روايات

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الخامس 5 بقلم سارة أسامة

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الخامس 5 بقلم سارة أسامة

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الجزء الخامس

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء البارت الخامس

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الحلقة الخامسة

خرج صوت أحد الشباب الساخر والذي جعل يعقوب وطاقم العمل يستفيقون من صدمتهم، ليقول وهو يرشق رِفقة بنظرات محتقرة:-
– ودي طريقة جديدة لجذب الأنظار ولا أيه!!
لتكوني مفكرة نفسك ظريفة ولا حاجة..
رنّ صوت ضحكات أحد الشباب المختلطة بالفتيات المُجلجلة لتقول إحداهنّ:-
– شكلها شبه المهرجين..
– قصدك الشحاتين!
– أنا مش عارف إزاي سمحوا لواحدة زي دي تدخل مكان محترم زي ده..!
– تلاقيها داخله تسترزق يا ابني، يا عمّ الأشكال دي كترت أووي، والمشكلة إنها عاملة نفسها عامية، الناس دي مش خايفة ربنا يبليها بجد..!
اختلط لغط الجميع بينما رِفقة فكانت تقف بالمتتصف تشعر أنّ العالم يدور حولها، لا تفهم ما الذي يحدث!!
وهل هي المقصودة بهذا الحديث..؟!
إذًا لماذا!!

 

لماذا يقولون مثل هذه الأشياء الجارحة..؟!
ارتجفّ قلبها وتجمدت دموعها وهي تقبض على عصاها لا تعلم كيف تتصرف! تشعر نفسها غارقة..
بينما على الناحية الأخرى، كان هناك يــعــقـــوب..
شكّلت تلك الكلمات حلقة كانت تدور حول أذنيّه وبعقله، شعر وكأن خنجرٌ بارد يخمش بقلبه وهو يراها بمثل هذه الحالة..
حتمًا هو تصرف غير أخلاقي من أُناس نُزع من قلبهم الإنسانية والرحمة..
قبض على كفيّه حتى ابيضت مفاصله، ونفرت عروق عُنقه ووجهه وأعينه أصبحت تنضح نارًا أُضرِمت في قلبه قبل أعينه..
حينها ركضت آلاء وبعض الفتيات التي تعمل بالمطعم نحو رِفقة المرتجفة، سحبتها آلاء للداخل برفق وهي تقول:-
– تعالي جوا معانا يا رِفقة..
لكن قبل دخولهم زلزل كيانهم صوته الراعد صائحًا بهؤلاء المستهزئين:-
– برااا …كلكم برا ومعدتش أشوف وش كلب فيكم هنا …. يلا إنتَ وهي…
دي أطهر من أي حدّ فيكم يا أعمى البصر والبصيرة..
فِكركم إنتوا كدا حاجة كويسة وظريف إنتَ وهو لما تقعدوا تنكتوا على واحدة إنتوا مش عارفين ظروفها .. أكيد حدّ عديم الإنسانية والرحمة زيكم هو إللي استغل حالتها…

 

يلا براااا وممنوع دخول المكان ده تاني؛ لأن دا مكان محترم زي ما قولتوا ومش بيدخله ألا ناس محترمة وراقية..
وأخذ ينادي بعصبية شديدة:-
– عبد الرحمن … طلع شوية المهرجين دول براااا..
حرك عبد الرحمن المصدوم من ردة فعل يعقوب رأسه وأخذ ينفذ تعليمات يعقوب بسعادة من موقفه..
بالداخل كانت رِفقة تنكمش على نفسها وتبكي بإرتجاف وأخذت تقول بكلماتٍ مرتعشة:-
– آلاء بالله عليكِ فهمني في أيه .. يعني هما ليه كانوا بيضحكوا عليا وبيقولوا عليا الكلام الوحش ده .. قوليلي لو سمحتي في أيه..
تمزق قلب آلاء وجميع الفتيات التي كانت بالغرفة، سحبتها آلاء بين أحضانها وظلت تربت على ظهرها بحنان قائلة:-
– ناس مريضة .. متشغليش بالك يا رِفقة .. والأستاذ يعقوب أخدلك حقك..
تشبثت رِفقة بيدها وقالت برجاء:-
– لو سمحتي يا آلاء عرفني ..قوليلي علشان أرتاح..
اقتربت منهم أحد الفتيات وهمست بأذن آلاء:-
– لازم تقوليلها يا آلاء؛ لأن الواضح إللي عمل كدا حد هي بتستأمنه ومستغفلها وهي لازم تفوق وتعرف حبيبها من عدوها..
تنهدت آلاء ثم سحبت رِفقة للجلوس وقالت وهي مُمسكة كفيها برِفق:-
– مش عارفة مين عمل فيكِ كدا بس واضح إن حدّ معاكِ في البيت، واستغل نومك مثلًا..
في ميكب أب على وشك بطريقة فجة..
يعني روچ على بوقك لونه فاقع ومحطوط بطريقة عشوائية..
وحوالين عينك بألوان كتير فاقعة، غير الفاونديشن الفاتح إللي محطوط بطريقة مبالغ فيها والحُمرة إللي على خدودك..

 

أما فستانك الأبيض فهو مليان بُقع كتير، زيّ ما تقولي بُقع فحم على طماطم جافة وألوان معرفش أيه مصدرها..
هبطت تلك الكلمات على قلب رِفقة كالصاعقة، شهقت بصدمة واضعة كفها على شفتيها وأخذت تقول بتقطع من غير إستيعاب:-
– أمل وشيرين … طب ليه …ليه يعملوا كدا..
الناس دلوقتي إللي شافوني قالوا أيه عليا..
علشان كدا وأنا بغسل وشي الصبح كنت حاسة بحاجة غريبة كأن وشي جافّ … بس أنا مجاش في بالي والله … أنا متوقعتش يعملوا كدا..
دا أنا مستأمناهم .. ليه يضحكوا الناس عليا..
استضعفوني واستقوا عليا علشان أنا عامية…
احتضنتها آلاء بقوة وأخذت دموعها تهطل من هذه القسوة والشرّ الذي يملأ هذا العالم..
ما ذنبها ليفعلوا بها ما فعلوا..!
تأثر جميع من في الغرفة لكن هذا الماثل أمام باب الغرفة والذي سمع هذه الكلمات التي سقطت على قلبه كأنياب ليث مزقته..

 

زادت وتيرة أنفاسه وأخذ صدره يعلو ويهبط وهو غير متوقع إنعدام الضمير الذي وصل إليه البشر..
لكن مَن هم الفتاتين؟!
وكيف هي حياة رِفقة، وأين تسكن؟!
كل هذه التساؤلات وأكثر كانت تدور بفلك يعقوب، وهو في طريقه لمعرفة كل شيءٍ عنها ولن يتراجع أبدًا ولن يتركها مادامت الحياة تدق بجسده، فهي قد أصبحت تتشعب في حناياه شيءً فشيء..
في داخل الغرفة عملت الفتيات التي أحاطت رِفقة على إزالة ما على وجهها برِفق، لكن أردفت آلاء من بين أسنانها بغضب:-
– وكمان مُثبت، ومش أي مُثبت .. مثبت قوي كمان..
قالت أحد الفتيات:-
– علشان لو غسلت وشها ميتمسحش، كمية سواد في قلوبهم مش معقولة..
كانت رِفقة جامدة، تهبط دموعها فقط، تتوجع على نفسها وقلة حيلتها..
هل كل الحوادث التي مرت بها داخل منزلهم كانت عن قصد..!!
نعم كانت تتجاهل بعض الأشياء، مثل تلك الأيام التي يُخبروها أنهم لم يطهو الدجاج واللحوم وكانت تشتم الرائحة لكنها كانت تتجاهل الأمر..

 

لماذا!!!
لماذا هذا الحقد الدفين؟!
ماذا فعلت لهم لكل هذا!!
– جيبي مزيل المكياج يا إيمان من عندك..
حاوطها الجميع بحب وحنان وأخذوا يصلحون ما قاموا به هؤلاء الحاقدين ويحاولون إخراجها من تلك البؤرة..
هتفت آلاء بمرح:-
– إنتِ متعرفيش إللي كان مستنيكِ النهاردة..
يا سلام لو تعرفي يا بت يا ريفو..!
قلبها الصافٍ رغم الصدمة التي تلقتها لا يخذل أحد حتى في المزاح وإن كانت في أسوء حالتها..
رفعت وجهها النقي وأعينها التي أحمرت جفونها تتسائل بلطف:-
– يا ترى أيه يا آلاء قوليلي..
– يا ستي الأستاء يعقوب حب يقدملك إعتذار علشان اليوم إللي خرجتي فيه من قبل ميعادك..
ويا ترى أيه هو الاعتذار..
يعني مثلًا وجبات رِفقة المفضلة..
زي كريب النوتيلا .. كوردون بلو .. بيج ماك مثلًا..
ابتسمت رِفقة قائلة:-

 

– تصدقي أنا كنت جايه متحمسة أووي وجعانة وناوية أكل كل الأكلات إللي بحبها لأن جعانة وبقالي يومين مأكلتش..
قالت آلاء بحماس وهي تمسح وجه رِفقة بالمنشفة:-
– وأيه يقلل حماسك يا ست الحلوين إنتِ…
إحنا هنطلع ناكل لغاية ما نشبع وبصي براحتنا بقااا …أستاذ يعقوب مشّى الكل..
سَبَح الحزن على وجهها وقالت بإنتباه:-
– صحيح هو بسببي طرد الكل ودا أكيد مش كويس للمكان … أنا حقيقي آسفة..
يعني لازم أعتذرله..
– متشغليش بالك يا رِفقة هو أكيد مش يشرفه وجود أشخاص زي دول في المكان..
– معلش يا آلاء بس أنا لازم أعتذرله وأشكره، ممكن تخرجيني ليه..
– إللي يريحك يا ست الحلوين، تعالِ يلا..
أسندتها حتى خرجت من الغرفة.
كان يعقوب يجلس عند أحد الطاولات يضع رأسه بين يديه والعديد من الأفكار تعصف به..
همست آلاء عند رؤيته في أذن رِفقة:-
– رِفقة .. هو قاعد هناك .. تعالِ هوديكِ لغاية الترابيزة..
– تمام..

 

شعر بأحد يقف فوقه، رفع رأسه ليرى آخر شيء توقعه، أخذ قلبه يطرق بقوة عند رؤيتها تقف أمامه بتلك الطلة الساحرة..
جرى صوتها الذي كان كترنيمة ساحرة بالنسبة له، تقول بلطف غير مصطنع:-
– أستاذ يعقوب … لو مش عندك مانع ممكن أقولك حاجة..؟
كان ينظر لها كالمسحور رغم محاولته في أن يبقى جامدًا أمام عبد الرحمن الذي يرميه بنظرات ماكرة ونظرات العاملين المُترقبة..
تنحنح وقال دون أن يشعر:-
– قولي حـــــاجـــــات..
أردفت رِفقة بعدم فهم:-
– نعم.!.
أجلى صوته وقال بتدارك:-
– أقصد اتفضلي..
ساعدتها آلاء في الجلوس لتجلس أمامه ثم شرعت تقول بأسف وحزن:-
– أنا بعتذر جدًا لحضرتك … أنا اتسببت في أذية كبيرة للمكان وحقيقي أنا مكسوفة جدًا .. يعني..
وقبل أن تُكمل حديثها قاطعها بحزم:-
– أنا عملت إللي المفروض يتعمل يا…
وصمت عن عمد، لتبتسم هي قائلة بخجل:-
– اسمي رِفقة…

 

ابتسم بإشراق وهو يتذوق اسمها سرًا بتلذذ، وهتف بمزاح مستجد على شخصيته ليجعل عبد الرحمن يفغر فاهه بصدمة:-
– وأنا يعقوب..
تنحنحت بحرج وهي تُبعد عيناها عن مرمى صوته وقالت:-
– شكرًا جدًا لحضرتك يا أستاذ يعقوب، إللي عملته مش هنساه أبدًا..
جزاك الله خيرًا..
ردد باندهاش:-
– جزاك الله خيرًا .. دي دعوة صحّ..
– أيوا … مستغربها ليه..!
– أصل أول مرة حدّ يقولهالي، بس حلوة .. عجبتني يا رِفقة..
لم يُرد أن يبني قبل اسمها ألقاب، وأكمل يقول باعتذار وندم صادق:-
– أنا إللي آسف على الموقف إللي حصل .. وأتمنى تقبلي الإعتذار المقدم من المطعم..
قالت بحُسن نية:-
– مفيش ولا إعتذار ولا حاجة، أنا مش زعلانة أنا كنت قلقانة على المطعم يمسّه ضرر .. وبعدين أنا خرجت زيّ زي أي زائر خرج..
ابتلع غصة مريرة بحلقه، فكيف إذا علمت أنه كان مثل هؤلاء الأُناس الحقيرة وقد ظنّ فيها السوء مثلهم!!
ماذا لو كانت تفلتت نفسه من عِقالها وخرج وأسمعها تلك الكلمات الحقيرة التي كانت تدور بخلده..
كانت ستكون القاضية له…
ولو ظلّ جالسًا هكذا للصباح لم يكن ليرتوي أبدًا، لكن ذلك الأهوج عبد الرحمن الذي تدخل بخبث قائلًا:-
– آنسة رِفقة اتفضلي على الترابيزة بتاعتك وأتمنى تقبلي إعتذارنا..
وواصل بمكر وهو بالكاد يُمسك ضحكاته:-
– وجزاكِ الله خيرًا..
عقدت رِفقة جبينها بتعجب بينما رمقه يعقوب بنظرات يتساقط منها الشرر، ويتواعده بالكثير…
تدارك عبد الرحمن نفسه وهو يدرك أن كذبته قد كُشفت والويلات له من يعقوب..
جاءت آلاء تساعد رِفقة تحت نظرات يعقوب الناقمة، ليسرع عبد الرحمن في الفرار من أمامه..
جلست رِفقة في مكانها المفضل ومن حولها الفتيات الذين أخذوا في المرح معها والمزاح حتى يُنسوها هذا الموقف الذي مرت به..

 

كانت تضحك من قلبها وهي تشعر بالألفة بجانبهم بينما يعقوب كان بعالمٍ موازي غافلة هي عنه تمام الغفلة..
________بقلم/سارة نيل________
عندما أقبل المساء وأفاض الشفق على زاوية السماء كانت رِفقة تدلف للمنزل بهدوء خارجي..
سارت حتى الداخل، ورفعت صوتها بهدوء:-
– أمل … شيرين..
أتوا مسرعين حتى يشاهدوا ماذا حدث لها بعد هذا اليوم المليء بالسخرية، لكنهم تخشبوا حين شاهدوا وجهها الخالي من حقارتهم وملابسها النظيفة..
وقفت رِفقة أمامهم برِفعة ثم هتفت بجمود:-
– أنا عملت أيه فيكم علشان تعملوا كدا معايا..
يعني كان هدفكم تضحكوا الناس عليا وتخلوني مسخرة في الشارع..
أسرعت شيرين تقول ببكاء مصطنع:-
– ليه كدا يا رِفقة .. ليه سوء الظن ده إنتِ عمرك ما عملتيها..
دا أنا كنت عاملة مقلب فيكِ إنتِ وأمل..
عملت في أمل بردوه كدا وهي مأخدتش بالها..
أنا مكونتش أعرف إنك هتنزل النهاردة..
وكمان كنت هقولك يعني بس اتصدمت لما عرفت إنك خرجتي ومن ساعتها وأنا بعيط..
وانغمست في بكاءٍ كاذب، لتسرع أمل تقول:-
– أنا مش عارفة مالها رِفقة جاية حامية علينا من برا …أنا بردوه حصل معايا نفس الموقف بس ما أساءتش الظن في شيرين وعرفت إن الموضوع هزار….

 

يعني نهزر معاكِ مش عاجبك ومنهزرش مش عاجبك، علشان تعرفي إحنا بنتجنبك ليه.. علشان بتقفشي عالطول كدا..
عمومًا يا ستي محدش فين هيهزر معاكِ تاني..
وسحبت شقيقتها قبل أن تنبث رِفقة بأي كلمة..
لتقف شاعرة بالحيرة والندم من تسرعها..
لقد جعلت شيرين تبكي وأساءت الظن بها..
تنهدت بثقل وكانت على وشك الذهاب إليهم لكن أوقفتها زوجة خالها..
– رِفقة .. لو سمحتي عيزاكِ في كلمتين يا بنتي..
ابتسمت لها رِفقة لتجلس قائلة بطيبة:-
– أكيد طبعًا يا طنط عفاف..
– كنت عايزه منك طلب ويارب ما ترديني يا بنتي..
– اتفضلي أكيد يا طنط .. عيوني لكِ..
همست سرًا بسخرية:-
– أعمل بيهم أيه يا حسرة، هما لهم لازمة..
أردفت عفاف بصوت مرتفع بحسم مُباشر، كان أمر أكثر مما هو طلب ورجاء:-
– عيزاكِ …. تسيبي البيت..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى