روايات

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم سهام أحمد

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم سهام أحمد

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الجزء الحادي والعشرون

رواية زئير القلوب (عروس مصر) البارت الحادي والعشرون

زئير القلوب (عروس مصر)

رواية زئير القلوب (عروس مصر) الحلقة الحادية والعشرون

حقيقة نايا.
الفصل الحادي والعشرين
هل سيظل دائما القدر يخبئ لنا المفاجآت مهما كانت مدة رحلة العمر؟ أم أنه سيرأف بنا يوما ويخبرنا بما يكتبه لنا دون مفاجآت، الاعيب القدر وخباياه مثل شفرات الالعاب الالكترونيه، يصح حلها ويستحيل فك شفراتها الا من قبل صناعها، ومن اذاق من مرارة كأسها سابقاً او خاض التجربة.
في مطعم فخم يجلس فارس وسارة في انتظار اشرف بيه، دخل السيد اشرف وبرفقته نايا يتشابكان الايدي، استغرب فارس من رفقتهم معا لم يكن يعلم أنه والدها، اقبلوا عليهم وقالت نايا حتى تغطي على ما رآه فارس:
-مساء الخير يا فارس، مساء الخير يا سارة، طبعا اشرف بيه اصر يعمل بالاتيكيت ويدخل معايا، شفتوا اد ايه زوق.
قال فارس:
-اه اكيد طبعا اتفضلوا، انا بعتذر منكم عن امبارح.
بترت حديثه سارة وقالت:
-اه بصراحة انا السبب، خليته يسيب الحفلة ويوصلني بسبب التعب اللى جالي فجأة.
تحدث اشرف بيه بلطف:
-ولا يهمك يا سارة المهم انتي احسن دلوقتي؟
-اه الحمد لله احسن كتير.
قامت نايا وذهب إلى الحمام، فقال اشرف بيه:
-هي نايا بنتي كده ماتقعدش ساعة من غير ماتظبط مكياجها، حاجة فظيعة جدا.
-نظر فارس وسارة إلى بعضهم باستغراب ثم قالوا في آن واحد:
-بنتك؟!
بدأ فارس بالحديث وقال:
-هي نايا بنت حضرتك والا ده مسمى يعني؟
-لأ يا فارس نايا بنتي فعلا وانا ابوها.
تظاهر فارس بأنه لم يغضب بشأن كذبتها وقال مبتسماً:
-اه فعلا نايا اشرف انا عمري ما جه في بالي انها بنت حضرتك وهي ماقالتليش بصراحة.
-هههه نايا طول عمرها كده ماتحبش تحسس الموظفين بتوعنا انها اعلى منهم او يعني هي بنت المدير، ليها وجهة نظر يا سيدي في الموضوع، فيلسوفة مش بقدر عليها في الكلام.
-هي فعلا محدش يقدر عليها في الكلام شاطرة جداً.
قالها فارس وهو يكتم بداخله وجه السخرية والاستهزاء يقصد شيئاً آخر بكلامه.
اتت نايا وقالت:
-ها ايه الاخبار انا بصراحة جعانه جدا نطلب العشا، ايه رأيك يا اشرف بيه؟
قال فارس بتهكم:
-مفيش داعي بقا تناديه بإشراف بيه قوليله بابا احنا مش في الشغل والا ايه يا اشرف بيه.
صدمت نايا من كلامه تتسائل كيف عرف بحقيقة كذبتها، قضت الليلة وهي على غير طبيعتها بالرغم من أن فارس لم يعرها انتباه، وكان سعيدا برفقة اخته.
انتهت الحفلة وعاد فارس وسارة إلى منزلهم، دخلو المنزل فوجدوا ليلى نائمة على الاريكة وهي في انتظارهم، ايقظها فارس برفق:
-ماما حبيبتي قومي نامي في اوضتك.
-فارس انت جيت امتى يا حبيبي؟
-احنا لسه واصلين حالا اهو.
-طيب هقوم احضرلكو العشا تلاقي سارة جعانة.
اجابت سارة مبتسمة:
-لأ لا متتعبيش نفسك يا طنط انا هاخد دوش وادخل انام على طول.
-طيب يا حبيبتي تصبحي على خير.
-وانتي بخير يا حبيبتي، تصبح على خير يا فارس؟
-وانتي من اهله يا سارة.
دخلت سارة غرفتها، وعندما هم فارس بالذهاب إلى غرفته أمست به ليلى من يده وقالت:
-اقعد يا فارس عايزاك.
جلس فارس بتوتر وقلق:
-خير يا ماما في ايه؟
-باباك هنا، نايم جوه في اوضتك، وصل المغرب كده وانا طلبت منه يستناكم هنا.
-ازاي يا ماما تعملي كده، ليه قولتيله يقعد هنا في غيابي؟
-فارس ده مهما كان ابوك يا حبيبي مهوش راجل غريب علشان تقول الكلام ده عيب عليك، وبعدين بيتك مفتوح في اي وقت لأي حد يخصك.
-ماما انتي بتدايقي من وجوده وده سبب كلامي.
-ماتقلقش عليا طول مانت جنبي انا بخير.
ربت على يديها وقال:
-ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي ومايحرمنيش منك ابدا يا ملكة قلبي.
-ولا يحرمني منك يا حبيبي.
-انا هنام في اوضة جدوا بقا علشان هو ياخد راحته هدخل اغير واطلع انام.
-ماشي يا حبيبي اللي يريحك.
-تصبحي علي خير.
-وانت من اهله يا حبيبي.
دخل فارس غرفته برفق؛ حتى لا يوقظ والده، يرمي بنظره إلى مخدعه يتفقد ذلك الوجه الذي طاق لرؤيته لاعوام طويلة، إلى أن وقف أمامه نظر إليه عدة ثوان يتأمله ثم قام بتبديل ملابسه، رفع الغطاء على والده وجلس على الاريكة ينظر إليه، يدور في رأسه الف سؤال، بدأ يتحدث في خاطره:
-انت بابا؟! انا مش عارف ازاي عايش كل السنين دي من غير ما تسأل على ابنك، والا علشان بقا عندك اولاد غيره؟!
اممممم اكيد هو ده السبب، لما كنت وحيد اخدتني ومشيت، ولما مشيت وسبتني جبت غيري علشان ماتتوجعش بغيابي مش كده؟!
غريب انت يا سيد فوزي بيه يا ضاهر، مش عارف اقولك ايه، رغم اللي باين من ملامحهك البريئة وانت نائم يقول انك اطيب قلب في الدنيا، يلا محدش بياخد اكتر من نصيبه وانا نصيبك وانت نصيبي تكون ابويا.
ظل فارس يتحدث إلى نفسه عن والده حتى غلبه النعاس ونام على الاريكة المقابلة لفراشه، عندما استيقظ السيد فوزي في الصباح ونظر حوله، وجد فارس مستلقي على الاريكة غارقاً في نومه.
اقترب منه ومال عليه يقبل جبينه برفق ودون قصد ايقظه، قام فارس منتفضاً يعتدل جالساً، قال والده:
-انا اسف اني صحيتك مكنش قصدي يبني.
نظر إليه فارس وهو يضحك بسخرية ثم قال بعدما فرك عينيه ومسح وجهه براحته:
-ابنك هههه ابنك مش كده ههههه، طب هو انت لسه فاكر إن عندك ابن يا فوزي بيه؟! والا ولادك اللى هناك نسوك إن عندك غيرهم؟!
-فارس يبني انا.
-ماتقولش ابني علشان انا مش ابنك، انا ابن الست اللي نائمة برا دي، الست اللي تعبت عليا وربتني لوحدها اكتر من عشرين سنة، وحضرتك باربي ولادك اللي هناك في حضنك.
-فارس انت لازم تسمعني يا ابني، اديني فرصة اشرحلك وافهمك اللي حصل، بعدي عنك كان برغبة من امك.
بتر حديثه بصوت مرتفع:
-كمان هاتجيب اللوم عليها، هي اللي قالتلك ابعد وروح اتجوز واحدة تانيه وهات منها عيال يتربوا في حضنك وترمي ابنك الكبير هنا مش كده؟
بينما كان يتحدث فارس سمعت ليلى وساره في غرفهم صوته، قامت كل منهما منتفضة من فراشها وخرجوا من غرفهم، نظرت سارة إلى ليلى وهي تتسائل:
-هو في ايه ايه الصوت ده؟!
ركضت ليلى إلى غرفة فارس وهي تقول لسارة:
-فارس وابوه ربنا يستر تعالي بسرعة.
تقدمت ليلى وخلفها سارة فتحت الباب عندما كان فارس يقول:
-ترميه من غير ماتعرف إذا كان عايش والا ميت، جعان والا شبعان، مرتاح والا طالع عينه، ترميه من غير مايعرف مكان ابوه ولا حتى إذا كنت عايش والا ميت، ياريتك كنت مت على الاقل كنت هارتاح واعذرك واقول انك ميت.
ادارته ليلى إليها وهي تقول بصوت مرتفع تصرخ في وجهه، ثم قامت بصفعه على وجهه صفعة قوية، تحدثت إليه وهي تشير إليه باصبعها:
-فارس؟ اوعى ترفع صوتك على ابوك مرة تانية.
امسكت بكتفيه تهزه بغضب:
-هي دي التربية اللي انا ربيتهالك، عايزه يقول إن ليلى ماعرفتش تربي، مهما حصل فوزي هو ابوك وهايفضل طول عمره ابوك فاهم والا لا، اعتذر منه اعتذر منه حالا.
وقفت سارة تضع يدها على فمها من الصدمة والخوف، تسيل دموعها، بينما تقف ليلى بين فارس وفوزي، ازاحت فارس إليه ليعتذر منه، وقف فارس امامه وطأطأ رأسه الى اسفل باعين دامعة:
-انا آسف.
اقبل عليه فوزي يضمه إليه بشدة وهو يقول باكياً:
-انا اللي آسف يا فارس، انا اللي آسف يبني حقك عليا، سامحني يا فارس.
بدأ يحتضنه مرارا وتكرارا، ويقبله من جبهته وخديه ويعاود ضمه إليه مرة اخرى، انهارت سارة وليلى من البكاء، اقبلت عليهم سارة تضمهم إليها وتقول:
-خلاص بقا كفاية اهدوا شويه، فارس خلاص، خلاص يا بابا اهدى، يلا تعالوا نقعد برا تعالوا.
أمسك فوزي بخديه يمزج معه وهو يقول:
-بقيت راجل وبتحاسب ابوك اهو.
ابتسم فارس وخرج معه إلى خارج الغرفة، جلس الجميع وقالت ليلى:
-مفيش كلام ولا حد هايتكلم الا بعد الفطار، ممكن نفطر كلنا سوا.
رفعت سارة يديها الى اعلى مهللة كالأطفال:
-ياااااي فكرة حلوة جدا وانا هقوم اساعد حضرتك في الفطار، بس بشرط محدش يتريق على أكلي انا بقولكم اهو.
مدحت ليلى وقالت لها:
-لأ يا حبيبتي خليكي مرتاحة احنا مش حمل مصاريف المستشفى.
ضحك فارس وفوزي وقالت سارة تتدعي الصدمة بمزاح:
-ايه ده؟ اخص عليكي يا طنط انا قلت هاتشجعيني، خلاص انا زعلت.
-هههه تعالي تعالي قطعي الخيار تعالي هو ده حلو عليكي.
-شفتوا مش قادرة تدخل المطبخ من غيري انا قلتلكم.
دخلت سارة وليلى المطبخ لتحضير الفطور، وضع فوزي يده على يد فارس وهو يجلس على طاولة الطعام يمد يديه أمامه، وقال فوزي:
-حقك عليا يا فارس ماتزعلش مني يبني، والله بعدي عنك كان غصب عني وعلى عيني.
ربت فارس على يده وقال بلطف:
-بعدين نتكلم اكيد هسمع اسبابك، انا اسف لأني اتكلمت معاك بطريقة وحشة، مكنش قصدي، بس انا كمان غصب عني.
-عارف وعاذرك، انا لما كنت في سنك عاتبت والدي على بعده عني رغم انه كان باختياري، عارف، جدك الله يرحمه كان بيحبك اوي، عارف كمان اوضتك وانت صغير لسه موجودة لحد دلوقتي ومقفولة من وقت ما سبتها محدش دخلها غيرك.
كان فارس يبتسم ويتتوق لسماع المثير عن طفولته مع والده، بالرغم من انها كانت فترة قصيرة الا انه كان يريد معرفة كل تفاصيلها بدقة، خرجت سارة وليلى اثناء حديث فوزي وهو يقول:
-وقتها كان عندك سنتين تقريبا.
قالت ساره وهي تضع الاطباق على الطاولة:
-مين ده بقا اللى كان عنده سنتين ها، ممنوع الكلام في اي حاجة غير في وجودي، انا كمان عايزه اسمع.
ابتسم والدها وقال:
-كنت بحكي لفارس عن جده وعنه لما كان عمره سنتين، كنت بقوله اوضتك لسه موجودة لحد دلوقتي.
احضرت ليلى باقي الاطباق اثناء حديثهم وجلست سارة وهي تقول:
-بجد يا بابا؟! طب هي فين الاوضة دي؟
-عارفة الاوضة اللى جمب اوضة جدك الله يرحمه؟
-اه حضرتك تقصد الاوضة المقفولة؟ مش دي برضوا اوضة جدوا زي ماقلت لنا؟
-لأ دي بقا اوضة فارس وهو صغير، كنت بقول انها اوضة جدك؛ علشان محدش يقرب منها او يدخلها غيره، لسه زي ماهي من اخر مرة سبتها يا فارس، حتى لعبك اللي كنت بتلعب بيها مرمية على الارض زي ماهي.
اشارت ليلى إلى الجميع وقالت:
-اتفضلوا بقا وممنوع كلام في اي حاجة على الاكل.
نظر فوزي إلى تلك الجمعة التي افتقدها في هذا المنزل لاعوام عديدة، مشاعره واحاسيسه التي لم تتغير بحبه لهذا المكان، رائحته التي ظلت عالقة في أنفه حتى هذه اللحظة، كل تفاصيل المنزل لم تتغير، بالرغم من مرور زمن طويل الا انه يراها كأنه لم يفارقها مطلقاً.
لم يشعر فوزي بتلك الفرحة على طاولة طعام قط في كل تلك الاعوام التي مرت، بالطبع فتلك الجمعة تزينها معشوقته التي تخطف قلبه وتسلب انفاسه عند رؤيتها في اى وقت، فكيف إذا وهي تجلس أمامه وتتناول الطعام معه، بل واعدت له الطعام بيديها.
تلك الوجبة البسيطة والتي تعد بالنسبة إليه كأنها خروف مشوي.
مهما كانت فخامة الطعام او مصدره، الا ان هناك اشياء لا نشعر بمذاقها الا برفقة من نحب، ووسط جمعة من نحب، يمكن أن تتناول طعاما لم تتناوله قط وتكون سعيدا فقط لأنك استمتعت برفقتهم، دائما ما تكون الجمعة هي مصدر السعادة، وتكون الصحبة الصالحة هي سبب من اسباب الفرح، فلا تفقد جمعتك برفقة من تحب، ولا تتخلى عن الصحبة الصالحة مهما كلفك الامر.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زئير القلوب (عروس مصر))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى