روايات

رواية ملتقى القلوب الفصل الرابع 4 بقلم زكية محمد

رواية ملتقى القلوب الفصل الرابع 4 بقلم زكية محمد

رواية ملتقى القلوب الجزء الرابع

رواية ملتقى القلوب البارت الرابع

رواية ملتقى القلوب الحلقة الرابعة

تسير في الشارع نحو وجهتها المخزية، دموعها تتساقط بضراوة على وجنتيها، عقلها وجوارحها يحذرانها من المضي في هذا الممر المظلم، والمنطق يقول بأن تذهب كي تنقذ والدها حيث لا توجد ثغرة غير هذه تمكنها من الحصول على المال لتجلب الدواء لوالدها .
نظرت للورقة المطوية بيدها لتضغط عليها بعنف ومن ثم أشارت بيدها لتوقف إحدى سيارات الأجرة وانطلقت لوجهتها إلى حيث جحيمها الذي ينتظرها، ولم تلاحظ تلك الأعين التي تراقبها عن كثب.
************************
اتصل سفيان بوالدته وقد قرر أخيرًا بأن يتحرك فقلقه البالغ عليها طوال هذه المدة أخافه بشدة، أخذ يحدثها في أمور شتى ليختم قوله لها :- هي تقى ما بتردش على التليفون ليه ؟
ضيقت عينيها بغيظ قائلة:- يعني مش عارف يا تنح !
أردف بضيق :- في إيه يا ماما ؟
ردت عليه بحدة :- في إن وقعتك مطينة بستين طين بس تيجي بالسلامة يا ابن بطني .
رد بدهشة :- في إيه لكل دة بس ؟
أردفت بحنق :- نقول إيه مفيش لا دم ولا إحساس، مراتك مش راضية ترد عليك يا عين أمك علشان زعلانة منك ومش أي زعل لا دة الموضوع كبير .
أردف بنفاذ صبر :- طيب هي عندك عاوز أكلمها أفهم منها زعلانة ليه الهانم .
عضت على شفتيها بغل قائلة:- عارف لو قدامي كنت عملت إيه ؟ كنت نزلت عليك بأبو وردة اللي أنت عارفه كويسة أوعى تكون فاكر إنك كبرت عليا يا واد .
أردف بانفعال :- بقولك إيه يا ماما فهمي تقى تشيل الهبل دة من دماغها وتعقل كدة وإلا هتشوف وش مني عمرها ما شافته .
هتفت بعتاب :- لا يا سفيان هي شافت كتير يا ابن بطني حرام عليك أتقي الله فيها، شفت إيه منها مخليك قالب عليها كدة .
أردف بملل :- بقت كئيبة ونكدية كل شوية خناق لحد ما زهقت .
رددت بعصبية :- ومسألتش نفسك ليه بقت كدة وايه اللي وصلها لكدة .
أردف بغيظ :- كل دة علشان زميلتي في الشغل تقى بتغير منها يا ماما، مفيش حاجة علشان تكبر الموضوع بالشكل دة .
ردت بشك :- متأكد أنه مفيش حاجة ؟
هتف بتأكيد :- أيوة متأكد هو أنا صغير يعني .
أردفت بتأكيد :- قول إن عينك زايغة على رأيها عاوز تتجوز الستات كلها .
تابع بانفعال :- خليها تكلمني يا ماما لحظة وقوليلها لو ما فتحتش الفون وردت عليا هي عارفة كويسة هعمل إيه، لو سمحتي يا ماما أديلها التلفون دلوقتي.
أذعنت لطلبه ودلفت لغرفته بعد أن طرقت الباب، وجدتها ممدة على الفراش اعتدلت في جلستها لتقول :- أتفضلي يا ماما ندى .
همست ندى لها بأن سفيان يود أن يتحدث معها، لتأخذ منها الهاتف وتضعه على أذنها، بينما غادرت الأخرى لتترك لهما مساحة كافية.
لم تتحدث وإنما ظلت صامتة حتى سمعته يقول اسمها بخفوت :- تقى .
همهمة صدرت منها دلالة على أنها تسمعه ليكمل هو بحنو :- مبتكلمنيش ليه ؟ هونت عليكي كل الوقت دة . بقلم زكية محمد
خرجت حروفها الصادقة الصادرة من أعماق قلبها :- لا مهونتش عليا أنت وحشتني أوي.
رد عليها بعتاب :- واللي بيوحشه حد بيعمل كدة بردو !
ردت بعتاب أكبر:- بس أنت مزعلني يا سفيان وأوي كمان .
ردد بملل وهو ينتظر ثورتها عليه كعادته:- ممكن الليدي تقى تقولي زعلتها في إيه ؟
أردفت بدموع وهي تلمح نبرة السخرية ببحة صوته :- أنت عارف يا سفيان عارف اللي مزعلني ومصر تبقى معاها وأنا أتفلق عادي .
جز على أسنانه بغيظ وهو يقول:- هو أنا بحب فيها دة شغل يا تقى شغل يا ريت بقى تفهمي .
هزت رأسها باستسلام وهي تقول :- ماشي يا سفيان براحتك .
أردف بسرعة ما إن رأى الطبيب المشرف ينادي عليه :- طيب عاوزة حاجة أنا ورايا شغل دلوقتي ؟
وقبل أن تغلق المكالمة سمعت صوتها البغيض ينادي عليه حينما أتت فجأة، لتلقي الهاتف على الفراش وتنخرط في موجة بكاء جديدة اعتادت عليها منذ أن دلفت هذه إلى حياة زوجها .
دلفت ندى عندما سمعت صوت بكاء مكتوم لتعلم إلى أي نقطة وصلا، واستها كعادتها وبداخلها تتوعد لابنها بعقاب قاسي كي يرد له عقله .
***************************
وصلت للفندق المسطر في العنوان، بلعت ريقها بتوتر وشعور بأنها مقدمة على حافة الهاوية، دلفت للداخل وتوجهت لموظف الاستقبال وسألته عن غرفة المدعو قاسم العمري، ليخبرها بأن تذهب للغرفة وتنتظره ريثما يأتي وأنه سيصل في غضون دقائق، أعطاها المفاتيح الخاصة بالغرفة كما هو متفق عليه وأخبرها بمكان تواجدها، مشت هي وصعدت للأعلى وهي تقدم ساق وتؤخر الأخرى، بدأ الرعب يتسرب رويداً رويداً بداخلها، وهي مستمرة في السير نحو هلاكها .
وقفت أمام الباب المنشود وهي تتطلع للمفاتيح التي بيدها، وأخيرًا شعرت بأنها كانت في دوامة وخرجت منها، تذكرت أبيها وما فعله معها تذكرت كم التضحية التي قدمها لها، هل بعد كل ذلك تفرط في شرفها بأي شكل من الأشكال ؟ شهقت بصوت عالي وهي تردد بجنون :- أنا إزاي أعمل كدة ؟ لا لا أنا أنا همشي ودلوقتي..
ألقت المفتاح على الأرض وكذلك الملابس التي بحوذتها، واستدارت تهرب بأقصى سرعة لديها حتى وصلت للأسفل، مشت بحذر كي لا يشك أحد وما إن خرجت من الباب أخذت تركض بسرعة إلى أن اصطدمت بجسد ما فأصابها الفزع لتطلق صرخة ذعر، وهي تعتقد أنه أحد الرجال وسيذهبوا بها للفندق عنوة، إلا أنها سمعت صوتاً مألوفًا يقول :- أهدي.
تراجعت للخلف وتطلعت له ليصيبها الذهول عندما تعرفت على هوية الشخص والذي قال بنبرة هادئة :- كنت عارف إنك مش هتعملي كدة، تربية محمد لا يمكن تعمل كدة .
احتلت الصدمة معالم وجهها بينما تابع هو بهدوء :- يلا يا بنتي تعالي نرجع وهحكيلك كل حاجة في الطريق.
هزت رأسها بنعم وخجل وتبعته وصعدت معه إلى السيارة وانطلقت عائدة بهما إلى مسكنها .
عودة لوقت سابق وبالتحديد قبل الظهيرة حيث أتى أكرم لزيارة محمد بعد أن أرسل إحدى الصبية ليخبره بأنه يريده في أمر ضروري، دلف للغرفة حيث أنه رجل مريض لا يبرح الفراش، ألقى عليه التحية وجلس قبالته وبعدما سأله عن حاله، تحدث محمد بنبرة ضعيفة :- معلش يا أكرم بيه جبتك على ملا وشك بس الموضوع خطير ومحدش هيساعدني في الموضوع دة غيرك .
تحدث أكرم بعتاب :- بيه إيه يا محمد بس احنا اهل منطقة واحدة واتربينا سوا، ها بقى قولي موضوع إيه اللي خطير دة ؟
أجابه بحزن :- بنتي سبيل اللي مليش غيرها وجات بعد صبر هتضيع مني .
ضيق عينيه باهتمام ليقول بعدم فهم :- ممكن توضح اكتر ؟
هز رأسه بموافقة ليقول بحزن :- البت من صغرها وأنا اللي مربيها، متجوزتش خوف من إن اللي هتيجي دي هتعاملها إزاي، كبرت قدام عيني يوم ورا يوم لحد ما بقى عندها واحد وعشرين سنة، شالت الهم بدري يا أكرم وعمرها ما اشتكت ولا جات قالتلي عاوزة دي زي فلانة ولا علانة، الحال ضاق عليا أكتر لحد ما بقت البقالة مش مكفية ولا جايبة همها، لحد ما جم أصحاب البضاعة عاوزيني حقها، والمرض بتاعي والدوا الغالي اللي باخده، إحنا ملناش حد وزي ما بيقولوا كدة العين بصيرة والايد قصيرة، البت هتروح تبيع نفسها يا أكرم ساعدني أرجوك.
اتسعت عينيه بصدمة من تصريحه الأخير ليقول بحدة طفيفة :- أخص عليك يا محمد وأنا روحت فين هو أنا مش أخوك يعني ! فينها بنتك دلوقتي ؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملتقى القلوب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى