روايات

رواية لولا التتيم الفصل العاشر 10 بقلم ناهد خالد

رواية لولا التتيم الفصل العاشر 10 بقلم ناهد خالد

رواية لولا التتيم الجزء العاشر

رواية لولا التتيم البارت العاشر

رواية لولا التتيم الحلقة العاشرة

شهقة قوية خرجت منها كمن كان يغرق وطفى فجأة فوق سطح الماء.. فتحت عيناها بعدم استيعاب لوهلة تنظر حولها لتدرك أين هي.. زفرت بضيق وهي تتمتم باستغفار.. انتبهت لدلوف والدتها التي قالت على الفور:
_ خلاص اطلعي مشي، ولا هتفضلي حابسة نفسك هنا؟
نظرت لملامحها التي يبدو عليها الانزعاج لتسألها باستغراب:
_ ايه ده مالك؟
نهضت “صفية” من على الفراش لتهتف بضيق وهي تتجه للنافذة تفتحها لتستنشق بعض الهواء النقي:
_ مش عارفه حلم غريب ورخم..
استمعت لصوت والدتها تسألها:
_ حلم! أنتِ نمتِ؟
التفت لها تقول:
_ ماهو ده الي هيجنني.. معرفش نمت امتى عشان احلم.. عيني غفلت بس وأنا قاعدة قمت حلمت الحلم الغريب ده.
_ وايه الغريب فيه؟ حلمتِ بمين أصلاً؟
رفرفت بأهدابها توترًا وقالت:
_ يوسف.

 

أشاحت والدتها بذراعيها بضيق:
_ يووووه.. هو حتى الحلم مش عاتقة الراجل فيه؟
ضيقت “صفية” ما بين حاجبيها بضيق:
_ يوه يا ماما هو أنا الي اختارته ييجي في حلمي!
لوت والدتها فمها بعدم رضى وهي تعقب:
_ هو أنتِ بتعملي حاجه برضو.. المهم عمل ايه المرة دي؟
نظرت حولها بتهرب تخشى ردة فعل والدتها، قبل أن تعض شفتيها بتوتر وهي تسألها:
_ اقولك مش هتتعصبي؟
زفرت بقلة صبر:
_ اخلصي يا بنتي هو أنا هحاسبك على حلمك!
فركت كفيها بتوتر وهي تجيبها بحذر:
_ حلمت انه بيخوني… ومش هينفع اقول تفاصيل اكتر.. بس تفتكري دي إشارة؟
لم تتلقى رد فعل من والدتها التي بقت صامتة، لتسألها باستغراب:
_ ساكتة ليه يا ماما؟
رفعت والدتها حاجبها وهي تقول من بين أسنانها:
_ والله يا بنتي بحاول متعصبش.. يعني حتى الحلم ضده.. بعدين إشارة لإيه يا بنت الهبلة؟

 

أردفت الأخيرة بصوتٍ عالٍ حين تذكرت جملتها، لترتد “صفية” خطوة للوراء وهي تردد:
_ معرفش… بس أنا قلقت بعد الحلم ده.
قلبت والدتها عيناها بملل وهي تقول:
_ امم وبعدين؟
رفعت كتفها بلامبالاة مجيبة:
_ ولا قبلين.. يروح يعمل الي عاوزه أنا مالي بيه.
هتفت والدتها بعدم اقتناع:
_ وحياة أمك؟ اومال وشك مقلوب وعينك مش ثابتة ليه؟ والله لو قلقانة اوي كده ارجعي بيتك لجوزك وبطلي هبل بقى.
رفعت عيناها التي أدمعت فجأة لوالدتها وقد تغيرت ملامحها وهي تقول:
_هبل؟ هو أنتِ ازاي مش حاسة بيا؟ أنتِ بجد شايفة إن الي عمله عادي؟
هتفت والدتها بهدوء:
_ هو متخيلش الموضوع يوصل لكده.
هزت “صفية” رأسها بعدم استيعاب مرددة:
_ بجد؟ ده مبرر يعني؟ أنتِ لو حاسة بيا بجد مش هتقولي كده.. ولا هتستهوني بالموضوع كده.. يوسف أذاني فوق ما يتخيل بالي عمله.. ده أنا مسكت ايده واترجيته.. قولتله لو عمل كده عمري ما هسامحه، وكل ده مرجعوش عن الي عمله.

 

كانت تشرح بيدها المشهد الذي حدث منذُ أشهر، وهي تمد يدها للهواء كأنها مازالت تمسك يده، لتمسك والدتها بكفها حين رأت دموعها قد انسدلت على وجنتيها لتهتف برفق:
_ أنا عارفة أنه يمكن غلط.. بس لو فكرتِ في مبرراته هتلاقيه عنده حق يا صفية هو..
قاطعتها وهي تسحب كفها منها بعنف لتهدر بصوتٍ عالٍ وهي تشير لذاتها:
_ عنده حق! أنا مش قادرة انسى المشهد ده، مش قادرة انسى احساسي وقتها وأنا مش قادرة ادافع عن نفسي.. مش قادرة ارفض ولا عارفه اخد موقف، رجائي له كان الحاجة الوحيدة الي قدرت اعملها.. بس هو خذلني.
أنهت جملتها بشهقة بكاء خرجت منها فجأة بعد أن تجسد المشهد أمامها.. وأُعيد لها كل ما شعرت بهِ حينها.. لقد كان موقف قاسيًا لا تظن أنه سيمحى من ذاكرتها بسهولة، تتجنب لقاءه لأنها تشعر أنها بمجرد رؤيته سيعود لها كل إحساس شعرت بهِ ذلك اليوم، سيشعر قلبها بنفس الرهبة، والقلق، وتلك الدقات العنيفة التي كادت توقفه يومها، تلك اللحظات العصيبة التي أصابت قلبها بنغزات لم تنساها للآن بل ومازالت تشعر بآثارها رغم مرور أشهر على حدوثها.
كادت والدتها أن تتحدث لكنها صمتت حين دلف الصغير “يونس” يركض وهو يردد ببهجة:
_مامي بابي قالي اني هروح معاه.
استدارت تمسح دموعها بكف يدها المرتعش من أثر الذكرى المريرة بالنسبة لها، وعادت له مرة أخرى تسأله بابتسامة باهتة:
_تروح معاه فين؟
رد الصغير ببراءة:
_ بيتنا.
قطبت حاجبيها تنظر لوالدتها معقبة:
_ ده ايه ده؟

 

_ هو طلب إن يونس يقضي معاه يومين، قولتله هعرفك وأرد عليه، رغم أنه مش محتاج أذنك عشان ياخد ابنه.
ابتسمت ساخرة وهي تقول:
_ بتقولي كده عشان تعرفيني إني مليش حق الرفض يعني!
ابتسمت والدتها ببرود وهي تقول:
_ ما أنتِ ملكيش حق الرفض فعلاً.. هروح أعلق على الغدا.
تركتها وخرجت من الغرفة دون أن تضيف حرفًا آخر، لتنتبه ل “يونس” الذي قال بحماس وهو يكبت ضحكته:
_ مامي.. بابي أداني حاجة ليكِ.
نظرت له باستغراب تسأله:
_ حاجة ايه؟
أشار لها بأصابعه لتنحني لمستواه وما إن فعلت حتى طبع قبلة سريعة على وجنتها وهو يقول بضحكه بريئة:
– هو قالي أوصلك دي.
توترت ملامحها تفاجئًا لِمَ أبلغ بهِ طفلهما، ولكنها حاولت تدارك الأمر لتنظر ل”يونس” وحملته بمرح تردد:
_ وأنتَ بتضحك ليه ها؟
ضحك الصغير يقول مفسرًا:
_ مبسوط.. عشان مبحبش حد يبوسك غيري.

 

رفعت حاجبيها بدهشة غير مصدقة حديث الصغير لتقول:
_ بقى كده! يعني كنت بتضايق لما بابي يبوسني فجتلك فرصة دي ها؟
رد بضحك أكثر:
_ ايوة.
شهقت بمرح وهي تقول:
_ وكمان بتعترف! طب تعالى بقى..
أنهت جملتها وهي تتجه بهِ للفراش لتبدأ في زغزته بمرح والصغير تتعالى ضحكاته التي تدخل السعادة لقلبها بدون جهد يُذكر.
_________________
_ ردي عليَّ طيب حاسة إنك أحسن؟
كررها “بدر” للمرة الثانية محاولاً أن يطمئن عليها بعد أن سقطت بين يديهِ ولولا البخاخ الذي وجدته والدته في حقيبتها لكانوا في مأذق حينها، فحالتها لم تكن ستتحمل الانتقال بها لمكان ما أو التأخر في علاجها.. ومن وقتها وهي تجلس على أحد الكراسي الموجودة بشقة والدته بصمت تام حتى أنها لا تجيب على سؤاله.
خرجت والدته عن صمتها لتسألها برفق:
_ طمنينا عليكِ يا بنتي نجيبلك دكتور؟
هزت رأسها نافية وهي تلتقط أنفاسها وقالت:
_ لا.. أنا كويسة.

 

_ ما أنتِ بتردي اهو؟!
رددها “بدر” بغيظ بعد أن تجاهلت اجابته، لتتجاهله ثانيةً وكأنه غير موجود وتقول لوالدته:
_ أنا بس حاسة إني محتاجة ارتاح شوية.. حاسة بتعب في ضهري مش قادرة اقعد.
ردت “علياء” شقيقته سريعًا :
_ ممكن تدخلي اوضتي.
انتبهت لوجودها للتو لتهتف بابتسامة باهتة:
_ ازيك يا عليا.. معلش مخدتش بالي منك..
_ الحمد لله ولا يهمك.
عقب “بدر” بهدوء:
_ ممكن تدخلي أوضة عليا لو تعبانة اوي، وممكن تطلعي شقتي فوق الي تحبيه.
حدقت تلك الواقفة بجانب عيناها قبل أن تردد دون أن تنظر له:
_ شقتك لوحدك؟
رد ساخرًا:
_ لا عامل فيها جمعية.
نظرت له بأعين تلمع بشرارات الغضب الكامن بداخلها ليهتف بابتسامة باردة:
_ اه لوحدي.
نهضت على الفور لتقول برأس مرفوعة:
_ هاتلي شنطتي على فوق.

 

رمش بأهدابه بعدم استيعاب لجملتها:
_ نعم؟
_ شنطتي في العربية تحت.. اكيد مش أنا الي هجيبها.
أكملت حديثها وهي تضع كفها على بطنها البارزة قليلاً وعيناها تتجه لتلك الفتاة:
_ وأصلاً الحمل تاعبني ويدوب اطلع السلم بالعافية.
أنهت حديثها وهي تتجه لباب الشقة بخطى بطيئة مرددة:
_ عن اذنك يا طنط هطلع ارتاح شوية وهنزل لحضرتك تاني.
ردت “شادية” بهدوء:
_ لو احتاجتي حاجة ابقي نادي بس من على السلم وعليا هتطلعلك، ومفتاح الشقة أول مفتاح في العليقة الي جنبك دي.
وقفت على مدخل الباب تلتقط المفتاح وهي تقول بابتسامة هادئة:
_ تسلمي يا طنط..
أنهت جملتها لتصعد درجات السلم بهدوء عكس البراكين المشتعلة بداخلها.
وبداخل الشقة كانت “شادية” تحدق “بدر” بنظرات جامدة أصابت ارتباكه ليقول:
_هنزل اجيب الشنطة.
هدر صوتها موقفًا إياه:
_ استنى هنا.. أنا محتاجه افهم ايه الي حصل ده؟ أنا سكت قدامها لحد ما افهم منك عشان مطلعكش عيل قدامها.
قطب حاجبيهِ باستهجان:
_عيل؟ عيل ايه يا ماما..
ابتسمت له ببرود:
_ لما تكدب تبقى عيل.. ولما تألف فيلم محصلش تبقى عيل..

 

عقبت الواقفة بصمت منذُ بداية الموقف تقول:
_ خالتو معاها حق يا بدر.. ميصحش الي حصل ده، وبعدين من حقنا نفهم ليه قولتلها إني مراتك!؟
زفر بضيق وهو يقول:
_ ينفع متسألونيش.. ومش مطلوب منكوا حاجة غير إنكوا تعملوا نفسكوا مش موجودين أصلاً.
اهتاجت والدته تقول برفض:
_هو ايه أصله ده؟ بعدين أنتَ مش شايفها تعبانة ازاي؟ ده غير حملها.. غلط تبقى نفسيتها وحشة.
قست ملامحه وهو يعقب بغضب مكبوت:
_ حملها.. اهو هو ده الي خلاني اقول الي قولته، حملها الي معرفش بيه غير وهي قربت تولد، ممكن تسبوني اتعامل معاها من غير ما تتدخلوا؟
عقبت “علياء” بشفقة:
_ يا حبيبي احنا متدخلناش بينكوا قبل كده في أي مشكلة حصلت.. بس الوضع مختلف يا بدر.. أولاً هي حامل وتعبانة زي ماما ما قالت.. ثانيًا أنتَ كده بتقسي عليها اوي.. الموضوع ده مفيهوش هزار ولا تلاعب.. والوضع هيتأزم بينكوا لما تعرف إنك مش متجوز زينب وإنك كدبت عشان توجعها.
تنهد بعمق قبل أن يقول:
_ محدش منكوا هيفهم احساسي ولا غضبي منها دلوقتي، وده لأسباب كتير أخرهم حملها، مش هقدر اتعامل معاها ولا اتقبلها في حياتي تاني غير لما احس إني رجعت جزء من حقي، وللأسف دي الطريقة الوحيدة الي عقلي هداني ليها، مش أحسن ما اخليها تولد واخد الولد اقعده معايا وابعتها عند ابوها.. ويبقى زي ما حرمتني من فرحتي بيه لكام شهر أردهلها! وبعدين ماهي ياما قسيت وأنا ياما اتحملت، سبوني اقسى أنا شوية.
عقبت “شادية” بهدوء:
_ ماشي يا بدر.. رغم إن غلط اجاريك، بس أنا هعمل زي ما أختك قالت، زي ما مدخلتش قبل كده مش هتدخل دلوقتي.. بس من هنا لاخر الأسبوع لو معرفتهاش كل حاجة أنا وقتها هدخل.
رد باعتراض:
– آخر اسبوع ايه، ده النهاردة الثلاث؟

 

ابتسمت ببرود تقول:
_ ومعاك لحد الخميس…وكلمة كمان هطلع اقولها كل حاجة بنفسي.
غمغم ببعض الكلمات بغيظ وهو يتجه للاسفل ليجلب حقيبتها.
ما إن خرج من الباب حتى هتفت “شادية” سريعًا:
_ تعالي يا عليا بسرعة.
______________
جلست على أقرب كرسي في الشقة تتساقط دموعها بعجز ووجع، هل حقًا تزوج بدر بأخرى؟ هل ضاع من يدها؟ هل فقدته وفقدت حبه لها؟ توقعت أن يقابلها بقسوة.. توقعت أن تلقى منه رد فعل لن يعجبها، توقعت ثورته التي لن تهدأ، وغضبه الذي سيعصف بها حين يعلم بحملها، واستعدت لكل هذا، ولكن ما لم تتوقعه أو تستعد له هو ما حدث.. انتبهت لرنين الجرس لتنهض وهي تتوقع صعوده بعد أن جلب حقيبتها.
____________
وضعت الطعام فوق الطاولة الصغيرة الموجودة بالصالة، ووقفت تتنهد بعمق استعدادًا للدلوف له، أصبح مجرد تعاملها معه مرهقًا لها، طريقته الجافة تؤلمها وتصعب عليها التحدث إليهِ حتى، اتجهت لباب غرفته المغلق، والتي اختارها لنقل متعلقاته لها والنوم بها منذُ ما حدث وانفصاله عنها.. فتحت الباب بهدوء لتجده متسطحًا فوق الفراش يعبث بهاتفه، سعلت بخفة لتنبه لوجودها، فرفع عيناه لها يحدقها بصمت، ابتلعت ريقها بتوتر وهي تقول:
_ الغدا جهز.
_ مش عاوز.
فتحت فاهها بصدمه مرددة:
_ مش عاوز! بس أنتَ لسه متخانق معايا عشان الأكل!

 

قلب عيناه بملل:
_ غيرت رأيي… مليش نفس.. في حاجة!؟
أدمعت عيناها من طريقته ولامبالاته معها لتنسحب من الغرفة بهدوء دون كلمة أخرى.
ألقى هاتفه بعنف فوق الفراش ما إن خرجت، ومرر كفه في شعره محاولاً تهدأة غضبه وعصبيته، لا يعجبه الوضع بينهما، ولكن هي من أوصلتهما لهنا، هي من عقدت الحياة بينهما بهذا الشكل، يضغط على ذاته كثيرًا كي لا يقسو عليها أكثر بعد ما عرفه، يحاول أن يبقى جامدًا معها أفضل من أن تتسم طباعه بقسوة ستكرهها في العيش معه.
______________
قطب حاحبيه باستغراب ما إن دلف من شقة والدته حين استمع لصوت مألوف يحدثها، وصل للصالة ليرفع حاجبه باستهجان ما إن رأى من توقع وجودها بسماع صوتها..
_ يوسف ازيك؟
رددتها بابتسامة واسعة وهي تنهض لاستقباله، ابتسم بضيق وهو يقول:
_ امم..أهلاً يا شيرين.
رددت بدلال سخيف وهي تلوي رأسها قليلاً:
_ أهلاً! أنتَ مش مبسوط أنك شوفتني ولا ايه!!؟
تجاهل حديثها وهو يتجه لوالدته ليقبل رأسها وهو يقول:
_ عاملة ايه يا ماما؟
_ الحمد لله يا حبيبي، كده مشوفكش من يومين.
جلس جوارها بارهاق وهو يقول:
_ حقك عليَّ بس أنتِ عارفة اللغبطة الي أنا فيها، غير ضغط الشغل الفترة الي فاتت.

 

تدخلت “شيرين” وهي تقول:
_ صحيح يا يوسف هي مراتك لسه مش ناوية ترجع؟
ابتسم ببرود وهو ينظر لها:
_ وهو الموضوع شاغلك اوي كده؟
أجابته ببرود مماثل:
_ طبعًا.. مش ابن خالتي.
تنهد بهدوء قائلاً:
_ لا متقلقيش مسيرها هترجع.
هزت رأسها لليمين قليلاً وهي تقول بمكر خفي:
_ اتمنى.. بس المهم متكونش بتقل من قيمتك قدامها.
ردد جملتها باستهجان:
_ أقل من قيمتي؟ وده ازاي؟
ابتسمت باتساع حين رأت أنها قد نجحت في استدراكه للنقطة التي تريدها وقالت:
_ أصل الستات لما بيشوفوا واحد مدلوق عليهم بيستهيفوه.. يعني ممكن لو حست إنك هتموت عشان ترجعلك تتنك بقى وتبيع وتشتري فيك، عشان كده لازم تبينلها أنه ولا فارقلك وانك راجل يعني لو راحت واحدة ييجي مكانها عشرة..
_ من أمثالك.
قطبت حاجبيها بعدم فهم لجملته:
_ ايه؟
حاول التحكم في غضبه الذي تصاعد داخله رويدًا ولكنه فشل، فوجد ذاته يردد بملامح واجمه:
_ بكمل جملتك.. تروح واحدة وييجي مكانها عشرة من أمثالك.
تحولت ملامحها هي الأخرى ما إن أدركت معنى جملته ورددت بغضب:
_ أنتَ بتغلط فيَّ يا يوسف؟

 

تجاهل سؤالها وهو يقول:
_ قوليلي يا شيرين، من امتى حبك لخالتك ده، وكل شوية ناطة هنا، خير يعني؟
وقفت بغضب أكبر وهي تحدث خالتها:
_ عاجبك كده يا خالتي؟ ينفع كلامه ده؟ انتوا مضايقين من مجيتي هنا؟
ردت “دعاء” ببرود:
_ هو مقالش كده، بيسألك عادي يا شيرين متكبريش الموضوع.
عقب “يوسف” سريعًا بهدوء:
_ او كبريه عادي..
صمت لثواني قبل أن ينهض ليقف في مواجهتها وقال:
_ بيت خالتك مفتوحلك عادي مقدرش امنعك منه، بس اقدر امنعك تقربي من اي حاجة تخصني او تخص مراتي.. مراتي الي ميتقالش عليها الي قولتيه من شوية.. عشان هي لو راحت وجه عشرة مكانها مش هيكونوا بضُفر واحد منها.. مراتي الي هترجع مكانها تاني وقريب.. فاهمة كلامي يا شيرين.. يا بنت خالتي.
أكد على كلمته الأخيرة، لتبلتع ريقها بتوجس وهي تنظر له قائلة بتردد:
_ ايه لازمته الكلام ده.. خلاص أنتَ حر.
ردد من بين أسنانه:
_ له لزمه.. ولزمه كبيرة كمان، مش ضروري أفسر عشان محرجكيش، وعشان متحرجيش نفسك ولا تقلي منها شيلي الي بتفكري فيه من دماغك.

 

هتفت “دعاء” منهية الحديث بصوتٍ عالٍ:
_ خلاص يا يوسف.. شيرين عارفة إنك ابن خالتها وأخوها الكبير ميصحش تسئ الظن في تفكيرها كده هي بس كانت بتنصحك نصيحة طايشة.
شعرت الآن أن الاثنان يتناوبان في الحديث عليها، فجذبت حقيبتها وهي تردد بعصبية:
_ أنا ماشية… يا خالتي.. ويا.. يا أخويا الكبير.
رددت كلمتها الأخيرة بغيظ بالغ قبل أن تتحرك بخطوات سريعة ظهر عليها الغضب من أمامهما ونظراتهما تتابعها في هدوء تاااام…!!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لولا التتيم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى