روايات

رواية وسام الفؤاد الفصل السابع والعشرون 27 بقلم آية السيد

رواية وسام الفؤاد الفصل السابع والعشرون 27 بقلم آية السيد

رواية وسام الفؤاد الجزء السابع والعشرون

رواية وسام الفؤاد البارت السابع والعشرون

رواية وسام الفؤاد الحلقة السابعة والعشرون

المرء إن كان عاقلًا ورعًا
أشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيم أشغله
عن وجع الناس كلهم وجعه
“الإمام الشافعي”
صلوا على خير الأنام❤️
✨✨✨✨✨✨
“ما أنا مش هسيبك تروحي من إيدي زي ما رحيل راحت من ايد أخويا!!!”
“سيب ايدي يا عامر”
قالتها بنبرة حادة وهي تحاول انتزاع ساعدها من قبضته وهو يجرها جرًا نحو تلك العربة ذات الثلاث عجلات “التوكتوك” وهي تصيح دون توقف:
“بقولك سيب ايدي إنت مبتفهمش”
التقط بصرها سائق التوكتوك الذي طلما ما كان يطاردها هي وأختها دومًا، لم يكن عامر في وعيه على الإطلاق بل كان مغيبًا، عيناه الدمويتان وجفونه المتهدله تجعل أيًا من ينظر إلي يُجزم بأن هذا الشخص قد احتسى مخدرًا ما لتوه! هدرت به كثيرًا لكنه كان يسحبها غير آبه لصياحها ورجائها حاولت استجماع أنفاسها الاهثة والسيطرة على مشاعر الخوف الذي كاد أن تدك قلبها، لا لن تصرخ كالضعفاء هي ليست ضعيفة وتستطيع المدافعة عن نفسها، أجل! هي تستطيع المواجهة؛ طمئنت نفسها بتلك الكلمات، رفعت البيشة عن مقلتيها لتستطيع الرؤية جيدًا وثبتت قدميها أرضًا بقـ وة، حاول عامر جذبها مجددًا ولكنها ألصقت قدميها بالأرض زم شفتيه وأخذ يحاول جذبها وهي تحاول الرجوع للخلف التفت يُطالعها بأعين تشع غضبًا، كان يقف قبالتها تفصلهم فقط مسافة ذراعها الممدود بينهما! عقلها بخبرها أن تلكمه بيدها الأخرى أو تحاول انتزاع يدها منه بكامل قـ.وتها لكنها لم تفعل كذلك! بل رفعت إحدى قدميها وركلته بمنتصف بطنه، فترك عامر يدها وعاد للخلف متأوهًا وعاقدًا ذراعيه أمام بطنه، قالت سديل بنبرة حادة ولاهثة:
“انتوا مينفعش معاكم غير العنـ ف”
التفتت حولها تُطالع الناس الذين يرمقونها بتعجب ممزوج بالإعجاب، لم ييأس عامر ودنا منها ليمسك ذراعها بقـ وة وقبل أن يتدخل أحد الموجودين قبضت كفها الأخر ولكـ منه بوجهه، فترك ذراعها ووقف يلمس فكه متأوهًا فقالت بسخرية:
دنت منه مرة أخرى وركلته بقدمها مرة أخرى فاىتطم بالأرض اعتدلت واقفة وهندمت ثيابها قائلة بسخرية:
-“ابقى سلملي بقا على أبوك”
ولت ظهرها لتنصرف وكأنها لم تفعل شيئًا، فارتجل الشاب “حوكش” من التوكتوك وأطلق ضحكات ساخرة وهو يساعد عامر لينهض عن الأرض ويُطالع سديل التي تُسرع خطاها مغادرة قائلًا:
-قوم يا عامر شكلك بقا وحش قدام البنات!
صرخ عامر بغضب وهو ينظر لأثر سديل قائلًا بتوعد:
-ماشي يا بنت عمي!!!
بقلم: آيه السيد شاكر
*******
لم تنتبه أن عينها باتت ظاهرة وأخذت تبكي وتشهق اختارت مكان يكثر فيه المارة من الناس خوفًا من أن يعترض ذاك البغيض طريقها مرة أخرى، جلست على مقعد صخري على الرصيف، صدع هاتفها بالرنين برقم أختها وجاهدت لتُخرج صوتها طبيعيًا فلا تريد إخافتها، وعندما سألتها عن صوتها الحزين قالت:
“أصلي محلتش كويس في الامتحان”
أغلقت مع أختها ليضيء هاتفها مجددًا برقم أحمد فأخبرته بمكانها ووقفت تنتظره.
كان الناس يرمقونها بتعجب ويمرون جوارها وهي تشهق بالبكاء، حاولت كبح شهقاتها ودموعها محدثة نفسها لا لن أبكي أمامه هيا سديل هيا اكبحي دموعكِ فأنت قوية، نعم! قوية، يكفي بُكاء لا يجب أن يرى حالتك تلك! توقفي أيتها الدموع يكفي عويل فارغ! وأخيرًا كبحت دموعها في محاولة واهية للتماسك قبالته، تنفست بعمق وهي تراه يقبل نحوها حتى وقف أمامها وقال:
“مستنتيش قدام المدرسه ليه؟”
“أصل أنا….”
تلجم لسانها بالطبع لن تخبره عما حدث ولن تخبر أحد، دقق النظر لعينيها فمازال بهما أثر الدموع، سألها بلهفة:
“إنتِ باين في عنيكِ الدموع الإمتحان كان صعب ولا ايه؟”
وكأنه ضغط زر بكائها فارتفع صوت نحيبها لم تستطع التمالك عن أي امتحان يسألها هل امتحان دراستها أم امتحانها الأصعب وهو الدنيا! وابتلائها وهو عمها وأبناءه ارتفعت شهقاتها، حاولت اشاحت وجهها بعيدًا عنه منهارة تمامًا بالبكاء.
جلس أحمد جوارها مكبل اليدين لا يستطيع الاقتراب منها ولا يستطيع تركها، ولا يريد منعها من إفراغ حزنها بالبكاء علها ترتاح وتهدأ قال بنبرة شجية:
-معلش إنت عملتِ إلي عليكِ احمدي ربنا يا سديل وركزي في الي جاي
أخرج من جيبه منديلًا وقال بمزاح:
-خدي أنا عامل حسابي وجايب مناديل لزوم الدموع وكده أصل أنا عارف البنات بيحبوا يعيطوا كتير
ابتسمت من خلف دموعها وأخءت المنديل من يده لتجفف دموعها محاولة التماسك، أردف بنبرة جادة:
-أنا عايزك تقولي ورايا يلا “حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم”
رددت وراءه بصوت متحشرج وظلت يرددها وهي تردد وراءه ٧ مرات حتى هدأت واستقر صوتها، قالت بنبرة هادئة:
-تمام… أنا هديت خلاص يلا نمشي أنا عايزه أنام
حاول معها كثيرًا لتغير رأيها وتتغدى معه لكنها تريد الذهاب للبيت لإفراغ شحنة غضبها بطريقتها المعتادة…
استغفروا❤️🌹
__________________________
“لأ يا جوري مش كده اسمعيها مني الأول كامله كده وبعدين هنرددها سوا”
قالتها هبه وهي تُجلي الأواني وچوري تجلس على طاولة المطبخ تتلو سورة «التين» لكنها تخطئ بأحكام التجويد، أخذت هبه تردد الآيات بصوت نديّ ومؤثر.
من ناحية أخرى فتح آصف الباب بهدوء كان يحمل بيده المثلجات والمسليات، وحين سمعها حرص على التزام الهدوء ليستمع للمزيد خلع حذائه وضغط شفتيه معًا وهو يتسلل على أطراف أصابعه حتى وقف أمام المطبخ وتوارى خلف الجدار ليتثنى له سماعها، وقف يبتسم بفخر فقد رزقه الله بزوجة صالحة تستحق العناء وتستحق الحب، وبعد أن رددت السورة مرتين، قالت:
-يلا بقا نردد مع بعض يا چوري… قولي ورايا كده… والتين والزيتون
وقبل أن تنطق چوري دلف آصف للمطبخ مبتسمًا، فقالت چوري بسعادة: بابا
جحظت عيني هبه حين رأته وتسارعت دقات قلبها، وهو يضم چوري ناظرًا لعبه التي تطأطأ ىأسها لأسفل فلم تكن تريده أن يسمع صوتها أبدًا ما حيت! تذكرت ذاك اليوم حين أرسلت لآيمن مقطع صوتي لها وهي تغني إحدى الأغاني الرومانسية فاستهزأ بها وبصوتها ومذ ذلك الوقت وهي لم تغني أو تُظهر صوتها أمام أحد حتى عائلتها! وضع آصف الأكياس على الطاولة أخرج المثلجات لچوري وأرسلها للخارج ثم نظر لهبه وقال بحب:
-إيه الجمال والحلاوة دي! معقوله بقالنا كتير متجوزين ومعرفش إن صوتك حلو أوي كده.. بجد اللهم بارك
-بطل مبالغه
قال من خلف ضحكاته:
-لأ بصراحه ليك حق تتريقي على صوتي بالجمال ده
هزت رأسها قائلة:
-كداب قوي وبكاش وبتبالغ أنا صوتي عادي خالص
همت أن تغادر المطبخ فجذبها من يدها نظرت لوجهه بتبرم، فغمز لها قائلًا بمكر:
-طيب مش حافظه حاجه رومانسي كده تبل ريقي
نظر لبؤلؤ عينيها بعمق وغنى بصوته الذي عهدناه، قائلًا:
“بتحبني ولا الهوى عمره ما زارك بتحبني ولا انكتب على القب نـ ارك”
حدقت بملامحه ونظراته التي تُخبر عن مدى حبه لها.
قد يكون هو الوقت المناسب لتنطق بتلك الكلمة الثقيلة على لسانها ثقل الصخر على الصدر، هو زوجها يحق له أن يسمع تعابير الحب وكلمات الغزل من بين شفتيها، إلى متى سينتظر وإلى متى ستهرب منه؟! تحاشت النظر لعينيه وأطرقت رأسها لأسفل قائلة بخفوت:
-بحبك
وكأنه كان يفهم ما يمور بجعبتها، انغرجت شفتيه بابتسامة باهتة، قبل رأسها وضمها لصدره هامسًا جوار أذنها:
-أنا فاهم يا برتقالي إنك لسه خايفه مني وأتمنى أقدر أطمنك في يوم من الأيام… ولحد ما يجي اليوم ده متتعبيش نفسك
تركها وسار خطوتين ليخرج من المطبخ ثم استدار مرة أخرى وقال بابتسامة وبثقة:
-اتأكدي إن هيجي اليوم إلي ترفعي عينك وتبصي في عيني وتقوليلي بحبك يا أحمر من غير ما أحس بنبرة الخوف إلي بتحاولي تخفيها
ابتسم بجاذبية وأردف: أصل جوزك بقا بارع في لغة العيون وخصوصًا عنيكي
ابتسمت بخجل ووقفت تُحدق به وبابتسامته حتى غاب عن نظرها وخرج من المطبخ! تجمعت غمامة الحزن فوق رأسها، فهو يستحق كامل الحب لكنها لا تستطيع تفسير مشاعرها نحوه أو كما قال هي تخاف! كم هي حمقاء ممَ تخاف!!
“لا شك أن الخوف من أقرب إنسان لقلبك وروحك هو شعور يستحق السحق”
آيه شاكر
_____________________
دخلت فرح لشقتها وتبعها يوسف الذي أمسكها من ذراعها ونظر لعمق عينيها قائلًا بحنان:
-متعرفيش أنا قلقت عليكِ ازاي لما وقعتِ…
ضمها بحب وأردف:
-الحمد لله إنك بخير يا حبيبتي
خرجت من بين ذراعيه كانت ملامحها جامدة ولم يلحظها، طالعته وهو يضع مفاتيحه وحاويته جانبًا متسائلة ألتلك الدرجة يحبها ويخاف عليها! نظر لها مبتسمًا وقال:
-واقفه كده ليه يا حبيبي يلا ادخلي غيري هدومك؟
لم تحرك ساكنًا سوى أنها أغلقت جفونها بحسرة وقالت بجمود:
-طلقني يا يوسف أنا مستاهلش حبك ده
التفت لها عاقدًا حاجبية بتزمر ودنا منها:
-أهلًا! هو إحنا بدأنا فقرة النكد اليومي؟!
تلاشت النظر لوجهه وقالت بجمود:
-أنا… أنا عايزه أطلق لو سمحت
ضحك بخفوت واستدار ليدخل غرفته وهو يقول بسخرية:
-طيب ماشي هناكل ونبقا نشوف الحوار ده!
هز رأسه باستنكار وولج لغرفته.
وقفت فرح تتذكر ما قاله أسامه، أخذت تتحسس بطنها إذًا هل هذا الطفل القابع بأحشائها من الحرام؟! نفضت الأفكار من رأسها وهي تقول بهمس:
-أنا عمري ما كنت خاينة… لا عمري ما كنت خاينة
انهمرت الدموع فوق صفحة وجهها المتجهم وازداد نحيبها، ضـ ربت جبهتها بكفها بعـ نف قائلة بإنهـ يار وبنبرة مرتفعة:
-أنا عايزه أفتكر بقا… عايزه أفتكر..
وعند تذكُرها لكلام أسامه وأنها كانت تخون زوجها معه قبل أن تفقد ذاكرتها هزت رأسها بقـ وة وأردفت:
-لأ مش عايزه أفتكر… مش عايزه
وباندفاع خرجت من شقتها وصكت الباب خلفها بعنـ ف نزلت درجتين من السلم ثم جلست عليه مرددة بانكسار وبنبرة مرتعشة متقطعة من شـ دة البكاء:
– طلقني بقا يا يوسف… طلقني… طلقني أنا مستاهلش حبك ده
خرج من غرفته ركضًا أثر إغلاقها للباب فلم تكن تمزح أو تتدلل كعادتها بل كانت جدية لأقصى حد! ارتكز على ركبتيه أمامها متأملًا ملامحها فلأول مرةٍ يراها بمثل تلك الحالة! وبنبرة هادئة قال يوسف بقلق ولهفة:
-فيه ايه يا فرح؟!
نظرت له بأعين منكسرة وقالت ببكاء:
-والله عمري ما كنت خاينه يا يوسف… لو سمحت طلقني وريحني
قال بلهفة أشد من زي قبل:
-في ايه يا فرح أنا مش فاهم حاجه! مالك؟!!
-فيه إني عايزه أطلق… طلقنـــــــي
رفع يوسف حاجبية عاقدًا جبهته وقال بتعجب:
-فجأه كده عايزه تطلقي!!!
جذبها من ذراعها يحثها على النهوض وهو يقول:
-قومي بس معايا نكمل كلام في شقتنا
نهضت وقالت بدموع:
-أنا مش داخله الشقه دي تاني أنا عايزه أطلق
زفر بقـ.وة وقال بضجر:
-الله يهديكِ يا فرح
فكر لبرهة فهو يعرفها ويعلم مدى عنادها لم بُجازف ويحاول معها مرة أخرى بل أردف:
-طيب بصي تعالي ادخلي عند ماما واتكلمي معاها
خلعت نظارتها ورمقته بطرف عينها ثم جففت دموعها وقالتزبقلة حيله: ماشي
وبالفعل دخلت لصفاء وما أن رأتها ارتمت بأحضانها باكية، فقالت صفاء بلهفة:
-لأ حول ولا قوة إلا بالله إيه يا فرح مالك؟
فرح بنبرة متحشرجة:
-مخنوقه يا ماما مخنوقه قوي
تنهد يوسف بعمق وقال بتبرم:
-شوفيها يا ماما عماله تقول طلقني ومصممه كمان
صفات بقلق:
-أعوذ بالله طلاق إيه… دي لازم عين البت حبيبه
شهقت صفاء بصدمة وتمتمت مردفةً:
-مصيبه لتكون جددلك العمل… لا دا أنا لازم أروح للشخه بركه
تركها يوسف وغادر ليسمح لهما بالكلام وجلست صفاء جوارها تربت على ظهرها ويدها بحنو علها تُهدئها…
_________________
مر عليها قرابة الساعة ونصف وهي تلاكم وتصارع كيس الملاكمة لتفرغ غضبها كان العرق يتطاير من جسدها بغزارةٍ ومع ذلك لم تتوقف! وأخيرًا جلست أرضًا بتعب كانت تلهث بشدة سندت رأسها للجدار، باتت كل خلية بجسدها تبكي متصببة بالعرق، شعرت بتشنج وإنهاك جميع عضلاتها، حمدت الله أن أختها لن تأتي إلا بعد العشاء؛ لأنها عادت تعمل بالمطعم مجددًا انتبهت أثر صدوع جرس الباب وخرجت من الغرفة لتفتحه وتجاهلت تلك المروحة التي تمور بسقف الردهة فوق رأسها.
“أنا كنت بقول يارب تكوني صاحية”
قالتها شاهيناز ودخلت للشقة لتضع على الطاولة صنية صغيرة عليها أطباق من الطعام، كما تفعل دائمًا قالت سديل بإحراج وتلعثم:
-يا طنط حضرتك كل يوم بتجيبلنا أكل! و… والله ده كتير أوي
-يارب يكون بيعجبكم يا حبيبتي
-تسلم إيدك والله بس ملهوش لزمه التعب ده
-متقوليش كده انتوا خلاص بقيتوا بناتي وبعدين أنا عارفه انكم مشغولين في الامتحانات ومبتفكروش في الأكل خالص
ضمتها سديل وقالت:
-ربنا ميحرمناش منك أبدًا يا طنط
-ولا يحرمني منكم يا حبيبتي
دوى صوت هاتف بالرنين فوضعت شاهيناز يدها بجيبها وأخرجته لتجيب بنزق:
-ايه يا يوسف مجيتوش ليه؟!
رد يوسف بقلة حيلة:
-معلش يا ماما فرح تعبت شويه وأغمى عليها في الكليه و… ورجعتها على البيت
-تعبت!!! أكيد من الحمل طيب هي عامله إيه دلوقتي؟
-مش كويسه والله يا ماما… مش كويسه خالص
أخذ يوسف يقص عليها ما حدث، قلقت شاهيناز متذكرة حديث صفاء عن حبيبة وسامية وعزمت أن تذهب لابنتها في المساء.
وتشبثت سديل أن تذهب معها لتطمئن على فرح، فلا تريد أن تنفرد بنفسها كثيرًا فحتمًا ستقضي عليها أفكارها! ستخرج قليلًا علها تخرج من حالتها تلك!
__________________________
وفي المساء
استلقت وسام على سريرها ثم انقلبت على جانبها وضمت ركبتيها ناحية صدرها وهي تأن من ألم بطنها بسبب انقباضات الرحم نتيجة عادتها الشهرية، كانت شاحبة الوجه، ورغم حرارة الجو إلا أنها شعرت ببرودة أوصالها، وبعد دقيقة دلفت خالتها للغرفة بيدها كوب من الينسون الساخن وقالت:
-قومي يا حبيبتي اشربي الينسون ده هيريحك
قالت وسام بتعب:
-لا أنا مش نافعني الكلام ده أنا عايزه مسكن
-طيب اتصلك على فؤاد يجيب معاه!
-لـ… لا أنا هتكسف منه أنا هروح أجيب أنا! وأصلًا كنت عايزه حاجه كمان
مالت وسام على أذن خالتها وهمست بما تريد وكأنهما بين جماعة من الناس وتخشى أن يسمعها أحد حياء، قهقهت خالتها ضاحكة وقالت بسخرية:
-هو إنتِ يا ختي بتتكسفي منه! أومال لو مكنتش بقفشك في حضنه كل يوم
نفخت وسام بحنق وقالت بصوت مُجهد: يا خالتو بقا بلاش تريقه أنا زهقانه لوحدي… اديني فلوس خليني أروح الصيدليه
أعطتها خالتها ما طلبت من الأموال وخرجت وسام مسرعة وما أن وصلت لنهاية الدرج وجدته أمامها فتمتمت بضجر:
-يادي النيله!
رسمت ابتسامة مصطنعة على شفتيها فتفقد فؤاد ملامحها وبشرتها الشاحبة وقطب حاجبيه متسائلًا:
-رايحه فين يا بابا؟
تنحنحت بخفوت وحكت أرنبة أنفها قائلة:
-هروح أشتري حاجه وجايه
-طيب مكلمتنيش ليه أجيبلك وأنا جاي؟
ارتبكت وتخبط نظرها بكل اتجاه عدى وجهه وقالت بتلعثم:
-أ.. أنا هجيب عادي مش هغيب
-طيب عايزه إيه وأنا أروح أجيبلك
أخذت تفكر وقالت بنبرة مرتعشة:
-عايزه… عايزه… أيوه أنا عندي صداع هجيب مسكن… و…. ومعجون أسنان و… وبس
قالت أخر كلمة وهي ترفع كتفيها، هم أن يغادر قائلًا:
-طيب خليك هروح أجيبلك وأجي
قالت بارتباك:
-لأ استنى… أنا عايزه أتمشى برده يعني
ابتسم قائلًا:
-تمام يلا تعالي هتمشى معاكِ
ارتسمت ابتسامة بلهاء على وجهها وهي تقول:
-لأ… ما هو إنت أكيد راجع من الشغل تعبان
أطلق ضحكة كالزفرة وقال بمكر:
-إنتِ رايحه فين يا وسام بتحوري وباين عليكِ وأنا فاهمك… فاعترفي
نفخت بحنق وقالت بتبرم:
-هجيب حاجات خاصه… يعني… فؤاد لو سمحت متعطلنيش
قالت جملتها وهي تدفعه بيدها عن طريقها، فقبض على يدها وضحك قائلًا بخبث:
-اطلعي يا وسام مفيش داعي تروحي عشان أنا جايبلك الحاجات الخاصه إلي إنتِ عايزاها
ضغط على كلمة “الخاصه” فهو يفهما من نظرة ويتعجب كونها مازالت تستحي أن تطلب منه! لكنه كان يشتري لها كل شيء دون أن ينتظر طلبها! مد يده بحقيبة سوداء بيده وقال بابتسامة ماكرة:
-اتفضلي وعلى فكره جايبلك مسكن للصداع بتاع كل شهر ده
دبدبت بقدمها قائلة:
-إنت بجد رخم أوي
ضحك قائلًا:
-الله يكرمك…بعدين إيه العبايه دي!
-مالها؟
-حلوه أوي عليكِ مُتخيله إني هسيبك تمشي كده! لا يا ماما أنا بغير…
-وكمان بقيت مستفز
قطعت وسام الدرج وهي تنفخ بحنق دلفت للشقة أمامه بوجه مدخن وملامح ممتعضة، وما أن رأتهما خالتها ضحكت قائلة بسخرية:
-ما كان من الأول قولتلك كلميه يجيبه أهو قفشك… ادخلي بقا اشربي الينسون
دخلت وسام لغرفتها وهي تردد بغضب:
-أنا مش عايزه منكم حاجه أصلًا
رفعت خالتها إحدى حاجبيها ونظرت لفؤاد قائلة بسخرية:
-هي البت دي عبيطه ولا إيه!!!
ابتسم فؤاد قبل أن يطرق باب غرفتها ويدخل ليُراضيها!
استغفروا 🌹
_____________________
وفي شقة فرح وقفت سديل بالشرفة تستمع بالهواء وتتأفف من الباعوض الذي يلدغها من فوق الملابس، كانت تستمع للحوار بين صفاء وشاهيناز وفرح التي حاولتا إقناعها بكل طريقة أن تذهب معهما للشيخه بركه، تأففت فرح للمرة التي لا حصر لها وقالت:
“أنا مش هروح لدجالين متحاولوش تقنعوني”
صفاء بنزق: يا بنتي مش دجاله دي بتحط المصحف على رجليها
فرح بسخرية: والله لو بتحطه على دماغها برده دجاله وبتشتغل مع الجن
نظرت شاهيناز نحو سديل وقالت:
-تعالي قوليلها حاجه يا سديل!
التفتت لهن سديل وقالت بابتسامة:
-بلاش أنا عشان إلي هقوله مش هيعجبكم
تنهدت صفاء وقالت بضجر:
-إنت متعبه يا فرح بقالنا ساعه بنقنع فيكِ
نظرت لشاهيناز وقالت:
-اتصرفي بقا مع بنتك يا شاهيناز
حدقت شاهيناز بالفراغ لوهلة ونهضت واقفة قائلة لصفاء:
-قومي تعالي يا صفاء عاوزاكِ
أخذتها شاهيناز في ركن بعيد لتتفق معها على شيء، والتفتت سديل تنظر من الشرفة وتُطالع الشجر وأوراقه بشرود حتى جذبها من أفكارها صوت سليمان الهادر بشخص ما عبر الهاتف، نظرت له وجحظت عيناها بدهشة والتفتت لفرح على الفور قائلة بخفوت:
-فرح تعالي بسرعه عاوزاكِ
نهضت فرح على الفور عاقدة حاجبيها بتعجب وهي تقول:
-في ايه؟!
أشارت سديل نحو سليمان وقالت مستفهمة:
-مين الراجل ده؟!
-دا عمو سليمان… يبقا عم يوسف، ليه بتسألي؟!
تلعثمت سديل وتوترت فلا تريد اخبارها بشيء الآن، قالت:
-هاه… لا مـ… مفيش.. كـ.. كنت بشبه عليه
وقفت سديل تُحدق به لثوانٍ متذكرةً لقائه مع ابن عمها ذاك اليوم في المقابر واخذت تفكر من تخبر؟ هل أحمد أم محمود أم أختها! أم جميعهم!
ودلفت فرح لغرفتها وطلبت رقم أسامه وانتظرت حتى أجابها، وأخذت تقنعه أن ينتظرها يومين فحسب حتى اقتنع في النهاية وأخبرها بأنها أخر فرصةٍ لها! أنهت المكالمة وأخذت تطرق الهاتف بيدها مضيقة عينيها بتفكير….
__________________
وفي إحدى المطاعم جلس الثلاثة يُطالعون بعضهم بابتسامة انتصار، تشع نظرات الخبث والمكر من أعينهم اللعينة نظرت ساميه لأسامه بإعجاب قائلة:
-عجبتني دماغك تستاهل إني أرفعلك القبعه
نظر أسامه لحبيبة قائلًا:
-كله لأجل عيون حبيبه
حبيبه بمكر:
-مش بحبك من فراغ يا أوسؤس
كانت ساميه تُطالعه بوقاحة بين حين وأخر، وتلك النظرات التي يفهمها أسامه جيدًا بحكم خبرته بالنساء، أخرج من جيبه ورقة وأعطاها إياها دون أن تشعر حبيبه، وظلا يتبادلان النظرات حتى انتهت الجلسة.
وبمجرد أن دخل بيته رن هاتفه برسالة منها فابتسم بمكر وقرئها:
“رغم فرق السن بينا إلا إنك دخلت قلبي وحاسه إننا محتاجين نتعرف… ساميه”
أرسل لها:
“سن إيه دا إنتِ إلي يشوفك يقول أصغر من حبيبه”
تبادلا الرسائل التي لم تخلو من الجرأة والكلام الوقـ.ح والصور الأكثر وقـ.احة وأخيرًا اتفقا على ميعاد ليتقابلا ببيت ساميه.
استغفروا❤️
___________________________
لم تكن سديل تشعر بحال جيد لا تستطيع رفع قدميها عن الأرض، ويؤلمها أسفل ظهرها بشدة، ظنت أنها ربما بسبب إنـ.هاك عضلاتها في الملاكمة دلفت للبيت جوار شاهيناز تسير ببطئ حتى وصلت لتجمع العائلة بالحديقة، تفاجئت بوجود أحمد ومحمود، أخذ الجميع يسألها عن امتحانها وهي تجيب بإيجاز: الحمد لله
جلست جوار أختها التي سألتها:
-إنتِ كويسه؟!
-أيوه تمام الحمد لله
فكرت أنها فرصة مناسبة يجب أن تحكي لمحمود ما رأت قبل أن يغادر ولكن لم تلبث كثيرًا حتى شعرت بالبرودة حاولت ألا تكترث وظلت تستمع لحديثهم، سرعان ما ازادادت برودة جسدها حتى باتت أسنانها تصك بعضها، همت أن تنهض لتذهب لشقتها ولم تستطع وازداد ألم جسدها باتت تفتح جفونها بصعوبة بالغة كان لابد أن تخبر أختها مالت على أذنها وقالت بصوت مرتجف يوشك على البكاء:
-الحقيني يا رحيل مش قادره
هبت رحيل واقفة وسط أنظار الجميع ووقفت قبالة أختها قائلة:
-مالك يا سديل؟
قالت سديل بنبرة مرتعشة:
-بردانه… بردانه
انتبه الجميع وأخذوا يتسائلون عما حدث، فقالت وسام:
-طيب قومي معانا يا سديل ندخل جوه
شاهيناز: أنا كنت حاسه إن فيكِ حاجه خدوها يا بنات دي شكلها عندها سخونيه
نهض فؤاد اقفًا وقال:
-طيب لو كده نروح نكشف عليها!
نهض محمود وقال: أيوه يلا من غير تضيع وقت
دار الحوار وسديل بالكاد تسمع أصواتهم وأحمد يقف قبالتها يتابعها بترقب شـ ديد حاولت أن تنهض وهي ترتكز على مرفق أختها من ناحية ووسام من الناحية الأخرى، وبعد أن سارت خطوتين خانتها قدماها فلم تستطع حمل جسدها وارتفت الصرخات أثر وقوعها ورحيل ووسام وشاهيناز وأم فؤاد يحاولن حملها.
-وسعوا يا جماعه لو سمحتوا
قالها أحمد وهو يدخل بينهن بلهفة ويحملها على الفور ثم ركض بها لداخل البيت فهدرت به رحيل:
-إنت رايح فين يا أحمد هنروح نكشف عليها
صاح أحمد لاهثًا وهو يصعد بها للشقة قال:
-تعالي ورايا يا رحيل البنت سخنه محتاجين ننزل أم الحراره
نظرت رحيل لمحمود قائلة:
-أخوك ده أهـ.بل
ثم ركضت للداخل، وجدته يضع سديل بحوض الاستحمام، رمقها في سرعة وقال:
-المايه هي أفضل حاجه تنزل الحراره… اتفضلي بقا خلعيها على ما أروح أجيب العلاج
قالت رحيل بحده ممزوجة بالسخرية:
-إنت عامل فيها دكتور!!! ناوي تتدرب في أختي يعني ولا ايه! أول مره أشوف دكتور في كلية أداب
خرج أحمد من المرحاض وهو يصيح: خلصي يا رحيل مش وقت تريقه
أخذ أحمد سيارة أخيه وذهب للصيدلية وحين عاد أخذ يعلق لها المحلول بحرفيه وكأنه ممرض أو طبيب، كان الجميع متعجبين مما يفعل عدا محمود، فهو يعلم أن هبه دربته جيدًا فحين كانت تمرض لم تكن تلجأ لأحد لاعطائها العلاج سواه.
جلست رحيل جوار أختها تضع لها الكمادات الباردة حتى استقرت حالتها واستعادت وعيها.
كانت الساعة قد قاربت على الثانية عشر منتصف الليل ومازلا أحمد ومحمود جوارهما ابتسمت رحيل وهي تبدل نظرها بينهما وهما يقفان خارج الغرفة يتحدثان تنهدت بارتياح فما أجمل أن تشعر أن هناك من يشد أزرك ويسندك عند هبوب الرياح وقذف الحياة بمتاعبها، خرجت لأحمد وقالت بإحراج:
-أنا آسفه على الي قولتهولك مكنتش أعرف انك دكتور… طلعت كليه أداب بتخرج دكاتره وأنا مش عارفه
ضحك أحمد وقال:
-ولا يهمك يا ستي إنتِ أختي ومفيش أسف بين الأخوات
أشار أحمد نحو غرفة سديل وأردف:
-أنا هدخل أبص عليها وأجي وهسيب الباب مفتوح متقلقوش
دخل للغرفة وتركها تقف قبالة محمود، قالت:
-معلش بقا تعبناكم معانا
ابتسم قائلًا بمكر:
-ياريت كل التعب يكون ليكِ… صحيح مش عايزه تقوليلي حاجه كده ولا كده
-مـ… مش فاهمه!
-مثلًا بحبك حاجه كده يعني!
أشاحت بصرها بعيد عنه وأسرعت خطاها للمطبخ وهي تقول:
-لأ مش عايزه أقول حاجه
ضحك بخفوت وتبعها سند على الجدار يتابع حركاتها المرتبكه فأردفت:
-وبعدين خد أخوك وامشي بقا إنتوا هتباتوا هنا ولا ايه!؟
مازحها قائلًا:
-الله دا إحنا بننطرد بقا!
ضحكت وأخذت تُعد لأختها الحساء، وظل يتابعها بابتسامة واعجاب.
*****
من ناحية أخرى جلس أحمد قبالة سديل كان يتلاشي النظر لوجهها لا حظ حين فتحت عينها وسألها:
-عامله ايه دلوقتي يا ست البنات؟
قالت بنبرة خافتة:
-الحمد لله حاسه إني أحسن… هو أبيه محمود فين كنت عايزاه؟
-هو بره حالًا هروح أناديهولك
ناولها النقاب وقال بابتسامة:
-البسيه بقا على ما أجي
ابتسمت وارتدته سريعًا وخرج هو يناديهم وبعد لحظات دخلوا للغرفة، وأخذت تحكي لهم عن سليمان وما رأته، تهلل وجه محمود وابتسم قائلًا:
-شكرًا يا سديل إنتِ كده حليتِ اللغز إلي محيرنا
أحمد بتفهم: يعني عم الدكتور يوسف من ضمم إلي بيتاجروا في المخـ.درات
أومأ محمود رأسه وقال:
-دول كمان بيوزعوها بنفسهم بين الشباب…
رحيل بحسرة: حسبنا الله ونعم الوكيل ربنا ينتقم منهم…
سأله أحمد:
-طيب انت ناوي تعمل إيه؟
حدق محمود بالفراغ لبرهة ثم قال:
-هعمل كتير متقلقش…
نظر لسديل وأردف:
-المهم حمد الله على السلامه يا سديل… متقلقوش من حاجه أنا مرتب الخطوه الجايه بس الصبر عشان أوصلهم كلهم
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين 🌹
_______________
وفي اليوم التالي
وقف فؤاد الذي عاد من العمل لتوه بالڤرندة جوار وسام التي تحمل كتابها وتذاكر، وقال:
-القمر بيعمل ايه؟
قالت بجمود:
-بذاكر يا فؤش
حملق بوجهها قائلًا:
-مالك؟
-مفيش بس الماده دي صعبه شويه وقلقانه منها
-إن شاء الله خير متقلقيش
اومأت رأسها فسند إحدى مرفقيه على سور الڤرندة وقال:
-المهم إن أنا بحبك
ابتسمت وقبل أنا تعقب، التفتت خلفها أثر شهقة وهيبه العالية:
“بتخوني يا عمر”
فؤاد بتعجب:
-عمر!!
عقبت وهيبه وهي تشير لوسام بإزدراء:
-معقول بتخوني مع دي! هونت عليك أنا وبناتك
نظر فؤاد لوسام فقالت بنفاذ صبر:
-فيلم عمر وسلمى كان شغال من شويه
ادعى فؤاد الصدمه واقترب من وهيبه جاحظًا عيناه بدهشة وأخذ يشير لنفسه قائلًا:
-معقوله يا سلمى تظني فيا الظن ده! أنا!! أنا أخونك مع البنت الي زي القمر دي؟
قال جملته الأخيرة بتعجب مصطنع وهو يشير لوسام ثم ضغط بقوطعه العلويه على شفاهه السفليه وهو يُطالع وسام بجراءة غامزًا بعينه، فزمت وسام شفتيها واتسعت حدقتيها على وقاحـ.ته ونهرته بحدة قائلة:
-اتلم يا فؤاد
اعتدل في وقفته على صراخ وهيبه:
-طلقـنـــــي يا عمر أنا لا يمكن أعيش معاك
عادت لغرفتها وهي تعرج وتغني بحسرة حقيقية:
“أنا خونتك امبارح هئ هئ هئ وقلبي مش مسامح هئ هئ هئ”
صاح فؤاد من خلف ضحكاته:
“يا سلمى مش امبارح أنا خونتك النهارده… وقلبي مسامح عادي جدًا على فكره”
فتحت وهيبه غرفتها لتدخل ففاجئها الفأر وهو يغادر الغرفه فصرخت:
-لأ يا زيكو متسيبنيش يا زيكو
سندت ظهرها للباب وقالت بحسرة:
-هو أنا كنت زعلتك في حاجه عشان تسيب الأوضه دا أنا سيبالك هدومي كلها تقرقض فيها إنت وأخواتك
رفعت بصرها لأعلى وضـ.ربت فخذها قائلة بحسرة: أعمل إيه أكتر من كده يا ربي… عوض عليا يارب… عوض عليا يارب
انفـ.جرا وسام وفؤاد بالضحك على حديثها، وقال فؤاد:
-تفتكري ستك بتدعي ربنا يعوض عليها في الهدوم ولا الفئران
أخذ يُحدق بوسام وضحكاتها بابتسامة محبة شاردًا فيها حتى لاحظت وسام ولكزته قائلة:
-نظراتك يا عسل…. اتلم
فؤاد بلوعة:
-يارب الامتحانات دي تخلص بسرعه طعايز أتجوز بقا يا ناس
هزت وسام رأسها باستنكار ودلفت لداخل البيت وهي تبتسم…
استغفروا♥️
_______________
وبعد انتهاء الإمتحان خرجت سديل من المدرسة لكنها لاحظت أن الفتيات يُطالعنها ويرمقونها بنظرات مدلهمة ثم يمهمن بكلام لم يصل لسمعها، قابلت زميلة لها وبعد أن تبادلا التحية سألتها سديل بتلعثم:
“أنا حاسه إن فيه حاجه غلط البنات بيبصولي ويضحكوا!!”
تنحنحت الفتاه وتلعثمت قائلة:
-هاه… لا مفيش…يـ… يمكن بيتهيألك ولا حاجه… عن إذنك
مطت سديل شفتيها بتعجب وعادت لبيتها دون كلمة أخرى
وفي المساء بعد أن أنهت مذاكرتها فتحت هاتفها لتتصفح الفيسبوك فلم تفتحه منذ يومين فقابلها فديو لها جمد الد**ماء بأوصالها!! وقع نظرها على تعليقات الناس:
“بنات أخر زمن اتقوا الله بقا واحترموا نفسكم”
وتعليق أخر:
“أنا عارفه البنت دي سمعتها وحشه خالص!”
وتعليق أخر:
“لأ البنت دي محترمه جدًا حرام تخوضوا في أعراض الناس”
سألت الدموع من مقلتيها وهي تشاهد الفديو مرة أخرى….
سبحان الله وبحمده ❤️
____________________
جلس آصف على الأريكة يحمل كتابًا يُطالعه بتركيز، وقفت هبه أمامه وأخذت هاتفه من فوق الطاولة وحدقت بشاشته قائلة:
“الباسورد بتاع موبايلك ايه يا أحمر عايزه أبحث عن حاجه وموبايلي فاصل”
لم يرفع بصره عن الكتاب وقال:
-تاريخ جوازنا يا حبيبتي
تنحنحت بإحراج وقالت:
-أ… هـ.. هو كان كام؟
أغلق الكتاب وضعًا سبابته بين صفحاته وطالعها قائلًا بسخرية لطيفة:
-وكمان مش فاكره تاريخ جوازنا؟ ربنا يعوض عليا!
أعطاها الرقم وقال بابتسامة:
-متنسهوش تاني بقا
بحثت عما أردادت لكن كسجية أي أنثى قررت استكشاف هاتفه، رمقته بطرف عينها فكان منشغلًا بالقراءة، لذا دخلت على تطبيق الواتساب أخذت جولة سريعه ولم تجد ما يريبها فابتسمت وكادت تعطيه الهاتف لكن وقفت حين أُرسلت رسالة برقم غير مدون محتواها:
“المره دي لا هبعتلك صوري ولا عنواني ولا هحاول أغريك بأي شكل بس اسمع التسجيل إلي هبعتهولك”
رمقته سريعًا وسحبت نفسها مع الهاتف داخلةً للغرفه لتسمع ما أرسلت تلك الفتاه من حديثها مع أيمن من بداية اتفاقه معها أن تُغري آصف وتسحبه لوكرها ثم تسقيه مخدر يُغيب عقله ويجذب أيمن هبه لمكان الشقه لترى زوجها بين أحضان أخرى! إلى نهاية رفض أيمن بإعطائها الأموال، أرسلت تسجيل أخر بصوتها وقالت:
“الصراحه يا أستاذ إنت راجل محترم يا بخت مراتك بيك… وكمان يا أستاذ أنا قررت أتغير بسببك، على فكره أنا عمري ما ارتكبت حاجه كبيره ومحافظه على نفسي اه… بس حضرتك اديتني درس عمري ما هنساه وإن لسه فيه رجاله تعرف ربنا يعني بعد ما كلمتك من عشر أرقام وحاولت معاك بكل الطرق كنت كل مره تبعتلي اتقي الله وتنصحني وأخر مره نصيحتك لمست قلبي شكرًا”
شعرت بلهيب الغيرة يأُج بداخلها، أكانت تُرسل له صورها لتغريه؟! وهل كان ينظر لصورها ويستمع لصوتها؟!! أيضًا ازداد كرهها لآيمن ذاك الوغد ما الذي كان ينوي لزوجها؟
احتارت أتواجه آصف أم تصمت ولكن في نهاية الأمر اختارت أن تصمت وخرجت لتضع الهاتف أمامه دون أن تنبس بكلمة ثم دخلت لغرفتها تريد الخلوة بنفسها قليلًا لترتب شتات نفسها وتستعيد رابطة جأشها.
استغفروا♥️
______________________
كان يوسف جالسًا على فراشه يُنهي عمله على جهاز اللابتوب تفاجأ حين دلفت فرح للغرفة واستلقت جواره على ظهرها دون أن تنبس بكلمة كان وجهها متجهمًا، تعجب من كونها تظل دائمًا شاردة ولا تتحدث معه كعادتها.
حدقت فرح بسقف الغرفه وكأن هناك شاشة معلقة أمامها يدور بها حوارها مع أسامه مازالت لا تذكر أي شيء تنهدت بعمق وحين نظرت نحو يوسف وجدته يُحملق بها رفع حاجبيه متسائلًا عما بها دون أن ينطق ففهمت تسائله، قالت:
-متقلقش أنا كويسه
مسد على شعرها قائلًا:
-وأنا عايزك كويسه والله يا حبيبي
سألته بهدوء:
-يوسف هو أنا… يعني كنت بعمل إيه في الكليه؟
-كنتِ بتحضري محاضراتك! بس السؤال ده ليه؟
تنفست بعمق وقالت:
-اصل أنا لسه مش فاكره حاجه!
انحنى يقبل رأسها بحنو قائلًا:
-معلش يا حبيبتي هتفتكري بس بطلي تضغطي نفسك
اومأت رأسها وقالت:
-حاضر… مش هضغط نفسي… أنا هنام تصبح على خير
استلقى جوارها وأغلق الضوء، وظلت هي تُحدق بسقف الغرفة بتفكير تخطط ماذا ستفعل في الغد هل تُقابل أسامه أم تُخبر يوسف أم ماذا تفعل!؟
وبعد أن اطمئنت أنه غط في نومه تسللت على أطراف أصابعها وخرجت للشرفة فقد جافاها النوم، جحظت عيناها حين رأت أسامه يدخل لبيت ساميه، قالت بهمس:
-يا و**سخ إنت وهي معقول بيستغلوا إن عمي سليمان في شغله الليله ويتقابلوا…
هزت رأسها باستنكار وقالت:
-لأ حول ولا قوه الا بالله
وبعد ثلاث دقائق وضعت راحة كفها على فمها تكتم شهقتها بصدمة حين رأت سليمان يدلف للبيت!
قالت بخفوت:
-يا نهاري دي شكلها فيها أكشن على الأخر
أطلقت ضحكة كالزفرة وقالت بسخرية:
-تساهلوا إن شاء الله ربنا يفضحكم!!
اشرئبت برأسها تُطالع الطريق وقالت بابتسامة:
– اللهم لا شماته يعني بس أنا الصراحه شمتانه

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسام الفؤاد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!