Uncategorized

نوفيلا الحرمان الفصل الثاني 2 بقلم سهام العدل

 نوفيلا الحرمان الفصل الثاني 2 بقلم سهام العدل

نوفيلا الحرمان الفصل الثاني 2 بقلم سهام العدل

نوفيلا الحرمان الفصل الثاني 2 بقلم سهام العدل

-تحولت ملامحي المبتسمة إلى ملامح مصدومة ومتعجبة في نفس الوقت ولم يعطني فرصة أعبر عما يدور بداخلي حين أكمل صدمتي قائلاً” أما الآن فانهضي وبدلي ملابسك حتى نتمم هذا الزواج”
– جحظت عيناي وارتعدت أوصالي وتملكني الرعب…وكل مادار في ذهني حينها كيف لي أن اجتمع أن وهذا الرجل عديم القلب في فراش واحد؟!!! … وماذا سيفعل بي… وكل ماتوقعته أن يحدث هو أني سأدخل غرفتي محمولة على يديه وبين أحضانه كما كنت أشاهد في الأفلام والمسلسلات ولكن ماوجدته هو سجن أبدى مع رجل منعدم الإحساس والمشاعر… لم أتمالك نفسي فانخرطت في بكاء شديد ونحيب عالي… 
-اقترب مني متسائلاً ” لماذا تبكين؟؟”… لم أستطع الرد وحجبت عيني بيدي وازداد بكائي كطفلة أُخْتطفت من عائلتها في زحمة الحياة واختطفها مجرم قاسي… شعرت بلمسته على كتفي “اهدئي… ماذا بكِ؟” انتفضت أثر لمسته ووقفت مفزوعة وحاولت السيطرة على نفسي والتحكم في دموعي… 
-تركني لحظات وعاد حاملاً كوباً من الماء يمد يده به ” اشربي واهدئي”… أخذته وشربت بعض الماء وتوقفت دموعي ولكن مازال صدري يعلو ويهبط وشهقاتي مستمرة… 
-قال لي بصوت هادىء” اجلسي ياهبه… واهدئي”…جلست وجلس هو الآخر أمامي مرة أخرى وحاولت استرداد ثباتي ورفعت عيني له وجدته يتنهد ويمسح وجهه بيده بتوتر… خفت أن ينفعل ولا يتحمل تصرفاتي … فقلت “آسفة… لم أقصد… و.. و.. لكنـ…” 
-قاطعني قائلاً بصوت حاني ” لماذا تبكين؟؟”… أجبت بتلقائية “خائفة”… تعجب وسأل “ممن ماذا؟”.. أخفضت بصري وفركت يدي ببعضهما وأجبت بخفوض “منك”… تحولت نبرته لنبرة حزينة وهو يقول ” وهل أنا مخيف لهذا الحد؟!!”… لم أجد رداً مناسباً عليه لأني بالفعل أجهله وأجهل شخصيته… فبماذا أجيبه وأول لحظات تجمعنا لم أجد منها سوي ذلك… فاستأنف هو ” وماذا  أخافكِ مني؟؟ “
– لم أجرؤ على الرد… كيف أخبره أنني أموت خوفاً وخجلاً معاً… شعرت بلمسة أصابعه تلمس ذقني وترفعه حتى تلاقت الأعين… وأخذتني عينيه للحظات.. عينان مظلمتان باللون الأسود ولكنهما مكسورتان في نفس الوقت ولكنهما مثل المغناطيس تجذباني بشدة … تشوشت أفكاري وفقدت القدرة على تحديد شعوري تجاهه في هذه اللحظة… ” لست سيء لهذه الدرجة ياهبه” جملته أخرجتني من شرودي ونبرة الحزن فيها جعلتني أشعر بالشفقة تجاهه… فابتسمت له لأطمئنه أنني أصبحت بخير… فبادلني الإبتسامة وسألني ” هل تصلين ياهبه؟؟”… فاندفعت مجيبة بفخر ” نعم أصلي ولا أترك فرضاً”… زادت ابتسامته وقال ” حسناً.. هذا جيد يا زينة البنات “… دق قلبي مرة أخرى لمدحه لي وعُدْتُ خجلة مرة أخرى وأخفضت بصري… فضحك بصوت منخفض وقال ” سأصمت حتى لا تخجلي وتبكين مرة أخرى… هيا انهضي وتوضأي لنصلي سوياً” 
◾ بعد أن صلى بي إماماً وانتهينا طلب مني مرة أخرى أن يتم زواجه مني… حينها لم أكن أعلم مايتوجب علىّ فعله… فكل ما أعلمه عن العلاقة الجسدية بين الزوجين هو ماكنت أراه في أفلامنا المصرية من ضحكات وقبلات حتى أمي لم تخبرني شيئاً عن ذلك… فقط أخواتي المتزوجات كان يهمسن لي بكلمات غامضة لم أفهم منها شيئاً ولكني أتذكر كلمة أختي هالة قبل زفافي عندما قالت لي ” لا تخافي فقط اتركي نفسك لزوجك وهو سيعلمك كل شيء” وبالفعل فعلت ذلك وأنا أموت خجلاً… واكتشفت بعد ذلك أنني ليس لي أي دور في هذه العلاقة ومايتوجب على فعله هو فقط استسلامي له بكامل إرادتي… 
-ومر أسبوع على هذا الحال… كنت سعيدة بكل ركن في المنزل وأثاثه الحديث وأجهزة المطبخ العصرية التي لم أرها من قبل سوي في برامج الطبخ على شاشة التلفاز ولكن بلال علمني كيف استخدمها واكتشفت كم هي مريحة وسريعة … اكتشفت حياة أخرى كنت أجهلها ولكنها حياة هادئة للغاية… بعد هذا الأسبوع شعرت بالوحدة رغم أن بلال يلازم البيت ولم يخرج منه سوي للصلاة فقط ولكنه كان قليل الكلام للغاية… نجتمع سوياً لتناول الطعام نهاراً وفي الفراش ليلاً… أما سوي ذلك هو أما أنه يقرأ أو يعمل على حاسوبه المحمول وأنا أقضي نهاري أقلب في القنوات واسترق النظر له بين حين وآخر وكل يوم أهاتف أمي أو أحد أخواتي لدقائق… ولم يزرنا أحد من أهلنا احتراماً لخصوصية العروسين… حتى جاء بعدها وأخبرني أن عمي وزوجته وأخواته وجدتي وأمي سيزورونا بالغد ويقضون معنا اليوم… نهضت أتقافز كالأطفال من السعادة لأنني سأري أمي واقتربت منه احتضنه لأول مرة… تتعجبون… نعم إنها أول مرة فنحن لاتجمعنا أحضان ولا هو يمنحني أي مشاعر… ولا تجمعنا أي علاقة  سوي علاقة الفراش فقط التي ينتهي منها سريعاً ويوليني ظهره وكأنني أداة فقط يستخدمها لمتعته… وكان هذا أقسى نوع من الحرمان عرفته حرماني من أني أشعر أنني إمرأة تتبادل الحب والمشاعر مع زوجها… 
– الأسبوع الثاني عاد إلى عمله يذهب له صباحاً ويعود الرابعة عصراً وعند عودته يوماً أخبرني أن ابنه سيأتي أسبوعياً يقضي معنا يومي الخميس والجمعة وطلب مني بكل احترام أن اتحمله وأعامله بود … تلقيت الخبر بإبتسامة ولم أتذمر… يكفي أن أحداً سيأتي ويكسر هذا الملل ويملأ الوحدة التي أعيشها… ولا أنكر أنني أحببته جداً فكان رغم شقاوته طفل ذكي وممتع للغاية… كنا نلعب ونمرح سوياً واستعدت طفولتي التي حرمت منها معه ويكفى أن بلال كان يأخذنا مساء كل خميس للنزهة… فأصبح الخميس أفضل أيام الأسبوع لدي… بالإضافة أن الطفل باسل جعلني اكتشف بلالاً آخر… كان يتفرغ تماماً في هذين اليومين لابنه… كان يتعامل معه بمنتهى الود والحب والحنان… كم تمنيت لو أنني طفلته لأحظي بكل هذه المحبة… كم وددت لو يتناقص عمري  للخامسة كباسل لأنال كل هذا الإهتمام… لا أنكر أنه كان يجلب لي الحلوى والمقبلات كأبنه ولم يكن بخيلاً معي يوماً سوي في مشاعره واهتمامه وهذا كان يقتلني كل يوم. 
– مرت أشهر طويلة على هذا المنوال وجاءت نهاية أسبوعاً وعاد بلال من عمله من غير باسل وكنت مستعدة تماماً للقائه… حزنت وشعرت بخيبة أمل شديدة وسألته ” أين باسل؟”… أجابني ” سافر مع والدته خارج البلد وسيظل شهر أو أكثر “… ازداد حزني وأدمعت عيناي وسألته ” هل سأظل شهر دون أن أراه “… قال بعطف ” لا تحزني… سأجعلك تهاتفيه يوماً بعد يوم”… أومأت برأسي يائسة… وماذا بيدي غير ذلك… وفي إحدى الليالي في فراشنا البارد بينما كل منّا يعطي ظهره للآخر… ناديته” بلال “… 
رد بصوت ناعس” نعم”…
ابتلعت ريقي بتردد ثم قلت ” أريد طلباً”… 
رد بهدوء” اطلبي”…
قلت” أريد أن أذهب إلى الطبيبة”
-نهض معتدلاً في فراشه يتحسس جبيني بإهتمام ولأول مرة أحظي بإهتمامٍ كهذا منه وتسائل بلهفة “هل أنتي مريضة ياهبه… ماذا بكِ.. مالذي يؤلمك”… 
-نهضت أنا الأخرى واعتدلت وأجبته ” لست مريضة ولكني أشعر بالوحدة… أريد طفلاً” 
– هدأ بعض الشئ وقال ” ولم العجلة… إن كان الله لم يرد لنا بعد فلم نتعجل” 
– قلت مؤنبة له ” أي عجلة ونحن متزوجان منذ أكثر من تسعة أشهر… أريد أن اطمئن مالمانع من أني أحمل بطفل وأصبح أماً “
– رد بهدوئه المعتاد ” إذن انتظري حتى نكمل عاماً وبعدها نذهب ونبحث عن السبب في تأخر الإنجاب” 
– أجبته بيأس” أشعر بملل شديد… أنت طوال اليوم خارج المنزل وعندما تأتي تلزم الحاسوب أو هاتفك المحمول… أهلي وتبعدني عنهم المسافات ولا أراهم سوي في المناسبات… حتى باسل تركني وذهب “
– تنهد ثم تناول كوب الماء من جواره وارتشف منه القليل وقال ” إذن تجهزي غداً نخرج بعد انتهائي من العمل نتناول الغداء في أحد المطاعم ثم نذهب لزيارة أختي بسمة “
-تناسيت طلبي في الذهاب إلى الطبيبة وفي اليوم التالي اصطحبني لتناول الغداء خارج المنزل ثم ذهبنا لأخته التي قابلتنا بترحاب شديد وخصوصاً أخيها التي تعلقت في رقبته كطفلة صغيرة رغم أنها تصغره بعامين… بالإضافة إلى تمسكها به طوال الزيارة ومداعبته وإطعامها له الحلوي و الفاكهة له كطفل صغير… بالإضافة إلى ابنتيها المراهقتين اللتان لم يكفا عن الدلال عليه والتحدث معه في أمور مختلفة… 
– زيارتي لبسمة جعلتني أشعر بالغيرة الشديدة تجاهه والحزن على نفسي… كيف وأنا زوجته لم أحظي بهذا الحب والدلال منه كأخته وبناتها… وفي نفس الوقت كم تمنيت حينها أن يكون لي أخ يحبني ويهتم بي مثلما يحبها بلال… كما جعلتني هذه الزيارة أعيد ترتيب حياتي من جديد… فهم في عالم آخر غير الذي أحياه… عالم تملأه البهجة والحيوية والحب والتآلف… 
-لاحظ بلال شرودي الكثير بعدها وسألني ” لم أنتِ شاردة منذ أن عدنا من الخارج”… 
انتبهت له وأجبت  “لا شيء”… 
قال ” ظننتك ستكونين سعيدة بعد أن نعود ولكن ظني لم يكن بمحله”… 
تصنعت الإبتسامة وقلت ” بالعكس أنا سعيدة واستمتعت بالغداء جداً”… 
نظر لي بمكر ثم قال ” إذن زيارة بسمة هي سبب شرودك” 
أجبت بتلعثم” لا.. أبداً… ولكن.. ولكن أشعر بجهلي بينهم” 
ضيق عينيه بتعجب “جهل!… كيف؟ “
-أجبت وأنا أفرك يدي” نعم… بنات أختك المراهقات يتحدثون أكثر من لغة ولديهم ثقافة واسعة وأختك كذلك.. وأنا أجلس بينهم كالبلهاء” 
– قال بعطف ” أنتي لست بلهاء ياهبه… لاتنعتي نفسك بذلك… ومع ذلك مالذي يمنعك من التثقف؟ “
– أجبت بتلقائية “أنت” 
رد بتعجب” أنا!! “
-أجبت بثقة “نعم أنت… تمنعني من حمل الهاتف أو تصفح الحاسوب… وعندما طلبت منك ذات مرة أن استكمل تعليمي، رفضت “
-ابتلع ريقه وتناول بعض الماء من على المنضدة كعادته عندما يتوتر وأجاب بهدوء ” اسمعيني ياهبه… لديك في غرفة مكتبي مكتبة كبيرة تشمل عدد كبير جداً من الكتب اقرأي منه ماتشائين ولكن لا تتحدثي في غير ذلك”… انهي الكلام بذلك وأنا أطعته كالعادة… 
– وبالفعل بدأت أقرأ كما نصحني وكانت هذه المكتبة ميلاد جديد لعقلي فقد استفدت كثيراً… كما أن القراءة كانت تتيح لي الفرص الكثيرة في فتح مجال للحوار والنقاش مع بلال الذي كان يبهرني ويزداد إعجابي وحبي له يوماً عن يوم …. 
– مرت الحياة بيننا كما هي وبدأت أحظي بإهتمام بسيط من بلال ولكني كنت أحمد الله على ذلك آملة في إني سأكسب قلبه بالكامل  يوماً ما… حتي عاد من العمل يوماً وأخبرني أنه مسافر عدة أيام في عمل هام وأعطاني بعض النصائح كالعادة وأنا أجبت بالسمع والطاعة ولكني لم أكن أعلم أن هذا السفر سيشكل هذا الفارق والتغير في حياتي…. 
يتبع…
لقراءة الفصل الثالث : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية أحببت قمراً للكاتبة مريم حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى