روايات

رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل الثاني عشر 12 بقلم مايسة ريان

رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل الثاني عشر 12 بقلم مايسة ريان

رواية ملاك يغوي الشيطان البارت الثاني عشر

رواية ملاك يغوي الشيطان الجزء الثاني عشر

ملاك يغوي الشيطان
ملاك يغوي الشيطان

رواية ملاك يغوي الشيطان الحلقة الثانية عشر

فى اليوم التالى عاد الآخرين الى المركب وقد قرروا البقاء فيه وترك الفندق ولم يعجب هذا التغيير كلا من كاميليا وجليلة , وخرج من فم تلك الأخيرة سيلا جارفا من الكلمات الأسبانية المستاءة وقالت كاميليا متبرمة وهي تشير الى زينة
– ما ذنبنا نحن فى أن تفسد رحلتنا بسببها .
تجهم وجه فراس وهو ينظر الى زوجته بعتب وأحمر وجه زينة حرجا وقد ساءها أن يتحدثوا عنها فى حضورها وكأنها غير موجودة , فقال ادم بضيق ينهى النقاش
– هذا الأمر لن يطول فعندما يصل تصريح العمل الخاص بزينة ستنتهى مآساتكما.
لحقت بها نيكول فى غرفتها وفاجأتها بأعطاءها حقائب مشتريات اتسعت عينا زينة بفرح ممزوج بالخجل
– هل هذه الأشياء لي أنا .
ابتسمت لها نيكول وقالت
– بلى .. أنهم لك .. لقد أوصاني آدم بشرائهم .
كانت سعيدة .. أصبح لديها ملابس خاصة بها وكان لدى نيكول حسا جيدا ولم تنسى أن زينة لا تملك أى شئ فأحضرت لها أيضا بيجامتين للنوم وملابس داخلية وخف وحذائين من المطاط وحقيبة صغيرة من أدوات التجميل وكانت زينة شاكرة لها بشدة من أجلهم وشاكرة لآدم أيضا برغم أستياءها منه .
طال بقائهم فى باليرمو العاصمة الصقلية الجميلة ليومين وقد حرمت زينه من رؤيتها ولكنها طالعت كتيب كان فراس قد أحضره لها عرفها على أهم معالم المدينة ونبذة عن تاريخها وكان قد قال لها معتذرا برقة
– أعرف أنه ليس كما ترينها على الطبيعة ولكن لا تقلقي سوف يحل الأمر قريبا .
قالت بأمتنان وصدق
– أنه يكفيني حقا وشكرا على أهتمامك بأحضاره لي .
أتسعت ابتسامته وهو يتأمل فرحتها بكتيب صغير لا يساوي شيئا وقال
– أنت قنوعة جدا .
ضحكت وقالت
– لا .. على العكس .. أنت لا تعرف مدى شوقي ونهمي لرؤية تلك الأماكن على الطبيعة .. أنه حلم حياتي .
نظر اليها بحنان فهي لم تفهم قصده وقال
– أعدك أن أحاول أن أحقق لك حلمك وأجعلك ترين كل ما تهواه نفسك .
عبست زينة وأغتمت عيناها ووشردت بعيدا وراحت تتذكر عندما أخبرت خالد أن حلمها أن تطوف العالم ووعدها بقوة أنه عندما يتزوجا سوف يأخذها برحلة معه حول العالم ويومها تساءلت ان كان يمزح معها أم كان صادقا .. وللأسف كان صادقا .. كان سيجعلها تطوف العالم ولكن كسلعة تباع لكل رجل يدفع ثمنها .
تأخروا فى الرحيل على عكس ما كان مخطط له فوجهتهم الأساسية كانت مدينة نابولى ومنها كانوا سيستقلون الطائرة الى ميلانو ويبقون هناك أسبوعا ولكنهم استمروا فى بالريمو لسبب غير معلوم لها وقد فوجأت فى صباح اليوم الثالث عندما أستيقظت على خبر سفر ادم الى القاهرة فى عمل وبالطبع أستاءت جليلة من سفره المفاجئ وحولت اليومين اللذان غاب فيهما الى جحيم مستعر طال الجميع بلا أستثناء .. وذهلت زينه مما رأته منها وأستغربت من تحولها الرهيب وكان من الواضح انها الوحيدة التى فعلت فالجميع كان يعرف بطبعها الهستيرى ويعرفون كيفية التعامل معه وهو بالأبتعاد عنها وتجنبها عندما تثور ثائرتها .
واستقر فى نفس زينة أن ادم هو الوحيد القادر على منعها من أظهار طباعها الشريرة فهي لم تكن كذلك أثناء وجوده .. وهذا ما أكده لها بيدرو فقد قال لها
– سيد آدم هددها مرة عندما فقدت أعصابها على نيكول فى بداية الرحلة بأنه لن يسمح لها بأهانة ضيف لديه وأنه سوف يضعها على أول طائرة متوجهة الى بلدها ان لم تلتزم حدودها .. ليته لا يغيب طويلا .
تأسف بيدرو على غيابه وكذلك فعلت زينة فقد كان لهما النصيب الأكبر من مزاج جليلة العكر فسلطت سكاكينها على رقبتيهما ودفعت زينة خلال يوم واحد الى البكاء ثلاث مرات وكانت أذنا بيدرو تحمران بشدة وينكمش جبينه عندما توجه له السباب بألفاظ نابية بلغة وصفها بيدرو كما وصفها ادم من قبله بلغة الأزقة , وجاءت المواجهه الأصعب فى اليوم الثانى بعد العشاء وزينة فى المطبخ تجفف الأطباق عندما نزلت جليلة من السطح تحمل بيدها كوب قهوتها والشر فى نظراتها فشعرت زينة بالخوف ووقفت المرأة أمامها وبصوت غاضب قالت
– تعرفين أننى أشرب قهوتى بدون سكر .. ولكن هذه القهوة ليست كذلك .
قالت زينه بهدؤ وأدب قدر ما أستطاعت
– أسفه .. قد أكون نسيت سأصنع لك غيرها .
أنتفضت زينة فزعا عندما صرخت جليلة فى وجهها قائلة
– أنت كاذبه .. أنت لم تنسى .. أنت تعمدت مضايقتى فالكل هنا يقوم بتدليلك حتى لم يعد هناك من تحترميه .
وبدون توقع ألقت بمحتويات الكوب على وجه زينة وكان السائل ساخنا ولكنه غير مؤذى صرخت زينة بذهول وغضب من تصرفها الوقح
نزل حميد وفراس مسرعين فقالت جليلة بغضب ساخر
– ها قد أتى الفارسين النبيلين لنجدة نعجتهم الصغيرة .. ينقصهم الفارس الثالث .. خسارة أنه ليس هنا.
قال فراس بغضب لجليلة
– ماذا فعلت أيتها المجنونة ؟
بكت زينة وهي تشعر بالشفقة على حالها وحاولت تجفيف دموعها ووجهها الملطخ بآثار القهوة , وفى هذه الأثناء تشاجر حميد مع جليلة وكان غاضبا جدا بدوره كما لم تراه من قبل وكان لكلماته القاسية تأثيرا قويا على شقيقته فقد شحب وجهها بشدة وراحت ترتجف , لم تفهم زينة شيئا مما كان يقوله فقد كان يتحدث بالأسبانية ولكن نظرات جليلة البائسه ووجهها الذى حاكى وجوه الموتى شحوبا جعلها توجه شفقتها نحوها
تدخل فراس بينهما دافعا حميد فى صدره صارخا فيه بغضب
– كفى .. هل جننت أنت أيضا .. ما هذا الذى تقوله ؟
كانت كاميليا ونيكول قد نزلتا مسرعتين عندما تعالى صوت حميد ووقفت كاميليا مصعوقة ونيكول جاهلة مثلها لما يقال .
طلب فراس من كاميليا أن تأخذ جليلة الى غرفتها وتتأكد من راحتها , لم تعترض جليلة وذهبت صامتة مطرقة الرأس بصحبة كاميليا , أستدار فراس الى حميد وقال بغضب
– لقد تصرفت بحقارة لا لزوم لها .
– ما كان شئ ليوقفها وانت تعلم ذلك .
– ولكن ليس بتلك الطريقة … أذهب اليها وحاول أن تطيب من خاطرها .
تذمر حميد قائلا بحده
– ليس الأن .. لست فى مزاج لذلك .
ثم ألتفت الى زينة وسار اليها وأمسك بيدها قائلا برقة
– آسف لما بدر من شقيقتى .. وأؤكد انها لن تتعرض لك مرة أخرى .
اندفع فراس وجذب زينة من ذراعها بعيدا عن حميد وقال متجهما
– أذهبي الى غرفتك وارتاحي يا صغيرة .
وكان هذا جل ما تريده بعد تلك المواجهة المؤسفة .
وأثناء توجهها الى غرفتها قابلت كاميليا وقد وقفت فى طريقها كي لا تسمح لها بالمرور فنظرت اليها زينة بتساؤل ولكنها أكتفت بالنظر اليها نظرة احتقار قبل أن تتجاوزها وتذهب .
****
فى صباح اليوم التالى عاد كل شئ الى طبيعته تقريبا كان الهدؤ الذي يلي العاصفة فقد كانت جليلة بعد شجار حميد معها بالأمس قد أصبحت هادئة الى درجة الأنطواء على نفسها ورفضت النزول الى المدينة ولأول مرة تراها زينة بدون زينة على وجهها فبدت أصغر سنا وأكثر ضعفا وقد أستلقت على سطح المركب ونظارة سوداء فوق عينيها .
كما عاد ادم فى منتصف النهار وفرحت زينة بعودته وقد ذهب بيدرو الى المرفا ليأتي به ووقفت فى أستقباله لتحييه مع الجميع ولكنه لم يلقى عليها سوى تحية مختصرة وقد حيا الجميع بتحيه أحسن منها وأشعرها ذلك بالبؤس الشديد , وفور وصوله أخذ حميد وكارلوس الى كابينة القيادة وغابوا بداخلها لأكثر من ساعة وعندما خرج بعد أجتماعهم توجه الى حيث تجلس جليلة وجلس بجانبها وقبل جبينها برقة بالغة حاضنا يدها بين يديه وراح يتحدث اليها بصوت هامس رأتهما زينة وأشاحت بوجهها بعيدا عنهما وذهبت الى حجرتها وغصة كبيرة فى حلقها وقررت قضاء بقية اليوم فى غرفتها وان أستدعاها أحد ستدعي المرض ولن تخرج ولكن زاد من بؤسها أنه لم يسأل عنها أحد أبدا , وفكرت بائسة .. من يدرى فقد يكون فراس وحميد أخبراه أنها السبب فى الشجار الذى حدث بالأمس وهو الأن يحملها الذنب فى سؤ حالة حبيبتة النفسية وقد يكونوا أثناء أجتماعهم قد توصلوا الى أنها سببت الكثير من المشاكل منذ مجيئها وأربكت برنامج رحلتهم ويفكرون فى صرفها من العمل ولن تلومهم فهم ليسوا مجبرين على حمل مشاكلها فوق أكتافهم .. شعرت بثقل المشاعر على قلبها وبكبرياء خرجت من غرفتها مرفوعة الرأس … سوف تطلب من ادم أن يسمح لها بالذهاب قبل أن يطلب هو منها هذا .. سترحل من هنا وكرامتها محفوظة .
بادرها بيدرو قائلا عندما رآها وكان وراء البار يحضر المشروبات
– هل انت بخير يا زينة ؟.. طلب منى سيد ادم أن أتركك ترتاحين وكنت أهم بأعداد العشاء وحدى .
لم تفلح زينة فى رسم أبتسامة على وجهها وقالت
– آسفه يا بيدرو .. سأذهب للتحدث مع السيد ادم ومن ثم أعود لمساعدتك .
طمأنها بأنه يستطيع أن يتدبر أمره بدونها ولكن قوله هذا لم يخفف عنها بل زاد من حزنها فحتى بيدرو ليس فى حاجة اليها , أستدارت لتذهب فأستوقفها بيدرو قائلا بصوت هامس
– على فكرة .. سيد ادم لم يبارح جانب الأميرة جليلة منذ مجيئه .. يحاول التخفيف عنها .. وقد أصبحت أهدأ حالا ولقد سمعته يتشاجر مع السيد حميد لأنه كان السبب فى تكديرها.. ليته حقا لا يذهب ويتركنا مرة أخرى .
صعدت زينة الى السطح وهي أكثر بؤسا .. صمت الجميع لدى ظهورها وتجهم وجه جليلة بعد ان كانت تبتسم بأشراق منذ لحظات , فقالت موجهة حديثها الى ادم بصوت مبحوح يخرج بصعوبة من حنجرتها
– هل تسمح لي بدقيقة من وقتك ؟
عبس ادم وقال
– ألا يمكن تأجيل ذلك لوقت آخر ؟
شعرت بالحنق من البرودة التى يتحدث بها اليها وأصرت أن تبلغه بقرار رحيلها أمامهم جميعا لكى يبتلع غطرسته هذه
– على العموم ما أريد قوله ليس سرا وأستطيع قوله الأن … لقد قررت ان أرفض الوظيفه التى عرضتها علي وأرجو أن تسمح لبيدرو بأن يأخذني للمرفأ غدا صباحا .
تجمدت ملامح ادم ونظر اليه حميد وفراس بحدة منتظرين رده وكذلك زينة فقال بعد لحظات من الصمت
– سوف نتناقش بهذا الأمر بعد العشاء .
ثم أشاح بوجهه تجاه جليلة يبتسم لها برقة وعادت زينة الى حجرتها قبل أن تبدأ فى البكاء والعويل ولم ترد على بيدرو عندما نادى عليها وبعد أن أغلقت عليها باب حجرتها أرتمت على الفراش وأنخرطت فى موجه أخرى من البكاء الحار , لقد بكت فى هذا المكان أكثر مما بكت طوال حياتها .. لم تكن أبدا فتاة نكديه تعشق البكاء والنواح بسبب وبدون سبب ولكن ماجرى لها كان كثيرا ومع مرور الوقت بدأت تدرك مدى بؤس حالها والورطة الكبيرة التى وقعت فيها , أفرغت كل طاقتها فى البكاء حتى شعرت بالخواء بداخلها وتوقف عقلها عن التفكير وجلست تحدق فى الجدار ساهمة وعندما دق باب حجرتها لم تطاوعها قدماها لتنهض وعجز صوتها عن الخروج لكي تدعو الطارق للدخول وبعد عدة طرقات أخرى فتح الباب ودخل ادم وعندما وقعت نظراته على وجهها الشاحب وعيناها الذابلتان من كثرة البكاء أسرع اليها يمسك بكتفيها ويقول بقلق
– زينة ؟
نظرت اليه وهى تشعر بالأعياء الشديد أرادت أن تتوسل اليه ألا يتركها ترحل فهى لن تتحمل البقاء فى السجن ولا ان تبقى وحيده فى بلد لا تعرفه .. لم تعرف أن نظراتها قالت كل ما عجز لسانها عن قوله
فتأوة وضمها بين ذراعيه بحنان .. لم تنتفض فزعا ولم تبتعد وأراحت رأسها بأرتياح على صدره متلهفة الى ذلك الأحساس بالأمان .
بعد لحظات أبعدها آدم عنه وتمتم بتوتر وأنما لنفسه
– الأمور هكذا سوف تتعقد أكثر .
ثم وقف وخرج من الغرفة وهو يقول
– دقائق وسأعود .
لم تتحرك زينة من مكانها وكأنها فى حلم تنتظر بقية أحداثه , عاد ادم بعد دقائق يحمل كوب من عصير البرتقال وقرصين من دواء ناولها اياه فأبتلعتهم مع العصير دونما أعتراض , وبعد أن أنتهت أخذ منها الكوب ووضعه على المنضدة
– هيا بدلي ملابسك وحاولي أن تنامي قليلا .
خرج مرة أخرى وأغلق الباب خلفه , أنها تحتاج حقا الى الراحة , أرتدت بجامتها وتكورت على الفراش كطفل صغير وأبتسامة على شفتيها , لقد كان قلقا عليها وأحتضنها وعاملها بحنان و .. أنقطعت أفكارها عند هذا الحد وسقطت فى غيبوبة من النوم العميق , وعندما عاد ادم بعد ربع ساعة وجدها مستغرقة فى النوم وحاجبيها معقودان وكانت تضم ركبتيها الى صدرها فألتوت شفتاه بتجهم ومال مقبلا جبينها برقة ثم سحب عليها الغطاء وأطفأ النور قبل أن يخرج ويغلق الباب خلفه بهدؤ .
******
وصل خالد أخيرا الى صقلية فى وقت متأخر من الليل وكان قد أستأجر طائرة خاصة عندما لم يجد طيران مباشر اليها كما تأخرت تأشيرة السفر .. لم يكن لديه صبر لكل ذلك وقد جاءته الأخبار بأن القارب الذي هربت زينة على متنه ظهر أخيرا فى ميناء باليرمو ولكن أي من الرجال الذين أستأجرهم لم يراها من ضمن ركابه ولكنه رجح بأنها لم تتركه أبدا لأنها لا تملك جواز سفر .
ولكن أكثر ما يخشاه حقا أن تكون قد تركت القارب فى أي ميناء آخر وتكون بذلك قد ضاعت منه وتكون مطاردته التى أستمرت لأيام وأنفاقه للكثير من الوقت والأموال لا معنى له .. المال غير مهم ولكن الوقت هو الأهم فكلما مر الوقت يعني أن يختفي أثرها عنه وفرصة عثوره عليها تصبح أضعف .
أخذته سيارة من المطار الى الميناء مباشرة وهناك أستقبله رئيس فريق البحث عند مدخل الميناء وعاجله بالقول فور نزوله من السيارة
– للأسف لقد أبحر القارب يا سيد خالد .
ثار خالد فى وجه الرجل
– ومتى حدث ذلك ولماذا لم تخبرني ؟
– أبحر منذ ساعتين وقد حدث ذلك فجأة
زمجر خالد بوحشية وبدا وكأنه راغبا فى افراغ شحنة غضبه فى شخص ما فتراجع الرجل المفتول العضلات خطوتين الى الوراء قائلا بهدؤ
– لا تقلق يا سيدي لقد قمنا بزرع عملاء لنا فى كل ميناء على طول البحر المتوسط وبمجرد أن يرسو فى اي منها سيأتينا الخبر عنه .
تمالك خالد أعصابه بصعوبة فكلما ظن أنه أخيرا سوف يقبض عليها تتسرب بعيدا من جديد .
قال
– وماذا عن اليخت الذي طلبت أستئجاره
رد الرجل سريعا
– جاهز وفي انتظارك ومعد للأبحار فى أي وقت .
كان اليخت كما طلبه .. صغير وأنيق .. أستأجره من أجل زينة .. ليقضيا فيه شهر عسلهما .. لقد قرر عندما يجدها أنه سوف يتزوجها على الفور ويأخذها فى رحلة طويلة ليعوضها عما جرى لها فى يخت فريدريكا ولينسيها ما مر بها .. وكان مازال يحدوه الأمل فى أنها مازالت عذراء لم تمس .. كم يتمني لو يكون هو الرجل الأول لها .. لقد أخذ الكثير من الفتيات ولكن زينة هي كل ما يريد حقا ومهما كان ما حدث لها سوف تظل دائما الأنقى والأطهر بينهن جميعا .
****
حاولت زينة فتح عينيها ولكن جفنيها كانا ثقيلين وجسدها هامدا , فركت عينيها وأخيرا فتحتهما بعد جهد ثم تثائبت بقوة وظلت للحظات لا تستوعب شيئا وضباب النعاس مازال يشوش على عقلها , ستارة المافذة كانت مفتوحة وقرص الشمس كان برتقاليا .. الشمس كانت تغرب … تغرب ؟!! ولكن كيف ؟!! ومتى ؟!! عقدت حاجبيها تعصر ذاكرتها .. لقد نامت قبل منتصف الليل بساعتين على الأقل والأن الشمس تغرب ؟!!! لقد حدثت فجوة زمنية فى عقلها عبست بشفتيها وعقلها يحاول التركيز, المركب أيضا كان يسير بسرعة , كانت تستطيع الشعور بذلك وهى ترى السماء تتغير من خلال النافذة .. لقد أبحروا.. أبحروا ؟!! هبت جالسة وقد أتسعت عيناها من الصدمة وكل الأحداث التى جرت بالأمس راحت تتدفق داخل ذاكرتها , كيف يعقل أن تنام كل هذا الوقت ؟!! خرجت من الفراش بسرعة فشعرت بالدوار وسقطت على الفراش مرة أخرى , كان رأسها ثقيلا جدا ويؤلمها .. بحثت بعينيها عن الدواء المسكن للألام ولكنها لم تجده مكانه وهنا تذكرت قرصى الدواء اللذان أعطاهما لها ادم بالأمس وبعدها نامت كالميتة ولم تستيقظ سوى الأن بعد حوالى عشرون ساعة .. لقد خدرها , أعطاها حبوبا منومة .. لقد خطفها .. أنه يريد خادمة لخدمة أميرته .. عبدة لا تتجرأ على طلب المغادرة وعندما تفعل يقوم بتخديرها ليجبرها على البقاء صاحت بحنق
– من يظنون أنفسهم ؟ أميرة وثلاثة من الأقطاعيين ومرتزقتين يحسبون أنفسهم ملوكا يستحقون عبيدا .. حسنا سوف أسمعهم رأي فى عنجهيتهم الفارغة , يظنون انني فتاة ضعيفة ومغلوبة على أمري لأنني بلا أهل وبلا مال .
ثم فكرت بآدم بمرارة .. لقد راح يظهر لها الرقة بالأمس عندما شعر بتمردها ثم خدعها .. وكيف سمحت له بأن يحتضنها ؟!! ..
بدلت ملابسها ودخلت الى الحمام وعندما خرجت لم تجد أحدا فى حجرة الجلوس أو على سطح المركب الذى كان يسير بأقصى سرعة له وقد فردت الأشرعة جميعها , حسنا أنه على الأقل لا يسير بمفرده وسوف تجد أحد ما بكابينة القيادة.
******
قال فراس بقلق موجها حديثه الى ادم الذى كان يضع بعض العلامات على الخريطة الملاحية
– ادم .. أذهب لتطمئن على زينة لقد نامت لوقت طويل وأنا أخشى أن يكون لهذا الدواء أثارا جانبيه لا نعلمها .
– اطمأن .. أمى تأخذ منه منذ سنين وهو آمن تماما .
أندفعت زينة الى الغرفة وهي تقول بأنفعال
– أنت خدرتنى .. وخطفتنى .
أدى الأنفعال الى جعلها تترنح فمازالت تعانى من تأثير المخدر فأسرع فراس لمساندتها ومساعدتها على الجلوس وهو يقول
– ياللمسكينة .
قال ادم بغيظ وهو يناوله زجاجة مياه
– ان هذه المسكينة كانت تمارس هوايتها المفضلة فى التنصت علينا .
قال فراس معترضا وهو يفتح زجاجة الماء ويعطيها لزينة
– مهلك عليها .
تناقلت نظرات زينة بينهما بوجه شاحب ثم أنفجرت بالبكاء
تحرك آدم بعصبية وقال
– هذا ما تفلح به فقط .. البكاء .
أتهمه فراس قلئلا
– أنت تخيفها .
قالت زينه من بين شهقاتها
– أنت .. خطفتنى .
شخر آدم ساخرا وفتحتى أنفه تنتفخان غيظا وقال لفراس
– خذ هذه وأخرجها من هنا .
شهقت زينة ووقفت بحدة تقول بشجاعة
– إن لي اسما .
صاح ادم بصوت هادر جعلها ترتجف رعبا
– فراس .. خذها من أمامي الأن .
سحبها فراس الى خارج كابينة القيادة وقد رحبت زينة بذلك فالوقوف أمامه كما الوقوف فى وجه بركان ثائر كما أخبرها بيدرو من قبل .
أخذها فراس الى المطبخ وأجلسها على مقعد عالى أمام البار وناولها محرمة ورقية لتجفف بها دموعها ثم صنع لها شطيرة مكونة من اللحم والخس وشرائح الطماطم ووضعها فى طبق أمامها فقالت
– شكرا .. لست جائعة .
– يجب أن تأكلى فأنت لم تأكلى شيئا منذ ظهر الأمس .
أنصاعت زينه لأرادته وأكلت وعندما أنتهى من اعداد القهوة لكليهما كانت قد أجهزت على الشطيرة كلها فقال ضاحكا
– ألم تقولى أنك لست جائعة .
أبتسمت زينه بخجل وقالت
– لم أكن أعتقد أنني جائعة الى هذا الحد .
وضع كوب القهوة أمامها فقالت
– شكرا .
قال فراس
– لا تغضبى من ادم هو شخص عصبى قليلا ولكنه طيب القلب .
– لماذا أعطاني حبوبا منومة .
أجابها بهدؤ
– على حسب ما قال لى أنك بدوت فى حالة مزرية بالأمس عندما ذهب ليتفقدك وأنك كنت بحاجه للنوم والراحة .. وهو لم يأخذ قرارك بالرحيل عنا على محمل الجد فقد بدوت وكأنك تعانين من ضغط نفسى جعلك تأخذين قرارا لم تحسبى مدى عواقبه ولقد أتفقت معه فى ذلك .. فمثلا الى أين كنت ستذهبين وليس معك جواز سفر ولا تملكين مالا ولا عملا .. هل فهمت؟
هزت رأسها ايجابا وقالت
– ولكنى سببت لكم الكثير من المشاكل .. خربت برنامج الرحلة وتسببت فى شجار بين سيد حميد وشقيقته .
ربت فراس على يدها وقال مطمئنا
– أنت لست مسؤولة عن طباع جليلة السيئة وشجارهما شئ عادى يحدث دائما .. ولا تقلقى من أنك عبئ علينا سينتهى كل هذا قريبا .. لقد سافر حميد الى اسبانيا ليستخرج لك جواز سفر وأوراقا تستطيعين بها التنقل معنا دون أى قلق .
نظرت اليه بدهشة
– جواز سفر لي أنا من أسبانيا ؟ .. وكيف ذلك ؟
أرتشف فراس القليل من قهوته ورد بخفة وهو يتجنب النظر الى عينيها
– قلنا ان كان لك هوية أوروبية فهذا سيكون أسهل ولن يسبب لك المشاكل فى المطارات والموانئ فأنت تعرفين ما يعانيه العرب هذه الأيام من صعوبة الحصول على التأشيرات.
سألته وقد تحولت دهشتها الى ذهول
– تقصد أوراق مزورة ؟
لوح فراس بيده
– لا .. أعني أنها لن تكون مزورة كما تعتقدين .. ستكون حقيقية ولكن بأسم وجنسية مختلفة ..
– أنا لا أرى فارقا .
تنهد ثم قال بجدية
– أفهمينى جيدا يا زينة .. عندما سافر ادم الى القاهرة تحدث مع محاميه عنك فأخبره بصعوبة استخراج أوراق بديلة لك بسرعة .. فعرض حميد علينا فكرته ووافقنا عليها فحميد وعائلته لهم نفوذ قوى فى أسبانيا ويستطيع الحصول لك على هذه الأوراق بسهولة .. نحن اناس شرفاء ولا نلجأ الى هذه الحيل فى العادة ولكننا وعدناك أن نحميك ونساعدك .
تجنبه للنظر فى عينيها أخبرها ان هناك المزيد مما يرفض الأفصاح عنه وهى قررت أن لا تسأل .. أو خشيت أن تسأله فليس هناك الا سبب واحد يجعلهم يلجأون الى أخفاء هويتها .. أنهم قد عرفوا بجريمتها ويريدون حمايتها والتستر عليها .
****

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملاك يغوي الشيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى