Uncategorized

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الرابع عشر 14 بقلم بتول علي

 رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الرابع عشر 14 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الرابع عشر 14 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الرابع عشر 14 بقلم بتول علي

نظرت “كاميليا” إلى هاتفها باستغراب وحاولت أن تتصل بمهجة حتى تعرف ماذا أرادت أن تقول لها ولكنها وجدت هاتفها مغلق.
نظرت إلى الهاتف بملامح عابسة ليباغتها فارس الذي احتضنها من الخلف وهتف متسائلا عندما لاحظ ضيقها:
-“ماذا حدث؟”
استطرد بجدية وهو يملس على شعرها:
-“يبدو أن أحدهم قام بإزعاجك”.
أجابته وهي تضع الهاتف جانبا:
-“صدقني لا يوجد أي شيء … الأمر كله باختصار أن مهجة اتصلت بي منذ قليل وكانت تريد أن تخبرني بأمر ما ولكن انقطع الاتصال وعندما حاولت أن أتصل بها وجدت هاتفها مغلق”.
ابتسم فارس بلطف ثم احتضنها وربت على ظهرها قائلاً:
-“ربما أرادت أن تبارك لكِ بعدما علمت بزواجك ولهذا السبب اتصلت بكِ”.
هزت كاميليا رأسها باقتناع فلا يوجد سبب أخر منطقي يفسر اتصال مهجة بها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
خرج “جابر” من غرفة مهجة بعدما انتهى من ضربها ثم أغلق الباب خلفه ووضع المفتاح في جيبه حتى لا تستطيع الخروج.
نظرت مهجة إلى الكدمات التي غطت جميع أنحاء جسدها وأجهشت بالبكاء وهي تردد بحقد استوطن قلبها وأبى أن يخرج منه:
-“أكرهك جابر … أكرهك وأكره اليوم الذي تزوجتك به … ليتك تموت حتى يرتاح الجميع منك ومن شرك”.
أخذت تكرر تلك العبارات بصوت مرتفع وصل إلى الغرفة الأخرى التي يجلس بها جابر مع زوجته الأخرى.
هم جابر بأن يعود إليها مرة أخرى حتى يخرسها ولكن أمسكت به زوجته وهتفت بخبث لا يختلف تأثيره عن سم الحية:
-“دعك منها … هي تفعل كل ذلك لكي تستفزك وتجعلك تضربها أكثر حتى تقدم شكوى ضدك وسيكون مظهرها دليلا على صحة حديثها وستلقيك حينها في السجن أو تجبرك على تطليقها”.
عاد جابر إلى كرسيه مرة أخرى ولم يعبأ بصياح مهجة الذي توقف بعد دقائق بعدما هز جميع أركان القصر.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أنهى عمر المكالمة القصيرة التي أجراها مع ألبرت ثم خرج من غرفته ليصطدم بإيمان التي خرجت هي الأخرى لتوها من غرفة الجدة.
نظر مطولا إلى ملابسها والتي تدل على أنها ستغادر المنزل وقبل أن يسألها عن وجهتها تفاجأ بصوت أسر الذي ظهر خلفها وهتف بابتسامة بشوشة:
-“مرحبا عمر … كنت سأمر عليك قبل أن نغادر”.
ابتسم عمر بتكلف وهتف بمرح ظاهري:
-“لا بأس … ها أنا ذا خرجت بنفسي من الغرفة”.
تحدثا معا لوقت قصير قبل أن يتأذن أسر ويغادر برفقة إيمان تحت نظرات عمر المتحسرة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أمسكت كاميليا بجهاز قياس درجة الحرارة ونظرت له بتمعن ثم رمقت سلمى بحزن وهي تتحسس جبينها.
-“حرارتك مرتفعة جدا … سأتصل بخالد حتى يأتي ويفحصك”.
أومأت سلمى برأسها وهي تشعر بوهن شديد يسري في جميع أنحاء جسدها لتخرج كاميليا هاتفها وتتصل بخالد الذي حضر بعد وقت قصير للغاية فتلك فرصة ذهبية بالنسبة له ليرى فريدة ويتحدث معها.
دلف خالد إلى المنزل وهو مبتسم بعدما فتحت له الخادمة ولكن سرعان ما اختفت ابتسامته بعدما رأى فارس يقف أمامه وينظر له بحنق وهو يعقد ذراعيه أمام صدره.
ابتلع خالد ريقه بتوتر وهو يمد يده يصافحه بود فهو يعلم جيدا بأن فارس لا يطيقه لأنه رآه يتحدث مع كاميليا في حفل خطبة أمنية:
-“مرحبا سيد فارس … أنا مسرور جدا برؤيتك”.
كان رد  فارس هو بضع كلمات مقتضبة خرجت من بين أسنانه:
-“وأنا أيضا سررت برؤيتك”.
أشار له بأن يتبعه وهو يقول:
-“تفضل … سأريك غرفة سلمى حتى تفحصها”.
تبعه خالد حتى وصلا إلى غرفة سلمى فقام بفحصها ووصف لها بعض الأدوية وأوصى كاميليا بأن تحضر لها تلك الأدوية في أسرع وقت.
خرج خالد من غرفة سلمى وهو يشعر بالإحباط لأنه لم ير فريدة كما توقع ولكنه سرعان ما ابتسم بعدما رآها تدخل من البوابة وبصحبتها زينة.
ابتسمت فريدة هي الأخرى ما إن رآته قادم نحوها وصافحته قبل أن تردف بتساؤل:
-“ما سر زيارتك المفاجئة إلى منزلنا؟ هل كل شيء على ما يرام؟”
أجابها بأسف وهو يهز رأسه:
-“أتيت إلى هنا بعدما اتصلت بي كاميليا وأخبرتني بمرض سلمى فقمت بفحصها ووصفت لها بعض الأدوية”.
وضعت يدها على فمها وسألته بقلق وملامح الصدمة بادية على وجهها:
-“أخبرني أرجوك أنها بخير”.
تحدث بمرح محاولا تهدئة الوضع حتى لا يزداد قلقها:
-“لا تقلقي … ستكون بخير إن شاء الله … صدقيني لا يوجد داعي للقلق فحالتها ليست خطيرة”.
هزت رأسها في تفهم ثم دلفت إلى المنزل بعدما ودعته … ذهبت لتتفقد سلمى ثم توجهت نحو غرفتها وهي تضع يدها على قلبها الذي يخفق بعنف.
أخذت تتساءل … هل يعقل أن يكون قلبها خفق ووقع في الحب مرة أخرى بعدما ذاق الألم من تجربته السابقة؟!
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دخل أسر وبرفقته إيمان إلى المطعم وجلسا على الطاولة التي تطل مباشرة على النيل … ابتسمت إيمان وقالت:
-“أنا أحب هذا المكان فقط لأنه يطل على النيل”.
ابتسم أسر هو الأخر وقال:
-“يبدو أنكِ تحبين المياه كثيرا؟”
أومأت إيمان برأسها هاتفة بحماس:
-“معك حق … أنا أعشق المياه وأذهب كثيرا إلى المصيف لهذا السبب”.
اختفت ابتسامة أسر بعدما تفوهت إيمان بتلك العبارة فهي وبدون قصد ذكرته بجملة قالتها له مهجة قبل بضع سنوات.
-“أريد منك أن تعدني أن نذهب إلى المصيف كثيرا عندما نتزوج”.
ضحك أسر وقال:
-“لا تقلقي سمكتي … سنذهب باستمرار إلى المصيف وإذا لم نستطع سأحضر لكِ المصيف في البيت”.
انفلتت ضحكة ناعمة من بين شفتيها قبل أن تهمس:
-“لا أفهم لماذا تدعوني دائما بالسمكة؟”
نظر لها بهيام فهي ستظل المرأة الوحيدة التي أحبها والتي سيبذل كل ما لديه في سبيل عشقها ثم ابتسم ابتسامة واسعة أظهرت أسنانه وقال:
-“لأنك تحبين المياه كثيرا ولا يمكنك أن تبتعدي عنها تماما كالسمكة فهي أيضا لا يمكنها أن تستغني عن الماء”.
فرقعت إيمان بإصبعها أمام وجهه عدة مرات حتى تنتشله من شروده لينتبه لها أخيرا قبل أن تسأله بحيرة طغت على ملامح وجهها:
-“ماذا بك؟ هل أنت بخير؟”
وكانت إجابته هي ابتسامة باهتة وجهها نحوها قبل أن يستدعي النادل حتى يمليه طلباتهما.
حضر النادل وأعطى لكلاً منهما قائمة المشروبات التي ألقى أسر نظرة خاطفة عليها قبل أن يردف:
-“سأختار برتقال وأنتِ؟”
قال كلمته الأخيرة وهو ينظر إلى إيمان التي قلبت عينيها ثم نظرت له وأجابته وهي تبتسم برقة: 
-“سأختار مانجو لأنني لا أحب البرتقال”.
وها هي تذكره مرة أخرى وبدون أن تقصد بمهجة التي لا تحب هي الأخرى عصير البرتقال … مسح أسر صفحة وجهه وهو يتنفس بصعوبة من فرط المفاجأة فقد اتضح له أن إيمان تشبه مهجة في عفويتها كما أنه لديهما الكثير من الطباع المشتركة وكل تلك الأمور كانت سببا في زيادة ألمه وعذابه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نظرت ياسمين إلى الأوراق التي أرسلها جابر وابتسمت بخبث عندما تخيلت نفسها وهي تأخذ منه الأموال التي وعدها بها.
نظرت إلى أثاث وجدران شقتها بقرف قبل أن تتمتم:
-“وأخيرا سأشتري شقة جديدة وجميلة بدلا من تلك الشقة القبيحة”.
استكملت بأسف مصطنع وهي تنظر إلى الصورة التي تجمعها بكاميليا:
-“أنا أسفة جدا لما سأفعله بكِ ولكنني مضطرة ففي النهاية المال هو أكثر شيء أهتم به”.
أعلن هاتفها عن وصول رسالة وعلمت بأنها من كاميليا بسبب تلك النغمة المميزة التي أرفقتها برقمها.
قرأت الرسالة التي تخبرها بها كاميليا أنها لن تستطيع المجيء بسبب مرض سلمى لتعقد حاجبيها بغضب عارم فقد فشلت خطتها.
-“اللعنة!! ألم تجد سلمى يوما أخر لتمرض به!!”
التقطت هاتفها واتصلت بجابر وأخبرته بالأمر ليغضب هو الأخر ولكنه امتثل في النهاية للأمر الواقع. 
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ذهبت كلا من “هنا” و “ساندي” إلى سلمى بعدما أخبرتهما فريدة بمرضها.
جلست ساندي على حافة الفراش وقالت:
-“سلامتك سلمى … شدة وستزول إن شاء الله”.
ابتسمت سلمى وهتفت بصوت ضعيف استطاعت ساندي بالكاد أن تسمعه:
-“سلمتِ حبيبتي”.
اقتربت منها هنا وملست على جبينها قائلة بلطف:
-“هل تشعرين بتحسن؟”
أجابتها سلمى بإيجاب:
-“أجل … الحمد لله تلك الأدوية التي وصفها لي العم خالد جيدة جدا ولها مفعول كالسحر”.
ابتسمت ساندي وقالت:
-“ما رأيك أن نسافر الأسبوع القادم إلى شرم الشيخ بعدما تتحسن حالتك؟”
تحمست سلمى إلى الفكرة ووافقت عليها ولكن اعتذرت منهما هنا وتحججت ببعض الأعمال التي يجب أن تنجزها فهي لا يمكنها أن تذهب برفقتهما لأنها ستسافر برفقة عمر.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
مر أسبوع جهز به عمر كل ما يحتاجه من أجل السفر وأيضا جهزت هنا هي الأخرى الأغراض التي ستحتاجها.
التفت عمر وهتف بحزم وهو ينظر إلى هنا التي تتطلع بشرود إلى النافذة:
-“هل أنهيت كل شيء؟ سنخرج اليوم في منتصف الليل بعدما ينام الجميع”.
أجابته هي الأخرى بجدية:
-“لا تقلق أخي فكل شيء يسير كما تريد وأحضرت أيضا السيارة التي ستقلنا إلى المطار”.
نظر إلى ساعة يده وهو يتنهد براحة فهو لم يعد يفصله عن الرحيل سوى بضع ساعات.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
خرجت كاميليا من غرفتها بعدما ارتدت ملابسها وقررت أن تذهب إلى شقة ياسمين حتى تزورها ولكنها لم تخبرها بأنها تنوي زيارتها فقد قررت أن تفاجأها بالأمر فهي صديقتها العزيزة التي تحبها بشدة.
قبلت فارس على وجنته ثم أجابته عندما سألها عن وجهتها وأخبرته بأنها لن تتأخر … خرجت من المنزل واستقلت السيارة وتوجهت إلى منزل ياسمين.
جلس فارس يشاهد التلفاز قبل أن يحضر وليد الذي نظر له بلوم وهتف بعتاب وهي يجلس بجواره:
-“لماذا لا تجيب على اتصالاتي؟”
أشاح فارس بوجهه وهو يجيب:
-“أنت تتصل بي في أوقات لا يكون بها الهاتف بحوزتي”.
-“ولماذا لا تتصل بي عندما يكون الهاتف بحوزتك؟”
سأله “وليد” باستنكار ثم صمت لحظة وتابع بصوت غاضب:
-“لا أصدق أنك تتهرب منِّي لأنني طلبت منك أن تقابل والدتك وتتحدث معها بهدوء!!”
انقبضت ملامح فارس وأطلق زفرة قوية تحمل معها كل ما بداخله من آلالام فهو لا يجد ما يهون عليه هذا الحمل الذي سقط على قلبه وظل جاثما فوق صدره لسنوات دون أن يتزحزح عنه ولو قليلا.
-“الأمر ليس بتلك السهولة التي تعتقدها … ضع نفسك محلي يا رجل … تخيل بأن تتركك والدتك لسنوات ثم تأتي فجأة وتحاول أن تتقرب منك بعدما اعتدت على غيابها”.
مسح “وليد” صفحة وجهه بحدة ثم اقترب منه وصاح بغضب:
-“صدقني أنا أتفهم موقفك جيدا ولكنك لا تريد أن تفهم أن والدك كان هو السبب الرئيسي في كل ما جرى … والدتك لم تتركك كما تعتقد بل والدك هو من حرمها منك ومن فريدة … لا أفهم لماذا لا تحاول أن تستوعب تلك الحقيقة؟! لماذا لا تريد أن تفهم أنه لا يوجد سبب فعلي لتكره والدتك؟!”
أخذ فارس شهيقا طويلا وزفره على مهلٍ قبل أن يجيب:
-“أنا لا أكرهها وليد … جل ما في الأمر أنني في أمس الحاجة إلى بعض الوقت ، أليس هذا من حقي؟! ألا يمكنني أن أحظى ببعض الوقت حتى أستوعب تلك الحقيقة؟!”
أومأ وليد برأسه مستسلما فيبدو أنه ليس أمامه سوى أن ينتظر حتى يأخذ فارس الوقت الذي يحتاجه حتى يتقبل عودة والدته.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وصلت كاميليا إلى شقة ياسمين وكادت تضغط على الجرس ولكنها توقفت عندما سمعت صوت ياسمين وهي تتحدث في الهاتف بنبرة غاضبة:
-“وماذا سأفعل لك جابر؟! قلت لك أنها أخبرتني أن سلمى مريضة وستظل بجوارها حتى تتعافى”.
صمتت ياسمين قليلا حتى تستمع بوضوح إلى ما يقوله جابر ثم صاحت بعصبية شديدة:
-“حسنا سأتصرف وأجعلها توقع على الأوراق في أقرب وقت ممكن ولكن تذكر حصتي من الأموال التي اتفقنا عليها”.
أخبرها جابر ألا تقلق بشأن حصتها لتبتسم ياسمين قائلة:
-“حسنا اتفقنا … سأتصل بها اليوم حتى تأتي ثم سأدس لها المخدر في العصير حتى توقع على الأوراق دون أن تدري”.
أنهت ياسمين المكالمة وكادت تتصل بكاميليا ولكنها توقفت فجأة واتسعت عيناها بصدمة بعدما سمعت صوت خطوات راكضة في الخارج.
توجهت ياسمين نحو الباب وفتحته ولكنها لم تجد أحد فتقدمت بضع خطوات نحو الدرج ونظرت إلى الأسفل ورأت كاميليا تخرج من البناية لتشهق بصدمة وهي تردد:
-“كاميليا!! يا إلهي لقد سمعت كل شيء!!”
عادت بسرعة إلى الداخل وتمتمت وهي تمسك هاتفها:
-“يجب أن أخبر جابر بالأمر حتى يتصرف معها بسرعة قبل أن تسبب لنا المشاكل”.
ضغطت ياسمين على رقم جابر وانتظرته حتى يجيب وصاحت بصوت مرتفع قبل أن يسألها عن سبب اتصالها:
-“كاميليا سمعت حديثي معك وعلمت بكل شيء عن خطتنا … يجب أن تتعامل معها بسرعة قبل أن تجلب لنا المتاعب”.
شتمها جابر بأقذر الألفاظ التي يعرفها ثم أغلق الهاتف في وجهها وقام بالاتصال بأحد رجاله في القاهرة وانتظره حتى أجاب ثم هتف بخشونة:
-“اسمع جيدا ما سأقوله لك ثم نفذه بالحرف”.
هتف الرجل بطاعة:
-“تفضل سيدي … أخبرني ماذا تريد مني بالضبط وسأنفذه لك على الفور”.
بدأ جابر بسرد تفاصيل المهمة التي سيكلفه بها وصمت لوهلة عندما انتهى ثم أردف بحسم:
-“اسمعني جيدا لا أريد أي أخطاء … فهمت؟”
أومأ الرجل برأسه إيجابا:
-“لا تقلق … سأقوم بالعمل على أكمل وجه”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
استقلت كاميليا سيارتها وهي تبكي بشدة لا تصدق أن ياسمين كانت تخدعها … أوقفت السيارة فجأة عندما رأت تلك السيدة العجوز التي كادت تصدمها بسيارتها ، ثم خرجت على الفور لتتفقدها.
همست بقلق وهي تضع يدها على كتف السيدة:
-“هل أنتِ بخير سيدتي؟”
أجابتها السيدة بوهن وهي تحاول أن تقف على رجليها:
-“أجل بخير ولكن قدمي تؤلمني للغاية”.
رمقتها كاميليا بإشفاق ثم أسندتها وتوجهت بها نحو سيارتها وهي تقول:
-“تفضلي … سأوصلك إلى منزلك”.
ابتسمت لها العجوز وشكرتها ثم أملتها عنوان منزلها الذي وصلت إليه كاميليا في غضون دقائق … أسندت كاميليا السيدة ورافقتها إلى البناية ولم تنتبه إلى ذلك الرجل الذي أشارت له العجوز حتى ينهي مهمته بسرعة.
خرجت كاميليا من البناية بعدما أوصلت العجوز إلى شقتها ثم صعدت إلى سيارتها وأدارت المحرك حتى تعود إلى منزلها.
انتبهت إلى تلك اللافتة التي تلزم جميع السائقين بخفض سرعتهم بسبب انحناء الطريق فحاولت كاميليا أن تخفض سرعة سيارتها ولكنها لم تستطع.
تدلى العرق من جبينها ودب الخوف في أوصالها وهي تحاول مرارا وتكررا ولكن دون جدوى وحتى محاولاتها في إيقاف السيارة لم تفلح.
انحرفت السيارة عن مسارها بعدما فشلت كاميليا في السيطرة عليها ثم اصطدمت بمبنى خرساني لا يزال قيد البناء.
شعرت كاميليا بالدوار يكتسحها وبالظلام ينسج خيوطه حولها لتسبل أهدابها تستعد للذهاب إلى عالم أخر شعرت به بذراع فارس تحملها وتسير بها إلى بر الأمان فاطمئن قلبها وأغمضت عينيها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دقت الساعة العاشرة مساءا ولم تعد كاميليا إلى المنزل وهذا ما جعل فارس يبحث عنها في كل مكان كالمجنون.
زفر بغضب وهو يضع الهاتف جانبا فهو يجد هاتفها مغلق في كل مرة يتصل بها.
اتصل فارس برجل يعرفه لديه علاقات كثيرة مع رجال الشرطة وتمكن بالفعل من تكليف بعض العناصر ليبحثوا عنها في كل مكان.
مرت ساعة قبل أن يتصل به الرجل ويخبره بأن زوجته تعرضت لحادثة وهي موجودة الآن في إحدى المستشفيات وحالتها حرجة للغاية.
رفع “فارس” حاجبيه للأعلى وهو يهتف بصدمة غير قادر على استيعاب الكلمات التي سمعها:
-“حادث!! هل أنت متأكد بأن تلك المرأة هي نفسها زوجتي؟”
أجابه الرجل بحزن فقد شعر بالمرارة في صوته:
-“أجل سيدي … زوجتك الآن في غرفة العمليات وأنا تأكدت من أوراق هويتها قبل أن أتصل بك”.
أنهى فارس المكالمة وأسرع إلى الخارج ثم استقل سيارته وذهب إلى المستشفى التي أملاه الرجل عنوانها.
وصل إلى المستشفى وأخذ يسير ذهابا وإيابا في الرواق الذي يقع أمام غرفة العمليات إلى أن انتهى الأطباء وخرجوا من الغرفة ثم قاموا بنقل كاميليا إلى العناية المركزة.
أمضى فارس بعض الوقت أمام العناية ينتظر أن يسمحوا له برؤية زوجته والاطمئنان عليها إلى أن أشفقت عليه الممرضة وسمحت له بأن يدخل إلى العناية دون أن يعلم الطبيب ولكنها طلبت منه أن يتبعها أولا إلى إحدى الغرف حتى يرتدي كمامة وقفاز طبي وأيضا ملابس معقمة.
تبع “فارس” الممرضة إلى الغرفة بخطوات متثاقلة وهو يحدق أمامه بنظرات شاردة وفعل ما طلبته منه ثم خرج بعدما انتهى وذهب إلى غرفة العناية المركزة 
دلف “فارس” إلى الغرفة ونظر إلى كاميليا بحزن وأراد أن يضمها وبشدة إلى صدره ولكن تلك الأجهزة اللعينة التي تحيط بها تمنعه من ذلك … حدق في وجهها بخوف شديد أخذ يزداد حينما لاحظ تلك الجروح التي تكسوا وجهها ومناطق متفرقة في أنحاء جسدها … اقترب منها بضع خطوات وهو يهمس بلوعة:
-“إلى متى ستظلين هكذا؟ هيا استيقظي حتى نذهب إلى منزلنا … أنتِ تعلمين جيدا أنني لا يمكنني أن أعيش من دونك”.
جلس “فارس” بالقرب منها وقبض على كف يدها ثم رفعه يقبله … أحكم حصار كفها بين قبضته وهو يستطرد بخشونة بعدما قست عيناه: 
-“سيدفع الثمن …أقسم لكِ بأنني سأجعل من فعل بكِ ذلك يدفع الثمن غاليا جدا”.
خفق قلبه برعب وهو يستطرد:
-“استيقظي بسرعة لأنني لن أسمح لكِ بأن ترحلي”.
أشارت له الممرضة من خلف الزجاج وهي تلتفت حولها برعب خشية أن يعلم الطبيب المسؤول بما فعلته ويعاقبها ليخرج فارس من الغرفة وهو يكبح دموعه بصعوبة وقلبه يخفق بخوف على معشوقته وحب حياته.
يتبع..
لقراءة الفصل الخامس عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى