روايات

رواية منقذي الزائف الفصل الثالث عشر 13 بقلم بتول علي

رواية منقذي الزائف الفصل الثالث عشر 13 بقلم بتول علي

رواية منقذي الزائف الجزء الثالث عشر

رواية منقذي الزائف البارت الثالث عشر

رواية منقذي الزائف الحلقة الثالثة عشر

كان أحمد يراقب منزل هبة وظل ينتظر مغادرة مالك وآية حتى يصعد إليها ويتحدث معها بشأن كل ما حدث بينهما.

زفر أحمد بارتياح بعدما شاهد مالك وهو يدخل برفقة آية إلى السيارة ثم غادر المنطقة وهذا يعني أنه قد حان الوقت حتى يتم الأمر الذي حضر خصيصا من أجله.

سار أحمد نحو منزل هبة وكاد يصعد ولكن قبضت على معصمه يد غليظة منعته من استكمال طريقه وسحبته إلى ركن بعيد عن مرمى بصر هبة التي تقف في الشرفة وتنظر بشرود إلى المارة ومن حسن حظ أحمد أن عينيها لم تقعا عليه.

أزاح أحمد يد الشاب الذي أمسك به ثم التفت له حتى يوبخه ولكن انعقد لسانه بمجرد رؤيته لوجه من قام بسحبه فهذا الشخص ليس سوى ابن خالته الذي يدعى “محمد”.

تحدث أحمد مستغربا الطريقة التي تصرف بها ابن خالته قبل قليل:

-“ممكن أفهم يا محمد إيه اللي أنت عملته ده؟!”

اكتفى محمد بإشارة من إصبعه نحو شرفة منزل هبة التي ابتسم أحمد بعدما رآها وقال:

-“أنا مش عايز أستخبى منها يا محمد، أنا كنت جاي عشان أشوفها وأتكلم معاها”.

التفت له محمد قاطبا جبينه وهتف بدهشة:

-“أنت بتهزر يا أحمد ولا بتتكلم بجد؟! وبعدين أنت أصلا شوفتني قدامك ومفيش على وشك أي انفعال وكأنك نسيت أن ليكِ ابن خالة بيعتبرك زي أخوه!!”

انتبه أحمد إلى الخطأ الذي قام به فهو لم يسلم على ابن خالته ولم يسأله عن سبب مجيئه وكيفية معرفته بوجوده أمام منزل هبة.

خلل أحمد أصابعه بين خصلات شعره هاتفا بإحراج:

-“أنا أسف يا محمد، نسيت أقولك حمد الله على السلامة، هو أنت صحيح جيت إمتى؟”

أجابه محمد وهو يربت على ذراعه:

-“أنا وصلت القاهرة من ساعة وتعبت أوي في الطريق لأن زي ما أنت عارف المشوار صعب أوي من العريش لهنا وعشان كده كنت عامل حسابي أرتاح بس…”

قاطعه أحمد متسائلا باستغراب:

-“إيه اللي خلاك تسيب راحتك وتيجي ورايا وعرفت إزاي أني موجود هنا؟!”

حاول محمد أن يتهرب من الإجابة على هذا السؤال ولكنه رد مكرها بسبب ضغط أحمد عليه:

-“خالتي هي اللي بعتتني لعندك عشان ألحقك قبل ما هبة تشوفك”.

شعر أحمد بالسأم من والدته التي تراه طفلا لا يستطيع أن يتصرف بمفرده حيث أنه قد اختلف معها في الرأي بعدما أصرت على عدم ذهابه إلى منزل هبة ولكنه غادر المنزل وقرر أن يفعل ما يريده ولم يكن يعلم أنها سوف ترسل خلفه ابن خالته حتى يمنعه.

همس أحمد متألما وهو يتطلع إلى ملامح هبة التي اشتاق لرؤيتها:

-“أنا لازم أتكلم معاها وأحاول أفهمها أني معملتش أي حاجة”.

نظر له محمد بإشفاق فهو يدرك جيدا حقيقة ما يمر به ابن خالته ويتفهم حالته النفسية ومسألة رغبته في رؤية هبة ولكنه لن يدعه ينفذ ما يريده حتى لا يلحق الأذى بنفسه.

هتف محمد بجدية بعدما نظر حوله بقلق خوفا من رؤية هبة لهما:

-“أحمد أنت لازم تعقل وتفكر مليون مرة في الحاجة اللي عايز تعملها وتشوف أنت بتعمل إيه لأنك لو طلعت دلوقتي عند هبة اللي هي أصلا مش طايقة تشوف وشك وحاولت تتكلم معاها صدقني هي أكيد هتتصل بالبوليس وهتقول أنك بتتعدى عليها في بيتها وبتحاول تجبرها تتنازل عن القضية وهتستخدم كل الكلام ده ضدك في المحكمة”.

فكر أحمد في كلام ابن خالته ورأى أن وجهة نظره سديدة فهو إذا أراد أن يلتقي بهبة فعليه أن يفعل ذلك في أي مكان بعيدا عن منزلها وليس هذا فحسب بل يتوجب عليه أيضا أن يتأكد من وجود أناس غيرهما حتى لا تستخدم هبة تلك المقابلة كسلاح ضده أثناء جلسات المحكمة.

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

تناولت مروة الدواء الذي وصفته لها الطبيبة بعدما انتهت من تناول الغداء بمفردها في شقتها مثلما أمرها عمرو بعدما اتصل بها وأخبرها أنه سوف يتأخر بالخارج ويجب عليها أن تأكل ولا تنتظر عودته.

انتهت مروة من غسل الصحون وكادت تذهب إلى غرفتها ولكن طرقات الباب أوقفتها.

توجهت مروة نحو الباب وكادت تفتحه ولكنها توقفت ونظرت من خلال العين الصغيرة حتى ترى من الطارق خاصة بعدما تذكرت أن فادية لا تصعد إلى شقتها إلا نادرا.

احتدت نظرات مروة عندما رأت آية وهذا الأمر أقلقها فعمرو ليس موجود في المنزل وهي لا تزال متعبة ومن الصعب أن تتصدى بمفردها لآية إذا حاولت أن تغدر بها.

استمرت آية في الطرق فردت عليها مروة بنبرة مرتبكة دون أن تفتح الباب:

-“أيوة يا آية، عايزة حاجة؟”

استغربت آية من عدم فتح الباب وشعرت بالإهانة وهذا الأمر جعلها تتحدث بحدة:

-“هو مش من الذوق أنك تفتحي الباب الأول ولا أنتِ أمك معلمتكيش الأصول وقالتلك تقفلي باب شقتك في وش ضيوفك!!”

أدركت مروة أنها إذا لم تجد مبررا مناسبا لتصرفها فسوف تقع في مشكلة مع فادية وهي ليست في حالة تسمح لها أن تتجادل مع حماتها التي صارت تقسو عليها أكثر من ذي قبل بعدما ظنت أن الجنين قد مات.

أخذت مروة تسعل وردت بتلجج إثر توترها فهي لولا حالة الإعياء التي تسيطر عليها منذ استيقاظها من النوم لكانت فتحت الباب وجرت آية من شعرها انتقاما منها على محاولة قتل ابنها:

-“أنا أمي علمتني الأصول يا آية وعشان كده أنا مش هفتح الباب لأني كنت باخد دوش ومش لابسة غير الروب ومش معقول كنت هسيبك تقعدي ساعة تخبطي على الباب لحد ما أخلص لبس وأجي أفتحلك”.

ضمت آية حاجبيها بدهشة وهزت رأسها باقتناع قائلة بهدوء نتج عن الراحة التي شعرت بها بعدما فهمت أن تصرف مروة بسبب وضعها وليس لأنها تشك بأنها المسؤولة عن قتل الجنين:

-“تمام يا مروة مفيش مشكلة، أنا طلعت أقولك أن ماما عايزاكِ تنزلي تتغدي معانا تحت”.

سارعت مروة برفض هذه الدعوة بقولها:

-“معلش يا آية أنا مش هقدر أنزل لأني تعبانة أوي وهاخد دلوقتي أي مسكن عشان أقدر أنام وأرتاح شوية”.

هزت آية رأسها بتفهم وعادت إلى شقة حماتها وأخبرتها بكل ما جرى فمصمصت فادية شفتيها قائلة باستنكار:

-“هي هتفضل تعبانة على طول ولا إيه؟! محسساني أنها أول واحدة يحصلها إجهاض! دي من ساعة ما رجعت من المستشفى وهي مش بتيجي الشقة هنا غير لما عمرو بيكون موجود”.

وكانت كلمات فادية العفوية هي التي لفتت نظر آية إلى أمر صار واضحا ولكنها لم تلاحظه طوال الأيام الماضية، فمروة بالفعل لم تعد تأتِ إلى شقة فادية إلا برفقة عمرو الذي لا يسمح لها بالنهوض من مكان جلوسها وإذا أرادت فادية منها أي شيء يذهب هو ويحضره بالنيابة عنها.

تردد بداخلها سؤال أصابها بالحيرة، هل تصرف عمرو مراعاة لحالة زوجته النفسية أم أنه بدأ يشك بأمرها ولا يدع مروة تأتي بمفردها حتى لا تتعرض مجددا لأي أذى؟

إذا كان عمرو يشك بأمرها فسوف يختفي هذا الشك إلى الأبد بعدما تنفذ الخطوة الثانية من خطتها والتي سوف تتخلص بها من وجود مروة بشكل نهائي.

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

وقف عماد أمام قبر زوجته الراحلة “نسرين” وهو يتحدث بقهر عما أصابه هو وابنه من وراء حقدها فقد كانت تحاول أن تجعل مالك نسخة منها:

-“عاجبك اللي ابنك وصله يا نسرين؟ يا ترى مبسوطة دلوقتي وحاسة أنك مرتاحة بعد ما دمرتِ عيالنا؟!”

هبطت دموع عماد وهو يتابع حديثه الذي يدل على مدى الانكسار الذي يشعر به بعدما اضطر إلى الكذب على شقيقه وادعى أنه قد أصيب بالخرف حتى يخفي حقيقة ابنه عن الجميع:

-“بسبب الحقد والسواد اللي كان مالي قلبك مالك بقى بيعاني دلوقتي لأنك كنتِ بتزرعي جواه فكرة أن الكل بيكرهه وأن أنا بحب أحمد أكتر منه وأني شايفه واحد فاشل، وآية بتكره سيرة ياسين الله يرحمه لأنك كنتِ بتعصيها عليه أيام الخطوبة وكل ده عشان هو كان بيرفض كل محاولاتك لإهانة أمه”.

زفر عماد بضيق وهو يتذكر حياته مع نسرين التي كانت كالجحيم بسبب اعتقادها بوجود علاقة غرامية تجمعه بأماني.

لقد كانت علاقته برضا على وشك الدمار ذات مرة بسبب أوهام نسرين التي أصرت أن أماني تسعى لاختطاف زوجها منها وأن عماد يحب أحمد أكثر من مالك لأنه ابن المرأة التي يحبها.

تنهد عماد وهو يتابع بمرارة فهي على الرغم من رحيلها قبل بضع سنوات بسبب إصابتها المفاجئة بالسرطان إلا أن أثرها الخبيث لا يزال موجودا في حياته:

-“أنا فضلت مستحمل الحياة المقرفة اللي عيشتها معاكِ عشان خاطر مالك وآية بس في الأخر خسرتهم وبقيت واقف وإيدي متكتفة ومش عارف أعمل إيه وأنا شايف بنتي رجعت تتواصل مع الصايع اللي اسمه شادي وابني بقى مجنون بحب هبة وعنده استعداد يخسر أي حد عشانها وأنا بقيت مضطر أعمل نفسي واحد خرفان عشان أداري حقيقته لأني مش هقدر أستحمل أشوف حياته مدمرة بعد ما الكل يعرف السر اللي أنا فضلت أحاول أخبيه طول السنين اللي فاتت وكل ده من تحت رأس الأوهام اللي كانت مالية دماغك”.

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

تواصلت آية مع صديقتها القديمة رغدة وطلبت منها أن تحدد لها موعدا مع توفيق وهذا بالفعل ما قامت به الأخيرة رغبة منها في خدمة رفيقتها التي تحبها.

ذهبت هبة برفقة كل من مالك وآية إلى مكتب توفيق الذي استقبلهم بابتسامة واسعة هاتفا بترحيب:

-“أهلا وسهلا بيكم، اتفضلوا استريحوا”.

شكرته هبة على ذوقه ثم جلست أمامه ونظرت إلى المكتب قبل أن تتحدث بشكل مباشر ودون أي مقدمات في الموضوع الرئيسي الذي حضرت من أجله:

-“أنا كنت عايزة أعمل توكيل لحضرتك عشان تمسك قضيتي وتساعدني أخد حقي وبالنسبة للأتعاب فأنا مش عايزة حضرتك تقلق خالص من الناحية دي لأني مستعدة لكل اللي هتطلبه، المهم عندي أني أنتقم من أحمد”.

لم تكن هبة تفكر في هذه اللحظة سوى في شيء واحد وهو أن تقضي على أحمد حتى لو كان ثمن هذا الأمر هو التضحية بالمال الذي ورثته والدتها الراحلة عن عائلتها.

ابتسم توفيق بعدما تأكد من قدرة هبة على دفع الأموال التي سيطلبها فهو كان يخشى من مسألة أن يترافع عن قضيتها بمقابل زهيد من أجل رغدة التي تريد مساعدة خطيبة شقيق صديقتها.

تظاهر توفيق بعدم اكتراثه لأمر الأتعاب وهو يبدي تعاطفه معها قائلا:

-”متشغليش بالك خالص بالموضوع ده يا آنسة هبة، أنتِ زي بنتي واللي حصل معاكِ مفيش أي شخص يقبله وعشان كده أنا هساعدك تجيبي حقك حتى لو من غير مقابل”.

نظرت هبة إلى توفيق بامتنان لأنه يتفهم وضعها وأخذت تخبره بجميع التفاصيل المتعلقة بقضيتها دون أن تهمل أي شيء حتى لو كان تافها من وجهة نظر الجميع.

لم يركز توفيق سوى على شيء واحد وهو أنه سوف يواجه خصمه اللدود “صلاح حسين” وهو واثق أنه سوف يربح القضية هذه المرة لأنه يقف مع الضحية وليس في صف المتهم مثلما كان يحدث في المرات السابقة.

انتظر توفيق أن تنتهي هبة من سرد التفاصيل ثم ابتسم بخبث وهو يقول:

-“في حاجة صغيرة لو عملتيها يا هبة ساعتها هتضمني أن أحمد هيكون في خبر كان وأن العقوبة اللي هياخدها هتقضي عليه بشكل نهائي”.

سألته هبة بلهفة غريق وجد أمامه الحبل الذي سوف ينقذه من الموت:

-“إيه هي الحاجة دي يا أستاذ توفيق؟”

-“لو التهمة ثبتت على أحمد فهو مش هيتسجن لفترة طويلة يعني أقصى حاجة هتكون خمس سنين ومش هتزيد مدة حبسه عن كده إلا في حالة واحدة وهي أنك تقولي أنه حاول يجبرك باستخدام الصور المفبركة على فعل أمور مخلة بالشرف وأنه عمل الفضيحة دي لما أنتِ رفضتي تنفذي طلبه وأنا مهمتي أني أثبت عليه الكلام ده ووقتها العقوبة ممكن توصل للسجن المشدد اللي مش هيقل عن 15 سنة”.

كانت إجابة توفيق صادمة بالنسبة لهبة على عكس مالك فقد فرح كثيرا بهذا الاقتراح الذي يراه رائعا من وجهة نظره وهتف مستفسرا بشأنه:

-“يعني حضرتك عايز تقول أن لو هبة ادعت وقدرت تثبت أن أحمد حاول يجبرها أنها تعمل معاه حاجة مشينة بدون رضاها أو مثلا حاول يستغلها في مجال الدعارة ساعتها ده هيعقد موقفه وهينضاف ليه قضية زيادة وهي الإتجار بالبشر؟”

أومأ توفيق مؤكدا هذا الأمر الذي جعل الصراع يحتد مرة أخرى في عقل هبة التي وجدت أمامها طريق يجعلها تدمر أحمد ولكنها إذا سلكته فسوف تتخلى عن مبادئها وتنسى القيم التي تربت عليها.

▪▪▪▪▪▪▪▪▪

جلس شادي أمام إحدى البحيرات يتأمل المياه التي ارتفع منسوبها في الأيام الأخيرة وأخذ يتذكر آية وما يجري بينهما.

تعرف عليها قبل سنوات أثناء دراستهما في الجامعة ووقع في حبها ولحسن حظه أنها أيضا كانت تبادله الشعور نفسه على الرغم من معرفتها بحقيقة أنه لا يكبرها سوى بعام واحد وهذا يعني أنه سوف يستغرق الكثير من الوقت حتى يتمكن من تجهيز بعض المتطلبات الأساسية التي يجب أن يمتلكها قبل أن يفكر في الزواج.

ذكاء آية جعلها تدرك هذه الحقيقة على الفور ولكن سار كل شيء على عكس ما توقعت صديقتها المقربة رغدة التي صدمت بعدما رأت آية تمنح قلبها لشادي دون التفكير في مسألة استحالة زواجهما.

آية لم تكن تتمتع بالذكاء فقط بل حظت أيضا بالجمال الذي جعلها محط أنظار كل من حولها وبالتالي كثر عدد الخُطاب الذين تقدموا لها وفي كل مرة كانت تعطي لوالدها عذر يوضح سبب رفضها الغير مبرر.

لم يتحمل شادي هذا الأمر وسارع بالتقدم لها ولكن رفضه عماد لأنه رأى أنه ليس مناسبا وكانت الطامة الكبرى بالنسبة له عندما تمت خطبة آية وياسين وزواجهما بعد فترة قصيرة.

أصيب شادي باكتئاب حاد في هذه الفترة ولكنه قرر ألا يستسلم للأمر الواقع وأقسم أنه سيفعل المستحيل حتى يسترد حبيبته التي انتزعها القدر منه بمنتهى القسوة.

عاد التواصل بين شادي وآية مرة أخرى بعد فترة انقطاع دامت لمدة ليست قليلة وكل منهما صرح للأخر بحقيقة أنه لا يمكنه أن ينسى الحب الذي جمعهما وشرعا يفكران معا في وسيلة تجعلهما يكونان سويا دون أن ينغص حياتهما أي شخص.

لم يكن هناك سوى خيار واحد أمام شادي يضمن من خلاله أن تصبح آية له وهذا الحل كان رحيل ياسين عن الدنيا في أسرع وقت.

الأمر لم يكن بهذه السهولة التي كان يظنها شادي في البداية عندما خطرت له هذه الفكرة لأن التخلص من رجل دون ترك أي دليل يثير الشكوك أمر في غاية الصعوبة والخطورة.

استغرق شادي وقت طويل حتى ابتسم له الحظ عندما قرأ بالصدفة إحدى المقالات التي تتحدث عن السموم وأنواعها والأضرار التي يتسبب بها كل نوع.

شعر شادي بالضجر من تلك المقالة وكاد يتركها ولكن اتسعت عينيه بعدما توقف بصره على بضعة أسطر تتحدث عن سم يعد من أقوى السموم الفتاكة وقد أطلق عليه لقب ملك السموم بسبب خطورته وقوته وكان مكتوب أن هذا النوع يلجأ إليه المجرمين بكثرة في جرائم القتل لأنه من الصعب أن يتم اكتشافه إذا لم يكن هناك أي شبهة جنائية ظاهرة بوضوح على جسد المتوفي.

أخذ شادي يتمعن في قراءة المزيد من التفاصيل حول هذا السم الذي سوف يجعله يتخلص من عدوه اللدود بطريقة لن تجعل أحد يعلم أي شيء عن حقيقة الوفاة التي ستكون غامضة وصادمة للجميع حتى آية لن تتمكن من معرفة الحقيقة إلا في حالة واحدة وهو أن يخبرها شادي بكل شيء.

كان عقل شادي على وشك استعراض المزيد من الأحداث التي تمت بعد معرفته عن هذا السم وأماكن تواجده ولكن قطع شروده حضور صبي صغير ينادي عليه بأعلى صوت مخبرا إياه أن والدته قد أغشي عليها قبل قليل أثناء سيرها في الشارع.

ترك شادي كل شيء خلفه وركض بسرعة حتى يرى والدته ويتفقدها ولم يكن يدرك أن هذه هي المرة الأخيرة التي سيرى بها وجهها فقد حان موعد رحيل هذه السيدة الطيبة في هذا التوقيت بالذات رحمة من الله بها قبل أن تعرف حقيقة ابنها البكر وترى بعينيها المعاناة الذي سوف ينالها في المستقبل كجزاء له على الفعل المشين الذي اقترفه في حق ياسين فهو قد تسبب بشكل غير مباشر في مقتل هذا الشاب وحزن عائلته عليه.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية منقذي الزائف)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى