روايات

رواية ولما قالوا دي صبية الفصل الثاني عشر 12 بقلم ميمي عوالي

رواية ولما قالوا دي صبية الفصل الثاني عشر 12 بقلم ميمي عوالي

رواية ولما قالوا دي صبية الجزء الثاني عشر

رواية ولما قالوا دي صبية البارت الثاني عشر

ولما قالوا دي صبية
ولما قالوا دي صبية

رواية ولما قالوا دي صبية الحلقة الثانية عشر

كانت فرح تجلس بجوار نبيل بغرفة الرعاية و هى تتابع مؤشرات الاجهزة بعينيها التى تموج بالعبرات ، ليدخل عليها كامل بهدوء قائلا : ايه يا فرح ، هتفضلى قاعدة كده
فرح دون ان تنظر اليه : و انا فى ايدى ايه اعمله غير كده يا كامل
كامل : بس قعدتك دى لا هتفيدك و لا هتفيده
فرح : عاوزة ابقى جنبه اما يفوق ، مش عاوزاه يفتح عينيه يلاقى نفسه لوحدة ، بتوجع يا كامل ، بتوجع اوى
كامل بعدم فهم : هى ايه دى اللى بتوجع
فرح : الوحدة يا كامل ، اننا نبقى عايشين عمرنا كله وسط الناس لدرجة اننا ساعات مابنبقاش قادرين نتنفس عدل من كتر الزحمة اللى حوالينا ، و نيجى وقت مانقع ، نلاقى نفسنا لوحدنا و كأن الدنيا فضيت فجأة من حوالينا
كامل بفضول : و انتى امتى كنتى لوحدك يا فرح عشان تجربى الاحساس ده
لتنظر اليه فرح للحظة ثم تعود بنظرها الى نبيل و تكمل فرح بتنهيدة تنم عن وجع عميق بداخل نفسها و تقول : و امتى ماكنتش لوحدى .. انا طول عمرى و انا لوحدى
ليسحب كامل مقعدا و يضعه بجوارها قائلا : بس انتى كنتى بتبقى لوحدك بارادتك يا فرح ، اوعى تنكرى ده .. على الاقل عشان ماتحمليش حد وزر وحدتك من غير ذنب
فرح بسخرية و هى تمسح العبرات الهاربة من عينيها : قال ايش رماك على المر ، قال الامر منه .. يمكن زى مابتقول ان انا اللى اخترت ده ، لكن اختيارى ده كان اهون الف مرة من اللى كان بيحصل
كامل و هو يحاول ثبر اغوارها : و ايه اللى كان بيحصل
فرح بشرود : عارف احساس انك تبقى شايل شيلة مش شيلتك و ماشى بيها غصب عنك ، و لا منك قادر ترميها و لا منك حتى عارف هتفضل شايلها لامتى ، الكل كان محملنى ذنب طلاق منصور لامى ، حتى امى نفسها ، عمرى ما هقدر انسى نظراتها ليا لما كانت تيجى سيرته ، كنت بحسها نظرات اتهام ، كنت بجرى على سريرى انام و استغطى اكنى بستخبى من وحش و اللا حرامى هييجى يخطفنى ، عمر ماحد حس بيا و لا باللى جوايا ، عمر ماحد سال نفسه و لا حتى سألنى و قاللى مالك و اللا فيكى ايه ، و اللا حتى قاعدة بعيد لوحدك ليه
من كتر ما كرهت اللى عمله .. كرهته و كرهت الكلمة اللى ياما كنت بسمع اصحابى بيتغنوا بيها و هم بيحكوا عن ابهاتهم ، كلمة بابا اللى عمرى مانطقتها ، حتى لما عمو عادل و ماما حاولوا معايا انى انده له بيها رفضت ، و ماما وقتها زعلت منى و عنفتنى و اتهمتنى انى بنغص عليها سعادتها اللى ياما اتحرمت منها ، و رغم سنى الصغير وقتها الا انى ماتهزيتش ، و ماغيرتش رأيى ، لدرجة انى لما كبرت شوية و ابتديت اقدر اعبر عن اللى جوايا ، لقيت عمو عادل فى مرة فاللى .. انا عارف انك حاسة انى ما استحقش اكون مكان ابوكى
يومها قلتله .. بالعكس ، صدقنى هو اللى مايستحقش يبقى مكانك
ثم نظرت فرح لكامل قائلة : بكرهه يا كامل ، عمرى ما عرفت الكره فى حياتى غير ليه هو و بس
كامل و هو يقيس رد فعلها : جتله ذبحة صدرية
لتعود فرح بعينيها مرة اخرى الى الاجهزة و هى تقول : فى ناس مرضها بيبقى ابتلاء و ناس بيبقى تكفير ذنوب ، و ناس بيبقى انتقام ، و اتمنى ان مرضه ده يبقى من النوع الاخير
كامل بذهول : انتى دكتورة يا فرح ، و لازم تقفى على مسافة واحدة من كل المرضى حتى لو كانوا اعدائك
فرح : عندك حق ، بس عمر الحنظل مايطرح غير الحنظل
ليسمعوا صوت نبيل قائلا بخفوت : انا فين
فرح بلهفة : حمدالله على سلامتك يا حبيبى ، كده برضة يا نبيل تخضنا عليك بالشكل ده
نبيل و هو يدير عينيه بالغرفة : انتو ليه جيبتونى هنا
كامل : كنت عاوز تروح فين
نبيل : و لا حتة ، انا عاوز اروح ، مش عاوز اقعد فى مستشفيات انا
فرح بعتاب : ليه يا نبيل ، ليه خبيت علينا نتيجة الفحوصات بتاعتك
نبيل بوهن : لانها محصلة بعضها يا فرح ، لزمتها ايه بقى ، انا عاوز اعيش وسطكم الحبة اللى باقيينلى فى هدوء ، عاوز اعيش طبيعى اكنى هفضل لحد ما اكبر و اعجز ، هروح الكلية و ادرس و اذاكر اكنى هلحق اتخرج ، مش عاوز اتنقل من جهاز لجهاز و من اشعاع لاشعاع ، مش عاوز اتبهدل و ابهدلكم معايا
فرح بنشيج خافت : و مين قاللك ان ده هيحصل ، انت كويس و زى الفل ، انت بس لو اتعالجت هت ……
نبيل بمقاطعة : ها ايه يا فرح ، انتى مابتعرفيش تكدبى ، ليد تكدبى المرة دى ، المرة دى مافيش رجوع يا فرح و انا عارف و متأكد من الكلام ده
فرح ببعض الغضب : هو انت كنت دخلت فى علم ربنا ، مش يمكن ……
ليضحك نبيل قائلا : استغفر الله العظيم ، يابنتى انتى هتقولينى كلام ماقلتوش ليه بس ، ثم نظر لفرح بابتسامة قائلا : انا راضى يا فرح ، صدقينى راضى و مبسوط كمان ، حاسس ان ربنا بيحبنى و عشان كده رزقنى بالابتلاء ده ، عشان يكفر عنى ذنوبى و الحمدلله انى لحقت نفسى بسرعة و رجعت عن الطريق اللى كنت ماشى فيه ، الحمدلله ، ادعيلى انتى بس ، انا مش محتاج غير دعاكم ليا
كامل بتنهيدة : ايوة يا نبيل ، بس ربنا امرنا بالسعى ، و احنا طول ما احنا عايشين لازم نسعى و يبقى عندنا امل فى ربنا
نبيل : و مين قال لكم انى ماعنديش امل ، او انى مش هسعى ، بالعكس ، انا عندى امل ان ربنا يخفف عنى الالم ، و هسعى انى اختم ايامى اللى جاية باللى يرضى ربنا عنى
فرح : و العلاج يا نبيل ، لازم تتعالج
نبيل : انتى عارفة و انا عارف ان مافيش منه اى لازمة ، يبقى نسيبه لغيرى يمكن يفيده
فرح و قد غلبها البكاء : ليه بتقول كده ، احنا المفروض نكمل الفحوصات و الاشعات و نشوف الحالة واصلة لفين و ان شاء الله نقدر نعالجك
نبيل : طب توعدينى انك لما تتأكدى من كلامى تسيبونى براحتى ، انا تعبت من الحقن و العلاج ، فلو كده كده ميت سيبونى اعيش الفترة اللى بقيالى طالت او قصرت من غير مرمطة و بهدلة .. اوعدينى و انا اعمل لكم كل اللى انتم عاوزينه
لتتبادل فرح النظرات مع كامل الذى قال : خلونا نكمل الفحوصات الاول و بعد كده نتكلم
نبيل برفض : لا يا كامل ، انا مصمم على كلامى
كامل : و هو احنا يا ابنى نملك من امرك ايه عشان نوافق على كلامك ده او نرفضه ، المفروض عمى و مراة عمى هم اللى يوافقوك او يخالفوك مش احنا
نبيل : انا مش محتاج موافقة حد و لا رفضه ، انا بس مش عاوز يبقى فيه نقاش تانى فى الموضوع ده ، ااه ، و عندى طلب تانى
فرح بفضول : طلب ايه التانى ده كمان
نبيل بابتسامة : عاوز ابقى وكيلك فى كتب كتابك انتى و كامل
فرح بذهول : وكيلى
نبيل بدعابة : ااه وكيلك ، اهو ابقى مريت على المأذون و نولت شرف مجالسته و ان ايدى اتحطت مع ايده تحت المنديل الابيض حتى لو وكيل مش عريس
فرح : بس انا بفكر ااجل ….
نبيل مقاطعا اياها : لا … بالله عليكى ، سيبينى اعيش اللحظة
فرح بتنهيدة : ان شاء الله ربنا يقدم اللى فيه الخير
نبيل : هو بابا و نادر و ماما فين
كامل بحمحمة : عمى بس تعب شوية و …
نبيل برهبة : ماله بابا ، فى ايه
فرح : ماتقلقش يا حبيبى هو بس عشان اتخض عليك
نبيل و هو يعتدل بالفراش : طب ودونى ليه اتطمن عليه هو فين
كامل : خليك مكانك ، و هو اما يفوق اكيد هيجيلك ، لانه حاليا نايم ، و انت كمان ، محتاج تنام كمان شوية و ترتاح ، و انا هروح اتطمن عليه مع اختك
فرح باعتراض : روح انت يا كامل ، انا هف …..
كامل باصرار و هو يسحبها معه : ياللا يا فرح عشان كمان نطمن نادر و بابا
……………….
امام غرفة منصور ، كان يجلس نادر بصحبة امه و عمه الذى حضر اليهم فور ما ان ابلغه كامل بما حدث ، و كان الصمت يخيم عليهم جميعا ، ماعدا بعض شهقات البكاء الصادرة من دولت التى كانت تدفن وجهها بين كفوفها و تستند بذاراعيها على اقدامها ، و ما ان لمحوا كامل بصحبة فرح فى اتجاههم ، الا و نهض نادر مسرعا لملاقاتهم قائلا بلهفة : نبيل فاق
لتومئ فرح برأسها علامة الموافقة قائلة : ايوة فاق ، بس اكيد هينام تانى بسبب المسكنات
دولت ببكاء : طمنونى عليه ، قولولى انه كويس و مافيهوش حاجة ، قولولى انه هيحضر جنازتى و هيترحم عليا لما اموت ، قولولى انى مش هشرب ناره ابدا طول ما انا عايشة
ابراهيم : لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم ، ايه بس لازمة الكلام ده يا دولت ، استهدى بالله و استغفرى و ادعيله
كان نادر طوال الوقت يتفحص وجه فرح و ردود افعالها التى لم تستطع كتمانها ، بل وجد عينيها غارقة فى لدموع ، فقال لها بهلع ممزوج بعدم التركيز : هو لما فاق .. كان لسه موجوع ، هتعيدوا له الفحوصات بتاعته تانى و اللا هتعملوا ايه ، انا عاوز اشوفه
كامل : لازم نسيبه يستريح يا نادر ، انا ماصدقت خرجت اختك ، قلة النوم بتتعبه بزيادة و هتخليه يحس بالالم اسرع
نادر برجاء : طب طمننى يا كامل ، هى حالته واصلة لحد فين
كامل باستياء : للاسف يا نادر ، الحالة فعلا ماتطمنش ، بس احنا محتاجين نعمل فحوصات ادق من كده عشان نعرف الحالة واصلة لانهى مرحلة بالظبط و طرق التعامل معاها
دولت بهم كبير : يعنى خلاص يا كامل ، استعوض ربنا فى ابن عمك ، نبيل هيموت خلاص
كامل بتعاطف : مين فينا مخلد يا مراة عمى ، كلنا رايحين و ماحدش ابدا يعرف مين هيروح الاول
دولت ببكاء : بس الشواهد بتقول انه خلاص هيمشى و يسيبنا ، اللهم لا اعتراض يارب ، يارب خفف عنه وجعه ، انا راضية بوجع قلبى ، بس مش هتحمل وجعه قدام عينى ابدا يارب
ليحتضنها نادر و هو يبادلها البكاء قائلا : بس يا ماما عشان خاطرى ، ادعيله ان ربنا يشفيه
دولت : كل دقة فى قلبى بتدعيله يابنى
كانت فرح قد جلست بجوار ابراهيم و هو يجلس متكئا على عصاه بصمت حزين ، و هى تراقب ما يدور حولها و هى لا تستطيع حبس دموعها المنهمرة دون توقف ، لينظر اليها ابراهيم قائلا : عمرى ماشفت دموعك بالشكل ده قبل كده ، معنى كده ان مافيش امل .. خلاص كده
فرح بنشيج : مش عارفة يا عمى ، احيانا بنقف متكتفين قدام المرض ، لكن اوقات بنتفاجئ بمعجزات ربنا اللى بتمناها لنبيل من كل قلبى
ابراهيم بقلة حيلة : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، اللهم تلطف بنا و باقدارنا و الطف بمن لا حيلة له الا الرجاء اليك
ثم التفت الى فرح قائلا برجاء : ادخلى يا بنتى لابوكى طمنينى عليه
فرح بجمود و هى تجفف دموعها : ما الدكتور اللى هنا شافه يا عمى
ابراهيم : ايوة يا بنتى عارف ، بس انا عاوز حد يفهمنى ، انما الدكتور هنا اتعامل بمهنية و قال كلمتين و جرى ، و انا مش فاهم حاجة
فرح و هى تزدرد لعابها بحرج : معلش يا عمى اعذرنى ، و بعدين انا ماليش صفة هنا عشان ادخل اكشف عليه
ابراهيم : يابنتى انتى بنته و اللا نسيتى
فرح : ارجوك يا عمى بلاش نتكلم كلام لا هيقدم و لا هيأخر
ابراهيم : طب بلاش بصفتك بنته خلينا بصفتك دكتورة
لتنهض فرح قائلة بجمود : الدكتور المختص قام بالواجب ، و انا عاوزة ارجع لنبيل
ليقول كامل : استنى يا فرح
ثم يلتفت لابيه و زوجة عمه قائلا : فى حاجة يا جماعة لازم تعرفوها
ابراهيم ببعض القلق : خير يا ابنى ، فى ايه تانى
كامل : فرح كانت عاوزة تأجل الجواز عشان خاطر نبيل ، لكن نبيل رفض و صمم ان كل حاجة تبقى فى معادها ، و طلب من فرح ان هو اللى يبقى وكيلها فى كتب الكتاب
ابراهيم بتنهيدة : الله يشفيه و يرفع من ماعليه يارب العالمين ، شوفوا يا ابنى انتو عاوزين تعملوا ايه و انا معاكم ، بس نتطمن على عمك الاول
……………
بعد مرور بصعة ايام ، بمستشفى كامل
كانت ليلة بجوار ابنتها بالغرفة ليمر عليها احد الاطباء لمتابعة حالة مى ، و بعد ان قام باعطاء بعض التعليمات للممرضة و قام بالانصراف ، قالت ليلة للممرضة : هى الدكتورة فرح بقالها كتير مختفية ليه
الممرضة : اخوها تعبان اوى و محجوز فى مستشفى تانية و هى معاه
ليلة بفضول : الف سلامة ، ربنا يشفيه و يشفى بنتى و كل مرضانا يارب ، طب و دكتور كامل
الممرضة : بييجى ، بيخلص شغله وبيروحلهم على طول
ليلة : طب و العملية بتاعة مى ، دى بعد تلات ايام ، مين هيعملها
الممرضة : ماتقلقيش ، فى جراح متخصص فى حالتها هو اللى هيعمل لها العملية و الدكتور كامل هيبقى موجود معاه و كله هيبقى تمام
ليلة : يارب
و بالفعل .. يتم اجراء العملية لمى وسط قلق بالغ من ليلة و سيد الذى حضر وقت اجراء العملية الجراحية و هو يدعى انه عم مى ليكون بجوار ابنته و زوجته فى هذا اليوم العصيب
وبعد خروج مى من غرفة العمليات ، و انقضاء ساعات القلق بداخل غرفة الرعاية الفائقة حتى استعادت وعيها و اطمأن الاطباء عليها ، يخرج كامل من غرفة الرعاية ليقول لليلة و هو ينزع عنه كمامته الواقية : اتطمنى يا مدام ليلة ، دلوقتى بس اقدر اقول لك ان بنتك الحمدلله بقت زى الفل ، اى نعم هتاخد شوية وقت على ماتقدر تتعافى تماما و هيبقى فيه شوية تعليمات و احتياطات لازم نتبعها ، لكن الحمدلله الخطر زال
لتنكب ليلة على يد كامل و هى تحاول تقبيلها قائلة : انا مش عارفة اشكرك ازاى ولا عارفة اودى جميلك ده فين ، هفضل طول عمرى مديونالك بعمر بنتى الجديد اللى انكتب من تانى على اديك
كامل و هو يسحب يده : استغفر الله العظيم ، احنا مش اكتر من اداة بننفذ بيها ارادة ربنا و مشيئته
ليلة : وسبب فى شفاء عباده ، ربنا يكرمك ويسعدك
كامل : و مش عاوزك تحملى هم حاجة و لو فى اى وقت احتاجتى اى حاجة ، تعاليلى او تعالى لدكتورة فرح ، و زى ما وعدتك انا ممكن اوفر لك فرصة شغل هنا فى المستشفى
ليلة و هى تمسح دموعها المنسالة على وجنتيها : انا بعد جميلك اللى فى رقبتى ده ، مش هقدر اكدب عليك اكتر من كده ، انا عاوزة اعترفلك بحاجة مهمة
كامل بفضول : حاجة ايه
لتقص عليه ليلة كل ما قد كان ، و بعد ان فرغت من حديثها قال كامل : من وقت ماسمعتك بتحكى لفرح على ظروف معرفتك بيها و انا عارف ان عمى ماعملش الحكاية دى كده لله ، بس انا من البداية كنت حاسس ان عمى يقصد حاجة مش سليمة من ورا تصرفه ده ، لكن انتى يا ليلة ، ليه تطاوعيه
ليلة بخجل : سامحنى ، انت لسه ماتعرفش غلاوة الضنا ، انا كنت مستعدة ابيع عمرى كله عشان خاطر سلامة بنتى ، و رغم ان لحد دلوقتى ما اعرفش هو كان يقصد ايه ، و رغم انى متأكدة ان نيته مش سليمة ، لكن ماقدرتش اشوف باب بينفتح لبنتى و اقفله فى وشها .. ارجوك سامحنى و ماتخلينيش اندم انى صارحتك بالحقيقة
ليقول كامل اثناء انصرافه : ماتقلقيش ، بنتك مش هتتحرك من هنا قبل ماعلاجها يتم للاخر ان شاء الله
……………….
اصرت فرح على انتقال نبيل الى المشفى الخاص بكامل ، مع استدعاء طبيب متخصص فى الاورام ليشرف على العلاج الخاص به خاصة بعد رفض نبيل الصارم لخضوعه لاى جلسات إشعاعية
و بعد ان علمت فرح من الطبيب المختص بان خطورة العملية الجراحية لاستئصال الورم قد تكاد تكون اعظم من تركه ، اذا .. فلا اشعاع و لا جراحة ، فقررت عدم الضغط علي نبيل بعد ان قال لها الطبيب : انتى دكتورة و فاهمة الكلام اللى انا هقوله دلوقتى ، احيانا الطب بيقف عاجز قدام بعض الحالات اللى بتبقى وصلت لمرحلة متقدمة من المرض ، و حالة نبيل للاسف لو عملنا العملية .. فالعملية ممكن تؤدى لفقدانه الذاكرة او انها تؤدى لحالة اخطر من المرض نفسه ، لانها ممكن تسببله ضمور فى الاعصاب و اللى هتحوله لانسان لا حول له ولا قوة و مش هيبقى عنده تحكم فى اى عملية حيوية فى جسمة و اللى هتخليه محتاج لمرافق اربعة و عشرين ساعة للعناية به لما يتحول لطفل فاقد الاهلية
كامل : طب هو احنا لو سفرناه برة مش ممكن يبقى فى اى وسيلة تانية للعلاج
الطبيب : رغم انى لسه راجع من المؤتمر اللى كان معمول مخصوص فى انجلترا عن حالات الورم اللى زى اللى بيعانى منها نبيل ، وعارف ان مافيش اى جديد ، لكن لو انتم عندكم المقدرة انكم تعملوا ده عشان ماتحسوش انكم قصرتوا معاه ، خدوه و سافروا ، و انا هرشحلكم المصحة اللى تقدروا تتعاملوا معاها بثقة ، رغم انى شايف انكم تحاولوا تبقوا معاه و حواليه و تسعدوه على اد ما تقدروا فى الفترة دى
فرح هى تكتم بكاءها : فاضل له اد ايه
الطبيب : علميا مجرد شهور ، لكن الاعمار بايد الله يابنتى ، يا عالم احيانا ربنا سبحانه و تعالى بيبقى له تصريف تانى خالص غير الى احنا بنبقى متوقعينه
كامل : طب و العلاج
الطبيب : احنا طبعا مانقدرش نوقف العلاج ، لكن هنكثف جرعات المسكن على فترات ، لان مع الوقت مش هيتحمل الالم ، ربنا يكون فى عونه ، و شدوا حيلكم
و بعد انصراف الطبيب تقول فرح باصرار : انا هاخده معايا المستشفى عندك يا كامل ، مش هسيبه هنا ، عاوزاه دايما قدام عينى
ليوافقها كامل و يقوم بنقل نبيل و منصور ايضا وسط امتعاض فرح ، و لكنها فضلت عدم التعليق لجل خاطر عمها و نادر و نبيل
و بعد مضى بضعة ايام يتعافى منصور و يغادر المشفى كمريض ، و لكنه يظل مرافقا لنبيل معظم الوقت وسط شرود دائم منه بعد علمه بكل تطورات حالة ولده ، و كانت فرح تلازم نبيل معظم فترات راحتها و هى تحاول الترفيه عنه بمساعدة نادر و جميع اخوتها وسط مراقبة منصور الصامتة دائما ، حتى جاء يوم كان الجميع ملتف حول نبيل بغرفته فقال لها نبيل : انا عاوز اخرج بقى ، اكيد مش هفضل هنا كده على طول ، ده انا لو كنت عملت العملية كنتو هتخرجونى مش هتحبسونى كده
فرح : حبيبى ده انا مخلياك هنا عشان تفضل جنبى و ابقى دايما متظمنة عليك
نبيل : بس انا عاوز اخرج ، و عاوز اشترى بدلة عشان احضر بيها فرحك
، انتى اشتريتى فستان الفرح و اللا لسه
فرح : لسه
لينظر نبيل لكامل قائلا : ده كلام يا كامل ، ده الفرح فاضل عليه عشر ايام ، ازاى يعنى ماتجيبوش الفستان لحد دلوقتى
كامل بمرح : يا عم هو احنا هنعرف نجيب حاجة من غيرك
فرح بدهشة : انت تقصد ايه ياكامل
كامل : اقصد انه ياخد اجازة من المستشفى شوية ، و ينزل معانا يوم الجمعة ان شاء الله نشترى اللى احنا عاوزينه
فرح بقلق : ايوة بس هيبقى ارهاق عليه
كامل بابتسامة : وقت مانحس انه تعب هنرجع على طول
رحمة : مش هيتعب ولا حاجة ان شاء الله ، انا هوديكم اتيليه حلو اوى عندهم كل لوازم العرايس و العرسان ، يعنى مش هتلفوا و لا هتتعبوا
نبيل : اهو رحمة حلتها
فرح : طب هترجع على هنا تانى
نبيل برجاء : لا يا فرح عشان خاطرى ، ادينى اجازة بس لحد الفرح بتاعك ، و اوعدك انى بعد الفرح ان شاء الله هنفذلك كل اللى هتقوليلى عليه
فرح بتردد : طب لو تعبت
نبيل : هقول لك على طول او هقول لكامل … وعد
فرح باستسلام : حاضر يا نبيل … ماشى .. اللى يريحك
و بالفعل تم لنبيل ما اراد فبرغم ذبوله الملاحظ للعيان الا انه رافقهم حتى اتموا شراء كل ماتبقى وسط سعادة بالغة منه و مرح دائم و كأنه كان يحاول مداراة الامه التى كانت لا تنقطع عنه فى الفترة الاخيرة
……………
فى منزل منصور ، كان نادر و نبيل يجلسان بغرفتهما ، حين دخل عليهما منصور قائلا لهم : عاملين ايه يا اولاد
ليرددا : الحمدلله يابابا
ليجلس بجوار نبيل و هو يربت على قدمه قائلا : و انت يا نبيل ، اخبارك ايه
نبيل بوهن : فى نعمة يا بابا ، الحمدلله ، و كويس انك جيت .. كنت عاوزك فى كلمتين
منصور : خير يا ابنى
نبيل : انا لما طلبت من فرح انى ابقى وكيلها فى كتب الكتاب ، عملت كده عشانك انت
منصور بجمود : و عشانى انا ليه
نبيل : لانى عندى امل ان علاقتكم تتصلح ببعض فى يوم من الايام ، ماهانش عليا ان قسيمة جوازها تفضل طول العمر واسم جوز مامتها يبفى فى خانة الوكيل ، حبيبت وكيلها يبقى على اسمها و تبقى شايلة اسمه
انت ظلمت اخواتنا البنات اوى يا بابا ، و آن الأوان انك تصلح اللى عملته
منصور و هو يحاول السيطرة على رد فعله : انت شايف انى ظلمت اخواتك لما حاجيت عليك انت واخوك ، و كنت عاوزكم تبقوا احسن ناس فى الدنيا كلها
نبيل : كل الابهات بيتمنوا ده لولادهم ، بس بيتمنوه لكل ولادهم مش حد اه و حد لا
منصور : انتو صلبى و عزى و اللى …..
نبيل بمرارة : و اللى ايه بس يا بابا ، ربنا ما بيتعاندش ، طلقت طنط فاطمة عشان خلفتها بنات و اتجوزت ماما عشان تجيبنا ، و فعلا ربنا رزقك بيا انا و نادر ، لكن انت عملت ايه ، شكرته ؟ قلت الحمدلله ان ربنا اطعمك بالبنين و البنات و خدتنا كلنا تحت جناحك ؟ ، قلت بناتى مايتربوش بعيد عنى و لا يتربوش مع جوز ام زى ما بنسمع مع ناس كتير ، حاولت حتى تشوفهم و تتطمن عليهم وتحسسهم انك موجود جنبهم و انك ضهرهم و سندهم فى الدنيا دى ، بالعكس .. انت اختارت و نقيت و عزلتنا عن بعض ، حتى لما اكتشفت انى مريض اول حاجة فكرت فيها انك تحيينى حتى لو كان على حساب موت واحدة من اخواتى ، لكن سبحان الله ، ربنا دايما بيبقى له تدابير احنا مانعرفش عنها حاجة
منصور : انا مافكرتش فى كده ، انا كنت عارف ان مافيش خطورة من العملية على المتبرع
نبيل : بامارة انك كنت رافض ان نادر يعمل الفحوصات من الاساس ، و بامارة اللى عملته فى فرح لما عرفت ان مش هى اللى عملت العملية ، طب ادينى عملت العملية و بعد ما فكرنا ان خلاص ، لقينا ان لسه عقاب ربنا ماخلصش
و عندما صمت منصور اكمل نبيل قائلا : انا اسف يا بابا سامحنى انى بكلمك بالاسلوب ده ، بس انا حاسس ان ربنا بيعاقبك بيا ، بيقول لك انا مابتعاندش ، بيقول لك انت عملت كذا و كذا عشان الصبيان ، لكن انا بعد ما اديتهملك هاخدهم من تانى
انا نفسى اسيبكم و انتم مش كده .. يا بابا حضرتك عملت حيطة بينك و بين اخواتى و خليت فرح شبه معقدة ، نفسى بعد عمر طويل لحضرتك اخواتى يدعولك مايدعوش عليك
ليقول منصور بجمود : سيبك من كل الكلام ده يا نبيل و خليك فى صحتك و بس
نبيل : ارجوك يا بابا حاول تصلح اللى انكسر ، انا عارف ان اللى انكسر لا يمكن يتصلح ابدا بسهولة ، بس حاول عشان خاطرى ، دى وصيتى ليك يابابا ، و خصوصا فرح .. فرح اكتر واحدة فيهم شربت مرار اللى حضرتك عملته و اكتر واحدة اتظلمت و شالت الهم على اكتافها

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ولما قالوا دي صبية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى