا حبيبي.
تقدمت “ليلى” هي الأخرى ثم أضافت وهي تقول لهم :
– زي ما “مالك” قال يا ولاد، بوقنا ده بتاعنا أحنا، وصفته أننا ناكل ونتكلم من خلاله، مينفعش حد يجي عنده أبدًا!
تقدمت “سلمى” خطوة منهم ثم واصلت هي قائلة:
– ولو حد عايز يسلم علينا يولاد يسلم علينا أزاي؟؟
هنا وتقدم “ياسين” سريعًا وهو يقول لها :
– بأيدينا، أو في خدودنا بس صح؟؟
ابتسمت له “ليلى” ثم سألته بمشاكسة:
– طب لو بنت بقى اللي بتسلم عليها يا “ياسين” هتبوسها في خدودها برضه؟
ضحكوا الأولاد على كلماتها، بينما “سلمى” أردفت هي قائلة:
– محدش بيسلم بالبوس يا ولاد، السلام بالأيد وبس أو أحضن الشخص ده لمدة ثواني وأبعد عنه تاني.
– يعني أنا ينفع يا مس أعمل كده.
كانت هذه كلمات “ليلى” وهي تنقض على “سلمى” تحضنها بشكلٍ مُريب وتمسك أجزاء من جسدها بشكلٍ مُقزز واضح للأطفال؛ هُنا ودفعتها “سلمى” سريعًا بعيدًا عنها وهي تهتف في وجهها بلا؛ كانت علامات التركيز تعتلي وجه الصبيّة، بعدما انتهوا من المشهد التالي وقفوا بجانب بعضهم وهم ينظرون للأطفال ثم سألت”سلمى” :
– هو ينفع حد يمسك جسمي بالشكل ده يا ولاد؟؟
– لا مينفعش.
كانت هذه أجابتهم هم الثلاثة في صوتٍ واحد قوي، ابتسموا لهم بفخر وهم يرون تفاعل الأولاد معهم، أشارت “ليلى” لسهام” لكي تقدم لهم اللوحات الصغيرة التي حضرتها خصيصًا للأولاد، كانت كل لوحة على شكل دائرة وبها عصا لكي تستطيع المسك بها ومرسوم عليها شيء يدل على التحرش وأعلى علامة الخطأ، رفعت “ليلى” اللوحة الأولى والتي كان بها رسمة فتى يُقبل صديقه من فمه وأعلاها مرسوم علامة الخطأ، ثم قالت موجهة حديثها لهم:
– ينفع يولاد حد يبوسنا بالشكل ده؟؟
وبصوتٍ واحد كانوا يهتفون سويًا:
– لاء.
بدلت نظراتها بينهم وبين صديقتها ثم رفعت “سلمى” اللوحة الأخرى والتي كانت تحتوي على فتى يمسك فتاة من منطقة الصدر وأعلاها مرسوم علامة الغطأ، ثم وضحت لهم تلك الصورة قائلة:
– طب ينفع يا ولاد أنتوا تمسكوا بنت من جسمها بالشكل ده أو بأي شكل من الأشكال؟؟
وبصوتٍ واحد أيضًا كانوا يهتفون:
– لأ عيب!
ودون مقدمات كانت “سهام” تتقدم منهم وهي تصفق لهم بحرارةٍ شديدة، كانت تنظر للفتيات والأطفال بفخرٍ شديد، لم تتوقع أن هؤلاء الأطفال الذين كانوا مشوهين نفسيًا لأسباب مختلفة أن يصبحون أسوياء لهذه الدرجة، هُم استوعبوا معلومات التوعية بصدرٍ رحب! كانت تتوقع أنهم ينفرون منها؛ طفل مثل “مالك” تعرض للتحرش في الصغر؛ هل كانت تتوقع أنه يتقبل الفكرة التوعوية للتحرش في العموم؟ بالتأكيد لا، هي كانت تتوقع أنه ينفر ويثور أو حتى يخشى أن يتحدث في ذلك الموضوع من الأساس؛ ولكنه خالف كل توقعتها، كانت فخوره “بمالك” بالتحديد، خرجت من شرودها عندما لحظت العيون التي ترمقها بتعجب، تنحنحت بحرج وقالت:
– بالظبط كده يا ولاد، عيب…عيب أن حد يجي جمب جسمنا؛ ده بيكون اسمه تحرش!
كانت الكلمة عجببة لبعضهم؛ ولكنها بالتحديد لم تكن عجيبة على مسامع “مالك” فهو أكثر شخص على دراية بموضوع مثل هذا، ابتسمت لهم ثم واصلت:
– أحنا جسمنا غالي يا ولاد، جسمنا غالي ومينفعش حد يقرب مننا أبدًا، لو حد قرب مننا نقوله بكل قوة لا، نقوله إيه يا ولاد؟؟
هتفوا الأولاد بصوتٍ واحد:
ـ لا.
وهكذا انتهت أول محضرة لهم في التوعية، كانت هذه فكرة “سلمى” في صباح اليوم؛ أنهم يفعلون حملات توعوية للأطفال، وبالفعل بدأوا فيها بعدما انتهوا من أجتماعهم وترتيب كل شيء، أتت الفكرة لها في لحظات ورتبهُ لها في ساعة واحدة وها هم نفذوها بالفعل، رحلوا الأولاد لغرفتهم وأجتمعوا الفتيات في مكتب “سهام” بنائًا على طلبها لهم.
ترجلا الفتيات للمكتب وعلى ثغرهم الابتسامة لا تفارق وجههم، جلسوا أمامها وقبل أن يأخذون رأيها فما حدث كانت هي تُهم وتقول لهما بفخرٍ يتراقص في مقلتيها:
– أنا بجد فخورة بيكم، مكنتش مصدقة أن المحاضرة هتفرق معاهم بالشكل ده.
انتهت من كلماتها ثم وجهت سؤالًا “لسلمى” قائلة:
– أزاي جاتل الفكرة دي يا “سلمى”؟
وببساطة كانت ترفع كتفيها للأعلى وهي تُجيب عليها قائلة:
– الفكرة كلها أني أفتكرت أزاي نوعي الأطفال بمخاوفهم؛ يعني تفكيري كله كان في أزاي نواجهم بالشيء اللي سبق وعملهم مشكلة بالفعل؛ عشان يفهموا أن دي ممكن تكون مشكلة للكل؛ مش ليهم هما بس.
أنبهرت بتفكيرها المختلف، كان كلٌ ما تظنه أنها أرادت أن تقوم بحملات توعوية فقط وأنها أحسنت اختيار الموضوع ليس إلا؛ ولكنها فاقت جميع توقعاتها، ابتسمت لها بسعادة وانبهار وهي تقول لها:
– بجد يعني براڤو عليكِ أوي.
ومع انتهائهم من الاجتماع أنصرفوا الفتيات ورحلوا لكي يواصلوا عملهم.
********
كان اليوم أسعد أيام حياتها؛ فكانت “ليلى” بصحبة “ياسين” لكي تتبضع له ملابس جديدة وألعاب؛ بالتأكيد لم يأخذها معه للدار؛ ولكنها كانت أشياء تلزمهم في منزلهم؛ فهذه الأشياء يريدونها من أجل “ياسين” لأنه سيرافقها بعدما تنتهي من أوراق التكافل، بعد محاولاتها وإلحاحها على السيدة “سهام” لكي تأخذه معه خلسه دون معرفة الصغار، وها هي تقف خلف غرفة تبديل الملابس في المحل الذي تمنت ليالي أن تدخل له وتتبضع فيهِ من أجل صغيرها، وها هي تتحقق أمنياتها التي طالت ليالي وسنوات تترجاها بعيونٍ باكية، خرجت من شرودها على صوت “ياسين” وهو يخرج من تلك الغرفة ويستدير أمامها بفرحة شديدة وهو يقول لها:
– إيه رأيك في الطقم؛ حلو؟؟
كانت الفرحة تعتلي ملامحه بشكلٍ ملحوظ، بريق عيناه كان يُلمع بشكلٍ عجيب؛ وكأنه ولِد اليوم من جديد على يدها ومن أجل تلك الحياة الجديدة التي تنتظره، وبنظراتٍ فارحة كانت تقول له:
– شكلك عسل أوي يا “ياسين” حلو أوي أوي.
انتهوا من تلك الجولة الممتعة وكان من المفترض أن يسلكون طريقهم نحو الدار من جديد، ولكن “ليلى” ابتسمت فاجأة وهي تقول له بحماسٍ:
– إيه رأيك نروح دلوقت نشوف بيتنا اللي هنعيش فيه يا “ياسين”؟؟
وبذات الحماس رد عليها قائلًا:
– بجد؟؟ يلا طبعًا.
وبالفعل أخذته “ليلى” لمنزلها، دقائق وكانوا أمام باب الشقة، وبابتسامة كبيرة فتحت له الباب وهي تقول له:
– أدخل يا حبيبي.
أخذته وتجولت بهِ في المنزل، أخذته في جولة مُنعشة في منزلها الصغير، كانت تدخل بهِ كل ركن في الشقة وتحكي له ماذا تفعل هُنا بالتحديد، وقفت عند فرفة المكتب مسبقًا والتي فرغتها من أجله وقالت له بكلٌ ذرة حُب في قلبها:
– الأوضة دي كانت أوضة شغل؛ بس دلوقت بتجهز عشان تكون أوضتك أنت.
– بجد؟؟ ليا أنا؟ لوحدي يعني؟
– أه يا حبيبي.
قالتها وهي تحضن وجهه الصغير بكفيّ يدها، ابتسم لها بكل أمتنان وأردف:
– بس أنا مش بحب أنام لوحدي؛ هتنامي معايا؟
– مش هتبعد عن حضني أبدًا.
انتهت من كلماتها وهي تضعه بجانب قلبها الذي تسارعت دقاته وكأنه في سباق عنيف، خرجوا من تلك الحالة على صوت طرقات على الباب، وقبل أن تسأل “ليلى” من في الخارج؛ كان “ياسين” يرهل سريعًا في أتجاه الباب وهو يقول لها بحماسٍ لا يليق بقبضة قلب تلك المسكينة:
– أنا دايمًا كنت بتمنى أني أفتح الباب لحد.
وبالفعل فتح الباب، تفاجأ برجلٍ يقف أمامه ذو حلة رمادية يرتدي عدسات شمسية رغم أنهم في المساء، كان ذلك الرجل يرمقه بنظراتٍ أصابت الصغير بالقشعريرة، ولكنه ورغم ذلك سألته بعفوية:
– أنت مين؟
– أنا اللي مين؟ أنت بتعمل إيه هنا؟؟
كان ذلك صوت “عامر” الجهوري الذي فزع الصبي وجعل “ليلى” ترهل لهم راكضة تسأل من في الخارج، ولكنها…ولكنها تصنمت، لم تتوقع أنه يأتي اليوم؛ بل في هذه الوقت بالتحديد! وقبل أن تسأل أي شيء كان صوت “عامر” يضوي في المكان من جديد وهو يسأل بصوتٍ أجش غاضب:
– مين ده يا “ليلى”؟؟
من الواضح أنه أستشف الوضع، نظفت حلقها بتوتر شديد وهي تضم الصبي لها وتقول:
– ده “ياسين” يا “عامر” ولد معايا في الدار.
– و؟؟؟
كان هذا سؤال “عامر” الهادئ والذي جعل البرودة تسرى في جسدها، ولكنها أستجمعت جميع قواها، تقدمت خطوة بعدما أزاحت الصبي لكي يكون خلفها وقالت له بثباتٍ مُزيف:
– وده الولد اللي قررت اتكفّل بيه يا “عامر”.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أزهار بلا مأوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى