روايات

رواية بنت المعلم الفصل السابع والعشرون 27 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الفصل السابع والعشرون 27 بقلم حسناء محمد

رواية بنت المعلم الجزء السابع والعشرون

رواية بنت المعلم البارت السابع والعشرون

رواية بنت المعلم
رواية بنت المعلم

رواية بنت المعلم الحلقة السابعة والعشرون

مر أسبوع في هدوء ظاهري يخبئ خلفه الكثير من الخبايا،
بدأت أوضاع سالم بالتحسن، والاستجابة الي العلاج بشكل واضح…. وبعد أن تم استجوابه من قبل الشرطة التي لم تحصل علي المعلومات الكافية لاتهام أحد بمحاولة قتله، بدأت التحقيقات في جمع الأدلة بين قضية قتل مصطفي التي أغلقت ضد مجهول وقضية سرقة سيارة البضائع ومحاولة قتل سالم، بأن المتهم واحد وهم أحدي مجموعة قطاعين الطرق،
سبعة أيام مروا علي مي في غرفة نومها بالمنزل الجديد، بعد أن جاءوا بأغراضها ومساعدة خلود في تنظيمها … لم يأتي أحد لزيارتها أو علي الأقل مكاملة هاتفيه للاطمئنان علي اوضعها مع أناس لم تعرف عنهم شيء من قبل، قضت أيامها من الغرفة الي المرحاض، ورفضت الاشتراك مع أفراد العائلة أو الاحتكاك مع ربيع، الذي احترم خصوصيتها خاصة بعد مجيئها أليهم فجأة، لم يريد فرض عليها القوانين منذ البداية وتركها تتقبل الوضع رويداً حتي تهدأ وتخضع من نفسها،
أما الأوضاع في منزل المعلم سالم لم تكون بخير أبدا، كل يوم تزداد معاملته الجافة وتحتد أوامره، بعد أن عاد هو وساره ابو النجا من سفر دام ليومين، فضل المكوث في الطابق الأول ومنع أي واحده منهن بالنزول إليه حتي زوجاته، وبدلاً من ذلك استعان بـ خلود أو نيره في إتمام مهام منزله من مأكل ومشرب حتي تنظيف ملابسه،
؛***************

 

 

” أريد الشعور ببعض الراحة….وبعض من السلام الداخلي، ولا مانع من عدم التفكير قليلا، أتمني أن يموت حزني….. ويختفي همى، أتمني أن أغلق عقلي…وأنهي الصراع الدائم بداخلي، اشتقت لشعوري بالسعادة والارتياح، أريد أن أهدأ من الداخل وذلك صراع الدائم ينتهي…. أمنيات بسيطة ولكن تحقيقها مستحيل ”
أغلقت رحمه دفتر يوميات متنهدة بخفوت، نهضت من مقعدها ثم اتجهت للمرأة تقف بجمود…. مشقة تأنيب ذاتها ولوم تفكيرها قضي علي ما تبقي من صلابة هيئتها أمامهم،
اجفلت علي خيريه تدلف مبتسمة كالعادة وهي تقول بمزاح :
صباح الياسمين علي الناس الحلوين
رفعت بنيتها تتمتم بفتور :
صباح الخير
انكمش بين حاجبيها ثم اقتربت منها تدفعها بخفه مردده :
ايه يا بنتي حد يبقا مبوز كدا وهو شايفني
رمقتها بملل ثم أردفت بتهكم :
بالله عليكي يا خيريه انا مش فايقه لخفة دمك علي الصبح
ضربتها خيريه علي كتفها مغمغمه بضحك :
طيب بمناسبة خفة دمي اسمعي النكته دي
أشارت رحمه بيدها بخضة :
لا ابوس ايدك
تجاهلتها مستكملة بزهو :
اسمعي دي مره مدرس رياضيات خلف اتنين واستنتج التالت
قهقة بصخب علي نكتها السخيفة كما علقت رحمه لتكمل خيريه عنادا :
طيب اسمعي دي كمان مره واحد خلقه داق راح اداه لأخوه الصغير
تطلعت رحمه إليها باشمئزاز ثم أردفت بضجر :
خلاص يا خيريه مرارتي
أشارت خيريه بسبابتها تهتف بضحك :
طيب اخر واحده مره واحد بلع فوطه ريقه نشف
دلفن امل ومروه متعجبين من صوت ضحكات خيريه الصاخب، نظرت مروه الي رحمه التي تمسك رأسها وخيريه التي مازالت تضحك علي مزاحتها الظريفة، هتفت أمل متسائلة :
انتم بتضحكوا علي ايه
أشارت رحمه علي نفسها تجيبها بحنق :
دا منظر واحده بتضحك
فقالت خيريه متهكمه :
صحيح عيلة نكديه ملكمش في الفرفشة
وقفت رحمه بنفاذ صبر متمتم بضيق :
يا ستي خودي نكتك وفرفشي بعيد عني
عندما فهمت مروه الحديث الدائر تمتمت بسخرية :
نكت خيريه الجميلة اه

 

 

أكدت خيريه إليها واستطرد ببسمة :
مع انك بتتريقي بس اسمعي دي مره فرخه شربت مائه سخنه باضت بيض مسلوق
لم تستطع امل كبح بسمتها فسألتها مروه بحنق :
أنتِ بتضحكي علي ايه
هتفت أمل بمزاح :
لا كانت حلوه
أكملت خيريه بضحك قاصدة استفزازهن :
طيب مره مكرونه اتخنقت مع جوزها قالتله سوري أنا رايحه اندومي
توقفت عن الضحك عندما رأت نظراتهن الحاده فتسألت بعدم فهم :
في ايه
إجابتها أمل بسماجة :
ألشت منك دي
كادت بأن تكمل لولا أن رحمه امسكت وسادة الفراش تقذفها بحده متمتمه بضيق :
يا شيخه ارحمي دماغ أهلي
رمقتهم خيريه بقرف ثم خرجت من الغرفة قائله باقتضاب :
عيال بومه أما اروح افرفش ماما ناديه احسن
عادت مروه بنظرها تسأل رحمه بفضول :
أنت فونك مقفول ليه صاحبتك الاسمها رنا كلمتني امبارح وبتسأل عليكي
ارجعت رحمه ظهرها تستند علي المقعد… ثم ضمت شفتيها بضيق فقالت مروه بحنق :
ودا ايه دا أن شاء الله
إجابتها بشحوب وهي تتامل الأرضية :
الخط ضاع
ضيقت مروه عينيها مسائلة:
ضاع ازاي ؟!
رمقتها بضيق ثم نهضت متجها الي الشرفة، تتأمل السماء بهدوء متجاهلة نظراتهن المتعجبة ….. أثناء حديث أمل ومروه وتسألتهن المستمرة، لفت نظرها ذلك الواقف أمام الباب الحديدي الخاص بمنزلهم يرفع رأسه متأملها وبسمته العريضة تزين ثغره،
ألقت مروه الوسادة بحده قائلة بضيق :
هو احنا هوا مش بتردي علينا
ظلت رحمه تحدق به وعلى الاستغراب معالم وجهها علي ذلك الأبله…. هتفت الهن بتعجب :
تعالي كدا بصي هو دا مؤمن الشغال في المصنع
اقتربت أمل واتبعتها مروه ينظرن من الشرفة بفضول… أردفت مروه عندما رأته علي حاله :
ايوا هو
نظرت أمل الي رحمه تسألها بعدم فهم :
هو بيبصلك كدا ليه
رفعت رحمه كتفيها مردده بدهشة :
مش عارفه
تمعنت مروه في بسمته البلهاء وقالت مستنتجه :
باينه أهبل
في الأسفل جاء ليتحدث مع المعلم سالم في شيء ضروري أخبره به رئيس العمال، لم يعرف أنها فرصة ذهبية أتت إليه في الوقت المناسب لتروي ظمأ قلبه برؤية محبوبته…. ظل يتأملها وهو في عالم آخر، تحقق فيه حلمه بوجودها معه، أظلم المكان من حوله وكانت هي قمرا أنار ظلمته، لم يبالي بأحد بعد أن سلب قلبه بسعادة غامرة ملئت حناياه بعد انقطاع دام في أيام مضت دون يراها…. بقلم حسناء محمد سويلم
انتفض من احلام اليقظة علي صوت جامد متسائلاً :
أنت مبحلق فين ؟!!
بلع مؤمن لعابه بتوتر ثم ألقي نظره سريعة علي النافذة مره اخري ليجدها اختفت، عاد بنظره إلي عبده متمتم باضطراب :
مفيش دا حسيت بحاجة فوق دماغي

 

 

أزاحه عبده من أمامه يفسح طريق دخوله مردد متهكما :
لا الف سلامه علي دماغك
ضم مؤمن شفتيه متذمر لحظه السيء في كل مره يحاول اختلاس بعض نظرات من حبيبته الخفية… دار عبده إليه متسائلاً بتذكر:
أنت ايه جابك هنا !؟
فتح مؤمن قبضته لتظهر ورقة مطويه مجيبه بفتور :
العمال محتاجين الحاجات دي عشان التشتباط ولا الريس مرتضي ولا أحمد هناك
أخذ عبده الورقه يقرأها ثم أمره وهي يدلف إلي منزل المعلم:
طيب ارجع أنت وهنبعت حد بالطلبات
زفر بملل وتحرك للعودة لواقع مرير، طيلة النهار يحمل البضائع من المخزن واحيانا يساعد العمال في أمور البناء وتجديد المصنع، إلي أن ينتهي يوماً متعب ويليه آخر بنفس الإرهاق المعتاد… ولكن ربما أخذ جرعة اليوم تساعده علي التحامل أكثر كي ينجز في تحقيق مبتغاه ويسرع في التقدم إلي حبيبة قلبه
؛****************

 

 

في الداخل جلس عبده في المجلس منتظر حضور سالم، بالرغم من محاولة جابر في عقلنة الأمور إلا أن عبده صمم علي موقفه، دلف ملقي التحية بهدوئه وجلس علي مقعده المخصص… رد عبده السلام باقتضاب وقال سريعاً بحده :
وبعدين يا سالم
حدق به لثوانً وسأله مستفسرا :
وبعدين ايه ؟!
أجابه عبده بحده أكثر بعض الشئ :
وبعدين في حالنا مع عيلة عزب والعملوه فينا
خرجت نبرة سالم الهادئة متسائلاً مره اخرى :
وهما عملوا ايه !
قطب عبده جبينه مغمغم باستنكار :
وأنت مش عارف عملوا ايه
واستطرد بغضب جلي :
الاول اعترضوا طريق بناتنا وبعدين حرقوا مصنعك وفي الآخر حاولوا يقتلوا ابني وسرقوا بضعتنا
تغضي سالم عن صوته المرتفع وسأله بحده مماثلة :
عندك دليل
لم يتحمل عبده هدوء أعصابه أكثر ورد عليه بضيق :
ليه هو أنت معندكش دليل
وأكمل بحنق :
اقطع دراعي أن ما كنت عارف كل حاجه وعندك بدل الدليل عشره علي كل عمايلهم
واستطرد ساخراً :
بس اظاهر انك كبرت وعجزت ومش قادر تقف ليهم، حتي البلد دخلتهم فيها تاني وخوفت وخليتهم يخدوا ارض الجناين
علي حين غرة وقف سالم بهيبه محدق بجمود ثم اتقرب خطوتين مردف بهدوء:
لو أنا كبرت وعجزت وأنت بتكلمني بالطريقة دي
انتظر عبده يكمل بقية جملته بفضول…. اتجه سالم إلي باب مجلسه يفتحه مكملاً باستهجان :
يبقا الاحسن تتعلم تكمل الكبير ازاي وبعدين تدخل بيتي
توسعت حدقتي عبده مردد بصدمه صعقت أوصاله :
بتطردني من بيتك يا خويا
اقتضبت ملامح سالم وهو يهتف بحنق :
اظاهر بعد عمرك دا كله مش عارف تتكلم معايا ازاي
واستطرد بحده :
عايز تقوم الدنيا مع ناس متعرفش معني الشرف والاخلاق ناس عندم القتل زي شرب المايه وتدخلنا معاهم في حرب عيالنا هيدفعوا تمنها
وأكمل وهو يأشر بسبابته محذراً :
أنا لا يمكن اوسخ ايدي باللعب مع أشكالهم
واستطرد وهو يترك له المجلس :
لكن أنا الـ هنهي المهزلة دي

 

 

خرج عبده من المجلس وشعوره بالغضب استولي عليه…عدم قدرته لتفكير سالم يشعر بالضيق، من المفترض بأنهم عائلة واحدة الصالحة تعم والفاسدة تطولهم دون استثناء….. منذ صغرهم وسالم يفكر ويدبر دون مشاركتهم حتي بعد عمرهم هذا، يميحهم من أمامه وكأنه الوحيد الذي يتصف بالذكاء، كل هذه الأحاديث العابرة مرت علي عقل عبده بسرعة، أعاد شريط حياته ليتجدد شعور الغيرة التي لازالت منذ تفضيل والده سالم دائما…… كان في طريقه الي منزله وسرعان ما تذكر مشاحنات رحاب معه ومع سحر التي بدأت بالانطواء علي نفسها داخل الشقة حفظا لما تبقي من كرامتها أمامهم، غير طريقه الي أحدي محلاتهم متحجج برؤية الفواتير مرة أخري،
؛***************** بقلم حسناء محمد
بالقرب منهم داخل منزل جابر، بالتحديد في شقة ابنه سالم….. وضعت نيرة صينية الضيافة امام سها مردفه بحفاوة:
منوراني يا سوسو
تأملت سها الأطباق بحقد وسال لعابها من شعورها بالجوع أمام تلك المسليات الشهية المختلفة …. فنجانين من اجود أنواع القهوة، بالإضافة إلي طبق مزين بالفواكه، لاحظت شرودها لفترة فهتف معاتبة وتستعيد الجلسة :
لا بس أنا زعلانه منك يا نيره
اشارت نيرة علي نفسها مردده بتلقائية :
أنا، ليه بس
ابتسمت سها مغمغمه بمراوغة :
يوم ما قبلتك في الطريق اظاهر سالم كان لاحس عقلك باين
تذكرت نيرة يوم محاولة مي للهرب وخرجت خلفها… طرقت سها بأصابعها امام وجهها قائلة :
ايه يا بنتي روحتي فين
نهضت نيره تقدم فنجان القهوة إليها مغيره مجري الحديث :
يا ستي كنت مستعجله بس، قوليلي بقا عامله ايه
ارتشفت سها من الفنجان واردفت مستفسره :
سيبك مني المهم احكلي أنتِ عامله ايه مع سالم
إجابتها بسلاسة منعتها من رؤية تلك النظرات الخبيثة التي تشع من أعينها :
عادي مفيش جديد من يوم الحصل مع ابن عمه ومحدش فاضي أساساً
في ذلك الوقت جاء سالم من محله كي يغير ثيابه ويعود الي الاشرف علي عمال المصنع حتي عودت مرتضي من وقت راحته اليومية…. اقتضبت ملامحه عندما رآها تجلس بأريحية في شقته، تطلع إلي نيره بضيق لعدم استماع الي حديثه وقطع علاقتها مع تلك الحيه،
: السلام عليكم

 

 

قالها وهو يدلف إلي غرفته متجاهل جلستهم، لتستغل سها وجود نيره فقالت بميوعة :
وعليكم السلام، ازيك يا سالم
أجابها مقتصراً رحلاً من أمامهم:
الحمدلله
اصطنعت سها الحزن مردده بتمسكنا وهي تنظر إلي نيره :
اي دا شكل جوزك اضايق من وجودي
تعلثمت نيره وهي تنفي حديثها ماكده:
اي دا لا يا بنتي سالم عارف أنك اختي
رتبت سها علي كتفها وهي تنهض …. عندما رأتها نيره تأخذ حقيبتها سألتها :
أنتِ زعلتي ؟!
إجابتها مبتسمة :
لا يا حبيبتي بس عشان جوزك ياخد راحته
واستطرد بمكر :
واوعي تعدي يومكم كدا من غير ناقر ونقير، الراجل يحب الست التنكشه
أمأت نيره بتأكيد كالبلهاء، ثم أوصلتها إلي الباب الشقة مع عناق حار حتي موعد آخر …. أغلقت نيره الباب ودارت تدلف إلي سالم الذي احرجها كثيرا مع صديقتها،
شهقت بفزع وهى تراه يقف خلفها متكأ علي الحائط مكتوف اليدين، وضعت يدها علي صدرها مردده بخضه :
ايه يا سالم واقف كدا ليه خضتني
تجاهل حديثها متسائلاً باقتضاب :
ايه جاب الحربايه دي هنا
رفعت نيره حاجبيها مغمغم بتعجب :
حربايه
واستطردت بضيق :
علي فكرا دي صحبتي ومينفعش تتكلم عليها بالطريقة دي
صفق سالم بحراره مردف ساخراً :
واو دا ايه الصحوبيه الجامده لدرجة تقومك علي جوزك
رمشت بأهدابها متوترة من سماع نصائحها قبل أن تخرج… تمتمت بحنق :
ملكش حق تتصنت علينا
أشار سالم علي المكان من حوله مردد متهكما :
علي فكرا دي بيتي
واكمل بصرامة :
وأنا الحكم مين يدخل ومين ميدخلش
حدقت نيره به وهتفت بغضب :
هو أنت عايز تخلق مشاكل وخلاص
ثم اشاحت بيدها تكمل :
دي بقت عيشه تقرف

 

 

نظر سالم إليها بحده وصاح بضيق :
يعني بقت عيشه تقرف طيب يا نيره بنت العقارب دي متدخلش بيتي وتقطعي علاقتك بيها نهائي فاهمه ولا لا
دفعت نيره المزهرية بعنف لترتطم بالأرضية بقوة وهي تصيح بحده :
اه قول كدا أنت عايز اي حاجه تداري بيها خيانتك يا بتاع الحريم يا لوعبي
” لوعبي” رددها سالم باستهجان ومن ثمّ امسكها من معصمها مغمغم ساخراً :
تحبي تعرفي كنت بلعب مع مين عشان تعرفي إذا كنت أنا بتاع حريم ولا هي العقربة
تأملته باضطراب لثوانً وهمست بخفوت :
تقصد ايه
أجابها بحنق بعد أن دار بجسده لعدم قدرته على النظر في أعينها ويلمح سحابة الحزن التي بدأت في التجمع :
اقصد أنك سمحتلها تدخل في حياتنا بشكل يومي وكأنها عايشه معانا، خليتها تقدر تغويني بسهولة عشان عارفه بحب ايه بكره ايه، نوع البرفان لوني المفضل حتي الاكل والشرب حفظتني اكتر منك
ودار يتطلع إليها مكمل مستنكراً:
دي عارفه نوع كريم حلاقتي ايه
اقترب يمسك كفها بين راحته وتمعن في نظراته هامسا معتذرا :
أنا آسف أن بقولك كدا
واستطرد بحنو :
بس دا عشان ناخد بالنا، نيره أنا بحبك ومش عايز حاجه تفرقنا ساعديني نقفل بابنا علينا
رمقته بجمود وسحبت يدها من كفه مردده بعدم تصديق :
مستحيل
قطب سالم جبينه متسائلاً :
ايه المستحيل ؟!
أشارت عليه وهتفت بشراسة :
أنت كداب سها مستحيل تعمل كدا
سكون عم عليه لثوانً لتلك الدرجة لا تثق به…. حية خبيثة متنكرة في زي الصداقة حاولت معه مراراً وتكراراً إلي أن وقع في فخ الكلمات المعسولة، والحديث الجريء التي ربما تخجل زوجة مغازلة زوجها بتلك الجراءة، كان حديثه يخرج من أعماق قلبه كم تمني في إخراجه والبوح به، ولكن ربما فات الاوان أو اختار التوقيت الخاطئ …. نظر إليها وتحولت الأعين الحنونة المشعة بالحب الي أعين قاتمة تخلو من المشاعر، أبعدها من أمامه كي يخرج من المنزل دون أن يضيف، صاحت نيره لتوقفه قائلة :
استني أنت بعد ما قولت الهبل دا عايزني اصدقك…
قاطعها بحده هادر بغضب :
انشالله عندك ما صدقتي واضربي دماغك في اقرب حيط
وخرج صافعا الباب خلفه بقوة جعلتها تعود للخلف بخوف… هبطت بجزعها تلملم بقايا المزهرية المحطمة، كبقايا قلبها المتألم …. هبطت العبرات من ملقتيها بغزارة وبدأت الرؤية تشوش من أمامها لم تشعر الا بجرح غائر أصاب أناملها بحده، جلست علي الأرضية تتأمل الدماء النازفة من يدها وصوت شهقاتها يعلو، لم تتخيل بأن سالم يتهم صديقتها بمثل هذا الحديث الدنيء لأجل أبعادها عن الجميع وتكون اسيرته فقط، ظلت علي حالها لوقت ليس بقصير ثم نهضت تتوضأ وتعود الي الله تدعوه بأن ينور بصريتها وينجيها من كل سوء،
؛****************

 

 

أختار طيلة الأيام الماضية بعد أن أفصح عن مرضه إليها، المكوث مع والديه وترك الشقة إليها كي تفكر دون ضغط منه، انزعاجه من اتهامه بالأنانية أكثر من حزنه أن تركته وترحل…. لم يراوده شعور الخطأ قط، مستبيح فعلته التي انسبها من حقوقه، وواجبا عليها تقبل الأمر بصورة ابسط من عويلها الغير مبرر،
وكأنه إقناعها بعدم شراء قطعة ملابس نالت إعجابها لعدم قدرته المالية وفي نفس الوقت تكتشف أنه يملك أموال تشتري المحلات بأكملها…. ولكن هذه ليست قطعة ملابس بل قطعه تشتاق إليها كل امرأة وتملك جزء من روحها بين يديها… فطرة خلقت بداخل النساء منذ الخليقة، تبدأ بطفلة صغيره تهتم بدميتها إلي أن تصبح جدة لأحفاد،
طرقت دولت الباب مستأذنه بالدخول، مسح وجهه بيده يلقي عبئ التفكير بعيداً عنه …. وضعت دولت صينية الطعام علي فراشه متمتمه بضيق علي حاله الغير مفهوم :
وبعدين معاك هتفضل قافل علي نفسك الباب كدا ولا شغل ولا حتي احنا
رمقها بقلة حيلة وهتف بنبرة شاحبه:
اعمل ايه يعني
جلست أمامه مرتبه تسأله مستفسرة :
احكيلي مالك يا ضنايا فضفض عشان ترتاح
استكملت وهي تشير للأعلى :
علي الأقل اعرف الفوق دي مقطعه نفسها من العياط كدا ليه
أخذ نفس عميق مقرر البوح لن يخبئ أكثر، والسماح إلي هند بإمساك ذلة تضغط بها عليه، لن يكون لقمة سهلة المضغ في فمها :
أنا مش بخلف
نظرت إليه بذهول هامسه بعدم فهم :
يعني ايه
صاح أحمد بضيق :
يعني مش بخلف مش هيكون عندي عيل من صلبي
حركت رأسها نافيه صحة حديثه متمتم بحنق:
لا مفيش الكلام دا
واستطردت وهي تقف خارجه من الغرفة :
اكيد هي الـ بتفهمك كدا عشان تداري علي مرضها
نهض أحمد خلفها مردد باقتضاب :
استني ياما بالله انا ما ناقص
اشاحت بيدها تصيح ساخرة :
هي عشان مش بتخلف هتجبها فيك
وفتحت باب الطابق تنادي علي هند بحده، خرج معتصم وزوجته علي أصواتهم المتداخلة متسائلاً بقلق :
في ايه ؟!
أجابه احمد يترجاه بضجر :
سكت امك يا معتصم
تمتمت دولت بهمس تحادث نفسها بكلمات غير مفهومة…. ومن ثمّ هبطت هند بعجلة ملبيه النداء بقلق :
خير يا عمتي
نظرت إليها باقتضاب مردده بجمود :
يلا حبيبتي لمي هدومك وعلي بيت ابوكي
صعق أحمد من جنون أمه وتمتم بذهول :
ايه ياما الكلام دا

 

 

صاحت دلت بحده وقد أصابتها هستيريا الذهول :
أنت كويس وزي الفل اكيد هي الـ مش بتخلف
قبضت هند علي مقبض الدرج ولحسن حظها أنها تترك عباءة في طابقهم لزوم احتياجها في حضور ضيوف الي المنزل…. تخطتهم اخذت العباءة وبدأت في ارتدائها فوق ملابسها المنزلية، نقل معتصم نظره بعدم فهم واقترب من هند قائلاً بهدوء :
استني يا هند لما نفهم ..
قاطعته دولت بصرامه :
سيبها أنا فاهمه اكيد هي مش بتخلف وبتحاول بتفهم ابني أن العيب فيه
تطلعت هند لثوانً منتظره رد أحمد، دفاعاً أو حتي معتذرا لما مرت به حتي الآن، اخفض أحمد نظره مبتعد عن أعينها التي تأنبه بحزن….. خرجت من أمامهم تركت المنزل، تركت سنين من عمرها ضاعت هباءا، مسحت دمعة فرت هاربه من ملقتيها تعلن عن اكتفاء القلب من الحزن واستغاثته بمن ينقذه،
خرج معتصم خلفها يلحق بها ويرجعها معه قبل أن تذهب إلي منزل خاله، بينما في المنزل نظر أحمد الي دولت مغمغم بوهن:
كدا ارتحتي
أكدت حديثها وهي تجلس علي المقعد :
ايوا هي لازم تعرف اننا كشفنا لعبتها
صدح صوت احتكاك أسنانه من قوة ضغطه علي فكيه…. وانفجر يصيح بغضب جامح :
أنا الـ تعبان أنا الـ مش بخلف وعـارف كدا قبل ما اتجوزها
وضعت زوجة معتصم يدها علي فمها تمنع صوت شهقاتها من الخروج …. رمقته دولت مردده بهمس :
لا مستحيل أنت كويس
وأشارت علي زوجة معتصم مستكملة :
مرات اخوك اهي ومعاهم عيلين
نقل نظره بينها وبين زوجة معتصم المذهولة وخرج من المنزل متجه إلي طريق الأراضي الزراعية، بعيداً عن وجود أحد يجادله فقد طفح كيله من هذا العالم بأكمله،
؛****************
في نفس التوقيت في منزل عبده داخل شقة سالم، طرقت ندي باب الغرفة بخفه حاملة صينيه الضيافة….ثوان وفتح محمود الباب برفق كي لا تظهر للضيوف الموجودين بالداخل…. شكرها بهمس ثم دخل مغلق الباب خلفه، قدم الضيافة الي يعقوب واخويه علي وعبدالله، ثم أخذ نصيبه وجلس مردف بمراوغة الي سالم ابن عمه :
قوم خود لنفسك أنت لسا متكسحتش
رمقه سالم بحنق مردد وهو يشير علي ذلك النائم في الفراش :
لما اكون في بيتك ابقا اتأمر، وبعدين الغلبان دا ملوش نصيب
نهض محمود بتذكر يقدم كوب العصير الي أخيه :
صحيح خود ياسالم عشان تعوض دمك الراح
حرك سالم رأسه بهدوء متمتم بفتور :
مش عايز دلوقتي يا محمود
منذ جلستهم حاولوا تغير مزاج سالم وسحبه معهم في الحديث المرح، كي تلين ملامحه المقتضبة منذ خروجه من المشفى ولكن باءت بالفشل كل محاولة….. بحكم الصداقة القوية بينه وبين عبدالله الذي نهض يجلس بقربه ثم سأله بقلق :
مالك يا ابو حسين

 

 

نظر سالم إليه بشرود فأكمل عبدالله مستفسرا :
في حاجه مضديقاك أنت مش طبيعي من ساعة الحدثه
هتف علي ممازحا :
يمكن نكون تقال عليه
لم يرد عليهم وظل يرمقهم بجمود، تطلع سالم جابر إلي محمود متسائلاً بحيره :
في ايه يا بني !؟
رفع محمود كتفيه بمعني لا يدري، أساس مجيئهم طلب عبده بأن يأتوا إليه كي يهونوا حالته إلي جو المرح من صحبتهم،
: مش مرتاح بعد ما تعلم عليا
جملة مبهمة نطق بها سالم باقتصار، رتب محمود علي كتفه يهون تفكيره وغمغم بشراسة :
وقسما بالله ما نعرف مين عملها ما هيطلع عليه صبح غير وهو في تربته
دار بوجهه إليه قائلاً بهدوء مريب :
بس هو مش في تربته
واستطرد بحده :
دا ماشي في البلد ولا همه
انتفض يعقوب من جلسته مردف :
لو قصدك علي الـ في دماغي هيكونوا جابوا آخرهم معانا
وبحده مماثله هتف سالم جابر :
ما تتكلم يا سالم متخليش دماغنا تودينا لمكان تاني
كانت نظرت سالم كفيلة بتأكيد شكوكهم لتتغير ملامحهم لشر دفين، جال علي بنظره بينهم متسائلاً :
بس مش ممكن يكون سالم مخدش باله
أجابه سالم بشرود وهو يعيد جملته بداخل أذنه ” كان نفسي ايتم عيالك بدري بس ملحوقه يابو سولم” :
لا متأكد زي ما انا متأكد أنه مكنش قاصد غير تهويش
هتف محمود من بين أسنانه بحده :
هو هوش احنا نخلص
حدق سالم بهم مردد بدهاء :
لا هنلعب معاهم
واستطرد بحذر :
بس من غير علوم الكبير
نظروا الي بعضهم ثم هتف عبد الله بحماس :
ومالوا بحب العب استغوميه
لوي يعقوب فمه من حماسهم الزائد ورد عليهم ساخراً :
طيب بس اهدي يا خويا منك ليه لما نعرف المعلم سابهم يدخلوا البلد ليه من أصله
اقترب سالم جابر منه مردد بزهو :
والـ عارف
رفع سالم عبده حاجبيها مغمغم بتعجب مصطنع :
اي دا ضل المعلم هيخون ثقته ويعرفنا
ابتسم سالم جابر بمكر واردف بمراوغة :
محدش يعرف بالـ أعرفه يا سولم
لمعت أعين يعقوب بوميض ماكرا وتأهب باشتياق لإنهاء ذلك الأرعن بعد أن أخبرهم عزيز سبب وفاة عمهم، ومن يساعد عباس حتي الآن…..اعتدل كل واحدا منهم مستعداً بفضول لمعرفة سر العائلة التي أصبحت محاوطة بوحوش ثائرة، حطمت قيودها لتفتك بهم في آن واحد،
؛***************
خطت هند بسرعة متجاهلة تلك الهمهمات من حولها والاستغراب يشع علي وجوه من تمر عليهم، أعينها المتورمة وصوت شهقاتها ملفت للأنظار بشكل واضح …… فتحت الباب الحديدي بعنف ودلفت تركض للداخل حتي اصطدمت بـ عمها جابر الذي أصابه الخوف وسألها وبقلق :
هند مالك يا بنتي

 

 

ذادت شهقاتها بدلاً من أن تجيبه وارتمت في أحضان والدها الذي خرج علي صوت نحيبها، حاول جابر إخراجها من احضان سالم ويستفسر عن سبب حالتها ولكن معنه سالم…. لف يديه يحاوطها بقوة هامسا بلطف :
بس اهدي وكفايا عياط
ملس علي رأسها بحنو وأكمل وهو يحكم يديه :
فهمني بس في ايه ومتلعبش بأعصابي وبعدين عيطي برحتك
أخرجت رأسها متمتم بشهيق :
عمتي طردتني يابابا

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى