Uncategorized

رواية أغلال لعنته الفصل الثالث عشر 13 بقلم إسراء علي

 رواية أغلال لعنته الفصل الثالث عشر 13 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الثالث عشر 13 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الثالث عشر 13 بقلم إسراء علي

إنما للقلب إتجاه مُعاكس للعقل دائمًا 
و لكن ماذا تفعل حينما يتفق العقل مع القلب على حُب شخصٍ واحد؟ 
هذا يعني أنك خسرت كُل منطق و مرحبًا بك في المنطقة المحظورة… 
بعد مرور شهر
نهضت بعدما صدح مُنبه هاتفها بـ كسل و ضيق، لم تعتد بعد على ذلك الروتين اليومي المُمل مع ذلك المُتحرش، السادي الذي يبدو و كأنه يستمتع بـ تعذيبها أكثر من أي شخصٍ آخر، إبتسامته الأنيقة بـ شدة تجعلها تُريد تحطيم أسنانه البيضاء بـ شدة، ماذا يفعل ليجعلها شديدة البياض هكذا؟ 
تنهدت و ها هي تنحدر أفكارها تجاه مُغيظ جدًا، دائمًا و أبدًا أفكارها تُخبرها بـ وضوح أنها لن تنشغل سوى بـ “وقاص مُحي الدين” رغم أنها تتخطى الكثير من الحدود معه في الفترة السابقة و لكنه لم يقم بـ طردها بل كان يُهددها قائلًا بـ صلب و هدوء يُصيبها بـ الهلع 
“فـ الوقت اللي هتطلعي فيه من الباب دا، هتلاقي البوليس مستنيكِ” 
يجرؤ على تهديدها! هي المظلومة هنا و والدها أيضًا، الذنب يقع على عاتقهِ أنه يقوم بـ توظيف بشر سارقين، مسحت كِنانة على وجهها لن يفيد كُل ذلك، كُل يوم تُفكر و تُفكر و تغضب و بـ الأخير تنهض و تستعد لتذهب إلى عملها 
طرقة ثم فُتح الباب و طَلّ منه والدها مُبتسمًا بـ حنان و قال 
-لسه مجهزتيش! طب يلا يا حبيبة قلبي عشان تلحقِ الشُغل… 
و أمام إبتسامة والدها لم تجد بدًا سوى أن تبتسم و يذهب غضبها من وقاص أدراج الرياح، لتومئ بـ حماس قائلة 
-عشر دقايق و هكون جهزت إن شاء الله، إسبقني أنت يا جميل… 
إتسعت إبتسامة والدها و سمعته يُتمتم لها بـ دُعاءٍ، أصابها شئٍ من الحُزن و الذنب و لكنها أقنعت نفسها أنها فعلت الصواب
بعد عشر دقائق 
كانت كِنانة قد خرجت بـ الفعل و هي تضع قميصها الأبيض في تنورتها السوداء و تُعدل سُترتها ثم. نظرت إلى الطاولة الجالس عليها والدها و يبدو أنه ينتظرها ثم قالت و هي تتشمم الرائحة الشهية
-يا سيدي على الريحة، من يومي و أنا عارفة إني فاشلة فـ الطبخ عشان أدوق من إيدك و مفوتش الطعامة دي
-رفع والدها حاجبه و قال:كُلي يا كِنانة و مش بـ الكلمتين دول هتخليني زي الأهبل أفضل أعمل الأكل 
-دست طعام في فمها و قالت ضاحكة:كشفتني… 
إرتسمت إبتسامة أكثر حنوًا من ذي قبل، ثم ربت على كتفها و قال بـ سعادة لرؤيتها تضحك هكذا 
-بألف هنا، كُلي يا كِنانة و ملكيش دعوة بـ أي عمايل أكل
-تسلملي… 
أكملا تناول الطعام حتى قال والدها فجأة و كأنه تذكر شيئًا مُهم
-صحيح مش الشركة بعتتلي مُستحقاتي إمبارح… 
توقف الطعام في حلق كِنانة و سعلت بـ قوة فـ أعطاها والدها كوب من الماء بـ قلق و قال 
-بسم الله الرحمن الرحيم، إشربِ يا بنتي فيه إيه!… 
تناولت الكوب منه و شربته ثم رفعت نظرها إليه و سألته بـ صوتٍ ذاهب
-إيه! 
-سألها بـ قلق:أنتِ كويسة! 
-أومأت و قالت:أيوة كويسة، المُهم فهمني
-تنهد و قال بـ هدوء و تعجب في الوقت ذاته:والله يا بنتي مش فاهم برضو، بس اللي حصل إن حد من الشركة كلمني و بعتلي فلوس تسوية معاشي… 
إذًا ماذا عن المال الذي أخذته؟ دار هذا السؤال بـ عقلها و لكنها لم تنطق به و أكملت سؤاله 
-متعرفش مين! 
-فكر قليلًا و قال:قالت اسمها إيزيل مش عارف إيه كدا، و قالتلي المُستحقات هستلمها على المغرب كدا و جالي حد من الشركة سلمني الفلوس و مضّاني على الوصل و مشي
-طب مقولتليش ليه إمبارح! 
-أجاب بـ بديهية:أنتِ راجعة تعبانة و نمتِ من غير غدا حتى، و بعدين أديني بقولك أهو… 
صمت يُحدق في وجهها المُرتبك و سألها بـ طريقةٍ مُباشرة
-أنتِ عملتِ حاجة فـ الشركة؟! 
-نظرت إليه بـ ذهول هاتفة:إيه اللي بتقوله دا يا بابا! لأ طبعًا
-سألها:أومال إيه سبب إنك تشتغلي فـ الشركة اللي رفضت تديني فلوس معاشي
-تنهدت و قالت بـ صدق هذه المرة:والله معرفش أنا لاقيت فجأة هيثم بيقولي هشتغل من النهاردة فـ شركتك القديمة… 
صرت على أسنانها و لكنها عادت تبتسم إبتسامة صفراء لم تصل إلى عينها 
-جايز حسوا بـ تأنيب الضمير، خصوصًا إن صاحب الشركة مكنش يعرف إختلاس المُدير المالي… 
حقًا هل تُدافع عن ذلك المُتحرش؟ قضت معه ثلاثين يومًا معه و هذه النتيجة لقد قام بـ غسل دماغها كُليًا، تنهدت كِنانة و نهضت قائلة بـ شبه إبتسامة
-همشي بقى عشان متأخرش مع السلامة 
-ربت على كفها و قال:خلي بالك من نفسك، الطريق السلامة… 
إنحنت كِنانة تُقبل رأسه و رحلت، يجب أن تتحدث مع ذلك المُتحرش و تفهم منه، المال لا يزال والدها لا يعرف عنه شيئًا و ربُما يستغل ذلك. لمصلحتهِ فيما بعد، و هي لن تدع له هذه الفُرصة أبدًا
********************
وصلت إلى الشركة في موعدها و هذه أول مرة تصل بها مُبكرًا، كانت تأتي مُتأخرة مُتعمدة لترى ردة فعله، أولًا كان يغضب، ثانيًا كان يبتسم بـ سُخرية و يقول هادئًا 
“الطريق كان زحمة أكيد” 
تهديد و تعلم أنه يُهددها و لكنها لم تمتثل لأي تهديد و هو لم يكن يُنفذ إلا بـ طريقتهِ الخاصة، ألا و هي إثارة غضبها بـ شتى الطُرق و هو يحصل على إمتياز في طُرقهِ تلك، لقد كانت مُثيرة للإستفزاز حقًا
و مع تقدم الوقت يبدو إنه إعتاد أفعالها فـ لم يعد إثارة غضبه سهلًا، توجهت إلى مكتبها و صادفها في الطريق موظفة تقول و هي تضع بعض الأوراق بـ يدها 
-مستر وقاص مستنيكِ فـ المكتب، و قالي أول ما تيجي تروحي له… 
نظرت كِنانة إلى ساعة معصمها لتجد أنها لم تتأخر حقًا، إذا متى يأتي هو ليحدث ذلك فـ سألتها 
-هو هنا من إمتى؟ 
-أجابت الموظفة:من نص ساعة، و أنا جاية من عشر دقايق فكرني أنتِ بس قالي خليها تجيلي 
-تنهدت كِنانة و قالت:طيب… 
إلتقطت الملفات من الفتاة و إتجهت إلى مكتبهِ، تُرتب سؤالها و كيف ستسأله عن المُستحقات التي أعطاها لوالدها و يعلم أنها أخذتها بـ الفعل، حسنًا سرقتها و تأبى الإعتراف بـ ذلك أمامه لذلك ستُبقيها حقيقةً داخلها
توقفت أمام مكتبها و إلتقطت ملف كان يجب عليه النظر إليه أمس و لكن لم يفعل، فـ وضعت الأوراق داخله ثم إتجهت إلى غُرفة مكتبه و التي لا تبُعد عن مكتبها سوى بـ خطوتين أو ثلاث
دفعت الباب و دلفت كـ عادتها دون طرق و هو إعتاد على أفعالها، في السابق كان يغضب و لكنه يتحكم في غضبه، أما الآن فـ البرود حقًا كان من نصيبهِ و لم يتصنعه 
لم يرفع وقاص نظره عن الأوراق و تركها تُكمل طريقها إليه و قرع حذاءها المُزعج تضرب به الأرض الخشبية عن قصد لتُثير غضبه و لكنه هادئ على غير العادة فـ أثار ذلك غضبها أكثر 
لم تضع الملف المطلوب بل قامت بـ رميهِ فوق يدهِ التي تدون بعض المُلاحظات ثم قالت من بين أسنانها بـ شماتة و تشفي
-الأوراق اللي طلبتها فـ الملف… 
لم يُحرك وقاص ساكنًا بل رفع رأسه إليها و إبتسم بـ إغاظة قائلًا وهو يُحدق بـ عينيها اللامعة بـ خُبث
-شُكرًا آنسة كِنانة بس شايفة دي طريقة تُحطِ بيها الورق لمُديرك؟! 
-عقدت ذراعيها و قالت بـ برود:والله دا نظامي، إتعود
-ضحك وقاص لعنادها و قال:تعرفِ إني مُدير فرفوش و مبزعلش من موظفيني!…
و قبل أن ترد رفع يده بـ قوة و بـ قصد ليسقط الورق أرضًا جواره فـ ذُهلت كِنانة لفعلهِ ثم أردف وقاص بـ إبتسامة مُستفزة 
-وقع غصب عني، ممكن تجيبيه!… 
نفخت بـ ضيق و تقدمت تلتقط الملف و قذفته كما السابق تمامًا و على يدهِ ليعاود الكرة و ظلا على هذا الحال حتى صرخت كِنانة بـ غيظ
-دي اسمها تناحة
-مط وقاص شفتيه و قال:لما تتعلمِ تتعاملي مع مديرك بـ إحترام كويس 
-رفعت حاجبها وقالت:مش لما أكون بحترم مديري من الأساس! 
-قهقه وقاص و قال بـ بساطة:دي أخلاق الحرامية… 
طار الهزل من عينيها و حل محله الجنون لتردف بـ حدة مُستمِدة سلاطة لسانها من الحارة التي تسكن بها 
-سكتناله دخل بـ حماره، أنت ابن ناس و مش عاوزة أغلط فيك… 
نهض وقاص على حين غُرة لتتراجع كِنانة بـ قلق إلا أنه وضع يديه بـ جيبي بِنطاله و هتف بـ إريحية
-عندك حق، أنا فعلًا ابن ناس و مش عارف أجاري عشوائية لسانك… 
ثم إقترب منها بـ خفة و لكنها لم تتحرك من مكانها ليدنو إليها و همس مُتخابثًا و يده تجد مسارها تجاه مُؤخرة عُنقها
-فـ إتلمِ عشان عندي طُرق تانية أقدر أسكتك بيها
-هتفت بـ إنفعال:عشان مش محترم… 
كان رده أنه دفع بـ يدهِ مُؤخرة عُنقها فـ سقطت رأسها على كتفهِ و قيدها قائلًا بـ خطورة 
-للأسف الشديد إتربيت كويس فـ مش عارف أرد بما يليق، ولا إني أتخذ فِعل زي فعلي فـ أول مرة إتقابلنا
-حاولت دفعه قائلة بـ حنق:إتقِ الله عندك إخوات بنات، و بعدين إبعد بقى الروچ هيطبع على قميصك و مراتك هتفكرك بتخونها… 
لم يُبعدها فقط لأن رائحتها ناعمة، طفولية، مُشبعة بـ عنادها، وهو رجل لم يقُرب النساء مُطلقًا في حياتهِ و كانت هي أولى تجاربه، ليبُعد خُصلاتهِا عن جانب وجهها المُواجه له فـ ظهر عُنقها و أُذنها ثم همس بـ خُبثٍ خطير 
-مش متجوز، بس هتجوز، و إحتمال يكون أنتِ… 
إتسعت عينيها و تسارعت ضربات قلبها ثم نظرت إليه بـ صدمة قائلة 
-بتهزر أنت صح! و هزارك سخيف جدًا… 
قهقه وقاص بـ خفة، هت نفسه تفاجأ مما قال و لكنه لن يتراجع الآن بل سيُثير رُعبها أكثر و قال بـ صوتٍ ناعم 
-أنا واحد مفكرش فـ الجواز طول حياته، و أنتِ عجبتيني فـ ليه لأ!… 
يبدو أن الهرة أكلت لسانها حقًا فـ لم تستطع الرد ليُكمل و هو يرفع كتفيه بـ بساطة 
-أنا راجل صريح، و بقولك على مُستقبلك معايا… 
أمسك طرف خُصلاتهِا و رفعها قريبًا من أنفهِ و قال بـ إبتسامة قاتلة، تبًا لرُقيه و إبتسامته تلك التي تجعله أميرًا في القصص الخيالية 
-مش أحسن لما تكون علاقة حرام!… 
الغضب تملكها في تلك اللحظة و سحبت كلامها، هو ليس بـ أمير بل بـ قاطع طريق أحمق يجب أن يُعدم أن يُزَج في السجن، لتصر كِنانة على أسنانها ثم سألت بـ حنق
-هي الست الوالدة عايشة! 
-رفع حاجبه و أجاب بـ دهشة:الحمد لله 
-إبتسمت كِنانة بـ سماجة و قالت:ربنا يحفظهالك يارب، بس إبقى خليها تتعب شوية و تربيك عشان بصراحة هي فشلت تربيك… 
رفع وقاص حاجبه الآخر قبل أن يطلق ضحكة عالية، لم تعرف لِمَ يضحك أو ما الخطأ فيما قالته، هو حقًا قليل الحياء بل مُنعدم الحياء و الأدب و عليه أن يعرف حدوده
تفاجأت بـ يدهِ التي وضعها على وجنتها و همس مُشاكسًا
-شُكرًا على النصيحة، بس أنا متربي كويس
-هتفت بـ إشمئزاز:مش باين
-دافع عن نفسه بـ براءة:لأ دا معاكِ بس… 
شهقت كِنانة و حاولت دفعه بعيدًا عنها و لكنه لم يتحرك فـ صرخت قائلة بـ تهديد 
-إبعد بدل أما أصرخ و ألم عليك الشركة، يجوا يشوفوا مُديرهم بيعمل إيه! 
-أجاب بـ بساطة قاتلة:بتحرش… 
همت بـ الحديث و إطلاق سيلًا من السباب اللاذع، إلا إنه أبتعد فجأة و هي لم تدع فُرصة لتتفاجأ بل فتحت الباب و ركضت خارجه و لن تسأله عما أخبرها والدها به صباحًا، لا تُريد أن تفهم البقاء معه وحدهما وقتًا أطول سيُسبب لها مصائب تشك أنها ستخرج منها، بينما وقاص إتجه إلى النافذة العملاقة و وضع يده على فمه ذاهلًا ثم قال 
-إيه اللي أنا عملته دا!! 
********************
ضرب قُتيبة باب الغُرفة بـ شدة و خرج غاضبًا، تكاد عروقه تنفجر من شدة غضبه و تبعه آدم الذي كان ينتهد بين الحين و الآخر ثم قال بـ هدوء و كأن ثورة صديقه لا شئ 
-يعني بذمتك كُنت متوقع إيه يعني! مفكر بعد خطوبتك ليها هتجري على حضنك و تقولك إتجوزني بكرة!!… 
إستدار إليه قُتيبة بـ جنون و الشرر ينطلق من عينيه و كأنه على وشك حرق الأخضر و اليابس أمامه الآن، ثم إقترب جأر بـ صوتٍ يصُم الآذان
-دا اللي المفروض يحصل، دا مكانها الأساسي، و هما سرقوه مني… 
قَلّبَ آدم عينه، يُريد أن يقسو عليه و لكن حينما آتاه قُتيبة بعد خطبته سعيدًا، مُغتبطًا لم يستطع رد صديقه، بل عانقه و هنأه و تم حل سوء الفهم بينهما و قُتيبة لم يكن ليترك صديقه حزينًا، ليُخرج تنهيدة يظن أنها المائة في الخمسةِ عشر دقيقة الماضية ثم إقترب و جلس جواره على الأريكة 
-يا قُتيبة إفهم، سواء مكانها الأصلي أو لأ، كيان مُعتبرة إنك هددتها عشان تتجوزوا، عايزها تنسى يعني و تجري عليك! 
-هز قُتيبة ساقه و قال بـ عُنف:بقالي شهر مشوفتهاش، ولا حتى بترد عليا
-زفر آدم و قال:يا بني هو أنا بتكلم هندي! إسمع اللي قولته و ترجمه… 
فتح قُتيبة فمه ينوي الحديث و لكنه عاد يغلقه، لا يجد شئ يستطيع به التعبير عما يشعر به، إنها النيران التي تأكله، مزيج من نيران حارة تشتعل بـ رأسه عندما ينظر إلى يدهِ فـ يجد حلقتها تُزين يده و ثلوج باردة تُجمِد قلبه و هي تأبى حتى أن تُسمعه صوتها
كم مرة ذهب أسفل منزلها يُريد فقط رؤيتها و يُشبع طوفان شوقه لها و لكنها حتى تستكثر عليه أن يلمح طيفها فـ لا إقتربت من النافذة أو خرجت إلى الشُرفة، كان يعود كُل ليلة يائسًا و لكنه يستيقظ يُجدد الأمل بـ أنه سيراها اليوم حتمًا و يموت الأمل حينما سعود خائب الرجا
غبية و لا تفهم توابع ما تفعله معه، إنه يخشى عليها من نفسهِ و مما سيفعله حينما تكون معه وحدهما، لن يكذب و إن قال أنها دخلت عرين أسد لن يخرج حتى يلتهمها حتى يتخم و تلك الحمقاء تجعل جوعه لها يتفاقم بـ شراهة حتى أصبح يخاف من نفسه حقًا
سمع صوت آدم يرن جواره و هو يسأله
-طب حوراء مش بتكلمك! 
-زاد جنونه و صرخ:و لا هي كمان، شكل الـ*** اللي اسمه عُميّر مانعهم
-قُتيبة دا الطبيعي و لو كان حصل عكس دا يبقى تفهم إن فيه حاجة غلط… 
زفر قُتيبة و زادت حركات ساقه عصبية ثم هتف و كأنه يُحدث نفسه 
-أنا إشتريت الشقة اللي كانت عاوزاها، بعيد عن المنطقة، كُنت عاوزاها تشوفها، ليه بتعمل كدا!… 
رُغمًا عن آدم ضربت الشفقة قلبه على صديقهِ، حُبه مُؤذي بـ طريقة مُخيفة و يخشى أن يهلك يومًا ما بسببه، و لكن يوم تحدث مع كيان و أخبرها إن لم تستطع إعطاءه العائلة فـ يجب أن تتركه و شأنه، و وافقت هي و حينها فقط تأكد أن كيان لا تستطع العيش دونه هي الأُخرى، و أن براعم الأمل نبتت سريعًا و ستغدوا الأزهار رائعة الجمال مع فقط القليل من الصبر و هذا ما يجب أن يتحلى به قُتيبة 
فـ ربت على ساق قُتيبة ثم قال و هو ينهض 
-قوم روح معادك يا قُتيبة و إثبت نفسك، و فكر فـ مُستقبلك شوية
-غمغم بـ تجهم خَشِن:مش رايح
-هنا إنفجر آدم غضبًا:و بعدين بقى! هتصرف على نفسك إزاي يا باشا و أنت سايب الشُغل! و لا هتفتح بيت إزاي فهمني! هتسيبها تصرف عليك!… 
نهض قُتيبة و أمسك بـ تلابيب آدم و هدر بـ نبرةٍ عنيفة 
-خُد بالك من كلامك يا آدم
-نفض يده بعيدًا عنه و قال:و هو أنا مش بقول كدا عشان مصلحتك! فوق يا قُتيبة متخليش حُبك ينهي حياتك كُلها… 
لا ذنب لآدم فيما يحدث بـ حياتهِ و لا يجب أن يُخرج إحباطه و غضبه عليه، فـ مسح على وجههِ و هتف بـ صوتٍ مُتجهم
-معاك حق، متزعلش أنا بس عصبي الأيام دي
-رد عليه آدم بـ هدوء:أنا مش زعلان منك يا قُتيبة، أنا زعلان عليك… 
حك قُتيبة جبينه و رفع يده إلى رأسه و لم يتحدث، فـ زفر آدم و إقترب منه رابتًا على كتفهِ و قال 
-يلا يا قُتيبة، خُش إلبس و هوصلك بـ المكنة
-مفيش داعي، هروح لوحدي، محتاج أفكر لوحدي شوية… 
أومأ آدم و تحرك ليرحل من شقة صديقه و لكنه إستدار و سأله بـ عقدة حاجب
-صحيح أومال الست رجاء فين! 
-ضحك قُتيبة ساخرًا و قال:سيبالي البيت
-لم يحتج ليسأل لماذا فـ قال:دا عشان خطبت كيان!… 
إستدار قُتيبة و نزع كنزته البيتية  و إلتقط قميصه الذي جهزه آدم في وقتٍ سابق و أجاب بـ صوتٍ أجوف
-مفكرة لما تعمل كدا هرجع فـ كلامي، بتضغط عليا يعني 
-قُتيبة دي أُمك برضو، اللي بتعمله مش صح
-إستدار إليه و هدر بـ شراسة:هي اللي مش عايزة تفهم، و بتعمل مشاكل من غير لازمة… 
همَّ آدم بـ الحديث و لكنه صُعق حينما هدر قُتيبة بـ نبرةٍ أكثر شراسة و غضبٍ أسود 
-ما هي الوحيدة اللي عارفة جوزها عمل إيه، ليه مُصممة تطلعه غلبان و هي اللي مُذنبة!… 
لم يجد آدم ما يقوله، هُنا و يعجز عن الحديث أو الدفاع عن أيٍ منهما، و لكنه قال في محاولة أخيرة 
-جوزها يا قُتيبة… 
ضحك قُتيبة ضحكة سوداء مُرعبة جعلت آدم يجفل ثم هتف و هو يُغلق أزرار قميصه الأسود 
-جوزها! قصدك عبدة، فـ حياتي مشوفتوش عاملها و كأنها مراته، فـ حياتي مشوفتوش بني آدم أصلًا، و حتى تشبيه الحيوانات خُسارة… 
و كان على آدم أم يصُمت أمام ماضيه الأسود، في السجن عندما تحدث مع آدم و أخبره بـ جريمته، لم يرَ ذرة من الندم أو الحُزن و كان هذا يُرعبه كثيرًا، و رُعبه إختفى تمامًا حينما سمع حكايته كُلها، و الآن لا يستطيع إلا أن يشفق على قُتيبة 
إختفت كُل عبارات المواساة و تبقى دعم خفي تمثل في إبتسامة مُحملة بـ المرارة، ليربت على ذراعه و قال 
-يلا عشان متتأخرش… 
أومأ قُتيبة صامتًا ثم قال بعد. فترة و هما يرحلان من الشقة بـ صوتٍ فاتر، لا يحمل أي مشاعر تنتمي إلى عالم البشر 
-أنا محكتلكش عشان تُبصلي كُل شوية بـ شفقة، أنا حكيتلك عشان لو مكنتش حكيت، كُنت مُت… 
********************
توقفت أمام المقهى و ترددت كثيرًا في الدلوف و لكنها حسمت أمرها و دلفت، نظرت حولها كان المقهى كما المُعتاد تمامًا، و كأن صاحبه لم يرتكب شيئًا أو أن الجميع فضل النسيان 
في أثناء نظرها في الأرجاء وقف أمامها ظل أحجم عنها الضوء، فـ شهقت حوراء و نظرت إلى صاحب الظل لتجده ذلك الأشقر الذي يبتسم بـ حلاوة فـ إبتسمت و قالت بـ رقة 
-إزيك يا نوح! 
-إتسعت إبتسامته الجميلة و قال:كويس إنك منستيش اسمي، فكرت بعد المُدة دي هتنسيني
-أصابها الحرج و قالت بـ إرتباك:معلش يا نوح أكيد عرفت الظروف… 
نظر حوله يبحث عن طاولة فارغة و قد وجدها، جوار أحد النوافذ التي تطل على الشارع المُزدحم ثم إليها و تسائل 
-تعالي إقعدي الأول، بتدوري على أُستاذ عُميّر!… 
تحركت معه إلى الطاولة حيثُ أشار ثم جلست و قالت 
-حاجة زي كدا، المُهم متزعلش مني
-إبتسم و قال:مش زعلان
-إبتسمت بـ إتساع وقالت:طب إقعد واقف ليه!… 
عاود النظر حوله يبحث عما إذا كان أحد يطلبه و لكنه لم يجد فـ نظر إليها و قال بـ جدية 
-مينفعش أقعد و أنا فـ الشُغل، كُنت حابب أطمن عليكِ مش أكتر
-أنا كويسة متقلقش… 
كان سعيدًا جدًا لأنه رآها بعد مرور أكثر من شهر دون حديث أو رؤيتها، و كذلك بسبب ما حدث و تناقله الجميع هما فعله عُميّر كان من الصعب رؤيتها أو الحديث معها، كان يُريد رؤيتها بـ شدة و يُريد أن يوقف هذا الإحساس قبل أن يتفاقم و يأخذه إلى طريق سيجعله تائهًا، إلا أنه لا يستطيع، إنه مُتعطش إلى تلك المشاعر الرقيقة التي غادرته ما أن غادر بلده
عاد إلى أرض الواقع عندما مدت حوراء يدها بـ هاتفها و قالت بـ نبرةٍ ناعمة 
-أكتب رقمك عشان نبقى نتكلم، لو فرضًا حصل حاجة و معرفناش نتقابل… 
نبض قلبه سريعًا و تثلجت أطرافه و لكنه أومأ و أخذ الهاتف، و سَجَلَ رقمه بـ اسم “نوح سويدان” لتقطب حوراء جبينها و تسائلت بـ شك 
-أنت مش مصري صح! 
-قهقه نوح و قد توقع ذلك:عشان الاسم! لأ يا ستي أنا مصري 
-زادت عُقدة حاجبيها و قالت:بس اسمك غريب، حتى ملامحك 
-تنهد و قال بـ الإبتسامة ذاتها:والدتي أصلها تُركي، و كُنت عايش فـ تُركيا و جيت مصر من فترة… 
وجد النجوم تتلألأ في عينيها لسماع قصته فـ قهقه من جديد و لكنه قال وهو يبتعد 
-هناديلك الأستاذ عُميّر 
-هتفت بـ إحباط:بس أنا عاوزة أعرف أكتر عنك…
على الرغم من بساطة العبارة إلا أنه أصبح سعيدًا لذلك الفضول أو ربُما الإهتمام لسماع قصته فـ هتف بـ إبتسامة أكثر من رائعة 
-عشان يبقى فيه سبب نتقابل المرة الجاية، و هحيلك… 
كان وعد لنفسه قبل أن يكون لها، لتتنهد حوراء بـ قلة حيلة و أومأت مُبتسمة ثم رحل نوح و ظلت هي جالسة، نظرت إلى الطريق و المارة الجميع يمتلك قصة عاداها، هي لا تملك الكثير من الأساس، فقط قصة تافهة عن حُبها الأول في الصف الأول الابتدائي و باءت بـ الفشل في أول إعترافٍ لها 
بينما تشعر أن كيان و قُتيبة يمتلكان الكثير من القصص و الحكايات التي تتوق لسماعها، بعد خطبتها لم تخرج أبدًا و عُميّر جعلها تُقسم ألا تتواصل مع قُتيبة و كذلك منعها من الخروج إلا في أضيق الحدود، و هذا منطقي نظرًا لما يحدث و لا أحد يعرف كيف يُفكر قُتيبة 
و لكن الهدوء الذي إستمر شهر لن يستمر إلى الأبد، و هي تعرف تلك جيدًا
سمعت صوت مقعد يُسحب و أحدهم يجلس أمامها فـ أول ما رأته كان وجه عُميّر المُتجهم و سؤال خرج بـ نبرةٍ غليظة رُغمًا عنه
-خرجتِ ليه؟ 
-مطت شفتيها و قالت بـ قنوط:دا بدل ما ترحب بيا
-هتف عُميّر بـ إجهاد:حوراء عشان خاطري مش قادر
-زاد عبوسها و لكنها أجابت:كُنت بجيب دوايا خُلص… 
نظر إلى العلبة التي تتلاعب بها بين يديها ثم إليها و غمغم بـ خشونة و تجهمه زاد
-طب و مقولتليش ليه أجيب و أنا راجع! 
-قالت بـ نفاذ صبر:يا سيدي عايزة أغير جو، أنا مش محبوسة يا عُميّر… 
فتح عُميّر فمه ليقول شيئًا ما و لكن حوراء منعته قائلة و هي تُكمل 
-لو خايف إني أروح لقُتيبة و أكلمه من وراك، فـ متقلقش و متشكش أنا وعدتك و مش هرجع فـ وعدي، كُنت عملتها قبل شهر… 
أحس عُميّر بـ الحرج قليلًا و فرك أنفه ثم قال بـ توضيح و كأنه ينفي عنه تُهمةً شديدة الخطورة 
-مقصدش على فكرة، أنا واثق فيكِ، بس هو اللي مش واثق فيه و مش ضامن مُمكن يهددك بـ إيه
-تضايقت لإتهامه فـ قالت:على فكرة قُتيبة مش كدا، هو يمكن همجي حبتين بس لا يُمكن يعمل حاجة تأذيني أو تأذي كيان… 
و أصابه الضيق هو أيضًا لدفاعها عنه و أراد أن يصرخ بـ وجهها و لكنه في المقهى، لذلك إستعاد هدوءه الداخلي و قال بـ نبرةٍ صلبة و ساخرة جدًا
-و اللي عمله عشان يُخطب كيان! 
-دافعت مُجيبة:عشان بيحبها، و مكنش فـ نيته الأذية… 
كان ينوي ضربها، صدقًا كان ينوي رفع كفه و ضرب رأسها علها تفيق مما تقول و لكنه أمسك ساقه حتى لا يفقد أعصابه، ثم نهض فجأة ز قال بـ إقتضاب قاسي
-من رأيي تروحي أحسن، أنا مش فاضي… 
شهقت لطرده لها و أصابها الحُزن و الغضب معًا، لتنهض قائلة بـ حدة ساحبة عُلبة دواءها
-أنا اللي غلطانة عشان جاية أطمن عليك، سلام… 
راقب عُميّر رحيلها بـ غضب و ضيق ليرفع رأسه واضعًا يده بـ خصره و أخرج تنهيدة مُتعبة ثم إستدار و رحل و لم يعِ لعيني آخر زرقاء تُتابع ما يحدث بـ تعابير مُبهمة
********************
-أنا اللي أستاهل ضرب الجزمة عشان فكرت أطمن عليه… 
في أثناء طريق عودتها الغاضبة، كانت تُؤنب نفسها على ذهابها إليه، من الأساس لم يكن عليها ذلك و لكنها غبية و حمقاء، فـ أكملت تبرمها و هي تركل الحصى
-يعني حبسني فـ البيت زي القُطة و هو ملوش سُلطة عليا، لأ و كمان بيطردني البجح… 
كانت عبارتها الأخيرة الشرارة الأقوى لإطلاق حنقها فـ صرخت بـ صوتٍ مكتوم و لم تأبه لنظرات العمارة حولها التي تنظر إليها بـ تعجب أو أنها فقدت عقلها، ثم ركلت حصى أكبر فـ إصطدمت بـ ساق رجلٍ من الخلف، لتشهق حوراء و إرتبكت
حاولت الإختباء و لكن الرجل كان إستدار بـ الفعل ثم نظر إليها بـ غضبٍ لتتسع عينيها قائلة بـ توتر
-والله آسفة مكنش قصدي… 
إقترب الرجل منها فـ تراجعت إلا أنه هدر بـ صوتٍ تجمع على إثره المارة 
-أعمل إيه بـ أسفك يا بت أنتِ! 
-هربت الدماء من وجهها و قالت:كُنت متعصبة و مخدتش بالي
-هدر الرجل:و أنا مالي… 
تراجعت حوراء خطوة و قالت بـ قلق واضعة يدها على صدرها الخافق بـ عُنف تخشى هروب قلبها من شدة نبضاته
-طب، طب قولي اعوضك إزاي!… 
أمسك الرجل بـ يد حوراء فـ شهقت صارخة بـ ألم و سقطت العُلبة من يدها، طفرت العبرات من عينيها و حاولت نزع يده قائلة 
-سيب إيدي لو سمحت
-هتف الرجل بـ صوتٍ عال:مش أنتِ عايزة تعوضيني! أنا هقولك إزاي… 
كاد أن يسحبها خلفه و لكنه وجد قوة جبارة تمنعه، و كأن تلك الفتاة الهشة أُستبدلت بـ صخرة صلبة، إستدار ينوي الصراخ و لكنه تفاجأ بـ صوتٍ رجولي شرس، مُخيف بـ غلظة تخرج في تلك المواقف 
-طب ما أقولك أنا أعوضك إزاي… 
تفاجأ الرجل بـ ذلك الضخم الذي يبدو من هيئته أنه مُجرم سابق على الرغم من ثيابهِ الشبه مُنمقة، و لكن ملامحه كان سوداء خطيرة فـ تراجع الرجل و هرب دوم حديث 
كان قُتيبة عائدًا من لقاءهِ مع أرسلان الهاشمي و في طريقه، وجد ذلك التجمع كان ينوي التجاهل و لكنه رأي من بينهم حوراء و التي كانت مركز التجمع، فـ إقترب ليرى ما حدث و وجد ذلك الرجل و نيته تضح على وجههِ، و للغرابة لم ينطلق أحد من بينهم للمساعدة 
أمسك بـ يد حوراء التي كانت شبه ميتة و ما أن رأته حتى إستعادت أنفاسها، ثم حدق قُتيبة في إثره قبل أن ينحني و يلتقط عُلبة الدواء و يمدها إليها قائلًا بـ نبرةٍ خالية من المشاعر 
-علبة دواكِ… 
إلتقطها حوراء بـ إرتباك ثم إحتضنت بها نفسها و كأنها تحميها ثم قالت بـ تلعثم
-شُـ شُكرًا… 
نظر إلى معصمها الذي تُرك عليه أثر قبضة الرجل فـ أطلق سبة بذيئة جعلت حوراء تصدم و تسأله بـ براءة 
-يعني إيه! إيه اللي قولته دا!… 
نظر إليه و كأنه نسى هويتها، إنها بسكويتة عاشت في أكثر المُجتمعات رُقيًا و بـ الطبع كيف لها أن تسمع هذه النوعية من الألفاظ النابية و السباب البذئ؟ 
مسح على وجههِ ثم أشار لها لتتحرك قائلًا بـ نبرةٍ جوفاء، قاسية 
-قُدامي 
-همست بـ إرتباك:هـ هعرف أروح 
-هدر من بين أسنانهِ:يلا
-حاضر… 
لم تستطع الإعتراض فـ سارت أمامه و هو خلفها، شعرت بـ نظراته الحارقة تحرق ظهرها فـ توقفت و توقف هو قبل أن تستدير و تقول دون أي مُقدمات
-والله خلاني أحلف مكلمش… 
نظر إليها بـ نظرات مُبهمة و فارغة تمامًا قبل أن يضع يديه في جيبي بِنطاله الجينز ثم هتف و هو يرفع كتفيه بـ بساطة 
-مسألتش أصلًا
-تفاجأت من رد فعله فـ غمغمت:حبيت أوضحلك بس… 
عاودت السير و هو كذلك و تباطئت خطواتها حتى لحق بها و سارت جواره في صمت أشبه بـ طريقة سريعة لسحب الهواء الصالح للتنفس و التسبب بـ الإختناق
-مضربتيهوش ليه بـ رجلك!… 
إنتفضت على حديثهِ الذي خرج من العدم بـ صوتٍ قاسي و تعابير أكثر قسوة دون النظر إليها، فـ قالت بـ تردد
-خوفت، و مكنتش عارفة أتصرف 
-تنهد و قال:المرة الجاية صوتي، الناس هتعرف إنه هيعمل فيكِ حاجة إنما سكوتك عرفهم إنك غلطانة 
-ردت بـ براءة:بس انت كُنت فعلًا غلطانة… 
نظر إليها قُتيبة نظرة كادت تُرديها قتيلة فـ حمحمت و نظرت إلى الأمام و أكملت سيرها في صمت، حتى قررت الحديث بعد تردد دام لحظات 
-كيان مش كويسة يا قُتيبة، و غصب عنها إنها مش بتكلمك… 
شعرت به يتوقف لتتوقف هي الأُخرى ثم نظرت إليه لتجد عضلات فكه مُتشنجة، حتى أنها سمعت صوت صرير أسنانه، لتُكمل و هي تقترب منه 
-جدها و عُميّر مانعينها من كُل حاجة، و أنا مش بدخلها كتير عشان مفكرين إني تخليها تكلمك… 
ظل قُتيبة صامتًا فـ تنهدت حوراء بـ إحباط و بدأت في سيرها و لكن فجأة قبض قُتيبة على يدها و جذبها إلى زُقاق بعيدًا عن أعين الناس، لتشهق بـ فزع و لكنه كمم فمها 
دفعها إلى الحائط و إقترب منها، كانت عينيها مُتسعتين بـ شكل مُرعب أحست كما لو أنها لم تعرف قُتيبة في هذه اللحظة، و صوت سقوط العُلبة من جديد هو الذي يصدح مُتغلبًا على الصمت المُخيف
وجدت قُتيبة ينحني و أغمضت عينيها ظنًا أنه سيفعل شيئًا و لكنه وضع جبهته على الحائط الصلب ورائها و يديه حول رأسها تتكئ على الحائط تحمل جسده بـ ألا يسقط عليها أو يلمسها و همس بـ إجهاد كبير 
-عايز أشوفها… 
صوت ضربات قلبها الذي كان يصُم أُذنيها هدأ و تحول الصمت المُخيف إلى آخر مُعبق بـ الشفقة و هي تسمع نبرته تلك فـ همست و هي تتكئ بـ رأسها إلى الحائط من الخلف
-أنا صاحبة مرض مش حمل خضات من دي… 
لم يبدُ بـ أنه سمعها و لكنها إبتسمت و قالت بـ رقة و حنو و كأنها تُحادث طفل صغير 
-حاضر، هساعدك تشوفها، بس موعدكش… 
رفع بصره و نظر إليها بـ لهفة، كانت نظرة تائه في صحراء، يشعر بـ العطش الشديد و أخيرًا وجد قطرة ماء، قطرة فقط تُجدد الأمل داخله و تُخبره أنه سيعثر على واحته قريبًا، فـ إبتسمت حوراء بـ إتساع و أردفت مُكملة 
-و هخلف وعدي معاه
-حورااااااء!!!…
يتبع…… 
لقراءة الفصل الرابع عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى