روايات

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل السابع 7 بقلم سارة أسامة

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل السابع 7 بقلم سارة أسامة

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الجزء السابع

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء البارت السابع

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الحلقة السابعة

– “اتـــــجـوزيــنـي”
سعلت بشدة والكلمة تتردد بعقلها بإلحاح، توسعت أعينها بصدمة وظلت تفتح أعينها وتغلقها بعدم تصديق..
ابتلعت ريقها بصعوبة لتسحب كوب الماء ترتشف منه بتوتر، وابتسمت بشحوب وقالت بنبرة خرجت متقطعة متحشرجة:-
– أستاذ يعقوب … هزارك مختلف أوي يعني..
أقصد يعني…
قاطعها يعقوب بجدية وهو يستند على الطاولة:-
– أنا مش بهزر أبدًا يا رِفقة، زي ما أنا قولتلك أنا بحب أكون واضح ومش بعمل أي حاجة أنا مش مقتنع بيها..
خدي وقتك في التفكير، وعلشان تعرفي يعني أكيد طلبي فاجئك بس مكانتش أول مرة أشوف يوم الموقف إللي حصل..
هعرفك على نفسي .. أنا يعقوب بدران عندي ٣٠ سنة .. عندي سلسة مطاعم دا واحد منهم ودا كان حلم حياتي وخريج هندسة إلكترونية بس مش شغال بالمؤهل بتاعي..
كانت رِفقة تشعر بأن العالم يدور حولها، ما هذا الذي تسمعه ليُكمل يعقوب يقول:-
– أكيد بتسألي دلوقتي عايز تتجوزني ليه..
هقولك علشان أنا جوايا عايز كدا، وإحنا مناسبين جدًا لبعض .. وفي سبب تاني أكيد هتعرفيه بس بعد ما نتجوز..
توسعت أعين رِفقة من هذه الجُرأة وشعرت بالخجل لكنها تجرأت تقول باعتراض:-

 

– يعني إنت ما شاء الله عندك كل حاجة ومحوطاك كل النِعم، وحسيت نفسك من جوا عايز تتجوز وأنا طلعت قدامك يبقى خلاص هي دي..!
تنهد يعقوب ثم أردف ببعض السخط:-
– مين قالك إن عندي كل حاجة .. عادي أنا عندي إللي عند الكل بل أقل من ناس كتير واتاخد مني كتير.. حياة عادية..
ابتسمت رِفقة وأردفت بيقين ورضا:-
– العادية إللي بتقول عليها دي نعمة كبيرة، حياتك كلها مليانة نِعم، قعدتك دي وإنك قادر تتكلم وتاكل .. الصحة والعافية والنفس إللي بتتنفسه دا نعمة كبيرة، أهلك وأصحابك، بص على الناس إللي حوليك وإنت تعرف … لازم تملى قلبك بالرضا وتحمد ربنا على كل نِعمُه عليك.
قال بتلقائية دون أن يقصد:-
– إنتِ بتقولي كدا بس علشان إنتِ عامية، يعني علشان ناقصك حاجة…
تخشبت رِفقة للحظات ومعها يعقوب الذي لم يُصدق ما تلفظ به ليُسرع يقول مُتداركًا:-
– أنا مقصدش كدا .. أنا آسف .. أنا أقصد يعني إنك حاسه بقيمة النِعم..

 

انقشعت غيمة الحزن التي حلّت على وجه رِفقة سريعًا وطفقت تهتف بإبتسامة رضا:-
– أنا عارفة إن عامية ومش بشوف إنت مقولتش حاجة جديدة … سمعتها كتير من غيرك، إنت لا أول ولا أخر واحد تقولها..
بس الحمد لله أنا راضية جدًا يا أستاذ يعقوب لأن أخذ الله عطاء بشكل أخر، أنا اتحرمت البصر بس لم أُحرم من نور البصيرة، ودي في حد ذاتها نعمة لا تُقدر بتمن..
أنا أبدًا مش ناقصة حاجة .. أيه البصر مقابل نِعم كتير ربنا عطهالي، أنا مديونة بكتير أووي لرب العالمين …لو فضلت عمري كله أعبده مقابل نعمة واحد مستحيل أوافي منها شيء..
واقفة بصحتي وعافيتي ومستورة، كل يوم بتنفس وبحسّ بالجمال إللي حوليا، مش علشان حاجة واحدة بس اتحرمت منها تسود جمال الدنيا في عيني، بشوف الجمال بقلبي وبحس بيه ودا يكفيني..
أنا راضية أووي يا أستاذ يعقوب ومش بعتبر أي حاجة ربنا عطهالي عادية، كل نعمة مُميزة، حتى العَمَى تمييز…
ربنا ليه حكمة في كل شيء ومش بيحرمنا من حاجة ألا رحمة بينا لأن أنا عندي يقين إن ربنا رحمن ورحيم بيا أكتر من نفسي وواثقة إن دا أختبار ولازم أنجح فيه علشان المكافأة إللي منتظراني..
كان يعقوب ينظر لها مأخوذًا بها مبهورًا بهذا الرضا الذي يملأها واليقين الذي يشع من عينيها وكم استحقر ذاته أمامها، شعر بالخجل وجاء يتحدث ليجدها تقف وتقول بهدوء:-
– عن إذنك لازم أمشي..
وخرجت تحت صدمته لكنه استيقظ وهو يتبعها بلهفة للخارج وهتف يقول بأسف:-
– رِفقة استني .. أنا مقصدش حاجة وحشة..
حركت رأسها وجاءت تُكمل المسير لكن أوقفها صراخ يعقوب المرتعب:-

 

– رِفقة …أقفي عندك أوعي تتحركي..
وأسرع يعقوب حتى أصبح أمامها ثم انحنى أمام أقدامها يُلملم قطع الزجاج المتهشمة وهو يقول:-
– كان في قزاز قدامك .. كنتِ هتنجرحي..
بداخل المطعم كان كلًا من عبد الرحمن وآلاء وغيرهم من الفتيات ينظرون من خلف الزجاج المُطلّ على الشارع بأفواه متسعة لا يصدقون ما يرون..
همس عبد الرحمن بدهشة متسائلًا:-
– هو في أيه .. مكونتش أعرف إن الموضوع هيوصل معاك لكدا يا يعقوب باشا، دا إنت شكلك متبهدل!!
ابتسمت آلاء وضحكت الفتيات ليُسرع عبد الرحمن بتدارك نفسه متنحنحًا يقول بحزم:-
– في أيه يا بنات .. يلا كل واحد على شغله..
بينما رِفقة فقالت بإمتنان:-
– جزاك الله خيرًا.
يا الله .. كم يعشق تلك الجُملة وكأنها تُربِت عليه وتُدثره..!
اعتدل يعقوب وهتف بنبرة صادقة وأعين أضحى ينصب منها العشقُ والحنان صبًا صبا:-

 

– صدقيني يا رِفقة أنا معنديش أيه مشكلة فيكِ ولا شايفك إنك ناقصة حاجة، بالعكس اليومين إللي عرفتك فيهم كانوا يكفوا ويوفوا إنهم يعرفوني إنك أنقى وأطهر حد قابلته في حياتي..
إنتِ إنسانة قوية وشجاعة وأنا لا شفقان عليكِ ولا شايفك ناقصك حاجة..
وأكمل بداخله سرًا:-
– أنا إللي ناقص وكلنا إللي ناقصين..
وافقي بس وأنا هرجّع كل اندفن في يعقوب وهاخدك وأبعد بيكِ لأخر مكان في الدنيا وخلي السعادة تاج على راسك وهعيش معاكِ كل إللي اتحرمت منه .. بس فرصة واحدة .. أنا استحق فرصة واحدة كتعويض لكل إللي شوفته، أنا تعبت من القيود إللي محوطاني وعايز أتخلص منها..
ضيق عينيه وهو يتأمل خجلها والشفق الذي طفق على خديها ليلحظ هذا الضماد الذي يغطي جانب جبينها، كيف لم يلحظه مسبقًا!!
لقد كانت لهفته لرؤية رِفقة فقط تُعمي عينيه عن رؤية ما سواها…
استفهم بخوف:-
– أيه الجرح إللي فوق جبينك ده .. أيه إللي حصل..

 

رفعت أصابعها تتحسيه لتُجيبه برقة غير مصطنعة:-
– دي حاجة بسيطة … ولاد خالي كانوا غيروا ديكور البيت وأنا اتخبط غصب عني..
عَلا رنين هاتف رِفقة فأخرجته من جيبها وأجابت بهدوء:-
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لم تكن سوى عفاف زوجة خالها التي قالت:-
– أنا راكبة التاكسي وقربت منك انتظريني برا..
أردفت لها رِفقة بوِد:-
– متقلقيش يا طنط عفاف أنا منتظراكِ برا..
تحركت رِفقة بعيدًا عن يعقوب بعد أن قالت بلطف:-
– بعد إذنك هنتظر مرات خالو..
سمعت صوت إنذار يُعلمها بإقتراب نفاذ بطارية الهاتف لتقول براحة:-
– الحمد لله إن لحقت أرد عليها قبل ما تخلص شحن..
ولم تلبس إلا يسيرًا وقبل أن يُجيبها يعقوب كانت سيارة أجرة تقترب من رِفقة حتى توقفت أمامها تحت نظرات يعقوب الدقيقة جدًا…
قالت عفاف بلُطف مصطنع بينما ملامح وجهها تنضح شرًا وكُرهًا تجاه رِفقة:-
– يلا يا رِفقة .. يلا يا حبيبتي..
لا يعلم يعقوب لماذا انقبض قلبه عندما وقعت أنظاره على تلك السيدة والذي أيقن من النظرة الأولى لوجهها أنها تضمر شرًا لرِفقة وقد كان واضحًا جدًا من طريقتها في النظر إليها..
بقى يعقوب ينظر لأثر السيارة بشرود ولا يعلم ما الذي انتابه، رفع كفه يقبض على قلبه ليهمس بقلق:-
– هو أنا ليه قلبي مقبوض كدا!!!
********************

 

ولجت رِفقة بصحبة زوجة خالها إلى تلك الشقة، لتُسرع عفاف بوضع الحقيبة الخاص برفقة في أحد الزوايا وتقول:-
– شقة جميلة تشبهك يا رِفقة، يارب تكون وشّ السعد عليكِ…
وأكملت تقول بأسف مصطنع:-
– معلش يا بنتي شيرين عن دكتور الأسنان ولازم أكون معاها هضطر أسيبك بعد ما أطمنت عليكِ وإن شاء الله هرجعلك تاني..
تساءلت رِفقة ببعض القلق:-
– مش بيتكم قريب من هنا..
أجابت الأخرى بكذب:-
– بينا وبين بعض شارعين بس يا حبيبتي متقلقيش..
أهدتها رِفقة إبتسامة جميلة وقالت:-
– شكرًا جدًا يا طنط عفاف وألف سلامة على شيرين أبقي سلميلي عليها..
ضحكت عفاف بشماته وقالت وهي تخرج مسرعة وكأنها تتخلص من حملٍ ثقيل يقبع فوق أكتافها:-
– الله يسلمك يا رِفقة..

 

وقفت رِفقة وحيدة بحيرة لتهمس لنفسها بشجاعة:-
– طب أنا دلوقتي هتعرف على الشقة إزاي..!!
تقدري تعمليها لواحدك يا رِفقة يا قمر إنتِ، بس أهم حاجة ألاقي العصاية بتاعتي..
وتحركت وهي تقول:-
– يا ترى طنط عفاف حطتها فين..
اصتدمت ساقها بقوة في شيء صلب لتسقط بألم شديد، إتكأت تجلس وهي تُدلك موضع الألم، استقامت مرة ثانية تقف بتيهة والظلام فقط يحاوطها، تحركت بضع خطوات لتتعثر بأحد المقاعد وتسقط مرةً أخرى بألم ويسقط المقعد الثقيل فوق ساعدها..
– اااه … أيه الوجع ده، أنا لازم ألاقي عاصيتي علشان أعرف أمشي..
ظلت تُدلك ساعدها بألم فقد تركت تلك الصدمة كدمة زرقاء فوق ذراعها بالتأكيد لم تراها رِفقة..
استقامت من جديد وأخذت تتحسس الأشياء حولها وتسير بحذر لكن تلك المرة كانت الصدمة القوية من نصيب خصرها..
لكن لم تيأس رِفقة وبقت تحاول وتسقط لتستقيم وتحاول ليُصبح جسدها وذراعيها خرائط كدمات زرقاء..
سقطت فوق ركبتيها بعجز لا تعلم بأي ركن هي من المنزل، لا تعلم كيف تعود للباب الرئيسي لتطلب المساعدة..
لكن مِن مَن ستطلب، وكيف تأمن؟!!!
عجز تام تشعر به..
مضت ساعات وحلّ الليل وهي تجلس بنفس البقعة بمكان غريب لا تعلم كيف تصل حتى للمرحاض..!!
همست بفضول وهي تضم جسدها إليها:-
– يا ترى الشقة دي شكلها أيه..

 

تحسست الأرضية لتجدها مليئة بالغبار تنهدت بحزن لتهمس:-
– أعمل أيه يارب … ساعدني إنت الحنان وأنا العاجزة وإنت القادر..
استقامت وواصلت تحسسها حتى وقع كفها على مقبض باب، أدارته بسعادة وولجت للداخل لتكتشف بأنها غرفة نوم عندما وصلت للفراش…
قالت رِفقة بإختناق:-
– ياااه الدنيا كاتمة أووي هنا، أما أشوف أي بلكونة ولا شباك هنا..
وظلت تبحث بترقب حتى وجدت باب الشرفة، ابتسمت وهي تقول بسعادة:-
– دي أحلى حاجة بقاا .. بحب البلكونات أووي وهتلاقي الجو دلوقتي أيه …جميل..
افتحها أشم شوية هواا، ومرات خالو قالت إن الشقة في الدور الخامس يعني الجو هيكون لطيف في البلكونة..
ظلت تحاول فتحها لتجدها مغلقة بشدة والكثير من المسامير معكوفة ومثنية على فتحة الباب…
حماسها لم يجعلها تتراجع وظلت تُبعد كل مسمار على حِدة وحركت المزلاق لتنجح أخيرًا بفتحها ليُقابلها موجة هواء شديدة جعلتها تضحك بسعادة وخطت خطوة للخارج جاهلة أن الشُرفة دون جدار ولا يحفها سور وإن مدّت قديمها خطوتين ستهوي أرضًا من الطابق الخامس……..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى