روايات

رواية ملاك بوجه شيطاني الفصل الثاني 2 بقلم آية محمد رفعت

رواية ملاك بوجه شيطاني الفصل الثاني 2 بقلم آية محمد رفعت

رواية ملاك بوجه شيطاني الجزء الثاني

رواية ملاك بوجه شيطاني البارت الثاني

رواية ملاك بوجه شيطاني الحلقة الثانية

كان يومًا طويلًا مملًا بالجامعة دون رؤياها، تلك اللحظة التي تحتضن عيناه طيفها كانت تمهل قلبه التعيس بالتعايش وتحمل تلك الآوجاع التي تضربه في مقتلٍ، تلك الهفوة كانت كفيلة بتطيب جروحه بأكملها، ولكن حتى تلك اللحظات القليلة بخستها وقطعتها عنه، فبات كالضائع الذي هجر منزله منذ عشرون عامًا، كاللاجئ الذي لا ينتمي لأي وطنًا ولا لأرضًا، فكيف سيهاجر وقلبها وطنه!
جلس “مصطفى” بالمقهى الجامعي، يتابع المارة بشرودٍ تعيس، وكأن لا وجهة له سوى تضيع بعض الوقت قبل عودته للمنزل، زفر بنفورٍ حينما وجد أصدقائه الثلاث يقتربون ليلتفون بالمقاعد من حوله، فباغته “عامر” بنبرةٍ ساخرة لا تغادر لسانه السليط يومًا:
_أيه يا عم روميو.. مفيش في الجامعة حديث غير عن حالة الحزن اللي داخل فيها بسبب الغندورة ولا أيه!
تطلع إليه “مصطفى” بصمتٍ قاتل، فأضاف صديقه الأخر “عمرو”:
_يا صاصا قولتلك فكها شوية وشوفلك مزة تانية.. دي قفل!
وقال ثالثهم وكان يدعى” عثمان”:
_انا اللي هموت وأفهمه انت شايفها من أي اتجاه!
وحانت منه نظرة جريئة لفتاةٍ تخطو من جوارهم، بملابس متحررة تكشف ساقيها وجزءٍ من ذراعيها، تاركة العنان لخصلاتٍ شعرها الطويل يتمايل خلف خطواتها المتغندجة بميوعةٍ تتعمد لها، فاسترسل حديثه وهو يلتهمها بنظراته:
_فتح وبص حواليك.. هتعرف انك ظالم جنس الحريم بعشماوي اللي متعلق بيها دي!
حمل مفاتيح دراجته النارية، ثم جذب محفظته السوداء وقبل أن يغادر مجلسهم الخبيث قال:
_انتوا مبتحبوش غير البضاعه الرخيصة اللي الف إيد لوثتها… انا ممكن أكون عملت كتير في حياتي غلط لكن دي الحاجة الوحيدة النضيفة اللي دخلت قلبي وحياتي ومستحيل هدنسها بكلامكم.
وتركهم وغادر على الفور قبل أن ينشب بيهم شجارًا قد يدينه نقطة إضافية بصفحته التي كادت بالميول للون الأبيض الناصع، غادر بدراجته وهو لا يعلم إلى أي وجهة يتجه، قاد دراجته بالشوراع لعدة ساعات، وحينما التاع قلبه شوقًا لرؤياها تعمد أن يمر من شارعها الجانبي، عله يلمحها مثلما تمكن من رؤيتها بالأمس، نغز قلبه بألمٍ حاد، وكأن نصل سكين نجح بالإيقاع به حينما استمع لصوت الزغاريد يعلو بداخل شقتها، وبالأخص من غرفة الضيوف التي سبق ودخلها أكثر من مرةٍ، بات يصبر نفسه بأنها ليست هي العروس المنشود، ربما تكون أختها الأصغر سننًا عنها، ولكن بعرفنا قلة من تتزوج قبل الكبيرة، إذن هناك احتمال تسعون بالمئة بأنها هي، وعلى الرغم من ذلك تمسك بالعشرة القليلة علها لا تكون هي، لمعت بندقية حدقتيه بالدموعٍ حينما سأل أحد جيرانها، فأخبره الرجل بتلقائيةٍ:
_النهاردة قري فاتحة صبا بنت الاستاذ محمد.. بنت طيبة وتستاهل كل خير.. ربنا يتمم عليهم بخير يا رب.
لم يستمع باقي كلمات الرجل المسن، يكفيه نطقه لاسمها، شعر بأن جسده يتمايل وكأنه ابتلع جرعة من المخدر لا ربما ذاك تأثير سمًا قاتل ابتلع جرعته فور سماعه لأبشع كوابيسه الذي تمنى أن لا تتحقق يومًا، كاد بالسقوط للخلف لولا يد الرجل التي تلقفته وهو يتساءل بقلقٍ:
_أنت كويس يا ابني؟
اكتفى بهز رأسه، وهو يعاود بالانتصاب بوقفته البائسة، وتركه واتجه لدرجته بخطواتٍ غير متزنة بالمرة، حتى انه كاد بالتعثر أكثر من مرةٍ، جلس على دراجته ثم دارها وقبل ان يغادر، رفع رأسه لشرفتها عاليًا وقد تمكنت دمعاته من التحرر من مقبض رجولته أخيرًا، ولسانه العاجز يردد بتثاقل:
_ليه؟
كل مرة كانت تنجح بافشاءٍ جرحٍ بداخله أكبر من السابق، وكان يحتمله بصدرٍ رحب، ولكن تلك المرة اصابته في مقتل، وهو على ثقة بأنه لن يستطيع النهوض مجددًا، يعلم بأنها ليست الملامة فهي لا تكن له أي مشاعر سوى الكره والحقد، هي مثل اي فتاة ملتزمة لا تحبذ وجود أي علاقة تربطها بأي رجل، وهو لم يطلب منها سوى فرصة بأن تقبل بخطوبة اولًا وإن لم ترتاح لذلك فسيحررها بنفسه، الأمر برمته لا يعتمد على القصر والقوة لاخذ مبتغاه، فاضاف للائحة صبره صبرًا وترقب لحظة أن يميل قلبها إليه ولو قليلًا، وبالنهاية لم يحقق أي شيئًا من انتظره الممل، غادر واتجه للمنزل، وسرعان ما ولج لغرفتهو، وقبل أن تدلف والدته من خلفه أسرع بقفل المقبض من خلفه، واتجه للمرآة المطولة التي تكتسح أحد حوائط غرفته، وقف قبالتها وهي يتطلع لانعكاس صورته بنفورٍ، تأمل الندبة التي تحتل جانبه الأيسر من الاعلى باشمىزازٍ، وظل يردد بجنونٍ:
_أكيد دي السبب.. أكيد دي اللي كرهتها فيا وخوفتها مني!
وصاح بصوتٍ جمهوري وهو يجذب المزهرية ويحط المرآة:
_دي السبب.
تهشم زجاج المرآة عدة أجزاء تناثرت على أرضية الغرفة مثل حال قلبه، خرت قواه وسقط جوارها يبكي كالطفل الصغير، ووالديه بالخارج يحاولان اقتحام الغرفة بكل ما يمتلكان من قوة، وبالأخير تحرر المقبض نتيجة لاندفاع اجسادهما تجاه الباب بكل عنفوانٍ، فاتجهت والدته إليه راكضًا وهي تحتضنه بدموعٍ شقت وجهها الحزين، وصوتها الحنون يهمس:
_يا كبد أمك يا ابني.
بينما تساءل أباه بقلقٍ:
_أيه اللي حصل؟
رفع عينيه الدامعتان إليه وهو يردد:
_صبا هتتجوز.
ارتخت معالمه ليحلاهما التعصب الشديد، فقد فاض به تحمل المزيد من جنون ابنه الوحيد، فانفجر صارخًا به:
_ما تغور يا أخي… فوق لنفسك بقااا نعمل أيه تاني عشان سيادتك تكون راضي عننا.. روحت لابوها بدل المرة أربع مرات.. فاضل اوطي على إيده وأبوسها عشان يرضى يجوزهالك.. أنت حقيقي مبقتش طبيعي!
وتركه وغادر دون ان ينبس بكلمةٍ واحدة، فأغلق عينيه تأثرًا لكلمات أبيه التي زادت من حجم جرح قلبه..
*******
تم الإتفاق بين كلا الاطراف بأن يكتفي كلًا منهما بقراءة الفاتحة وليؤجل الزواج وعقد القران لحين تنتهي صبا من امتحانات السنة الدراسية الأخيرة، وذاك لاقتراب امتحانات الصف الدراسي الثاني، رغبة من والدها أن تركز باختباراتها، وبالفعل تم قراءة الفاتحة على ما تم الاتفاق عليه، لتصبح الآن بمثابة خطيبته، وهي الآن تجلس بغرفتها بعد ان غادر الجميع، كانت تشعر بالفرحةٍ بعد أن شعرت بالارتياح للعريس المتقدم لخطبتها، يكفيها بأنه متدين وهذا ما ترغب به، تمددت “صبا” على فراشها لتستعد للنوم، فوجدت هاتفه يعلن بصوته الهادئ عن رسالة على حساب الواتساب الخاص بها، وجدتها صديقتها تخبرها
«صبا الدكتور مشدد أن ممنوع الغياب بكره، لازم تيجي الجامعة.»
ارتعب قلبها فور سماعها بضرورة الذهاب للجامعة التي عادت السكينة إليها حينما توقفت عن الذهاب إليها بالأيام الاخيرة، ضاق تنفسها وكأنها تذهب لأمقت مكان قد تستعد للذهاب إليه، كونها ستراه هو الاحتمال الأسوء بالنسبة لها، ومع ذلك ليس هناك مفر من ذلك!
*******
كان يعلم بأمر الدكتور الجامعي الذي شدد بضرورة حضور جميع الطلاب، فعلم بأن صديقتها ستخبرها بالأمر، لذا لم يفوت تلك الفرصة وكان أول الحضور، فجلس وعينيه تراقب الباب الذي سيلامس طيفها فور دخولها، فما هي الا دقائق معدودة حتى ولجت للداخل بصحبة صديقتها، كانت تتجه للداخل بخطوات متهدجة وكأنها تود بالتراجع والفرار، فجلست بالمدرج الأول حتى لا تتمكن من رؤيته، فقد عقدت العزم بحضور المحاضرة الاولى الخاصة بالدكتور ومن ثم ستغادر على الفور، وبالفعل دونت خلف البروفيسور معلوماته الهامة الذي ود منحها لهم قبل اقتراب الامتحانات، وما أن أعلن انتهاء المحاضرة وغادر حتى أسرعت خلف البنات لتغادر، فشعرت بقبضة قوية تحيط براسغها، استدارت “صبا” للخلف لتجده يقف قبالتها، فصاحت به بانفعالٍ:
_انت مجنون سيب ايدي.
صراخها جعل معظم الطلاب ينتبهون إليهما، فكفوا عن الخروج وظلوا محلهم يراقبون المحاضرة التي باتت حديث الجامعة بين روميو وجوليت، رد عليها مصطفى بعصبية بالغة:
_كنتي رافضاني طول الفترة اللي فاتت دي عشان تتخطبي لعريس الغفلة؟
جحظت عينيها بصدمةٍ لعلمه بالأمر، فلم تخبر أحدًا إلى الآن، كبتت خوفها بمزيد من الشجاعة الزائفة، فناطحته بعندٍ:
_وأنت مالك؟ أنت كنت الواصي عليا.. أنا اخترت اللي حسيته مناسب ليا، بني آدم محترم وعلى خلق مش ماشي يبلطج على خلق الله!
ازداد من غرس أظافره بيدها، فتأوهت ألمًا والبكاء بات يسيطر عليها، فتداخلت صديقتها تدفعه للخلف وهي تحذره:
_أبعد عنها والا والله العظيم اناديلك أمن الكلية أو حد من الادارة.
اندفعت بعض الطالبات للدفاع عن زميلتهم، حتى بعض الشباب الصالحين لم يقبلوا بما يحدث هنا، وبالفعل نجحوا بتشكيل حاجز بشري بينهم، حتى أصدقائه الثلاث تدخلوا ليمنعوا الشباب من إلحاق الآذى به، فحاولوا دفعه للخارج فصاح بصوتٍ عالٍ لتتمكن من سماعه:
_ماشي يا صبا… شوفي مين هينجدك مني.. أنتي مش هتبقي لغيري مهما حصل سامعاني.
وأكد على جملته مجددًا بصوتٍ رج الجامعة بأكملها:
_مش هتكوني لحد تاني… سامعاني يا صبــا!
كلماته ختمت آذانها بصقعة رعدية كادت باصابتها بالصم، جسدها بات هزيل بين أيديهم فعاونها على الجلوس على الاريكة المطولة، انفجرت بالبكاء الذي لاقى شفقة البعض منهن، لا تعلم بتلك اللحظة بالتحديد أي ذنبٍ إرتكبته حينما رفضت الغير مناسب لها واختارت ما يناسبها!
وُلد بداخلها الخوف مجددًا، ولكن تلك المرة ازداد أضعافًا مما ينوي ذلك البلطجي فعله، انصاعت صبا ليد شيماء التي أجبرتها على الخروج ومن ثم استلقوا سيارة أجرة وغادروا معًا بعيدًا عن الاضطراب الحادث بالجامعة، فاتجهت لاحد المطاعم التي اعتدن البقاء بها بين المحاضرات.
******
أبعد أيدهم عنه بغضبٍ شديد لحق نبرته:
_إبعدوا عني!
تركوه ليتحرر من قبضتهم، فقال عامر بضيقٍ:
_قولنالك علم عليها عشان تحرم ترفع رأسها قدامك أنت اللي مخك تخين ومبتفهمش!
اتجهت نظراته الغاضبة إليه وصاح باندفاع:
_هتكون ليا يا عامر وهتشوف.
وتركهم وغادر فتأمل “عثمان” رحيله بنظرة ماكرة اتبعها حديثه الغامض:
_مصطفى ناوي على الشر، واحنا لازم نمهدله الطريق يمكن ينوبنا من الحب جانب!
علت البسمة الخبيثة وجوه الثلاث، وكلًا منهم يرسم مخطط دانيء للاحداث القادمة على يديه

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملاك بوجه شيطاني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى