روايات

رواية أحرقني الحب الفصل السادس 6 بقلم ديانا ماريا

رواية أحرقني الحب الفصل السادس 6 بقلم ديانا ماريا

رواية أحرقني الحب الجزء السادس

رواية أحرقني الحب البارت السادس

أحرقني الحب
أحرقني الحب

رواية أحرقني الحب الحلقة السادسة

كانت تشعر أنها تُحمل على الهواء هناك يدان ترفعانها، كان رأسها ثقيل فلم تستطع فتح عيونها في بداية الأمر.
كان حسام يحمل هديل ويصعد بسرعة لشقة والديها، نظر لوجهها الشاحب بقلق يطل من عيونه، رفع يده التي تحت رأسها قليلا ليصل لجرس الباب.
حين فتحت والدتها الباب شهقت بذعر وهي تضرب صدرها بيدها: يالهوي حصل إيه؟ مالها بنتي؟
تحدث حسام بحدة: مش وقته الكلام ده لو سمحتِ أوعي علشان نشوف مالها الأول.
تحركت والدتها بسرعة من أمام طريقه لتسمح له بالدخول، دلف حسام وهو يحمل هديل بين يديه.
أشارت له والدتها: دخلها هنا يابني.
ثمار تابعت بحسرة: إيه اللي حصلك بس يا بنتي.
وضعها حسام على السرير وهو يعدل من وضعيتها بينما أتت والدتها التي ما إن رأت وجهها بوضوح حتى قالت بصدمة: إيه اللي في خدها ده؟
لم يلتفت لها حسام وقد توقف يتأمل هديل، لم يعلم أحد مشاعره الحقيقية لأنه قد غطى وجهه بقناع من الجمود رغم قلبه الذي يتآكل من القلق على مظهرها، فتحت هديل عيونها ببطء شديد لتقابلها عيون حسام العسلية.
لمعت عيون هديل وهمست بضعف: حسام!
ثم أغلقت عيونها مرة أخرى بتعب، كان على وشك أن يمد يده لوجهها حين قبض عليها بشدة ليمنعها من أن تمتد إليها وهو يزدرد ريقه بصعوبة، المرارة التي سكنته لسنوات غمرت قلبه في هذه اللحظة بالذات ولكن كل ذلك كان بداخله فقط خلف البرودة المرتسمة على ملامح وجهه.
نهض قائلا بجدية: الأحسن تطلبي ليها دكتور، أنا ممكن أكلم دكتور صاحبي ولو حضرتك احتاجتي حاجة أنا تحت أمرك.
ثم غادر ووالدة هديل تقول بامتنان: تسلم يابني ربنا يحفظك ويبارك لك يارب.
جلست والدتها بجانبها وهي تمسح على شعرها بحنان ودموعها تنزل بحزن عليها: حصلك إيه يا بنتي؟ ياللي مكتوب عليكِ الفرح يسيب بابك ولا تعرفي الراحة للحظة، شايلة شيلة مش شيلتك وساكتة علشاننا كلنا وناسية نفسك.
اتصلت بوالدها الذي صُدم من منظر ابنته ووقف ساكنا ثم حضر الطبيب الذي اندهشوا عندما رأوه ولكنهم علموا أنه من طرف حسام فدعت له والدتها بامتنان، فحصها الطبيب وقد أقر أن لديها إجهاد نفسي وجسدي شديد وذُهل عندما رأى الجرح الذي في خدها ولكنه ضمده على قد ما تسمح به إمكانياته وقد شدد على الراحة التامة.
سألهم الطبيب كيف حدث الجرح فنظر والداها لبعضهما بارتباك قبل أن يتحدث والدها: وقعت يا دكتور واتخبطت في السُفرة.
رغم عدم اقتناع الطبيب ولكنه يعلم أنه لا يصح أن يتدخل فهز رأسه وأعطاهم ورقة الدواء وغادر.
لحقت والدتها بوالدها حين ودع الطبيب وقالت بعتاب: إيه رأيك؟ عاجبك شكلها كدة؟
عقد حاجبيه باستغراب: أنتِ بتقولي إيه؟
ردت آمال بحسرة: إيه قولت حاجة غريبة؟ بقولك إيه رأيك في بنتك وهي جاية مضروبة وواقعة على السلم والغريب هو اللي شالها وجابها؟
تضايق والدها ولم يجب فصاحت به آمال: دلوقتي جاي تسكت؟ هتسكت ليه؟
اتسعت عيناه بدهشة: أنتِ بتزعقي فيا يا آمال؟
ردت بقهر: أمال عايزني أسقف لك؟ مش شايف حالة بنتك؟ مش دي الجوازة اللي كنت طاير بيها؟ وهتسعدها وتريحها؟ إيه قلبك مش بيأكلك عليها وأنت شايفها بالشكل ده؟ مش دي غلطتك!
أشاح عيونه عنها: غلطتي أنا؟
أجابت بتأكيد والدموع تنسكب من عينيها لوعة على فلذة كبدها: أيوا مش أنت اللي جبرتها على الجوازة دي؟ كنت شايفها كل يوم وهي بتعيط وعملت نفسك أعمى حرمتها من الشاب اللي بتحبه وضحيت بيها! عارف مين اللي شالها لحد هنا؟ اللي أهنته من كام سنة ورفضته وطردت من بيتك.
حاولت تبرير موقفه بانزعاج: أنا كنت عايزها تعيش مرتاحة وفي وضع كويس كان هيعملها إيه بفقره؟
كانت هديل قد استيقظت أثناء شجارهم، تستمع لهم من مكانها ودموعها تنهمر بصمت، سمعت والدتها ترد باستهزاء: ليه؟ ما الفقير اللي رفضته ده بقى محامي أد الدنيا وسمعته سابقاه، الناس كلها بتحكي وتتحاكي عليه، والكحيان اللي طردته من بيتك بقى معاه فلوس لدرجة بيصرف على الفقير والمحتاج والمسكين ومفيش حد محتاج في المنطقة خيره مش عليه شوفت الدنيا دوارة إزاي يا رضوان؟
لم يجد ما يرد به إلا أنه قال بصوت مخنوق: ساعتها مكنش فيه وقت علشان خاطر إياد.
ازداد حنقها منه وقالت حانقة تكتنف نبرتها خيبة الأمل: وهي كان ذنبها إيه تشيل مسؤولية مش بتاعها؟
كل ذنبها أنها عندها اب أناني وجبان!
التفت لها على الفور وصاح بها غير مصدقا: آمال!
هتفت غاضبة: خلاص مش هسكت تاني بنتك عايشة في جحيم بقالها سنين متحملة الضرب والإهانة مستني إيه؟ تيجي لك مقتولة؟ دي غلطتي أني سكتت من الأول عليكي مش أقل من غلطك في حاجة.
وجهت كلماتها الأخيرة بلوم ذاتي لنفسها.
جلس والدها على الأريكة بطريقة توحي بالاستسلام والهزيمة أخيرا للحقيقة التي رفض الاعتراف بها بلسانه طوال سنوات ووضع رأسه بين يديه، بينما عادت آمال لتجد أن هديل استيقظت فاقتربت وضمتها إلى صدرها وهي تقول نادمة وهي تترجاها: حقك عليا يا قلب أمك سامحيني معرفتش أحميكِ، سامحيني يا بنتي.
انهارت هديل في البكاء بصوت عالي وهي تخرج ما حبسته داخلها سنوات طويلة، لم يتحمل والدها ما يسمعه فنهض خارجًا من الشقة بأكملها.
بعد أن هدأت وذهبت والدتها لتعتني بإخوانها، شردت وهي تفكر بحسام لقد كان هو من أمسك بها لمنعها من الوقوع وقد أحضرها لهنا.
يا ترى هل مازال يكرهها؟ هل مازال يعتقد أنها تركته من أجل المال؟ أنها لا تستطيع لومه لقد تركته فجأة حتى بدون أي تبرير، كم تغير! لقد حقق حلمه أخيرا بأن يصبح محامي مشهورًا ورغم ذلك مازال يسكن في هذا المكان ولم ينتقل لمكان أفخم حتى بعد وفاة والدته منذ أربعة أعوام، لم يرتبط أيضا ولا تعلم لماذا هذه المعلومة تهمها كثيرا رغم أن طُرقهما افترقت منذ زمن.
في نفس الوقت كان حسام يجلس في مكتبه وهو ينقر بإصبعه على المكتب بتفكير، لم يتمكن من التركيز في عمله وبقى عقله عند هديل حين تحدث إلى صديقه قال أنه فحصها وأنه لا يصدق كلام أهلها بأنها سقطت.
اشتد قبضته بغضب حين يتخيل بأن جرحها نتيجة عنف زوجها ضدها.
ذلك الحقير! يستطيع التخمين أنها ليست أول مرة ولا الوحيدة فلماذا لم تدافع عن نفسها أو تتخذ أي إجراء ضده؟ لماذا تتحمل تلك الحياة؟
كان جوفه يشتعل غضبا وألما لقد كان ذلك الزوج الذي فضلته عليه هل تتحمل لأنها تحبه أم لأجل نقوده؟ لماذا تتحمل ذلك العذاب رغم كل ما اساه منها فهو يشعر بالألم عليها، نهض فجأة وأطاح بكل ما على المكتب في نوبة عصبية، ضرب المكتب بيده وهو يتنفس بصوت عالي، عيناه تلمعان بعنف وقلبه لا يهدأ.
بقيت عدة أيام عند أهلها لم يكن لها فيها أي احتكاك بوالدها إطلاقا وكانت تقضي الوقت مع إخوانها الذي أبقوها منشغلة معهم واستطاعوا جعلها تنسى بعض بؤسها.
لم يتصل ظافر مما اراحها أنها تعلم أين هو وماذا يفعل ولا تهتم، فلم تكن خياناته سرا عنها وهو لم يحاول إبقائها كذلك بل كانت تأمل أن تجعله منشغل عنها طوال الوقت.
ذات مساء رن الجرس واستطاعت هديل سماع صوت ظافر من غرفتها مما جعلها تنتفض فجأة.
ولج ظافر وجلس على الأريكة وهو يضع قدم فوق الأخرى ويقول بأريحية: أمال فين مراتي يا حماتي؟
نظرت له والدتها بحدة وقالت بلوم: مراتك اللي كل يوم والتاني تجيبها مضروبة والمرة اللي فاتت شوهت خدها؟
رفع ظافر حاجبه ورد باستفزاز: أيوا وبعدين؟
تعجبت آمال من بروده ونظرت لزوجها الذي قال باستياء بالغ: بنتي اتهانت سنين وأنا ساكت وموطي رأسي في الأرض بس أنا المرة دي مش هسكت يا ظافر، اللي تقرره بنتي هو اللي هيكون.
وقفت هديل في مدخل باب غرفتها تنظر لما يحدث باهتمام ممزوج بالدهشة، وضد كل الظروف المحيطة نبت أمل صغير للغاية داخلها بأن هذه ربما بداية التحرر، هل تكون هذه البداية؟ هل ستتحرر وتتغير حياتها بالفعل؟ كانت خائفة من الأمل الزائف وفي نفس الوقت لا تستطيع منع نفسها.
أردفت والدتها بحزم: يعني لو مش عايزة ترجع معاك مش هترجع وكفاية ذل لحد كدة.
ضحك ظافر بصوت عالي مما جعل قشعريرة باردة تتملك مم هديل وهي تناظر جنونه المعتاد.
كان والدها ووالدتها ينظرون له بدهشة وحيرة حتى توقف عن الضحك.
ظافر باستهزاء: حلوة النكتة دي يا حماتي يلا نادي لي مراتي علشان عايز أمشي وأروح أرتاح في بيتي.
شدد على الكلمات الأخير وقد ظهر في عينيه بريق تعرفه هديل جيدا فخرجت تجر قدميها ناحيته وحين رآها نهض وهو يبتسم: كويس يا حبيبتي أنك جيتي يلا على بيتنا.
تقدم وأمسك بيدها فأسرعت والدتها وهي تمسك بيدها الأخرى تقول بإصرار: بقولك البنت مش هتخرج من هنا كفاية لحد كدة.
نظر لها ظافر بابتسامة خفيفة وفي لحظة دفع يدها بعنف عن هديل حتى تراجعت للوراء وكادت أن تقع لولا لحقها زوجها وهو يسندها.
صرخت هديل بهلع: ماما.
حاولت الذهاب إليها إلا أن يد ظافر التي تمسك بها منعتها.
قال رضوان بانفعال: إيه اللي بتعمله ده؟ أنت بتمد إيدك على مراتي في بيتي! أنا بنتي مش هتخرج معاك أنا غلطت يوم ما جوزتها ليك وسكتّ.
قال ظافر بتهكم: لا حلو أوي الشغل ده، أنت نسيت الاتفاق اللي بيننا ولا إيه؟ ولا نسيت اللي المفروض يتم قريب ومقولتش لبنتك؟
تجهم وجه والدها بشدة وصمت بينما قالت هديل بحيرة بينا تنتقل بنظراتها بين والدها وظافر: مقالش إيه؟
وجه ظافر نظراته إليها وقد ابتسم بمكر: عملية أخوكِ التانية؟
رددت هديل باضطراب: عملية لإياد؟ هو مش كان خف؟
شرح ظافر بجفاء: لا محتاج عملية تانية علشان قلبه ضعف تاني وطبعا دي مبلغها أكبر من اللي قبلها ولازم تتعمل في أسرع وقت وطبعا ده مش هيتم لو فضلتي هنا ولا إيه يا حمايا؟
ثم تابع بنبرة تهديد وقد توحش وجهه: ده غير أني هخليكم على الحديدة أبوكِ ده هخليه قاعد في البيت زي الستات ومش هيلاقي حتى شغل يأكلكم عيش حاف لا أنتِ ولا أخواتك وأبقي اتفرجي على أخوكِ وهو بيموت.
مرة أخرى كان الاختيار واضح أمامها فتبلدت مشاعرها وأجابت بوجه جامد: هلبس وجاية
راقبها والديها بعجز وقد نكس والدها نظره بعيدا بخزي وضعف وهذه المرة اعترف لنفسه أنه فشل كأب.
عادت معه هديل للمنزل، دفعها بمجرد ما أصبحوا في الداخل يقول بضجر: يلا ادخلي اعملي لي العشا ومتتأخريش وإلا أنتِ عارفة اللي هيحصل لك.
دلفت بصمت للمطبخ تحضر العشاء حتى أرادت تبديل ملابسها فخطت لغرفة النوم، وقفت فجأة خارج الغرفة حين سمعت ظافر يتحدث، كان باب الغرفة شبه مفتوح ولكنها استطاعت سماع صوته بوضوح.
تجمدت بصدمة مكانها كان واضحًا أنه يتحدث لشخص على الهاتف.
ضحك ظافر بنبرة خبيثة: معاك حق لازم الشحنة دي تتم على خير دي هتبقى أكبر صفقة لينا وضربة الحظ اللي هترفعنا لفوق .
استمع للطرف الآخر ثم أجاب بدهاء: لا لا لا متخافش أنا مأمن كل حاجة بنفسي وهو مين يتوقع أنه الخشب والموبيليا اللي رايحين جايين دول يكون فيهم مخدرات!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أحرقني الحب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى