روايات

رواية مقيدة لأصفاد مخملية الفصل التاسع 9 بقلم سارة أسامة نيل

رواية مقيدة لأصفاد مخملية الفصل التاسع 9 بقلم سارة أسامة نيل

رواية مقيدة لأصفاد مخملية الجزء التاسع

رواية مقيدة لأصفاد مخملية البارت التاسع

رواية مقيدة لأصفاد مخملية الحلقة التاسعة

«مُقيدة بأصفاد مخملية»
<الفصل التاسع> -٩-
خرج جبريل من المنزل يبحث عنها بجنون وهو يدور حول نفسه يمسح فوق وجهه وشعره وهو يغمغم برعب:-
– فينك يا قطوف ليه كدا يا عنيدة..
دي فرصة لحيدر الجندي..
أدور عليكِ فين دلوقتي يا قطوف..
توقف قليلًا وهو يتسائل بحيرة:-
– ممكن تكون راحت عند جدتها فريال هانم.!
عاد ينفي والرعب يجثم على قلبه:-
– لا لا .. أنا لسه راجع من هناك..
ضرب السيارة بقدمه وصاح بغضب:-
– ماشي يا قطوف ماشي..
☆★☆★☆★☆★☆★☆
قبل هذة الأثناء..
خرجت قطوف من المنزل تسير بهدوء وهي تتأمل أرجاء القرية البسيطة والمنازل المتواضعة.
الأطفال المنتشرين في الشارع يركضون وهم يلهون بسعادة..
بعض النساء الذين يتحدثون مع بعضهم البعض من خلال الشُرفات..
البقال وأمامه مجموعة أطفال يتناولون المثلجات..
أجواء هادئة بسيطة خالية من القيود، هنا الجميع منطلق لا يُقيدهم أصفاد كأصفادها.!
تنفست بعمق واقتربت من محلّ البقالة…
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كان مجموعة من النساء والفتيات يقفون يبتاعون أشياءهم، ظلّوا ينظرون لها بتعجب بينما أجاب صاحب البقالة بطيبة:-
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلًا يا بنتي نورتي..
قالت فتاة تبدو عليها الطيبة مِمَن كانوا يقفون:-
– أنتِ العروسة الجديدة صح، عروسة جبريل رُستم..؟!
حركت قطوف رأسها ورددت مبتسمة وهي تمدّ كفها:-
– أيوا أنا .. أهلًا بيكِ .. أنا قطوف..
تجاهلت الفتاة يد قطوف واقتربت تحتضنها بودّ قائلة:-
– أنا ميادة .. اسمك جميل أوي يا قطوف..
بادلتها قطوف العناق متنهدة براحة من الطيبة والوجوه المريحة، وبادلتها براحة:-
– أنتِ إللي جميلة يا ميادة، مبسوطة إن اتعرفت عليكِ..
قالت إحدى النساء تهمس للتي بجانبها:-
– ما شاء الله قمر أوي مرات جبريل رُستم وشكلها طيبة ومتواضعة، دا بيقولوا إنها بنت راجل كبير أوي في البلد وغني..
بس شوفتي البنت شكلها طيب مش زي ما الست أم جبريل بتقول عليها..
رددت الأخرى تؤيدها:-
– معروف إن الست ثريا هتعمل كدا يا أم إحسان، هي هتموت وتجوز جبريل لبُشرى بنت الست نبيلة، بس البنت دي شكلها رقيق وطيبة أوي..
ربنا يسعد كل البنات يارب…
سريعًا اندمجت قطوف بالحديث معهم واندهشت من بساطتهم وتقبلهم لها عكس والدة جبريل وشقيقته..
تعرفت قطوف عليهم جميعًا، والتفوا حولها تتحدث معهم بطيبة ورِقة..
– قوليلي يا بنتي طلباتك أيه يا ست البنات..
أجابته قطوف وهي تأخذ الكثير من الأشياء:-
– هختار شوية حاجات كدا يا عمو فتحي..
نظرت إحدى النساء إلى ما تبتاعه قطوف فهمست للتي بجانبها تقول:-
– البنت يا حبة عيني قاعدة تشتري بسكوتات وكيكات ومولتو وكلام من ده، شكلها جعانه ومكلتش يا حبيبتي..
لتكون الست ثريا قافله الأكل عليها .. ما طبيعي ما هي مش عطايها وش أكيد..
قالت الأخرى:-
– ما هي الست أم جبريل قالت إنها بنت دلوعة وجبريل متجوزها معروف لأبوها وهيطلقها تاني..
دي قالت النهاردة كلام صعب أوي، إنها بلطجية وقليلة الأدب..
بس البنت مش شكلها كدا خالص الصراحة..
أخذت قطوف الكثير من الأشياء وأخذت تُعطي الأطفال الذين التفوا من حولها بسعادة فاندهش الجميع وهن يرون أنها تختلف عن تلك الأوصاف التي نعتتها بها والدة جبريل..
ودعتهم قطوف وسارت بصحبة ميادة يتحدثون وهي تُعرفها على قريتهم البسيطة..
حتى انتهى سيرهم لمنزل صغير على أطراف القرية ينتهى بجانب الحقول..
تعجبت قطوف حين رأت فتاة في العاشرة تقريبًا من عمرها تجلس أمام المنزل على أحد الأحجار تبكي بقوة..
قالت قطوف تسأل ميادة:-
– البنوتة دي بتعيط ليه يا ميادة، وفين أهلها.!
نظرت ميادة للفتاة الباكية وقالت بحزن:-
– دي رحيق … يا حبيبتي أبوها وأمها ماتوا من شهر في حادثة، وهما كانوا جايين القرية ومش لهم أي حد..
أهل القرية هنا إللي جاي على قد إللي رايح ومحدش عارف يتكفل بيها..
بس الكل مراعيها وبيعطف عليها..
لكن صاحب البيت جه لما عرف إللي حصل وعايز يفضي البيت، الكل حاول يتفاوض معاه والكل هيجمع من بعضه ويدفعله الإيجار لكن هو رفض وقالوا إن هو هيهد البيت وعايزه..
محدش عارف يعمل أيه مع رحيق، المشكلة إنهم بيقولوا هيودوها دار أيتام..
احترقت أعين قطوف غضبًا من هذا الحديث واندفعت تقول والغيظ يمور بقلبها:-
– أنتوا إزاي كدا .. دا أهلها ماتوا .. ماتوا .. دي وحيدة .. مفيش أي نخوة خالص، إزاي يهون عليكم تسيبوها كدا…
مفيش في قلبكم رحمة…
تعجبت ميادة من ردة فعل قطوف الهجومية وزادت دهشتها حين رأتها تبكي بحرقة فجأة، فقالت مبررة:-
– أهل القرية يدوب مكفين عيالهم تعليم ومصاريف يا قطوف .. والظروف الله أعلم بيها..
بكاء قطوف ليس بالأمر الهيّن، ومن يعرفها أكثر فسيُصدم، فهي لا تبكي أمام أحد، المرات القليلة فقط حينما يغلبها البكاء..
قالت قطوف باندفاع وشراسة أكثر:-
– وربنا .. نسيتوا ربنا .. إيد ربنا هتكون مع إللي هيتكفل بالطفلة دي .. هتكون معاه بتساعده..
دا أنتوا رفضتوا خير كبير أوي..
وهرولت تجاه الطفلة وسحبتها قطوف لأحضانها وهي تمسح على ظهرها بحنان قائلة:-
– متخافيش يا رحيق .. أنا هنا يا حبيبتي متعيطيش يا جميلة …أنا مش هسيبك..
لو الكل سابك أنا مش هسيبك..
وقبلتها قطوف فوق رأسها بحنان فنظرت لها الطفلة بتعجب متسائلة وهي تعقد حاجبياها:-
– أنتِ مين..
مسحت قطوف وجهها وابتسمت تقول بلطف:-
– أنا قطوف .. وأنتِ رحيق صح..
أخفضت الطفلة رأسها بحزن وقالت تحت تعجب قطوف من كم هذا الحزن والعجز المكتظّ به وجه فتاة في العاشرة:-
– أيوا أنا رحيق..
ولو سألتيني بابا وماما فين هقولك هما سابوني وراحوا الجنة، وأنا كنت قاعدة بدعي ربنا إن ياخدني لهم علشان هما عايزين ياخدوني لدار الأيتام لأن عمو صاحب البيت هيطردني منه..
وأنا خايفه ومش عايزه أروح..
انفطر قلب قطوف ولم تستطع كتم شهقاتها وجذبت رحيق تحتضنها علّها تستطيع إمتصاص هذا الحزن والخذلان من داخلها..
رددت قطوف بحنان:-
– متقوليش كدا يا رحيق .. ومتخافيش أنا معاك ومش هسيبك أبدًا .. أيه رأيك نبقى أصحاب..
نظرت الطفلة لميادة الواقفة لتتسائل:-
– هو أنتِ صاحبة ميادة .. طب أنا ليه مش شوفتك قبل كدا..
وأنتِ هتخليهم مش يخدوني دار الأيتام..
ابتسمت قطوف وأجابتها وهي تبث بقلبها الاطمئنان:-
– أيوا أنا صاحبة ميادة..
ومش شوفتيني قبل كدا علشان أنا لسه جديدة هنا .. هقعد هنا فترة وبعدين أرجع بيتي..
أنا مش هخلي حد ياخدك دار الأيتام متخافيش يا رحيق .. أيه رأيك تيجي معايا ونعيش سوا..
صُدمت ميادة من هذا القرار ولكنها التزمت الصمت بينما أكملت قطوف تقول وهي تبث الطمأنينة بقلب الطفلة أكثر:-
– أنا عندي بيت كبير أوي وفيه حديقة وحاجات جميلة هتحبيها..
هنقعد هنا فترة وبعدين نرجع..
هنعيش مع بعض عالطول لأن حبيتك أوي يا رحيق ومش هسمح لأي حد ياخدك … أيه رأيك..
ابتسمت رحيق ونظرت لميادة التي قالت تطمئن قلبها:-
– متخافيش يا رحيق .. قطوف طيبة جدًا..
وهنا أطلقت الطفلة لمشاعرها العنان وألقت جسدها بأحضان قطوف بسعادة فاحتضنتها قطوف بسعادة مماثلة..
استقامت قطوف وهي تنظر لوجه رحيق الذي انبلج النور عليه ثم أردفت بحماس:-
– أيه رأيك نخرج سوا .. نروح الملاهي وناكل في مطعم جميل أوي أنا بحبه..
قفزت رحيق بسعادة بينما جذبتها قطوف تحت دهشة ميادة من موقفها وحنانها فهي حقًا لا تشبه أي صفة مما انتشرت عليها من قِبل السيدة ثريا..
– يلا يا رحيق تغيري هدومك وأجهزك علشان نخرج..
واندفعت معها داخل المنزل ثم جعلتها ترتدي فستان رقيق وأخذت تمشط خصلاتها البنية وتعقدها بشكل مميز وخرجوا منطلقين وهنا تغيرت شخصية قطوف وظهر منها شخصًا أخر..
القوة والتحدي مع من يمسّها .. الرِقة مع الأزهار .. الحنان مع رحيق..
امسكتها ميادة حين رأتها تهم بالخروج من القرية، وتسائلت بحيرة بصوتِ منخفض:-
– أنتِ متأكدة من القرار ده يا قطوف!
حركت رأسها بإيجاب قائلة بقوة:-
– أكتر من أي حاجة في حياتي يا ميادة، ومستحيل أتراجع عنه وأخذل رحيق أبدًا لو على موتي..
أمسكت ميادة يدها وأردفت بفخر:-
– حقيقي أنا سعيدة إن اتعرفت عليكِ يا قطوف، ربنا يجازيكِ خير..
فعلًا الإنسان مينفعش يحكم على حد من مجرد كلام بيسمعه عنه..
واصطحبت قطوف رحيق خارج القرية قاصدة المدينة وهي ترقب شغف رحيق وسعادتها..
وتلبدت أعينها بذكريات مؤلمة فجعلت تطردها سريعًا كي لا تُعكر صفوها..
☆★☆★☆★☆★☆★☆
كان جبريل مازال مستمر بالبحث داخل القرية يدور بجنون هنا وهناك تحت تذمر والدته ونعتها لقطوف بأبشع الصفات..
كان يستبعد فكرة سيرها داخل القرية وتحدثها إلى أهلها فعزم على العودة والخروج حيث المدينة لكنه توقف حين سمع نداء أحدهم باسمه..
– جبريل … إزيك يا ابني عامل أيه..
تنهد جبريل وأجاب مسرعًا:-
– بخير يا خالتي فوزية .. أنتِ عامله أيه وأخبارك.
رددت تقول بسعادة:-
– أنا بخير يا ابني، كنت عايزه أقولك ألف مبروك يا جبريل على جوازتك يا زين ما اختارت يا حبيبي وعقبال ما نحضر فرحك أنت وقطوف..
عروسة زي القمر أدب وأخلاق..
توسعت أعين جبريل بصدمة ونظر لها بعدم فهم ليتسائل بلهفة:-
– قطوف .. أنتِ عرفاها .. شوفتيها يعني..
قالت المرأة مبتسمة بودّ:-
– أمال .. دي من الصبح وهي معانا، اتعرفنا عليها وحبنيها كلنا دي مش زي ما الست ثريا بتقول عليها خالص..
أسرع جبريل يقول بلهفة شديدة:-
– وهي فين قطوف .. راحة فين..
أجابته وهي سعيدة للهفته الظاهرة:-
– البت ميادة خدتها تفرجها على القرية وبعدين رجعت وقالت إن قطوف أخدت البت رحيق يا حبة عيني .. وخرجت من القرية تفسحها وتأكلها في مطعم .. دا بتقول كمان إن قطوف خلاص اتكفلت برحيق بعد ما عرفت قصتها..
اندفع جبريل يهرول نحو سيارته قائلًا:-
– شكرًا يا خالتي فوزية منحرمش منك..
وركب سيارته منطلقًا فبحكم معرفته بقطوف يعلم جميع الأماكن المفضلة لها..
كما يعلم مطعمها المفضل بالتأكيد سيجدها هناك..
☆★☆★☆★☆★☆★☆
بعد مرور بعض الوقت حيث كانت تتجه الشمس للغروب وصل جبريل أمام أحد المطاعم الشهيرة والمفضلة لقطوف، مطعم “البوب” الذي يعود ليعقوب بدران..
هبط من السيارة مسرعًا وركض تجاه المطعم يبحث عنها بلهفة ليستطيع التنهد براحة والتنفس حين وجدها جالسة وهي متوسعة الإبتسامة، مشرقة الوجه وتُطعم رحيق بحنان واهتمام..
شرد قليلًا يتأملها بعشق وحنان، هيئة لم يراها عليها من قبل..
إنها تجعل قلبه يجنّ حين تبتسم، وضع كفه فوق موضع قلبه الخافق بشدة، زفر ببطء وهمس:-
– اااه يا قطوف .. يا ويلك مني يا زيتونة..
هتفضلي دايمًا كدا مجرياني وراكِ..
اقترب منهم ثم سحب المقعد وجلس بصمت بعدما تبدلت ملامحه بالغضب..
اندهشت قطوف من وجوده وتسائلت ببرود:-
– أنت عرفت مكاني منين .. وجيت ليه..
أنا عايزه أفضل لواحدي …أهي كدا الخروجه اتعكننت يا رحيق..
انحنى نحوها يجذبها من ذراعها نحوه وهدر من بين أنفاسه:-
– يعني أنا إللي بعكنن عليكِ يا زيتونة..
وإللي عملتيه ده ينفع..
مش قولتلك مفيش خروج ألا بعلمي ومعايا، أنتِ ليه مش بتسمعي الكلام..
سحبت قدمها ثم ضربت قدمه تدهسها بقوة وقالت بتحدي:-
– وأنت مين علشان اسمع كلامك يا باباي..
هخرج وأعمل إللي أنا عيزاه وأنت روح اشرب من المحيط بلاش البحر .. المحيط هناك المايه كتير..
أطبق فوق جفونه بشدة يغمض أعينه بنفاذ صبر، وفتح أعينه ينظر داخل عينيها وقال يُحذرها:-
– مش عايز أوجعك يا قطوف .. مش عايز أجرحك وماسك نفسي بالعافية علشان غضبي وحش أوي..
أردفت تقول باستفزار وقوة:-
– وماسك نفسك ليه يا فتوة، أطلقها واترك لها العنان ما أنا عارفه في بلاوي متخبيه..
وعلى العموم لا عاش ولا كان إللي يجرح قطوف ويوجعها..
عمق النظر داخل أعينها وهمس لها:-
– لا عاش ولا كان يا قطوف من الجنة..
إللي يفكر بس يلمس شعره منك جبريل ينسفه من على وجه الأرض..
اقتحمتها نفحات عشقها الدفين وتفلتت أعينها داخل أعينه بعض اللحظات سرعان ما استجمعت نفسها سريعًا حين جعلتهم رحيق يستفيقون بقولها السعيدة:-
– أنتوا خناقتكم جميلة أوي وبتضحك يا قطوف..
ابتعد جبريل عن قطوف التي دفعته بصدره بحده، واستدار ينظر لرحيق وجذب مقعدها نحوه يُقبل رأسها ويدها بحنان قائلًا:-
– أهلًا بأجمل البنات كلهم .. رحيق الجمال..
احتضنها بحنان ليقول لجبربل:-
– وحشتني كتير يا جبريل .. بقالك كتير مش شوفتني ولا جيبتلي أيس كريم..
قبل جبريل كفها الصغير باعتذار فحقًا بالآونة الأخيرة قد أهملها بسبب الكثير من الضغوط، هو بالكاد كان يتفرغ فكان لا يذهب للقرية من الأساس، حتى أنه لم يكن على دراية بما حدث لها..
– آسف يا رحيق، عندك حق أنا قصرت معاكِ كتير، بس خلاص هتفضلي معانا عالطول..
لفظ بضميرٍ يجمعهم (معانا) وهو ينظر لقطوف نظرة ذات مغزى..
توسعت أعين رحيق وقالت بسعادة:-
– يعني يا قطوف إللي أنتِ متجوزاه هو جبريل..
وسرعان ما انطفأت سعادتها ليتعجب جبريل متسائلًا بقلق وهو يمسح على خدها:-
– مالك يا رحيق أيه زعلك، زعلانة علشان هتبقي معايا..
رفعت كتفيها قائلة باستياء:-
– لأن كنت عايزه أنا إللي أتجوزك يا جبريل..
بس يلا مش مهم …قطوف حلوة بردوه وأنا بحبها..
ضحك جبريل وقرص وجنتيها بمرح قائلًا:-
– وقعتي قلبي يا شقية..
أشارت له بحماس نحو الحقائق التي تملئ المقاعد التي بجانبهم وقالت:-
– شوف قطوف جابتلي فساتين وهدوم كتيرة وتوك وجزم وحاجات كتير خالص وروحنا الملاهي وكلنا أيس كريم وغزل بنات واتصورنا صور كتير..
مسح جبريل على رأسها ونظر لقطوف نظرة يغمرها العشق والإمتنان، فجوانب شخصيتها تظهر رويدًا رويدا..
ردد يقول لرحيق:-
– لما نرجع البيت هنتفرج عليهم سوا يا رحيق..
حركت رأسها وهي تنشغل مع طعامها فاقترب جبريل من قطوف وقال:-
– أنتِ إزاي تاخدي قرار زي ده من نفسك.
رحيق بنت حساسة وهتنجرح لو سبتيها أو مقدرتيش تكملي معاها..
هاجمته بشراسة:-
– وأنت مين علشان أخد رأيك، لو هيضايقك وجودها معايا أنا ممكن أخدها ونأجر بيت برا الفترة دي .. أنا مش هسيبها أبدًا..
ألجم نوبة غضبه من تلك المدافع التي تقذفها من فمها وقال بذات الشراسة وهو يطبق على يدها يمسكها ثم رفعها يُقبل باطنها بقوة بتحدي تحت صدمتها:-
– أنا جوزك يا قطوف وحبيبك سواء اعترفتي أو لأ، جوزك ومن حقي نتشارك كل حاجة..
أنا مش معترض على رحيق، بس أنتِ في خطر وكدا بتعرضيها كمان للخطر..
اجتاحتها عاصفة قوية من الداخل ورفعت رأسها تنظر من حولها فقد كانت طاولتها بمكان بعيدٍ عن الأنظار، حاولت نزع يدها من داخل يده لكن هيهات فقد كانت مصفدة بشدة..
نظرت له بحدة وقالت بغضب:-
– متقلقش أنا أقدر أحمي نفسي وأحمي رحيق كويس لكن أنا مستحيل أسيبها..
وبطل قلة أدبك دي واحفظ حدود بيني وبينك.
ردد جبريل بسخط:-
– الحدود دي ترسميها وتمشي عليها يا زيتونة ولما نرجع البيت هعرفك إن أكتر واحد بحب الحدود..
وأكمل وهو يسحب الطعام الذي أمامها ويشرع بتناوله:-
– وسبيني بقاا أكل لأن نفسي اتفتحت لما شوفتك يا قطوفي..
همست بغضب وهي ترمقه بحدة:-
– بارد..
☆★☆★☆★☆★☆★☆
يجلس بصدر الردهة وعقله شارد في عالمٍ أخر، ينظر نحو أفراد عائلته واحدٍ تلو الأخر..
زوجته والدته وبناته..
هل وصل الأمر بهذا الحقير جبريل أن يزرع الشك بداخله تجاه أفراد أسرته الصغيرة.!!
محالٌ هذا!
تمتم شريف بغضب:-
– الله يلعنك يا جبريل..
واستقام نحو غرف مكتبه بهدوء ثم اتجه نحو أحد خزائنه السرية يفتحها بقلب مطمئن إلا أنه تجمد حين رأى الورق مفقود..
همس بصدمة وأخذ يبحث عنه مرارًا:-
– مستحيل .. مستحيل..
اتجه نحو هاتفه يسحبه مسرعًا..
بالجهة الأخرى كانت سيارة جبريل تقف أمام منزلهم بالقرية، هبطت قطوف بصحبة رحيق وتركته متجهة نحو المنزل وهي تتجاهله..
فهمس بتوعد وهو يتأملها بحب:-
– اصبري عليا يا زيتونة..
ارتفع رنين هاتفه ليجد المتصل شريف الهواري والد قطوف فأجاب على الفور..
عند شريف..
فور أن أتاه الرد من الجهة الأخرى أسرع شريف يقول بأنفاس لاهثة ومازال لم يبتلع صدمته بعد:-
– جبريل .. الورق اختفى..
عقد جبريل جبينه وصرّ على أسنانه بعصبيه قائلًا:-
– أنا كنت متأكد إنه هيختفي بس مش بالسرعة دي، أنا قولتلك يا شريف باشا الخاين حد من بيتك..
كاد عقل شريف أن ينفجر لا يعلم على أي شيء يحزن، هتف يقول بتيهة:-
– إزاي .. إزاي ومين يعمل كدا!!
الورق ده مهم جدًا..
غمغم جبريل بمكر وهو يُضيّق أعينه:-
– دي سهلة يا شريف باشا، أنا عامل حسابي..
والخاين استعجل على نفسه .. بس استعجل إزاي.!
أنت تعرف إن المصايب إللي كنت بتقع فيها الفترة إللي فاتت دي من تحت راس الخاين ده وأنت كنت هتتجنن وبدّور عليه وهو طول الوقت قدامك..
على العموم أنا عملت حسابي وزرعت في أوضة مكتبك كاميرات سرية..
خلاص آن الأوان ونكشف عن شخصيته، أنا جايلك حالًا يا شريف بيه..
وقاد السيارة مسرعًا نحو قصر الهواري وعقله يعمل بجميع الجهات..
☆★☆★☆★☆★☆★☆
على أعتاب المنزل وبمجرد أن دلفت قطوف ارتفع صوت والدة جبريل المتأهبة تقول بغضب:-
– استني عندك …أنتِ مش هنا في قصر أبوكِ يا بنت الذوات .. ومش هانم وإحنا خدمك..
تخرجي وتدخلي بمزاجك وكأن ملكيش حاكم..
لو الباشا والدك ملقاش وقت يحكمك فيه هنا الوضع مختلف..
برا بيتي .. ملكيش قعاد في بيتي يا بت أنتِ..
أشكالك دي عار وأنا عندي بنت..
برا ومش عايزه أشوف وشك تاني، وجبريل ابني هيتجوز بشرى أول الشهر الجاي..
حتى لو مطلقيش هيتجوز عليكِ..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية مقيدة لأصفاد مخملية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى