روايات

رواية منقذي الزائف الفصل الحادي عشر 11 بقلم بتول علي

رواية منقذي الزائف الفصل الحادي عشر 11 بقلم بتول علي

رواية منقذي الزائف الجزء الحادي عشر

رواية منقذي الزائف البارت الحادي عشر

رواية منقذي الزائف الحلقة الحادية عشر

عاد رضا برفقة أماني إلى المنزل وهما يشعران بالإحباط الشديد على وضع أحمد الذي سوف يتم نقله إلى السجن بعدما يتماثل إلى الشفاء بشكل تام.

صعدت أماني إلى الشقة بينما بقي رضا واقفا في مدخل المنزل حتى يجيب على اتصال جاءه من أحد أصدقائه القدامى.

انتهت المكالمة التي دارت بين رضا وصديقه وكاد يصعد إلى الشقة ولكنه توقف بعدما رأى مالك الذي كان على وشك الخروج من المنزل حتى يلتقي بهبة فقد اتفق معها أنه سيصحبها إلى أحد الأماكن الترفيهية.

وقف مالك أمام رضا قائلا باحترام شديد:

-”إزيك يا عمو، أخبارك إيه وصحتك كويسة ولا لسة رجليك بتوجعك؟”

لوى رضا ثغره قائلا بضيق شديد فهو لم يكن يتصور أن مالك الذي كان يرى أنه ابنه الذي لم ينجبه يفعل تلك الأمور الفظيعة وليس هذا فحسب فقد تجاهله ولم يقم بدعوته إلى حفل خطبته:

-“أنا كويس والحمد لله يا ابن أخويا اللي شايف أن ملهوش أهل وراح خطب وعمل حفلة من غير ما يقول لينا وسابنا نعرف كل حاجة من برة زي الأغراب”.

ضيق مالك ما بين عينيه قائلا بدهشة بدت واضحة للغاية على وجهه:

-“إيه الكلام اللي أنت بتقوله ده يا عمي؟! أنا عزمتكم واتصلت ببابا وعرفته بس كلكم رفضتم تيجوا وشتمتوني لأني خطبت البنت اللي أحمد كان خاطبها مع أن الأمور دي كلها معروف أنها قسمة ونصيب ومحدش بياخد غير نصيبه اللي ربنا كتبهوله”.

صاح رضا مستنكرا بشدة هذا الادعاء الذي يقوله ابن أخيه والذي لا يوجد له أي أساس من الصحة:

-“جرى إيه يا ولد أنت هو إيه حكايتك بالظبط؟! أنت عايز تجنني وتشككني في نفسي ولا إيه؟! أنت جيت عزمتني إمتى إن شاء الله في الحلم مثلا؟! محدش عرف أي حاجة عن موضوع خطوبتك غير تاني يوم بعد ما كل حاجة تمت”.

اعترض مالك على كلام رضا قائلا بجدية تامة تبرهن على صحة حديثه:

-“أنا أسف يا عمي في اللي هقوله بس الكلام ده كله محصلش، أنا والله العظيم عزمتك ولو مش مصدقني روح اتصل ببابا وخليه يأكدلك أو روح اسأل أحلام مراته اللي أصلا صاحبة طنط أماني وهي هتشهد على كلامي”.

كاد مالك يخرج من المبنى ولكن أوقفه رضا الذي سيطر على ذهوله وقرر أن يتحدث مع أخيه ويتأكد من صحة هذا الكلام:

-“على فكرة أنا كنت في المستشفى من شوية عند أحمد وأحب أقولك أنه فاق وحالته مستقرة واتنقل لأوضة عادية”.

ظهرت السعادة على وجه مالك وهو يقول:

-“بجد يا عمي!! ده شيء كويس أوي، أنا هتصل بهبة وهعتذر منها وهروح دلوقتي على المستشفى عشان أشوف أحمد وأطمن عليه”.

وتلك الفرحة التي أظهرها مالك أمام رضا قبل مغادرته زرعت الشك في قلب الأخير تجاه حديث زوجته بشأن حقد مالك على أحمد.

اتصل مالك بهبة وعندما أجابت وأخبرته أنها صارت جاهزة وتجلس في انتظاره تفاجأت به يلغي الموعد الذي بينهما مبررا هذا الأمر بقوله:

-“أحمد فاق النهاردة من الغيبوبة وأنا هروح دلوقتي عشان أشوفه وأطمن عليه لأنه في الأول وفي الأخر يبقى ابن عمي ومن الواجب أزوره حتى لو كنت مضايق منه ومش طايق أشوف وشه”.

تلك الجملة الحازمة التي قالها مالك في مكالمة قصيرة لم تتعدَ ثلاثون ثانية كانت كفيلة بإحداث عاصفة قوية داخل قلب هبة الذي ارتفعت دقات قلبها بشدة مثلما كان يحدث معها في الماضي عندما كانت تقع عينيها على أحمد.

معرفة هبة بأمر استيقاظ أحمد ليست أمرا هينا على الإطلاق ففي هذه اللحظة احتدم الصراع المكبوت بين قلبها وعقلها وصارت مشوشة للغاية بسبب المشاعر المتضاربة التي سيطرت على كيانها.

حرب شرسة وقاسية أخذت تدور بين عقلها الذي يريد أن يراه وهو ذليل وينال جزاء أفعاله وقلبها الذي يبحث عن وسيلة يقنعها بها أنه برئ ولم يفعل أي شيء.

لقد حطم أحمد ثقتها بالجميع ودمر كل شيء جميل يجعل قلبها يشفع له ولكنها رغم كل ما حدث هناك شيء بداخلها يلومها على التسرع في مسألة خطبتها من مالك.

أخبرني ماذا أفعل يا قلبي؟ أوهام حبه أهلكتني، ونيران عشقي له أحرقتني، ولم يعد أمامي سوى اللجوء لمن يحبني ولا أحبه لعل هذا يجعلني أنسى عذاب روحي.

وهبته فؤادي فكسره، ومنحته كياني فمزقه، فسحقا لك أيها القلب الأحمق الذي فرح بعودته إلى عالمنا سالما بعد كل العذاب الذي ألحقه بك.

أخذت هبة تضرب فوق موضع قلبها وكأنها بتلك الضربات تعاقب فؤادها لأنه فرح بسلامة أحمد وبعد مرور بضع دقائق جثت أرضا بعدما أصابها التعب ورددت بأسى جملة عبرت عن وضعها ثم نهضت ودونتها في مفكرتها:

-‘لقد تشبثت بك يا أحمد بعدما ظننتك منقذي من آلامي وأحزاني، وعشقتك بعدما رأيت نظرات حبك لي في عينيك، لا أفهم كيف كنت ساذجة إلى هذه الدرجة التي جعلتني أثق بك؟!”

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

الصدمة شلت أطراف عمرو بعدما سمع كلمات الطبيبة التي أخبرته بمنتهى الوضوح أنه قد خسر الطفل الذي كان ينتظر قدومه.

شهقت فادية وضربت صدرها مرددة بحسرة:

-“يا عيني عليك يا ابني ملحقتش تفرح يا حبيبي”.

جلس عمرو على أقرب مقعد وأحاط وجهه بكفيه ولم يتفوه بأي كلمة بل ترك العنان للأسى باحتلال كيانه الذي ألح عليه أن ينعي طفله ويصرخ لفقدانه ولكنه لم يستطع وكأن لسانه صار معقودا برباط غليظ يمنعه من تحريكه والتحدث بما في قلبه.

مرت ساعتين بين هدوء عمرو وبكاء فادية وقد أخبرتهما الطبيبة أنهما بإمكانهما أن يصطحبا مروة برفقتهما إلى المنزل في المساء.

حرك عمرو لسانه وتحدث أخيرا ببضع كلمات لم يسمعها سواه:

-“اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه يا أرحم الراحمين”.

التفت عمرو نحو والدته وألقى عليها نظرات غاضبة بعدما سمعها تهتف بحدة:

-“يعني حتة العيل الهانم مش عارفة تحافظ عليه، أدى أخرة الدلع وعدم المسؤولية والاستهتار اللي موجودين في طبع مراتك، لو كنت رجعت لآية كان زمانها دلوقتي شايلة منك حتة عيل يفرح قلبك”.

زفرت بغيظ قبل أن تضيف مصرحة عما في قلبها من مشاعر كانت بمنزلة الملح الذي يوضع فوق الجرح حتى يزيد من شدة الألم في قلب عمرو:

-“أنا كنت مفكرة أنها هتعقل وهتعرف إزاي تتحمل المسؤولية لما تكون أم بس أنا طلعت غلطانة وهي ضيعت علينا فرحتنا بيك”.

كز عمرو على أسنانه وهتف بخشونة وهو يرمي والدته بنظرات حادة:

-“بس اسكتي بقى يا ماما كفاية أوي لحد كده، أنا مراتي كان ممكن تروح فيها وأنتِ بدل ما تقولي ألف سلامة عليها وربنا يعوضها ويجبر بخاطرها قاعدة تلوميها على حاجة مش بإيدها!!”

زمت فادية شفتيها قائلة بتبرم وهي ترمق ابنها بنظرات ساخطة:

-“خليك أنت يا أخويا اقعد دلع ودادي فيها لحد ما تخليك زي اللعبة في إيديها وكل الناس تشوفك دلدول”.

تابعت بتهكم وهي تضرب كفيها بركبتيها:

-“أنت مش لسة هتبقى عديم الشخصية قدام مراتك أنت خلاص بقيت فعلا عامل زي الشخشيخة لما بتقف قدامها وكلمة منها بتوديك وكلمة بتجيبك”.

وصل غضب عمرو إلى ذروته وبدون أن يشعر صرخ في وجه فادية بلهجة قاسية:

-“ماما لو سمحتِ امشي من هنا وسيبيني لوحدي، أنا مش عايز أشوف أي حد في وشي الساعة دي”.

تصرف عمرو جعل فادية تشعر بالغضب وتحمل حقيبتها وتغادر المستشفى دون أن تنطق بكلمة إضافية.

مر بضع دقائق على مغادرة فادية قبل أن تظهر إحدى الممرضات أمام عمرو وعندما رفع بصره نحوها أخبرته أن مروة قد استيقظت وتريد أن تتحدث معه في أمر مهم للغاية.

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

وصل مالك إلى المستشفى واستطاع بصعوبة أن يقنع العساكر حتى يسمحوا له بالدخول إلى غرفة أحمد والتحدث معه لوقت قصير.

دلف مالك إلى الغرفة وهو يبتسم وتوجه على الفور نحو أحمد واحتضنه قائلا بلطف:

-“حمد الله على السلامة يا أحمد، أنت مش متخيل أنا مبسوط قد إيه بسلامتك يا أخويا”.

كان رد أحمد على تلك الجملة وهذا العناق الأخوي هو أنه قد دفع مالك بكل ما أوتي من قوة هاتفا باستهزاء:

-“لا يا شيخ!! ما هو واضح فعلا أنك مبسوط أن أنا قمت بالسلامة وعشان كده استغليت اللي حصل معايا وروحت خطبت خطيبتي ومش بس كده ده أنت طلعت كمان شيطان ومية من تحت تبن لما فضلت تزن عليا عشان أنفذ فكرتك المجنونة وأهدد هبة وأتاريك كنت عامل حسابك تقلب عليا الترابيزة وتلبسني في الحيط عشان يخلالك الجو”.

صعق مالك من حديث أحمد مردفا بذهول:

-“إيه الكلام اللي أنت بتقوله ده يا أحمد؟! فكرة إيه اللي بتتكلم عليها وبتقول أني زرعتها في دماغك؟! أنا مقدر شعورك وعارف أنك زعلان عشان أنا وهبة اتخطبنا بس أنا عملت كده بعد ما فهمت منك في أخر مرة اتكلمنا فيها قبل الحادثة أنك مش بتحبها وأن مش فارق معاك تتخطب لأي واحد غيرك”.

أزاح أحمد غطاء سريره وهو يصرخ بعصبية:

-“نعم يا أخويا!! أنا إمتى قولتلك الكلام ده هو إحنا هنصيع على بعض ولا إيه؟! أنت اللي قولتلي أن الطريقة الوحيدة عشان هبة ترجعلي هي أني أهددها فبطل شغل العبط ده واتعدل معايا يا مالك لأن عفاريت الدنيا كلها بتتنطط في وشي الساعة دي ومش ناقص شغل استعباط منك وأنت عارف كويس أن مفيش حد غيرنا هنا في الأوضة”.

ارتسمت أمارات الذهول على وجه مالك وأشار إلى نفسه قائلا باستنكار:

-“بقى أنا اللي حرضتك على فبركة صور هبة ونشرها!! وبعدين أنا مش فاهم أنت ليه قولت أن هبة مش فارقة معاك وبعدين روحت فبركت صورها وفضحتها؟!”

عدل مالك من وضع سترته وهتف بحزن:

-“واضح كده أن الغيبوبة لسة مأثرة عليك وبتخليك تتخيل حاجات محصلتش وعشان كده أنا هسيبك ترتاح دلوقتي وهجيلك في وقت تاني على ما تكون فوقت واستعدت تركيزك”.

غادر مالك تاركا أحمد يرمش بعينيه وهو يوجه بصره نحو الباب وسأل نفسه هل أصابه بالفعل بعض الجنون بسبب طول المدة التي استغرقها قبل أن يستيقظ من الغيبوبة أم أن هناك شيء غريب يحدث حوله ولا يمكنه أنه يفهمه؟!

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

هتفت أماني بنفي قاطع وهي تنظر إلى زوجها الذي أخبرها بالحديث الذي دار بينه وبين مالك قبل ساعتين عندما تركها تصعد بمفردها إلى الشقة.

-“إيه الكلام الفارغ اللي أنت بتقوله ده يا رضا؟! مالك مجابليش سيرة نهائي بخصوص موضوع الخطوبة ولو هو جه هنا وأنت مش موجود وقالي فأنا أكيد كنت هقولك ومش هخبي عليك حاجة مهمة زي دي”.

ضرب رضا كفيه ببعضهما مرددا بذهول مما حدث فزوجته تتحدث بثقة وتقسم له أن أحلام لم تخبرها بأي شيء متعلق بالخطبة وعلى الجانب الأخر يوجد ابن أخيه الذي يؤكد له أنه أخبر عماد بالأمر وطلب منه إعلام الجميع بموعد الخطبة وهذا الأمر يصيبه بالتشتت الشديد:

-“الولد ده شكله ناوي ينقطني، أنتِ لو شوفتي طريقته وهو بيتكلم معايا يا أماني هتقولي أنه بيقول الحقيقة وأن الغلط من عندنا”.

ناولت أماني زوجها كأس من الماء وجلست أمامه وهي تتحدث بنبرة مشمئزة من تصرف مالك الذي يوضح مستوى الانحطاط الذي وصلت إليه شخصيته:

-“متزعلش مني يا رضا بس ابن أخوك ده بني آدم مقرف وحقير أوي زي أمه بالظبط، ورث عن نسرين نفس الطبع المنيل بتاعها، كانت على طول تعمل مصايب وتيجي بعد كده تنكر وتقول محصلش”.

شرب رضا الماء دفعة واحدة ثم وضع الكوب على الطاولة وتحدث بنبرة أظهرت مقدار التعجب الذي تملك منه:

-“تصوري يا أماني أنه من كتر بجاحته بيقولي اتصل ببابا واتأكد منه أني عزمتك!! البيه عايز يطلعني على أخر الزمن واحد مجنون رسمي!!”

نهضت أماني وأحضرت هاتف رضا ثم ناولته له قائلة بحزم فهي لن تقبل منه أن يجادلها في الشيء الذي تريد منه أن يقوم به:

-“أنت فعلا لازم تتصل بعماد أخوك عشان يشوف حل في عمايل ابنه لأن مالك كده زودها أوي ولازم حد يوقفه عند حده وإلا هيسوء فيها ويا عالم هيعمل إيه تاني بعد كده”.

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

-“طمنيني يا آية عملتِ إيه في الموضوع اللي اتكلمنا فيه؟”

قالها شادي بتساؤل وهو يتحدث مع آية عبر الهاتف فأجابته الأخيرة وهي تبتسم:

-“أنا نفذت خطتي بالظبط من غير ما يحصل أي غلطة ودلوقتي مروة في المستشفى وأنا قاعدة في البيت مستنياهم يرجعوا عشان أعرف إذا كان الجنين نزل زي ما أنا عايزة ولا هضطر أستخدم طريقة تانية عشان أتخلص منه”.

تنهد شادي بارتياح فقد شعر باطمئنان شديد لأن آية لم يتم كشفها وفي الوقت نفسه شعر بتأنيب الضمير ولكنه لم يظهر هذا الأمر أثناء حديثه:

-“تمام يا حبيبتي، أهم حاجة عندي هو أنك تخلي بالك من نفسك ومش مهم عندي أي حاجة تانية خالص”.

اتسعت ابتسامة آية بعدما سمعته يقول هذا الكلام الذي جعل قلبها يدق من فرطِ السعادة فهي لم تكن تتخيل أن يصل حب شادي لها إلى هذا القدر الذي يجعله يكترث لأمرها أكثر من اهتمامه بثروة عائلة عمرو:

-“هو أنا قولتلك قبل كده أني بحبك أوي يا شادي؟!”

أجابها شادي بلطف وهو يغلق باب غرفته جيدا حتى لا يصل صوته إلى والدته التي تجلس في الصالة أمام التلفاز تتابع مسلسلها المفضل:

-أيوة قولتيلي قبل كده الكلام ده وأنا برضه قولتلك أني بحبك أوي وهستحمل أي حاجة عشانك”.

أرادت آية أن تتحدث معه لوقت أطول وتبوح له بكل ما في قلبها ولكنها صمتت بعدما نظرت بشكل عفوي من النافذة ولمحت فادية وهي تخرج من إحدى سيارات الأجرة وتتوجه نحو مدخل المنزل.

هتفت آية بسرعة قبل أن تهم بإنهاء المكالمة:

-“طيب أنا هقفل معاك دلوقتي عشان فادية جيت وأنا عايزة أعرف منها إيه الأخبار”.

وضعت آية الهاتف جانبا وأخذت تسير ذهابا وإيابا تنتظر دخول فادية في أي لحظة وهي تشعر بالتفاؤل لأن حدثها يخبرها بأنها ستسمع من حماتها الخبر الذي تود سماعه.

دلفت فادية إلى المنزل وهي واجمة الوجه فاستشفت آية من ملامحها أن خطتها قد نجحت ونالت ما تريده.

تصنعت آية الحزن وهي تتقدم نحو فادية متسائلة بقلق غير حقيقي وهي تتمنى أن تسمع الجواب الذي سيجعل قلبها يرقص من شدة الفرح:

-“طمنيني والنبي يا ماما وقوليلي مروة عاملة إيه دلوقتي؟!”

جلست فادية على الأريكة هاتفة بأسى تاركة العنان لدموعها تبلل وجهها الذي لم يكسوه التجاعيد على الرغم من تقدمها في السن:

-“الجنين راح يا آية بسبب استهتار الست هانم وبدل ما ابني يديها كلمتين ويعلمها إزاي تكون واحدة مسؤولة راح طردني من المستشفى وقال أنه مش عايز يشوف وش أي حد”.

كبحت آية ابتسامة كادت تظهر على شفتيها ثم جلست بجوار فادية وربتت على كتفها متصنعة الأسف وقالت:

-“متزعليش نفسك يا ماما، عمرو أكيد ميقصدش يتعصب عليكِ، هو بس زعلان بسبب اللي حصله وقال أي كلام من اللي بيتقال في وقت العصبية”.

أكملت آية حديثها متصنعة التعاطف مع فادية وعدم رضاها عن تصرف عمرو معها:

-“كلامي ده مش معناه أني مش شايفة أن اللي عمرو عمله معاكِ يبقى غلط ولازم يتأسف عليه”.

نهضت آية وأضافت بودٍ برعت في تقمصه أمام فادية:

-“أنا هروح المطبخ أعملك كوباية عصير يا حبيبتي وهجهز ليكِ حاجة خفيفة عشان تتعشي وتاخدي الأدوية بتاعتك قبل ما تنامي”.

ابتسمت فادية بوهن وقالت بلطف فهي ترى آية بمنزلة الفتاة التي تمنت دائما أن تنجبها:

-“ربنا يبارك فيكِ يا بنتي، أنتِ الوحيدة اللي حاسة بيا وبتهوني عليا كل الأزمات اللي بمر بيها على عكس ابني اللي مش بيهمه غير راحة مراته حتى لو كان على حسابي”.

دلفت آية إلى المطبخ وهي تبتسم بسعادة لأنها حققت أول انتصار لها والذي سوف يعقبه المزيد من الانتصارات في المعركة التي تخوضها حتى تحقق أهدافها.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية منقذي الزائف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى