رواية قلوب متوهجة الفصل الثالث بقلم إيمان كمال
رواية قلوب متوهجة الفصل الثالث بقلم إيمان كمال |
رواية قلوب متوهجة الفصل الثالث بقلم إيمان كمال
– حضرتك تقصد إيه بالفضايح، أنا مش فاهم حاجة خالص؟
– كفاية تمثيل، حقيقتك انكشفت خلاص؛ الفيديو اللي مع البنت الكل شافه وندى شافته يادنجوان عصرك.
“قالها بسخريه شديده”
– فيديو أية وكلام إيه؟ أرجوك فهمني!
قدم له الهاتف حتى يشاهده بنفسه، صدم مما رآه، عقد لسانه ولجمت الحروف بداخله، شعر أنه ضرب على رأسه بمطرقه أُودت به في توها، وعند هذه اللحظة خرجت “ندى” التي أصبحت عيناها بحور دم من كثره البكاء، صرخت في وجهه تقذفه بأبشع الكلمات التي كانت تحرقها قبله، كانت تتحدث بأنهيار، وألم عاشقه أحبت بشده، وحبيب اذاقها غدر وخيانه، كان يسمعها ولم يستطع أن يبرر مافعله، لأنه لا حقاً لا يتذكر أي شئ ماحدث، وكيف حدث؟ ظل هكذا حتى أنتهت، استجمع شتات افكاره، ونظر لها بعين حزينه قائلا :
– أنا مش عارف إزاي الفيديو ده اتصور، بس كل اللي أقدر أقوله إني أقسم لكِ بحبي أني برئ، وهيجي اليوم اللي تعرفي فيه الحقيقه؛ يومها بس هتندمي على عدم ثقتك فيا.
– برئ..! أي براءة بتتكلم عنها..؟ تقدر تنكر أن اللي في الفيديو ده مش أنت؟ لو تقدر قول، وأنا هصدق، واكدب عيني اللي شافت.
نكس رأسه، ولم يرد، نزعت دبلتها بقوة، وقذفتها في وجهه، ثم اولته ظهرها بخطى ثقيله لا تستطيع أن تسير، تحركت بعض خطوات، لكنها وقعت فاقده للوعي، أسرع مهرولاً حملها، لكن نظره أباها كانت تحذره من ملامستها، أو الاقتراب منها، رمقها بنظرة وداع، وانصرف من حياتها للأبد محملاً فوق عاتقه من العار ما يكفي.
حملها والدها بين يداه ووضعها على فراشها تستريح، ثم هاتف الطبيب لياتي ويتفحصها، ويطمئنه عليها، تقدمت “شاهي” تجلس بجوارها، حزنت لما تعانيه، لكن القدر هو من وضعها في هذا الموقف، وبعد مده آتى الطبيب وافقها، وتفحصها بعناية، ثم خرج وسأل والدها عن حالتها أجابه بهدوء :
– واضح إنها اتعرضت لصدمه شديده أثرت عليها جدا.
– فعلا يادكتور، اتصدمت في خطيبها وكان فرحها بعد أيام.
“قالها الأب بحزن”
– أنا كتبت ليها على بعض الأدوية والمهدئات، لو متحسنتش لازم تتعرض على دكتور نفساني.
تناول منه الروشته، وانصرف الطبيب، وأمر إحدى الخدم بشراء العلاج، ودلج بالداخل يطمئن عليها، جلس بجوارها، وأمسك يقبل يداها، وغرغرت دموعه قلقاً عليها، ربتت “شاهي” قائله :
– هتبقى كويسه ياعمو باذن الله.
نظر لها وجفف دمعه خائنه وردد :
– قومي أنتي يابنتي روحي عشان متتاخريش على والدك المريض.
اومأت بالموافقه، وهمت للانصراف، وهي تلقي عليها نظرة عطف وحزن دفين بداخلها لا أحد يعلمه إلا هي فقط.
جلس بجانبها ولم يستطيع تركها، وكيف يترك فذة كبده بهذه الحاله، ظل يفكر كثيراً كيف ستواجه هذا الموقف الذي وضعت فيه، شعر بها تتململ في فراشها، وإذا بها تصرخ مناديه بأسم حبيبها، ضمها إلى قلبه حتى هدأت وغفت بين يده.
أنصرف “نبيل” وهو يتساءل ماذا حدث له؟ وكيف أتت هذه الفتاة إلى غرفة نومه لتصوره بهذا الوضع المهين؟ أسئلة كثيرة تتصارع داخل رأسه، ولا يجد لها أجابه..!
شعر بمرارة الظلم، ودعى الله أن ينصره مهما طال الوقت، لأنه على ثقه أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين السماء حجاب.
ومرت الأيام والاسابيع وحالة “ندى” في تحسن ملحوظ، والدها لم يتركها، وصديقتها كانت تقوم بزيارتها قدر المستطاع؛ نظراً لدخول والدها لأجراء عمليه خطيرة في القلب، وكانت حالته سيئه للغاية، واستمر في غرفة العناية المركزة فترة طويلة والحاله لا تتحسن.
تجلس” ندى” في غرفتها مع “شاهي” ممسكه بهاتفها تشاهد صوره التي لم تستطع أن تحذفها، كانت تشتاق له بشده، فصوره بمثابة المسكن لكل أوجاعها، نظراتها بها لوم وعتاب، افاقت من شرودها على صوت صراخ “شاهي” وبكاءها الذي لا ينتهي، أسرعت إليها والرعب، والفزع يجتاحها صرخت رادفه :
– في أية مالك؟!
– بابا ياندى بلغوني أنه مات… سابني ومات ياندى… مات وظهري اتكسر من بعده…. عملت اللي مايتعمل عشان اخليه يعيش، وفي الاخر مات وسابني… أنا مجرمه… ده ذنبك ياندى، سامحيني…. ده انتقام ربنا ليا… حرمني من أعز الناس لقلبي… دوقت مرارة الفراق زي ما شاركت أنك تدوقيها… اااه ياحبيبي.
أعيش إزاي من بعدك يابابا… ده مليش في الدنيا غيرك.
قالت كل حديثها بين شقهاتها، فكانت الكلمات غير واضحه، لكن استوقفت عند كلماتها الأخيره، لكنها لم تعلق بشئ، واكتفت بضمها الآن؛ لأنها في امس الحاجة ليد تربت عليها وتشعرها بالأمان، بكت صاحبة القلب المرهف من أجلها وقالت بنبره حنان :
– اهدي ياشاهي، ربنا يرحمه ويصبرك، أنا هكلم بابا عشان يشوف الإجراءات.
امسكت الهاتف لتبلغه بما حدث، أمر مدير مكتبه ليتم أجراءات الدفن.
ومر اليوم بكل أحزانه على الجميع، لم تترك “ندى” صديقتها الملكومه تحاول قدر استطاعتها أن تخفف عنها حزنها.
وفي ذات يوم نظرت “شاهي” لها وقالت وهي ناكسه رأسها خجلاً منها، لم تستطع مواجهتها، وتضع عيناها في أعينها :
– ندي أنا لآزم اعترفلك بالحقيقة، أنا ضميري بيأنبني جدا، ولازم ازيح الجبل اللي على قلبي، وأقولك على كل حاجة.
– في إيه ياشاهيناز اتكلمي حببتي، مالك متردده ليه كده؟ إحنا طول عمرنا واحد ومش بنخبي على بعض حاجة ابدا.
نهضت من مجلسها، واولتها ظهرها، وتحركت بخطى بطيئة في الغرفه قائله :
– ارجوكي بلاش تعامليني بالطريقة دي، أنا مستحقش نبل أخلاقك ده، أنا مستحقش عطفك، وحبك اللي مغرقاني فيه.
– أنا مش فاهمه تقصدي أيه بكلامك ده؟ ياعبيطة أحنا اخوات، اية الكلام ده، وعطف إيه! بس بس بلاش هبل.
اقتربت منها وامسكتها من ذراعيها وقالت بانهيار وبكاءها على وجنتيها ناراً تحرق كل من حولها قائله :
– اسكتي أنتي طيبه ومش فاهمه اي حاجة.
وإلى هنا تنتهي احداثنا عند هذا الحد لنتعرف غدا ماذا سوف تخبرها صديقتها بالذي لم تعلمه ندى؟..
يتبع..