روايات

رواية نجمه ليلى الفصل الأول 1 بقلم سارة مجدي

رواية نجمه ليلى الفصل الأول 1 بقلم سارة مجدي

رواية نجمه ليلى الجزء الأول

رواية نجمه ليلى البارت الأول

رواية نجمه ليلى الحلقة الأولى

كانت تسير ليلا تتلفت حولها فى كل مكان وهى تجر خلفها طفله صغيره تمسك بأطراف ثوبها تحاول ان تلحق خطوات امها السريعه بخطواتها الصغيره المتلاحقه …. و بين يديها قطعه حلوى كبيره تلتهمها فى نفس الوقت الذى تتلفت السيده حولها كل ثانيه و اخرى لتتأكد ان لا احد يلاحقها
حتى وصلت امام مبنى كبير رفعت عينيها تنظر الى تلك اللوحه الكبيره المضائه و قرأت الاسم بعينيها (( ملجأ الزيني ))
هى اختارت ذلك الملجأ لاسباب كثيره اولهم و اهمهم انه يعاملون الاطفال بشكل جيد و هذا ما يهمها حقا
لم تجد الحارس يقف امام الباب فهو فى هذا الوقت كل يوم يذهب الى المطبخ ليحضر بعض الطعام بعد ان يتأكد من نوم الجميع
نظرت الى صغيرتها لتجدها تفرق عينيها و يبدوا على ملامحها النعاس الشديد فحملتها برفق و دلفت من البوابه بعد ان و ضعت الشال فوق و جهها و اختبئت فى مكان بعيد نسبيا عن البوابه و جلست ارضا تضم صغيرتها بحنان و بدأت تربت على ظهرها بحركه رتيبه ليتثاقل جفن الصغيره و بعد عده دقائق كانت قد غفت تماما ظلت جالسه فى مكانها تحتضن الصغيره حتى تتأكد ان الحارس ايضا قد غفى بعد ان تناول كل الطاعم الذى احضره من الداخل
اخفضت نظرها تنظر الى صغيرتها التى بين يديها صاحبه الخمس سنوات ثم اغمضت عينيها تتذكر ما حدث قديما
كانت فتاه بسيطه تعمل فى احدى الاراضى الواسعه لعائله الزيني مع باقى فتايات القريه يجمعون المحصول من فوق الاشجار كانت دائمه الضحك و المزاح مع قريناتها بالعمل رغم حالتها الماديه الصعبه و ايضا ظروفها الخاصه بسبب وفاه والديها و المصاعب الكبيره التى تمر بها يوميا …. حتى ذلك اليوم الذى عاد فيه ابن عائله الزيني من الخارج هو اصغر ابناء العائله كان بالخارج يدرس و اليوم عاد و كانت العائله سعيده جدا برجوعه فأقاموا وليمه كبيره لكل البلده و لذلك ذهبت هى و كل الفتايات ليساعدوا نساء بيت الزيني فى تجهيز الطعام
و بعد ارهاق يوم كامل وقفت نجمه امام الحجه وفيه زوجه الحج نجيب الزيني كبير العائله و قالت بخجل
– ممكن يا حجه اخد نصيبى من الاكل و اروح البيت حضرتك عارفه الكل بيتعامل معايا ازاى
لتبتسم الحجه وفيه بحنان و تحركت خطوتان و احضرت وعاء كبير و وضعت فيه من كل الطعام كميات لا بأس بها و وضعت (( دكر بط )) كبير و قطع كثيره من اللحم و وضعت فوقه الغطاء و اعطته لنجمه و هى تقول
– خدى يا بنتى بالف هنا و ربنا يستر طريقك و ان شاء الله هيكرمك اخر كرم
اخفضت نجمه راسها بخجل و اخذت الطعام و غادرت المنزل سريعا
و عند الباب الكبير كادت ان تصدم بشخص لولا امسكها من كتفها لسقطت ارضا بما تحمل نظرت اليه بخجل و قالت
– انا اسفه يا بيه … مخدتش بالى
ابتسم الشاب و هو يقول
– و لا يهمك بس ابقى ارفعي راسك و انتِ ماشيه علشان ما تقعيش تانى مش كل مره هكون موجود و الحقك
نظرت اليه بخجل شديد و ابتعدت خطوتان للخلف و ظلت واقفه تنظر ارضا حتى يمر … و كان هو ينظر اليها بتأمل شديد جلبابها الواسع حجابها الذى لا يظهر و لو شىء يسير من خصلات شعرها و جهها الخالى من مساحيق التجميل لكنه يراها اجمل من كل تلك الفتايات الذى شاهدهم فى بلاد الغرب ايضا خجلها اكثر ما لفت نظره اشفق عليها من تلك الوقفه فدلف الى البيت لتغادر هى سريعا
مرت ايام و ايام و عادت نجمه للعمل فى الارض من جديد و ذات يوم كان سليم يمتطئ حصانه و يدور بين الحقول يتابع العمال بالارض حين وقعت عينيه عليها ابتسم بسعاده حقيقه فمنذ قابلها اول مره على باب بيت عائلته و هو يفكر بها
لم يعد يحتمل فتوجه لملاحظ العمال و سأله عنها و علم منه كل شىء … انه يفكر بها منذ ذلك اليوم و زاد احساسه بها اليوم و عليه ان يأخذ خطوه ما
توجه الى والده مباشره و اخبره بما يريد و كان الرد الطبيعى و المنطقى هو الرفض من هى هذه الفتاه الذى يرغب فى الارتباط بها و التى لا تليق بعائله الزينى .. لكنه لم يكن يوما بالانسان الذى يستسلم من اول جوله فذهب مباشره الى جده الذى ثار و انفعل و اقسم ان يحرمه من الميراث اذا حدث هذا الزواج لكن سليم لم يهتم لكل ذلك ذهب اليها مباشره و وقف امام بابها طرقه عده طرقات لكنها لم تفتح الباب و حين كان على وشك المغادره وجدها قادمه من بعيد ظل واقف فى مكانه ينتظرها و حين اقتربت منه شعرت بالاندهاش و الخوف و قالت بصوت متقطع
– خير …. خير يا بيه … هو .. هو فى حاجه
ابتسم ابتسامه صغيره وهو يقول
– لا مفيش متقلقيش انا بس كنت عايز اتكلم معاكى كلمتين
هزت راسها بنعم سريعا و هى تقول
– اتفضل
– تتجوزينى
قطبت جبينها بصدمه و شعور كبير بالذل و المهانه
ظلت صامته تنظر اليه بضيق شديد حتى قال من جديد
– انتِ فكراني بهزر ؟ انا بتكلم جد و جد جدا كمان
لم تتغير نظراتها هى تعلم جيدا الفرق بينها و بينه كالفرق بين السماء و الارض و تعلم جيدا ان ما يقوله اما مزحه سخيفه يحاول بها الشعور بالتسليه او هى محاوله للوصول اليها و نيل ما لم يستطع احد الوصول اليه اقترب منها خطوه و قال
– بصى يا نجمه انا عارف انك مش فاهمه و لا مستوعبه اللى بقوله بس انا بتكلم جد و عايز اتجوزك لو وافقتى هننزل انا وانتِ العاصمه و نتجوز و نعيش هناك … فكرى انا عايزك مراتى و ام عيالى … عارف انك مصدومه و مش فاهمه و مش مستوعبه و علشان كده هسيبك النهارده تفكرى و تخدى قرارك و انا معاكى دايما
عاد الى بيته و صعد الى غرفته ليرتاح قليلا و يرتب افكاره و كيف سيتصرف اذا رفضت هو سيظل خلفها حتى توافق و ايضا اذا تمسكت عائلته برفضهم
و لكن كانت عائلته لها راى اخر حين اقتحم والده الغرفه و خلفه ووالدته و هو يقول
– انت ماشى بدماغك ملكش كبير … كنت عند بيت نجمه بتعمل ايه ؟
قطب سليم حاجبيه باندهاش و قال ببعض الغضب
– حضرتك بتراقبنى ؟
– لا انا اكبر من كده بس واحد من الغفر شافك
اجابه والده بغضب كبير … ثم سال من جديد
– كنت عند بيت نجمه بتعمل ايه يا سيلم ؟
– كنت بطلبها للجواز
اجابه سليم بهدوء شديد ليخيم الصمت عليهم لعده ثوان ثم دوى صوت صفعه قويه على وجهه سليم جعلت الدم يسيل من فمه و رغم الغضب الذى كاد ان يتملك منه الا انه ظل صامت ينظر الى والده و جده الذى يقف خلفه و اخيه الاكبر خالد ثم تحرك بهدوء و اخرج حقيبته و بدء فى جمع ملابسه و اغلق الحقيبه و عاد ليقف امام والده و ضع بين يديه مفتاح السياره الجديده التى كانت هديه عودته و مفتاحه الشخصى للبيت الكبير و قال بهدوء رغم تلك النار التى تشتعل بداخله و اذا غادرت جسده لاحرقت العالم اجمع
– طول عمرى الطفل المطيع اللى بيسمع الكلام طول عمرى بنفذ اللى انتوا بتقرروه و عمرى ما قولت لا على اى حاجه .. افتكرتوا ان ده حقكم لكن لا يا بابا انا من حقى اختار حياتى … و من النهارده حياتى بره البيت ده و انسوا ان ليكم ابن اسمه سليم
و تحرك ليغادر الغرفه ليقول خالد ببعض الاشمئزاز
– كل ده علشان حته خدامه ؟ انت اتجننت يا سليم ؟
و قف سليم مكانه و التفت ينظر الى اخيه بغضب ثم قال
– لولا انك اخويا الكبير انا كان هيكون ردى على كلامك ده اقوى بكتير مما تتخيل … نجمه مش خدامه … نجمه هتبقا مراتى و كرامتها من كرامتى و كرامه مراتى ممنوع الاقتراب منها. فاهم يا خالد ؟
قال الاخيره بصوت عالى جعل خالد يتراجع الى الخلف بخوف شديد لينظر سليم الى جده و قال
– كنت فاكر انك الوحيد اللى هتقف جمبى لانك عملتها قبل كده و اتجوزت البنت اللى كانت بتشتغل عندكم فى البيت لكن من الواضح انك نسيت الماضى و نسيت ان من شابه اباااه يا جدى
التفت ليغادر ليجد جدته تقف امامه تنظر اليه بصمت ليقترب منها سريعا و قال
– جدتى انا اسف مكنتش
اشارت له ان يصمت ثم ابتسمت ابتسامه صغيره و قالت
– انا مش زعلانه منك يا سليم … و لا عمرى نسيت الحرب الكبيره اللى عشت فيها زمان .. نجمه طيبه و بنت حلال و شافت كتير .. حاول تعوضها عن الدنيا كلها بحضنك و حنانك و ربنا يسعدك يا ابنى
ثم خلعت الخاتم الكبير الذى كانت ترتديه و مدت يدها به فى اتجاه سليم و قالت
– شبكه نجمه
اخذ الخاتم من يدها و انحنى يقبلها باحترام ثم غادر سريعا و كلماتها التى توجهها للجد و والده و اخيه تصل اليه
– كل واحد فيكم له غلطه و مع ذلك مصرين تحاسبوا الناس على اخطائهم
ابتسم ابتسامه صغيره و هو يغلق باب البيت الكبير متوجهًا لبيت نجمه … فهو لم يعد له احد سواها و يرجوا من الله الا تخذله
وصلا الى العاصمه مع اول خيوط الشمس نظر اليها ليجدها تنظر حولها باندهاش و صدمه انها بريئه و بسيطه عيونها عميقه يشعر انه يغرق بداخلهم عاد بافكاره الى تلك اللحظه حين طرق بابها و صدمتها حين قص عليها ما حدث و جدد طلبه للزواج منها
وجدت نفسها امام فرصه للراحه لمًا هى فيه و لكن هل تحقق راحتها على حساب حياته و عائلته فقالت
– يا بيه ليه تخسر عيلتك و اهلك … اكون ايه انا علشان كل ده يحصل
اقترب خطوه واحده منها وقال
– انا مش عيل و لا تافه و لا شبطان فى لعبه و بعند علشان اهلى رفضوا يشتروها … انا من اول ما شفتك و عينى غرقت فى بحر عنيكى قلبى سابنى و راح وراكى من بعد اول مره شوفتك فيها
تحرك من امامها و بدء فى السير ذهاباً و ايابا فى الغرفه و هو يقول
– انا عشت عمرى كله اشوف و اتعلم … شوفت بنات كتير جدا و كتير اتعرض عليا الحب انا اول مره … اول مره اعرض حبى على حد انا محتاجه فى حياتى
وقف امامها و نظر الى عيونها بحب حقيقى جعل قلبها يرجف داخل صدرها
– و انتِ يا نجمه نجمه ليلى اللى كنت بدور عليها تنور سمايا .. و تبدل سواد ليلى لنور النهار
كانت تستمع الى كلماته غير مصدقه مندهشه و لكن ايضا تشعر بالسعاده فهذه المره الأولى التى تستمع لكلمات كتلك الكلمات او احد يهتم بها ذلك الاهتمام او يراها شىء مهم الى تلك الدرجه
اومئت بنعم ليبتسم بسعاده و ابتسمت هى الاخرى بسعاده رغم انها لا تعلم ما تخبئه لها الايام
و فى خلال دقائق كانت تجمع كل ما لها فى تلك الغرفه الصغيره و توجها الى امام المسجد يطلب منه ان يحضر الشيخ لعقد القران و ان يكون هو وكيلها و بالفعل تم الامر و اصبحت زوجته اقترب منها يقبل جبينها بحب و هو يهمس بها بكلمات رقيقه و ناعمه ثم وضع فى اصبعها خاتم جدته و هو يقول
– دى شبكتك … كمان ده مباركه جدتى لينا
نظرت الى الخاتم بأنبهار و هى تتذكر الخاتم فى يد الحجه وفيه و كم كان يلفت نظرها و تحب النظر اليه …. هل حقا الحظ سيبتسم لها هى حقا لا تعلم
اخدها و توجه بها الى العاصمه مباشره …. الى تلك الشقه الذى لا يعلم عنها احد من ماله الخاص الذى جمعه من عمله بالخارج بجوار دراسته و الذى لا يعلم ايضا عنه احد
و هناك و تحت تلك البنايه الشاهقه التى تطل على النيل العظيم وقفت تنظر حولها بانبهار و صدمه و بداخلها تقارن بين ما تراه عيناها من جمال و رقى و ما هى عليه من هيئه بسيطه جدا و مضمون ابسط … و بين من يقف بجانبها يتحدث الى حارس العقار الذى ظن انها احدى الخادمات التى احضرها من البلده لتقوم على خدمته
حين صعدا الى شقته ظلت واقفه عند الباب تشعر بالصدمه من روعه الشقه و اثاثها الراقى المميز
ادخل سليم الحقائب و التفت ينظر اليها و قال باندهاش
– واقفه كده ايه يا نجمه ؟ ادخلى
ظلت صامته تنظر الى داخل الشقه بأنبهار ثم قالت
– ادخل هنا عادى ؟
اقترب منها و امسك يدها و جذبها برفق لتدخل الشقه ثم اغلق الباب و قال بابتسامه واسعه
– نورتى بيتك يا نجمه
– بيتى ؟
قالتها باندهاش و صدمه … ثم دارت حول نفسها و هى تقول
– يا بيه انا كبروا اكون خدامه هنا …. مش يكون بيتى
– بيه و خدامه فى جمله واحده ليه كده يا نجمه حد مصلتك عليا عايزه تموتينى و لا ايه
قالها ببعض المرح و تصنع الصدمه و خاصه و هو يضع يديه فوق خافقه بأداء كلاسيكى معروف
لتقول هى سريعا
– بعيد الشر عنك يا بيه
اعتدل فى وقفته و ظهرت الجديه على ملامحه و هو يقول
– تانى يا بيه … هو فى زوجه بتقول لجوزها يا بيه ؟
هزت راسها بلا …. ثم قالت ببعض السخريه
– بس يا بيه الموقف هنا مختلف … و المقامات محفوظه
اغمض عينيه بضيق شديد ثم قال
– مقامات ايه يا نجمه ؟ يا نجمه انا اتحديت اهلى و خسرتهم علشان اكسبك انتِ … و انتِ تقوليلى مقامات … انتِ مراتى و مبقاش بينا دلوقتى حاجه اسمها مقامات و لا كان فى من الاساس
كانت تستمع الى كلماته باندهاش و عدم تصديق فصعب على من مثلها عاشت عمر كامل من الشقاء و المرار و التعب ان تصدق ان الحياه سوف تفتح لها ابوابها على اتساعها
عادت من افكارها على لمسه يده ليدها و هو يسير بها قائلا
– تعالى بقا افرجك على الشقه … و لو فيها اى حاجه مش عجباكى قوليلى و هغيرها فورا
كانت الصدمه ترتسم على وجهها و عدم التصديق ليبتسم لتعابيرها التى تجعله يشعر انه يفعل شىء بطولي خارق للطبيعه
كانت مع كل ركن فى المنزل يزداد انبهارها و اعجابها و عدم تصديقها من انها نجمه ابراهيم الفتاه البسيطه التى لم تعلم من الحياه شىء سوا غرفتها الصغيره و عملها فى الحقل و احيانا فى بيت عائله الزيني
الان اصبحت تسكن فى بيت لو ظلت تحلم طوال حياتها لن تحلم بشىء بسيط منه
كانت تقف فى منتصف غرفه النوم … اخر غرفه فى تلك الجوله الذى اخذها بها سليم تركها تتأمل كل مكان بها و خرج يحضر حقيبته و تلك الحقيبه القماشية الخاصه بها
حين دلف من الباب تحركت سريعا بشىء من الخجل و حملت (( بأجتها )) منه و هى تنظر ارضا
ان ملابسها رثه و تخجل حقا من تبديلها لما ترتديه لتردتى ملابس اقل منها
شعر بها حقا … و يعلم بما تفكر … و لكن كل ذلك لا يمثل له اى شىء يكفى انها اصبحت زوجته و هى ستعلم بنفسها انها اهم لديه من بعض ملابس لا قيمه لها
– انا هخرج بره لحد ما تغيرى هدومك براحتك … و لو عايزه تخدى حمام فى حمام فى الاوضه
ثم اخذ ملابسه البيتيه وغادر الغرفه لتظل هى واقفه مكانها … تسال نفسها ماذا تفعل هنا …. و كيف طاوعته في كل ما حدث … اين هى منه … و كيف لها ان تصدق انها اصبحت زوجته و كل شىء يثبت لها ان ليس لها دور و لا مكان سوا خدمته فقط
اقتربت من (( بأجتها )) و فتحتها تحاول البحث فيها عن اى شىء يناسب على الاقل جمال و بهاء تلك الغرفه
وجدت تلك الملابس التى كانت أهدتها لها يوما الحجه وفيه و دلفت الى الحمام تنظر بداخله بصدمه فهى لا تعلم كيف تستخدمه و لكنها مؤكد لن تطلب منه المساعده … لتحاول و ترى
و بعد معاناه طويله خرجت من الحمام ترتدى تلك البيجامه التى لم ترتديها من قبل و كانها كانت تعلم انها لا تليق بغرفتها الصغير و ها هو مكانها المناسب
كانت تجفف شعرها امام المرآه حين طرق سليم الباب و فتحه و ظل منتظر بابتسامته التى تخطف الانفاس و قال
– ممكن ادخل ؟
ليتصلب جسدها بالكامل من الخجل ليقترب منها و هو يقول
– ايه الحلاوه و الجمال ده
و كانت هى تنظر ارضا تذوب خجلا فذراعيها غير مغطيان و خصلاتها الطويله تنسدل على ظهرها بطولها المميز مما جعل قلبه يتقافز داخل صدره بسعاده و اعجاب …. و عينيه التى عشقتها من اول لحظه تعشقها من جديد
لم يستطع منع نفسه من الاقتراب منها … لم يستطع ان تكون بين يديه بتلك القوه و الجمال ولا يضمها الى صدره و يتمتع ببريق النجمه
فى صباح اليوم التالى استيقظت نجمه بعد نوم عميق و مريح … فبرغم خجلها و كل ما حدث بالامس الا انها و لاول مره تشعر انها حقا انسانه تستحق حياه كريمه و مريحه … تستحق الحب و الاحترام … و سيلم اعطاها ذلك الاحساس بكرم كبير … كان يتعامل معها برقه شديده و كانها مصنوعه من زجاج
نظرت بجانبها و لم تجده لتتذكر كم كانت خجله و بشده بسبب نومها بجانبه و كانت تأخذ طرف السرير و تضم قدميها اليها بشده ليجنبها هو بقوه لتصطدم بصدره و همس بجانب اذنها فى نفس اللحظه التى احتضنت ساقه ساقيها بقوه حانيه و يد تحاوط كتفها و اليد الاخرى وضعت فوق خصرها
– ده مكانك من النهارده … و اوعى تفكرى تبعدى عن مكانك ده و الا هيكون فى عقاب شديد جدا جدا
غادرت السرير و بدأت فى ترتيبه سريعا و لملمه كل الاغراض فى نفس اللحظه الذى فتح فيها باب الغرفه ودخول سليم بهدوء ظنا منه انها مازالت نائمه
لتبتسم بخجل ليقول هو بضيق مصتنع
– ايه اللى صحاكى يا نجمه كان نفسى اعمل زى الافلام و اصحيكى بطريقتى
لتنظر اليه باستفهام … ليقترب منها و ضمها بحنان و اقترب منها يقبلها بشوق و لهفه و حب كبير
– كده
ابتعد عنها حين شعر بحاجتها الى الهواء خاصه و هى لا تعلم فن التقبيل جيدا و تكتم انفاسها بشده
نظر اليها بابتسامه صغيره و قال و هو يغادر الغرفه
– خليكى واقفه مكانك … ثوانى وراجع لك
ظلت تنظر الى باب الغرفه الذى غادره منذ ثوان بترقب و اندهاش حين عاد و بين يديه الكثير من الحقائب و هو يقول
– صحيت من بدرى علشان اجبلك كل دول … و يارب زوقى يعجبك
كانت تنظر الى كل تلك الحقائب باندهاش و بدء هو يخرج ما بها مع ابتسامته التى تجعلها تشعر بالامان لا تعلم كيف تكون الابتسامه مصدر للأمان … و رغم سعادتها بكل تلك الملابس الجديده الا انها لا تستطيع ان تحرك عينيها عن وجهه و ابتسامته الرائعه
و كان هو يشرح لها كل ما اشتراه و يخبره اين ترتديه ثم رفع فستان منزلى بسيط ورقيق و قال
– عايز اشوف ده عليكى … ادخلى خدى دش و تعاليلى على المطبخ
– حاضر
ليقبل وجنتها بحب و غادر الغرفه … لتنفذ هى ما قاله بعد ان رتبت كل الملابس و الحقائب
غادرت الغرفه بعد ان تاكدت من مظهرها امام المرأه و توجهت الى المطبخ لتجده يقف هناك يعد الطعام اقتربت سريعا و هى تقول
– يا خبر ابيض يا بيه انتَ اللى بتطبخ اومال انا هنا بعمل ايه ؟
نظر اليها بحاجبان مرفوعان و قال
– بيه … و انت هنا بتعملى ايه ؟ ايه يا نجمه اللى انتِ بتقوليه ده ؟
نظرت اليه بخوف ليكمل قائلا
– مش عايز اسمع كلمه بيه دى تانى … و وجودك هنا مش مربوط بسبب غير انك مراتى حبيبتي و ان ده بيتك من ساعه ما دخلتيه امبارح
ثم اقترب منها قليلا و قال
– مفهوم
اومئت بنعم و هى غارقه فى سواد عينيه و كأنها مغيبه
جلس فى الشرفه بعد ان تناول الغداء التى اهدته نجمه بمهاره كبيره … اعدت كوبى من الشاى و جلست بجانبه على تلك الاريكه المريحه الموضوعه فى احدى جوانب الشرفه المحاطة بالكثير من الزهور و النباتات اصحاب الرائحه المميزه
كان شارد الذهن حتى انه لم يشعر بها … ظلت هى ايضا صامته و دون ان يصدر عنها حركه بسيطه تنظر الى ذلك المنظر البديع الموجود امامها … تفكر فى كل تلك السعاده و تشكر الله عليها
خرجت من افكارها على صوته و هو يقول
– عايز اخد رايك فى حاجه
نظرت اليه باهتمام ليقول هو بابتسامه صغيره
– بفكر افتح مكتب هندسى
كانت تنظر اليه بعدم فهم ثم قالت
– اللى انتَ شايفه صح اعمله انا معرفش
ابتسم و بدء فى شرح كل شىء يخص المكتب و كانت هى تستمع اليه بتركيز شديد ثم قالت
– يعنى انتَ مهندس مش كده
اومىء بنعم لتقول بابتسامه صغير و لكنها فخوره
– ان شاء الله تبقا احسن و اشطر و اشهر مهندس
مرت الايام كان سليم يعمل بكل مالديه من قدره … حتى فتح المكتب و استعان ببعض اصدقائه القداما حتى يأتوا له بالمشاريع حتى يصبح المكتبتين معروف فى الاوساط الهندسيه
مرت سنه اصبح المكتب من اشهر مكاتب الهندسه و يفكر سليم فى التوسع و انشاء مصنع …. و ايضا اصبحت حياته هو و نجمه متقاربه و بدء التفاهم ينسج خيوط قويه من الحب و الاهتمام و الثقه و الامان …. ذات يوم كان سليم يجلس على الاريكه الكبيره فى صاله المنزل بعد ان عاد من العمل و تناول وجبه الغداء ينتظر نجمته و ضوء ليله المميز و ابتسامه نهاره التى لا يرغب ان تفارقه ولو لحظه واحده بكوب الشاى المميز الذى اصبح يدمنه من يديها خاصه وهو يقص عليها كل ما يحدث معه فى العمل و هى استمع اليه باهتمام كبير رغم انها لا تفهم كل ما يقوله لكن نظرات اهتمامها تجعله سعيد و هذا يكفى
و لكنها تأخرت … توجهه الى الغرفه ليسقط قلبه اسفل قدميه محطما من الخوف و هو يراها ممده ارضا بلا حراك ليحملها سريعا بعد ان وضع عليها اسدالها و توجهه مباشره الى اقرب مستشفى ظل واقف امام الغرفه التى يتم الكشف عليها فيها
و بعد اكثر من عشر دقائق كاد قلبه ان يتوقف فيهم خرجت الطبيبه و على وجهها ابتسامه واسعه و هى تقول
– الف مبروك … المدام ضعيفه شويه انا كتبتلها شويه مقويات و ياريت الثلاث شهور الاولى ترتاح على قد ما تقدر
لم يستوعب كلمات الطبيبه ليقول
– ايوه يعنى هى عندها ايه ؟
لتتسع ابتسامه الطبيبه و هى تقول
– المدام حامل .. الف مبروك
ليبتسم بسعاده حقيقيه و هو يترك الطبيبه و يدلف اليها سريعا ليجدها تحاوط معدتها بحركه حمايه و على وجهها ابتسامه صغيره رغم تلك الدمعات فوق وجنتيها اقترب منها ورجلي امامها و هو ينظر اليها بسعاده كبيره و هو يقول
– هبقا بابا
اومئت بنعم ليقول من جديد
– و انتِ هتبقى ماما
اومئت مره اخرى بنعم … ليضمها بقوه و هو يقول بصوت مختنق من البكاء و رغم سعادته الا انه كان يتمنى ان يكون وسط عائلته و يرون حفيدهم من ابنهم الصغير صحيح هو يعلم اخبارهم دائما لكن هل هم يبحثون عنه ايضا هو لايعلم … و ايضا من داخله يريد ان يحضر ابنه وسط عائله كبيره تحبه و تحافظ عليه
– و انتِ هتبقى احلى ماما
مرت اربع سنوات كانت حياته هادئه ناعمه مليئه بالسعاده …. كانت نجمه و نعم الزوجه المهتمه و القريبه من القلب حنونه و يشعر جوارها بالراحه و السلام و كم ملئت الصغيره نجمه حياتهم بالسعاده و الابتسامه ذات يوم كان عائدًا الى البيت بعد ان شعر ببعض الالم فى صدره جعله يود ان يذهب لمن يرتاح فى وجودهم فها هى نجمته الصغيره تكمل عامها الثالث …. ليذهب اليها و يجلس معها يستمع الى قصصها الصغيره و البريئه …. و ينسى ذلك الالم … ان بداخله احساس قوى يجعله يشعر بالخوف و لذلك كان عليه ان يطمئن قلبه على ساكنيه
و كانت هى تقف بعيدا تشاهدهم من بعيد و بداخلها تشعر ان به شىء غريب لا تفهمه و لكن هذا الاحساس يجعلها و لاول مره منذ اربع سنوات تقفز احساس الامان خاصه مع غياب ابتسامته التى اعتادت عليها
اقتربت من مكان جلوسه هو و الصغيره و جلست بجانبهم تبتسم بسعاده و هى ترى الصغيره تغفوا فى حضن والدها بهدوء شديد و راحه و امان
اقتربت برفق حتى تحملها ليشير لها ان تنتظر و ظل يقبل الصغيره بحنان و يضمها و يستنشق عبيرها المميز
و بعد معاناه كبيره حملتها و ادخلتها غرفتها و عادت اليه … لم تجده فى صاله بيتهم فتوجهت الى غرفتهم لتجده ممدت على السرير اقتربت منه و جلست بجانبه و هى تقول بقلق
– مالك يا سليم
فتح عيونه ينظر اليها بابتسامه صغيره رغم عدم التصديق الواضح على وجهه و هو يقول
– يااااااه يا نجمه اول مره تقولى اسمى من غير القاب … تعرفى انه حلو اوووى منك قوليه تانى
الم قوى و قبضه قويه تعتصر قلبها لتقترب اكثر منه … و هى تقول
– انتَ بتخوفنى ليه يا سليم … انتَ تعبان … قوم نروح المستشفى
ليفتح ذراعيه لها و هو يقول
– اروح المستشفى و انا دوايا بين ايديا
لتقترب منه و تضمه بقوه ليغفوا الاثنان فى احضان بعضهما و فى صباح اليوم التالى كانت اول صفعه لنجمه منذ زواجها من سليم …. مات سليم … مات السند و الامان كان البيت و الحكايه …. تركها و حيده من جديد … رحل و اخذ معه الامان و الراحه … اخذ معه كل السعاده
اخذ معه مستقبل طويل لابنته و ترك لهم مجهول لا تعلم كيف ستواجهه
صرخت بصوت عالى تنعى روح طاهره و محبه رحلت عن هذا العالم بهدوء شديد تصرخ ماضى ستدفع ابنتها ثمنه
لم تكن تعرف اى شخص سواه و لذلك استعانت بحارس العقار فى انهاء كل الامور و اخبار موظفين شركه سليم الذين حضروا جميعا يواسوها و يعرضون مساعدتهم و يطمئنوها ان المكتب سيظل يعمل كمان كان سليم يفعل تمامًا
مرت ثلاث ايام لم يتوقفوا عن السؤال عنها لكن السؤال الذى كان يلح عليها
الم يعلم احد من اهله بخبر وفاته و لكن جائت الاجابه سريعا
فى صباح اليوم الرابع من وقت وفاه سليم حضر ضيف لم تراه يوما و لا تعلم من هو … و اتضح انه المحامى الخاص بسليم و معه وصيه
– الباشمهندس جالى من حوالى شهرين و طلب منى اكتب الشقه و المكتب بأسمك انتِ و بنتك و كمان هو عمل كل فلوسه اللى فى البنك وديعه باسم نجمه الصغيره
– و ليه يعمل كده ؟
اوضح المحامى قائلا
– سليم راح لعيلته من فتره بالتحديد بعد ما نجمه بقا عندها سنه و حاول انه يصلح الامور لكن والده رفض رغم ان جده مكنش معترض لكن قدام اعتراض والده مقدرش انه يصلح الامور و حب يكون مطمن عليكى و على بنته
اومئت بنعم ليكمل المحامى قائلا
– دى الاوراق الخاصه بوصيه الباشمهندس و البقاء لله
و وقف ليغادر و عند الباب لمح الصغيره تقف بالقرب من باب غرفتها ليبتسم ابتسامه صغيره ثم قال
– كان متعلق بيها جدا …. ربنا يرحمه
ثم نظر الى نجمه الكبيره و قال بعد ان مد يده بالكارت الخاص به
– لو احتجتى اى حاجه انا تحت امرك
نظرت الى الصغيره ثم فتحت ذراعيها لها لتركض اليها و عيونها تمتلىء بالدموع و الخوف
مرت الايام كانت نجمه تعانى من عدم فهمها لعمل سليم او كيف تتصرف حتى ساعدها المحامى فى ايجاد مدير جيد للشركه و استقرت حياتهم و لكن دائما هناك ما هو يقلب الموازين حين اكتشفت نجمه انها مريضه بالسرطان و فى مرحله متاخره و تحتاج لفتره علاج طويله … لم تشعر بنفسها الا وهى امام مكتب المحامى فهى لا تعلم احد غيره قصت عليه كل شىء و ايضا ما تفكر فيه و طلبت منه ان يدعمها و رغم قلقه مما طلبت منه الا انه وافق على ما قالت و وعدها ببذل كل ما يستطيع ليتم الامر كما تريد
عادت من افكارها على اول خيوط النهار لتضع الصغيره ارضا و بجانبها حقيبه ملابسها و ايضا ظرف كبير و غادرت من بوابه الدار و الدموع تغرق و جنتها لكن ليس لديها حل اخر

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نجمه ليلى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى