روايات

رواية ورد الفصل السابع 7 بقلم ندا سليمان

رواية ورد الفصل السابع 7 بقلم ندا سليمان

رواية ورد الجزء السابع

رواية ورد البارت السابع

رواية ورد الحلقة السابعة

حسيته نجدة من السما؛ لإني كنت عاوزة أمشي من الصعيد في أسرع وقت، شنطتي كانت صغيرة فحطها في شنطة العربية وسط شُنطه، فتحت الباب إللي ورا، لقيت شنط وكراتين وفيه مكان صغير يدوب يكفِّيني وقبل ما أركب قالي “لا من فضلك اركبي قدام، عشان الحاجة إللي محطوطة ورا ماتضايقكيش”، قفلت الباب وركبت قدام، لقاني قاعدة منكمشة في الكرسي فقالي “اقعدي براحتك المكان واسع”، هزيت راسي بس فضلت زي ما أنا لسه متوترة وخايفة.

ساد الصمت دقايق بينّا بعدين حب يشغلني عن التوتر فقال “سبحان الله إنتِ أول حد اتعاملت معاه من أهل الصعيد لمّا جيتِ وإنتِ دلوقتي آخر حد” ماردتش فشاور على الحاجة إللي ورا وقال “خلاص لميت كل حاجتي، ده كان آخر يوم ليّا هنا”، ابتسمت مجاملة وهمست “ربنا يوفقك”، رجعنا تاني للصمت بعدين سأل “هو إنتِ عندك كام سنة؟”، اتوترت وهمست” ٢٠” ضحك بعدين قال”والحقيقي؟”، بصيتله وسكتت فقالي” أولاً مستحيل تكوني ٢٠ شكلك صغير جداً وبعدين أنا لحد دلوقتي مانستش أي تفصيلة حصلت في اليوم إللي قابلتك فيه، أنا فاكر كويس أوي إني سألتك يومها عن سنك وقلتِ إنك ١٣ سنة يعني دلوقتي ممكن تكوني ١٥ أو ١٦ سنة بالكتير مش كده؟ “، هزيت راسي وهمست بهدوء “١٦”، قال “كده تمام، أنا فاكر اسمك ورد مش كده؟، هزيت راسي فقال “بالمناسبة أنا علي”، رديت” أهلاً بيك”، لاحظ إني مركزة مع واحدة في صورة متعلقة في العربية، فقالي وهو مبتسم “دي علا”، سألت “مراتك؟”، رد “هتبقى مراتي إن شاء الله، احنا مخطوبين، باباها مصمم مفيش جواز غير لما تتخرج باقيلنا

سنتين وتنور بيتي”، الحب كان باين أوي في نبرة صوته ولمعة عيونه وابتسامته، ابتسمت وقولتله “ربنا يكملكم على خير، هي في كلية تجارة؟”، قالي “لا، في اقتصاد وعلوم سياسية، بس اشمعنه يعني قلتِ تجارة تحديداً؟ “، لقتني ببتسم ابتسامة صافية وتلقائية وأنا بقول” أصل أزهار عاوزة تدخل تجارة”، للحظة نسيت إنها ماتت، اختفت ابتسامتي فجأة، وهمست بحروف مكسورة “قصدي كانت عاوزة تدخلها، الله يرحمها”، همس بحزن” الله يرحمها”،

بعدين حب يغير الموضوع بعد ما حس بحزني فقال” وناوية تروحي فين بقى وتعملي إيه في القاهرة؟”، جاوبت “لسه معرفش”، اتردد قبل ما يسأل” هو إنتِ هربانة من أهلك ليه؟”، قلت بدهشة “بس أنا ماقولتش إني هربانة! “، فقال” مش محتاجة ذكاء يعني يا ورد، إيه إللي هيخلي واحدة في سنك تسافر لوحدها في نص الليل! ماظنش التصرف ده بعلم أهلك “، سكتّ شوية بعدين قلت” كانوا عاوزين يجوزوني غصب عني لراجل من سن جدي”،

انفعل وقالي” امته الناس هتفهم إن الجواز بالذات ماينفعش بالغصب ثم إنك صغيرة”، ابتسمت بسخرية وقلت” الصغيرة دي متطلقة! “، ماكنش لاقي حاجة يقولها فسكت بعدين قال” طيب ليه مافكرتيش تروحي القسم تبلّغي؟”، ضحكت بسخرية وبعدين قلت بغضب ” وكنتوا عملتولي إيه يوم ما لجأتلكم تحموا أزهار؟؟”، ظهر الضيق على وشه ففضل ساكت ومركز في الطريق وأنا كمان فضلت ساكته براقب الطريق لحد ما نعست.

أول ما العربية وقفت صحيت، كان النهار بدأ يطلع، بصيت حوليا لقيت صحرا، فسألت بدهشة” هي دي القاهرة؟!”، ضحك وقالي “لا لسه ماوصلناش بس وقفت عند استراحة نفطر وأرتاح من السواقة شوية”، أول ما قال نفطر أصوات بطني طلعت تنبهني إني ماكلتش بقالي يومين تقريباً، نزلنا الاستراحة وكنت محرجة أختار الأكل فسيبت

المهمة دي ليه، وأول ما الأكل جه كنت مكسوفة في الأول، حس بيا وشاف نظراتي للأكل، حب يرفع عني الحرج فقال “أعذريني لو لقيتيني باكل بنهم بس حقيقي جعان جداً، فخدي راحتك إنتِ كمان ولو احتجتِ أي حاجة غير إللي طلبتها قولي”، هزيت راسي واتشجعت لمّا لقيته بدأ ياكل، كنت باكل كإني أول مرة أشوف الأكل!

أكلت لمّا شبعت، بقالي كتير ماوصلتش لإحساس الشبع ده!

 ركبنا العربية وكان طول الباقي من الطريقي بيحكي عن خطيبته، اللمعة إللي في عينيه واللهفة إللي في صوته فكّروني بأزهار وهي بتحكي عن عزت، كان بيحكي وأنا مش سامعة، الذكريات سرقتني لعالم تاني، حس إني مش مركزة معاه، بصِّلي فشاف دموعي، سألني بقلق “بتعيطي ليه؟”، اتفاجئت إني بعيط من غير ما أحس، دموعي نزلت بلا استئذان! مسحتها وسكتت، فهم إن كلامه فكرني بوجع فسكت هو كمان لحد ما وصلنا القاهرة، قالي

بابتسامة “هي دي بقى يا ستي القاهرة”، انتبهت من شرودي وفتحت الشباك بلهفة، غمضت عيوني واستسلمت لنسمة الهوا تصافح خدودي، ابتسمت وأنا بفتكر وصف أزهار للقاهرة، جميلة زي ما وصفتها، وقفنا في زحمة مرور فسمعت في وداني صوتها وهي بتقولي “بس أوحش حاجة فيها زحمتها”، ابتسمت وأنا بهمس” ماكنتش متخيلة الزحمة كده يا أزهار”، افتكر إني بكلمه فسألني “بتقولي حاجة؟” همست ب “لا”، فسألني “أوصلك فين؟”، قولتله على عنوان بيتنا القديم إللي كانت أزهار قيلالي عليه، وصّلني وسألني لو محتاجة حاجة بعدين سابلي رقم بيته عشان لو احتجت أي حاجة أو معرفتش أتصرف لوحدي في القاهرة، شكرته وودّعته.

وبعد ما العربية مشيت اتفرجت على المكان بابتسامة حنين كإني عشت هنا رغم إني أول مرة آجي! أنا عشت هنا من حكايات أزهار وتفاصيلها، المكان كان مختلف شوية عن حكاويها بس لقيت تفاصيل لسه زي ما حكيتها، بصيت للعمارة إللي كانوا ساكنين فيها، زي ما وصفتها أزهار بالظبط، اتخيلتها وهي بتلعب مع ولاد الجيران قدام بوابة

العمارة، اتخيلتها وهي بتشتري من كشك عم عصام، بصيت ناحية مكان الكشك اللي وصفته ومالقتهوش، كإن عدم وجوده بيفكّرني إن مفيش حاجة من التفاصيل دي خلاص موجودة، بيفكرني إن أزهار راحت، قرّب منّي بواب العمارة إللي كنت واقفة عندها وسأل “بتدوري على حاجة يا شاطرة؟” قولتله “معرفش!” استغرب إجابتي بعدين سأل “جايه هنا ليه يعني؟ بتدوري على شغل؟”، مش ده إللي كنت بفكر فيه بس قولتله “أيوه”.

ودّاني مكتب تشغيل كان قريب من المنطقة، في الأول لما عرفت إني هشتغل في البيوت عزة نفسي ماقبلتش، بس لما فكرت ولقيت نفسي لازم الليلة ألاقي مكان أبات فيه والفلوس إللي معايا مش هتكفّي، كمان لازم ألاقي شغل عشان استقر وأقدر أحقق الهدف إللي جيت عشانه القاهرة وافقت، ودُّوني شقة اتنين متجوزين وعندهم

بنت من سنّي وولدين تاني أصغر، أخدت ع الشغل عندهم بسرعة وكمان أخدت ع العيشة في القاهرة كإني عايشة فيها من سنين!

 والشقة إللي بشتغل فيها كانت جميلة أوي، بيوت القاهرة شبه البيوت إللي كنت بشوفها في المسلسلات والأفلام، جوز الست إللي بشتغل عندها مسافر، كانت بتعاملني بلطف وحنّيّة، وتخليني آكل معاها هي وعيالها على السفرة، وبتديني لبس من بنتها، فكرتني بفاطمة وحنيّتها عليا، كمان بنتها كانت لطيفة، نفسها يبقالها أخت وماصدقت لقتني، كانت مهتمة بالشعر زي أزهار، ورتها الكتب بتاعتها وقريتلها الأشعار زي ما كانت أزهار بتقرهالي، كنا بنقرا سوا بالليل قصص وروايات وأشعار، والست مبسوطة إن بنتها لقت ونيس.

 البيت كان فيه تليفون فاستأذنت من صاحبته وكلمت فاطمة مرة اتطمن عليها، كان مبسوطة أوي إنها سمعت صوتي وبكت من كتر ما أنا وحشاها وبكّتني معاها، طمّنتها إني استقريت في القاهرة خلاص وعايشة مبسوطة، حكتلي عن الضنك إللي عايشينه أهلي من بعد ما مشيت وهم بيحاولوا يلملموا إللي باقيلهم ونجي من الحريق، لمّا جابت سيرتهم قلبي اتقبض وماكنتش قادرة اتكلم فقفلت بعد ما وعدتها إني هكلمها تاني، عشت حياة سعيدة ومستقرة ٤ شهور لحد ما رجع جوز الست إللي بشتغل عندها، من أول ما شفته مارتحتلهوش؛ نظراته ماكنتش نظرات أب عنده بنت من سني أبداً، فأخدت حذري وبقيت أحاول اتجنبه واتعامل معاه في أضيق الحدود، كل يوم نظراته بتزيد جرأة وتجردني من هدومي رغم إني لابسه محتشم وبقى حجابي على راسي من يوم ما رجع، بينتهز فرصة انشغال مراته بأي حاجة ويدخل يتكلم معايا في أي مواضيع ملهاش لازمه، شوية وبدأ يتحرش بيا ويعمل

من غير قصده، بقيت لما بشوفه جسمي يقشعر وقلبي يتقبض، بس كنت بصبّر نفسي إنه كلها شهر وهيسافر تاني وأرتاح منه، لحد ما في يوم راحوا كلهم زيارة لأهل مراته، بنتهم طلبت مني أروح معاهم بس اعتذرت، ماكنتش بحب اجتمع معاه في أي مكان فكوني ألاقي الفرصة إللي ارتاح فيها من نظراته الجعانة طبيعي ما أضيعهاش، فضلت في البيت لوحدي، خلّصت إللي ورايا وقريت في رواية لحد ما نعست، كنت بحلم حلم جميل أوي، حلم جمعني بأزهار وأمي، فجأة حسيت بإيد بتحاول تنتهك جسمي فتحت عيوني بفزع ولقيته قدامي بنظرات كلها جوع وشر….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ورد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى