Uncategorized

رواية لمن القرار الفصل الأربعون 40 بقلم سهام صادق

  رواية لمن القرار الفصل الأربعون 40 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الأربعون 40 بقلم سهام صادق

 رواية لمن القرار الفصل الأربعون 40 بقلم سهام صادق

صرخت وقاومت ولكنها كانت كأنها تدفع جدار صلب لا يتحرك، قوته الجسمانية كانت تفوقها.
لمعت عيناه بالرغبة ويديه بدأت في إستباحة جسدها بعدما تمكن من تكبيلها
– ابوس أيدك سيبني، أنا عملت فيك إيه عشان تعمل فيا كده؟
وعنتر كان مغيب عنها لا يسمع توسلها ولا نبرتها الراجية، إنما كان شيطانه وحده من يُحركه.. رفع عنها عباءتها التي تغفو بها، ولكنه لا يطيق صبراً في رؤية جسدها، حركت ساقيها بضراوة وجسدها يتحرك أسفله حتى تستطيع التخلص من آسره
وصرخة خرجت عالية تشق سكون الليل وهي تراه يتمكن منها، يخلع عنها بنطالها أسفل عباءتها ..ومن شدة لهفته لما هو مقبل عليه كان يُحرر إحدى يديها حتى يتمكن من التجرد.
كفت عن صراخها بل سكن جسدها أسفله، فطالعها مستمتعاً بضعفها  ولعابه يزدرده من شدة شَبَقه
– هتتبسطي خالص…
وصرخة خرجت من شفتيه قبل أن يتم عبارته، سالت الدماء من رأسه ومن شدة الخمر عليه مع دفع الزجاجة فوق رأسه كان يترنح عنها ثم سقط جانبًا.
سقطت دموعها بغزارة وهي تنظر لبقية الزجاجة المحطمة في يدها، لقد نجاها الله بعدما ظنت أن النجاة محالة ولولا الزجاجة التي أتى بها وسقوطها جانب رأسها ثم انتباهها عليها في لحظة يأسها
انتبهت على تأوهه الضعيف، فتمالكت حالها تنهض عن فراشها فوق الأرضية بضعف
– مش هسيبك يا بنت… هتروحي مني فين
حاول النهوض ولكنه سقط مجدداً، ركضت بأقصى سرعتها لخارج المطعم تلهث أنفاسها، تنظر حولها في خوف وصوت نباح الكلاب يعلو وإضاءة تعرف مهيتها مع صوت سرينة عربة الشرطة تقترب منها، ثم توقفها بالقرب منها ومن هيئتها ثم تعلق عينين الضابط بالباب المفتوح الخاص بالمطعم كانت حداسته تخبره بوجود خطب ما. 
…………
لقد نال الحريق من كل شئ، فوقفت تُطالع حلمها البسيط الذي أرادته حتى تتمكن من مساعدة أخواتها من نيل حياة تمنت تحياها، اقترب منها ” أحمس” وقد اطرق رأسه واحتل سواد الحريق وجهه
– معرفتش اعمل حاجة، سامحيني يا فتون
وتنهد نادماً وهو يري نظراتها نحو المطعم وقد ابتعد رجال الإطفاء عنه
– بعد ما روحتك، جيت أحضر الطلبيات المطلوبة مننا ومش عارف بعد كده إيه اللي حصل وخلي النار تحاوط المطعم
أخبرها بما حدث كما أخبر ضابط الشرطة منذ لحظات تحت نظرات “سليم” الثاقبة إليه 
تعلقت عيناه بذلك الذي يتربصه بنظراته الجامده، وهو كرجلاً مثله يعرف إنه لا يطيقه..، ابتعد ” أحمس” في صمت وقد تهدَّل كتفيه في حزن، فالمطعم كان مصدر رزق له لسد حاجة دراسته كما إنه مصدر رزق لأهل فتون بعيداً عن أموال زوجها. 
شعرت به أمامها يهمس اسمها بنبرة حانية
– فتون
فعلقت عيناها به وقبل أن تهتف بشئ، كان يضمها إليه بحنان
– عارف أهمية المطعم بالنسبه ليكِ يا فتون، اوعدك إن كل حاجة هترجع في زي ما كانت
تشبثت به بقوة، تشكو له سبب حزنها وشعورها بأن الأمر تم بفعلة أحدهم
– ده كان مصدر رزق أخواتي ، ومصدر رزق أحمس.. مافيش حاجة في المطعم ملكي ديه عهده من الجمعية
تغافل عن عقلها, أن تأسيس الجمعية يعود لعمته ” خديجة” وأنه أحد مموليها 
ابتعدت عنه، فتعجب من فعلتها بتلك الطريقة.. ،فعيناها تخبره بشئ واحد لم تصرح به ولكنه كان يفهمها. 
…………..
استيقظت بلهاث وحبات العرق تُقطر فوق جبينها، دقات قلبها كانت تتسارع , تنظر حولها في ارجاء غرفتها، لقد عادت كوابيسها ثانية، عاد أبشع كابوس دمرها ونال منها سنوات شبابها 
والذكريات تعود نحو ما دفنه الزمن! 
– محدش لازم يعرف الفضيحة ديه، اخوكي لو عرف هيجوزك حامد يا خديجة، هنحط راسنا في الأرض ونتذل ليه عشان يقبل بيكي بعد ما كنا إحنا رافضينه”
– ارجوكي يا صافي، متقوليش لبابا ولا صفوان.. بابا ممكن يروح فيها.. انا ضعت خلاص
و صافي لأول مرة كانت زوجة أخ حقيقية معها، حفظت  سرها حتى وفاتها.
غرقت الدموع خديها والماضي يعود لأخذها نحو ما مضى، 
صافي تقف أمام الطبيب تخبره بما سيفعله، والمال يوضع أمامه حفاظًا على السر
– عايزين ننزل الطفل يا دكتور
والطبيب ينظر مشفقاً نحو تلك التي تقف في زاوية من الغرفة باكية، تضع يدها فوق بطنها
– كل حاجة تمت يا خديجة، هقول لصفوان وعمي إنك هتقضي معايا كام يوم في مزرعة بابا عشان نفسيتك ترتاح
– لا لا أنتِ بتعيطي، اوعي تقوليلي إنك كنتي عايزه الطفل، ده طفل ابن حرام يا خديجة، طفل كان هيخليكي طول عمرك مذلولة قدام حامد الأسيوطي
والحرقة كانت تملئ قلبها، لقد ضاعت في ليلة ظنت بها إنها اسعد ليلة بحياتها، لقد أرادت رؤية ذلك الشاب الذي اعجبها قوته وجماله.. شقيق إحدى صديقاتها بالجامعة. 
والحفل الذي قضته تنظر نحو ذلك الوسيم الذي يتابعها مثلما تتابعه بعينيها؛ انقلبت لأسوء كابوس عاشت به حياتها
فاقت من شرودها، تنهض من فوق الفراش وتقترب من مرآتها تنظر لملامحها، لقد بدأت علامات الزمن تظهر عليها رغم أن من يراها لا يظن إنها بلغت الخامسه والأربعون من العمر..
رفعت يدها نحو وجهها تمسح تلك الدموع التي خانتها، فقد عاهدت حالها أن تصبح أقوى، أن تصبح أمرأه يخشاها الجميع
– دموعك نازله ليه يا خديجة، من أمتي كنتي بالضعف ده..، الضعف بيولد الأحتياج يا خديجة وأنتِ لا عمرك هتضعفي ولا هتحتاجي لحد
عادت إلى مضجعها بعدما نفضت الماضي، اراحت رأسها فوق وسادتها ولكن كما احتل الماضي عقلها، كان الحاضر يفرض سطوته على قلبها..، وبابتسامة مرتسمة لم تشعر بها كانت ترفع يدها تضعها فوق شفتيها تتذكر قبلته وتغمض عيناها بحنين تتذكر رسالته لها هذا الصباح بأنه سيغادر غداً، عائداً للوطن. 
………..
صدح رنين هاتفه، فتلملم في غفوته يفتح عيناه بصعوبة، اعتدل في رقدته يسمح جفنيه من أثر النعاس، وقد توقف الهاتف عن الرنين ثم عاد يصدح ثانية، بضيق التقط هاتفه ينظر نحو الرقم الغير مسجل لديه، قرر إغلاق الهاتف ولكن شئ داخله حثه أن يُجيب
وبملامح جامدة كان يستمع للمتصل. 
جلست أرضاً تنتحب بعدما دفعها احد العساكر خارج الغرفة
– اقعدي اتلقحي هنا
سقطت دموعها ، تضم جسدها بذراعيها ورغم عدم البرودة إلا ان جسدها كان يرتجف، جزت فوق أسنانها وقد ازدادت دموعها انهماراً فوق خديها، توقف أمامها يرمقها بنظرات طويلة جامده 
لتشعر بالبرودة قد أشتدت حولها وقد أظلم المكان أمامها ، طالعت الحذاء اللامع جلده، لترفع عينيها نحو صاحبهما هامسه
– جسار بيه، معملتش حاجة، معملتش حاجة، هو اللي كان…
لم يدعها ” جسار” تفيض إليه بما يُرجفها ويُخيفها، تجاهلها  بعدما القي عليها نظرة جعلتها تخفض عيناها، تضغط فوق شفتيها متحسرة
دلف “جسار” لغرفة الضابط وبعد الحديث عن بعض المعارف ومن خدم معهم قبل تركه للشرطة..، كان الضابط ينهض مرحبا بحفاوة أكبر، يخبره بأن ابن عمته كان زميلاً له
– هي البنت ديه تقربلك يا جسار باشا ؟ 
صمت ” جسار” لا يعرف كيف يضعها في قائمة معارفه المحترمين، إنها عار على اسمه.. اخبره بإيجاز علاقته بها حانقاً
– حد موصيني عليها، قولي يا احمد باشا الموضوع يخلص ازاى
بدء الحديث يصبح رسمياً، فعاد الضابط ” احمد” لمقعده يفتح الملف الذي أمامه وقد القت بأقوالها قبل قدومه
– ضربته بعد ما حاول يعتدي عليها..، أنت شايف حالتها..هو حاليا في المستشفى.
وقبل أن يستطرد في حديثه، كان باب الغرفه يُطرق ثم دلوف 
” الحاج صدقي “بأنفاس لاهثة ينظر نحو “جسار” بندم فقد جلبها أمانه لديه. 
……….
لم تكن تصدق إنها خرجت من قسم الشرطة للتو، لقد اعتذر لها “الحاج صدقي” والخزي يحتل ملامحه فهو يعرف دنائة أبنه.. ولم ينكرها
سارت خلف “جسار” رغم إنه قد تركها دون حديث، اتبعته حتى توقف أمام سيارته يلطم فوق سطحها بضجر
– كنت ناقص مصايب فوق مصايبي
واتجه إليها يقبض فوق ذراعيها، غير عابئ بهيئتها وحالها
– مش معقول تكوني فتنة للرجاله، إلا إذا كنتِ فعلا بتغريهم بجسمك
اتسعت عيناها وعندما وصل المعنى إليها، انسابت دموعها تنظر نحوه وقد ارتعشت شفتاها من شدة قهرها
– ردي عليا، ما هو مش هيجيلك المطعم بعد نص الليل إلا إذا 
وقبل أن يتم عبارته، كانت تدفع ذراعه عنها
– متسألنيش أنا السؤال ده،لاني عارفه يا باشا إني مش حلوه ولا حد ممكن يبصلي..، اسألهم هما ليه بيعملوا فيا كده
هتفت عبارتها الأخيرة بنبرة مرتعشة، لقد جرحها في نقطة تعلمها تماما، ليست جميلة، ليست ذات حسب ونسب، ولن يرضى أحد بها ليتزوجها. 
لعن أمامها تلك اللحظة التي وضعتها بطريقه، رمقها بحمود ازاد قلبها ألماً
– كتر خيرك لحد كده، أنت ساعدتني بس أنا اللي حظي وحش
وبنبرة متهكمة كان يُجيب عليها 
– حظك أنتِ وحش ولا حظي أنا، اركبي وبلاش ندب في الحظ 
وبلطف تحول إليه فجأة، كان يلتقط سترته من سيارته يُعطيها إليها.. نظرت ليده الممدودة نحوها.. فتنهد بأرهاق
– البسي الجاكت، الدنيا برد وجسمك باين
لم تترك عقلها في المزيد من السكون، فالتقطت منه الستره، وقد عادت أفعاله المتناقضة تزيدها دهشة..، فقد فتح لها باب السيارة يدعوها للدلوف بنبرة هادئة
– الصبح قرب يطلع، اركبي
دمعت عيناها، فما الذي يفعله بها..، يقسو ويحنو عليها في ذات الوقت وهي كالحمقاء تتمنى ابتسامة ونظرة حانية منه، 
لم يكن أمامها حلا إلا الصعود معه، فلم يعد لديها قدرة لتفكر في خطوتها القادمة دون أن تصيب أحد بمصائبها 
وبصوت خافت قبل أن تغمض عيناها وتتشبث بسترته
– أنا خلاص هرجع لفتحي، يمكن قلبه يحن عليا
رمقها خلسة متهكماً فعن أي شقيق تتحدث ، استمر في قيادته وشئ واحد يدور في عقله لما لا تكون هي فتاة الحملة الدعائية، سيعلو اسم شركته وستنجح الحملة التسويقية.. فأن تتولى حملته الدعائية مثال ك بسمة التي هربت من شقيقها صاحب السوابق حتى تحافظ على شرفها وتعرضها لمحاولة اغتصاب كل هذا سيمنح حملته قصة سيتعاطف معها الكثير، أخذته أفكاره؛ فنسي شيئاً كان من حقها 
أين هي من صفقته تلك ؟ 
وقفت سيارته أمام المنزل، لتفتح عيناها ببطء تنظر للمكان متسائلة
– هو إحنا فين؟
وبنبرة جامدة، اجابها
– في بيتي يا بسمة 
……….
انتفضت ” شهيرة” من فوق مقعدها بعدما ارتشفت من كأس الماء خاصتها، تنظر لخادمتها 
متسائلة
– سليم في الصالون 
اماءت الخادمة برأسها، فرمقها ” حامد” وهو يمضغ طعامه ببطء
، نهضت عن مقعدها وقد شحب وجهها خشية أن يكون قد علم بفعلتها بهذه السرعة، ولكن سرعان ما عادت لثباتها، تُهندم تنورتها القصيرة تحت نظرات ” حامد” الثاقبة
– خليكي ديما ملهوفة على ابن النجار، وفي الأخر فضل الخدامة عنك
كان هو أحد اسباب طلاقها، ولكنه كان يحب أن يراها ممتقعة الوجه حينا يذكر غريمتها، تلك الخادمة الصغيرة 
رمقته ” شهيرة” بمقت وغادرت متلهفة، مشتاقة حتى تراه، أندفعت لداخل الغرفة فوجدته يقف بشموخه يعطي ظهره للباب وبشوق هتفت اسمه 
– سليم 
ببطء كان يلتف إليها وبنظرة جامدة رمقها، فابتلعت لعابها وقد أدركت إنه علم بفعلتها
– حرقتي المطعم ليه يا شهيرة ! 
اقتباس من الفصل القادم 
*********
وقفت أمامه مبهوتة الملامح، لا تصدق أن كرمه هذا واستضافتها في بيته ما هو إلا لغرض، لقد كانت البدايه معه غرضاً ولكن لم يكتمل وطلق زوجته، اما الأن غرضه في نجاح عمله
– هتكوني أنتِ المستفادة يا بسمة، هتدخلي الجامعه، بيتهيألي ده كان حلمك اللي اتحرمتي منه
اخترق حديثه أذنيها، لقد حرمت من أشياء كثيرة وليس تكملة تعليمها والدخول للجامعة، وبنبرة مهتزة تسألت
– هطلع قدام الناس احكي حكايتي 
– لازم يكون في مصادقية مع الناس يا بسمة
– طيب لو رفضت
والجواب كان قاسي عليها، قاسي على قلبها الذي عشقه تلك الفترة التي قضتها لديه ومنحها فيها مأوى في منزله وثياب فخمة ومعاملة كانت غريبة عليها منه، حتى استطاعت تجاوز تلك الليلة التي كاد أن ينالها فيها “عنتر”
– لو رفضتي، مقدرش أوعدك إن حمايتي ليكِ ووجودك في بيتي هيستمر يا بسمة
طالت نظراتها نحوه ، كرر سؤاله للمرة الثانية ولكن لا جواب كان يحصل عليه منها إلا الصمت، ثم ضحكة أخذت تصدح بالأرجاء خرجت منها والتفت بجسدها تتحاشى النظر إليه
– مش مصدقة يا سليم ، جاي مش عشان تسأل عن بنتك وتشوفها وتطمن عليها، لا جاي بكل بساطة تتهمني
اتبع حديثها زفرة طويلة خرجت من بين شفتيها ثم التقطت أنفاسها، وعادت تلتف إليه مجدداً
– جاي تتهم أم بنتك عشان واحدة مجرد نزوة في حياتك
– شهيرة
تجمدت عيناها نحو نقطة ما، حيث وقف شقيقها ينظر إليها ساخراً، أسرعت في غلق الباب عليهم تنفث أنفاسها بضيق، رمق فعلتها وقد فهم السبب, فتنهد ضجراً
– شهيرة لأخر مرة بحذرك، أبعدي عن فتون
– فتون، فتون، مكنتش حتت خدامة ديه اللي بقت مخلياك زي المجنون عليها
– فتون مراتي يا شهيرة، مش خدامة.. إهانتها من إهانتي
وبجنون كانت تصرخ، وتضع بكفيها فوق أذنيها نحو حقيقة لا تُريد تصديقها
– طول ما انا شايفه حبك ليها، هأذيها يا سليم، هأذيها
واردفت بحسرة تملكت قلبها, وهي تتذكر حياتهم معاً
– ليه محبتنيش زيها؟ 
اقترب منها بخطوات كانت تزيدها شوقاً إليه، كلما علقت عيناها بتفاصيله ونظراته التي تملكها ، هدأت أنفاسها وهي تظن أن قربه سيمنحها حضناً دافئاً
– إحنا مزرعناش حب في علاقتنا عشان يكبر يا شهيرة، علاقتنا من الأول مكنش بيجمعها غير الإحتياج، إحتياج غريزي لكن ببنود متحضرة
تعالت أنفاسها وهي تتذكر لحظاتهم سوياً في الفراش كلما كانت تنتهي أعمالهم وسفراتهم
– أنتِ اختارتي طريقك يا شهيرة، أختارتي إمبراطورية الأسيوطي
هتفت أسفة, تمسح دمعتها
– خلينا نرجع لبعض يا سليم
واقتربت منه تمدَّ يديها نحو وجهه، ولكنه اشاحه عنها
– سليم كل حاجة هتكون ملكنا وملك بنتنا
واردفت بحقد تملك داخلها نحو من كان سببً
– أنا دلوقتي ماسكة ورق على حامد يوديه في داهية
وبعبارة واحدة كان يُنهي حديثهم، “شهيرة” كما هي “شهيرة” لا تسعي إلا وراء النجاح والكمال، ليس هذا عيبً بها ولكن نشأتها وذلك الصراع الذي أنبته والدها داخلها هي وحامد جعلهم كالأعداء وليس أخوة من دمً واحداً
– فين خديجة يا شهيرة
ارتفعت زاويتي شفتيها في ابتسامة باهتة، تنظر إليه قبل أن تترك الغرفة
– هخلي الخدامة تجهز حاجتها يا سليم
غادرت الغرفة في ثبات، تنظر تلك المرة أمامها وتزفر أنفاسها ببطء، لن تخسره بل ستُحارب حتى تخرب تلك العلاقة التي لا تراها لائقة…،
 صعدت نحو الطابق العلوي، لتجد الخادمة كما امرتها ترتب أشياء صغيرتها 
اقتربت من صغيرتها تدنو إليها، تمسح فوق خصلات شعرها الناعمة
– خديجة يا حببتي، زي ما فهمتك..، فتون مش حلوة ولا بتحبك.. مافيش غير مامي وبابي بس اللي بيحبوكي، فتون أخدت بابي من مامي
طالعتها الصغيرة بعينيها الواسعتين، تومئ لها برأسها..، ابتسمت “شهيرة” نحو ما حققته تلك الأيام
– مامي تعالي معانا
بكت الصغيرة وارتمت في حضنها، فضمتها إليها 
– مامي متنفعش تعيش مع بابي يا ديدا، بس لو فتون مشيت مامي هترجع
ابتعدت عنها الصغيرة وقد علقت الدموع بأهدابها
– خلاص نخلي بابي يمشيها يا مامي وترجعي أنتِ معانا
وعادت الصغيرة ترتمي داخل حضنها مجدداً، التمعت عينين “شهيرة” بسعادة، فصغيرتها تحبها ولم تؤثر تلك الخادمة عليها ولم تنل حب صغيرتها كما نالت حب ” سليم”
– لا يا ديدا، اوعي تقولي ل بابي كده لأحسن يزعل من مامي، اعملي بس يا حببتي زي ما فهمتك
اماءت الصغيرة برأسها المدفون في عنقها، فالتمع الزهو في عينين ” شهيرة” فصغيرتها ستكون مفتاح عودتها.
وبعبارات أصبحت تعلم مفتاحها نحو قلب صغيرتها تمتمت
– خديجة شاطرة وبتحب مامي، ومامي بتحبها أكتر من اي حاجة في الدنيا 
………..
تحاملت فوق قدميها، حتى تستطيع النهوض من فوق الفراش والدلوف للمرحاض، لقد ادمي جسدها بتوحشه،
 وضعت يدها جانب عنقها تتلمس أثار ليلة أمس ، لقد ملكها في لحظة ضعف وتوق لمشاعر أرادتها ولكن في النهاية ماذا حدث؟ 
حصدت جولتها الأولى واصبحت عاهرة بجدارة 
لطمت رأسها في الجدار، صارخة
– غبية، غبية..
أستمع لصراخها ونحيبها ،فوقف ينظر لباب المرحاض متعجباً، فمثيلاتها لا يبكون ولا يرثون حالهن..، إنها أمرأة تسعي وراء المال حتى لو أهدرت كرامتها وجسدها. 
ارتخي جسدها نحو الجدار تدفن رأسها بين ساقيها، هل فعلت ذلك في سبيل حب؟
ام كان السبب هو البحث عن رجل يوفر لها الأمان؟
ام كان إنتقاما بالفعل من ” جودة النعماني”
انسابت دموعها بقهر، لقد فاقت اخيراً واكتشفت ضياعها في مجهول اختارته بارادتها
– عملتي في نفسك كده ليه يا جنات، ليه؟
والحيرة كانت تملأ قلبها ، والسؤال كان يسأله عقلها
– كنتِ عايزة تتحبي؟ ، ولا كنتِ عايزة الفلوس يا جنات؟
والجواب كان ضائع كصاحبته، انسابت المياة فوق جسدها بعدما رفعت يدها فوقها وفتحت الصنبور.
اخذ يجوب الغرفة ذهاباً وأياباً وفي يده أوراق التنازل عن الأرض بعدما جعلها توقعها ليلة امس بين أوراق الزواج، تنهد بضيق كلما اقترب من باب المرحاض ومازال صوت الماء يتدفق. 
تعالا رنين هاتفه، فغادر الغرفة بعدما القى الأوراق فوق الفراش باهمال . 
…………..
طالع هاتفه غير مصدقًا ما يُخبره به شقيقه للتو، ” كاظم” يخبره أن يظل في إيطاليا من أجل بعض العقود والأوراق العالقة بينهم وبين شركة عائلة النجار التي تترأسها ” خديجة النجار” ، لقد تم كل شئ فمن أين ظهر ما يُخبره به شقيقه 
………..
وضعت أغراضها داخل حقيبتها بملامح محبطة ، لقد مرت عليها ليلة أمس كالكابوس، تنهدت بارهاق تمسح فوق جبهتها وتناولت حقيبتها, تنظر للهاتف خاصتها..، هبطت الدرج وعيناها عالقة بالهاتف، فكلما وضعت يدها على رقم “جنات” كي تُحادثها لتطمئن عليها تراجعت في قرارها
استمعت لصوت السيدة “ألفت” السعيد بقدوم الصغيرة، فرفعت عيناها عن هاتفها تنظر نحو الصغيرة بشوق هاتفة اسمها بلهفة
– خديجة
أسرعت في خطواتها إليها حتى تضمها وتقبلها، ولكن الصغيرة ابتعدت عن مربيتها وتوارت خلف والدها، الذي وقف مشدوهاً من تصرف صغيرته
– خديجة، مش عيب كده يا حببتي
طالعته الصغيرة وركضت من أمامه، نظرت نحوها السيدة “ألفت”، كما علقت عيناه بها
– هروح أشوفها ، يمكن تكون زعلانه من حاجة
هتفت بها السيدة “ألفت” وهي تسرع بخطواتها نحو الصغيرة، تنهد بسأم يقبض فوق كفيه فالأمر لا يحتاج للتوضيح ف بالتأكيد ” شهيرة” ملئت اذني صغيرته بحديثها
– فتون متزعليش منها،خديجة صغيرة وبتتأثر بأي حاجة
رفعت عيناها إليه، فاقترب منها يضمها إليه ولكنها تراجعت للخلف تضم حقيبتها إليها 
– العالم بتاعك كبير عليا اوي، خديجة كرهتني والمطعم اتحرق
اطرق رأسه بعدما شعر بمرارة حديثها ، فما الذي حدث له ليصبح عالق هكذا..،عاد لثباته فهو وحده من يجب عليه حل الأمور مادام قد اختار طريقه معها.
طالعته في صمت ،فابتسم وهو يجذبها إليه، يُعانقها
– المطعم دلوقتي بقي ملك ليكي يا فتون، هنأسسه من الأول خالص وعلى ذوقك مش ذوق الجمعية
ابتعدت عنه، تستعجب حديثه، فالمطعم لا تملك منه إلا عقد إيجار وصكوك قد وقعتها تتعهد فيها بأن كل ما هو مزود بالمطعم ملك للجمعية
– إزاي، ومدام سحر.. والجمعية
– ليه لسا مصممه تشوفي نفسك ولا حاجة في حياتي، وإني  أقدر أعمل حاجات كتير عشانك
صدح رنين هاتفها عقب حديثه الذي أربكها، هي لا تُريد أن تبني أحلامها عليه كما فعلت في الماضي ثم تأتي صفعته الغادرة التي تسقطها أرضاً، ورغم الأمان الذي عادت تشعر به معه إلا أن تلك الذكرى عالقة في مخيلتها. 
علقت عينين “سليم” بنظرتها الضائعة إليه ثم بالهاتف،  فاسرعت تنظر نحو هاتفها وبالرسالة التي وصلتها للتو 
– ديه جنات؟ 
……….. 
ارتكزت عيناها بقهر نحو ورقة التنازل عن الأسهم التي لم تعد تملكها والتي كانت تعويضاً عن الأرض ، انفتح باب الغرفة، فاغمضت عينيها تنتظر سماع ما سيُلقيه عليها
– قولتلك هتطلعي خسرانه من اللعبة، حتى اللعبة التانية اللي كنتي عايزه تلعبي بيها خسرتيها
واقترب منها يهمس جوار اذنها بفحيح
– كنتي عايزه توريني اد إيه التعويض اللي خلتيني اتجبر عليه مش فارق معاكي وعايزه تتنازلي عنه عشان تثبتيلي حسن نيتك وتستخدمي سلاح الضعف قدامي ، بس احب اقولك مش كاظم النعماني اللي يتلعب عليه
ازدردت لعابها, تخبرها بمرارة ما حصدته من مجرد ليلة جمعتهما
– بعترف إني خسرت قدامك
ابتسم “كاظم” بانتشاء وهو يستمع لنبرتها الضعيفة
– لكن اوعا تفتكر إني خسرت نفسي، بالعكس أنا نجحت إني اتجوزك، نجحت إن اثبت لجودة النعماني إن بنت عثمان كسبت التحدي ومش بعيد أجيبله حفيد كمان
احتقنت عينين ” كاظم”، فهي تقف أمامه وتتحداه بتبجح بعدما ظن أنه هو الرابح
– ده أنتِ مخططه لكل حاجة، عموما مدام روح المناضلة رجعتلك، فانزلي قومي بدور الخدم وحضري الفطار لجوزك 
واقترب منها، يمدّ كفه نحو خدها يتحسسه وبنبرة لعوبة اردف
– ولا كنتي فاكرة هتلاقي اللي يخدمك وتعيشي في العز يا بنت عثمان 
تخطته بملامح ثابتة تخفي خلفها ثورة مشاعرها ؛ فتجهمت ملامحه واعتلاه الغضب وهو يري نظراتها المتحدية إليه. 
…………
هتفت مساعدة الطبيبة، اسمها لمرات عدة قبل أن تفيق من شرودها
– مدام ملك دور حضرتك
علقت عيناها بهاتفها، ثم نحو الطرقة الخارجية.., لقد وعدها أن يكون جانبها ولكنه ها هو يتخلى عنها
نهضت عن مقعدها بخطوات مترددة، ولكن قبل دلوفها، استمعت لصوته وهو يخبر المساعدة عن هويته.. تعلقت عيناها به فاقترب منها يحتضن كفها بين كفيه 
– معلش يا حببتي كان عندي عملية، خلصتها وجتلك علطول
ابتسمت ببهوت، فشدَّ فوق كفها
– على فكرة الجلسة ديه أنا اللي هتكلم عن نفسي يا ملك، وأنتِ هتكوني مستمعة مع الدكتورة
وبمجرد أن هتف عبارته الأخيرة، كان كلاهما أمام الطبيبة التي نهضت مرحبة بهم
– اهلا دكتور رسلان، المدام بتاعتك
اماء برأسه وهو ينظر نحوها، بدأت الجلسة التي كانت كما أخبرها هو، هو من سيبدء اولا العلاج..، اباح باسراره أمامها وخاصة تلك الفترة المذبذبة التي عاشها بعد وفاة ” مها “. 
انتهت الجلسة الأولى ولم تكن فيها “ملك” إلا مستمعة..، “رسلان” كان لدية علاقات في إنجلترا لم تصل للعلاقة الحميمية ولكنه كان يتلذذ في إستدراج النساء إليه حتي الفراش ثم بعدها ينهض عنهن مُدركاً جرمه.
خرجوا سوياً، فطالع صمتها بعدما صعدوا السيارة
– ليه كنت عايز تعمل كده يا رسلان؟
وضع رأسه فوق عجلة القيادة، زافراً أنفاسه بقوة
– أصعب حاجة ممكن تعيشيها إن يتلعب بيكِ، تفتكري سهل عليا أشوفها قدامي
فهمت مقصده، “ناهد” هي صاحبة الدور الأكبر بالحكاية
– حتى ولادي بدأت اشوفهم فيكي، لو مها فضلت صورتها قدامي فيهم مش هقدر يا ملك.. ولادي فعلا حياتهم في ايدك أنتِ يا ملك
حاول تمالك حاله، فكلما تذكر تلك الليلة وهدفها الذي دفعتها “ناهد” إليه، بأن تضع نطفته داخل رحمها حتى تصبح حاملا بطفله وتحكم الوثاق حول علاقتهما.
لم تشعر بتحرك يدها نحو كفه تمسد فوقه، تعالا رنين هاتفه فطالع رقم والدته التي هتفت فور أن أجاب عليها 
– تعالا شوف المصيبة اللي عملتها اختك واستغفلتنا كلنا
…………
– ديه أخرة دلعنا فيكي، في الاخر تتجوزي من ورانا يا ميادة
– محصلش حاجة بينا، خلوني اروحله، رايدن عمل حادثه يا ماما وممكن يموت..، ارجوكي
صرخت ” كاميليا” بجنون لا تنظر لتلك المصيبة، بل لذلك الموعد الذي حددته مع عائلة رئيس الحزب الذي تعد عضوة فيه
– فضحتينا منك لله
واقتربت منها تلتقطها من ثوبها بعدما كانت تدفن وجهها بين كفيها 
– هتروحي معايا للدكتورة دلوقتي وهتأكد فعلا كلامك صح ولا لاء
– كفاية يا كاميليا، كفاية.. بنتك مش بتكدب، أنتِ السبب في كل ده، من ساعة ما بقيتي مرات الوزير وأنتِ كل همك المظاهر والمناصب وفين ولادك يا كاميليا
– أنا يا عزالدين، أنا دلوقتي السبب في كل اللي بيحصل، وليه متقولش أنك أنت السبب
– أيوة أنتِ السبب، تفكيرك كله بقى غلط في غلط، بقى مبنى على المظاهر..، بنتك عشان واثقة إنك هترفضي حبها حطتنا قدام الأمر الواقع.
سقطت دموع ” ميادة” بأسي فوالدها يلقى عليها عبارته ليجعلها تستصغر حالها
– خافت لتعملي حكاية رسلان من تاني
تجمدت ملامح ” رسلان “، فقد دلف للتو إليهم وملك ترافقه ، نظر نحو والديه ثم صعود والده لأعلى وسقوط والدته فوق الاريكة. 
…………
طالعت تلك السيدة التي نظرت إليها بملامح بشوشه تدعوها لتناول طعام الغداء معها، وضعت السيدة “سعاد” اطباق الطعام وقد جاء السيد “جميل” هو الأخر ليتناول معهم الطعام داخل المطبخ
– اقعدي يا بنتي مالك واقفة كده عندك
ارتبكت “بسمة” وهي تتحرك نحوهم..،  فابتسمت السيدة
” سعاد” تخبرها بما اعدته من واجبة عامرة من أجلها، ازاحت
“بسمة” المقعد برفق، فناولها العم جميل قطعة خبز مبتسماً هو الأخر
– أنتِ تقربي للست فاطمة الله يرحمها
ازداد ارتباك ” بسمة”، فاطرقت عيناها بعدما وجدت عيناهم تُحدق بها، وينتظروا جوابها بفضول
– أقرب لطليقته، ملك
ابتسمت السيدة ” سعادة” عندما تذكرت تلك التي قصدتها، فامتدحت فيها بشدة كحال السيد “جميل”
– ياريتهم كانوا فضلوا متجوزين، كنت حياة البيه بقت افضل من كده، كان ليها تأثير على حياته مش زي اللي فضحته في الأخر
أخذهم الحديث نحو أيام المزرعة، وجلب السيد “جسار ” إليهم ليعيشوا هنا ويخدموه كما خدموا والديه.
شعرت “بسمة” بالألفة وكلما أرادت أن تُساعدهم في شئ، كانت السيدة “سعاد” تُخبرها أنها ضيفة هنا.
مضى الوقت، وعلمت من السيدة “سعاد” أن رب عملهم يتناول طعام العشاء بالمنزل في الساعه الثامنة بل ويدعوها لتُشاركه الطعام.
توترت “بسمة” وهي ترى رجلاً وأمرأة يُرافقه، فاطرقت رأسها خجلاً، أرادت الأعتذار حتى لا تحرجه أمام ضيوفه ، فهي لا تعرف كيف تتناول طعامها كما يتناولوه برقى وطريقتهم
– استاذ سعيد ومدام روفيدة، شركائي
ارتفعت أنفاس ” بسمة” توتراً، واماءت برأسها
– بسمة 
عرفها عنها باسمها لا أكثر، ابتسموا إليها ونظراتهم تفحصها بطريقة اربكتها، هندمت حجابها لعله لم يكن مهندمًا،
تابعتهم وهم يتناولون طعامهم، فازداد حرجها لتلتقط المعلقة وترتشف الشربة.
 ارتشفت الشربة حتى امتلئت معدتها؛ فطالعها” جسار ” بعدما لاحظ عدم تناولها لشئ اخر، ليقدم لها طبقًا أخر، ثم اماء برأسه حتى تتناول منه، حاولت قدر المستطاع التقاط قطعة اللحم بالشوكة دون إخفاق. 
استمر إختلاس النظرات إليها، حتى بعدما نهضوا عن الطاولة وتقدموا نحو غرفة الجلوس، اسئلتهم عن دراستها ومدي وعيها وثقافتها بالحياة كانت تزيدها خجلاً وقهراً.. حياتها كانت لا تتمحور إلا في تطريز الملابس وكيّها، وصفعات “فتحي” لها ولقمة العيش ، مرض والدها وعجزها عن تخفيف آلامه
– ممارستيش اي هواية قبل كده، أو كنتي بتحبي حاجة وكان نفسك تكملي فيها
طالعت “جسار” الذي جلس صامتاً يستمع إليهم، أرادت أن تسأله لما هؤلاء الناس هنا ويسألونها هذه الأسئلة، هل هم ضيوف أمام محققين؟
– بحب التفصيل 
– هايل يا بسمة
هتفت بها السيدة الجالسة، فتسائل الجالس بعدما استرخي في جلسته
– مكملتيش ليه تعليمك يا بسمة، كنتي ممكن تدخلي اي كلية مصاريفها قليلة او معهد حتى
اطرقت رأسها متمتمه
– ظروف 
– ممكن نعرف الظروف ديه
عادت ترفع عينيها نحو ” جسار ” الصامت، فتخلي “جسار” عن صمته أخيراً
– ردي عليهم يا بسمة، استاذ سعيد بيدردش معاكي
ازدردت لعابها، تنظر نحو الذي لا تُريد رؤية شفقته على حياتها أكثر ، ثم تنهدت بحزن وهي تتذكر ذلك اليوم الذي تخلت فيه عن شهادتها لتعمل في محلات الملابس والمكتبات إلي أن وجدت عملا لها بمصنع
– والدي كان عاجز ومبيقدرش يشتغل، مكنش عندنا مصدر رزق، فكان لازم انزل اشتغل
– كنتي جايبة كام في الثانوية العامه يا بسمة
والجواب كانوا يحصلون عليه كلما أشار إليها بأن تتحدث
– 80 في الميه
………..
لم يكن يُصدق أن الحال سيصل بهم بهذه السرعة لتلك اللحظة ، بأن ترتمي بحضنه وتُعانقه، ضمها إليه ضاحكاً.. فاسرعت في الإبتعاد عنه بعدما أدركت تهورها
– ممكن أعرف السبب العظيم ورا الحضن الجميل ده
شاكسها بطريقته، فاطرقت رأسها خجلاً.. فبماذا ستخبره ؟
هل ستخبره أن تلك الملامح المهزومة والإنطفاء المرتسم فوق ملامح “جنات” جعلاها تتأكد بأنها تعيش في نعيم، 
جذبها إليها يضم وجهها بين كفيه، ينتظر سماعها
– طيب كملي جميلك وقوليلي السبب
عادت تطرق رأسها، فمدَّ يده يرفع وجهها إليه هامسا بخفوت
– فتون
تهربت من عينيه، وبارتباك هتفت
– حضنتك عشان، كنت عايزة اعمل كده
أندفعت السيدة ” ألفت” إليه، تهتف اسمه
– سليم بيه، خديجة منهارة من العياط.. أنا خايفة البنت يجرالها حاجة من كتر العياط
تجمدت عيناه نحو السيدة “ألفت” ولم يمهلها لسماع المزيد، فاسرع بخطواته نحو غرفة صغيرته،يرفعها من فوق فراشها في لهفة
– مالك يا حببتي، إيه اللي بيوجعك 
– عايزه مامي
دلفت “فتون” الغرفة وما كانت خائفة منه قد حدث، صرخت الصغيرة بقوة مُشيرة نحوها
– بابي ديه وحشة، عايزة تموتني
تراجعت ” فتون” للخلف، مصدومة من حديث الصغيرة وكرهها الذي تولد داخلها نحوها دون سبب
– خديجة أنا بحبك، ده أنا عملتلك الكيكة اللي بتحبيها.. ،صح يا مدام ألفت
أسرعت السيدة “ألفت” في جوابها، ولكن الصغيرة قد علقت على تلك العبارة، أنها ستقتلها
– دادة ممكن تاخدي فتون وتخرجوا
عجز ” سليم”  لأول مرة على احتوائها، شعر بالغضب من 
” شهيرة” التي اقحمت صغيرتهم في أمورهم، اقسم داخله إنه سيعاقبها في أكثر الأشياء حبً وهي صفقتهم القادمة وشراكتها معه في مشروعه القادم
– بابي زعلان منك يا خديجة
مسحت الصغيرة فوق خديه، بعدما كفت عن صراخها, تُحادثه
– بابي، أنا عايزة مامي تعيش معانا، فتون هتموتني، الساحرة الشريرة عملت كده
قصت عليه الصغيرة، تلك الحكاية التي قصتها عليها والدتها وقد رسختها في عقلها، توعد في معاقبتها, فما ذنبها ابنتهم بمشاكلهم وغيرتها
– فتون بتحبك، يا خديجة، شوفتي عملت ليكي كيكة حلوة ..، بابي كان هياكلها كلها، ومكنتش هسيب لأميرتي حاجة
هزت الصغيرة رأسها رافضة، ومدّت ذراعيها تُعانقه بقوة، تخبره أن يظل معها 
غفت الصغيرة بعدما وعدها أن يأخذها لنزهة ستكون فيها والدتها معهم، وسيجلب لها جميع الألعاب التي تُريدها دون أن يأخذ فتون. 
تحرك من فوق فراشها الصغير بهدوء، وغادر غرفتها يمسح فوق جبينه بثقل 
……….
دلف للغرفة بملامح واجمة دون حديث، أرادت أن تُحادثه ولكنها شعرت بتجاهلها لها، بهتت ملامحها وهي تراه يدلف للمرحاض فسقطت دموعها التي لم تفهم سببها .., غادر المرحاض ليجدها متكورة فوق الفراش تغفو على جانبها الأيمن 
فتنهد بتعب وارتمي فوق الفراش جوارها يجذبها إليه
– فتون أنا عارف إنك بتحبي خديجة، وبتشوفي نفسك فيها..، استحملي الفترة اللي جاية أرجوكي
أسرعت في مسح دموعها، والتفت إليه فقد ازالت كلماته شكوكها ومخاوفها
– أنتِ كنتي بتعيطي
– خوفت تصدق إني ممكن أذيها، أنا مش شريرة يا سليم
ابتسم وهو يقضم أنفها بشفتيه
– لا أنتِ شريرة يا فتون، وشريرة اوي كمان 
انصدمت من حديثه،فاردف بعبث يليق به
– عارفه ليه، لاني جعان جدا، جدا 
أسرعت في النهوض من جوارها، تلتقط مئزرها من جوارها
– هقوم احضرلك الأكل حالا
ضحك بعبث، فهي لا يُريد ما أخذها عقلها إليه، اعادها لحضنه ضاحكا بعبث أكبر
– لا يا حببتي أنا جعان حب، جعان للحضن اللي ادتهوني تحت من غير سبب 
تولت شفتيه المهمة، وأخذ يخبرها عن جوعه بتوق وبراعة، حتى استكانت بين ذراعيه غافية بسعادة . 
……….
اخذت تبحث في الغرفة التي تقيم بها مع السيدة “سعاد” عن هاتفها، فتنهدت بارهاق تُحاول عصر دماغها, حتى تتذكر أين اضاعته..؟
فلم تجده بالمطبخ ولا هنا 
تعلقت عيناها بالفراغ ثم نهضت مسرعة بعدما تذكرت أين تكون قد اضاعته..،؟
اتجهت نحو الغرفة التي جلست فيها مع ضيوفه، بحثت في جوانب مقعدها، فابتسمت بارتياح وهي تلتقطه
– الحمدلله لقيتك، ده انا مش معايا حاجة غيرك، حتى أنت 
عايز تضيع مني
حادثت حالها، والتفت بجسدها مغادرة ولكن عيناها التقطت ذلك الملف الموضوع فوق الطاولة.. ارتكزت بعينيها نحوه، فهو نفس الملف الذي كان مع ضيوفه، بفضول غريزي مدَّت يدها نحوه؛ فعلقت عيناها بغلافه و أول أوراقه 
يتبع..
لقراءة الفصل الحادي والأربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً نوفيلا ورطة قلبي للكاتبة سارة فتحي

‫2 تعليقات

  1. ياريت الروايه تتمسح، انا مسمحتش إنها تتنشر، رجاء يبقى في إحترام للكاتب، بلاش تخلوني اوصل لموضوع اهكر ليكم المدونه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى