روايات

رواية وجوه الحب الفصل الأول 1 بقلم نور بشير

رواية وجوه الحب الفصل الأول 1 بقلم نور بشير

رواية وجوه الحب الجزء الأول

رواية وجوه الحب البارت الأول

رواية وجوه الحب الحلقة الأولى

إذا كانت للقهوة وجهًا واحدًا ؛ فإن للحب وجوه
ولكن يظل الفرق بينهما كالفرق بين الشروق والغروب.
لذلك لا تترد ثانية في الوقوع بعشق القهوة حتى بعد زوال وجهها لأنها بالتأكيد مخلصة لا يعرف مذاقها الزيف..
أما الحب فهو أشبه بالكائن الأخطبوطي له أكثر من وجه حتى أنك تكادُ معه أن تتخلىٰ عن جميع أحلامك في سبيل المفاز به ؛ مستيقظًا على واقع التخلي المرير كشعور تخلي الأم عن طفلها الرضيع رغمًا عنها..
فالحب أحضانه باردة لا تعرف للدفء طريق..

نــور بــــشـــيـر.

…………………………………………………………………..

الشخصيات الأساسية المحركة للأحداث:-

* ” أصـالـة / صـولا الـعُـمـرانـي “.
– البطلة » إمراة أربعينية بالغة من العمر ستة وأربعون عامًا؛ لكن من يراها لا يلاحظ عليها علامات الزمان وكأنها فتاة في ريعان شبابها لا تملك من العمر سوىٰ ثلاثون عاماً فقط.
إمرأة قوية، حرة نفسها، عصامية، مكافحة، وحنونة؛ تملك من البراءة والنقاء ما يكفي لغرق العالم بأكمله؛ فهي بالرغم من سنواتها العُجاف التي لطلاما عاشت بداخلها إلا أنها لاتزال تحتفظ بطيبة ونقاء قلبها.
إمرأة ناعمة، ممشوقة القوام، متوسطة القامة، قمحية البشرة، ذات الأعين الواسعة الزرقاء التي تشبه في لونها لون أمواج البحر الصافية، والشفاه المنتفخة، وخصلاتها تُحاكي في سوادها سواد الليل الحالك في ليلة معتمة؛ إلا أنها قامت بتغيير لونها وتقصيرها إلى حافة كتفيها فأصبحت كسلاسل الذهب المنسدله أعلاهم بطلاقة وحرية كحرية العصفور المنطلق بإريحيه شديدة خارج عُشه؛ فهي أنثي بما تحمله الكلمة من معنىٰ؛ من يراها يُكاد يجزم بأنها أنتهت من دراستها للتو وليست بإمرأة أوشكت على إنهاء عقدها الرابع.
تخرجت من كلية إدارة الأعمال، مغتربة؛ تعمل منذ أكثر من ستة وعشرون عامًا ببلده أوروبية وهي ” إيـطـالـيـا – Italy ” ولديها سلسلة من أهم وأكبر المطاعم بالعالم المشهورة بإعداد ” الـمـعـكـرونـة – الـبـاسـتـا ” فهي تملك عدة مطاعم في عدة بلدان مختلفة كـِـ ( لـنـدن، نـيـورك، بـاريـس، تـركـيـا، ألـمـانـيـا، دبـي، الـمـكـسـيـك ).
أطلقت عليهم إسم ” صـولا – Soula ” ولكن وراء ذلك الإسم قصَّة ألم وكفاح لن يتمكن أحد من فهمهما إلا إذا إستشعر معاناتها جيدًا.

* ” مُـراد نـجـم الـديـن “.
– البطل » رجل ناضج يبلغ من العمر سبع وأربعون عامًا؛ يتميز بلحيته وخصلاته البيضاء الناعمة التي تزيد من هيبته ووقاره الذي يطمح إليهم الكثير؛ ولكن على الرغم من تجاوزه العقد الرابع من عمره إلا أنه يتمتع بجسد رياضي ممشوق ومتناسق؛ فهو عريض المنكبين، طويل القامة، قمحي البشرة، ذو العينتين السوداويتين، أنيق، يملك من الرقيّ ما يميزه ويستثنيه عن الكثير من الرجال ممن هم في نفس عمره؛ فهو رجل حضاري من طبقة مخملية راقية؛ عاش وتربىٰ في حياة يملؤها الطرف والرفاهية؛ من أصل أرستقراطي؛ تخرج من كلية إدارة الأعمال ويعمل مع والده في مجموعة شركاتهم الخاصة بالتجارة وإستيراد وتصدير الأطعمة والمواد الغذائية؛ ويعتبر رئيس مجلس إدارتها منذ تقاعد والده من سنوات نتيجة لإشتداد المرض عليه وعوامل الزمن.
رجل جامد، صارم، يملك من السلطة والجاه ما يكفي ليحرك العالم رهن إشارته؛ غامض، لا أحد يستطيع فهم ما يشعر أو يفكر به سوىٰ صديقه المُقرب ” عـاصـم ” هو فقط الشخص الوحيد المسموح له بمشاركته أوجاعه وأحزانه وحقيقته.

* ” عـابـد نـجـم الـديـن “.
– الأب » عجوز يبلغ من العمر الثمانون عامًا؛ رجل عصامي، صارم، قوي، حكيم، نال من الدُنيا ما لم ينله أحد من قبل؛ صاحب الكلمة الأولى واليد العليا بالبيت والعائلة بأكملها.
يعتبر علامة من علامات مصر والوطن العربي في تجارة الأطعمة والمواد الغذائية؛ ولكن بعد وفاة إبنه الأكبر ” مُـعـتـصـم ” لم يحتمل قلبه وقع الخبر وهوىٰ بين قدميه حتى أنه أصبح غير قادرًا على مواصله أعماله مسندًا رئاسة شركاته إلى إبنه الآخر ” مُـراد ” ومنذ ذلك الحين أصبح ملازماً لعصاه التي تزيده وقارًا وشموخًا؛ ولكن دومًا ما يلجأ صغيره إليه ليشاوره في بعض تفاصيل أمور العمل على أن يُقدم له رؤيته كاملة لتخطي الأمر.

* ” نـوح الـحـنـونـي “.
– مدير أعمال ” صـولا ” » رجل في أول عقده السادس مصري وتحديداً من أرض النوبة نشأ وتربىٰ بـِـ ” إيـطـالـيـا ” تعرف على ” صـولا ” منذ أكثر من عشرون عامًا في بداية رحلتها إلى ” إيـطـالـيـا ” فكان خير السند والداعم لها وعاملها كإبنته تمامًا.
رجل حنون، عطوف، عفوي، حكيم، صادق، مُحب للحياة وللآخرين، يتميز بالبشرة السمراء، أصلع بعض الشئ، ذو جسد ممتلئ لما يصل إلى ثمانون كيلو جرام.
أعزب ومضربًا عن الزواج منذ سنوات.
كان يعمل مع ” صـولا ” قديمًا في إحدىٰ المطاعم التي كانت تعمل بها كطباخة ( شيف ).
يعتبر من أقرب الأشخاص إلى قلبها وصديقها الصدوق كما تلقبه دومًا.
مرح، يُحب الضحك والتنكيت وله أسلوب خاص يستطيع من خلاله تهوين الأمور وتبسيطها على من حوله.

* ” عـاصـم غـريـب “.
– صديق ” مُـراد ” المُقرب » يبلغ من العمر سبعة وأربعون عامًا؛ من عائلة مرموقه.
يعتبر والده الصديق المقرب لـِـ ” عـابـد ” ومؤسس معه لإمبراطورية ” نـجـم الـديـن ” بإعتباره محاميه القانوني ووكيل أعماله وبعد وفاته قد أعلن ” عـابـد ” بنقل ٧ ٪ من أسهم الشركة لصالح ” عـاصـم ” تقديرًا منه لروح صديقه ” غـريـب ” المفقود ولحتى يظل ” عـاصـم ” تحت رعايته.
أما عن زوجته فهو منفصل عنها منذ أكثر من عامين وتعيش برفقه أبنائهم بـِـ ” لـنـدن – London ” حرصًا منهم على تلقيهم العلم والدراسة بالخارج؛ ومنذ ذلك الحين وهو يصوب جهده على عمله فقط وصديق طفولته ودربه ” مُـراد ” فهم يتحاملون الأوجاع معًا ويتشاركون نفس الضحكة الواحدة.

* ” سـلـيـم الـعُـمـرانـي “.
– شاب يافع يبلغ من العمر ستة وعشرون عامًا؛ طويل القامة، عريض المنكبين، قمحي البشرة، أشقر، ذو جسد رياضي عريض.
نشأ وتربىٰ بـِـ ” إيـطـالـيـا ” درس الإقتصاد ويُدير سلسلة مطاعم ” صـولا ” ويعتبر كنزها الوحيد، وهو أيضًا حنون، يعشق ” صـولا ” إلى حد الجنون، معتبر إياها المرأة الحديدية التي هزمت الصعاب وكافحت من أجل حياة شريفة لها وله.
رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنىٰ؛ واثق، مغرور، شديد الغيرة، ذكي لأبعد حد، عندما يعشق يعشق بكل ذرة به وعندما يكره لا أحد بالكون يستطع تحمل عداوته وكراهيته؛ فإذا كان الحب هو غاية الجميع فالعدل هو غايته.

* ” مُـعـتـصـم نـجـم الـديـن “.
الشقيق الأكبر لـِـ ” مُـراد ” يبلغ من العمر واحد وخمسون عامًا وكان يمثل الأب الثاني بحياة شقيقه الأصغر؛ توفىٰ في حادث سير منذ أكثر من سبعة وعشرون عام؛ ومنذ ذلك الحين أنقلبت حياة ” مُـراد ” رأسًا على عقب ولم يعد يعرف للنور طريقًا من بعده.

* ” شـهـيـرة رفـعـت “.
– زوجة ” مُـراد ” » إمرأة أربعينية تبلغ من العمر تسع وأربعون عامًا؛ متوسطة القامة، خمرية البشرة، ذات الأعين الواسعة والخصلات السوداء القصيرة، تحاول جاهدة في محو علامات الزمان ومعالم الكبر من عليها بوسائل عدة؛ كأدوات الزينة، والبوتكس، والفيلر وغيره من أدوات التجميل التي تُضفي على العمر طابعًا أصغر من العمر الفعلي؛ تزعم دومًا لتصبح صاحبة اليد العليا بالمنزل وبكل شئ.

* ” مـريـم مُـعـتـصـم نـجـم الـديـن “.
– إبنه ” شـهـيـرة ” » وأقرب أبناء المنزل إلى قلب ” مُـراد ” عوضته عن الكثير وعوضها هو أيضًا عن فقدان والدها وحنانه.
كان لها خير الأب، والأخ، والسند وعوضته بدورها عن فقدانه لمشاعر الأبوة التي حُرم منها.
فتاة ناعمة تبلغ من العمر ستة وعشرون عامًا؛ درست وتخرجت من كلية الفنون الجميلة فهي عاشقة للرسم والنحت والأولوان.
وحاليًا تعمل بالديكورات وتنسيق الألوان.

* ” سـهـام نـجـم الـديـن “.
– إبنه ” عـابـد ” الصغرىٰ » إمراة في منتصف عقدها الرابع؛ أرملة حيث توفىٰ زوجها منذ عشرة سنوات تاركاً لها فتاة في عمر الثالثة والعشرون تُدعىٰ ” سـلـمـىٰ ” وصبي في عمر الخامسة عشرة عامًا يُدعىٰ ” عـامـر ” وهما بالنسبة لها تركتها بالحياة تعيش برفقتهم بمنزل والدها وتحت رعايته هو و ” مُـراد ” شقيقها الأكبر.
إمرأة مراعية، حنونة، تعشق عائلتها إلى الحد الذي يجعلها في مقدورها فعل أي شئ لترىٰ سعادتهم فقط والبسمة ترتسم على وجوههم من جديد.

باقي الشخصيات الثانوية ستتوالىٰ تبعًا للأحداث..

إيـطـالـيـا ١٥ – ٦ – ٢٠٢١م.
كانت تجلس في حديقة منزلها بـِـ ” رومـا ” تحتسي فنجان القهوة خاصتها كعادة كل صباح والشمس تداعب بشرتها القمحية، وخصلاتها القصيرة الشقراء تتطاير بفعل نسمات الهواء الربيعية المحببه إلى قلبها وإلى قلب سكان ” إيـطـالـيـا ” بأكملها؛ كانت تحتسي من فنجان قهوتها وهي تستشعر مرارتها بإستمتاع كبير وكأنها ترتشف رحيق العسل بين شفتيها ولست بقهوة تُشبه مرارتها مرارة حياتها بل إن حياتها قد تغلبت عليها وعلى مرارة العلقم نفسه.
فأرجعت رأسها إلى الوراء مغمضه عيناها بألم عندما لاحت تلك الذكرىٰ إلى مخيلتها.

• عودة إلى الماضي – Flash Back.

منذ أكثر من سبعة وعشرون عامًا؛ حيث كانت فتاة في مقتبل عمرها لم تبلغ العشرون عامًا بعد. كانت تقف بداخل غرفتها بقصر ” نـجـم الـديـن” مرتديه لـِـ قميصها الأبيض الحريري المنسدل بإنسيابية شديدة على معالم جسدها ومنحتياته بخصلاتها السوداء التي تعدت كتفيها بقليل؛ وهي تمسك بيديها ذلك الورق التي عادت قرأته مرارًا وتكرارًا في صدمة وذهول كبيران لعلها تستطيع تصديق المُدون به. إلا أن نبرته الدافئة إنتشلتها مما هي به وهو يردد لها بإشتياق كبير واضعًا قبلة حانية أعلى كتفها العاري بتلذذ شديد.
– وحشتيني..!

” أصـالـة ” بسعادة بالغة وهي تحتضن يديه بيديها الدافئة متلفظه بإسمه بعشق خالص.
– مُـراد..
وحشتني أوي..

– ممكن تقوليلي بقااا كنتي بتعملي إيه..؟! وإيه اللي في إيدك شاغلك أوي كده لدرجة أنك محستيش بيا أول ما دخلت..؟! قالها بدفء كبير وهو يُديرها إليه واضعًا يديه أعلى خصرها بتملك شديد وإبتسامه خاطفة تجعل قلبها يقع سريعًا في عشقه من جديد في كل مرة يبتسم لها هكذا.

” أصـالـة ” وهي تبتعد عن إحضانه سريعًا مخبئه ذلك الورق خلف ظهرها مردده بنبرة يملؤها الشغب والدلال.
– حذر فذر إيه اللي معايا..؟!

” مُـراد ” وهو يهم بخلع سترته متصنعًا إنهماكه في التفكير.
– امممم..
ثم تابع وهو يحك بيديه ذقنه محاولاً تخمين حقيقة الأمر مردداً بلهفة عندما خطر على تفكيره تلك الفكرة.
– أوعي تقولي دي نتيجة آخر سنة ليكي في الكلية..؟!

” أصـالـة ” بدلال وهي تضع قبلة خاطفة أعلى وجنته بغنج.
– دي أول مفاجأة؛ قول التانية إيه هي..؟!

” مُـراد ” بفخر وسعادة بادية بوضوح على كل خليه به وهو يحيط بيديه كتفيها بحب.
– دي أحلى وأهم مفاجأة معتقدش أن هيكون في مفاجأت تانية أهم من دي عندي..

” أصـالـة ” بسعادة.
– لما هتسمع المفاجأة التانية هتعرف أن في حاجات كتير أهم من نجاحي عندك..

” مُـراد ” وهو يجذبها إلى إحضانه بتملك شديد وكأنها قطعة إلماظ سمينة يخشي تهشمها بين يديه.
– مفيش حاجة في الدنيا عندي أهم من نجاحك يا روح قلبي..!

” أصـالـة ” وهي تبتعد عن إحضانه بحماس وهي ترفع الورقة الثانية أمام وجه بسعادة لم تشعر بها يومًا.
– الورقة دي فيها حلم حياتنا أنا وأنت؛ والخيط اللي هيفضل رابطنا ببعض العمر كله..

” مُـراد ” بعدم فهم.
– روح قلبي أنا روحي مربوطة بروحك طول العمر ومفيش حاجة تقدر تقطع الخيط اللي بينا مهما حصل..

” أصـالـة ” بحماس وسعادة أكبر بحديثه الذي يُلمس حنايا قلبها لمسًا.
– اللي في الورقة ده صدقني هيفضل أهم رباط ممكن يربطنا ببعض ولو بعد سنين..
حتى لو كل واحد فينا بقاااا تحت التراب..
ثم أضافت وهي تأخذ يديه واضعه لها أعلى بروز بطنها الطفيفة بعض الشئ.
– أنا حاااامل يا مُـراد..

” مُـراد ” بعدم إستيعاب لما تفوهت به للتو.
– إيه..؟!
أنتي إيه..؟!

” أصـالـة ” وهي تحيط براحتها وجهه بحنان وعبراتها تهطل منها دون إرادة منها معبره عن مدىٰ فرحتها وسعادتها التي لم تسعفها الكلمات للتعبير بيها عنها.
– أنـاااا حاااامل..
حااااامل يا حبيبي..
يعني كلها كام شهر بالظبط ويكون عندنا نونه صغيرة تملأ علينا البيت وتقولك يا بابا وأنا كمان هكون ماما..
أنا لحد دلوقتي مش قادره أصدق يا مُـراد..

” مُـراد ” وهو يقبل يديها متلهفًا وعبراته تهطل منه دون وعي.
– أنتي بتكلمي بجد يا ” أصـالـة ” مش كده..؟!

” أصـالـة ” وهي تمسح عبراته بسعادة غير قابلة لمشاركتها لأحد سواه.
– جد الجد يا حبيبي واللّٰه..
أنت هتبقا بابا بجد..

” مُـراد ” ساحبًا لها مقربًا إياها له؛ وفي أقل من ثانية كانت تطير في الهواء بين يديه وهو يُدير بيها وكأن العالم من حوله فارغًا وليس به سواهم؛ مرددًا بصياح وسعادة.
– أنا هبقااااا أب..
هبقااااااا أب يا نااااااس..
ثم هتف وهو يضع ” أصـالـة ” على الأرض برفق وحذر شديد مخشيًا عليها من أقل حركة؛ راكضًا إلى الخارج هاتفًا بإسم والده في صراخ دوىٰ القصر بأكمله و هي تلحق به بعدما أرتدت روبها ولحقت به مسرعة.
– ياااا بااااباااا..
ياااا بابا أنا هبقااا أب يا بااااباااا..
ياااا بااااابااااا..

” أصـالـة ” وهي تلحق به سريعًا.
– يا مجنون أنت بتعمل إيه..؟!
هتفضحنا يا مُـراد..

” مُـراد ” بسعادة.
– لازم الكل يعرف..
لازم أبويا يفرح بولي العهد اللي جاي في الطريق..

” عـابـد ” وهو يخرج من غرفة مكتبه مرددًا بفزع.
– إيه يا بني في إيه..؟!
إيه الغاغة اللي أنت عاملها دي..؟!

” مُـراد ” وهو يقبل رأس والده ويديه بتهذب لا يخلو من تخبطه بين عدم التصديق والفرحة.
– باركلي يا حاااااج..
أنا هبقاااا أب..
هبقاااا أب وأنت هتبقا جدو كمان كام شهر..

” عـابـد ” بإبتسامة عريضة كشفت عن أسنانه بوضوح مما تنم عن مدىٰ سعادته.
– ألف مبروك يا ولاااااد..
أنا مش مصدق نفسي من الفرحة..

” مُـراد ” بسعادة.
– اللّٰه يبارك فيك يا بابا..

” أصـالـة ” بخجل وهي تختبئ خلف زوجها.
– اللّٰه يبارك في حضرتك يا بابا..

” عـابـد ” وهو ينظر إليها مبتسمًا على خجلها وحركتها اللاوعيه في الإختباء خلف زوجها.
– واللّٰه وعجزت يا عـابـد وكبرتوني أومااااام يا ولاااااد..
ثم أضاف بحب وهو يحدث صغيره بسعادة بالغة.
– بكرا الصبح هأمر بدبح عجلين لوجه اللّٰه وكمان بنيه أن يجي ولي العهد بالسلامة ويقوم أمه على خير..

” مُـراد ” بفرحة عارمة وحماس.
– خليهم ثلاثة يا بابا خالي الغلابة تأكل وتدعلنا..

– أربعة لأجل عيونه وعيونكم..! تلفظ بها ” عـابـد ” بحماس أكبر فهو بالرغم من رفضه الشديد لزيجة إبنه من تلك الفتاة إلا أنه بالأخير قد تزوج منها وأصبحت ” أصـالـة ” فردًا من عائلته بل بمثابة إبنته تمامًا؛ فها هي تحمل بين أحشائها ولي العهد الذي تمنىٰ دومًا قدومه وذلك في حد ذاته سببًا كفاية لمضاعفه حبها بقلبه والقبول بها كجزءًا لا يتجزأ من عائلته.

فإحتضن ” مُـراد ” زوجته في حب ومن ثم وضع أعلى جبهتها قبله مليئة بالمشاعر المتخبطه بين السعادة، والفرحة، والأمل؛ والكثير والكثير من الحب، والدفء، والأمان؛ فبادلته هي الآخرىٰ الإحتضان وهي تشعر وهي بين يديه بأنها تملك الدُنيا جميعًا وما عليها.

• عودة إلى الوقت الحاضر – End Flash Back.

فاقت من ذكرياتها الكاذبة هذه ووجهها غارقًا في عبراتها وصوت ” سـلـيـم ” الجالس إلى جوارها مردفًا ببعضًا من اللطف على هيئتها وهو يمد يديه ممسحًا لها عبراتها برفق.
– واللّٰه ما في حاجة في الدُنيا دي تسوىٰ دمعة واحدة من عيونك..
دموعك غالية أوي عليا ولما بشوفها بحس أنها بتشق روحي نصين من حرقتها..

” أصـالـة ” وكفها يتسلل إلى وجنته متمته بعاطفة حب جياشه نحوه.
– وأنا مفيش في الدُنيا دي حاجة أغلىٰ عندي منك..
أنت نور عيوني والأمل اللي أنا عشت عليه سنين عمري كلها..
أنت سندي وضهري وعزوتي في الدُنيا دي..

” سـلـيـم ” وهو يقبل يديها بحنان.
– وأنتي نور حياتي وست قلبي والبيت والدُنيا كلها..

فإجتذبته ” أصـالـة ” إليها محتصنه له بشدة وكأنها تريده أن يخترق أضلعها لتخبئه بين ثنايا قلبها؛ وبعد عناق دام لحظات، أبتعد عنها وهو يبتسم لها تلك البسمة التي كلما رأتها مرتسمه بوضوح على معالم وجهه ذكرتها بشبيهتها التي دومًا ما كان يهوىٰ فؤادها عشقًا لها؛ وتابع بحنان ونبرة جادة.
– أنا عايزك تجهزي نفسك لأننا هنرجع مصر قريب..

” أصـالـة ” بصدمة وعيناها كادت أن تخرج من موضعها.
– نرجع مصر..؟!

” سـلـيـم ” بنبرة يملؤها اللطف.
– ايوه مصر..
ثم أضاف وهو يحيط بيديه كفوفها بحنان.
– صدقيني ده الوقت المناسب لرجوعنا..
أحنا بقالنا سنين متغربيين وبعيد عن بلدنا وآن الآوان أننا نرجع..
ومتنسيش كمان أننا بقالنا سنين بنستثمر في بلاد مختلفة ولازم بلدنا تشهد على جزء ولو بسيط من نجاحنا ده..

” أصـالـة ” وعيناها حبيسة الدمع.
– ايوووه بس أنا مش مستعدة للـ Step دي دلوقتي..
أنا إستحالة هرجع مصر وأنت جواك كل الكره دي يا سـلـيـم..
لو سمعت كلامك ورجعنا دلوقتي يبقا بضيعك وبضيع كل حاجة عملتها على مدار السنين دي كلها..

” سـلـيـم ” وعيناه يملؤها الحقد والكراهية.
– الكره ده هيفضل عايش جوايا مش هيموووت أبدًا ولا عمره هيقل..
بس وعد مني أنه مش هيكون له مكان في حياتنا؛ أول ما الحق يرجع لصحابه والكرامة تتردد لينا من تاني..

” أصـالـة ” بحدة وحزم.
– وأنا مش عايزه لا حق ولا عايزه حاجة خالص..
كفاية عليا أنت يا نور عيني..
صدقني يا سـلـيـم أنت كنزي الوحيد وكرامتي وحقي من الدُنيا دي وأنا راضية بنصيبي وقدري؛ ليه أنت بقا مُصر تعترض على قدرنا..

” سـلـيـم ” بإسوداد.
– حاااشااا للّٰه..
أنا إيش أكون عشان أعترض على قدر ربنا مقدرهولنا..
أنا كل اللي هعمله أني هحاول أعوضك ولو بجزء صغير عن كل اللي أنتي اتحملتيه وعشتيه بسببي ودي أبسط حاجة أنا ممكن اقدمها ليكي..

” أصـالـة ” بحزم.
– ولو قولت مش راجعة مصر يا سـلـيـم هتعمل إيه..؟!
هتنزلني بالعافية..؟!

” سـلـيـم ” بتهذب.
– أنا عمري ما هقدر أجبر حضرتك على شئ..
وإذا حضرتك مصممه على قرارك؛ فأنا هضطر أنزل مصر لوحدي وبرضو هنفذ اللي في دماغي..

” أصـالـة ” بهدوء محاولة إلا تفقد صوابها وهي تقترب منه محيطه بيديها وجه بحنان ومحبة.
– حبيبي..
سـلـيـم مينفعش نخلي غضبنا يتحكم فينا ونسيب الكراهية تعمي عيونا..
أحنا عايشين مبسوطين ومرتاحين مالوش داعي ننبش في الماضي ونقلب فيه..
باللي أنت عايز تعمله ده هتفتح علينا سواد مالوش أول من آخر وحاجات كتير أوي أحنا في غنىٰ عنها..

” سـلـيـم ” بحزم وهو يزيل يديها من عليه بتهذب.
– وأنا متربتش على الجبن ولا الخوف..
أنا أتربيت على الحق والشجاعة وعمري ما كنت في يوم جبان..
أنا هرجع مصر لوحدي لو حضرتك مش حبه ترجعي معايا؛ بس صدقيني في جميع الأحوال أنا هنفذ اللي في دماغي..
ثم أضاف وهو يرحل من أمامها بتهذب.
– عن إذنك أنا رايح المطعم..

وبمجرد ما أن رحل عنها حتى جاء من وراءها صوت تعرفه جيدًا هامسًا لها بحنُو.
– إبنك عنيد يا صـولا ودماغه ناشفة وفي كل الأحوال هينفذ اللي في دماغه..

” أصـالـة ” وهي تلتفت إليه بدموع.
– أعمل إيه يا نـوح..؟!
يعني أوافقه وابقاااا بضيعه بإيديا..

” نـوح ” بحكمة.
– إبنك ماهواش العيل الصغير اللي لما تحكمي رائيك وتنشفي عليه هيسمع كلامك ويطاطي ليكي يا صـولا؛ إبنك بقااا راجل ملو هدومه وشنبه خط خلاص والأحسن تكوني معاه مش ضده لأن اللي في دماغه هينفذه هينفذه بيكي أو من غيرك؛ فالأحسن تكوني في ضهره..
ثم أضاف برزانة وبعد تفكير دام للحظات.
– إبنك من حقه يرجع بلده ومادام صارحتيه وعرفتيه من البداية بكل حاجة يبقا حقه يرجع بلده ويرد حقه وحقك أنتي كمان اللي اتاخذ لوي دراع منكم زماااان..

” أصـالـة ” بدموع.
– أنا مش عايزه الحق ده..
أنا مش عايزه حاجة خالص يا نـوح؛ أنا عايزه أبني وبس..

” نـوح ” بتعقل.
– يا حبيبتي وإبنك عايزك أنتي كمان بس في نفس الوقت عايز حقه وحق أمه..

” أصـالـة ” ببكاء وهي تجلس واضعه رأسها يين راحتها وعبراتها تهطل منها كالشلال.
– طب أعمل إيه يا نـوح..؟!
قولي أعمل إيه..؟!

” نـوح ” بحنان وهو يربت عليها برفق.
– الصح أنك تنزلي مصر وكفاية غربة..
أرجعي يا صـولا وأسمعي كلام إبنك؛ وسيبي الجاي على ربنا..

” أصـالـة ” بدموع.
– اللي جاي هيبقا جهنم علينا كلنا يا نـوح..

” نـوح ” بعقلانية.
– اللي جاي كله في إيد المولىٰ وكله خير من عنده يا حبيبتي..
وبعدين مفيش أصعب من اللي أنتي عشتيه..
الخير كله قدام وأنتي صبرتي كتير وربك مش هيضيع صبرك ولا تعبك هدر..

” أصـالـة ” بخوف.
– مش قادره مخافش يا نـوح..
رجوعي مصر معناه حاجات كتير أوي..
أنت عارف يعني إيه أرجع مع سـلـيـم مصر..
يعني خوفي على مدار ٢٧ سنة هيتجسد قصاد عيوني يا نـوح..

” نـوح ” بهدوء.
– عايزه الحق يا أصـالـة..؟!
أنتي اللي لازم تبقي أجمد من كده عشان أنتي صاحبة حق وصاحب الحق إيده قوية..
ثم أضاف بحنان.
– قومي يلااااا..
قومي أجهزي وروحي شغلك وقولي لإبنك قرارك وخليكي إيد واحدة معاه..

” أصـالـة ” بإمتنان وإبتسامة مختلطه بعبراتها.
– لولاك يا نـوح أنا عمري ما كنت هقدر أكمل أبدًا..
تسلملي بجد..

” نـوح ” بودَّد ومحبة خالصة.
– أنتم عوضتوني عن وحدتي يا صـولا..
وأنتي زي بنتي اللي مخلفتهاش وسـلـيـم غلاوته عندي زيَّ ما يكون حفيد من أحفادي..
هما مش بيقولوا برضو أعز الولد ولد الولد ولا أنا غلطان..

وللحديث بقية..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وجوه الحب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!