روايات

رواية مهرة الفصل الثاني عشر 12 بقلم رحاب قابيل

رواية مهرة الفصل الثاني عشر 12 بقلم رحاب قابيل

رواية مهرة البارت الثاني عشر

رواية مهرة الجزء الثاني عشر

رواية مهرة
رواية مهرة

رواية مهرة الحلقة الثانية عشر

تخيلتك دائمًا سند لي من غدر الزمان، تذكرت وقتما زُف خبر ولادتك لن أنكر امتعاضي وقتها حزن على والدتي المسكينة إلا أنه كان هناك جزء بداخلي فَرح، سعيد بأخٍ سيكون لي سند آمل بغد أفضل بيننا إلا أنك حطمت آمالي
تسأل بحيرة وهو يراقب عيناه الجامدة وجسده المتصلب رافعًا السيجارة التي بيده بعنجهية: ايه ماوحشتكش؟
كتف ذراعيه يحاول قدر استطاعته ألا ينهال عليه بوابل من اللكمات: انجز يا حكيم وقولي ايه اللي رجعك؟
ضحكات ساخرة ترددت بالأنحاء ضحكات لا تناسب تلك الأجواء المشحونة بينهم، رجع بضع خطوات للخلف ليجلس على أول مقعد يصل إليه وضع ساق فوق الأخرى قائلًا: عرفت أن أخويا الكبير اتجوز قولت آجي بارك أكمل حديثه وهو يعتدل بجلسته: برغم أنك ماعزمتنيش، على فكرة زعلت منك
بس معلش أنت الكبير برضه
اقترب منه بخطوات بطيئة يسحب مقعد قريب منه ثم وضعه أمامه ليجلس بمواجهته: اسمع يا حكيم أنا مش فاضي لألاعيبك دي فياريت تقصر وتجيب من الآخر
ارتسمت ابتسامة ساخرة على جانب ثغرة الأيسر ينحني بجسده هامسًا بصوت مسموع بجانب أذن شقيقه الكبر وهو يوجه بنظراته غلى مُهرة: روحك
انتفضت اثر ما سمعته من حكيم فكيف لأخ يريد أن يرى أخاه قتـ ـيل ايعقل هذا؟ لطالما وجدت أن تلك الأفكار مجرد أفكار تكتب على ورق لتصبح فيلم او مسلسل حتى بعدما ما كانت تقرأ أو تشاهد هذا بالأخبار إلا أنها أصرت بألا تصدق ما تريد إلى أن شاهدت ذلك بعينها وسمعته بأذنها، وبرغم خلافتها الكثيرة مع غيث إلا أنها لن تسمح بأن يتأذى.
اقتربت من زوجها تجذبه من ذراعه كيف يقف بجانبها قائلة بتحدي: فكر بس في أذيته وشوف مين اللي هيقف قدامك
وقع الكلام كالطرب الأصيل على أذن عاشقه، فكلماتها وبرغم الموقف الذي لا يحسد عليه إلا أنها اثلجت قلبه فمنذ متى يتوق إلى سماع تلك الكلمات لكنه ارتسم شبح ابتسامة اخفاها سريعًا عند سماعه لصوت شقيقه الساخر: الله الله مابقتش قادر تحمي نفسك فبتتحامى فمراتك دلوقتي يا غيث
جذبها من يدها خلفه يُجيبه بطريقة وحشية: لحد هنا وكفاية وفي خلال دقايق يا حكيم إن ماخرجتش برا بيتي هيبقى ليا تصرف تاني معاك مش حتحبه، ثم أكمل مكشرًا عن أنيابه: واعتقد إني مش محتاج اثبتلك بأني قد كلامي
وبرغم حدة الموقف وصعوبته إلا أن حكيم قرر الإنسحاب في الوقت الحالي، يعرف أخاه حق المعرفة فإن قال شيء سينفذه ومن السبب بإصابته من الساسا ألم يكن شقيقه غير الشقيق!
ابتسم بسخيرة يرفع ذراعاه عاليًا علامة على استسلامه: خارج بس حرجعلك تاني يا غيث وقريب قريب أوي ثم وجه بحديثه غلى مُهرة: قريب يا مرات أخويا هنعيش مع بعض تحت سقف بيت واحد وساعتها هنشوف حتعملي ايه
أدارت بوجهها بعيدًا دلالة عن امتعاضها من ذلك الأحمق، راقبته حتى سمعت الباب يغلق من خلفها، لكنها انتفضت عند سماعها لصوت زوجها الغاضب وهو ينادي على مشرفة المنزل، أتت مهرولة فور سماعها لصوت سيدها: البني آدم ده لو جيه تاني هنا مايدخلش وتنبهي على الأمن برا أنهم مايسمحوش بدخوله من اصله فهماني يا دادة حليمة؟
أمأت بإيجاب تُجيبه بارتباك: فهماك طبعًا يا بني فهماك
أدرك ما يدور حوله لذا وبدون حديث انسحب من أمامهم يصعد الدرج دون الإلتفات خلفه
********************************************************************
عندما اقول لك بأنني أحبك، لا أقولها وكأنني معتادة عليها، اقولها فقط لأذكرك بمدى حبي لك
ظلت ترمقه بنظرات عاشقة تحاول ان تستمد منه قوة لم تمتلكها منذ نعومة اظافرها، فمنذ أن فتحت عيناها على تلك الدنيا لم ترى سوى الخلافات التي معها فقدت لمعنى العائلة، عن اي أمان يتحدثون وهي كلما تذكرت والدها تذكرت معه صوته العالي وشجاره مع والدتها ثم رجوعه فجرًا يترنح اثر سكره، وعن اي حنان يتحدثون وهي لم تعي والدتها سوى وهي تصرخ بوجههم ليل نهار ومن ثم خططها التي لم تنتهي منها ابدًا منذ زواج والدهم بها حتى رضخ لأمرها وأصبح لا يرى زوجته الأولى أو حتى يسأل عنهم من بعيد، كل ذلك لم يكن قاسي بل القسوة الحقيقية التي قسمتها عند سماعها لخبر وفاة والدها اثر حادث مروع عند رجوعه من العمرة بعدما تدارك ما كان يفعله أراد التوبة لذا قرر سفره لزيارة بيت الله الحرام عسى أن يتقبل منه توبته وعند رجوعه انقلبت به السيارة، بعده أدركت بأنها وحيدة بذلك العالم حتى أن جدها لم يتقبل وجودهم معه وعاشوا كلهم مع والد والدتهم إلى أن توفت والدتها وقتها فقط سمح لهم جدهم [ان يعيشوا معه بسراياه إلا أن شقيقها رفض وجوده معهم الآن يتذكرهم!
قامت من مكانها لتجلس بجانبه وهي ترفع ذراعه تضعه حولها، تعجب مما تفعله لكنه لم يعقب إلا أنها نظرت إليه بأعين مترجية: هتفضل على كده كتير؟
وبدون أي إهتمام أجابها: لحد ما تعرفي غلطك
انتفضت من مكانها تصيح بوجهه: غلطة ايه يا عبد الرحمن أنا ما عملتش حاجة تستاهل كل ده
شرر غاضب خرج من عيناه برغم صمته وعدم ابداء أي مشاعر على معالم وجهه إلا أنها علمت بأن غضبه قادم لا محالة فهو يشب السكون ما قبل العاصفة وبالفعل ما توقعته حدث قام من مكانه بانفعال يناقض هدوءه صارخًا بوجهها بغضب: آخر مرة يا سهر تتكلمي معايا بالأسلوب ده
أغرورقت عيناها بالدموع: هاتلي مرة واحدة اتكلمنا مع بعض زي أي اتنين طبيعين يا عبد الرحمن، أنت طول الوقت بتعاملني وكأني عروسة الماريونيت، وأنت الوحيد اللي ليك حق أنك تحركها ولو اعترضت ابقى ارتكبت كبيرة من الكبائر، بجد عمرك شوفتني شريكة حياة
اقترب منها يلوي ذراعها خلفه قائلًا بهمس غاضب: كلامك المزوق ده مش هياكل معايا يا سهر ولو ماظبطيش نفسك أنا اللي هيبقى ليا تصرف تاني، فهماني؟
ثم تركها ذاهبًا بعيدًا دون النظر خلفه أما عنها فجلست ارضًا تبكي حالها ليست تلك الحياة التي أرادتها إطلاقًا، ليست هي…
****************************************************************
وضعت الحقائب أرضًا وهي ترمي بجسدها على الفراش بإريحية بعد عناء سفرها، تنهدت براحة وهي تغمض جفناها، لكن فور أن رقدت بجسدها شمت رائحة عطره لذا فتحت جفنيها سريعًا لتقابل أعين زوجها الغامضة، همت بقول شيء إلا أن شفتاه كانت أسرع عندما التهم شفتاها تجمدت من اثر الصدمة لكنها ابعدته عنه فورًا في خلال لحظات تنهره بعنف: ايه القرف اللي أنت عملته ده
لم يهتم بانفعالها أو عصبيتها متعمدًا الإقتراب منها كي يشتم رائحة عطرها الذي زعزع كيانه، أغمض جفنيه لثواني معدودة وهو يشبع رائحة أنفه من عطرها لأطول فترة ممكنه، أما عنها فلم تعلم ما الذي عليها فعله أتنهره وتزيحه بعيدًا عنها أم تظل على حالها كي تشبع نفسها قبل بعده عنها مرة أخرى، علمت في تلك اللحظة بأنها واقعة بشباك غرامه فلمَ العناد إذًا؟
اقترب منها أكثر عندما استجابت له إلا أن صوت طرقات على الباب وصراخ طفلة أخرجتهم من تلك اللحظة، اتسعت عيناها عندما لاحظت ما يحدث وبقوة كبيرة دفعته عنها وهي تهرول بإتجاه باب الغرفة، أخرج سبه وهو يراقبها تبتعد عنه إلا أنه تمالك نفسه عندما ابصر حماته تقف على الباب، رسم ابتسامة على ثغره وهو يخطو بخطوات سريعة يحيها بأدب: ازي حضرتك يا طنط
أغلقت ما بين جفنيها قائلة بعتاب: طنط!
ابتسم عندما ادرك ما ترمي إليه يحدثها بأدب: ماما
ابتسمت الأخيرة قائلة: أيوة كده، ثم أكملت حديثها توجهه لإبنتها: عاملة ايه يا حبيبتي؟
التفت برأسه إليها يحدثها بخبث: زي الفل يا ماما، ثم أكمل بتسأل: مش كده ولا ايه؟
أشاحت بنظرها إليه تنظر إلى وميض عينه اللامع وبنظرات ثابتة وخجل تعالى على ملامحها عندما تذكرت ما حدث بينهما منذ قليل: اه الحمد لله لكنها انتبهت على صوت ابنتها الصغيرة لتلقطها من بين ذراعي والدتها تضعها بين أحضانها: حبيبة قلب ماما وحشتيني يا ديجا
اقترب منهما ينتشلها من بين ذراعيها: حبيبة قلب بابا، هي مالها بتعيط كده ليه؟
ابتسمت صفاء: جعانة يا سيدي
غيث: طش ما تأكلوها
انتشلتها من بين ذراعيه تجيبه: لما تسبهالي وتديني فرصة علشان ادخل ارضعها
غيث: آه آه ماشي، بس هاتيها على طول
ابتسمت رغمًا عنها: حاضر
تأبطت صفاء ذراع زوج ابنتها وهي تنزل درج الفيلا قائلة: عمك عبد الحكيم أصر يجي النهاردة علشان يطمن عليكوا لما عرف أنكوا جايين النهاردة
رمقها بنظرات احترام: تنوروا في أي وقت يا ماما ده البيت كله نور
ربتت على يده: منور بأصحابه يا حبيبي
بعد قليل ولجت صفاء ومُهرة إلى المطبخ ليساعدوا من بالمنزل بتحضير الطعام بعدما سبحت خديجة في نوم هادئ، أما عن غيث وعبد الحكيم فجلسوا معًا يتسامرون عن أحوالهم إلى أن قاطعه عبد الحكيم: مُهرة عاملة معاك ايه يا بني؟
ابتسم يطمئنه: يا زين ما ربيت يا عمي، ونعمة الزوجة والله
اطمئن فالأول مرة يشعر بالإطمئنان على فتاته الوحيدة لقد كان غيث هو الإختيار المثالي لإبنته تذكر وقتها الجد عندما طلب يد ابنته لحفيده الأكبر، كاد أن يرفض إلا أن الجد قاطعه قائلًا: صدجني يا أبو مُهرة مش هتلاجي في حنية جلبه
وقد صدق: عمي
اخرجه من شروده صوت غيث: بتقول حاجة يا بني؟
غيث: بقول لحضرتك الأكل جاهز
ابستم يقوم من مكانه داعيًا الله بأن يديم سعادة ابنته طويلًا
*****************************************************************
رفع محمد عيناه قائلًا بهدوء: متى حوصل الكلام ده؟
نظر إلى والده الجالس فوق فراشه يطالع أوراقًا بيده قائلًا: النهاردة الصبح يا بوي
زادت تقطيبة مححمد يتساءل بحيرة: وايه اللي جابه تاني؟
أجابه مصطفى بحيرة مماثلة: ماعرفش يا بوي
هتف باستهجان وهو يرمي بالأوراق بعيدًا عنه: ابن صفية ده مش هيجي من وراه خير أتأكدلي من مجيته، وتخلي عينك عليه زي الصقر تشوفه رايح وجاي منين فاهمني؟
مصطفى: حاضر يا بوي بس..
محمد: بس ايه، اتكلم على طول
مصطفى: اللي عرفته أنه أول ما وصل راح لأخوه
انتفض محمد من مكانه قائلًا بتوجس: غيث! وايه اللي وداه هناك؟
مصطفى: ماعرفش يا بوي بس اللي أعرفه أن الواد ده مش هيسكت ومش هيسيبه لحاله أبدًا
رمقه بنظراته لبضع لحظات بعدها أمره بالخروج ليتركه وحيدًا، راقب ولده إلى أن أغلق الباب من خلفه وبسرعة جذب هاتفه المحمول يهاتف أحد ما، ظل دقيقة ينتظر الإجابة، إلى أن أتته وبدون إبداء أسباب أمره بأن يأتي على الفور ثم اغلق هاتفه مرة أخرى
*******************************************************************
ارتبكت سميرة عندما لمحت ابنها يولج من باب المنزل بسرعة غريبة، قامت من مكانها متسائلة: خير يا حبيبي ايه اللي جابك دلوقتي؟
أجابها ريان يحاول بث الطمأنينة بداخلها: خير يا أمي جدي عاوزني
سميرة: ليه في حاجة؟
ريان: مش عارف لما أدخل أشوفه وهقولك
طرق بضع طرقا خفيفة ثم ولج عندما سمع صوت جده الآمر
ريان: خير يا جدي؟
أمأ الجد بهدوء يشير إليه بالجلوس قائلًا: ابن عمك حكيم رجع
انتفض من مجلسه: امتى ده؟
محمد: النهاردة
تردد قبل أن يسأل يعلم جده وبأن سيرته تعصبه إلا أن الأيخر أنهى ارتباكه: راح لأخوه النهاردة
اندهش مما سمعه فخلاف غيث وحكيم لا يمر مرو الكرام كي يتراضوا أو يزور أحدهما الآخر بمنزله: وحصل ايه؟
محمد: ده اللي انا عايز أعرفه وعلشان كده لازم تقطع اجازتك وترجع شغلك
يعلم بأن معارضته لجده ستجلب له مصائب هو في غنى عنها لذا وبدون كثرة كلام أجابه: حاضر يا جدي بكرة إن شاء الله هكون هناك
أمأ برأسه يشير إليه بالخروج
*****************************************************************
مش حخليهم يتهنوا بيوم واحد تاني
تسألت بغرابة: هو أنت ليه بتكره عيلتك كده يا حكيم؟
لم يجد بما يجيبها به، فقط تذكر طرد جده لهم من على باب ساريته واستقبال حفيده الأكبر ووالدته، تذكر وفاة والدته التي ماتت أمام عيناه قهرًا على ما حدث لها ولهم، تذكر زواج أخته سهر من شخص لا تريده فقط لأنها أوامر جده، تذكر ضعفه وهو يراقب شقيقته تزف على شخص لم ترده من الأساس، تذكر وقتما زج به غيث بالسجن طول ثلاث أعوام طوال ظلمًا
لكن إلى الآن وكفي ليكونوا في انتظار انتقامه الذي لن يتنازل عنه مهما طال به الزمن

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مهرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى